قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع

خرج يونس عن طور هدوءهٍ الذي احتفظ به طويلًا وهو يقود سيارته، وانفعل مجرد أن أخبره الرجل الذي يعمل ب أمرتهِ بأن يزيد قد لحق بها قبيل أن تبتعد واصطحبها عنوة ليعود بها. وصاح فيه كأنه المتسبب في ذلك: - مكنش المفروض ده يحصل
- باشا أؤمر وانا انفذ
- أقفل.

نزع سماعة الهاتف من أذنه وهو يلتفت بالسيارة كي يعود إلى المزرعة من جديد ويكون هناك قبلهم، وردد ممتعضًا: - ظهرت في وقت مش مناسب خالص يايزيد، ملك كانت هتوصلني للي عايز اعرفه من غير ما تحس!
ونفخ ب انزعاج وهو ينظر للطريق بحنق بلغ حلقومهُ بعدما فشل مخططهِ للإستفادة من هروبها.

عبر يزيد البوابة ومشى بالسيارة في الممر المؤدي للداخل، ثم توقف أمام درجات الصعود، حاولت ملك فتح الباب ولكنه كان موصدًا. تأفف يزيد وهو يترجل عن السيارة ووقف أمام الباب الأمامي وضغط على جهاز التحكم كي ينفتح، ثم فتح الباب وأمرها: - أنزلي
ظلت مُتحاشية النظر نحوه بعدما أطلعها على هويته، وأشاحت بوجهها رافضة الإنصياع له: - مش هنزل ومش هقعد هنا.

رفع يزيد بصره عاليًا وقد نفذ صيره، ثم أخفضهما و: - أنا مش عارف إنتي خرجتي وهربتي من هنا إزاي ويونس جوا، بس اللي اعرفه إن انا معنديش خلق زيه. أنا روحي في مناخيري
وأتمم عبارته وهو يمد يده ليسحبها عنوة من داخل السيارة غير عابئًا بصرخاتها واستغاثاتها. تملصت بذراعها منه ورمقته بنظرة محتقنة و: - أنتوا عايزين مني إيه؟ أنا معرفكوش ولا عمري شفتكم. أقعد هنا بأمارة إيه!

ف ضحك ساخرًا من زاوية فمه وهو يرمي بكلمة مغزية: - والله السؤال ده إجابته عندك انتي، مش عندي
وعاد يقبض بأصابعه على معصمها الأيسر من جديد وجرّها خلفه وهي تُعصف يمينًا ويسارًا كي تتخلص منه، لم يتوقف صياحها لحظة، ولكنه لم يعبأ بذلك حتى دخل بها وأغلق الباب. ثم دفع يدها التي كان يطبق عليها قائلًا: - عايزة تروحي فين! إذا كنتي متعرفيش حاجه هنا وحتى عمي مش عايزك معاه. عايزة تروحي لمين يابنت عمي!

لم تفهم ما رمى إليه من سبب واضح يعلمه، وقالت بسذاجة ردًا عليه: - هروح أي حته بعيد عن هنا، أنت مش واصي عليا عشان تستجوبني
فقال ببرود استفز حواسها ضدهِ أكثر: - متهيألك، انتي خلاص مبقاش ليكي حرية اختيار أي حاجه
- أنا حرة غصب عنك
عاد يقيد مرفقها بأصابعه لتحديها له، فصرخت بوجهه: - آه، أنت واحد غبي.

كان يونس يجلس في مقدمة البهو رافعًا ساق على أخرى، أمامهم مباشرة، ولكن الجلبة التي أصدروها لم تجعلهم ينتبهوا لتواجده، بينما كان هو يشاهد بصمت. حتى أحس بوجوب تدخلهِ قبل أن يتفاقم الأمر أكثر بينهما: - خلصتوا ولا لسه شوية؟
في نفس اللحظة كانت رأسيهما تتحرك صوب مصدر الصوت. توترت ملك فور رؤيته، بينما عاد يزيد يرمقها ب استخفاف و: - سيبها تطلع الكبت اللي جواها، يمكن تهدا.

عادت تنظر صوبه بنظرات أكثر حقدًا، حينما كان يونس يخطو نحوهما مبادرًا بالحديث: - سيب إيدها يايزيد، مينفعش كده
تركها يزيد وهو يرميها بنظرات مستشيطة، و تابع يونس: - متتعاملش معاها بالشكل ده تاني
ثم نظر نحوها و: - أطلعي أوضتك ياملك، وهنتكلم في اللي عملتيه بعدين.

لم تدري من فرط توترها إلى أين تذهب، فهي لا تعرف حتى موقع غرفتها من هذه الفيلا الكبيرة. تفهم على الفور ورفع عنها الحرج بدوره: - آخر أوضة في طرقة أول دور
وأفسح لها الطريق مشيرًا: - السلم أهو
عبرت من أمامه بخطى مستعجلة كي تتخلص من حِصار نظراته الحادة رغم نبرة صوته الهادئة. وعندما اختفت من أمامهم، كان يزيد يسأل منزعجًا: - انت عارف إنها خرجت!
أومأ برأسه و: - آه.

زادت حيرته قاطبًا جبينه و: - ليه؟ ليه سيبتها وانت عارف إن عمي مشدد إنها متخرجش
- تعالى يايزيد، عايزك
واستبقه نحو غرفة الإستقبال، أغلق الباب عليهما وسأل مباشرة: - في إيه انت تعرفه وانا لأ؟
فأجاب بثبات غير مهتز قيد أنملة: - مفيش.

ولكن يونس بارعًا في قراءة عينا شقيقهِ مهما حاول الإنكار والإدعاء بجهلهِ. نظرة واحدة دقيقة كانت كفيلة لأن يتأكد بأن ثمة أمر مخفي عنه، ولكنه لم يعاود تساؤلهِ مرة أخرى و: - طالما انت شايف كده، يبقى براحتك
زفر يزيد وهو يشدد عليه: - ملك مينفعش تخرج تاني من هنا يايونس، المرة الجاية ممكن منعرفش نلاقيها ونرجعها تاني
- متقلقش، أنا عارف أنا بعمل إيه
جلس و: - رجعت بدري من برلين!

تذكر يزيد السبب الأصلي الذي جعله يأتي من العاصمة إلى هنا بعدما وصل من سفره. ف تنهد بضيق وهو يجلس قبالته و: - انت لازم تساعدني
- في؟
تردد يزيد في بادئ الأمر، ولكنه أقبل على إخباره: - انت معاك 50 ? من أسهم المجموعة، أديني 10 ? بس ومش محتاج حاجه تاني
شبك يونس أصابعه وهو يُخمن سبب مطلبه: - عشان يبقى معاك 35 ? ويبقى ليك حق القرار أكتر من رغدة. صح؟

تأفف يزيد وقد انفعل مجددًا وهو يفسر: - رغدة مبتعملش أي حاجه، معتصم هو اللي بياخد كل القرارات نيابة عنها وهي مستسلمة
ونهض متشنجًا وهو يتابع: - شقى عمري وعمر أبويا هيضيع مني بسبب غباءه وعناده معايا
واحمرّ وجهه أثر انفعاله وغضبه الشديد: - معتصم عايز يهدني وبس.

كان يونس هادئًا بشكل غريب، ثباته الإنفعالي الشديد قادر على تفتيت من يحاوره وتحويله لذروة الغضب. وهذه كانت إحدى مميزاته التي يعتمد عليها، ظل مستمعًا له وهو يفيض بكتلات من الغضب بين كلماته: - أنا لما كتبت نص أسهمي لرغدة ده كان عشان هي مراتي، كانت معايا في حضني. دلوقتي هي بتستخدم حبي ليها عشان تدمرني.

وعلى صياحه أكثر وأكثر وهو يقول: - انا اللي كنت البرئ الوحيد في القصة دي، مكنتش أستاهل أتخان من أقرب اتنين ليا. واحد عمل نفسه صاحبي وأقرب واحد ليا والتانية كانت الست الوحيدة اللي حبتها في حياتي
فقال يونس مشيرًا لتحذيراته التي طالما حذرهِ بها: - قولتلك 100 مرة خاف من عدوك مرة ومن صديقك ألف مرة.

ضرب يزيد على رأسه غارزًا أصابعه فيها وهو يردف: - مكنتش أعرف، أعرف منين وهو بيضحك في وشي وواقف في ضهري إنه أول واحد هيضربني وياخد مني مراتي وشغلي، أعرف إزاي إن عينه كانت على حياتي!
نهج صدره من فرط العصبية وهو غير شاعرًا بذلك، وفي النهاية لم يستطع التحدث لأكثر من ذلك. وأنهى حديثة ب إصرار: - أنت أخويا ولازم تكون جمبي، لازم تساعدني يايونس. وإلا هضطر ألجأ لحلول تانية مش هترضي حد.

وخرج. خرج تاركًا خلفه علامة استفهام في ذهن يونس. ولكنه يعرف الجواب، شقيقهِ لا يهتم بالمحظور، هو يفعل ما يراه صحيحًا، وإن كان فعلًا متهورًا سيفعله رغم ذلك، كفاه إنه يصل لمبتغاه. لا حدود لظلام تفكيره. وهذا فقط ما يخشاه يونس.
كانت تجلس منزوية على الأريكة، گمن ينتظر العقاب مقابل خطئهِ. نظرة على الباب وأخرى على الفراش الذي تدمر بعدما استعانت بالمرتبة خاصته ف لم يعد صالحًا للمبيت فوقه.

نفخت بضيق وهي تستعيد كيف أدخلها يزيد عُنوة إلى سيارته وأغلق عليها وقد ثارت ثورتهِ بعدما اكتشف فرارها. أطبقت جفونها وهي تتحسس موضع أصابعه التي آلمتها، وهمست: - شكلك بني آدم غبي، حيوان
ورنّت في آذانها صوت يونس المُحذر وهو يأمر شقيقهِ ب: - متتعاملش معاها بالشكل ده تاني
أسبلت جفونها وهي تقول بتنهيدة مختنقة: - ربنا يسامحك يابابا، أنا مش مسامحاك. عمري ما اتسندت عليك ولقيتك في ضهري، على طول ضدي.

وترقرقت بوادر الدموع لتلمع عيناها البُنية القاتمة، أحست بالباب ينفتح بعد طرقة. ف كتمت كل شعورها وتأهبت لرؤيته بعد ما فعلت، ولكنها تفاجئت بذلك العجوز الذي ما زال محتفظًا بصحته وهو يدخل برفقة أحد الحرس ويحملان مرتبة أخرى للفراش، أعتدلت في جلستها حتى انتهى من وضعها. فسألته وهي تقف: - هو يون..

قطعت صوتها ما أن رأته يدخل، أشار برأسه ف خرج كلاهما وأغلقا الباب. نظر حيالها نظرة مزجت بين غضبهِ وعتابهِ، بين لين وشدة ستعانيها.
أطرقت برأسها، بينما استدعى هو هدوءهِ المبالغ به متسائلًا: - كنتي عايزة تروحي فين؟
فأجابت گالمعتاد: - مش هروح لحد، كنت عايزة امشي من هنا.

شبك يداه خلف ظهرهِ بعدم اقتناع و: - أنا مبحبش الكذب ياملك، عارفه إيه الشفيع الوحيد ليكي معايا لحد دلوقتي؟ إنك متعرفنيش، لو حد تاني مكانك كان الموضوع اختلف
دنى منها خطوتين وقال صادقًا: - أنا ممكن أوديكي مكان ما تحبي، لو عايزة تروحي جهنم نفسها. هوديكي بنفسي، بس عرفيني. يمكن اساعدك.

كأنه وضع لها لغم على طبق من ذهب. فخ مُزين حتمًا ستقع فيه كي تتخلص من سجنها، لمعت عيناها ببريق متحفز بعد تصريحهِ الأخير بإنه سيصحبها أينما أرادت أن تكون. رأى بريق نظراتها تلك، ف أيقن إنه ضغط على المنطقة الصحيحة، ستبوح له عاجلًا أم آجلًا، ولكنه رغم ذلك لن يُبدي رغبته المُلحّة للوصول إلى أغوارها. فرد ذراعيه ليكونا بجواره و: - براحتك، لو حبيتي تقوليلي عايزة تروحي فين أبقى عرفيني.

التفت موليها ظهره، ووقف عند الباب ليقول: - أنا مش هقفل الأوضة تاني عشان متبقيش مُضطرة تنطي منها، لكن هقفل كل مخارج المزرعة. وبعد كده مش هديكي ضهري ياملك
وأغلق الباب، كلمته الأخيرة ضايقتها بدون سبب، أحست وكأنه يُصرح بأن لا أمان لها.
ولكنها لم تطل التفكير في ذلك، ما استولى على ذهنها أكثر هو عرضهِ المُغري. متناسية تمامًا أن والدها قد اتبع هذا الأسلوب ل استدراجها مُسبقًا.

هذه هي الفُرصة التي انتظرتها، وبنفسه سيقودها للمصير الذي تريده.
لم يُفتح يزيد أضواء الغرفة، دخل واستقر في شُرفتها بتلك الظُلمة التي تُحسن من نفسيته قليلًا. لم يشعر بنفسه ولهيب الدموع الحارقة تنسال على وجنتيه مستعيدًا في ذهنه ذكرياته مع امرأة عشقها بكل قلبهِ ووجدانهِ. بينما هي انساقت خلف لُعبة كاذبة ابتدعها مُعتصم كي يُفرق بينهما وقد نجح في ذلك.

هي الآن زوجة لغيره، ناهيك عن تسليمها زمام الأمور لزوجها الجديد الذي استخدمته للأنتقام من زوجها الأول، فهو الآن يعاني ألم أعظم. ألم رؤيتها مع رجل غيره، مشاركتهم نفس المنزل ونفس الفراش. مشاركتهم الطعام والشراب، مجرد الفكرة تُمزّع في قلبه بلا رحمة. ونيران الغيرة ستنهيه يومًا، رغم إبداعه في تمثيل إنها لا تشغل عقله، ولكنها تسيطر عليه بكل قوة. لا يستطيع التخلص من مرض حبها بأي شكل، لم تحلّ امرأة محلها قط. كل عاهراتهِ التي استخدمهن للنسيان كُن يُذكرنّه بها أكثر، ف باتت حياته گكتلة من نار. لا الهواء يُنهيها، ولا الماء يُطفيها.

فتح يونس الباب ليتفقدهُ بعد تلك الحالة التي سيطرت عليه. وقبل أن يفتح الإضاءة كان يزيد قد نظف وجهه وأهدابهِ من آثار الدموع، تقدم يونس منه. وضع يده على كتفهِ وضغط مُآزرًا إياه وقال: - أنا عارف إنك واخد مني موقف من فترة بسبب الموضوع ده
تنهد يزيد و: - أنا وأنت عارفين السبب اللي ورا رفضك.

ثم حانت التفاته من رأسه نحو شقيقه وتابع: - بس انت بالشكل ده مش بتمنعني، انت هتخليني أوصل للي انا عايزه بطريقتي اللي انت عارفها كويس
وكأنه رأى الدموع في عيناه رغم إنه حرص على إزالة آثارها. ف جذبه إليه و: - انت كنت بتعيط؟
أشاح بوجهه و: - لأ
تضايق يونس وهو يراه هكذا، من ناحية يرغب في إنقاذه مما سقط فيه، وناحية أخرى لن يستطيع المغامرة به وتركه يفعل ما يحلو له.

ثوانٍ معدودة وكان يضع الحل الذي رآه مناسبًا أمامهُ و: - أنا هعملك اللي انت عايزه بس بطريقتي، أنا
ف تحفز يزيد وهو يسأله: - إزاي
- هتعرفني عايز تعمل إيه وانا هعمله نيابة عنك
تأفف يزيد مبتسمًا بسخرية من ذلك الحل الذي وجده و: - لا ياراجل!
ف احتدت نبرة يونس مُعلنًا إنها الورقة الوحيدة التي يستطيع مساعدتهِ بها: - ده اللي هقدر اعمله، متطلبش حاجه تانية مني.

ضرب يزيد الحائط بقدمه كاتمًا عصبيتهُ، ثم قال بصوت مرتفع: - ماشي يايونس، اللي تشوفه
ثم نظر نحوه و: - الجماعة الألمان جايين مصر أول الأسبوع ولازم نمضي معاهم. ومن غير ما معتصم يعرف
- مينفعش ميعرفش
- ينفع
تنهد يونس وقد بدأ يفقد صبرهِ الطويل، بينما عرض عليه يزيد الفكرة عليه و: - أسمعني يايونس، انت بقالك سنين بعيد عن المجموعة وانا اللي ب أدير كل حاجه. عشان كده لازم تسمعني للآخر وتعرف اللي عايز نعمله سوا.

جلس يونس على الأريكة و: - سمعني
في الآونة الأخيرة، فقدت الكثير من وزنها. فقدت شهيتها أغلب الوقت، الصراعات وكثرة التفكير في كيفية الفوز عليه وعدم تركهِ يهنأ كانت تطغى عليها لدرجة إنها تتناسى كل شئ أمام رغبتها العارمة في إيذاقهِ العلقم.

تركت رغدة أغلب طعامها باقيًا على المائدة ونهضت، صعدت للطابق العلوي حيث الروف. ووقفت قليلًا في الهواء الطلق، فلم يتركها معتصم وحدها، صعد خلفها، وبيداه طوق خصرها و: - مالك يارغدة؟
ف تماثلت ل ابتسامة كاذبة يصدقها گالعادة و: - مفيش، زهقاتة ونفسي أغير جو
- متقلقيش، قريب هنعمل كده. انتي بس لو تطاوعيني وتحولي الأسهم، هتريحي دماغك من كل اللي شاغلها.

أبعدت ذراعيه عنها وراحت تنظر إليه ب عصبية قائلة: - تاني الموضوع ده، انت مش بتزهق يامعتصم. قولتلك مش هحول حاجه، لو حولتلك الأسهم انت هيبقى كل همك تدمر يزيد
ف تحولت ملامحه فجأة لأخرى وقد أُصيب بالغبطة: - وانتي شاغله بالك ب يزيد ليه، ان شالله يولع
وتشنجت عضلات وجهه وهو يتابع: - أوعي تكوني حنيتي لحبيب القلب!

توترت، ارتبكت. ولكنها رغم ذلك ظلت محافظة على أن لا تُظهر ذلك له و: - إيه اللي بتقوله ده، دي صفحة واتقفلت. انا بس مش عايزة مشاكل
وتحركت من مكانها: - أنا هروح أنام، تصبح على خير
وهبطت للأسفل تاركة خلفها رجل قد يُدمر هذا الروف بأكمله ليُنفث عن غضبه فقط.
أطاح معتصم المقعد بساقه وقال ب كُل غلّ: - حتى وانت بعيد مسيطر على تفكيرها! ده انا همحيك من حياتها وحياتي، بس اصبر.

خرج مهدي حزينًا من داخل الأسطبل ليجد يونس منتظرًا له يسأله بتلهف: - ها؟
- لسه تعبانة، أنا كلمت الدكتور البيطري وهييجي الصبح
نفخ يونس بضيق و: - أبعتله الصبح بدري عربية تجيبه، أنا مش هرتاح غير لما تبقى ريحان كويسة
- إن شاء الله خير يايونس
من مسافة ليست ببعيدة، لمحها تدنو. ف ضاقت عيناه مستشفًا سبب خروجها في هذه الساعة و: - طب روح انت يامهدي.

وتقدم نحوها ليقتصر الطريق عليها، حتى إلتقيا في المُنتصف و: - لسه صاحية لحد دلوقتي!
- آه
قالتها ملك وهي تطقطق رأسها للأسفل، ثم قالت ببعض التلعثم: - آ، انا وافقت، أقصد موافقة يعني، عشان اللي قولته آ..
قطب جبينه متابعًا تغييرات ملامحها و: - أنا مش فاهم حاجه
سحبت شهيقًا عميقًا لصدرها و: - أنت قولتلي أقولك لو عايزة أروح في مكان
- صح
نظرت إليه بتردد، ف بادر هو: - قولي ياملك، عايزة تروحي فين؟

كانت تحرك أصابعها وتفركهم بعضهم ببعض وهي تجيبه: - أنا عايزة أروح عند حد كده
ارتخت تعابيره وتحمس أكثر لمعرفة الجملة التالية، وبهدوء ورتابة سأل: - مين الحد ده ويبقالك إيه؟
أطالت النظر لعيناه الغامضة لحظات ليست مدركة إنه على حافة الضجر. ف أعاد سؤاله: - ملك! أنا مستنيكي تجاوبي!
ازدردت ريقها وهي تقول بصوت خافت التقطته آذانه: - ه. هادي.

تجعدت المساحة الموجودة بأطراف عينيه وهو يسأل كأنه يسمع عنه لأول مرة: - مين هادي؟
- الدكتور بتاعي؟
اقترب قليلًا، وبرأسه مال ليكون أقرب من ناظريها وهو يسأل بحذر: - بس؟
وكأنها لم تستطع إخفاء الأمر عنه، لتعترف بدون مُقدمات وهي تحني رأسها بحرج: - و. ح. آ حبيبي.

زالت علامات الإستفهام عن وجهه، وارتفع حاجباه قليلًا عن مستواهم. تقريبًا نصف السبب أصبح معروفًا، ولكن نظراته. نظراته لها كانت بدون مغزى واضح، لم تستطع ترجمتها، ولم تستطع سبر أغواره لتعرف ما الذي سيقوله أو يفعله!
تُرى ما الذي سيفعله.؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة