قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الخامس

رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم  الفصل الخامس

رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الخامس

في شقه ظافر...
-يلا يا سيري عسان خاطري يلا يلا!
ضحكت شروق وهي تضع قدمها علي الاريكه امامها...
-يا خلاثي احلي سيري وعسان خاطري دي ولا ايه!
ضحكت فيري بمرح طفولي وهي تحاول جذبها من ذراعها...
-يلااااااا يلااااااا عايزززة دلوقتي!
-يا فيري يا قلبي استني طيب بابا يجي يجبلك!
عقدت الصغيرة ذراعيها برفض وهي تمط شفتيها بحزن استعدادا لإحضار دموعها لتردف قائله...
-انتي تجبيلي!

تنهدت شروق وهي تعتدل لتبتسم بقله حيله قائله...
-روحي البسي الشوز ونادي يويو عقبال ماالبس يا هانم!
قفزت فيري بسعادة...
-يوويووو يلاااا هننزل نجيب الكاب كيك مع سيري!
-يابت امسكي في الشين دي هتندمي!
قالت شروق وهي تتابع ضحكاتها...
وبالفعل ماهي الا دقائق حتي جهز الجميع و توجهوا الي الفرن المقابل لمبناهم...
-يا مرحب يا مرحب ايه يا مدام شروق كل دي غيبه!

قالت منار العاملة الجديدة بالفرن منذ اربعه شهور...
لتبتسم شروق قائله...
-وحشتيني والله يا منار بس زي ماانتي شايفه كده مبقتش اشوف الشارع كتير!
قالتها وهي تشير الي بطنها المنتفخه امامها، لتبتسم منار بمرح قائله..
-تقومي بالسلامة يا حبيبتي وخدي رقمي لما تعوزي حاجه متنزليش انتي و هطلعهالك ماشي!
-كلك ذوق يا حبيبتي ربنا يخليكي!
-انتي بتعملي ايه هنا!

اتاهم صوت ظافر من الخلف فنظرت له شروق بتعجب من حده لهجته و وجوده السابق لاوانه فلم ينتهي دوام عمله لتردف قائله وهي تراه يمسك الولدين منها وينظر لها شزرا وكأنها اجرمت!..
-كنت بشتري كيك للأولاد!
-مكنتيش قادرة تستني لما اجي او تتصلي بيا اجيب وانا جي!
زمت شروق شفتيها بغضب، اللعنة عليه من يظن نفسه ليوبخها هكذا كالأطفال امام الجميع...

-عادي انا نزلت مع الاولاد نشتري واهو بالمرة اشم هوا، انا انسانه!
-عادي ؛ انتي شايفه ان في اي حاجه عادي في حياتنا؟!
عقدت منار حاجبيها بغضب و كادت تتدخل لنجده من تعتبرها صديقه حتي وان كانت لا تليق بها في نظر الكثير فهي ابنه الاحياء الشعبية بل العشوائية و عامله الفرن!

ولكن لسانها عقد عند رؤيه (مروان )ذلك الرجل الطويل ذو القامه المثالية والعيون السوداء وشعره الاسود المزين ببعض الخصلات البيضاء التي تكاد لا تظهر الا في ضوء النهار و الساكن في نفس المبني التي تقيم به شروق وتراه يوميا وهو يذهب مع زوج شروق في نفس الميعاد و بنفس الاتجاه...
غامت في احلامها وهي تأكله بعينيها متناسيه من حولها...
راقبته وهو يمسك بذراع ظافر يهمس في اذنه فغارت اذنها متمنيه ذلك الهمس...

قطع افكارها صوت ظافر الذي هدئ قليلا وهو يري العنفوان يتخلل معذبته ذات العيون الخضراء لتصبح كالأشجار المشتعلة...
-حصل خير يا مروان، يلا نطلع انا كنت خايف عليكي مش اكتر...
شاهدته منار و هو يوجه نصف جملته الي شروق بعد ان شكر صديقه مروان بعينيه...
-متخافش اللي في بطني محدش هيخاف عليه اكتر مني!
اجابت شروق قبل ان تنطلق متخطيا الي المبني...

كاد يجيبها بان اهتمامه بها يتخطى الصغير فهو يخشي ان يكون شقيقها معتوها ويحاول اذيتها ولكنه زفر و لحق بخطواتها السريعة فيحاول التحدث بهدوء قائلا...
-امشي براحه شويه!
كادت شروق ان تلتفت اليه وتصفعه علي وجهه و لكنها عزفت عن ذلك و تابعت سيرها تتنفس من انفها، محاوله التماسك و محاربه هرمونات الحمل القاسية التي تحاول فرط دموعها من عينيها واهانتها امامه وامام الجميع...

اما مروان فقد التفت يرمق تلك الصغيرة الهائمة به نظرة مستفسرة وكأنه يتعجب من ايجاد مشاعر قوية للأعجاب من شابه مثلها لا تتعدي العشرون عاما به هو من يبلغ الخامسة والثلاثون...
لن ينكر بقاءه في سيارته طويلا فقط للنظر الي جمالها الخلاب منذ ان عملت ولكنه لم يتوقف اهتمامها الذي اصبح واضحا...

ابتسم عندما نظر امامه مره اخري تلك الوقحة لا تزال تحدق به...
ولكن لما الابتسامة المرتسمة علي فمه اهو شعورة بسخافتها ام شعوره بالإطراء لإعجاب الصغيرة به؟!

في الأعلى...
دلفت شروق الي غرفتها وصفعت الباب خلفها بعد ان اخبرته بلا مبالاة انها تحتاج الي الراحة...
زفر ظافر بحنق وامر اطفاله بغضب بان يذهبا الي غرفتهم وانه سيعاقبهم ان ثبت له انهم من اصروا علي نزولها لإحضار الحلوى لهما!
-ممكن تهدي شويه؟!
قالها مروان بقله صبر ليردف ظافر بغضب...
-انا حاسس اني في كماشه ماشي الف حوالين نفسي ومحدش مقدر او فاهمني!

-ظافر انت عارف انت متعصب ليه فبلاش اللف والدوران!
ضيق ظافر عينيه وهو يمسك بنظرات صديقه الثابتة والذي يكبره بشهزر قليله...
ليرتفع وجهه بنصف ابتسامه خاليه من المرح...
-ايه ده هي الاخبار لحقت توصل بالسرعة دي!
ارتفع حاجبي مروان بتعجب قائلا...
-انت متضايق اني عرفت ولا حاجه!
هز ظافر رأسه برفض ليقول...
-عادي استقلت و اللي حصل حصل!

-بسببها هي وانت عارف اني سايبها عشان هي ام ولادك لكن مستني منك الاشارة...
وقف ظافر بغضب قائلا...
-انت فاكر انا سايبها عشان ضعيف ومش عارف اخد حقي ؛ لا انا سايبها عشان للأسف اسمها لو طار هيطير معاه سمعه عيالي!
وقف مروان يدفعه للجلوس مره اخري قائلا...
-ممكن تبطل عصبيه انا مقولتش كده! انا شايف اني اسيبك تهدا شويه قبل مانتكلم في المهم واه اوعي تفكر تقدم في شغل لاني منتظر الفرصة دي من زمان!

وضع ظافر قدم علي الأخرى وهو يراقب صديقه قائلا...
-انهي فرصه ان طلقتي تروح لصاحب الشركة وتستخدم اسم ابوها وفلوسها وتسم ودانه من نحيتي عشان يطردني لأنها مريضه ومش قادره تتحمل الرفض او اني مستحيل ارجعها وهي الإنسانة الكاملة المخلدة!..
-اكيد عندك الف حق تبعد عن اللي تعمل كده و مفكرتش حتي انها ممكن تعرض مستقبل اولادها للخطر مش مستقبلك انت وبس!..

-انا بكره اليوم اللي شفتها في و بكره غبائي اني وقعت فيها، وادي النتيجة عيلين لا حول ولا قوه ليهم عايشين اليتم وامهم الحرباية عايشه جو العربده، انا بعيد اه بس كل اخبارها بتوصلي مع ابوها اللي مقضيها صفقات بمساعده الهانم!

قطع حديثهم جرس الباب فتوجه ظافر لفتحه فيجد سلمي الغاضبة وخلفها يزيد الصديق الناقص في الأحجية...
-شروق في اوضتها!
قالها ظافر بحاجب مرفوع عندما تخطته سلمي بدون ان توجه السلام حتي!
اعاد نظره الي يزيد الذي تخطاه هو الاخر متجها الي مكتبه ليجد مروان سابقا له...
-السلام عليكم!
-عليكم السلام، البيه مختفي ليه!
قالها مروان ليقاطعهم ظافر مستنكرا..
-وانا الكافر اللي داخلين محدش بيرمي عليه السلام!

ابتسم له يزيد بملل قائلا...
-ايوة!
ضحك مروان قائلا...
-براحه عليه عشان ممكن ظافر يتحول عليك دلوقتي الراجل بقي عاطل!
-يا ابن ال...
قال ظافر قبل ان يمسك لسانه من اخراج الفاظ تليق بذلك المغرور ولكنها لا تليق علي مسامع صغيريه...

غرق كلا من يزيد و مروان ضحكا...
-لا اصحاب اصيله الصراحة!

-بقولك ايه فكك من الدراما مروان معاه قنبلة وعلي فكره انا كمان هستقيل الصبح يعني انا وانت عاطلين متزعلش!
رفع ظافر حاجه بذهول قائلا...
-وتستقيل ليه يا مجنون مش دي الشركة اللي كنت هتجن و تشتغل فيها!
-اه بس ده كان قبل ما يكون لينا شركه ملكنا!
نظر لهم ظافر بتساؤل ليأتي دور مروان في التفاخر وهو يضع قدما علي الأخرى قائلا...
-احنا قررنا اننا هنعمل شركه خاصه بينا احنا التلاته!

عقد ظافر ذراعيه قائلا بحاجبين مرفوعين...
-وكنتوا ناوين تقولولي امتي اني هشترك معاكم؟ وبعدين بالنسبه للشركتين اللي عندك هتعمل فيهم ايه؟!
عقد مروان ذراعيه هو الاخر قائلا...
-ما هو ده اللي كنت هشرحهولك قبل ماتخرب علي شروق الغلبانة!
-اوبا عشان كده اتصلت بسلمي تعيط؟!
قال يزيد بتحليل لينظر له ظافر بذهول ماذا فعل لتبكي!..
-جلنف!
قال مروان بيأس ليردف ظافر موبخا...
-بقولكم ايه محدش ليه دخل بينا!

-بينكم؟! لحظه ابكي تراني تأثرت!هو في حاجه بينكم اصلا!
قالها يزيد بسخريه فكاد ظافر ان يقتله ولكن صوت مروان الحازم اوقفه...
-يزيد متستفزهوش ولا العلقات بتاعت زمان وحشتك!
نظر لهم يزيد بغيظ وكاد يخبرهم كم يشتاق الي يحيي رحمه الله الاقرب له في السن والاقرب له في تلك الصداقة ولكنه رفض احزان ظافر اكثر...
نظر مروان الي يزيد بعيون لامعه وابتسامته الرزينة فتنحنح قائلا...

-كويس ان ظافر استقال لان شروق علي وش ولادة واكيد هتحتاج دعم نفسي وانت الوحيد اللي هتقدمهولها طبعا!
نظر له ظافر بتعجب قائلا...
-انا؟!
-لا ابويا استني هتصل بيه اقوله يجي يشوف شغله، اااه...
صرخ يزيد متألما عندما قذفه ظافر بعلبه فارغه امامه قائلا...
-ايه بتوجع يا حبيبي!
ضيق له يزيد عينيه بغضب فضحك مروان قائلا...

-طبعا انت يا ظافر باشا مش هاتجوزها يعني في حكم خطيبها! وانت سيد العارفين بالحاجات دي انت مجرب في يوسف و فريده!
خجل ظافر ان يخبرهم بان طليقته المصونة كانت تقضي شهور الحمل باكيه علي جسدها وتضيعها في انفاق ما يكدح به من امواله و اموال والدها في تجهيزاتها مع اطباء للتجميل وانقاص الوزن بعد الوضع مباشرا!
شعر مروان بحيرته فرمق يزيد غامزا يحثه علي التدخل فتنحنح الاخير قائلا بعيون تلمع برغبة قلب حقيقة...

-انا ان شاء الله لو سلمي بقيت حامل هنزل اجيب كل هدوم البيبي و هريحها خالص ممنوع تعمل اي حاجه و هبقي اعمل مساج رجليها عشان بيقولوا الحوامل مش بتستحمل تقف علي رجليها كتير بس انتوا عارفين سلمي مش بتعرف تقعد وهفضل اقولها انها جميله اوي اوي ومش مهم انها تخنت شويه من الحمل انتوا عارفين الستات نفسيتها بتبقي وحشه اوي في الفتره دي ومش بتستحمل كلمه!

كان يتحدث و يتحدث و عيونه تلمع بالصبر و التمني...
-ان شاء الله ربنا هيرزقك بالذرية الصالحة انت اصبر بس!
قال ظافر بابتسامه خفيفة تواسي صديقه الصغير...
تنهد يزيد مطولا بأمل قائلا...
-مش مهم اجيب عيال المهم انها تفضل معايا طول العمر!

كان مروان يراقبه واضعا اطراف اصابعه علي جانب وجهه و يحلله بدقه و قلبه يخبره ان صديقهم المرح يخبئ الكثير و الكثير!
اما ظافر فكان يفكر انه لم يقدم اي شيء مما قال عليه يزيد لشروق ابدا! حتي انه يوبخها خوفا عليها...
بالتأكيد هي لا تنتظر منه ذلك ام انها تنتظر؟!
هل يخيب املها به يوميا؟ هل يعجز عن اسعادها مقدما؟

شعر بقلبه ينقبض فهناك خيط رفيع داخله يشعره بالنقص بانه لن يتمكن من اسعاد اي امرأه، كما اخبرته الشمطاء قبل طلاقهم ولكنه رفض ان يشكك في رجولته من اجلها!
كما انه لطالما تمني سراً ان يتزوج و يعيش بسعادة و بالتأكيد تصر مخيلته ان ترسم ذلك الحلم السري الذي اباحه قلبه مؤخرا فهي ستصبح زوجه له ما ان تضع الطفل!

لحمايتها تحدث عقله سريعا حتي لا ينغمس قلبه باحلاما فيوهمه انه فقط يرغب بالحصول عليها بأقرب وقت!
ولكنه لا يعلم كيف يتخطي ذلك الحاجز بينهم يخشي الرفض او ان تظنه يستغلها من اجل انقاذه لها ولطفلها!

-احنا عارفين انكم حاله مختلفة بس لازم تقدم السبت، الست ست!..
اخرجه يزيد من افكاره فانتبه الي حديثهم مره اخري!
بعد مرور ساعه من المشحانات و المشاورات والنصائح استأذن الجميع للمغادرة...
-مع السلامه يا مشرقه!
ابتسمت شروق بخجل من مديح مروان لها قائله...
-والله انا مش عارفه من غير ذوق حضرتك كنت عملت ايه!

زم ظافر شفتيه بغيرة خفية من اهتمامها بصديقه و لكنه رفض اغضابها مره اخري فتقدم تلقائيا خطوة بجوارها قائلا...
-تصبح علي خير يا مروان!
ابتسم له مروان بابتسامه بريئة ثعلبية قائلا...
-وانت من اهل الخير!
وبذلك اغلق الباب خلفه وهو يشعر بانزعاج مفاجئ ف مروان يحصل علي نصف ابتساماتها و طفليه علي النصف الاخر وهو لا يلتقي منها سوي العبوس و الجمود وكأنهم ليسا مقدمين علي الزواج قريبا جدا...

شعرت شروق بنظراته فظنته سيبدأ موشحاته الغاضبة وقررت الهرب والنوم متسائلة لما يميل الرجل الوسيم الرائع الي النكد الازلي...
-استني يا شروق!
زفرت تحت اسنانها والتفتت اليه قائله...
-نعم؟
تنحنح ظافر قائلا...
-انتي زعلانه مني؟
حسنا هذا سؤال لم تتوقعه بالتأكيد! هل ينوي الاعتذار ام ماذا؟ نظرت له فقبضت علي عيونه العسلية تتفحصها بعنايه احمرت وجنتها بخجل رغما عنها فنظرت الي اسفل وهي تعدل حجابها قائله...

-لا ابدا محصلش حاجه عن اذنك!
اوقفها سريعا منزعج من رغبتها في الهرب من امامه قائلا...
-طيب تمام انا كنت خايف عليكي مش اكتر واتمني ان اللي حصل انهارده ميحصلش تاني محدش عارف كان ممكن ايه يحصل او مين يقابلك!
هزت رأسها بصمت متقبله كلماته وقلبها يرفرف بسعادة لا مبرر لها!

اتكأ ظافر علي الجدار خلفه يراقب خجلها ووجهها الجميل المنحوت ببراعة وجفونها الشبه مغلقه التي تحاول الاختباء منه وتمني للحظه لو كانت زوجته بالفعل دون اي دراما حولهم كان ليميل عليها يلتهمها كالحلوى الاسفنجية!
شعر بدقات قلبه تتسارع وسعل بخفه قائلا...
-اه صح كنت جايبلك حاجات ثانيه واحده!
رفعت رأسها تراقبه بتعجب تري ما الذي احضره لها؟ كانت تعبث بأصابعها وكأنها مراهقة فوبخت نفسها متمتمه...

-ممكن تتلمي بقي ده يبقي قريب جوزك الله يرحمه ويعتبر غريب عنك!
رفضت ذلك التفكير الخفي داخلها والذي يخبرها بانه قريبا سيصبح زوجها!
شاهدته يتقدم منها مرتدي الجينز كعادته و تي شيرت خفيف يظهر عضلات و سمار معصميه...
رفع يديه بحقيبه ورقية فأخذتها منه بابتسامه...
-احنا واقفين ليه تعالي نقعد!

قال بشيء من التوتر اجاد اخفاءه وهو ينتظر اجابتها، امن الطبيعي ان تكون علاقتهم بمثل تلك السطحية حتي بعد ستة اشهر متواصلة يراها بها يوميا ويعتبر يعيشان سويا، فكلاهما لا يستطيعان الجلوس بمفردهم للحديث دون الشعور بالتوتر و الخجل!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة