قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثالث

رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم  الفصل الثالث

رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثالث

وصل الي اذانهم صوت جرس الباب فقالت شروق مانعه تقدم يوسف...
-خليك انت يا يويو العبوا جوا دي طنط سلمي..
وبذلك توجت الي الباب تفتحه بابتسامه بادلتها اياها سلمي الممسكة بعلبه من الشوكولا في يدها...
-صباح الخير...
-صباح الخير اتأخرتي يا سلمي هانم!
-انا اتأخرت ولا الهانم سهيت و متصلتش تأكد ظافر نزل ولا لا! علي العموم انا قلت اكيد نزل ده شغله من 9 و الساعه 11 دلوقتي!

قالت سلمي بحاجبين مرفوعين و هي تدلف و تغلق الباب خلفها...
رفعت النوتيلا بين راحتيها قائله...
-معلاقتين و ورايا علي اوضتك!
بذلك توجهت الي غرفه شروق و كأنها تملك المكان، هزت شروق رأسها بضحك واسرعت لإحضار معالق لالتهام جنة الحياه بالنسبة لها...
بعد مرور 20 دقيقه...
نظرت سلمي بذهول للعلبة الفارغة فوق معده شروق المنتفخة وقالت...
-هو ظافر مجوعك ولا ايه!

تجاهلتها شروق وهي تلتهم اخر بقايا المعلقة لتردف...
-مجوعني شكولاتة عشان الدكتور قال ممنوع!
-يانهارك اسود! وجالك قلب تكليها!
-متخديش في بالك ده دكتور نص كم قال ايه الشكولاته بتهيبر الجنين، بقي هرمون السعاده هيبره، انتي بتبصيلي ليه كده؟!
نظرت لها سلمي شزرا لتردف...
-اخر مره اجبلك يا مستفزة! خافي علي نفسك و اللي في بطنك انتي معندكيش دم، انتي عارفه في كام حد غيرك نفسه يجيب عيل و ربنا مش كاتب!

قالتها سلمي بحرقه و نار تكوي داخلها بشكل شخصي هي من اكد لها الاطباء عدم امكانيه انجابها بالرغم من مرور 4 سنوات علي زواجها...
شعرت بندم لوهله و لكن شروق تستحق حتي تهتم بجنينها اكثر ولكنها لم تتوقع دموع شروق التي انهالت بغزاره، فاتسعت عيناها بصدمه وهي تعتدل بجوارها تحتضنها بشكل جانبي قائلة...
-انتي بتعيطي ليه يا بنتي، انا مقصدش انا بس خايفه عليكي!

هزت شروق رأسها بالموافقة وهي تحاول ايقاف دموعها وبكن هرمونات الحمل تغلبت علي عقلها لتردف بعد مده...
-انا عارفه انك متقصديش وانك الوحيدة اللي خايفة عليا بجد!
-الوحيدة! بالنسبه لظافر اللي بيلف حوالين نفسه عشان الهانم وهيموت من القلق عليكي...
ضحكت شروق بانكسار قائله...
-انتي بتضحكي عليا و لا علي نفسك ما احنا عارفين انه خايف علي اللي في بطني مش انا!
هزت سلمي رأسها بتعجب لتردف بتأكيد...

-فعلا اللي ميشفش من الغربال يبقي اعمي!
-تقصدي ايه؟
-اقصد انك جبله، ممكن تفهميني انتي بتقدمي ايه للراجل ده ؛ بلاش السؤال ده ممكن تقوليلي واحد معيش عياله علي كف عفريت عشان سلامه الهانم هيعمل كده عشان اللي في بطنك بس و بلاش ده كمان لما يقف الساعه 5 الفجر مستني الفرن اللي قدام البيت يفتح عشان الهانم بتتوحم علي كرواسون ده يبقي اسمه ايه!
نظرت لها شروق وعقلها يعجز عن الإجابة لتردف قائله...
-اسمه ايه؟

-اسمه انك واكله المستعبطه! فوقي لنفسك بقي اللي حصل مكنش نهاية الدنيا، خلاص ده مكتوب ربنا وقدره بس طول ما ربنا مديكي نفس يبقي لازم تعيشي و تعيشي صح!
-مش سهل يا سلمي، انا لحد دلوقتي مش مصدقه اللي حصلي وانا في السن ده وبعدين يرضي مين اعيش و الغلبان ده ملحقش يتهنا معايا اسبوع!
-انتي هتكفري ولا ايه! وبعدين ده شهيد عند ربنا و عريس في الجنة!

-صعبان عليا اوي و صعبان عليا ضحكته اللي راحت و حنيته وخايفه يكون قراري غلط بس هو هيقدر مش كده!
قالتها شروق وهي تستسلم لبكائها مره اخري، لتربت عليها سلمي لهدوء قائله...

-وحدي الله و كفايه عياط بقي عشان اللي في بطنك الواد اللمض ده وانا متأكده ان يحيي الله يرحمه هيبقي عايز كده محدش هيخاف عليكي او علي اللي في بطنك اكتر من ظاف، انتي خدتي قرارك ولازم تكملي للأخر عشان تعيشي وتعيشي ابنك اللي هقطعه بوس لما يجي!
قالتها وهي تنظر الي عيون شروق بنصف ابتسامه وتلمس بطنها بكفها بحنان بالغ و ترسل للطفل بالداخل قبله هوائية...
ابتسمت شروق و امسكت بيد سلمي تربت عليها قائله...

-فالحه بس تنصحيني يا ابله فضيله وناسيه نفسك، خلي عندك ايمان في ربنا وان شاء الله هتبقي احسن واحن ام قريب!
ابتسمت لها سلمي بعيون حزينة وهي تحاول تغير الموضوع حتي لا تكشف امام شروق الكثير والكثير مما يحدث في حياتها فأبعدت يدها بمرح قائله...
-اتفضلي يا هانم الساعه بقت 3 و محدش عمل غدا للرجالة الشقيانه دي!
انتفضت شروق بهلع وهي تمسح دموعها...

-يالهوي يويو و فيري لازم ياكلوا دلوقتي! منك لله يا سلمي يا نكد انتي!
نظرت لها سلمي بذهول واردفت...
-انا نكد يا قطه يا ناكره للجميل، انا ماشيه يا واطيه وانتي شوفي عيالك اللي مجوعاهم ويارب ابوهم يجي شرير و جعان ويخربها علي دماغك...
ضحك الاثنان و اتجهت شروق معها حتي اطمأنت انها دلفت الي شقتها بالجهة المقابلة واغلقت الباب وهي تتجه الي غرفه الصغيران حيث يلعبان فصاحت بمرح وهي تطل من الباب...

-مين عايز ياكل بورجر و بطاطس!
قفز الصغيران بسعادة...
-انا انا انا!
لتلتفت شروق بمرح وهي تمسك بجنينها بيدها اليسرى و تشير للطفلين للهرع خلفها باليد اليمني قائله...
-ورايا علي الفيزبا!
ضحك الصغيران وامسك يوسف بطرف ثوبها و تبعته فيري تمسك بطرف قميصه من الخلف بحماسه وفرح افتقداه كثيرا...

في مكان عمل ظافر...
جلس ظافر يفرك عينيه فقد ارهقه العمل علي الحاسب منذ ان جلس علي مكتبه في الصباح كمدير قسم البرمجيات في الشركة ولكن العمل عمل ومن يطلب العلا عليه الشقاء!
ابتسم يبدو ان داء يوسف في الأمثلة المغلوطة انتقل اليه...

و بالطبع كأي فكر اخر يراوده يجب ان يتلوه فكر عنها شروق لا يعلم لما و كيف تغلغلت داخله هكذا ربما حب يحيي لها و مديحه الدائم لها طوال شهور متواصلة حتي من قبل ان تعلم هي بوجوده و مراقبته لها...
او ربما هدوئها وحبها الظاهر لأطفاله فيجد بها بديل لام افتقدوها...
او ربما هو فقط يرفض الاعتراف بانها سلبت شيء من اعماقه من النظرة الأولي...

شيء يرفض تحديده او الاشارة اليه ولكنه يشعره بالنقص بدونه والوحدة القاتلة!
تماما كحالة بوفاة يحيي اغمض عينيه بألم، كم يشتاق الي ذلك العنيد السلس المعشر، رحمه الله و يجعله في فسيح جناته...
نظر له احد زملاءه قائلا...
-مالك يا ظافر؟
نظر له ظافر بانتباه مشتت ليردف قائلا...
-مفيش حاجه صداع خفيف!
هز رأسه و هو يعود الي عمله مره اخري...

اما ظافر فقد غرق في ذكريات أليمه مر عليها شهور و لكن كل دقيقه تعود اليه وكأنها حدثت للتو ليفقد رفيق العمر الالاف المرات في اليوم...

فلااااااش باك...
جلس كالتمثال وسط شقته لا يصدق ما حدث منذ وصول الخبر المشؤم في الصباح الباكر يحيي من تبقي له من عائلته في هذه الحياه رحل عنه و تركه وحيدا!
ليكون ونيسة الوحيد انه شهيد في الارض و حي يرزق في السماء!
يتذكر ذلك ليشفي نار فقدانه، زفر وهو يعاود الاستغفار ينظر حول الرقعة التي يجلس بها...

ويتذكر وقوفه في تلك الرقعة بالذات وسط أطفاله وكأنه طفل بينهم قبل ان يبدأ الغناء بمرح بأغاني الجيش والوطن وهو يمشي خطوات عسكريه سريعة وكأنه يقدم عرضا عسكريا حصري لأبناء ظافر فيصيح بمرح...
-ابطالنا في سيناء، طيارانا فوقينا، حامين اراضينا...
فيصيح اولاده بأصوات مبتسمه غير واعيه لمعاني ساميه ولكنها البداية ليلين القلب لام غالية...
-وقالوا ايه علينا دولا وقالوا ايه!

فيلتفت بسعادة و جديه مصطنعة صائحا بصوتا اجش...
-لشهاده رايحين، ماتقولوا امين!
فيردد الطفلين بسعادة...
-اميييييييييييييين!
تجمعت دموعه في مقلتيه و ذكرياته تعود به من بين اصوات ضاحكة عابثة انتهت من اداء تحية عسكرية وهمية لثلاثتهم فيبدأ المرح الحقيقي ويحيي يركض خلفهم و كأنها مداهمه لاصطيادهم...

تنفس من فمه يحاول تمالك مشاعره و دموعه المحاربة للسقوط، لقد ظن ان تلك الدموع جفت بوفاة والدته رحمها الله ولكن الحياة تصر علي اختطافها من بين جفنيه ومعاقبته بالعيش وحيدا...
خيم عليه الحزن اكثر وهو يستمع الي اصوات البكاء من اعلي...
ابن عمه والاخ وصديق عمره رحل في مقتبل العمر، كزهره اقتطفت في اوج ازدهارها...

ذلك العريس الذي لم يمضي علي زواجه السبعة ايام و زوجته الصغيرة يافعه الشباب و قلبها المحطم و صوت بكاءها الذي يرفض الابتعاد عن ذهنه!
اغمض عينيه بشده ليعاود فتحها وهو يتمني ان يكون مجرد كابوس و يستفيق منه في اي لحظه...
صوت بكاء و صراخ هستيري يأتي من اعلي، تلك المسكينة ترفض مغادره عش الزوجية التي لم تتهنا به هي او هو...
شعر بصغيريه يحاوطان قدميه بذعر...

فمال بحنان و قلق يرفع كلا منهما و يضعهم علي ساقيه يحتضنهم الي صدره قائلا وهو يري دموع صغيرته...
-ماتعيطيش يا حبيبه بابا مفيش حاجه...
-انا خايفه يا بابي!.
-وانا كمان! هي طنط شيري مالها؟!
قالها يوسف و هو الاخر علي حافه البكاء و لكن كعادته يحاول امساك دموعه امام والده و شقيقته الصغيرة حتي لا يزيد خوفها...
نظر لهم بحيره يبحث عن مقوله لا تكسر بخاطرهم و براءتهم في ان واحد و لكنه لم يجد...

-طنط تعبانة شويه بس متخافوش هي هتبقي كويسه قريب، ممكن تبطلي عياط يا فيري عشان خاطر بابي مش بيحب يشوف الدموع دي!.
قالها ظافر بنبرة حانيه و هو يزيل بقايا دموعها من علي وجهها الصغير البرئ..
ظل يوسف ينظر له مطولا تلك النظرات الواعية التي تحزن ظافر علي ضياع طفولته ليلتفت له ظافر وهو يعقد حاجبيه بتساؤل فيبتسم الصغير قليلا و يعاود دفن رأسه في صدر والده...

علت صرخات شروق القادمة من الشقة العلوية و ووصلت الي اذانه خبطات اقدام و كأنها تركض بحيره يمينا و يسارا فوق رأسه..
تأكله القلق و قرر التدخل انسانيا علي الاقل وليس لأي غرض اخر يشعره بخجل وتأنيب الضمير!..
حمل يوسف و فيري معا لتبرز عضلات يديه المكتسبة من العمل فقد شقى كثرا في شبابه هو و يحيي عندما فقدا كل افراد اسرتهم الصغيرة و المكونة من والده و عمه و زوجتيهم الواحد تلو الاخر...

بدأت عندما فقد والده وعمه لواءين سابقين تم اغتياله بسبب احباطهم لبعض الارهاب مصادفة...
ليليه والدته التي لم تتحمل الصدمة فيصبح يتيم الاب و الام و هو علي مشارف الجامعة...
لينتهي يحيي في الكلية الحربية راغبا في اتباع مسيرة والده و عمه و ان يفقد والدته سريعا بعد صراع مع المرض...
اما هو فلجأ لمجال اخر يبحث به عن حياة افتقدها...

قد تبدو حياة تعيسة فاقدة لكلمة حياة حتي ولكنه ويحيي كانا سندا لبعضهم البعض وتعلما الفرحة والحب معا!

احبط بشده وهو يتذكر وقوعه في شباك الفتاة الغنية جميلة الجميلات ليتزوجها فيكتشف مع الايام انها قبيحة الروح و جافية القلب ليضيع من عمره ثلاث اعوام شاقه مع تلك البغيضة الشمطاء يحاول اصلاح الامور دون جدوي ؛ و الامر الجيد الذي خرج به منها ويريح قلبه هو يوسف الذي اكمل عامه الثاني حينها و فريدة التي تركتها له وهي رضيعه لم تكمل شهور بقسوة لم يعهدها او تقابله يوما!

نظر بأسي الي طفليه وهو يدثرهم بفراشهم و يتحسر علي فقدانهم لحنان الام و امانها فعلي الاقل هو عاش اسعد ايامه مع والديه وتعلم معني الاحتواء الذي يفشل هو بمفرده في توفيره...
ابتسم قليلا ليوسف الذي يقسو عليه قليلا ليصبح رجلا و يتحمل مسئوليه ليست له و لكنه بكل شجاعة يصر علي اتمام دوره لإسعاده و حمايه شقيقته...
امسك بيده الصغيرة يقبلها و يربت عليها فترتسم ابتسامه يوسف صراحه و فخرا لأنه يرضي والده...

اتسعت ابتسامه ظافر بحب و فخر و عاد يقبل رأسه و يربت علي شعره مره قبل ان يردف قائلا...
-ناموا وانا هطلع اطمن علي طنط و هنزل اطمنكم، اتفقنا؟!..
-اتفقنا...
قال الصغيران بصوت ناعس ليبتسم داخله، يعلم تمام ان الاثنان سيغطان في نوم عميق ما ان يغلق الباب...

ترك النور مضاء لإرضاء فريدة و ما ان اغلق الباب حتي زالت ابتسامته وهو يضع رأسه علي الباب و يرتسم الحزن ملامحه، تنفس بعمق واتجه ليصعد ويرى ما يحدث بالأعلى!..
وهو علي الدرج وصل الي اذنه صوتها الحزين الباكي...
-سيبوني حرام عليكم ؛ ابعدوا عني سيبوني سيبوني، انا هقعد هنا!
ليليها صوت والدتها العجوز...
-خلاص يا رامي سيبها تبات هنا انهارده عشان خاطري هي فيها اللي مكفيها...

كانت الاصوات تقترب يليه صوت فتح باب شقة بعنف و اذا بصوت اخيها البغيض يعلو...
-ماشي نسيبها لوحدها بس من بكره هتيجي معانا!
استدار ظافر ليهبط الدرج مره اخري وهو يخرج مفاتيحه للدخول الي شقته، لا يريد ان يزيد شقائها بان يعتقد ذلك البغيض انه معتاد علي الصعود اليها...
لتقول والدة شروق الباكيه وهي تغلق الباب خلفهم...
-يا ابني الرحمة سيبها وانا الصبح هاجي ابص عليها بلاش فضايح عيب كده!

وقف ظافر يستمع اليهم من خلف الباب حتي اختفت همهماتهم...
هز رأسه بغضب هو لم و لن يبتلع المدعو شقيقها يوما...
-الله يرحمك يا يحيي و يحسن اليك!
قالها من احشاء قلبه، وهو يتجه الي غرفته لأداء صلاه اضافيه عسي ان تشفع له و لفقيده...
وكان مع كل سجده يدعو علي هؤلاء القتلة و الخونة من يدخلون اسم الاسلام والله في اعمالهم القذرة و يحللون به ارهابهم للبشر...
لينهي دعواته لبلد باركها الله بخير أجناد الارض!

لا يعلم ظافر كيف مر الشهرين التاليين عليهم و لكنه يشعر بالهموم تزداد علي اكتافه يوما بعد الاخر وهو يستمع الي توسلات والده شروق و صياح اخيها كل يوم للعودة الي منزلها...
يحيي كان لينتظر منه ان يحل تلك المعضلة وان يهتم بها...
لم ينسي يوم استدعائه الطارئ عندما طرق بابه قائلا (لو حصلي حاجه شروق امانه في رقبتك )...
زفر بيأس متمتما...
-لا اله الا الله، اعمل ايه بس يا ربي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة