قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

في منزل مروان بالتجمع الخامس
كانت نيرة تضم اختها حينما اختل توازنها وارتخى جسدها بين أحضانها، وسقطت فاقدة للوعي..
صرخت نيرة في مروان لكي ينجدها و..
-نيرة بخوف: مـ... مروان.. إلحق تو... توتا قاطعة النفس..!
-مروان بقلق: طمــطم.

أسرع مروان ناحية نيرة وفاطيما، ثم مد كلا ذراعيه ليمسك هو بفاطيما، وحملها بين ذراعيه، ثم دلف بها إلى داخل غرفة الأطفـال..
كادت نيرة أن تموت رعباً على اختها، هي لا تعرف ما الذي أصابها، فقط كلمات غير مفهومة كانت ترددها...

وضع مروان فاطيما برفق على الفراش الموجود بغرفة الأطفال، بينما أسرعت نيرة بالجلوس إلى جوارها... تحسست جبينها، ومسحت بيدها على شعرها، وجدت وجهها شاحب اللون.. وملامحها غير مطمئنة بالمرة...

أمسكت نيرة بكف اختها فوجدته بارداً كالثلج، فارتعدت أكثر عليها و..
-نيرة بنظرات قلقة: دي ايديها متلجة
-مروان: أنا هاطلب الدكتور يجي يشوفها بسرعة
-نيرة: بسرعة يا مروان الله يكرمك.

خرج مروان من الغرفة ثم اتصل بالطبيب لكي يحضر إلى المنزل ليفحص فاطيما ويطمئنهم عليها...

عاد مروان مرة أخرى إلى غرفة الأطفال وهو يضع يديه في جيبي بنطاله، حاول أن يتحدث مع نيرة عن شيء يخص والدتها قد فعلته مع أختها فأرعبها و..
-مروان: أمك ليها يد في اللي حصل لطمطم
-نيرة: يعني ايه؟ أنا مش فهماك
-مروان: طمطم قالت ان مامتك عاوزة تأذيها
-نيرة: لألألأ.. مش معقول، أكيد في حاجة غلط
-مروان: حاولي تعرفي من أمك اللي حصل
-نيرة: حاضر.

أخرج مروان يده من جيب بنطاله، ثم أشار بيده نحو مقعد وثير بالغرفة و...
-مروان وهو يشير بيده: اطلعي كلميها برا، وأنا هاقعد ع الكرسي هنا جمب طمطم لحد ما يجي الدكتور
-نيرة: ماشي.

نهضت نيرة من على الفراش، واتجهت إلى غرفتها الاخرى لتطلب والدتها وتحاول أن تستفسر منها عما أصاب فاطيما لكي تهرب من المنزل.

في منزل صلاح الدسوقي
كاد كلاً من صلاح وزينب يموتان من القلق والتوتر، فهما إلى الآن لا يعرفان أي شيء عن ابنتهما الصغرى، حاولا كثيراً أن يطلباها، ولكن كان الخط في البداية مشغولاً، ثم صار الهاتف بعد ذلك مغلقاً و...
-زينب بقلق بالغ: البت أكيد جرالها حاجة، هانتصرف ازاي يا حاج
-صلاح: مش عارف
-زينب: هاتلي بنتي، أنا عاوزاها.

-صلاح: اصبري يا زينب، أنا هالبس هدومي وأنزل أدور عليها في الشارع، يمكن تكون هنا ولا هنا
-زينب: آآآه ياني، ملحقتش أفرح، بنتي ضاعت، آآآآه
-صلاح: اسكتي يا زينب، مش عاوز مناحة ومندبة هنا!
-زينب: دي بنتي!
-صلاح: جيب العواقب سليمة يا رب.

سمع صلاح صوت رنين الهاتف المحمول الخاص بزوجته، فأمسك بالهاتف، ووجد أن المتصل هي ابنته نيرة، فأجاب على الاتصال و...
-صلاح هاتفياً: الووو.. ايوه يا بنتي.

وقفت زينب بجوار زوجها تحاول أن تأخذ منه الهاتف المحمول لتتحدث فيه و...
-زينب بلهفة: مين يا حاج؟ دي البت فاطيما؟ ها قوليلي يا حاج؟ هاتهالي أكلمها.

-صلاح وهو يحاول ابعادها: لأ يا زينب دي نيرة.

جلست زينب على أقرب مقعد وهي تلطم على صدرها، وتضرب بيدها فخذيها و...
-زينب وهو تلطم: آآآخ يا بنتي، يا نور عيني، ضيعتي يا زينة البنات.

سمعت نيرة عبر الهاتف صريخ ونحيب والدتها، فحاولت أن تطمئنها على اختها الصغرى و...
-نيرة هاتفياً: ايوه يا بابا، قول لماما تطمن فاطيما معايا في البيت
-صلاح بعدم فهم: فاطيما عندك
-نيرة: ايوه.

بمجرد أن سمعت زينب اسم فاطيما حتى انتفضت من مكانها و...
-زينب: البت عندها؟ رد عليا يا حاج، طب خليني اكلمها.

حاول صلاح تهدئتها لكي يفهم من نيرة ابنته ما الذي يجري و...
-صلاح: استني بس يا زينب عشان أفهم
-زينب: طيب.. بس أسمع صوت البت عشان أطمن
-صلاح: حاضر، بس اشوف في ايه.

وكأن زينب قد تحولت لشخص أخر بعد أن اطمأنت أن ابنتها صارت بخير، فبدأت تتوعد لها بـ...
-زينب بتوعد: بس أما أشوفك يا مقصوفة الرقبة، ده أنا هاخنقك بايدي الاتنين عشان تعملي العاملة السودة دي وتموتيني من الخضة عليكي.

-صلاح محاولاً فهم ما يدور: فهميني يا نيرة ايه اللي حصل بالظبط، وازاي البت توتا جت عندكم؟
-نيرة: أنا معرفش ايه اللي حصل، كل الحكاية انها اتصلت بيا من بدري تقولي ان في حد عاوز يدبحها وانها هربت من البيت، وخايفة ترجع تاني، وطبعاً أنا كلمت مروان عشان يتصرف ويجيبها، والحمدلله هي موجودة عندي بس حالتها وحشة جدا يا بابا ومروان طلبلها الدكتور.

بدأ صلاح يستوعب ما يدور.. ثم عقد العزم على...
-صلاح: احنا جاينلك يا نيرة الوقتي، مش هاينفع نتكلم في التليفون
-نيرة: طيب يا بابا.

أنهى صلاح المكالمة مع ابنته وأمــر زوجته زينب بارتداء ملابسها على الفور لكي يتوجها إلى منزل ابنتهما بالتجمع الخامس...

في المطار
وصلت ندى إلى المطار وهي تجر حقيبة سفرها خلفها، ظلت تجفف بين الحين والأخر دموعها المنهمرة على وجنتيها..
يظن من يراها أنها حزينة لفراق بلدها التي تحبها، ولكن الحقيقة انها تذرف الدموع لجرح عميق أصاب قلبها.

أنهت اجراءات السفر الخاصة بها، وظلت تنتظر موعد الطائرة للرحيل عن ذلك المكان القاسي الذي شهد على مأساتها...

كان الوقت يمر عليها بطيئاً كالدهر.. لا تمر لحظة إلا وهي تتذكر لمسة يوسف لها، مداعبته لها حينما كانا سوياً، لحظات خالدة انهارت في لحظة بشكه فيها واتهامها بأفزع الجرائم وهي بريئة..
لقد أفاقت من ذاك الحلم على كابوس مرير.. كابوس ستظل تتجرع مرارته طوال العمر بسبب ذنب لم ترتكبه.. وشك حول حياتها في لحظة إلى جحيم...

في منزل مروان بالتجمع الخامس
وصل الطبيب إلى منزل مروان، ثم دلف إلى غرفة الأطفال، وقام بفحص فاطيما بحضور نيرة..
انتهى الطبيب من كشفه عليها، ثم وضع عدته بداخل حقيبته الجلدية، ودلف إلى خارج الغرفة وأخرج ورقة صغيرة وكتب عدة عبارات بها و...
-مروان: خير يا دكتور، طمطم مالها
-الطبيب: البنت شبه منهارة، في حاجة سببتلها الرعب بدرجة رهيبة وخلت أعصابها تتعب
-مروان: ممم...

-الطبيب: بنت صغيرة زيها ممكن حاجة زي دي تأثر عليها
-نيرة بعدم فهم: يعني اختي هاتفوق وتبقى كويسة
-الطبيب: ان شاء الله، بس لازم تاخدوا بالكم منها الفترة الجاية، وحاولوا تتكلموا معاها وتفهموا ايه اللي حصل
-مروان: حاضر يا دكتور.

-الطبيب: ويكون أفضل لو اتعرضت على دكتور نفسي متخصص
-نيرة: اييييه؟ دكتور نفسي؟ للدرجادي!
-الطبيب: ده أفضل.. وخصوصاً انها لسه صغيرة، وده ممكن يأثر عليها
-مروان: حاضر يا دكتور، ان شاء الله هنحاول نعرضها على واحد.

في نفس الوقت سمعت نيرة صوت طرقات على باب المنزل، فأسرعت لفتحه، وبالفعل وجدت والديها منتظران بالخارج...

كانت والدتها هي أول من دلفت لداخل المنزل وهي تصرخ باحثة عن ابنتها
-زينب بصريخ: فين بنتي، هاتولهالي مقصوفة الرقبة دي
-مروان محاولاً تهدئتها: اهدي يا طنط، طمطم موجودة وبخير
-صلاح: خلاص يا زينب، ماينفعش اللي بتعمليه ده.. احنا أسفين يا بني، جينالك من غير ميعاد وعاملينلك ازعــاج
-مروان: ولا يهمك يا عمي، ده بيتك تيجي في أي وقت.

كانت فاطيما قد بدأت تستعيد وعيها في الغرفة، وضعت يدها على جبيتها لتمسك برأسها...
كانت تسمع أصواتاً لأشخاص يتجادلون في الخارج، ولكن هناك صوتاً واحداً فقط استطاعت أن تميزه.. انه صوت والدتها.. انه يخترق أذانها بالفعل...
تكورت فاطيما في مكانها، انقبض قلبها بسرعة، ظنت أن والدتها قد جاءت بالفعل إليها لتنفذ ما أرادت فعله من البداية.
نظرت فاطيما بعينيها في الغرفة، بحثت عن أي مهرب لها.. فلم تجد إلا النافذة، فلو تطلب الأمر منها أن تتخلص من حياتها ستفعل، ولكن لن يمسها أي أحد...
نهضت من الفراش مسرعة وتوجهت ناحية النافذة تحاول فتحها لكي تقفز منها...

في نفس الوقت كانت والدتها على وشك دخول الغرفة، ولكن رؤيتها لابنتها وهي تحاول القفز من النافذة أصابها بالفزع فصرخت على الفور..
-زينب صارخة: عـاااااااااااااااااااااااااا.

انتبه الجميع لصوت صراخ زينب، فأسرعوا إلى غرفة الأطفال، شهقت نيرة حينما رأت اختها على حافة النافذة.. خاف صلاح كثيراً على ابنته وتهورها.. حاول مروان أن يتدخل لاقناعها بالعدول عن تلك الفكرة.. بينما وقف الطبيب ينظر ويتابع ما يحدث بترقب شديد...

كان وقتاً عصيباً يمر على الجميع...
-مروان وهو يشير بيده: طمطم، ابعدي يا حبيبتي عن الشباك.

انهارت قوى زينب، فجلست على الأرض وظلت تبكي و...
-زينب ببكاء: بنتي.. حد يلحقها.

حاول صلاح أن يجعل ابنته تستمع إليه و..
-صلاح بنبرة خوف: توتا.. مش انتي حبيبة بابا، تعالي ليا، تعالي في حضن أبوكي.

-نيرة بقلق: توتا، بلاش تعملي كده، احنا بنحبك وخايفين عليكي.

كانت فاطيما تنظر إليهم بأعين خائفة، مرتعدة، أمعنت النظر في والدتها، ثم.. ثم تحدثت بنبرة خائفة و...
-فاطيما بنبرة خائفة: أنا مش عاوزة ماما تدبحني.

-زينب بصدمة: أد.. أدبحك؟ ليه بتقولي كده يا بنتي، ده انتي نور عيني وحبيبتي، ده أنا بحبك يا بت، ازاي هادبحك
-فاطيما بحدة: لأ انتي عاوزة تعملي كده، عاوزة تجيبي واحدة تعمل فيا كده
-زينب فاغرة فاهها: هـــاه.

صعق صلاح مما تقوله فاطيما ابنته، لقد أدرك للتو أن ابنته قد استمعت لحديثهما، وهذا هو السبب الرئيسي في فرارها من المنزل، وربما محاولتها لقتل نفسها.

-مروان: محدش هايعمل حاجة يا طمطم، صدقيني، أنا وعدتك اني هحميكي
-نيرة: توتا كلنا بنحبك
-مروان: ايوه يا طمطم، محدش عاوز يأذيكي
-صلاح: بنتي، أنا أبوكي اللي بحبك وماتصدقيش أن أي حد هيعمل فيكي حاجة
-زينب: اعقلي يا بنتي، وتعالي في حضن أمك
-فاطيما بخوف: لألألأ.. انتي هتموتني.

حاول مروان قدر استطاعته أن يتحرك بخطوات ثابتة للأمام كي يستطيع الامساك بفاطيما، خاصة وأنها تنظر في الناحية الأخرى التي تجلس فيها والدتها...

لاحظت نيرة ما يفعله زوجها مروان، لذا حاولت هي الأخرى إلهاء فاطيما في الحديث حتى لا تنتبه لمروان...
-نيرة بقلق: استحالة ماما تعمل كده يا توتا، دي... دي بتحبك يا عبيطة
-فاطيما بنبرة مرتعدة: لأ أنا سمعتها وهي.. وهي عاوزة.. عاوزة تجيب آآآ...
-صلاح مقاطعاً: لأ مش هايحصل يا بنتي، مش هايحصل، أنا مرضتش أصلاً.

اقترب مروان لمسافة كافية تمكنه من الامساك بفاطيما.. فقد نجح في استغلال انشغالها بالحديث مع عائلتها ومد ذراعه وأمسك بفاطيما من خصرها، وتشبث بها ثم جذبها بقوة إلى الخلف ليسقط على الأرض وهي فوقه...

أسرعت نيرة نحوهما وأحتضنت اختها الصغيرة.. وكذلك فعل صلاح..
مسحت زينب دموعها بأصابعها، وتوجهت نحو ابنتها تحتضنها وتقبلها من رأسها، وتحاول تهدئتها.. لكن فاطيما ظلت تصرخ بطريقة هيسترية مخيفة.. مما دفع مروان لتثبيتها جيداً، وتدخل الطبيب على الفور وأخرج من حقيبته حقنة مهدئة ثم أعطاها لها لتسكن تماماً...

نهض مروان من على الأرض و ساعد صلاح في حمل فاطيما ووضعها على الفراش برفق.. قامت نيرة وزينب بتغطيتها وتدثيرها جيداً في الفراش، ثم خرج الجميع من الغرفة ليتحدثوا مع الطبيب.

سرد صلاح السبب الرئيسي الذي دفع فاطيما من البداية للهروب وللشعور بالرعب والخوف الشديدين..
أنصت الطبيب لما يقوله صلاح جيداً، وما إن انتهى من سرد ما حدث بالتفصيل حتى بدأ هو بالحديث و...
-الطبيب: يعني حضراتكم من الأخر السبب في اللي وصلتله الطفلة دي
-صلاح بعدم فهم: ازاي؟

-الطبيب: البنت لما سمعتكم بتكلموا عن عملية ختانها اترعبت وخافت بدرجة ما اتحملتهاش، ويمكن ده السبب اللي خلاها تنهار قصادكم
-زينب: بس احنا معملنلهاش حاجة،ده... ده كان مجرد كلام
-الطبيب: هي طفلة، مش هتميز ان كان كلام ولا فعل ولا ايه بالظبط
-مروان: ازاي يا عمي أصلاً توافق على حاجة زي دي تتعمل في بنتك
-الطبيب: دي جريمة، والقانون بيعاقب اللي بيرتكبها
-مروان: ايوه
-زينب: أنا.. أنا عاوزة مصلحة بنتي مش أكتر.

-الطبيب: مصلحة بنتك يا حاجة في انك تتكلمي معاها، توعيها تفهميها، مش تعملي شيء لمجرد ان واحدة شارت عليكي بيه
-صلاح: أنا مكونتش موافق من الأول ع الموضوع ده، كله من الولية الفقلا اللي اسمها آمال، دايما بتجيب معاها الخراب
-الطبيب: قبل ما تعملوا حاجة زي دي المفروض تسألوا وتعرفوا، مش تنساقوا وراء كلام جاهل، افرضي بنتك لا قدر الله حصلها حاجة، ساعتها كنتي هتتصرفي ازاي.

-زينب وهي تلطم على صدرها: يا نصيبتي
-مروان: الحمدلله انها جت على اد كده
-الطبيب: لازم تشوفوا دكتور نفسي، لأن الموضوع ده لو ما اتعالجش ممكن يتطور ويسببلها عقدة نفسية ومشاكل انتو في غنى عنها
-مروان: حاضر يا دكتور
-صلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله، كله منك يا زينب.. كان لازم يعني تسمعي للولية دي
-زينب: وأنا كنت هاعرف منين انها هتسمعنا.

-الطبيب: مش وقت عتاب، حاولوا تتكلموا مع البنت وتتابعوا مع دكتور متخصص، وان شاء الله المشكلة هتتحل
-صلاح: حاضر.. كتر خيرك يا دكتور
-الطبيب: العفو.. عن اذنكم
-مروان وهو يشير بيده: اتفضل يا دكتور...

أوصل مروان الطبيب لباب المنزل، ثم أعطاه حسابه، وصرفه، وأغلق الباب من خلفه..
جلست زينب على الأريكة تفكر في حل لما أصاب ابنتها، وجلست إلى جوارها نيرة وهي مصدومة مما كانت تنتوي والدتها فعله في اختها.. فهي لم تجرؤ على فعل ذلك معها أو مع ندى.. فكيف تفعل ذلك مع تلك الصغيرة...

في المطار
أعلنت المذيعة الداخلية عن وصول الطائرة التي ستقل المسافرين إلى دبي، فتوجهت ندى إلى مهبط الطائرات، وبدأت في صعود السلم.. ثم دلفت إلى داخل الطائرة بعد أن سلمت المضيفة تذكرتها...

جلست ندى في مقعدها بجوار النافذة.. كانت تبكي حالها، ترثي روحها الجريحة.. هي لم تودع أسرتها حتى، لكن أسلم شيء لها الآن هو الابتعاد عن كل شيء...

طلبت المضيفة من الجميع ربط أحزمة المقاعد، والاستعداد لاقلاع الطائرة..
كانت ندى تربط الحزام الخاص بها، هي تخاف من ركوب الطائرات، ولكن خوفها هذا ليس أكبر من خوفها من المصير المجهول الذي ينتظرها...

لم تلاحظ ندى جلوس شخص ما بجوارها.. فقد كانت معظم الوقت تنظر من النافذة، وتحاول منع دموعها من الانهمــار.. مسحت بأطراف أصابعها تلك العبرات الساقطة.. وأسندت يدها الأخرى بجوارها...

يالها من حياة قاسية، قدمت لها السعادة في لحظة، ثم أذاقتها طعم الذل والمرار في لحظة أخرى.. هي لم تمهلها الفرصة حتى لتستمع بحياتها...

كانت ندى تضع يدها إلى جوارها على مسند المقعد، وفجـــأة وجدت من يضع كف يده فوق كفهــا، التفتت بوجهها لترى من هذا الذي فعل ذلك.. وإذ بها ترى يوسف جالساً في المقعد المجاور لها، اعتلت الصدمة وجهها، نظرت إليه بأعين مشدوهة جاحظة و...
-ندى بنظرات مصدومة: آآآ... انت؟
-يوسف: أنا أسف يا ندى، بس مش هاقدر أسيبك تسافري لوحدك مهما حصل...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة