قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والأربعون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 1 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والأربعون

في مكتب صلاح الدسوقي للمقاولات
كان مكتب صلاح الدسوقي يمر بأزمة طاحنة وذلك نتيجة إلغاء عدة مقاولات قد تم الاتفاق عليها مسبقاً.. ففهمي النقيب لم يضيع وقته وإنما عَمِد إلى تدمير صلاح الدسوقي بكل ما أوتي من قوة كي يلقنه درساً...

-علي: أنا مش عارف إيه بس اللي حصلنا، ما احنا كنا ماشيين كويس
-ناجي: والله يا أستاذ علي أنا كل شوية عميل يكلمني ويلغي معايا اتفاق كنا ماضيين عليه من فترة أو حتى بدأنا نشتغل عليه
-علي: المكتب كده هيتخرب من اللي بيحصل فيه، لا حول ولا قوة إلا بالله
-ناجي: هانبلغ الأستاذ صلاح بده
-علي: لازم نبلغه، ماهو اكيد هيعرف.

في شركة النقيب للاستيراد
طلب شاكر بيك مقابلة فهمي النقيب... شاكر بيك هو والد مايا، وهو أحد اهم رجال الأعمال المعروف عنهم بالنفوذ القوي والسلطة.. ولأن مايا تعهدت بالانتقام من ندى واختها، لذا بدأت بتنفيذ مخططها وتسليط والدها لفعل ما تريد...

-فهمي مشيراً بيده: اتفضل يا شاكر بيه،منور الشركة
-شاكر وهو يدخن سيجاره الفاخر: شكراً يا فهمي بيه
-فهمي: ازي مايا؟ اخبارها ايه
-شاكر: ممم.. أنا جاي النهاردة مخصوص عشانها؟
-فهمي: مالها مايا؟ في حاجة حصلتلها
-شاكر: بصراحة أه.. بسبب ابنك
-فهمي: مروان؟ عمل فيها ايه؟

-شاكر: ابنك عرف بنت كده مش تمام وآآآ.. ومايا حاولت تحذره لكن هو تتطاول عليها، ولولا اني عارف مروان واخلاقه مكونتش عديت الموضوع ده
-فهمي بنظرات نارية: أكييييد بنت الزفت صلاح
-شاكر: أنا رأيي تاخد بالك من ابنك كويس.. احنا عارفين ان الشباب طايش ومش عارف بيعمل ايه، لكن في الأخر بيعقلوا، ووظيفتنا اننا ناخد بالنا منهم حتى لو غصب عنهم.

-فهمي: اطمن يا شاكر بيه، أنا مش ساكت
-شاكر: ويا ريت تبلغ سليم صاحبك بده
-فهمي: قصدك سليم الكومي
-شاكر وهو ينهض من مكانه: أيوه.. لمصلحتكم ان ولادكم يبعدوا عن البنات دول.. تمام
-فهمي: حاضر...انت قومت ليه يا شاكر بيه؟

-شاكر وهو ينظر في ساعته باهظة الثمن: يدوب.. انت عارف الواحد وقته محسوب بالثانية، ومشاغلي لا حصر لها
-فهمي: اه طبعاً، الله يكون في عونك
-شاكر وهو يصافحه: شكراً يا فهمي بيه، وأكيد هنتقابل تاني
-فهمي: طبعاً.. طبعاً.

انصرف شاكر ويعلو وجهه ابتسامة شيطانية مخيفة خاصة بعد أن اطمئن أنه أشعل نيران الحقد لدى فهمي النقيب...

بعد مرور عدة أيام
في منزل صلاح الدسوقي
تغيرت معاملة صلاح مع ابنتيه كثيراً.. فهو بات خائفاً عليهن جميعاً من أي شيء قد يسبب لهما الضرر والأسى، خاصة بعد تهديدات فهمي النقيب الصريحة.. لذا طلب من صديقه علي أن يسرع في عمل اجراءات القيد المنزلي لنيرة واستخراج تصاريح خاصة بأجازة مرضية لها، حتى لا تضطر للذهاب إلى مدرستها سوى فقط في أيام الامتحانات، أما بخصوص ندى، فأسلم شيء لها هو أن تقديم اعتذار رسمي عن الحضور في الكلية حتى يضمن عدم مقابلتها لمروان أو يوسف، بالاضافة إلى أن يكون كلاهما قد تخرج من الكلية، فتكون ندى على حريتها...

لقد كان تفكير صلاح متهوراً.. ولكن كان شاغله الكبر هو حماية فلذات كبده، فكل شيء يهون أمام حياتهن الغالية...

أصيبت كلاً من ندى ونيرة بخيبة الأمل بعد القرارات التي اتخذها والدهما، حاولت الاثنتين كثيراً معه، ولكنه كان عنيداً بدرجة لم يتخيلاها..
-ندى: حرام والله يا بابا
-صلاح بضيق: ده اخر كلام عندي
-نيرة: طب ما كده السنة هتروح ع ندى
-صلاح: تروح، مش مهم، تبقى تعيدها السنة الجاية
-ندى: طب ليه كل ده.

-صلاح: هو كده.. أنا مش ناقص وجع دماغ، وكده أحسن.. آآه.. نسيت أقولكم أنا لاغيت اشتراك النت، مافيش داعي ليه، كفاية اوي عليكم التلفزيون
-ندى: يا بابا احنا مش عاوزين إلا اننا نكمل تعليمنا
-نيرة: ايوه يا بابا حرام كل ده يضيع ع الفاضي.

-صلاح: انتو هتكملوه بس في البيت، والدروس اللي هاتعزوها هتكون برضوه هنا، محدش هينزل فيكو الشارع، وطمطم أنا اللي هوديها واجيبها.. ماشي؟
-ندى: طب ده بالنسبة لنيرة وطمطم، وأنا يا بابا؟ انا ماليش دعوة بحاجة والله
-صلاح: أنا قولتلك يا ندى، السنة دي مش مهم، هاقدملك اعتذار، أي حاجة بس محدش هيروح في حتة لحد ما تعدي السنة دي ع خير.. فاهمين..!

لم تستطع ندى ان تقنع والدها، فهو قد اتخذ قراره بالفعل، ولم يترك لهم المجال للمناقشة أو الحوار أو حتى التفاهم..
شعرت نيرة بالأسى على اختها التي ضاع عامها الدراسي و..
-نيرة وهي تربت على كتف اختها: والله يا نووودة أنا حاولت اقنعه بس هو دماغه ناشفة
-ندى والدموع في عينيها: أنا مش عارفة هو ليه عمل كده
-نيرة: ان شاء الله يغير رأيه قريب
-ندى ببكاء: معتقدش.. اهيء...

دلفت ندى والحزن يعصر قلبها إلى غرفتها، حاولت نيرة التهوين عليها، ولكن ما الفائدة.. وهي فقط تواسيها بالكلام وتعجز عن فعل أي شيء لها...

في كلية تجارة انجليش
ظل يوسف طوال عدة أيام متتالية يبحث عن ندى في كل مكان ولكنه لم يجدها.. كان يفقد صوابه لأنها لم تظهر منذ الرحلة..
ذهب إلى قاعة محاضرات الفرقة الثانية لعله يجدها هناك، ولكن للأسف لم تكن بين الحاضرين..
فكر يوسف أن يلجأ إلى الأستاذ مدحت ليعرف منه إن كانت ندى تواظب على محاضراتها أم لا من باقي الأساتذة والمعيدين و...
-مدحت: والله يا يوسف البنت اللي أنت سألتني عليها بقالها كام يوم مش بتحضر
-يوسف بدهشة: هه
-مدحت مكملاً: واللي عرفته ان والدها قدم اعتذار عن حضور بنته السنادي.

كانت وقع الكلمات على يوسف كالذي يلقي بدلو ماء بارد على رأسه و..
-يوسف بنظرات صادمة: ايييه؟ تعتذر عن الحضور؟ طب ليه
-مدحت وهو يقلب في بعض الأوراق أمامه: مش عارف.. بس ده اللي وصلتله
-يوسف محاولاً التحكم في نفسه: آآآ... شكراً يا د. مدحت، أنا أسف ان كنت تعبت حضرتك
-مدحت: ولا يهمك يا يوسف، المهم أنا منتظر منك أفكار جديدة لمشروع التيرم
-يوسف: أها.. أكيد طبعاً، عن اذنك يا دكتور
-مدحت وهو يشير بيده: اتفضل.

خرج يوسف من مكتب الأستاذ مدحت بالكلية وهو يكاد يجن مما علم.. لم يتوقع يوسف هذا أو يخطر على باله أن تختفي ندى بكل بساطة وبتلك الطريقة من حياته...

أخرج يوسف هاتفه المحمول ليتصل بمروان ويستفسر منه عن أي شيء يخص نيرة، ولكن لم يجب مروان على اتصاله.. ظل يوسف يزفر في ضيق، ثم وضع يده فوق رأسه يعبث بشعره ذهاباً وإياباً.. وكأنه يحث عقله على التفكير من أجل إيجاد أي طريقة تمكنه من الاطمئنان على ندى والوصول إليها..
ولكن قطع تفكيره هذا وجود مايا التي ارتسم على وجهها علامات الانتصار والفرحة..

-مايا بابتسامة قاسية: هاي جوو.. ايه أخبارك
-يوسف على مضض: تمام
-مايا محاولة استفزازه: مممم.. لأ واضح ان في حاجة مضيقاك.. تكونش بتفكر في البت اياها
-يوسف بحدة: مايا، من فضلك..! أنا مش ناقصك
-مايا وهي تنظر لأظافرها المطلية بعدم اكتراث: ع العموم لو كنت بتدور ع البت زي فماتتعبش نفسك
-يوسف بتركيز: تقصدي ايه؟

-مايا وهي تنفس الهواء في أظافرها: هوووف.. أقصد انها خلاص بخخخ..
-يوسف: اييييه؟
-مايا: ومش بس هي.. لأ ده باباها كمان بقى بخخخ
-يوسف وقد أمسك بذراعيها يهزها بعنف: تقصدي ايييه بكلامك ده؟ ها؟ ردي عليا!
-مايا: اقصد اني عملت اللي أمثالها يستحقوه، خليتها تعرف قيمتها هي وباباها
-يوسف بنبرة مخيفة: عملتي ايه انطقي؟.

في نفس التوقيت أمام مدرسة نيرة
كان حال مروان لا يختلف كثيراً عن حال يوسف، ظل مرابطاً لأيام عدة أمام مدرستها على أمل أن يراها، ولكن للأسف لم تظهر..
حاول أن يعرف أي شيء عنها من حارس بوابة المدرسة، ولكنه لم يتعرف على الفتاة التي يسأل عنها
-مروان: ازاي مش عارفها؟ طب هي اسمها نيرة صلاح
-الحارس: يا بيه دول بنات كتير هاعرفهم ازاي، أنا لو شوفتها أقدر اقولك اه هي، لكن الاسم الصراحة مش عارفه
-مروان: ماشي متشكر.

استمعت نسمة لحواره بالصدفة، تسائلت في نفسها عن ذاك الشاب الرياضي مفتول العضلات الذي يسأل عن نيرة، وما إن لمحته يسير مبتعداً نحو سيارته حتى أسرعت إليه و...
-نسمة بصوت مرتفع: يا كابتن،ياااا كابتن
-مروان بضيق: افندم؟ حضرتك بتكلميني
-نسمة: ايوه انت
-مروان بوجه مقفهر: خير في ايه؟
-نسمة: مش انت بتسأل عن نيرة
-مروان بلهفة: انتي تعرفيها؟

-نسمة بخبث: أه طبعاً دي صاحبتي الأنتيم
-مروان: طب هي فين؟ مش بتيجي ليه؟
-نسمة بلؤم: ممم.. بصراحة أنا.. أنا مش هاعرف أقولك حاجة وأنا واقفة كده، الناس رايحة وجاية بتبص علينا، وممكن حد يفهمنا غلط واحنا واقفين كده
-مروان: عندك حق.. طب انتي تحبي ايه
-نسمة وهي تهز كتفيها: والله اللي انت تشوفه
-مروان: طب أنا ممكن أعزمك ع حاجة تشربيها في أي كافيه قريب
-نسمة: احم.. بس آآآ..
-مروان: مش هاعطلك.. ده 10 دقايق بالكتير
-نسمة: اوك...

فتح مروان باب سيارته الأمامي لنسمة لكي تركب معه، ثم تحرك هو سريعاً نحو مقعده الأمامي وقاد السيارة إلى أقرب كافيه...

كانت نسمة تتأمل السيارة الجالس بها مروان وهيئته بطريقة مريبة، لقد كانت تحسد نيرة على معرفتها بمثله.. فهي رغم مهارتها التي اكتسبتها من تامر في اصطياد الرجال والايقاع بهم إلا أنها لم تستطع أن توقع رجلاً مثل مروان.. لذا هي بدأت في إلقاء شباكها عليه و..
-نسمة: ماشاء الله عربيتك حلوة أوي
-مروان: شكراً..

-نسمة: هو انت تعرف نيرة منين؟
-مروان: احنا قرايب
-نسمة: ممم.. بس اللي أعرفه ان نيرة مالهاش قرايب هنا، يعني معظم حياتها كانت في السعودية وتقريباً علاقتها بأقاريبهم مقطوعة
-مروان: والله احنا قرايب من ناحية أبوها
-نسمة: وماله.. بس أنا معرفش اسمك
-مروان: أنا مروان
-نسمة بابتسامة خبيثة: وااو.. اسم حلو.. لايق عليك
-مروان: شكراً، هو انتي معاكي رقم نيرة
-نسمة: أه معايا، هي مش مديهولك؟
-مروان بتردد: آآآ... لأ كان معايا بس موبايلي اتسرق وآآ.. وانا كنت عاوزه
-نسمة مدعية البراءة: اوووه يا حرام... ربنا يعوض عليك.

لم يسترح مروان لطريقة نيرة معه في الحوار...
-مروان في نفسه: البت دي شكلها مش مريحني ع الأخر، عمالة تلف وتدور وتحور عليا، باين عليها كده بتشتغلني!.

استغلت نسمة انشغال مروان بالقيادة وتركيزه في الطريق فمدت يدها لتعبث بشعره بمياعة مما صدمه بشدة، فنظر إليها نظرات نارية مخيفة مما جعلها تتراجع على الفور و..
-نسمة بتردد: كان في آآآ.. كان.. في كده حاجة في شعرك
-مروان: من فضلك ماتعمليش كده تاني، ماشي
-نسمة: اوك.

رن هاتف مروان برقم يوسف لعدة مرات، ولكنه لم يجبه لانشغاله مع نسمة..
-مروان وهو يلقي بالهاتف على تابلوه السيارة: مش وقتك يا جوو...

صمت مروان لبرهة ثم قرر أن يقطع هذا الصمت بسؤال نسمة عن...
-مروان: انتي بقى تعرفي نيرة منين؟
-نسمة وهي تمط شفتيها: عادي يعني...
-مروان مستفهماً: عادي ازاي؟
-نسمة: هي معايا في الفصل، بس آآآ...

-مروان وهو ينظر إليها: بس ايه؟ ما تتكلمي يا..
-نسمة: أنا اسمي نسمة، وصحابي بيقولولي نسووم
-مروان: ماشي يا نسمة، كملي كلامك لو سمحتي
-نسمة: بص هي نيرة صاحبتي أه، بس أخلاقها يعني مش أد كده
-مروان متعجباً: نعم؟
-نسمة: يعني معروف عنها انها مع كل واحد شوية، مقضياها من الأخر كده.

ضغط مروان على مكابح سيارته بصورة مفاجئة مما جعل نسمة ترتد إلى الأمام، ثم صاح فيها بــ...
-مروان بحدة: انزلي من العربية
-نسمة بصدمة: ايييه؟
-مروان: بقولك انزلي، ايه مش سامعة
-نسمة بتردد: طب.. طب ليه؟
-مروان: عشان انتي واحدة كدابة وآآآ.. وممكن أقول كلمة تانية تجرحك بس أخلاقي ماتسمحش، اتفضلي يالا بره.

ترجلت نسمة من السيارة وهي مصدومة من طريقة مروان معها، ولكنها لم تصمت بل أساءت إلى نيرة وإدعت عليها كذباً بـ...
-نسمة وهي تصفع باب السيارة بقوة: بكرة ترميك زي ما رميت اللي قبلك، ده طبعها مش جديد عليها يعني، وعلى فكرة هي مش أحسن مني في حاجة، هي زيي بالظبط.. هااااا.. زيي بالظبط!.

لم يمهل مروان نسمة الفرصة لكي يستمع أكثر إلى هذا الهراء الذي تلفظه، وإنما ضغط على دواسة السيارة وانطلق مسرعاً بعيداً عنها حتى لا يتهور ويقتلها...

وقفت نسمة تبتسم ابتسامة شيطانية لأنها ظنت أنها استطاعت أن تفسد ما بين نيرة ومروان..
-نسمة: هه.. وريني بقى يا نيرة هانم هاترجعوا لبعض ازاي؟ مش أنا اللي أخد البواقي وانتي تاخدي من وش القفص..!.

في سيارة مروان
كاد مروان أن يجن مما سمع، هو يعلم أن تلك الفتاة الحقيرة ما هي إلا كاذبة، ولكن مجرد تخيل أن نيرة بها تلك الصفات أثار غضبه وحنقه الشديدين، ظل مروان يضرب بقبضتي يده على مقود السيارة لأكثر من مرة وهو يصرخ...
-مروان بعصبية: استحالة نيرة تكون كده، عمرها ما اتصرفت معايا إلا باحترام، بنت التيييت دي كانت قاصدة تحرق دمي.. اووووف، وأنا هاموت وأعرف أي حاجة عنها لكن مالهاش أثر.. ايه اللي حصل؟ أنا هيجرالي حاجة!

ثم رن هاتفه مرة أخرى، فمد يده على تابلوه السيارة، فوجد أن المتصل هو يوسف، لذا أجاب عليه و...
-مروان هاتفياً بنبرة صوت مختنقة: ايوه
-يوسف هاتفياً بحدة: انت فين؟ عمال أطلبك من بدري ومش بترد
-مروان: عاوز ايه يا جوو
-يوسف: تعالالي بسرعة، في كاثة حصلت
-مروان بعدم اكتراث:كارثة ايه تاني
-يوسف: مايا عملت مصيبة كبيرة في ندى ونيرة.

استرعى اسم نيرة انتباه مروان، مما جعله يصف سيارته على جانب الطريق، ثم..
-مروان بلهفة: عملت ايه؟
-يوسف: الهانم خلت أبوها يروح عند أبوك ويملى دماغه بكلام فارغ عن عم صلاح وأذاه في شغله
-مروان بصدمة: ايييه؟
-يوسف: لأ واسمع كمان...!

مجرد أن يعرف مروان أن والده فهمي الكومي تسبب في إلحاق الأذى بوالد الفتاة التي احبها كان كافياً لجعل الدماء تحتقن في وجهه...

أنهى مروان مكالمته مع يوسف وانطلق أولاً إلى مقر الفرع الجديد، وبالفعل لم يجد أي أثر لأي عمالة أو حتى للأستاذ صلاح.. وعرف من حارس المنطقة بأن الاستاذ صلاح تم إنهاء التعاقد معه، وطرده من المنطقة قبل أيام عدة...

لم يصدق مروان ما سمع بأذنيه، وضع كلتا يديه فوق رأسه يحاول أن يعي ما يحدث و..
-مروان: طب ليه كده بس؟ ليه؟ هو كان ذنبه ايه الراجل عشان يتأذى في شغله!.

انطلق مروان ناحية شركة والده...

في شركة سليم الكومي للاستثمار والتطوير العقاري
دلف يوسف إلى مكتب والده والغضب بادياً على وجهه.. حاول سليم أن يعرف السبب وراء ذلك الوجه الغاضب و..
-سليم: في ايه يا جوو؟

-يوسف بحزن: في ان البنت اللي حبيتها بجد الكل بيحاربني عشان أقدر اكون معاها
-سليم: يا بني محدش بيحاربك، انت ركز في مذاكرتك وبعد كده نشوف الموضوع ده
-يوسف بتهكم: مذاكرة! هه، وهو أنا في دماغ أصلاً للمذاكرة.. انا خلاص معنتش عاوز حاجة.. أنا كنت مفكر انك معايا وبتدعمني لكن.. لكن اللي قدامي غير كده.

-سليم: يا يوسف مش معنى إني لو معملتلكش اللي انت عاوزه، أبقى أنا ضدك!
-يوسف وهو يتجه للباب: خلاص يا بابا.. أنا ماشي
-سليم: يا يوسف استى بس.. استنى!.

في شركة النقيب للاستيراد
وصل مروان إلى مقر شركة والده، صف السيارة بالأسفل ثم صعد بأقصى سرعته إلى مكتب والده، قابل السكرتيرة في الخارج و..
-مروان: بابا جوا
-السكرتيرة: ايوه يا مروان بيه، بس عنده آآآ...

لم يمهل مروان السكرتيرة الفرصة لكي تنهي كلامها، ولكنه انطلق كالقذيفة إلى مكتب والده الذيكان منشغلاً في اجتماع ما و...
-السكرتيرة وهي تسرع الخطي خلفه: يا مروان بيه، استنى من فضلك
-مروان بضيق: بابا لوسمحت
-السكرتيرة: والله يا فهمي بيه أنا حاولت أقوله ان حضرتك في اجتماع بس هو آآ...

-فهمي مشيراً بيده: خلاص.. روحي انتي شوفي وراكي ايه..
-السكرتيرة وهي توميء برأسها: حاضر يا فندم
-فهمي ناظراً لمروان: استناني هناك
-مروان بضيق: طيب.

جلس مروان على الأريكة وهو يهز قدميه بعصبية مفرطة.. في حين حاول فهمي انهاء اجتماعه بــ...
-مروان: سوري يا جماعة، ده مروان ابني.. انتو عارفين الشباب بقى وحماسهم
-أحد العملاء: اه طبعاً.. ربنا يخليهولك
-عميل أخر: ما شاء الله كبر
-فهمي وقد نهض من مكانه: نكمل ان شاء الله الاجتماع الأسبوع جاي تكون دراسة الجدوى جهزت، والملفات اللي أنا عاوزها عن الصفقة تكون كملت
-أحد العملاء: تمام.. على ميعادنا
-فهمي: شرفتوا.

انصرف العملاء من مكتب فهمي، ثم توجه هو إلى حيث يجلس ابنه وجلس على الأريكة المقابلة واضعاً قدماً فوق الأخرى ونظر إلى ابنه بكل برود و..
-فهمي: خير؟
-مروان: ممكن يا بابا تفهمني عملت كده ليه في الأستاذ صلاح
-فهمي: عشان أحميك منه ومن بنته
-مروان: تحميني منهم ليه؟ هما عملولي ايه؟

-فهمي: أي حد هيجي جمب مستقبلك واللي أنا راسمهولك هامحيه من طريقك
-مروان: ماشي وشاكر بيه!
-فهمي وقد اعتدل في جلسته: ماله
-مروان: ماله؟ مش هو اللي جه قالك الكلام ده بناءاً ع كلام بنته المصون
-فهمي: وفيها ايه؟ الراجل عاوز مصلحتك.. كتر خيره ع اللي عمله
-مروان وقد نهض من مكانه: لأ فعلاً.. ده المفروض نعمله تمثال، راجل بيحب الخير فعلاً
-فهمي: انت عاوز ايه يا مروان.

-مروان: كان ممكن تعمل أي حاجة يا بابا إلا إنك تأذي حد في رزقه
-فهمي: والله أنا ماذتوش، هو اللي جلب لنفسه!
-مروان: يعني عاوز تفهمني يا بابا انك اكتفيت بسحب المقاولة منه
-فهمي: احم.. أنا حبيت أقرص ودنه بس
-مروان: تقرص ودنه تقوم تدمره يا بابا
-فهمي بعدم اكتراث وهو يمط شفتيه: هــه
-مروان: طب وبنته ذنبها ايه انها متكملش دراستها؟

-فهمي: كده أحسن، خليها يربيها، التعليم هيفيدها بايه ان كانت هي عديمة الرباية!
-مروان بنظرات نارية: أنا كان ممكن أتخيل أنك تعمل اي حاجة يا بابا إلا إنك تكون بالشكل ده.. بجد أنا مصدوم فيك.. أنا مش مصدق
-فهمي ببرود: بكرة تيجي تشكرني ع اللي عملته ده
-مروان: أشكرك..! صدقني يا بابا أنا ندمان إني آآ... ولا مافيش داعي.. انا ماشي
-فهمي: استنى يا مروان أنا لسه مخلصتش!
-مروان: بس أنا خلصت!

ترك مروان والده وقلبه معتصر من الآلم لأن شكوكه باتت صحيحة الآن.. فوالده هو المتسبب الرئيسي في أذية والد نيرة، بل والأهم من هذا هو سبب امتناعها عن الدراسة هي واختها ندى...

قاد مروان سيارته وهو يبكي بحرقة.. كيف سيسامح والده على ما فعل،، كيف سينسى أذيته لنيرة تلك الفتاة التي خطفت قلبه قبل عقله، كان يضرب مقود السيارة بكل عصبية بكلتا يديه، ولم ينتبه لاشارة المرور المضاءة في الطريق العكسي، وفجـــأة سُمع صوت ارتطام قوي و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة