قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 1 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

وصلت الحافلات إلى منطقة المنتزه، وترجل الجميع منها، وانطلقوا في تلك البقعة الجميلة ليستمتعوا بها، فضلت ندى أن تجلس مع فاطيما في الحديقة وتستمتع بجمال المناظر الخلابة بها.. فهي تريد أن تستغل الجمال هنا في إنعاش روحها والانطلاق من جديد..

-ندى: تعالي يا طمطم، احنا هنقعد هناك
-فاطيما: الله، ده المكان ده حلو أوي
-ندى: جدااا، عارفة اسمه ايه
-فاطيما: النزهة
-ندى: لأ دي منطقة المنتزه، وفيها...

بدأت ندى تتحدث عن منطقة المنتزه بطريقة شيقة ومبسطة لفاطيما حتى تستطيع أن تفهمها..
ظل يوسف يراقب كل حركة واشارة تصدر عن ندى وهو عاقد ذراعيه أمام صدره مبدياً اعجابه بها.. ففي كل لحظة بالقرب منها يدرك اكثر واكثر أنها ليست كالأخريات هي فتاة مميزة، هي تلك التي استطاعت بجدارة أن تجذبه إليها ببساطتها ورقتها وحتى.. تضحيتها...!

في نفس الوقت قررت نيرة أن تنطلق مع نفسها وتتوجه إلى الشاطيء لتمتع نفسها بمنظره، كان مروان يراقبها من على بعد، هو لا يريد أن يلفت انتباهها إليه.. يريدها أن تكون على سجيتها حتى تتاح له الفرصة التي وعد نفسه بها لكي ينفرد بها...

-نيرة لندى: أنا هاطلع ع البحر شوية
-ندى برجاء: ماتخليكي معانا
-نيرة بنفاذ صبر: لأ، أنا مخنوقة ومش حابة اعد هنا، وعاوزة أقعد مع نفسي شوية.

أرادت ندى ألا تضغط على نيرة، وتتركها تختلي بنفسها لعلها تستعيد نشاطها وحيويتها من جديد.. خاصة أن اليوم من بدايته كان مرهقاً لكلتاهما..
-ندى: طب خلي بالك من نفسك
-نيرة: اوك
-ندى: انا هاكلم ماما أطمنها علينا، ومش هاجيبلها سيرة باللي حصل
-نيرة: ماشي، أحسن برضوه، مافيش داعي يقلقوا علينا..

-ندى: بالظبط
-نيرة وهي تشير بيدها: بصي أنا هاقف هناك، يعني مش هاروح بعيد
-ندى وهي توميء برأسها: اوك
-نيرة ملوحة: باي..
-ندى: باي.. يالا بينا احنا يا طمطم نشوف هنعمل ايه
-فاطيما: اوك.

عند البحر
توجهت نيرة إلى الشاطيء، كان المنظر جميلاً، أغمضت عينيها واستنشقت الهواء النقي، ثم زفرته بحرارة وكأنه تزيح عن صدرها أثقالاً تحملتها اليوم.. ابتسمت مع نفسها لأن ذاك الحقير علاء لن يكون له مكان في حياة أختها.. ظل الهواء يداعب وجنتيها وشعرها مما زاد من سعادتها وشعورها بالارتياح.

لمحت نيرة أحد الأشخاص والذي يبدو كرجل كبير في السن وبجواره عدداً من القوارب الصغيرة ولافتة بجواره ويتحدث إليه بعض الأشخاص.. دققت النظر جيداً فقرأت ان تلك اللافتة تشير لتأجير القوارب لمن يرغب في النزول للبحر والاستمتاع به..
بلى لقد طرأ ببالها فكرة مجنونة، فهذا المكان بسحره الخاص أوحى لها بأن تستأجر إحدى تلك القوارب الصغيرة لتركبها في البحر وتعيش لحظات مجنونة خاصة بها.. لذا توجهت إلى هذا الشخص و...

-نيرة: سلامو عليكم يا حاج
-العم غريب: وعليكم السلام يا بنتي
-نيرة: ممكن أعرف اسم حضرتك ايه؟
-العم غريب: أنا عم غريب
-نيرة: اهلا بيك يا عم غريب، معلش أنا كنت عاوزة اسألك في حاجة
-العم غريب: اسألي يا بنتي
-نيرة وهي تشير بيدها: هو حضرتك بتأجر المراكب دي
-العم غريب: ايوه يا بنتي
-نيرة: طب ينفع آجر واحدة؟

-العم غريب: ينفع، بس مين معاكي
-نيرة: لأ أنا معييش حد، أنا لوحدي
-العم غريب وهو يحك رأسه: بس ده ماينفعش
-نيرة بخيبة أمل: ليه مش هاينفع؟
-العم غريب: لأن يا بنتي المأديف تقيلة وعاوزة واحد لامؤاخذة عفي عشان يعرف يأدف بيها في المالح، وانتي مش هتعرفي
-نيرة: اديهاني انت بس وأنا هاتصرف
-العم غريب: يا بنتي دي مش لعبة
-نيرة بحزن: يوووه، يعني انا كده مش هاعرف أنزل البحر؟.

شعرت نيرة بالحزن لأنها لن تتمكن من النزول للبحر والاستمتاع به.. ولاحظ العم غريب هذا فاقترح عليها...
-العم غريب: اصبري شوية يكون الواد سعد رجع مع النفرين اللي هناك دول وأخليه ياخدك في المركب بتاعته
-نيرة وقد أخذت تفكر ملياً فيما يقول: مممم...

العم غريب مطمئناً اياها: متخافيش ده ابني مش حد غريب
-نيرة: اها
-العم غريب: أنا بخليه يطلع مع البنات واللي مش عارف يأدف
-نيرة: طيب.. مافيش مشكلة هستناه
-العم غريب: ماشي يا بنتي
-نيرة: قوليلي يا عم غريب هتاخد كام مني؟

-العم غريب: مش هنختلف ان شاء الله
-نيرة: اوك.. بس ماتخدش مني كتير، أنا اللي معايا يدوب ع الأد
-العم غريب مجاملاً: خليها علينا خالص
-نيرة وهي تشير بيدها: الله يكرمك يا رب، بص أنا هاقعد هناك، ولما هو يجي ناديني يا عم غريب
-العم غريب: ماشي يا بنتي.

توجهت نيرة إلى مكان قريب من القوارب وجلست على الرمال تعبث بها.. كان مروان لا يزال يراقبها من بعيد، واستغل فرصة ابتعادها عن العم غريب وانشغالها في اللعب بالرمال، وتوجه إليه و...
-مروان: سلامو عليكم يا عمنا
-العم غريب: وعليكم السلام، أؤمر
-مروان: الأمر لله.. بقولك ايه يا حاج، هي نيرة بنت عمي كانت عاوزة منك ايه
-العم غريب باستغراب: نيرة مين؟

-مروان وهو يشير إليها بعينيه: البنت اللي أعدة هناك دي
-العم غريب: ايوه ايوه.. دي عاوزة تأجر مركب
-مروان مصدوماً بما سمع: نعم؟ تأجر مركب؟ لوحدها كده اتبهلت دي ولا ايه؟
-العم غريب: ما أنا مرضتش يا بني وقولتلها تصبر لحد ابني سعد ما يرجع ويطلع معاها
-مروان: ممم... طيب ماشي يا نيرة!.

وضع مروان يده على كتف العم غريب وبدأ يعقد معه اتفاقاً ما و..
-مروان: بص يا حاج آآآ...
-العم غريب: محسوبك عمك غريب
-مروان: عاشت الأسامي يا عم غريب
-العم غريب: الله يكرمك يا بني.

-مروان: شوف يا عم غريب أنا عاوزك تأجرلي مركبة حلوة كده ع ذوقك، وهاديك اللي انت عاوزه
-العم غريب: عينيا
-مروان: تسلم.. بس هاطلب منك طلب كده معاه
-العم غريب: خير
-مروان مشدداً: أنا عاوزك تروح لنيرة (بنت عمي) اللي هناك دي الوقتي وتقولها ان المحروس ابنك جه
-العم غريب: هـه.. بس هو مجاش لسه؟

-مروان: ركز معايا يا عم غريب الله يكرمك! انت هاتقولها بس كده.. يعني هتضحك عليها
-العم غريب وهو يوميء برأسه: اهــا.. قولتلي، وبعدين؟
-مروان: وتطلب منها تجي عندك عشان تركب المركب، وهي لما تيجي هنا سيب الباقي عليا
-العم غريب: بس يا بني مافيش مركب ليها وآآآ...
-مروان مقاطعاً: يا عم غريب أنا هأجرلها مركب وهأدف بنفسي، بس هي عشان مخصماني فأنا عاوز أفاجئها وأصالحها
-العم غريب: ممم..

-مروان وهو يحرك يده في الهواء: ادعي ربنا يهديها وتسامحني خلينا نتلم في بيت واحد بدل الشحططة اللي احنا فيها دي
-العم غريب مستفهماً: هو انتو آآآ...؟
-مروان مقاطعاً وموضحاً: احنا في حكم المخطوبين، بس هي معاندة عليا، دماغها حجر ونفسي تحن شوية
-العم غريب: ربنا يهديهالك ويجمعكم مع بعض
-مروان: امين يا رب.. ها اتوكل انت على الله، وأنا مستني هنا
-العم غريب: ماشي يا بني.

اختبيء مروان خلف إحدى القوارب المرابطة أمام الشاطيء منتظراً مجيء نيرة بصحبة العم غريب...

وجدت نيرة عصا صغيرة ملاقاة على الشاطيء فأخذتها وظلت تكتب بها على الرمال، و ترسم أشكالاً مضحكة، ورموزاً مختلفة إلى أن رسمت لا إرادياً قلباً و به سهماً يخترقه من المنتصف، ثم كتبت عند طرفي السهم أول حرف من اسمها، وأول حرف من اسم مروان وظلت تتأمل الرسمة لفترة غير قليلة...

توجه العم غريب إلى نيرة ولمح ما كتبته فابتسم، ثم قاطعها و...
-العم غريب مبتسماً: يا أووستاذة.

اضطربت نيرة لرؤية العم غريب فأسرعت بمحو الرسمة بالعصا، وحاولت أن تبدو هادئة
-نيرة باضطراب: احم.. آآآ... ايوه يا عم غريب
-العم غريب: معلش خضيتك ولا حاجة
-نيرة: لأ أبداً.. ها ابنك مسعد جه؟

-العم غريب: اسمه سعد
-نيرة معتذرة: أها.. سوري، هو جه؟
-العم غريب وهو يشير بيده: اه يا بنتي واقف هناك ومستنيكي
-نيرة وهي تنفض يدها من الرمال: تمام، انا جاية معاك.

نهضت نيرة من مكانها ونفضت نفسها من رمال البحر العالقة بملابسها ثم سارت خلف العم غريب وتوجهت حيث أشار لها...

جلست ندى في الحديقة تستمع بالمناظر الجميلة، بينما انضمت فاطيما إلى مجموعة من الأطفال الصغار لتلعب معهم.. ثم جاء يوسف وجلس بجوار ندى و..
-يوسف: تسمحيلي أقعد جمبي
-ندى بخجل: آآ... اتفضل
-يوسف: شكراً..
-ندى بصوت خافت: العفو.

ظل الاثنين صامتين لعدة لحظات إلى أن قرر يوسف أن يقطعه بـ..
-يوسف وهو يرمقها بتمعن: نــدى أنا كنت عاوز أقولك ع حاجة
-ندى: حاجة ايه
-يوسف: أنا.. انا مش عارف ايه اللي بيحصلي وانتي معايا
-ندى بتوتر: هــه
-يوسف: انتي فيكي حاجة مختلفة عن أي واحدة قبلتها، في حاجة بتشدني ليكي أوي
-ندى: أنا مش حابة انك تـ...

-يوسف مقاطعاً: من فضلك سيبني أكمل كلامي
-ندى: أنا مش قاصدي أقاطعك، بس أنا مش عاوزاك تفضل تجيب مبررات تحاول تقنع بيها نفسك ان اللي عملته ده هو الصح.. الموضوع مش محتاج كل المجهود ده منك، هو مايستهلش
-يوسف: ليه بتقولي كده؟
-ندى: لأني عارفة ان اللي عملته ده عشان تحميني من واحد أقل ما يقال عنه انه وضيع، وانت بدون ذنب جت رجلك في المشكلة دي
-يوسف: بس أنا مبسوط إني آآآ...

حاولت ندى أن تتحدث بتعقل مع يوسف لكي تثنيه عما ينتوي فعله حينما يعود، هي أرادت أن تجعل الصورة واضحة امامه و...
-ندى مقاطعة: أنا عاوزاك تفكر كويس، أنا مش حابة ان قرار خدته في ساعة انفعال يخليك تتضطر انك تجبر نفسك ع حاجات انت مش عاوزها عشان تثبتلي انك أد كلمتك أو وعدك.

-يوسف بإصرار: لأ.. أنا محدش يقدر يجبرني ع حاجة أنا مش عاوزها
-ندى: وانا مش هاكون السبب في انك تشقلب حياتك عشاني.. انت متعرفنيش ويدوب مرة ولا اتنين اللي شوفتني فيهم...
-يوسف: دول عندي كفاية
-ندى: للأسف أنا مش هاقدر أوافق ع انك تظلم نفسك معايا، انت كتر خيرك ع اللي عملته، وأظن الموضوع دلوقتي محدش هــ...

-مايا من بعيد: أجيب ملاية ومخدة عشان تدخلوا هنا؟
-ندى: هــاه
-يوسف وقد نهض من مكانه: مايا، احترمي نفسك شوية
-مايا: أنا برضوه ولا الهانم اللي معاك!
-يوسف بنبرة حادة و قاسية: اخرسي ماتجبيش سيرتها ع لسانك
-مايا: انا مش محتاجة أجيب سيرتها، هي معروفة لوحدها.

نهضت ندى هي الأخرى من مكانها والشعور بالحرج الممزوج بالخزي يعتريها، ثم اتجهت ناحية فاطيما اختها..
-ندى في نفسها: أنا استاهل اللي بيتقال عني، مش بتعلم من غلطي.. لازم أبعد من هنا وخصوصاً عن... عن يوسف!.

أمسك يوسف بذراع مايا والغضب يعتريه، ثم نهرها بكل حدة على ما تقول و..
-يوسف بنظرات حادة وغاضبة: مايـــا، أنا بحـــذرك! انتي متعرفنيش
-مايا: ولا انت تعرف البت دي، دي.. دي بت شمــال!.

لم يشعر يوسف إلا بيده وهي تنزل على وجه مايا صافعاً اياها بقوة و...
-يوسف وهو يصفعها: اخررررررسي... طراااخ
-مايا متآلمة: آآآآه... انت.. انت بتضربني عشانها؟
-يوسف: ايوه، أنا حذرتك كذا مرة، وانتي برضوه مصممة تتكلمي عنها وحش
-مايا: أنا مش هاسكت عن القلم ده يا يوسف، وهدفعها التمن غالي.. وهتشوف!.

ابتعدت مايا وهي تتوعد لندى بالرد المشين على ما فعله يوسف معاها، فهي تظن أن ندى هي السبب وراء هدر كرامتها وإفساد فرصتها في التقرب من يوسف...

بحث يوسف بعينيه عن ندى ولكنه لم يجدها، لقد اختفت ولم يعد لها وجود.. أخذ يسير في اتجاهات متعددة باحثاً عنها، ولكن للأسف كان بحثه هذا دون جدوى..
-يوسف وهو يزفر في ضيق: راحت فين بس؟ دي كانت هنا من ثانية؟ استغفر الله العظيم يا رب، منك لله يا مايا، ده أنا كنت مصدقت انها بتتكلم معايا وكنت هاقنعها.. لا حول ولا قوة إلا بالله...!.

عند البحر
اتجهت نيرة إلى حيث أشار العم غريب، وبحثت بعينيها عن ذاك الصبي المسمى سعد، ولكنها لم تجده، وكانت صدمتها الكبرى حينما التفتت برأسها لتجد مروان واقفاً أمامها حينما نطق باسمها و..
-نيرة بصوت خافت: اومال فين الواد اينه ده؟ هو مش كان قايل انه واقف هنا؟.

-مروان: نيرة!
-نيرة بصدمة: انـــت!
-مروان: ايوه انا
-نيرة: انت ايه اللي جابك هنا؟
-مروان: جاي عشان اتكلم معاكي و... نتحاسب
-نيرة باستهزاء: اها... قولتلي بقى، يبقى اتكلم مع نفسك.

تركت نيرة مروان واقفاً وسارت مبتعدة قليلاً عنه.. وماهي إلى خطوتين سارتهما للامام حتى وجدت ذراع مروان القوية تقبض على ذراعها بقوة و..
-مروان بضيق: أنا مخلصتش كلامي عشان تمشي
-نيرة دون أن تلتفت إليه: يوووه، انا مافيش بيني وبينك حاجة.

ترك مروان ذراع نيرة ثم تحرك ووقف أمامها وبدأ بالحديث
-مروان بثقة: لأ في بينا، ولا نسيتي؟
-نيرة بنظرات كلها تحدي وبرود: الكلام اللي انت قولتله لبابا ده تبله وتشرب مايته، ماشي! أنا مش هخاف منك ولا من عشرة زيك.. واعمل راجل ع حد تاني غيري، فاهم!.

حاول مروان أن يتحكم في أعصابه مع نيرة، فكور قبضتي يده ونظر إليها بنظرات شرسة و..
-مروان بحنق ونظرات نارية: بلاش اسلوب الكلام ده معايا يا نيرة! انتي مش عارفاني
-نيرة باستخفاف: هه.. ولا عاوزة اعرفك!.

ثم سارت نيرة مرة أخرى بعيداً عنه، فلم يكن أمام مروان إلا أن يلقنها درساً بعد أن نجحت في اغاظته..
أسرع مروان خلفها ثم أمسكها من ذراعها بيده، وحملها قسراً فوق كتفه وسار بها ناحية القارب التي استأجرها قبل قليل
-مروان مغتاظاً: مابدهاش يا نيرة!
-نيرة وقد جذبها مروان من ذراعه بقوة: آآآآه.. انت بتعمل ايه.. نزلني.. نزلني، سيبني..!.

لم يعبأ مروان بصرخات نيرة ولا مقاومتها له، حيث استمر في طريقه ناحية القارب.. ظلت نيرة تركل بقدميها ويديها في الهواء، وهو لا يعيرها انتباهه..
-نيرة: اوعى، نزلني! انت مجنووون..
-مروان: هــه.

لقد كان شغله الشاغل هو أن يضعها في القارب الصغير وينطلق بها في البحر.. وبالفعل نجح في هذا، حيث وصل إلى القارب الصغير ثم أنزلها من على كتفه وأنامها بداخل القارب وقيد ذراعيها بحبل صغير كان موجوداً بالقارب، وبعدها قام بدفع القارب بكل قوته لينزل في مياه البحر...
-نيرة وهي تقاومه: وابعد عني، انت عاوز ايه مني
-مروان وهو يقيد يدها: هنتحاسب يا نيرة!.

وما إن لامست المياه القارب الصغير حتى قفز مروان بداخله بكل رشاقة وقوة و... قام بالتجديف بمهارة إلى أن ابتعد عن الشاطيء بمسافة معقولة.

كانت نيرة تحاول جاهدة أن تنهض ولكن عجزت عن هذا بسبب يديها المقيدتين، وبسبب سرعة مروان...

وما إن اطمئن مروان أنه ابتعد عن الشاطيء بالقدر الكافي، حتى بدأ بـ..
-مروان بتحدي: اهوو كده نتحاسب ع رواقة
-نيرة بقلق: انت.. انت عاوز مني ايه؟
-مروان: مش أنا قايلك قبل كده تتكلمي عدل، وتحترمي نفسك وانتي بتتكلمي معايا
-نيرة محاولة أن تبدو شجاعة: يوووه.

-مروان: انا بقى قررت أربيكي ع طريقتي واعرفك ان أنا راجل في كلامي معاكي
-نيرة وقد ارتعدت فرائصها: انت.. انت هاتعمل ايه
-مروان: انا مش هاعمل حاجة، أنا بس هافضل أعد كده معاكي لحد ما يطلع علينا صبح
-نيرة: يعني ايه؟

-مروان: يعني انتي مش هترجعي تاني لاخواتك إلا لما تعرفي غلطتك معايا
-نيرة: بس.. بس
-مروان: بسبسي للصبح،صوتي للفجر، محدش هنا هيسمعك
-نيرة بصوت مرتفع: الحقوووني.. الحقوووني، الواد ده خاطفني
-مروان: كمـــان واد! طيب.

قام مروان بالتجديف أكثر وأكثر داخل مياه البحر.. إلى أن رأت نيرة ان الشاطيء قد ابتعد تماماً عنهما بمسافة كبيرة و..
-نيرة: أنا أسفة.. رجعني معنتش هاقول عنك حاجة تانية
-مروان بعناد: لأ.. انتي غلطتي غلطة ماينفعش تتصلح أبداً
-نيرة: أنا أسفة، أي غلطة ممكن تتصلح
-مروان بغمزة: إلا دي يا نيروو
-نيرة متسائلة: طب انت عاوزني أعملك ايه؟

-مروان: شوفي انتي
-نيرة: يووه
-مروان: اهوو طول ما أنتي كده أنا هافضل معاند عليكي
-نيرة بنفاذ صبر: قولي انت عاوز ايه وخلصني
-مروان بثقة: عاوزك توافقي ع جوازنا
-نيرة بصدمة: نعـــم؟

-مروان: هو أنا مقولتلكيش ان الفكرة شعشعت في دماغي، وقررت أتجوزك ع طول، بلاها خطبة بلاها تعارف.. احنا كده فل أوي مع بعض!
-نيرة: ايييه؟
-مروان: رضيتي بقى ولا مرضتيش أنا هاتجوزك يعني هاتجوزك
-نيرة: مش ممكن
-مروان: وماله، خلينا بقى أعدين هنا لحد ما يبقى ممكن
-نيرة: وأنا مش هوافق.

قام مروان بهز القارب بكل قوة ليترنح من الجانبين، مما جعل نيرة ترتعد كثيراً خاشية أن تغرق خاصة لأنها لا تعرف السباحة
-نيرة برعب: عاا.. انت.. بتعمل ايه، متهزش المركب، احنا كده هنغرق
-مروان: مش مهم، طالما هانكون سوا
-نيرة: انت مجنون.

-مروان: لأ انا مش مجنون، أنا راجل مش واد ولا عيل زي ما قولتي
-نيرة: خلاص انت راجل ونص
-مروان: مش بالكلام يا قطة
-نيرة: اومال بايه
-مروان وهو مستمر في هز القارب: أنا رأيي أقلب المركب أحسن، وأهو يمكن يطلع علينا سمك قرش ولا سمك مسمم يموتنا واحنا سوا
-نيرة برعب: لألألأ.. كفاية هز الله يخليك.

-مروان: مش انتي مش بيهمك حاجة، خايفة من ايه
-نيرة: لألألأ.. أنا أسفة، أنا اسفة، أنا جبانة وبؤ ع الفاضي
-مروان: مم.. كويس، وايه كمان؟
-نيرة: ومقصدش أزعلك
-مروان: حلو، وايه كمان
-نيرة: واني غلطت في حقك وعاوزة أصلح غلطي
-مروان: ممم... بس أنا قولتلك غلطتك دي مش هاتتصلح
-نيرة باستعطاف: الله يخليك سيبني
-مروان: لأ.. أنا الغلطة عندي بجوازة
-نيرة: ايه؟
-مروان: هو كده.

ظلت نيرة تجادل مروان وهو بكل برود مستمر في تحريك القارب مما أصابها بالارهاق والغثيان و..
-نيرة برجــاء: كفاية بقى، تعبت
-مروان: مش قبل ما تسمعيني اللي أنا عاوزه
-نيرة: يوووه، في ايه تاني
-مروان: في أهم حاجة
-نيرة: ايه هي؟

-مروان مكرراً: انك موافقة تتجوزيني
-نيرة بضيق: برضوه
-مروان: ايوه، ولا أقولك احنا نموت سوا أحسن
زاد مروان من حدة اهتزاز القارب، مما دفع نيرة للاستسلام والرضوخ لطلبه الأهم خوفاً على حياتها و..
-نيرة مستسلمة بصوت حاد: خلااااااص موافقة...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة