قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن فصل خاص

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن فصل خاص

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن فصل خاص

تسطح بها يزن على الأرض ليدغدغها بمرح وتختلط صوت ضحكاته الرجولية بضحكاتها الطفولية: مش هسيبك، عشان تبقي ترشيني بالماية تاني وأنا نايم.
علت ضحكاتها أكثر حتى أوشكت على عدم التنفس: خلاص خلاص أسفة يا بابي.
توقف عن دغدغتها ثم أعتدل بها ليجلس على الأريكة الكبيرة وهي على قدمه تهز قدمها بمرح، قبَّل وجنتها المنتفخة والحمراء بشدة، لتتأوه هي بضجر مُحبب لقلبه: براحة يا بابي.

أعاد قبلته ولكن بقبلة أحن، لتبتسم له بطفولية أهلكته، احتضنها بحنان فتلك الطفلة تُقاسم ضحى في الإمتلاك على قلبه، لم يكن يتخيل بأنه سيعيش لحظات كهذه من روعتها، جاءت قصيرته سليطة اللسان لتُغير مجرى حياته كُليًا، وجلبت معها جوهرتين كانا له أغلى ما يملك، (سليم وبيان) أطفاله المشاغبة.
اقترب يزن بحذر من أذن ابنته ثم تحدث بهمس: مين قالك بقا تُرشيني بالماية.

فتحت عيناها على آخرهما ذهول، ثم وضعت يدها على فمها تمنع نفسها من الحديث، لتتحدث من خلف كفها الصغير: مامي قالتلي مقولكش إن هي اللي قالتلي عشان الفتنة حرام يا بابي.
ربت على ظهرها بخفة وهو يُجيبها بسخرية: لأ نبيهة زي مامى يا روح أمك.
ثم وقف بها ليحملها على ذراعه متحدثًا بمكر: تعالي بقا هنعمل حاجة حلوة في مامي.

تشوقت لمعرفة ما سيفعلونه، لذلك انتبهت إلى ما سيُمليه إياها، وبعد إنتهاءه من الحديث أكد عليها بحديثه: وبعد ما تعملي اللي قولتلك عليه، انزلي لتيتا تحت علشان عايزاكِ.
أومأت له بالإيجاب ثم هبطت من على كتفه لتهرول تجاه غرفة آيات حيث تقبع ضحى ليلة أمس بعد ذلك الشجار الذي دار بينهم، وذلك لغيرتها الشديدة والتي زادت في الفترة الأخيرة.
بغرفة آيات القديمة وذلك قبل زواجها من مراد.

تربعت ضحى مكانها على الفراش وأمامها كُلا من آيات ورزان اللاتان تستمعان لتذمرها الغاضب: البت الصفرة الملونة دي أنا كنت متأكدة إنها بتلف عليه، بس أنا مش هسيبها، دا أنتفلها شعرها شعراية شعراية.
قلبت رزان عيناها بملل ثم تحدثت تحاول أن تُهدئ من غضب صديقتها: ما يمكن شغل يا ضحى إيش عرفك انتِ!
هاجت ثورتها لتصرخ بوجهها مما أدي إلى أفزاعها: شغل إيه! بقولك كانت بتقفله زرار القميص، أيه كانت بتعمله قسطرة!

رغمًا عن آيات كادت أن تنفلت ضحكة عالية منها، لكنها عادت لرشدها عندما رأت نظرات ضحى الحادة تُوجَه ناحيتها.
عضت ضحى على يدها وهي تردف بغيظ: آااه لو أطولها بين إيديا. هعمل من شعرها اللي فرحانة بيه دا شرشوبة.
استمعوا إلى طرق الباب ومن بعدها دخول الصغيرة التي هزت ذراعها ببرائة تزامنًا مع حديثها الكاذب الذي أخبرها بها والدها: مامي. في واحدة حلوة جت لبابي وهو قاعد معاها تحت في المكتب.

عم المكان بالصمت، والجميع ينظر لضحى بترقب حَذِر، وقفت من مكانها بهدوء ثم اتجهت ناحية الباب، وقفل أن تخرج التفتت لهم آمرة إياهم بجدية: اطلبوا الإسعاف.
هبطت للأسفل بسرعة خطيرة وعقلها يرسم لها آلاف السينيورهات طرق القتل المتعددة التي قد تقتلهم بها، سترتكب جريمة الآن لا محالة.

فتحت باب المكتب على آخره وعيناها تجول على أرجائه، لكن لم تجد أحد سواه وإبتسامته الماكرة تُزين ثغره، دخلت وأغلقت الباب خلفها ومازالت تواصل عملية البحث عن غريمتها: خبيتها فين! هي فين!
حرك كتفاه بجهل وهو يتحدث ببراءة مصطنعة: هي مين!
وقفت أمامه مباشرة وهي ترفع سبابتها أمام وجهه مردفة بتحذير: يزن متلفش وتدور عليا، فين البت الصفرا اللي كانت هنا!

قبَّل إصبعها الموجه لوجهها ثم أحاط بخصرها وهو يتحدث بهمس مُغدقًا إياها بحديثه المعسول: أنا مش شايف حد هنا غير القمر اللي قدامي.
وللحقيقة كادت أن تنهار مقاومتها، ذلك الماكر الخبيث يعلم كيف يُصيب الهدف في مكانه الصحيح، حاولت أن تُعيد مقاومتها الهاربة أمام سطوته، لذلك حاولت أنتزاع نفسها من بين ذراعيه بعصبية: سيبني. مش هتضحك عليا زي كل مرة. انت مبقتش تحبني وأنا مبقتش فارقة معاك.

سيطرت عليها غصة البكاء في نهاية حديثها، وبَّخ نفسه بشدة لأنه السبب في حزنها، رفع وجهها بيده متشدقًا بعشق يزداد مع مرور السنوات: مبقتيش فارقة معايا! دا انتِ الحاجة الوحيدة الحلوة اللي طلعت بيها بعد سنين عذاب وحزن، انتِ اكتر إنسانة أنا حبيتها في حياتي، دخلتي على قلبي السعادة بعد ما كنت فقدت الأمل، خلتيني أضحك بعد ما كنت حزين وبائس، جبتيلي جوهرتين بقوا أغلى اتنين في حياتي، وفي الآخر تقولي إنك مش فارقة معايا! وبعد السنين دي كلها بيقولك يا ضحايا انتِ الحاجة الوحيدة اللي فارقة معايا.

ادمعت عيناها وهدأ قلبها حزنًا، لكنه زاد صخبًا من حديثه، ثحدثت وكأنها تريد تأكيد حبه لها: يعني أنا مش وحشة ومش هتبص لواحدة تانية غيري!
بسمة صغيرة تشكلت على ثغره أهلكتها: انتِ مالية العين والقلب، مش محتاج أبص لأي واحدة تانية غيرك، لأنهم ببساطة بيكونوا سراب في وجودك.

سعد قلبها كثيرًا من مدحه، وعادت الحيوية لوجهها من حديثه الذي يُصيب قلبها وخصيصًا صميمها، لكنها عادت لتسأله: أمال البنت دي كانت لازقة فيك في المكتب كدا ليه!
برر لها وهو ينتزع حجابها كي تظهر خصلاتها السوداء ثم أرجع خصلتها الشاردة للخلف مُجيبًا إياها بهدوء: مكنتش متوقع إنها تعمل كدا، وبعد ما مشيتي على طول أنا طردتها، كنت بحاول أفهمك دا بس انتِ مكنتيش عايزة تسمعي أنا عايز أقول إيه.

أخفضت رأسها بحرج ثم عضت على شفتيها بحزن: مكنش قصدي بس انا اتضايقت لما شوفتك معاها وهي مقربة منك كدا.
رفع رأسها مجددًا ثم أقترب ليقبل عيناها اليسرى ثم اليمنى، متشدقًا بعشق: متنزليش راسك تاني، انتِ مراتي وليكِ الحق في غيرتك، وأنا مبسوط بدا، متتكسفيش من حاجة هي من حقك.
لم تنتظر لحظة واحدة لإحتضانه، همس له بتأثر باكٍ: أنا بحبك. بحبك أوي.

أحاط بها جيدًا وهو يُشدد من إحتضانه هامسًا بعشق: وانا بموت فيكِ يا أغلى من عمري كله.
ابتعد عنها بعض السنتيمترات ليروي ظمأه الذي حرمته منها ليلة أمس، لكن ولسوء حظهم دخلت عليهم تلك الصغيرة فجأة دون أن تطرق الباب، لتبتعد ضحى عنه بفزع، بينما هو نظر لإبنته بضجر جاززًا على أسنانه بغضب: إيه اللي جابك!
نظرت لهم بيان بشك مغمضة عيناها قليلًا لتبدو كالمحققين: كنتوا بتعملوا إيه يا بابي!

تشكلت إبتسامة صفراء على ثغره وهو يُجيبها: ولا حاجة يا قلب بابي.
هرولت الصغيرة للأريكة لتجلس عليها ثم نظرت لهم متحدثة بسماجة لا تليق بعمرها: ماشي وأنا هقعد معاكم.

كاد يزن أن يُطلق سبة نابية لكنه تحكم في أعصابه حتى لا يقتل طفلته الحبيبة، ذهب ليجلس جانبها ومن الناحية الأخرى جلست ضحى، ظلوا جالسين بعض الوقت هكذا دون التحدث، ظن بأنها ستمل لكنها كانت كالعلكة، لذلك تحدث بإستنكار وهو يربت على قدمها: منورة والله بس تاتا بتنادي عليكِ.
ربعت يدها ثم استندت بظهرها للخلف وهي تهز رأسها بالنفي: لأ انا مش سمعتها.

فُتح الباب مرة أخري ليدلف ذلك الصبي الذي يبلغ من العمر سبع سنوات دون أن يطرق الباب هو الآخر، ليصرخ يزن بنفاذ صبر: هي التربية معدتش على بيت أبوك انت وهي!
جلس سليم بجانب ضحى ثم قبلها من وجنتها: مالك يا بابا متعصب ليه!

غضب من بروده والذي يشبهه بدرجة كبيرة، تعاطف مع الجميع لتحملهم لتصرفاته الباردة، ليأتي سليم ويجعله يعيش بنفس المعاناة التي عاناها الجميع، ضحك داخله بسخرية، ف سليم ابنه يأخذ كل صفاته تقريبًا، السيئة والجيدة، لذلك كان هو أقرب له من الجميع، فهو يعلم ما يدور داخل عقله.
تحدث يزن بإستنكار وهو ينظر لإبنه: وانت ملكش غير أمك بس عشان تبوسها! ملكش أب مثلًا!

ذهب إليه سليم مسرعًا ليحتضن أباه الحبيب ثم قبله بحب من كلتا وجنتاه، ليحتضنه يزن بقوة هو الآخر وهو يربت على ظهره بحنان.
نظر يزن لعائلته بفرحة عارمة، فها هو بعد كل تلك الصعوبات والأزمات التي واجهها، استطاع أن يُشيد مملكة الحب الصغيرة الخاصة به وبعائلته، يعطيهم من الحنان ما يكفي العالم بأسره، وهم كذلك ممتنون لوالدهم لإغداقهم بالحب الشديد.

بدأ يزن بدغدغة سليم الذي لم ينال قسطه من الضحك اليوم، لتُشاركه بيان في ذلك وكذلك ضحى، لتعلو ضحكاتهم المكان، وصوت الصرخات السعيدة يملأ الأرجاء، ويُسجل التاريخ أيامهم المليئة بالسعادة للمرة التي لا تُعد، لحظات مليئة بالحب، بالود، بالتفاهم، لتُبني مملكة يصعب فكاكها، مملكة بُنيت بكل ضحكة سعيدة، وصرخة فرحة، مملكة الراوي.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة