قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس والعشرون

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس والعشرون

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس والعشرون

تراجعت للخلف وسط صدمتها مما سمعت، باتت تشهق بطريقه هيستيريه، وهنا تناست تماماً امر الدرج لتهوي قدمها وسط صرخات نيره وهي تهرول مُحاوله اللحاق بها...
حاسبي يا يا سمين.
تعرقلت ياسمين في تلك اللحظه بطرف الدرج ليبدأ جسدها في التقلُب بين الدرجات الرُخاميه وسط تغيُبها عن العالم نهائياً حيث إرتطمت رأسها بشده...

أخيراً تمكنت نيره من الامساك بها، قبل أن تتخطي درجات السلم جميعها وما أن إحتضنتها ورأت الدم يسيل من جبينها حتى أخذت تصرُخ في ذُعر...
ماما الحقيني، الحقوني بسرعه.
هرولت السيده كوثر ناحيه الدرج وما أن رأت ياسمين علي تلك الحاله حتى لطمت صدرها في صدمه.
ياسمين مالها! إلحقنا يا حمزه!
قطع حديثه، صوت والدته ليقوم بإلقاء الهاتف أرضاً ثم يتجه مُسرعاً، مُستجيباً لصرخات والدته المُدويه.

وقف إينذاك علي هاويه الدرج، ينظر لتلك الجُثه الهامده بين يدي والدته وشقيقته والدماء تحاوطهما بكثافه، إنتابه شعور (خارج نطاق الشعور)، بمعني ادق اللا وعي.
ظلت السيده كوثر تصرُخ به في إنهيار بينما افاق مُجدداً وخطي خُطوات سريعه نحو زوجته وهو يهتف في صدمه...
أيه اللي حصلها!
نيره بعدوانيه: إنت السبب. أكيد عملتلها حاجه، وخليتها تقع من علي السلم.
حمزه بصريخ: إنتِ مجنونه!

كوثر مُتدخله بإختناق: كفايه بقا، ارحموني. البنت هتروح مننا.
علي الفور إنحني حمزه بجذعه للأمام ومن ثم إلتقطها بين ذراعيه ليُفاجأ بقطرات الدماء تنبعث من أسفل ثيابها...
شهقت السيده كوثر في فزع وبعدها حست ابنها علي الذهاب، الذي وقف شارداً لبعض الوقت امام قطرات الدماء وهي تُردد...
إنت لسه واقف تتفرج يا حمزه!
حمزه وقد تساقطت بعض قطرات الدموع من مُقلتيه: ابني!

نيره بتهكم: إنت لسه فاكر، إن ليك ابن ماكملش شهور بيكبر في بطنها. أفتكرت دا بعد ما خسرته، مش هسامحك لو ياسمين جرالها حاجه.
إنطلق حمزه مُسرعاً خارج القصر، غير مُبالياً لحديث شقيقته الذي ينبعث اثر خوفها الشديد علي صديقتها...
قام حمزه بوضعها داخل السياره ثم إنطلق بها إلى المشفي الخاص بعائله الشيخ...

محمد يا جيار. إنت ما بقيتش عاجبني، وصحتك مش ولابد الايام دي. إنت مُصر تزعلني منك.
أردف ياسين بتلك الكلمات في حين تابع السيد محمد مُردداً في وقار.
بشوف احلام غريبه اوي يابني، ورغم إني ما شوفتش وش بنت عمك، وكمان عرفتها بالصدفه من اسمها، بس حاسس إنها مهمومه أوي ومحتاجاني. انا تعبت ادور عليها.
ياسين بتفهُم: ربنا يخفف كربها، ويبعد عنها الشر. ادعيلها يا حج، بس بكفايه كدا تيجي علي صحتك.

محمد بترجي رافعاً يده للسماء: يارب هون، وابعد عن قلبها الحُزن والغم.
في تلك اللحظه شرد ياسين لوجه والده المهموم ثم تابع مُحدثاً نفسه...
لازم يا ياسين تدور بنفسك، علي بنت عمك. أبوك لما بيحس بحاجه، بيكون احساسه في محله. جيب العواقب سليمه يارب.

أنا هوديك في داهيه يا نصاب، بقي هو دا العمل بتاعك. اخره تأثيره البنت تكون حامل.
أردفت سندرا بتلك الكلمات وهي تستشيط غضباً أثناء جلوسها بصحبه الدجال في حين تابع هو مُردداً بصرامه...
ما قولتلك العمل ما لحقش يجيب نتيجه.
سندرا بغيظ: وهي النتايج بتاعته دي، ناويه تظهر لما يخلفوا اورطه عيال!
الدجال بضيق: لو ماصبرتيش، هوقف مفعول العمل.

سندرا بغيظ وهي تنهض عن مقعدها: تمام هصبر ولحد ما نتيجه العمل دي تظهر مش هتشوف ولا مليم.

قام الأطباء بوضعها علي العربه المُتنقله ومن ثم تحويلها مُباشره إلى غرفه الطواريء، لينظر هو ناحيه باب الغرفه أثناء غلقه، مُردداً...
ما تسيبينيش يا ياسمين. انا عارف إني مش ههون عليكي وهتخلي بالك من ابني.

تجددت قطرات الدموع علي خده تلقائياً وبعدها جلس في زاويا بالقرب من غرفه العمليات، مُنتظراً عودتها له سالمه من جديد. ولكن السؤال هنا، عندما يُجرح الإنسان من منبع ثقته، يُسامح داهساً علي جرحه العميق، ام يتخذ من جرحه بدايه قوه للوقوف امام ما كانت تُدعي بمنبع ثقته، التي تهدمت حرفياً نصب اعينه؟!، تختلف ردود افعالنا، تبعاً لشخصياتنا، ولكن نعم حُسن الإعتقاد بأن كل ضائقه من الله، تحمل في طياتها بذور للخير والامل...

في تلك اللحظه وصلت السيده دعاء وابنها بصحبه رنيم، فور سماعهم بالحادثه، وما أن رأت رنيم السيده كوثر حتى تابعت ببكاء مرير...
اختي فين!، وعملتوا فيها ايه!
كوثر بإشفاق علي حالها: في اوضه العمليات. ادعولها يا جماعه.
دعاء بحزن: ممكن تفهميني اللي حصل!
كوثر وهي تبتلع ريقها: وقعت من علي السلم.
رنيم فاغره فاهها في صدمه: والبيبي!
كوثر بحزن: مش عارفين حاجه لحد دلوقتي.

وهنا إقترب هشام حيث يجلس حمزه وبعدها تابع بنبرآت حزينه.
خليك قوي يا حمزه، وربنا يقومها بالسلامه.
جلس هشام أرضاً بجوار حمزه بينما تابع حمزه في شرود...
طولوا أوي جوا. انا هموت من الانتظار. خايف أخسرها يا هشام.
هشام بإستغراب: تخسرها ليه! هو إنت ليك علاقه ب اللي حصلها!
حمزه بصرامه: انا مش فاهم واحده زي دي تتعذب ليه في حياتها! ربنا يبتليها بواحد زيي ليه!

هشام وهو يربُت علي كتفه: إحنا لينا كلام. بس لما ياسمين تقوم بالسلامه، لان الموضوع شكله كبير.
مر أكثر من ساعتين ومازلت ياسمين بغرفه العمليات، وما أن ترجل الطبيب خارج الغرفه حتى نهض حمزه في لهفه ناظراً للطبيب، دون سؤال خشيتاً من أن يستقبل ما لا يستطع تحمله.
هشام بقلق: خير يا دكتور!

الطبيب برزانه: الحمدلله حاله المريضه مُستقره جداً ومفيش اي خطوره علي حياتها وفي غضون ساعتين هتفوق، وهنستقبلها هنا كام يوم مش اكتر.
تنهد حمزه أخيراً بأريحيه غير مُسبق ذكرها في خلال الساعات الماضيه، وبعدها أسند ظهره إلى الحائط وهو يهتف بهدوء...
الحمدلله
وهنا تابعت نيره بلهفه: طيب والبيبي!
الطبيب بأسف: للاسف، فقدنا الجنين، لان هي أجهضت فعلياً قبل ما توصل للمستشفي.

رنيم بإرتياح: الاهم انها بخير. وربنا يعوضها.

يعني ماتت ولا لا!
أردف قاسم بتلك الكلمات وهو يتلهف لسماع مُبتغاه أثناء مُحادثته لاحد رجاله هاتفياً، بينما تابع الرجل قائلاً...
لا يا باشا. البنت كويسه، بس كانت حامل وسقطت.
قاسم بغيظ: ما كانت ماتت معاه وريحتنا من الدوخه دي. المهم قولي بعتت الصحافه زي ما قولتلك.
المُتصل بتأكيد: كُل اللي طلبته، تم يا فندم.
قاسم بخُبث: حلو اوي. انا قررت اغير الخطه. واخلص منها نهائي.

اجهضت! إنتِ بتتكلمي جد يا انطي!
أردفت سندرا بتلك الكلمات في سعاده شديده وهي تقفز من فرط سعادتها بينما تابعت عاليه بفرحه...
العمل، بدأ ياخد مفعوله. من جهه حمزه بيقرب منك. ومن جهه تانيه، إنتِ كدا قطعتي الخيط الضعيف اللي بيربط بينهم.
سندرا بسعاده أكثر: مكنتش مُتخيله، إن مخططنا هينجح بالسرعه دي.
عاليه بخبث: فين مكافأتي بقا، دا انا اللي رسمت المخطط كله.

سندرا وهي تقبل الهاتف: بس كدا. دا إنتِ ليكي عندي احلي سهره في النادي لوش الصبح.

حل الليل سريعاً
إلتف الجميع حولها، فرحين بعودتها بينهم سالمه وهنا قامت نيره بإحتضانها في إشتياق مُردده.
حمدلله علي سلامتك يا ست الكُل.
ياسمين بوهن: الله يسلمك يا نيره.
رنيم وهي تجلس من الجهه الاخرى: كدا الجميل، يقلقنا عليه!
باغتتها ياسمين بإبتسامه هادئه دون إن تتفوه بكلمه، بينما تابعت السيده كوثر بهدوء...
أنا من رأيي. كلكم ترجعوا البيت وانا هفضل معاها، علشان نسيبها تستريح.

نيره بإعتراض: لا طبعاً انا مش متحركه من جنبها. تقدروا تروحوا إنتوا.
رنيم بنفي: لا انا هفضل معاها.
دعاء مقاطعه: لا يا رنيم علشان اللي في بطنك، وكمان جويريه زمانها مجننه الداده في الفيلا.
قطع مُناقشتهم صوته ذو النبره الصارمه هاتفاً.
مراتي مش محتاجه حد جنبها، طول ما انا موجود.
رمقته ياسمين بأسف ونظرات لوم لاحظها حمزه بوضوح وبعدها أخفضت بصرها أرضاً، فلم يعُد وجوده يُثير اهتمامها.

نيره بإصرار: قولت مش هسيبها وأمشي.
كوثر بتفهم: خلاص تمام، حمزه ونيره هيكونوا مع ياسمين.
استقر الجميع علي قرار السيده كوثر الأخير وبعدها إنطلق الجميع عائدين إلى منازلهم...
وهنا إقترب حمزه أكثر منها وبعدها جلس إلى طرف الفراش وهو يهتف بحزن.
ياسمين أنا عارف إن خسارتك للطفل وجعاكي. بس ممكن تقوليلي وقعتي أزاي من علي السلم!

ثبتت ياسمين بصرها امام عينيه مُباشره وكأنها وجدتها فرصتها الاخيره ويجب إقتناصها وبالفعل تماسكت ياسمين بدرجه كبيره ثم تابعت في إختناق والدموع تتساقط من عينيها.

لا انا مش زعلانه خالص، ولا حتى موجوعه. إني خسرت طفل منك. علشان الطفل دا كان هيتعذب بيننا كتير، كان هيكبر وهو شايف باباه رافضه طول الوقت، علشان جه غلطه ومن طفله زي ما بتقول، ربنا اراد كدا يا استاذ حمزه وصدقني مش زعلانه وعسي أن تكرهوا شيء وهو خير لكم.
حمزه وهو يمسك كفها بثبات: داري دموعك يا ياسمين وبعدين اكذبي وقولي انك مش موجوعه.

ياسمين بتهكم: ما انا طول عمري بداريها وراضيه باللي ربنا كاتبهولي والحمدلله. مره وخانتني ونزلت، عديها يا استاذ حمزه.
حمزه بإستغراب: ياسمين إنتِ بتتكلمي كدا ليه!

ياسمين بثبات أكثر: هنصحك، نصيحه لوجه الله، صدقني النصيحه مش علشاني، لان اللي بينا إتهد وماعادش ينفع وبكدا أكون ريحتك. لكن لازم تفصل بين شغلك وحياتك العمليه وبين البني ادمه اللي إختارتها تكون اسيره بيتك، لازم تراعي مشاعر زوجتك حتى لو كانت مفروضه عليك. اوقات اللي اتفرض عليك، بيكون ربنا مقدرهولك علشان فيه كُل الخير. رفقاً بالقوارير، رفقاً بيهم يا حمزه. دا الرسول ذات نفسه نصحك بدا. الرسول ما شبهش المرأه بالقاروره من فراغ. قاروره يعني لو اتكسرت صعب بتتهشم ميت حته وصعب ترجعها زي ما كانت، يعني الرسول في الحديث نهي عن استخدام العُنف ضد المرأه بدون جدال. مش شرط عنف جسدي، ممكن يكون نفسي ويكون هنا أقوي ولو جيت تعالجها من الناحيه النفسيه، هتعرف إن الكلمه الطيبه صدقه، ولازم تفهم كمان إن كل قاروره بتختلف في نوعها، في اللي لو اتكسرت بتصدر صوت خفيف جداً، رغم عُمق الجرح بس إنت ما حسيتش بيه، علشان دي سجيه المرأه، ضعيفه حتى في كسرتها، وفي اللي لو اتكسرت من شده صوتها، بتقلق بس هي ساعتها مش هتعتبرك شيء في حياتها، هترقع جروحها منك وتكمل، بس للأسف في الحالتين إنت خسرتها. شُبهت بالقاروره علشان رقيقه جداً ماينفعش استخدام العنف معاها، وعلشان وقت ما تستخدمه وتندم علي دا، يكون صعب تداوي الاجزاء المهشمه فيها.

وحاجه كمان يا استاذ حمزه، رفقاً بالقوارير، علشان تلاقي اللي يفهم كلام الرسول دا كويس وينفذه مع امك واختك وبنتك فيما بعد، لكن الرسول ما يقصدش بيه، إنك تهدم اللي ليك وترفُق وتشيل القوارير اللي برا بيتك. فهمت النصيحه!
حمزه مُضيقاً عينيه وقد فهم ما تُشير له: علي فكره، إنتِ فاهمه غلط.

ياسمين وهي تشيح بوجهها بعيداً عنه: مش عاوزه افهم اي حاجه. كُل اللي عوزاه، إنك تبعد عني نهائياً وفتره وجودي في المستشفي، اتمني ما شوفكش فيها. انا اتعلمت منك كتير يا حمزه، اتمني تكون اتعلمت مني اي حاجه، بس ما ظنش، لان انا المفروضه عليك، وماصدقت تخلص مني، هتفتكرلي اي حاجه ليه!
حمزه بضيق: ياسمين إنتِ لازم تسمعيني.

أجهشت ياسمين بالبكاء في تلك اللحظه وهي تضع يدها علي فمها في تأوه بينما تابعت نيره بنبرآت أشبه للبُكاء...
أمشي بقا يا حمزه من هنا دلوقت.
حمزه بلهفه: طيب إقنعيها تسمعني يا نيره.
نيره وهي تصطحبه خارج الغُرفه: أرجع للقصر يا حمزه. وابقي تعالي تاني لما تهدي.
مسح حمزه علي وجهه في إختناق وبعدها القي نظره أخيره علي ملامحها الباهته وترجل مُسرعاً خارج المشفي...

أيه يابني، اديلي ساعه بنادي عليك. مستعجل كدا ليه! واخوك قافل فونه ليه!
أردف وائل بتلك الكلمات في ضيق بينما اكمل نادر حديثه وهو يتقدم بخُطوات سريعه ناحيه بوابه النادي...
مش عارف حمزه قافل فونه ليه. بس انا لسه عارف من امي. إن ياسمين في المستشفي.
وائل بقلق: خير إن شاء الله.
نادر بقلق اكثر: لسه مش عارف تفاصيل. خير يارب.

قاد سيارته بسرعه رهيبه ويتردد حديثها علي مسامعه، فقد اشتم رائحه الكراهيه تجاهه في حديثها، أيُعقل أن تكون ذات القلب الملائكي علي علم بمفهوم الكراهيه؟!، ولكن ما اقلقه جديتها أثناء حديثها، كيف لها أن تتركه بعد أن بات في عشقها صريع، فقد اعترف داخل نفسه بمدي انانيته في امتلاكها دون تقديم القليل لها، بينما تمسكت هي، به حتى تجرحت يداها من شده احكام قبضتها...

وصل حمزه بسيارته داخل القصر وبعدها دلف إلى غرفتها مُباشره وقام بفتح خزانته وأمسك بالدفتر مُجدداً، وهنا قام بفتحه من المُنتصف ليلمح اسمه مُدوناً في نهايه الصفحه...
بدأ الفضول يأخذه لقراءه السطور اولها ومن انا بدأ حتى ردد بنبرآت مُختنقه ما دون بالداخل...

لا يكفيني أن تكون زوجي في علاقتنا، إما ان تكون صديقي الحميم، مُستمع لأحاديثي البلهاء من وجهه نظرك، مشاركاً لافعالي الجنونيه في حياه مليئه بالروتين، سنداً لي في حياه مليئه بالخذلان بل مُكملاً ل علاقتنا في الجنه ك أجمل زوجين، مُسانداً لمشوار طريقي بإنكساراته او لا تكون.
عذراً سيدي لا ارغب بك في حياتي البته. لان ما بقي مني، لن يُرمم ما قمت بهدمه، ف وداعاً قائماً لا مُحال.
#مجهولاً بات وهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة