قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل الثالث عشر

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل الثالث عشر

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل الثالث عشر

بدأ المُشعوذ يلوح برأسه يميناً ويساراً وهو يهتف بكلمات غير واضحه بالمره ولكنها تصدُر ضجيجاً في انحاء هذا القبو الكبير...
الدجال بنبرآت آمره: تجيبيلي حاجه من ريحته، بس شرط تكون ملموسه. مفهوم!
إنكمش الثلاثه علي أنفسهم وقد تسلق الرعب داخلهم وبدي في نظراتهم لهذا الشيطان وسرعان ما رددت عاليه بصوتاً مبحوحاً...
حاضر. حاضر، كمان يومين وهكون جبتلك اللي إنت عاوزه.
الدجال بنبرآت صارمه: تقدروا تتفضلوا.

سندرا برعب: يلا بسرعه نمشي من هنا.
دولت وهي توميء برأسها فزعاً: وانا رأيي كدا بردو.
ترجل الثلاثه خارج هذا القبو الشبه مُعتم واضعين أيديهم علي قلوبهم. وما أن أصبحوا بالخارج، حتى تنفست عاليه الصعداء وهي تتابع بإرتياح...
تفتكري الراجل اللي جوا دا. هيقدر يجيبهولنا!
دولت بخوف: انا من رأيي نصرف نظر عن الموضوع دا. ما الشاب اتجوز وخلاص.!

سندرا بإعتراض صارخ: لا هنكمل مع الراجل دا للنهايه ومش هسيب حاجه ليا، لأي حد.

ترجلت خارج المرحاض لتجده متسطحاً علي الفراش وهو يُدندن بصوتاً خافتاً. بينما عدلت هي من وضع حجابها وتابعت قائله...
احم. مش يلا نصلي!
إلتفت حمزه لها في إعجاب قائلاً وهو يضع كلا ذراعيه أسفل رقبته...
ما تحلفي بقا إن إنتِ الحسنايه المُتنقله.
ياسمين بغيظ: بما إنك هتهزر تاني. ف اصلي انا أحسن.
حمزه وهو ينهض من الفراش مُسرعاً: لا والله ما حد مصلي بيكي غيري.
ياسمين بإبتسامه هادئه: طيب يلا بينا.

في تلك اللحظه قام حمزه بوضع سجاده الصلاه ومن ثم وقف خاشعاً، لتقوم هي بالوقوف خلفه مُباشره، وهنا أحست شعوراً غير مألوفاً بالنسبه لها مُنذ وفاه والدها. الأمان، السكينه، الطمأنينه. لم تستطع تصنيفه بعد ولكنها كلما كانت المسافه بينهما أقل، كلما أحست بشيئاً من الحب قذفه الله في قلبها تجاه هذا الغريب عنها، الذي تحول لوهله قُره عيناً لها في هذه الدنيا...
رفع حمزه يديه بادئاً صلاته في خشوع تام وهو يُردد.

الله اكبر.
بدأ يُرتل حمزه القرءان بصوته العذب وهي تستمع له بجسداً مُقشعر من فرط الخشوع وما هي إلا ثوان معدوده لتجد الدموع تنهمر من عينيها كالسيل بعد أعوام من الجفاف...
بعد مرور دقائق ليست بقليله، جفت الدموع من عينيها حتى لايعلم بها زوجها وما أن أنهي صلاته بها حتى إلتفت ناحيتها مُردداً بصوتاً حانياً.
تقبل الله.
ياسمين بهدوء: منا ومنكم يارب.
حمزه رافعاً أحد حاجبيه: إنتِ كُنتِ بتعيطي!

رفعت ياسمين عينيها إليه في ذهول، وكانت هذه المره الأولي التي تنظر إلى عينيه مُباشره قائله بنبرآت مُتلعثمه...
لا. ليه بتقول كدا!
حمزه بخُبث: لو مش عينيكي بتلمع وانا ملاحظ دا. ولو مش صوتك نبرته اتغيرت وانا بردو لاحظت دا. ف احساسي مش بيكذب.
ياسمين بتوتر وهي تبعد عينيها عنه وتنهض من مكانها علي الفور...
لا انا كويسه الحمدلله.
إتجهت ياسمين ناحيه باب الغرفه علي الفور بينما اوقفها حمزه مُتسائلاً.

إنتِ رايحه فين يا ياسمين!
ياسمين بهدوء: هنام عند نيره. علشان تقدر تاخد راحتك.
حمزه بضيق: طيب ممكن تيجي تقعدي قدامي هنا شويه!
ياسمين بإستغراب: ليه!
حمزه مُكملاً: بس تعالي يلا. مش المفروض إني جوزك وكلمتي مسموعه!
إنصاعت ياسمين لحديثه ومن ثم جلست القرفصاء أمامه مُباشره...
قام حمزه بإلتقاط أصابعها في هدوء وسط ذهولها ونظراتها المُتسائله له في حين تابع هو بإبتسامه مرحه.

ما تستغربيش، هسبح علي إيدك علشان ناخد الأجر سوا.
ياسمين بخفوت: إن شاء الله.
بدأ حمزه بالتسبيح علي أصابعها الصغيره، بينما أبعدت هي عينيها عنه وما أن إنتهي حتى نهضت من أمامه في خجل.
حمزه مُنادياً عليها: ياسمين!
إلتفتت ياسمين له من جديد وهي تنظُر له دون أن تتفوه بكلمه في حين تابع قائلاً.

أنا عاوزك تتعاملي معايا عادي جداً. وانا اوعدك إني مش هحاول اضايقك وهكون عند وعدي ليكي. ومتقلقيش لأنك في نظري طفله صغيره.
رمقته ياسمين بنظرات حزينه، ف هي تبغض تلك الكلمه كثيراً وتري انها أكبر من وصفها ب صغيره...
ياسمين بضيق: بس انا مش صُغيره أبداً.
أنهت ياسمين جُملتها ثم إتجهت مُسرعه إلى غرفه نيره...
علي الجانب الأخر.

إنتهت مراسم الزفاف والمُباركات، وذهب الجميع إلى بيوتهم وهنا جلست السيده دعاء إلى أحد المقاعد بغرفه الصالون مُحدثه زوجها...
مالك يا قاسم، حاسه أنك مش مبسوط!
رمقها قاسم بنظرات بارده ومن ثم نهض من المقعد وهو يتجه ناحيه باب غرفه الصالون قائلاً...
عندي شويه شغل في الشركه، هخلصه وراجع.
دعاء ببرود: اوكيه. تيجي بالسلامه.

نيره إفتحي! إنتِ نمتي!
أردفت ياسمين بتلك الكلمات وهي تطرُق علي باب الغرفه في خفه في حين إستيقظت نيره من نومها في فزع وهي تُهرول ناحيه الباب وتقوم بفتحه...
ياسمين! في أيه يا حبيبتي هو حمزه زعلك!
ياسمين بتلعثم: لا خالص. بس هو انا ممكن انام عندك.
نيره بصدمه: ها! دا اللي هو أزاي!
ياسمين بحزن: ايه مش هينفع!
نيره بصدمه اكثر: لا طبعا هينفع. ادخلي وفهميني في أيه!

دلفت ياسمين داخل الغرفه وهي تتجه ناحيه الفراش ومن ثم تجلس إلى طرفه قائله.
ياريت يكون سر بيننا يا نيره. ممكن!
نيره بقلق: ممكن. قوليلي في ايه، قلقتيني بقا!
ياسمين مُكمله: انا وحمزه. مش هنتجوز بالمعني الفعلي. هو بس قرر يساعدني. ودا ماكنش هينفع من غير جواز.
نيره قاطبه حاجبيها: يساعدك في أيه!
ياسمين بحزن: انه يساعدني أدير املاكي في الشركه، ويخلصني من عمو قاسم وتهديداته.
نيره بذهول: بيهددك أزاي يعني!

ياسمين وهي تنظُر لها بكسره: حاول يقلعني النقاب واللبس بالعافيه. وكان عاوزني أشتغل موديل في الشركه وأعرض اللبس في عروض الأزياء اللي بيعملوها.
نيره فاغره فاهها: يا ماشاء الله. كل دا يطلع منك يا قاسم يا طوخي! طيب وفيها ايه لما يساعدك وإنتِ مراته وام عياله كمان.
ياسمين بنبرآت أشبه للبُكاء: هو طلب انه يساعدني للسبب دا وبس، يعني مش عاوز وجودنا مع بعض.
نيره بترقُب: بس إنتِ عاوزه!

أجهشت ياسمين بالبكاء في تلك اللحظه وهي تُتابع بشهقات مُتقطعه.
أنا عوزاه يفضل موجود معايا، علشان بحس بالامان جنبه.
أسرعت نيره بإحتضانها علي الفور وهي تربُت علي كتفها في حنو مُردده.
طيب أهدي يا حبيبتي. وكل حاجه هتتحل.
ياسمين وهي تمسح الدموع بظهر كفها ك كالأطفال: ممكن تستضيفيني في أوضتك. لحد ما الفتره دي تنتهي!
نيره وهي تبتعد عنها قليلاً: مفيش الكلام دا. انا هستضيفك عندي كام يوم وبس. أساليني ليه!

ياسمين بحزن: ليه!
نيره بخُبث: علشان الزوجه المُطيعه، اللي بتحب جوزها بجد. ما تتخلاش عنه علشان إتفاق مالهوش أي لازمه. كُنت ممكن اقولك تمام هتفضلي معايا لما قراركم يقرب نهايته ولكن إنتِ بتحبي حمزه يا ياسمين. ولا غلطانه في كلامي!
ياسمين بهدوء: لا مش غلطانه.
نيره مُكمله: طيب يبقي لازم تسعي إنك تقربي جوزك منك. وتحتويه علشان لما تقوليله نبعد. هو اللي يرفض ويقرر بيكِ يكمل طريقه للأخر وتكونوا في الجنه سوا.

ياسمين بألم: بس دا بيقول عني صُغيره. يعني مقرر إن أنا بالنسباله طفله!
نيره بسعاده هادئه: وماله. مش إنتِ بنفسك قولتيلي الرسول كان متجوز السيده عائشه وهي طفله. إقتدوا بالرسول هترتاحوا. وما تسمحيش أن الشيطان يدخل بينك إنتِ وحلالك. يا بختك حبيتي حلالك يا.

ياسمين. قدرتي تحصني قلبك جواكي زي القلعه اللي حواليها اسوار كتير، وكمان اسوار من رضا ربنا عليكِ واحساسه بأنك محتاجه الحُب دا، وعلشان إنتِ طيبه رزقك باللي طيب زيك، مش زيي وزي بنات كتير، قدمنا قلوبنا هديه ل مُقاتل بارع في لفت أنظارنا علشان نعمل معاه هُدنه وميكونش للخيانه مكان وفجأه ياخد القلب دا ويستخدمه سلاح ضدنا ويُنقض الهُدنه بدم بارد، وفي نهايه المطاف بأقل رمح موجود معاه وبيصوب في مُنتصف هذا القلب الجريح، ليلفُظ أنفاسه الأخيره، للأسف.

ياسمين بحزن: إنتِ حبيتي قبل كدا.
نيره وهي توميء برأسها إيجاباً: بالظبط. بس بتعلم منك. وبتأثر بيكي جداً وانا واثقه إني لو قلدتك، هرتاح في حياتي جداً. بس نصيحه مني. قربي من حمزه ما تبعديش أبداً. حمزه المسؤليه زودت سنه لسنون. ونسي عمره الحقيقي. ف علشان كدا ممكن يكون مش مُدرك إن فرق السن بينكم شائع جداً بين أي زوجين.
ياسمين بثبات: تمام. وإن شاء الله، هعمل بنصيحتك.

نيره ب إعجاب: تمام. تقدري تباتي معايا النهاردا يا ياسو الحلوه.
ياسمين بتساؤل فضولي: تفتكري حمزه نام دلوقتي!
نيره بضحك: طيب ما تروحي تتطمني عليه بنفسك.
ياسمين بتوتر: لا لا. بكرا بقا.

قامت بفتح باب الحجره في هدوء ومن ثم إتجهت ناحيه فراش والدتها وهي تُردد بنبرآت باكيه...
ماما!
فتحت رنيم عينيها وهي تنظُر إلى صغيرتها في قلق أثناء جلستها علي الفراش...
مالك يا حبيبتي!
جويريه ببكاء: عاوزه خالتو ياسمين. علشان تنام جنبي.
رنيم وهي تحتضنها في حنو: هنروح لها بكرا يا قلبي.
جويريه بحزن: وليه مش نروح دلوقتي!
رنيم بهدوء: علشان زمانها نامت دلوقتي.
جويريه بهدوء: ماشي، بس وعد!
رنيم بحنو: وعد.

إبتسمت رنيم لابنتها وهنا قامت بإحتضانها وهي تدثرها في الفراش بجانبها...

يعني أيه يا غبي، مش قادر توصل للتصاميم خالص!
أردف قاسم بتلك الكلمات في عصبيه وهو يجلس إلى مكتبه داخل الشركه، بينما أكمل هذا الشاب في اوائل العشرين عاماً قائلاً بتوتر...
يا قاسم باشا. انا خليت العامل الخاص بنظافه مكتب المدير بنفسه يدورلي علي ملف التصاميم، بس ملقاش حاجه.
قاسم بغضب: علشان هو مُتخلف زيك وجاهل. هو يعني هيعرف التصاميم الخاصه بالعرض منين.
الشاب بتوتر: ما هوو و و...

قاسم مُقاطعاً بصرامه: ولا كلمه. إتفضل اطلع برا.
إنصاع الشاب لحديث قاسم الطوخي، بينما تابع قاسم مُحدثاً نفسه...
يعني أنا مش هقدر اوصل لتصاميم الشركه المُنافسه! بس هحاول تاني، لازم تصاميمنا تكون الأقوي ومُختلفه عن أي تصميم منهم.

في صباح اليوم التالي.
حمزه، امال فين مراتك!
أردفت السيده كوثر بتلك الكلمات في تساؤل بينما تابع حمزه وهو يتناول طعامه من علي مائده الطعام أمامه قائلاً.
فوق.
كوثر بهدوء: وفوق بتعمل ايه! هي مش هتفطر!
حمزه بثبات: شكلها نايمه.
كوثر بخُبث: طيب اطلع صحيها، بليز يا حمزه علشان نفطر كلنا سوا.
حمزه بضيق: حاضر يا ست الكل، حاجه تاني!
كوثر بإبتسامه مكتومه: عاوزه سلامتك يا حبيبي.

قام حمزه بصعود الدرج مُتجهاً إلى غرفه شقيقته، وقبل أن يطرُق الباب وجده مفتوحاً...
دلف للداخل في توجُس وهو يُتابع بصوتاً عالياً بعض الشيء...
نييييييره!
نظر حمزه ناحيه الفراش ليجد شخصاً ما مُتسطح علي الفراش واضعاً غطاءاً خفيفاً علي جسده...
إقترب حمزه في هدوء ومن ثم قام برفع الغطاء قائلاً بصوتاً خافتاً...
يا نيره هانم! إصحي بقا وفين ياسمين!

جحظت عيناي حمزه في دهشه وهو ينظُر إلى زوجته النائمه وشعرها المُنسدل بجانبها علي الفراش، وشديد الطول حيث يتخذ مساحه كبيره من الفراش...
حمزه وهو يفرُك عينيه: يادي النيله عليا و علي تهيؤاتي دي. وبعدين هي البت دي بتقلب كل شويه كدا ليه! كل دا شعر يا سوادي لتكون ساحره.
نيره وهي تخرج من أسفل الفراش مردده بخبث...
أزيك يا حمزه يا حبيبي.
حمزه بفزع: عااااا. إنتِ طلعتيلي منين!

نيره بحزن مُصطنع: كنت نايمه تحت السرير. اعمل ايه يعني مش إنت طردتها وخليتها تيجي تنام عندي. وانا معرفتش انام من شعرها بيشوكني.
حمزه ببلاهه: بيشوكك! وبعدين هو شعرها كدا طبيعي ولا أيه انا بدأت اتوغوش.
وأثناء حديثه أمسك بخُصلات شعرها في إستكشاف وهو يشده قليلاً.
تصدقي فعلاً شعرها.
بدأت ياسمين تستفيق من نومها تدريجياً وما أن رأته حتى هتفت فزعه...
عااااا، إنت بتعمل ايه هنا! وفين نقابي!

نيره وهي تربت علي ظهرها: أهدي يا ياسمين، دا جوزك يا حبيبتي.
ياسمين وهي تحُك رأسها: سوري نسيت. بس بردو كان بيعمل ايه في شعري.
حمزه بهدوء: اول مره اشوف حسنايه مُتنقله. حلوه في نفسها كدا يا جدع.
نيره بضحك: عندك حق يا حمزه فعلاً.

تنورونا يا عاليه هانم طبعاً في اي وقت.
أردفت السيده كوثر بتلك الكلمات في حين بادرتها عاليه قائله...
تسلميلي يا كوثر هانم. والف مبروك مره تاني.
كوثر بثبات: الله يبارك فيكِ يا حبيبتي.
أنهت عاليه الاتصال مع السيده كوثر لتجد سندرا تسألها في لهفه...
ها هنروح عندهم أمتي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة