قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع والثلاثون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع والثلاثون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع والثلاثون

دلف بها إلي المنزل بعد أغلق الباب بقدمه لينزلها على الأرض...
فساد الصمت بينهما للحظات وهو ينظر لها بعتاب وغضب، إلي آن قالت هي بخفوت: خوفت عليا؟
إبتسم ساخرًا وتابع بحزم: ما أنا قولتلك أنتي إنتهيتي من حياتي، أنا خوفت على الي في بطنك بس!
تنهدت بيأس ثم أردفت بثبات: أنت لازم تسمعني أنا مخنتكش، أنا حبيتك و...
قاطعها بحدة: إخرسي بقي، كفاية كدب كفاية!

هتفت بإعتراض: لأ مش هخرس، أنا خوفت أعرفك حقيقتي خوفت تسبني وتمشي وارجع أعيش في البيت بتاع، بتاع أمي وأتعذب من اول وجديد والله عمر ما حد لمسني أنا عشت حياتي كلها بعاني وبتألم ويوم ما قابلت سامي آآ...
قال مقاطعًا بسخرية: أيووة إتفقتي معاه عشان تسرقي الملف والفلوس من عندي مش كده؟
صاحت به بلا وعيٍ منها:.

لأ لا مش كده هو الي أجبرني ولبسني تهمة وكان هيدخلني السجن أنا إضطريت أجي اشتغل عندك عشان مقضيش بقية حياتي في السجن! ولما جيت وعرفت انك كويس حتى من قبل ما أحبك اقسمت إني مش هخونك ومرضتش أعمل الي هو عايزو!، كان ممكن أوي أروح اديله الملف وأهرب ومكنتش انت هتعرف توصلي!

نظر إلي عمق عيناها وتابع مردفًا بحزم: ما أنتي قولتي أتمتع بالفلوس لوحدي بقي، وفي داهية سامي، طالما لقيتي مغفل يحبك!، للأسف مش مصدقك وهتفضلي في نظري كذابة وخاينة..
أنهي جملته وسار نحو الدرج وما أن صعد درجتان حتى سمع صوتها الحزين وهي تهتف بإنهيار:.

ومفكرتش في مرة ليه ضحيت بعمري فداك؟ يوم ما أخدت الرصاصة بدالك برضو كنت بضحك عليك! يوم ما قولتلي ايه الي واجعك وانك على طول شايف الحزن في عنيا ده كله عشان كنت بتألم وأنا بكذب عليك، أيوة كذبت أنا كذابة بس مش خاينة ولا خدعتك أنا حبيتك حبيتك وخوفت أصارحك تتخلي عني كذبت عشان مكنتش هتتقبلني في حياتك، إرحمني بقي كفاية.

إلتفت لها ثم صاح بغضب: وأنتي مالك تكذبي عليا ليه قوليلي وسبيلي حرية الاختيار أقبل مأقبلش أنا حر لكن تكذبي لأ، لا يا أروى ياما قولتلك بكره الكذب ومبعرفش أسامح كان قدامك ميت فرصة تقوليلي الحقيقة بس انتي سكتي وسكتي لييه؟ عشان خاينة عارفة يعني ايه خاينة!
حركت رأسها نافية وتابعت بصوت باكي متألم: لأ لأ أنا مش خاينة مش خاينة، أنا حبيتك من قلبي والله حبيتك اكتر من أي حد..

جثت على ركبتيها باكية بإنهيار وهي تردد بمرارة: والله ما خنتك، والله
شعر أن قلبه يصرخ من الأعماق، يُريد جذبها إلي أحضانه وينسي أي شئ ويلقي به وراء ظهره إلا أنه لم يقدر على العفو!.
القلب يلين والعقل يرفض بشدة، هي كاذبة ولن أغفر!..
صراع، هو صراع داخله ومعركة لا يريد الإنهزام فيها، لا يريد الضعف أمام عشقه لها، لذا تماسك وصعد مُسرعا إلي غرفته تاركا إياها تبكي بيأس بعد أن أكد لها أنه لن يغفر لها..!

ما إن دلف غرفته أغلق عيناه بشدة وهو يرتمي على الفراش بإرهاق لاعنا قلبه الذي حن لها ويريدها بجواره وأبدا لن يتركها تضيع من بين يديه فهي عشقه وملاذه وحبه الوحيد...
تفاجئ ب باب الغرفة يُطرق فإذن بالدخول، لتدخل نجاة ثم تغلق الباب خلفها وهي تقول بجدية: ممكن أعرف إيه الي أنت عملته ده؟ إزاي تطرد أختها من البيت، من إمتي وأخلاقك بالمنظر البشع ده عيب يابني عيب أوي بجد عليك!

زفر أمير بضيق ولم يُجيب عليها، لتقول هي بهدوء: يابني فكر شوية مع نفسك وكفاية تعب لنفسك وليها، على فكرة معادن الناس بتبان ولو هي وحشة أوي كده كان هيبان عليها أو على الأقل بعد ما عرفت كذبتها كانت هربت وإختفت لكن هي متمسكة بيك لحد ما تسامحها وتعفو عنها، ده ربنا بيسامح أنت مش هتسامح!

قال أمير بصوت مرير: بس أنا بشر، بشر يا عمتي، يوم ما إتصدم صدمة زي دي تكون من أقرب الناس ليا، مراتي! كذبت عليا ليه لما هي مظلومة ليه مقالتليش الحقيقة ليه!
نجاة بهدوء: غلطة عادي احنا بشر بنخطأ ونتوب ولازم نلتمس لبعض الأعذار يابني
صمت أمير وهو يحملق في الفراغ، لتتابع نجاة بإبتسامة: أنا عارفة إنك هتسامحها عشان بتحبها وعشان إبنك الي في بطنها كمان، خد وقتك وفكر على مهلك بس بلاش قسوة معاها ممكن؟

تنهد بعمق قبل أن يردف بنبرة جادة: طيب..
نهضت نجاة وهي تتنهد بإرتياح ثم قالت بخفوت: ربنا يهديك يارب..
توجهت إلي الخارج ليتسطح هو على الفراش ويشرد في من أحبها وخدعته دون قصدٍ منها..

جلس زياد بصحبة زوجته دارين يتسامران بينما ماهيتاب جلست بغرفتها تتصفح الانترنت كعادتها..
قالت دارين هادئة: زيزو، ايه رأيك في الموضوع بتاع أمير إبن خالك ده؟ هل مراته تستاهل الي بيعمله فيها ده، طنط نجاة قالتلي أنه مبهدلها خالص!
زياد بجدية: معاه حق، أنا لو مكانه كنت هعمل أكتر من كده!
صُدمت دارين فقالت بتساؤل: يعني لو أنا عملت كده، كنت هتضربني بالمنظر ده؟

زياد بتأكيد: ده أنا كنت قتلتك مش ضربتك بس، إحنا هنا في مصر يا حبيبتي مش امريكا!
دارين بتعجب: الموضوع ملهوش علاقة لا بمصر ولا أمريكا، ده حكمة واخلاق، بدل ما يعمل كده كان سمعها وحاول يعرف ليه كذبت ويعرف اسبابها، طنط نجاة قالتلي إنها مظلومة وعانت في حياتها كتير وبصراحة أنا كمان مصدقه إنها كويسة، يعني هي مش ذنبها أبدا إنها إتولدت في بيئة بالشكل ده!، محدش بيختار أهله يا زياد.

رد عليها بهدوء: وكمان مش من حقها تكذب لازم قبل ما تتجوز تصارح الإنسان الي حبها بكل شئ مش تروح تتجوز كده ولا يهمها حاجة!
دارين بإيجاب: تمام معاك حق، بس متزعلش مني تصرف أمير متعجرف وهمجي، مش من حقه يضربها، كان ممكن يطلقها لو مش عاوزها وخلصت الحكاية، أما بقي لو بيحبها في طرق للعقاب كتيرة بدل الضرب، يعني يخاصمها مثلا ولو فعلا ميقدرش يستغني عنها يحاول يسامحها ويفهم منها ليه عملت كده!

زياد متنهدا: كل ده ماشي، لكن الصدمة وحشة! يعني ايه مراتي الي إختارتها تطلع كذبت عليا عندها اهل وقالت معنديش وفجأة يلاقيها متفقه مع عدو ليه وعايشة في مكان ما يعلم بيه إلا ربنا! صدمة عمره طبعا وهو كمان مش ملاك يعني بشر من لحم ودم إنهار وفي أشد غضبه إتصرف كده وخصوصا أمير يعني عصبي لأبعد درجة لما بيقلب ممكن فعلا يضيع نفسه والي حواليه..
مطت دارين شفتيها بإستنكار وتابعت بضيق: بس برضو ده همجي ومتعجرف.

رفع زياد حاجباه وتابع: لمي نفسك يا دارين أخرجي أنتي من الموضوع ده!
دارين بتذمر: ما أنا بره الموضوع أصلا بس بقولك وجهة نظري وبعدين متتكلمش معايا تاني أنا بقولك أهو!
زياد بإندهاش: ليه بقي إن شاء الله!
دارين بغضب طفولي: عشان أنت ممكن تعمل زيه وتضربني لو عملتلك حاجة!

ضحك قائلًا وهو يضمها إليه: لأ يا دودو مش هوصل لدرجة طبعا ولا عمري همد إيدي عليكي يا حبيبي، وبعدين أنتي حاجة والباقي كله حاجة تانية أنا محظوظ بيكي يا دودو.

إبتسمت دارين وقالت: زياد أنا لو كنت إتولدت لقيت أمي زي أم أروى كان زماني زيها بالظبط لأن ببساطة مين هيعلمني ديني والغلط والصح؟، بصراحة يعني هي تُشكر على محافظتها على نفسها رغم كل الي شافته وإن فعلا محدش لمسها دي حاجة تحسب ليها وإحنا لازم يكون عندنا رحمة ومنحاسبش الناس بدل ما نحاسبهم ناخد بإبديهم صح ولا لاء؟

زياد بمرح: كلام زين برضو، معاكي حق يا دودو، أنا هكلم أمير في الموضوع ده بس يارب يسمع وميتغباش عليا أنا كمان!
ضحكت دارين قائلة: لا هيسمع إن شاء الله وأنا كمان هروح أشوف أروى بكرة ممكن يا زيزو؟
نهض زياد قائلًا بنعاس: ممكن يا قلب زيزو بس دلوقتي تعالي ننام عشان فصلت خلاص..
نهضت دارين خلفه ليصعدا الدرج معا، حتى وصلا إلي غرفتهما فقالت دارين بإيجاز: هروح أشقر على ماهي يا زيزو وجاية إدخل أنت..

زياد مازحًا: إوعي تنامي في أوضتها لأقتلك!
دارين ضاحكه: متخافش، ثم توجهت إلي غرفة ماهيتاب لتدلف..
ما إن دلفت حتى أغلقت ماهيتاب الحاسوب سريعًا بتوتر، فعقدت دارين ما بين حاجباها وقالت بجدية: مالك يا ماهيتاب إتاخدتي كده ليه ومش على بعضك؟
أجابتها ماهيتاب بتلعثم: م مفيش حاجه يا دارين، هو أنتوا لسه صاحيين؟
دارين بهدوء وهي تجلس جوارها: أيوة وكنا هنام دلوقتي بس جيت أطمن عليكي، هو في ايه؟

ماهيتاب بإرتباك: مفيش هيكون في إيه يعني؟
مطت شفتيها وتابعت: مش عارفه، ممكن تفتحي اللاب وتوريني كنتي بتعملي إيه؟
إبتلعت دارين ريقها بتوتر وهي تقول: ليه يعني هو أنتي هتحققي معايا، أنتي مالك أصلا يا دارين لو سمحتي بلاش التطفل بتاعك ده!

دارين بحدة: بصي يا ماهيتاب محدش بيكون خايف كده إلا لو عامل حاجة غلط وبصراحة بقي أنتي شكلك مش عاجبني بقالك فترة، ومن واجبي أعرف أنتي بتعملي ايه متنسيش إننا صحاب قبل ما نكون أخت زوج ومرات أخ! ياريت تحكيلي أنتي بتعملي ايه؟
تنهدت ماهيتاب قبل أن تردف بخفوت: بس توعديني متجبيش سيرة لزياد!
دارين بنبرة جادة: طب إحكي!
قالت ماهيتاب بحذر: بصي، أنا بكلم شاب على الفيس بوك وبيحبني وبحبه.

ردت دارين بهدوء: كنت متأكدة على فكرة، بس فهميني حب إزاي وأنتي لا شوفتيه ولا شافك!؟
ماهيتاب بلا مبالاه: عادي بعتله صورتي وهو كمان!
دارين بصدمة: ينهارك أسود يا ماهيتاب، بعتيله صورتك، يابنتي ده ممكن يطلع مش كويس ويعمل بالصور حاجة بجد أنتي غلطانة جدا
ماهيتاب بحدة: مش هيعمل حاجة، هو شاب كويس وهيجي يتقدملي بس أما يكون نفسه، عشان هو مش غني وعلي قد حاله..

تنهدت دارين بعمق وأردفت: وأنتي ايه يضمنلك أنه صادق يعني؟ جايز جدا يكون بيضحك عليكي أو بيسلي وخلاص!
ماهيتاب بنفي: لأ هو بيكلمني في الموبايل كمان وكان بيتكسف جدا يطلب مني ف...
صمتت فجأة لتتابع دارين بصدمة: كملي!، كان بيطلب منك فلوس؟
أومأت ماهيتاب بحذر لتتابع دارين بإنفعال: وإنتي بعتيله؟
أومأت ماهيتاب مرة ثانية، لتقول دارين بحدة: بعتيله إزاي وأنتي مش بتشوفيه؟!
ماهيتاب بخفوت: عن طريق ڤودافون كاش!

نهضت دارين قائلة بحزم: أنتي هبلة والواد ده بيضحك عليكي مفيش راجل محترم يقبل ياخد فلوس من بنت يبقي مش راجل أصلا، وأنتي بكل بساطة مصدقاه!
لم تقتنع ماهيتاب بحديثها فقالت بضيق: يا دارين لو سمحتي وطي صوتك زياد هيسمعك.

دارين بغيظ: خايفة عشان بتعملي حاجة غلط، زيك زي الحرمية الي بتسرق، إرجعي عن الي أنتي فيه ده يا ماهي! عشان غلط في غلط وربنا مش هيبارك أبدا في حاجة زي كده عشان في الضلمة ومن ورا اهلك، أهلك الي مدينك الثقة وأنتي بسهولة بتخوني الثقة دي، حرام وأوعي تقنعي نفسك إن ده حب ده هبل وقلة أدب!

زفرت ماهيتاب بحنق، لتتابع دارين: لو مرجعتيش عن الهبل ده أنا هقول لزياد عشان تبقي عارفه لأني عمري ما هسيبك تمشي في سكة غلط وأضلل عليكي لان الصاحبة الي بجد هي الي تنقذ صاحبتها من الهلاك مش تعوم على عومها لحد ما تغرق!
إنفعلت ماهيتاب وتابعت: لو قولتي لزياد هنخسر بعض يا دارين
دارين بجدية: ماشي وأنا موافقة أحسن ما تخسري حياتك وترجعي تندمي، إلا لو وعدتيني إنك ترجعي عن الضلال الي بتعمليه ده!

قالت ماهيتاب بضيق حتى تتخلص فقط منها حاليا: طيب موافقة، تصبحي على خير بقي
دارين بهدوء: وأنتي من أهله يا ماهيتاب بس صدقيني لو كلمتيه تاني متزعليش مني هقول لزياد يمنعك بطريقته!..
أنهت كلامها وخرجت من الغرفة، فزفرت ماهيتاب بضيق وقالت بضجر: أوف، معقدة أوي!

ذهب ماجد بصحبة مايا إلي منزله بعد إن عقد قرانه عليها وأصبحت زوجته شرعًا، وقف يطرق الباب بتوتر من رد فعل والدته حين تعلم بتلك الزيجة المفاجئة!
فتحت كوثر الباب، ثم رمقته بإستغراب وهي تحول بصرها إلي مايا بذهول..
ليقول ماجد وهو يدلف إلي الداخل: مساء الخير يا ماما!
قطبت كوثر حاجباها وقالت بتعجب: ايه ده؟، أنت جايبها معاك ليه دي؟
ٱزدرد ماجد ريقه وتابع بحذر: دي مايا مراتي يا ماما!

لطمت كوثر على صدرها وهي تهتف بعدم تصديق: بتقول مين؟
إتجهت مايا نحوها لتقول ببكاء: أنا مكنش ليا مكان أروح فيه والله يا طنط، خالتي طردتني من البيت ومكنش ليا حد غير ماجد، والله يا طنط هعيش معاه على الحلوة والمرة ومش هزعجك أبدا!
حركت كوثر رأسها بذهولٍ تام، ثم أردفت بعدم إستعياب: أنا مش قادرة أصدق، أنت إتجوزتها بدون موافقتي يا ماجد؟ ينهار أسود ومنيل.

ماجد بتوسل: كنت هاسبها تبات في الشارع يعني يا ماما!، عشان خاطري يا ماما متكبريش الموضوع بقي
كوثر بحدة: لالا أنت خلاص ضعت عليه العوض ومنه العوض فيك يا شيخ أعمل إيه معاك
توسلت إليها مايا وهي تهتف ببكاء شديد: والله أنا عمري ما هزعجك أبدا، ولو عوزاني خدامة ليكي معنديش مانع بس أرجوكي تقبليني عندك أنا مليش حد في الدنيا دي دلوقتي غير ماجد أرجوكي يا طنط تقبلي..

شعرت كوثر بالإشفاق عليها ولكنها قالت بتجهم: وفين أهلك؟
مايا من بين بكاؤها: أهلي ماتوا وأنا كنت عايشة مع خالتي وهي زهقت مني وطردتني في الشارع ومعدتش ليا مكان اروحه..
وكذلك قال ماجد بتوسل: أرجوكي يا ماما تقبلي هي هتعيش معانا لا عاوزة شبكة ولا شقه ولا حاجة خالص، ياريت توافقي!

وقفت كوثر في حيرة، فبطيبة قلبها صدقت هذه الفتاة، وشعرت بالإشفاق عليها فإن طردتها ستضيع في الشوارع، هكذا راحة تُفكر كوثر بحسن نية، أردفت أخيرًا بقلة حيلة: ماشي موافقة، وكله عند ربنا وبثوابه بس أعرف أنت ومراتك لو صدر منكم أي حاجه أنا هطردك أنت وهي والي أوله شرط أخره نور تمام؟!
إبتسم ماجد بإتساع وقال: تمام، وكذلك قالت مايا بإبتسامة: شكرا يا طنط!

تنهدت كوثر ودلفت إلي غرفتها، ليبتسم ماجد وهو يسحب معه زوجته إلي غرفته، ليبدأ معها حياته الزوجية التي بُنيت على غش وخداع فماذا كُنت تعتقد بعد أن حطمت مِئات الفتيات؟ هل تُجازي بمن عٙفت نفسها!..؟

عاد خالد من عمله مُرهقًا، دلف ليتفاجئ بالمنزل هادئ مُرتب والزينة مُعلقة في السقف بشكل جميل ومُبهج، إندهش قليلًا وإبتسم وهو يري سلمي تقبل عليه وهي في كامل زينتها، لتبتسم له وهي تقول برقة: حمدالله على سلامتك حبيبي.
عانقها بإشتياق ثم أردف هامسًا: الله يسلمك يا لوما، هو إحنا عندنا حفلة النهارده؟

أومأت برأسها وتابعت بسعادة: أنا حبيت أغير الروتين شوية واعمل حاجة تفرحك، عملت تورتة صغيرة وعلقت زينة وبلالين، وبصراحة كمان عاوزة اصالح طنط نعمة، ياريت تصحيها ونقعد مع بعض كُلنا، وكمان عندي مفاجأة حلوة أووووي!
خالد بفضول: بجد، ايه هي؟
سلمي بدلال: إدخل صحي مامتك وصالحني عليها الأول..
جذبها خالد من يدها وسار بها إلي غرفة والدته ثم دلف ليهتف بخفوت: ماما، ماما قومي.

تقلبت نعمة في الفراش وقالت بنعاس: في ايه يا خالد بتصحيني ليه؟!
خالد بهدوء: قومي عشان عاوزك في موضوع مهم يا أم خالد..
نهضت نعمة بتثاقل لتقول بضيق: في ايه يا خالد؟
إبتسم خالد وتابع بمرح: عشان خاطري يا ماما بقي عاملي سلمي كويس وإرجعي زي زمان، سلمي طيبة وبتحبك والله وهي الي أصرت أصحيكي عشان تتصافوا مع بعض
زفرت نعمة بضيق، وقالت بحدة: أنت مصحيني من عز نومي عشان تقولي الكلام الفارغ ده!

خرجت سلمي من الغرفة فظن خالد انها غضبت مُجددًا، فهتف بجدية: سلمي
ردت سلمي: جاية يا خالد لحظة واحدة..
عادت بعد قليل وهي تحمل حقيبة كرتونية شيك، ثم مدت يدها في إتجاه نعمة وقالت بإبتسامة: دي هدية بسيطة يا طنط نعمة، ياريت تقبليها مني
إبتسم خالد بإتساع لزوجته، بينما قالت نعمة بجدية: بمناسبة ايه دي.

اجابتها سلمي بهدوء: بمناسبة إننا نفتح صفحة جديدة مع بعض، وأنتي تعامليني زي زمان وأنا اعاملك زي ماما، وأي حاجة صدرت مني بعتذرلك عنها، أنا آسفة عشان غلطت فيكي أوعدك مش هتتكرر تاني يا طنط نعمة..
ظلت نعمة صامته وهي تطلع إلي الشال التي جلبته لها سلمي بمناسبة دخول فصل الشتاء، صمتت طويلًا دون أي تعبيرٍ منها إلي أن قالت أخيرًا بخفوت: أنتي جاية تضحكي عليا بكلمتين يعني؟

صُدم خالد من رد فعلها، فقال بجمود: حرام عليكي بقي يا ماما، برضو مفيش فايدة فيكي!
تنهدت سلمي بيأس وتابعت بخفوت: طب أعمل إيه عشان ترضي عني!
قالت نعمة بجدية مصطنعة: كفاية جوزك ياختي راضي عنك هو أنا يعني رضايا هيعملك ايه!
خالد بنفاذ صبر: صافي يا لبن بقي يا ماما
إبتسمت نعمة وقالت: حليب يا قشطة
تنهدت سلمي بإرتياح، ثم إقتربت تقبلها من وجنتها، وقالت بمرح: يلا عشان ناكل التورتة بقي!

نهض خالد وهو يضحك وكذلك نعمة وتوجهوا ثلاثتهم إلي الصالة، فقال خالد مُتساءلا: صحيح مقولتليش المفاجأة يا لوما؟
أخذت سلمي نفسا عميقا ثم تابعت بثبات: أنا حامل!
إتسعت إبتسامته أكثر وأقبل عليها معانقا إياها بفرحة: يا حبيبي ألف مبروك يا روح قلبي
وقالت نعمة بإبتسامة: مبروك يابنتي ربنا يكملك على خير..
سلمي بسعادة: اللهم امين.

إلهي وقفت دموعي تسيل، وقلبي ب بابك باكٍ ذليل، فذنبي كبير وزادي قليل، فمُن عليا بعفوٍ جميل، آتيت أجرُ خطايا السنين، آتيت إلي أرحم الراحمين، وكُلي إعتقادٌ وكُلي يقين بأن لديك شفاءُ العليل، سألتُك مغفرةً للذنوب، وسترا لما مسنا من عيوب، فأنت إلهي طبيب العيوب، وأنت الذي تُقل الذنوب..

كانت دموعها تتساقط فوق وجنتيها بغزارة وهي تسمع هذه الكلمات عبر هاتفها المحمول وقلبها يتمزق، فلقد ضاقت بها الدنيا وغُلقت الابواب من جميع الإتجاهات ولكن باب الله مفتوحا دائما لا يُلغق في وجه أحدا يُريد التوبة، عندما تضيق الدنيا يُنزل الله رحمته على عباده ويريد أن يتوب عليهم ويغفر لهم ولو وصلت ذنوبهم عنان السماء يغفر الله ولم يُبالي..!

أرادت سُهيلة التوبة أخيرًا وهي تضرع إلي خالقها بعد أن إردت إسدال الصلاة الذي إشترته مؤخرًا وكذلك إفترشت سجادة الصلاة أمامها لتُصلي عليها صلاتها الأولي بعد أن أغلقت باب غرفتها واحكمت غلقه حتى لا تسمع ضجيج هؤلاء السفهاء!
بكت، بكت كثيرًا دموعا حارقة تلهب قلبها المُنهك الذي يصرخ من الاعماق بجملة واحدة يارب أريد الفرار.

جثت سهيلة ساجدة وهي تبوح بكل مافي قلبها إلي خالقها، وهي تردد باكية، سامحني وأعفو عني يارب، أعفو عني وإرحمني، وخذ بيدي يا الله
كانت هذه الكلمات تخرج من صميم قلبها وهي تبكي بإختناق، لتستكمل صلاتها إلي أن أنهتها وإنفجرت باكية مُجددًا وهي تردد من بين شهقاتها:.

يارب إنقذني يارب وجهني للطريق الصح أنا مش عارفة أعمل إيه وأروح فين، سامحني على كل أخطائي وافعالي الحرام على كل تهاون في حق نفسي على كل إيد لمستني في الحرام سامحني على ذنوبي الكتيرة أوي يارب، إعفو عني وإنقذني من هنا يارب ألاقي مخرج يارب أتوسل إليك أنقذني وإعفو عني يا أرحم الراحمين أنا توبت ومحدش هيلمسني تاني حتى لو هموت توبت يارب..

بعد منتصف الليل في الثالثة صابحًا..
نهض أمير من فراشه وهو يزفر بضيق فإنه لم يغفي منذ أن تسطح، قلق للغاية ومشتت يشعر أن قلبه يؤلمه ولا يستطيع النوم..
خرج من غرفته وهبط درجات السلم بتمهل إلي أن وصل للردهة، حتى وجدها تتكوم منكمشة على نفسها على الأريكة العريضة..
وقف ينظر لها بتأمل وهي نائمة، قسمات وجهها تبدو حزينة ومُتعبة جدا، الدموع تركت أثر على وجنتيها وجهها أصبح شبه خالي من الدماء من شدة حزنها..

رق قلبه لها ولحالها المُحزن، إقترب منها وإنحني لمستوي الأريكة فوجدها تأن بخفوت وكأنها تُنازع، حبات العرق تنبع من جبينها وجسدها يرتعش فتسرب القلق إلي قلبه وهو يضع يده فوق جبهتها ليجد حرارتها مُرتفعة فإنقلع قلبه عليها وقال بخفوت: أروى أنتي كويسة؟

لم يأتيه رد منها فكانت غافية وكأنها في ملكوت آخر، مد يده ليرفعها قليلًا ويده الأخري وضعها أسفل ركبتيها ثم حملها وصعد بها إلي غرفتهما ومن ثم وضعها على الفراش برفق وهو يقول بقلق: أروى فتحي عينك سمعاني؟
أيضًا لم يأتيه رد منها فقط تململت وهي تتأوه بخفوت وترتجف بشدة، فما كان منه إلا أن جذب الغطاء عليها ودثرها جيدا وقلبه يتألم منها ولها، فإحتار هل يداوي جرحه أم جرحها!

خرج من الغرفة وهبط الدرج مُجددًا ثم إتجه إلي المطبخ وفتح المبرد (الثلاجة)، وأخرج منها ثلج وأحضر مناديل ورقيه حتى يفعل لها كمادات..
صعد ودلف إلي الغرفة مرة ثانية وجلس إلي جوارها وبدأ في عمل كمادات لخفض حرارتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة