قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع عشر

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع عشر

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع عشر

صرخت صرخة جعلت قلبه ينتفض رعبا عليها، إتسعت عيناه على وسعهما مذهولا مصدوما لما حدث في التو، ترنح جسدها بين يديه جعله يرتجف بشدة ولكنه حملها بين ذراعيه بذعر وهو يُناديها بذهولٍ تام: أروى
إزدرد ريقه بصعوبة بالغة وهو يضعها في السيارة ويديه مُغرقة بدمائها، ليسمع صوتها خافتا جدا:
- ه هموت
حرك رأسه بعنفٍ رافضا لما تقول..
لأ، هتعيشي، هتعيشي يا أروى..

ثم إستقل سيارته سريعا منطلقاً إلي أقرب مستشفي، وسط تجمع كم كبير من موظفين الشركة.
كان يقود السيارة بجنون وهو ينظر لها تارة وإلي الطريق تارة، ، بينما هي غابت عن الوعي تماما كمن فقدت حياتها.

صفعة، صفعة قوية هبطت على وجه سلمي التي سقطت على الأريكة من شدتها لتشهق عالياً، بينما صاحت كوثر بإنهيار:
- منك لله يا سلمي منك لله أقول لخالد ايه وأمه أقولهم بنتي باعت الشبكة عشان إبني الصايع!
تعالت شهقات سلمي وهي تقول:
- أومال كنت أعمل إيه أسيب الناس تاكل وشنا أعمل إيه كان لازم أعمل كده وأنقذ ماجد.

صرخت كوثر بوجهها وهي تسدد لها صفعة ثانية: وكده أنقذتيه؟ وحلتي نفسك ووحلتيني معاكي وتقوليلي انقذتيه، حرام عليكي يا شيخة هو أنا ناقصة بتعملي كده ليه ليه..

أنهت كلامها وإنهالت عليها مرة ثانية بالضربات دون وعيٍ منها، لقد إنهارت وفقدت القدرة على التحمل أكثر من ذلك، لتتوقف أخيرا وتجلس وهي تلهث باكية بمرارة وألم ينهش قلبها المُنهك، آتاها صوت إبنتها الباكي: أنا عملت الصح وماجد خلاص هيخرج وهنترحم من كلام الناس يا ماما
- ربنا ياخدكم أنتوا الاتنين وأرتاح منكم
قالتها كوثر وهي تنهض وتتجه إلي غرفتها.

وصل أمير إلي المستشفي ثم ترجل سريعا من السيارة وإلتف إلي الباب الأخر ثم إلتقط أروى بين ذراعيه راكضاً بها إلي الداخل بكُل ما لديه من سرعة، لتركض نحوه أحد الممرضات تتبعها زميلتها لتنقلانها على السرير الجرار وتركضان بها إلي غرفة الطوارئ ويقف أمير خائفاً تائهاً حائراً، ما الذي حدث؟ ومن الذي يكرهُ إلي هذا الحد، حتى يُريد قتله...!

ترك كل هذا عن عقله، فهو لم يستوعب إلي الآن أنها بالفعل فدتهُ بروحٙها! لماذا فعلت؟
سينفجر عقله، وقلبه سينقلع من مكانه إن لم تفيق أروى ويراها بخير، وإلا إذا رحلت سترحل معه روحه، هذا ما شعر به أمير الذي إستند بظهره إلي الجدار من خلفه داعيا الله أن يُنجيها ويُخفف آلامها.

وصل زياد إلي شركة الأمير، ثم تنهد بٱرهاق وهو يقول بتعب: أووف وصلنا أخيرا يا ماهيتاب
تكلمت ماهيتاب بإرتياح: الحمدلله يلا بينا بقي
ترجلا من السيارة، ثم توجها إلي داخل الشركة ويران الهرجلة التي حدثت ليعقد حاجباه زياد وهو يقول بإستغراب: ايه الهرجلة دي ومالهم متجمعين كده ليه..
أجابته ماهيتاب وهي تمط شفتيها: مش عارفة
تقدم زياد ليسأل أحد الموظفين: هو في ايه؟

أجابه الموظف: سكرتيرة أستاذ أمير إضربت بالرصاص دلوقتي قدام الشركة وهو خدها للمستشفي حالا، ربنا معاها مسكينة!؛
إتسعت عيني زياد بصدمة: ايه رصاص؟ طب وما عرفتوش مين عمل كده؟
حرك رأسه نافياً: للأسف لأ ملحقناش نشوف أي حاجه منعرفش ايه الي حصل احنا طلعنا نجري على الصوت بس..
مسح زياد على رأسه وهو يقول: يا الله، طب هو في مستشفي ايه دلوقتي؟
-مش عارف والله يا أستاذ
- أنا هتصل بأمير.

أنهي حديثه وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله ليهاتف أمير لكن دون جدوي لم يأتيه رد منه حاول مرارا وتكرارا، لكن دون جدوى أيضاً، ليتحدث مرة ثانية بجدية: طب أقرب مستشفي هنا للشركة إسمها ايه؟
أجابه سريعا: في ****
أومأ زياد رأسه وقال وهو يسير: يلا يا ماهيتاب تعالي
سارت ماهيتاب مع شقيقها وهي تقول متنهدة: الحمدلله إن أمير مش جراله حاجة
إستقلا السيارة مرة ثانية وإنطلق بها زياد...

ركض أمير نحو الممرضة التي خرجت تركض ليقول بلهفة: في ايه؟ طمنيني عليها أرجوكي
تحدثت سريعاً وهي تقول: إحنا محتاجين نقل دم فوراً بندور على نفس الفصيلة!
سألها عن فصيلتها فوجد أنها لم تكن نفس فصيلته فقال بأعصاب مشدودة: طيب إتصرفوا إعملوا أي حاجه!
- بندرو يا أستاذ إهدي شوية!
قالتها بجدية لتتحرك سريعاً من أمامه
لكم هو الحائط بقوة ف يريد أن ينقذها بأي وسيلة...
في الأسفل..

صف زياد سيارته وترجل منها على عجالة، وكذلك فعلت ماهيتاب، لتقول صائحه: زياد هي دي عربية أمير يبقي هما في المستشفي دي
- طب تعالي
قالها زياد بإيجاز وهو يدلف إلي المستشفي، ثم الإستقبال ليسألهم عنهما، ليجيبه موظف الإستقبال ويخبره أنهما في الطابق الثاني، فأخذ شقيقته وصعد في المصعد ليتوقف ويخرجا منه وما أن خرجا حتى وجدا أمير يجلس واضعا وجهه بين كفيه لم يشعر بمن حوله، إقترب زياد منه قائلاً بٱشتياق: أمير..

رفع أمير رأسه للأعلي لينهض قائلاً بعدم تصديق: زياد!
لم يمهله زياد فرصة حيث عانقه بقوة سنتان لم يراه فيهما، وكذلك فعل أمير وكأنه وجد نصفه الآخر وسند يأخذ بيده في هذه المحنة، طال عناقهما حتى إبتعد زياد مبتسماً: وحشتني يا صاحبي، ثم تابع بجدية: ايه الي حصل يا أمير طمني
كاد أن يتحدث فقاطعته ماهيتاب بعتاب: معقوله مش هتسلم عليا يا أمير..

إنتبه أمير لها ثم إبتسم ببهتان وقال: إزيك يا ماهيتاب معلش أعذريني أنا مش مركز خالص..
إبتسمت له وقالت: ولا يهمك..
سأله زياد مجددا: هو في إيه يا أمير، إحنا رحنالك الشركة، وعرفنا الي حصل، مين دول الي ضربوا السكرتيرة بالرصاص..
حرك رأسه بضياع: معرفش يا زياد معرفش أي حاجه أنا هتجنن ملحقتش أشوف أي حد
زياد مستفسرا: طب انت عملت بلاغ ولا لسه
أمير مجيبا: لا لسه، المهم عندي تقوم بالسلامة.

قطبت ماهيتاب حاجبيها بإستغراب لهذه الحالة ولهفته الزائدة، كل هذا للسكرتيرة!
عادت الممرضة مرة ثانية وهي تقول لاهثة: للأسف مش لاقيين في المستشفي خالص يا أستاذ نفس الفصيلة لازم حضرتك تشوف أي حد من مستشفي تانية
تحدث زياد سريعا: هي فصيلة دمها ايه؟
أخبرته الممرضة، ليقول: أنا نفس الفصيلة، ومستعد أتبرعلها..
تنهد أمير بإرتياح وهو يغلق عينيه بإرهاق، لتقول الممرضة بإيجاز: طب إتفضل معايا بسرعة يا أستاذ.

سار معها زياد سريعا ليجلس أمير كمان كان ضائعاً.

حاولت سهيلة الإتصال على شقيقتها كثيرا منذ اكثر من ساعتان ولكن لم يأتيها رد لينتابها القلق وتخرج من المنزل لتبحث عنها، ربما فعل سامي لها شيئا أو إكتشف أمير كذبتها، ربما وقعت شقيقتها في فخ أحد البشر كما تقع دائما، دعت الله أن تكون شقيقتها بخير، فعزمت على الذهاب لشركة الأمير...

بالفعل بعد ما يُقارب النصف ساعة وصلت إلى هُناك، لتنصدم صدمة جلية حين عرفت الذي حدث لشقيقتها، لطمت على وجهها عدة مرات وهي تبكي عالياً..
ليتوجه كرم إليها قائلاً بإطمئنان: أن شاء الله هتبقي بخير تعالي نروحلهم المستشفي
أومأت سهيلة قائلة من بين بكاؤها: وصلني لأختي بسرعة الله يخليك
أخذها كرم وتوجها للخارج ليذهبا إلي المستشفي..

-خير يا حبيبتي في إيه؟
قالها خالد مُتسائلاً بهدوء وهو ينظر إلي سلمي
فركت سلمي كلتي يديها بتوتر بالغ لتتابع بخوف: إوعدني إنك متسبنيش يا خالد
عقد خالد ما بين حاجباه بإستغراب وهو يتابع مرددا: في ايه يا سلمي قلقتيني مالك مش على بعضك ليه!
ترقرقت العبرات في عينيها وهي تُطالعه بنظراتٍ لم يفهمها لكنها أصابت الفضول والقلق داخله، فأردف بجدية: في ايه يا سلمي!

إزدردت ريقها وأغلقت عينيها بألم ثم قالت مُتلعثمة: آآ، أن أنا بعت الشبكة يا خالد
لم يستوعب ما قالته فصمت، صمت طويلاً إلي أن فتحت عينيها مرة ثانية وهي تبتعد للخلف بخوف..
تأملها بنظرات غاضبة ليردف بإختناق: ليه؟
لم تجيبه بل ظلت صامته تطلع إليه ودموعها تنساب دمعة تلو الأخري..
جذبها من ذراعها بعصبية: ليه، ردي عليا ليه بعتيها، ردي عليا ليه!
خرج صوتها مُتقطع: ع عشان قومت محامي لماجد، مكنش قدامي حل تاني..

إتسعت عينيه بصدمة، هز رأسه بعدم تصديق! ليقول وهو يشعر بوخزه في قلبه: بعتيني!، لدرجة دي أنا ولا حاجة عندك، بعتي الشبكة الي طفحت الدم فيها الي اشتغلت ليل مع نهار عشان احوش تمنها وأجبهالك راحة بكل سهولة تبعيها وعشان مين، عشان أخوكي الصايع!
أطرقت سلمي رأسها بخزي فهو مُحق بكل كلمة يتفوه بها، حاولت أن تلمسه ولكنه أبعدها عنه بعنف وهو يقول بحدة: إبعدي!

ساد صمت قاتل بينهما إنهارت مشاعرهما، تألم خالد وهو ينظر لها بعتاب، لقد خزلته وبشدة..
شق ذلك الصمت وهو يقول بصرامة: من اللحظة دي أنتي من طريق وأنا من طريق يا سلمي!.
إتسعت عينيها وهي تقول بصدمة: ايه!
نظر لها نظرة كفيلة لتضاعف الندم الذي بداخلها، حتى تحدث بنفس الصرامة: الي سمعتيه وهطلقك يا سلمي..
أنهي جملته وصعد راكضا إلي الأعلي لتنهار سلمي باكية وتلعن حظها وأخيها معا..!

وصلت سهيلة إلي المستشفي بصحبة كرم، ثم صعدا للإعلي بعد إستعلامهما أنهم في الطابق الثاني، ركضت سهيلة نحوهم وهي تهتف قائلة ببكاء: فين أختي، أروى فين
نظر لها أمير متساءلا: هي أروى أختك!
أومأت برأسها وهي تقول: أيوة طمني عليها هي فين؟
أجابها بهدوء: في العمليات جوه لسه بينقلوا ليها دم..
خرج زياد من الغرفة الملاصقة، فقال بإطمئنان: أن شاء الله هتبقي كويسة
أسرعت سهيلة تقول: هي فاقت ولا إيه أرجوكم حد يطمني.

نظر لها زياد بفضول، فهو لم يعرفها ولم تكن حاضرة، فأجابه أمير بخفوت: أختها
أومأ زياد وقال: مش عارف دلوقتي يخرج الدكتور ويطمنا إهدي إن شاء الله خير..
جلست تبكي بحسرة على حال شقيقتها، حتى مرت ساعة، ساعتان، ولا يوجد أي خبر عن أروى، مما زاد الجميع قلق..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة