قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس

صاحت سهيلة بغضب عارم وهي تهتف:
- لا أنتي كذابة، أختي لا يمكن تعمل كده أبدا
أقبل عليها سامي وهو يقول بحدة:
- في ايه وايه الصوت العالي ده!
أسرعت سهيلة تقول برجاء: يا سامي بيه، قولي أختي فين الله يخليك وايه الي حصل أروى لا يمكن تسرق أبدا!
رمقها بنظراته الساخرة وتابع مُتجهما الوجه: لا عملت وأديها متلقحة في المكان الي تستاهله عشان تتأدب وتحرم تسرق الحرامية دي.

حركت رأسها نافية وقالت: لاء أكيد في حاجة غلط أرجوك يا باشا تعالي معايا نخرجها، دي أختي الوحيدة ومليش غيرها
دفعها بيديه بعنف، ودلف إلي مكتبه ليتركها تبكي بشدة، ولا تعرف ماذا تفعل الآن وكيف تتصرف مع الموقف..
لم تيأس إنما ركضت لتدلف خلفه وهي تتوسله بأن يصفح عن شقيقتها، وما كان منه غير الطرد والإهانة! بل والسخرية أيضاً، فرحلت، رحلت تبكي على شقيقتها وتسير تُفكر كيف تنقذها..

في منزل السيدة كوثر...
طرقت السيدة نعمة الباب تلك السيدة التي قاربت على الستون عام، ذات الملامح الهادئة رغم كبر سنها..
فتحت سلمي الباب، وهتفت بإبتسامة: إزيك يا طنط نعمة إتفضلي..
دلفت نعمة قائلة: أومال فين ماما يا سلمي؟
آتيت كوثر من خلفها قائلة في ترحيب: أنا هنا يا حبيبتي يا خطوة عزيزة
قامت بعناقها، ثم جلستا فقالت كوثر سريعاً: إعملي شاي لخلتك نعمة يا سلمي
أومأت سلمي برأسها وإتجهت إلي المطبخ..

بينما تحدثت نعمة موجهة حديثها ل كوثر بعتاب:
بصراحة بقي كده يا أم ماجد أنا زعلانة منك جدا
تنهدت كوثر طويلاً، ثم أردفت قائلة: ليه خير يا أم خالد إيه الي حصل بس؟
مصمصت نعمة شفتيها وتابعت بمزاح: شوفي ياختي الولية! ما أنتي عارفة إني زعلانة من إيه ومع ذلك ولا عملالي إعتبار يا كوثر مكنش العشم..

إبتسمت كوثر وتابعت بتفهم: يا حبيبتي أنتي إعتبارك على راسي والله يا أم خالد، بس أنا برضو أم ومن حقي أفرح ببنتي ويبقلها شقة زي مخاليق الله..
رفعت نعمة حاجباها وتابعت: ومين قالك إنه مش هيبقي بيتها؟ أنتي تفتكري إني ممكن أضايقها في حاجة! عيب يا كوثر ده أنا الي مربياها وبعتبرها بنتي وربنا شاهد على كلامي.

تنهدت كوثر ثم تابعت: عارفة والله يا نعمة، بس برضو ياختي أخاف أي حاجه تحصل ونرجع نخسر بعض خصوصا إنك غالية عندي والله جدا ومهما كان إحنا مش ملايكة وممكن يحصل أي حاجه في أي وقت
نعمة بإمتعاض: ياختي تفائلي ومتسبقيش بالشر كده بقي! خليها على الله بس وكل شئ هيبقي تمام ها قولتي ايه!؟ بالله عليكي توافقي بقي يا كوثر، والله الواد خالد إبني بيعشق البت بنتك وأنا كمان عشمانة فيكي ومش معقولة هترديني كده...

ساد الصمت لحظات، وراحت تُفكر كوثر في تردد، قطعت ذلك الصمت سلمي حين توجهت إليهما تحمل الشاي وهي تقول بتوسل: وغلاوتي عندك يا ماما توافقي الله يخليكي..
وكذلك هتفت نعمة برجاء: ها بقي يا كوثر؟!
أخيراً إبتسمت كوثر وتابعت بتنهيدة: ماشي يا أم خالد عشان خاطرك موافقة وعشان العيش والملح وصداقة العمر موافقة..
وكأن هذه الكلمات خرجت منها عن عمد حتى تنبها أنها ستعطيها اغلي ما تملك فلتحافظ عليها..!

إتسعت إبتسامة نعمة التي أطلقت زغرودة عالية بينما هتفت كوثر في خفوت: ربنا يسعدك يا سلمي يا بنتي
إتجهت سلمي إلي أمها وعانقتها بفرحة عارمة وهي تقول: حبيبتي يا ماما ربنا يخليكي ليا..!
دلف ماجد مندهشاً من أصوات الزغاريد المُنبعثة من منزلهم فقال بجدية: في إيه..؟
نهضت كوثر تقول بسعادة: كويس إنك جيت يا ماجد يابني عاوزين نقرأ فاتحة أختك بقي على خالد.

عبس ماجد بوجه وتابع حانقاً: فتحة! كده من نفسكم وأنا مليش كلمة ولا راجل البيت ده ولا إيه؟
تأففت سلمي وهي تعقد ساعديها أمام صدرها بإعتراض وعدم رضا، بينما تحدثت كوثر وهي تقول: ما إحنا فيها أهو ده لسه كلام بس يا ماجد
وفيما قالت نعمة بتجهم: هو أنت عندك إعتراض على خالد إبني ولا حاجة يا ماجد؟

زفر ماجد بضيق ورمقها بنظرات جامدة ثم تابع بنبرة تحمل من الغرور والتعالي: على ما أعتقد إن إبنك معندوش شقة! ممكن أعرف هيسكن فين!
رفعت نعمة أحد حاجبيها وتابعت في ثبات: هيسكن معايا يا ماجد سلمي بنتي وأنا مربياها وهحافظ عليها وده وعد مني لأمك وبعدين يعني أنا كلامي مع امك مش معاك أنا برضو ست كبيرة ولهجة السخرية دي محبهاش! أنا ماشيه يا أم ماجد ولينا كلام تاني!..
هتفت كوثر سريعاً: إستني طيب يا نعمة.

لم تصغي إليها نعمة وتوجهت إلي الخارج صاعدة إلي شقتها مرة ثانية وقد غلت الدماء في عروقها...
أغلقت كوثر الباب وإتجهت إلي ولدها قائلة بعتاب: مينفعش أبدا الست تمشي زعلانة من أسلوبك على فكرة! وعيب عليك تتكلم بالطريقة دي لا عملي إعتبار ولا أي حاجه!
ماجد بلا مبالاه: أنا مقلتش حاجة غلط يا ماما! الواد ده معندوش شقة ومش عاجبني أصلا وأنا بقي مش موافق.!
صاحت به سلمي، وقد نفذ صبرها:.

هو أنت مالك أصلا!، أنا عمري ما هاخد برأيك أبدا، أنت واحد مش بيفكر غير في نفسه وجاي دلوقتي تقولي مش موافق بأي حق بقي أن شاء الله! توافق ولا متوافقش أنا بحب خالد وهتجوزه غصب عنك..
إتسعت عيني ماجد وإقترب يباغتها بصفعة قوية هبطت على وجنتها وهو يقول هادرا بها: إخرصي يا بت أنتي! أنتي إتجننتي ولا إيه.

صرخت سلمي وهي تبكي بحرقة ولقد إرتمت في أحضان والدتها التي هدرت به بغضب عارم: كسر إيدك يا ماجد أنت إزاي تمد إيدك عليها!
إنفعل ماجد قائلاً بحزم: وأكسر رقبتها كمان لو طولت لسانها عليا تاني مبقاش إلا سلمي الي مطلعتش من البيضة لسه!

بصعوبة بالغة وصلت سهيلة إلي مركز الشرطة وبصعوبة أشد تقابلت مع شقيقتها التي ألقت نفسها في أحضانها باكيةٍ بمرارة
أخذت سهيلة تهدئ من بُكائها وهي تربت على ظهرها قائلة في إطمئنان:
إهدي يا أروى، إن شاء الله هتخرجي من هنا بس إحكيلي إيه الي حصل يا حبيبتي وأنتي فعلا مديتي إيدك وسرقتي الخاتم ولا هما...

قاطعتها أروى بصياح وبُكاء هستيري: أنتي بتتكلمي إزاي يا سهيلة! أنا أسرق ليه وعشان إيه حرام عليكي أنتي كمان هتظلميني ليه...
عانقتها سهيلة مرة ثانية، وقالت بضيق: مكنش قصدي والله بس بستفسر منك، أنا آسفة حقك عليا إهدي يا حبيبتي..
أخذت أروى تكفف دموعها بأنامل يدها، وتنفست بعمقٍ محاولة السيطرة على خوفها وتوترها...
ربتت سهيلة على كتفها وقالت محاولة بث الإطمئنان داخلها:.

إن شاء الله ربنا هينجيكي منها يا أروى متخافيش أنا مش هسيبك والله..
حركت أروى رأسها بيأس وهي تقول: هخرج إزاي والتهمة ثابتة عليا بشهادة كل الموظفين، حسبي الله ونعم الوكيل
سهيلة بتأنيب ضمير: آنا آسفة يا أروى أنا السبب وأنا الي خليتك تروحي تشتغلي عنده، بس متقلقيش أنا هخليه يجي يتنازل عن المحضر ويخرجك بإذن الله متخافيش
أغلقت عينيها بألم وتابعت في حزن: معتقدتش هيتنازل أنا خلاص ضعت يا سهيلة، ضعت خلاص.

تنهدت سهيلة وهي تعطيها طعام إشترته لها، وقالت بحنان: طب أنا جبتلك أكل وهضطر أسيبك دلوقتي عشان اروح تاني للزفت سامي وإن شاء الله هاجي أقولك أنه إتنازل بس أوعديني تاكلي كويس ماشي..؟
أومأت أروى برأسها في صمت، بينما ودعتها سهيلة وإنصرفت متوجهة إلي شركة سامي مرة ثانية...

دلفت السيدة كوثر إلي داخل غرفة ماجد الذي كان مُستلقي بجسده فوق الفراش ويعبث بهاتفه بلا مبالاه، إقتربت تقول بحدة ؛
أنا بحذرك تمد إيدك على أختك تاني يا ماجد، والله ما هيحصلك كويس أنت سامعني ولا لاء؟
نهض ماجد جالساً فوق الفراش وقال بتجهم ؛:
- يعني عاجبك إنها تقل أدبها كده ولا إيه؟

ردت كوثر بغضب: كل كلامها صح أنا بس الي مش راضية أبوظ صورتك قدامها وأقولها لا عيب متقوليش على أخوكي كده، لكن تقدر تقولي فين إهتمامك بيها كأخ؟ يعني فين دورك في حياتها! ولا حاجه بتعملها ليها ده المفروض إنت تعوضها عن حنان أبوها الي إفتقدته مش ولا كأن ليها حد وأن طايح في الدنيا يا دوبك تيجي تاكل وتنام كأنك قاعد في أوتيل!
زفر بحنق، ثم أردف قائلاً: يعني أعمل إيه ما أنا بشتغل ليل مع نهار أعمل إيه يعني.

ضربت كوثر كفا على كف وقالت بتعجب: وأختك يا بني! أختك فين دي يتيمة عارف يعني إيه يتيمة يعني لازم تعوضها وتاخدها تخرجها وتفسحها عاوزها تحس إنك موجود في حياتها مش جاي في الآخر تضربها وتعمل نفسك راجل!
لوي فمه بإستنكار، ثم تابع بحنق: أومال ايه! ما أنا راجل فعلا.

حركت رأسها وتابعت بسخرية: مش دي الرجولة، الرجولة دي ليها معني كبير أوي الراجل الي بجد هو الي يعرف يحتوي الي حواليه ويحسسهم بالأمان والحماية والسند ووقت ما نحتاجه نلاقيه!
تنهد ماجد بضيق غير مبالي تماما بحديث والدته ولم يُحرك ذرةٍ واحدة بداخله، فتنهدت بيأس ونهضت قائلة: طبعا أنا هتعب نفسي بالكلام ومفيش فايدة عموما أتمني تحس على دمك شوية وتاني مرة لو مديت إيدك على أختك هتشوف وش تاني مني ماشي!

أومأ ماجد بنفاذ صبر وتابع: طيب طيب، قوليلي إمتي هناخد نصيبنا في ورث أبويا؟
عقدت كوثر حاجباها وتابعت بإستغراب: بتسأل ليه يعني؟!
مط شفتيه ثم تابع: عادي عشان أشوف حالي وأتجوز بقي ولا أنا هفضل قاعد كده كتير
رفعت أحد حاجبيها وتابعت: ممم تتجوز وياتري لقيت عروسة!
تنهد ماجد وقد إستند بظهره على ظهر الفراش وقال: أيوة موجودة ومستنياني...!
كوثر في تساؤل: مين دي؟
ماجد بهدوء: بنت إسمها مايا كانت بتشتغل في الشركة!..

وصلت سهيلة إلي شركة سامي وهي تلهث بشدة، صعدت إلي الطابق المتواجد فيه مكتبه، ثم وقفت أمام السكرتيرة قائلة بٱرهاق: عاوزة أقابل سامي بيه من فضلك!
تأففت هدي ونهضت قائلة بحدة: أوف، أنتي تاني! بقولك إيه إمشي من هنا إحنا مش فاضينلك
صاحت بها سهيلة مُصممة على مُقابلة سامي، فخرج على أثر صياحها وقال بغضب: إيه الي جابك تاني يا سهيلة!

توسلت إليه سهيلة وهي تقول برجاء: محتاجة أتكلم معاك لو سمحت يا سامي بيه بترجاك
تنهد بنفاذ صبر وقال: طيب تعالي ورايا..!
دلفت خلفه وأغلقت باب المكتب بينما جلس سامي واضعاً ساقيه فوق بعضهما، وقال بتعالي:
- خير!
إقتربت منه وقالت برجاء: ممكن تطلع أختي من الورطة الي أنت وحلتها فيها دي، حرام عليك هي عملتلك إيه!
ضحك عالياً بسخرية وتابع: أنا معملتش حاجة هي الي سرقت وبتاخد جزائها!

سهيلة بإنفعال: لا أختي مسرقتش حاجة وأنت الي دبرت كل ده عشان تنتقم منها! أبوس رجلك طلعها وإنشالله حتى تدخلني أنا مكانها بس هي مش حمل بهدلة والله
مطت سامي شفتيه للأمام وهو يحدق في الفراغ مُضيقا لعينيه بتركيز، وقد لمعت عينيه بمكر ثم قال بهدوء بعد ذلك:
ممم موافق يا سهيلة بس بشرط!
تحدثت سريعاً: شرط إيه!؟
نظر لها ثم تنهد بعمق وتابع مردفاً:.

في واحد بينافسني في شغلي، وأخد مني صفقه بملايين، وبما إن أختك عاوزة تخرجك يبقي تنفذ الي هقوله بالحرف الواحد!
عقدت سهيلة حاجباها وتابعت في تساؤل: وأروي إيه دخلها في كده يعني..؟
أشعل سامي أحد سجائره، ثم أخذ نفساً عميقاً منها وزفره في هدوء وتابع: هقولك..!

- ماما، أنا هطلع عند طنط نعمة أعتذرلها عن أسلوب ماجد معاها!
نطقت سلمي هذه العبارة وهي تكفف دموعها بأناملها..
كوثر بجدية: أنا هبقي أطلعلها بكرة يا سلمي
سلمي بتصميم: لو سمحتي يا ماما هطلع أعتذرلها وأطيب خاطرها ممكن؟!
زفرت كوثر بضيق وقالت: أنتي مصممة بقي، عشان حبيب القلب مش كده!
لم تجيبها سلمي، فأردفت كوثر: ماشي يا سلمي إطلعي خمس دقايق بس فاهمة.

أومأت سلمي برأسها وإتجهت إلي خارج الشقة وصعدت إلي الأعلي حيث شقة نعمة وولدها خالد..!
طرقت الباب، ثم وقفت تنتظر حتى فتح خالد الذي إبتسم قائلاً بإشتياق: سلمي، تعالي إتفضلي
تنهدت سلمي وقالت بضيق: طنط فين؟
عقد حاجباه وتابع: مالك يا سلمي أنتي زعلانة مني ولا إيه
حركت رأسها نافية، ثم قالت بحزن: لا أنا عمري ما زعلت منك يا خالد
إبتسم وقال: طب زعلانة من مين؟

تنهدت وقالت: هقولك بعدين إندهلي طنط بقي عشان عاوزاها..!
أومأ برأسه قائلا بإبتسامة: حاضر.

في مركز الشرطه..
قصت سهيلة على شقيقتها أروى ما طلبه منها سامي حتى إتسعت عينيها قائلة: نعم!
سهيلة بنفاذ صبر: مفيش قدامك غير كده يا أروى يإما هتفضلي هنا على طول ومش هتخرجي
حركت رأسها نافية وقالت بغضب: حسبي الله ونعم الوكيل فيه، هو ده شيطان ولا إيه! إزاي عاوزني أسرق من واحد شغله وفلوسه وأروح بكُل بساطة أدهومله! لا أنا لا يمكن أعمل كده أبداً!

زفرت سهيلة بحنق: يوووه يا أروى وإحنا مالنا ما يولعوا كلهم أنتي هتروحي تشتغلي في الشركة الي هو قالي عليها دي، وهتفضلي هناك لحد ما تعرفي مكان الورق والفلوس الي هيقولك عليهم الزفت سامي وتمشي من الشركة وخلصت الحكاية شغلي دماغك بقي!
أروى بتصميم: لأ، أنا ضميري ميسمحليش أبدا أسرق
سهيلة بغيظ: يعني هتفضلي محبوسة هنا و مش هتطلعي!

أغلقت أروى عينيها بألم، وضغطت على شفتيها بحيرة، فماذا تفعل، هل توافق؟ أم ترفض وتظل في هذا السجن وتُعاقب على جريمة لم تفعلها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة