قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والثلاثون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والثلاثون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والثلاثون

تسمرت أروى حين وجدت سهير، لتتقلص عضلاتها وتتشنج ملامحها غير مستوعبة أنها تقف أمامها الآن، وستفسد عليها تلك الفرحة..
آفاقت من صدمتها على صوت أمير وهو يقول بجدية: مين دي يا أروى؟!
ثم تطلع إلي سهير بإستغراب فقد كانت ترتدي ملابس أقل ما يقال عنها أنها فاضحة!
قطب ما بين حاجباه وهو يُكرر بصوت حاد بعض الشئ: مين دي يا أروى!
كادت سهير أن تتحدث ولكن قاطعها قدوم سهيلة التي آجابت على سؤال أمير بإرتباك:.

- دي صاحبة المحل الي أنا بشتغل فيه، وهي زعلانة من أروى عشان معزمتهاش على الفرح..!
أخذت أروى تلتقط انفاسها بسرعة وجسدها يرتجف بشدة، في حين قال أمير بحدة: فعلا الاشكال دي مينفعش تدخل مكان زي ده، خليها تخرج من هنا بدل ما انده أمن المكان يرموها بره!
إنفعلت سهير وتعالي صوتها وهي تهتف بغضب: ايه أنا آآآ...
إلا أن سهيلة قاطعتها وهي تمسك يدها وتتجه بها خارج القاعة، ليتحدث أمير بغضب:.

إيه البني آدمة الزبالة دي، ازاي أختك بتشتغل عند حد بالمنظر ده يا أروى، دي تجيب العار!
إزدردت أروى لعابها، بصعوبة بالغة ثم تفوهت بخفوت وتوتر: م معرفش، أن أنا قلت لسهيلة تمشي وتسيبها بس هي مش لاقية شغل في حتة تانية...
ثم صمتت وسرعان ما تلألأت العبرات في عينيها وجاهدت حتى لا تنهمر بغزارة، بينما أمير حاول تهدئة نفسه هو الآخر لقد غضب من هيئتها الفاضحة تلك!.

وكادت أروى أن تموت رعبا وهي تري سامي يقبل عليهما..
في حين تقدم نحو أمير ومد يده مصافحا إياه وهو يقول ببرود مستفز: ألف مبروك يا أمير باشا، مش تعزمنا يا عم ولا أنا مش قد المقام ولا إيه؟!
رد أمير بثبات: أهلا يا سامي
ليكز سامي على أسنانه بغضب دفين، ثم إنتقل إلي أروى وكاد أن يصافحها هي الأخري بإبتسامة شيطانية، إلا أن أمير أبعد يده بنفس الثبات وهو يقول بصوتٍ جهوري: متلمسهاش!

صُدم سامي من فعلته، ثم تنحنح بحرج وهو يضحك بإستفزاز وينظر ل أروى بتوعد، ومن ثم إنصرف ولازال يضحك بلا مبالاه..

خارج القاعة..
صاحت سهيلة بضجر:
- جاية ليه؟ عاوزة مننا ايه تاني حرام عليكي سبينا في حالنا وإبعدي بقا
صرت سهير على أسنانها وهي تقول في وعيد: والله العظيم يا سهيلة إما رجعتي معايا بالذوق كده لكون داخلة مبوظة الفرح ده وخرباها عليكي وعلي أروى واكشف المستخبي!، وأقول للبيه الي أختك متجوزاه ده أن أنا أمكوا وأنتوا مستعريين مني، وكمان أحكي له على لعبة سامي، سامي حكالي على كل حاجة!

رفعت سهيلة رأسها للأعلي حيث نظرت إلي السماء وكأنها تناجي خالقها، كيف تفعل في ذاك الموقف السخيف، هل تترك أمها تقضي على فرحة شقيقتها، أم تنسحب بهدوء وترحل معها إلي طريق الضلال مُجددا؟!
باتت في حالة يرثي لها، وأخيراً قالت في ضعف: هرجع!
إبتسمت سهير بإنتصار، لتردف سهيلة بمرارة: بس مش دلوقتي، أرجوكي تمشي من هنا وأنا أول ما الفرح يخلص هتلاقيني عندك..
أردفت سهير بنفي: لأ يا حبيبتي رجلي على رجلك!

ردت سهيلة بغضب: سبيني اطمن على المسكينة الي جوه دي، أرجوكي خلي عندك ذرة رحمة وأنا أوعدك هجيلك تاني برجليا..
قالت سهير ببرود: اوك، بس اعملي حسابك لو مجتيش، متلوميش إلا نفسك وبرضو هفضح الدنيا..
أنهت جملتها وسارت مبتعدة عنها تاركة إياها تبكي بحسرة بل وتتمني أن تنتهي حياتها حتى ترتاح!
وجدته أمامها بعد عدة ثوانِ وهو يقول بإندهاش: أنتي!
عقدت سهيلة حاجباها بإستغراب وتابعت بغضب: أنت إيه الي جابك هنا؟

أردف ماجد بهدوء: أنا جاي فرح أمير، صاحبي!
إزدردت ريقها وتابعت بدهشة: صاحبك!
أومأ ماجد برأسه وتابع: أيوة، أنتي الي بتعملي ايه هنا؟!
أبدا لم تخبره أنها شقيقة أروى، وابدا لم تفسد سعادتها وتطفئ تلك الفرحة التي تلمع بعينيها، مهما كلفها الأمر، فقالت بثبات:
أنا كنت جاية مع واحدة صاحبتي، وبعدين لو أعرف إني هشوف وشك ماكنتش جيت أبدا، بقيت بقرف منك ومن أشكالك ربنا ينتقم منكم ويوريني فيكم يوم يا بُعدا!

أردف ماجد بحدة: يعني أنا الي عاوز أشوفك ياختي، أنا كده كده ماشي من أم الفرح الخنيق ده، ثم رمقها بإستحقار وإنصرف، لتأخذ نفسا عميقا وتزفره بهدوء وتجفف دموعها وتدلف مجددا إلي القاعة..!

ما إن دلفت سهيلة حتى توجهت نحو شقيقتها، ثم همست في آذنها بخفوت: متقلقيش أنا إتصرفت وهي مشيت دلوقتي، فكي بقي
أردفت أروى بإرتياح نوعا ما: بجد، طب عملتي ايه معاها؟
سهيلة بتنهيدة مؤلمة: عملت الي عملته بقي يا أروى، خليكي في الي أنتي فيه دلوقتي!

صمتت أروى وقد إرتاحت قليلاً ولكن هناك شيء يقلقها بشدة، إلا أنها تغاضت الآن عن كل شيئاً من الممكن أن يؤلمها، وإبتسمت من جديد، و مالت على أمير قليلاً وهي تهمس في آذنه: زعلان ليه؟
تنهد قبل أن يردف بإبتسامة: مش زعلان يا حبيبتي، بس الست دي عصبتني وكمان الزفت سامي..
أروى بتوتر: معلش شيلهم من دماغك وأفرح عشان خاطري..
أخذ كف يدها بين راحتي يديه، ثم قال بحب: بحبك جدا يعني.

قالت بهمس: وأنا كمان يا أغلي من حياتي..

إتسعت إبتسامة دارين حين وجدت والدتها تقبل عليها وتعانقها بحنان بالغ، لتهمس دارين بسعادة: ماما حبيبتي، الحمد لله انك جيتي قبل كتب الكتاب
مسدت صفية على ظهر إبنتها وقالت: ربنا يسعدك يا حبيبتي ويهنيكي يارب، لتبتسم لزياد وهي توصيه على إبنتها الوحيدة، فقال زياد بصدق: في عنيا، متخافيش عليها..
تنهدت الأم بإرتياح ثم قامت بمصافحة نجاة لتقوم نجاة بدورها وتعرفها على الحاضرين..

لتتم بعد قليل مراسم عقد القران، حيث جلس المأذون وخطب خطبة صغيرة جدا ومختصرة عن الحياة الزوجية لتنتهي بتوقيع أروى على عقد زواجها من الأمير وتصبح زوجته رسميا وكذلك دارين وزياد..
ثم طلبوا منهم رقصة سلو، ليقف أمير محاوطا أروى بذراعيه وحاوطت هي عنقه بدورها، وتمايل معها بخفة وعينيه تشع عشقا لها..

بينما دارين حاولت الإعتراض على هذه الرقصة إلا أن زياد لم يترك لها المجال وأجبرها على الرقص معه وهو يهمس بغيظ: عدي ليلتك على خير يا دارين، ده بيناها ليلة مش فايتة بجد..!
ثم تمايلت معه على أنغام الموسيقي الهادئة ووجهها يتلون بحمرة الخجل، بينما زياد في أشد لحظاته السعيدة مستمتعا بخجلها، فأراد أن يزيدها خجلا حين همس في آذنها قائلا بخفوت: بحبك وأنت أحمر وشبه التفاح كده يا سكر..

أطرقت راسها وهي تبتسم بحياء لتستكمل رقصتها بصمت..
ووقفت سهيلة تتابعهم بعينيها الدامعتين بإبتسامة، تخيلت نفسها بالفستان الابيض كأي فتاة في عمرها إلا أنها تفقد الأمل في إرتدائه وفقدت الامل في الحياة أيضًا..

كانت ماهيتاب تسير بهدوء وتتأفف بضيق، وما زاد من ضيقها حين دعس شخصا ما على فستانها الطويل من الخلف بقدمه، لتلتفت وتصيح بشراسة: إيه ده أنت متخلف ولا إيه، حد يعمل كده!
عقد أمجد حاجبيه بغضب وتابع بحدة: ما تلمي لسانك، أنتي مجنونة ولا إيه، ايه يعني دوست على الفستان بدون قصد، ميكونش فستان شهرزاد وأنا مش واخد بالي ولا إيه!
إتسعت حدقتا ماهيتاب قبل أن تردف بصدمة: شهرزاد، على فكرة أنت قليل الذوق ومش محترم.

لتتسع عينا أمجد ويهتف بصرامة مخيفة: أنتي إتجننتي يا بت أنتي، أنا مش محترم، لا على فكرة أنا ممكن أربيكي وأمد إيدي عليكي أنتي متعرفنيش..!

لاحظ زياد مشاجرتهما من بعيد ليترك دارين ويسرع خطواته ناحيتهما وكذلك فعل أمير حين وجد زياد يسرع نحوهما..
هتف زياد بحدة: ايه الي بيحصل هنا في ايه؟
كاد أمير أن يتحدث ولكنه قال بدهشة: أمجد!، ايه الي حصل مالك بتزعق لماهيتاب ليه؟
مسح أمجد على رأسه بعصبية وتابع بغضب: دي بتقل أدبها عليا، هي تخصك ولا إيه يا أمير؟
أمير بجدية: أيوة بنت عمتي يا أمجد، وده زياد أخوها..

صر أمجد على أسنانه وتابع بحنق: طب كويس إنك عرفتني، والله ما كنت هعتقها دلوقتي
صاحت ماهيتاب بغضب: يعني كنت هتعمل ايه أن شاء الله؟
إتسعت عيني أمجد وهو يتابع: بص بتتكلم ازاي!
تدخل زياد قائلاً بجدية: ماهيتاب، روحي إقعدي جنب ماما، يلا بسرعة..
رمقته ماهيتاب بنظرات نارية قبل أن تنصرف، ليقول أمجد بتنهيدة موجها حديثه ل زياد: أنا آسف، بس هي الي عصبتني، بعتذر لو خرجت عن شعوري معاها..

قال زياد بمرح: سماح المرادي عشان تبع أمير، إنما غير كده كنت شنيرتك!
ضحك أمجد ضحكة رجولية، بينما قال أمير بمرح: على طول عامل مشاكل يا أمجد أعقل بقي
أمجد بجدية: والله ما أنا يا عم، المشاكل بتيجلي لوحدها..
رد أمير: أعرفك يا زياد، أمجد مأمون صاحبي من زمان وصاحب شركة مأمون رجل أعمال شاطر بس مش أشطر مني طبعا!

لينفجر أمجد ضاحكا وهو يضرب كتفه بخفة، فتابع أمير: وده زياد إبن عمتي وصديقي الصدوق، وعريس الليلة برضو
فقال أمجد بإبتسامة: تشرفت بمعرفتك يا زياد وألف مبروك
ليقول أمير مازحا: عقبالك يا نجم
أمجد نافيا: لااا، أنا كده كويس وتمام التمام!
ليضحكوا ثلاثتهم ويعودوا إلي الحفل مجددا..

فنظرت ماهيتاب إلي أمجد بغيظ وهي تراه يضحك كأن شيئا لم يكن!
تطلعت إلي هيئته فكان يرتدي بدلة راقية من اللون البني أوضحت رشاقة جسده الطويل ثم مرت بعينيها على ملامحه الرجولية الشرقية، حيث العينان السمراء الواسعة وبشرته القمحية الخشنه وشعره الكثيف الأسمر..
ثم أخفضت عينيها في لمح البصر عندما نظر لها بغرور رافعا أحد حاجبيه، لتهمس بخفوت: مغرور!

بعد ما يقارب الساعتان..
تشبثت سهيلة بشقيقتها أمام القاعة لتخطلط دموع الأختان معا، كلا منهما تخشي القادم من حياتها فها هي أروى أصبحت زوجة رجل أحبها بشغف لكنها لم تعلم إلي الآن ما مصيرها..!
وكذلك سهيلة قد حددت مصيرها وستعود مجبرة إلي الهلاك ثانية!
إبتعدت سهيلة عن شقيقتها قليلاً ثم أردفت من بين بكاؤها: متبكيش أنا هبقي معاكي ديما مش هسيبك، إفرحي وميهمكيش أختك ديما في ضهرك يا حبيبتي.

ظلت أروى تبكي كطفلة صغيرة، تخشي البُعد عن أمها، نعم هي تشعر أن سهيلة بمثابة أم أكثر من كونها أخت..
إنتقلت سهيلة بعينيها إلي أمير لتقول بتوسل: بالله عليك تخلي بالك منها، هي عمرها ماحبت حد آد ما حبتك أنت، رجاءا متأساش عليها أوعدني متجرحهاش..
قال أمير بإطمئنان: متقلقيش عليها، وإطمني..

عانقتها مرة أخري بقوة قبل أن تستقل السيارة مع أميرها ثم إنطلقت السيارات واحدة تلو الأخرى، لتقف سهيلة وحيدة ضعيفة منكسرة تبكي وتبكي بحسرة..

في السيارة..
رفع أمير أنامله ثم مسح دموعها بحنان وهو يقول هامسا: كفاية يا أروى، عيونك هتوجعك وبعدين يعني أنتي زعلانة عشان هتروحي معايا؟
حركت أروى رأسها نافية، بينما إبتسم أمير وجذبها إلي أحضانه قائلاً بحنو:
عارف إنك زعلانة عشان هتبعدي عن أختك بس هي هتجيلك وتقعد معاكي براحتها البيت مفتوحلها في أي وقت، متزعليش بقي عشان خاطري..

حدثت أروى نفسها والالام تنهش قلبها: اه، قلبي بيوجعني كل ما يحس بحنانك وحبك الصافي، أنا مستحقش قلبك وحنانك يا أمير، يارب ساعدني!

سارت سهيلة، على غير هدي لم تعرف إلي أين، تأبي العودة إلي ذاك المستنقع الذي دمر حياتها، فبالتأكيد إذا ذهبت سوف تنتهي هذه المرة، ولكن أين تذهب وحياة شقيقتها مُعلقة في عنقها!
لا سأضحي من أجل شقيقتي
حتى وإن كان على حساب سعادتي
سأعود من أجلك يا ملاكي إلي هلاكي..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة