قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

في منزل ما من ضواحي مصر تحديداً بمحافظة الأسكندرية، ولكن لم يكن ذاك المنزل عاديًا حيث كانت تتعالي فيه أصوات الأغاني الهابطة ونري النساء أشكال يرقصن بميوعه، كاسيات عاريات يرتدن ملابس تكشف أكثر مما تستر، فمنهن من تضحك بإثارة وتتمايل بإغراء ومنهن تفعل الفواحش في أحضان رجل يلهث مجرد أن تعري له عن ساقها، بالأدق عاهرات يملئن المكان فهو منزل من المنازل المشبوهة...

وفي إحدى الغرف توجد فتاة تجلس محتضنة لساقيها تبكي بحسرة وعيناها تزوغ في أركان الغرفة وكأنها تستغيث بأحد لعلهُ ينتشلها من ذاك المرار الذي تذوقه يوميا وتعاني مع والدتها التي تكن أسوء مثال للأم، دلفت سيده يتخطي عمرها الأربعون عامًا، ذات قوام رشيق وملامح أنثويه هادئه، وجهها يمتلئ بمساحيق التجميل لتجعل مظهرها أكثر إثارة، تحدثت بلا مبالاة موجهه حديثها لإبنتها:
مالك يابت قاعده كده ليه! وعامله محزنه.

رمقتها أروى بنظرات ناريه محتقره، ثم قالت من بين دموعها بنبره يتغلب عليها الصدق والذي هو نابع من صميم قلبها:
أنا بكرهك، بكرهك جدا، سبيني في حالي وأمشي شوفي زباينك يا خاينه!

أثارت كلمات أروى غضب سهير بشده وما كان منها إلا أن إقتربت لتصفعها على وجهها بلا رحمه ولا شفقه لتنهال عليها بالصفعات المتتاليه لتجعلها تصرخ وتصرخ باكيه لتزداد كرهاً في أمها، نعم أمها لطالما تفعل الفواحش كل ليله وكل ليلةً مع رجلا مختلفاً عن السابق ليصبح منزلها من المنازل المشبوهة مفتوحاً لفعل الفواحش...

وفي حين دلفت سُهيلة شقيقة أروى ٱلي الغرفة وهي تحاول نزع أروى من يد تلك التي تسمي أمها لتقول بعصبية: ما تبعدي عنها بقي وتسبيها في حالها يا شيخة حرام عليكي عاوزة منها ايه!
تركت سهير خصلات شعرها أخيراً التي كانت تكاد أن تقتلع في يدها وقالت بصوت لاهث:
دي بت قليلة الأدب لسانها مترين وبعدين لازم تسمع الكلام الي بقوله!

سُهيلة وقد إزدادت ملامحها حدة: كلام ايه يا سهير هانم مش هسمحلك تلوثيها زي ما لوثتيني إبعدي عن أروى كفاية أنا والي جرالي
لوت سهير شفتيها وقالت بحنق: طب ياختي يلا إخلصي وتعالي شوفي الزباين!
ثم رمقتهما بنظرات حادة وإتجهت إلي خارج الغرفة إلي حيث جاءت لتعود تستكمل الفواحش مرة أخري...

مسدت سهيلة على شعر شقيقتها وهي تقول بحنو: معلش يا أروى إهدي ياحبيبتي متزعليش
أروى من بين دموعها: أنا نفسي أموت وأرتاح من القرف ده يارب خدني بقي
أخذت سهيلة تهدئ من إنفعالها وهي تقول برفق: بعد الشر عليكي يا أروى وبعدين ده أنتي الي مصبراني على الهم الي أنا فيه.

رفعت بصرها إليها وكففت دموعها بأنامل يدها الصغيرة وقالت بحزن: ليه بتعملي في نفسك كده ليه وافقتي تبقي رخيصة زيها وخليتي جسمك رخيص لأي حد عايز ينهش فيكي بينهش! ليه كده يا سهيلة ليه!
أغلقت سهيلة عينيها بألم وندم وقالت بصوت مهزوز يغلب عليه البكاء:.

غصب عني مكنش قدامي حل غير كده، كنت عيزاني أعمل إيه وأنا كل يوم أشوفها تضرب فينا وتمنع عننا الأكل والفلوس وكل حاجة وملناش أي مكان تاني كان لازم أقبل أبقي رخيصة على الأقل أنا وحافظت عليكي منها والحمدلله إنك لسة نضيفة
إقتربت أروى منها وعانقتها بشدة قائلة بصوت باكي متألم: يارب رحمتك ولطفك بينا
إبتعدت عنها وهي تقول: أنا هخرج بقي، ومن ثم إتجهت إلي الخارج...

ثم نهضت أروى ودلفت إلي المرحاض وغسلت وجهها بالماء عدة مرات ولا تزال دموعها تختلط بالمياه، تبكي حسرة وألماً، ثم أغلقت الماء وأخذت تجفف وجهها بالمنشفة، وهي تنظر إلي هيئتها في المرآه فكانت أروى ذات بشرة قمحية ولها شعر بني به تمويجات كثيرة ولها أعين خضراء تعطيها جاذبية من نوع خاص مع لون بشرتها الأسمر، بجسد متناسق طويل ممشوق وتبلغ من العمر عشرون عاما...

على جانب آخر، بمحافظة الأسكندرية أيضاً
في أحد الأحياء الراقيه حيث البنايات الفخمة الأنيقة، بداخل إحدى الشقق منها، الهدوء يخيم عليها والسكون، ولكن يقطع هذا السكون صوت رنين الهاتف وهو يصدح عالياً ليفيق عليه أمير النائم في فراشه لينهض جالساً بتكاسل ويلتقط هاتفه الموضوع على الكومود وأوقف الرنين وأغلق الخط على المُتصل، فعاد يرن مرة ثانية ليزفر بضيق وأجاب قائلاً بحدة:
نعم خير.

ماجد بحذر: إيه يا أمير بصحيك يا عم لا يروح عليك نومة ولا حاجة!
حك أمير فروة رأسه وهو يقول بلا مبالاه: ما يروح عليا نومة ايه المشكلة ولا أقولك يولع الشغل بالي فيه وبعدين يلا أنزل من على وداني الساعة دي
ماجد بإستغراب: طيب في ملف أ، لم يكمل حديثه حتى تفاجئ أنه أغلق الخط فنظر إلي الشاشه بذهول وهو يحدث نفسه: ينهارك ده أنت مجنون وبحالات كمان أنا مالي هي شركتي ولا شركتك أما أروح أشرب قهوة!

ألقي أمير الهاتف من يده ونهض عن الفراش زافراً بضيق وهي يهمهم ويقول: اوف شغل شغل عيل خنيق.

إتجه إلي المطبخ ووقف يُعد له كوباً من القهوة، كما إعتاد يوميا أن يفعل كل شئ بنفسه ولا يعتمد على أحد سوي خالقه، إنتهي من إعداد القهوة بعد دقائق فسكبه في الفنجان وأخذ يرتشف منه وهو يسير إلي شرفة منزله يتابع مرور السيارات وهو يستنشق الهواء الذي أخذ يلفح وجهه، ضيق عينيه الواسعه ذات اللون العسلي الفاتح وهو ينظر إلي الفراغ شارداً، وظل شارداً حتى إنتهي من إحتساء قهوته وترك الفنجان على حافة السور لينهض متجهاً إلي المرحاض ليغتسل ثم بعد ذلك أخذ ينتقي ملابسه من خزانة الملابس، فإنتقي بنطال جينز من اللون الأسمر وقميص أسمر أيضاً، وشرع في الإرتداء، حتى إنتهي وأصبح في كامل وسامته فكان أمير فاره الطول عريض المنكبين وجسده معضل وذلك لدوامه على التمارين الرياضية بإستمرار، فكان أسمر البشرة وله لحية خفيفة وشعر أسمر ناعم ولامع يعشق الغوامق في ملابسه وكل شئ، ويبلغ أمير من عمره ثلاثون عاما ً...

أخذ متعلقاته وإتجه خارج المنزل هابطاً درجات السلم حتى وصل إلي سيارتهُ وإستقلها بعد إن إرتدي نظارته الشمسيه وإنطلق بها حيث مقر عمله...

أخذ ماجد يسير في الشركة وهو يتلفت وينظر يميناً ويساراً معاكساً لأي فتاة من الموظفات تمر بجانبه، حتى دلف إلي مكتب ( السكرتيرة) وهو يقول بصوتٍ عالِ:
صباحو فل
إبتسمت مايا بدلال وقالت: صباح النور يا مستر ماجد.

إقترب منها منحني بجسده حد التلامس حتى شعرت بأنفاسه تلفح وجهها فإبتعدت بتوتر حين وجدت أمير يدلف إلي المكتب بطلتهُ المشرقة، فنهضت متوترة بينما إبتعد ماجد وتنحنح بحرج وفيما رمقه أمير بنظرات نارية وهو يصر على أسنانه، فإقترب وهو لم يحيد نظره عن صديقه ماجد وهو يقول بصوتٍ حاد: إطلعي بره! بره الشركة كلها
إبتلعت ريقها ووقفت لثوانِ مشدوهة بينما خرج صوته مرة ثانية أكثر حده: برااااا.

إنتفضت أثر صيحتهُ وأخذت تلملم أشيائها على عجالة بأيدي مُرتعشة، ثم توجهت إلي الخارج بخطوات سريعة أقرب إلي الركض، وما إن خرجت حتى قال أمير موجهاً حديثه ل ماجد: ورحمة أمي وأبويا يا ماجد لو الي شوفته إتكرر تاني ما هبقي على العيش والملح وهخسرك بجد وأبقي جرب تاني كده وشوف!

ثم لم يمهله فرصة وتوجه إلي مكتبه ليجلس وينتصب على مقعده فهو من يتحكم في كل شئ وله الأمر والنهي، وكل شئ خاص بشركتهُ، (شركة الأمير للإستيراد والتصدير)...
دلف ماجد خلفه وهو يقول بحذر: ايه يا كوتش أنت قلبت ليه كده
زفر أمير بضيق ورمقه بنظرات حادة وتابع قائلا: ماجد! أنت عارف كويس إني مبحبش الأرف ده، ولولا إن إحنا فعلا عشرة عمر من زمان والله كان بقي ليا معاك تصرف تاني خالص.

ماجد وهو يحك صدغهُ بإبهامه: يا عم دي هفوات كده عديها أعمل إيه ما هما الي بيترموا عليا وأنا مبحبش أرفص النعمة برجليا!
رفع أمير أحد حاجبيه قائلاً: دي نعمه! أنت أهبل ياض؟
تصنع ماجد الحزن وهو يقول: ياعم أسكت بقي كل ما أجيب سكرتيرة تمشيها شوف بقي هنشتغل إزاي من غير سكرتيرة!
أمير متنهداً بنفاذ صبر: بقولك إيه إنزل من على دماغي وروح إعملي قهوة وهاتلي الملفات الي عايزة تتمضي كلها يلا قوم فز.

نهض ماجد قائلاً بتذمر: والله بحالات فعلا يخربيت عقلك، ثم توجه إلى الخارج وهو يضرب كفا على كف!
إستند أمير بظهره على المقعد وحدث نفسه قائلاً: ذوقك معفن أنا مش عارف البنات كلها رخيصة وتقرف كده ليه...!

على الجانب الآخر
بمنزل سهير المشبوه! دلف رجل يرتدي بدلة رمادية اللون يبدو عليه الأناقة يتخطي عمره الأربعون عاماً لكنه يحتفظ بروحهُ الشبابية نوعا ما..
ما إن رأته سهير همت بالوقوف قائلة بترحيب: أهلا يا باشا إتفضل يا سامي بيه.

جلس ووضع ساقاً فوق الآخر وهو يدخن سيجارته، بينما كانت أروى ترتدي ملابسها في غرفتها لتخرج تبحث عن وظيفة، وما إن إنتهت وإتجهت إلي الخارج، وقع بصر سامي عليها، فتفحص جسدها من الأسفل للأعلي بنظرات شهوانية، فكانت أروى ترتدي بنطال جينز ضيق وترتدي فوقه بلوزة ضيقه أيضا من اللون الأبيض وتربط شعرها ذيل حصان للأعلي، فحك ذقنه وهو يقول سريعاً قبل أن ترحل:
البت دي تلزمني!

أسرعت سهير تنادي إبنتها وهي تقول: أروى، أروى
إلتفتت لها أروى بإشمئزاز حتى صوتها تشمئز منه، فيما قالت سهير بلا مبالاه: تعالي ثواني هنا البيه عاوزك
لوت أروى فمها بتعجب وإقتربت قليلاً لتقول: نعم بيه مين وزفت إيه!
إتسعت عينا سامي، وصر على أسنانه بغضب وقد هب واقفاً متجها إليها:
جري إيه يا ****** أنتي هتشوفي نفسك عليا يا بنت ****.

لم تتحمل أروى إهانته وما كان منها إلا إنها رفعت كف يدها للأعلي لتهبط بعد ذلك على وجهه، مما جعل عينيه تتحول إلي اللون الأحمر وأصبح كالشيطان في التو...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة