قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب خاطئ للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السابع

رواية حب خاطئ للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السابع

رواية حب خاطئ للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السابع

- ستبتعد وتهرب آمله أن تصل إلى الأمان بينما هي لا تفعل سوى الاقتراب من حافة الخطر أكثر -.

بعد مرور أسبوع..
مرّ عليهم أسبوع لم يحدث به شيءً يذكر..
جاسم يغرق كل ثانية وكل دقيقة في حُب جـنّـة أكثر فأكثر وهي تحيي تلك الأيام التي لم تعشها قبلاً بسعاده معه مع كل ذلك القدر من الحنان والدفء الذي يبثه داخلها..
رُبما لم تكن لتحيي تلك الحياة السعيدة إن ظلت بالقاهرة! فهي أصبحت تعشقه وتنتظر ذلك اليوم الذي ستصبح ملكه، فهي تتلهف له ولاتستطيع أن تنتظر أكثر مثلهُ تماماً، تريد أن تكون معه!.

وقد لا حظ جاسم تلك اللهفة التي تمنى أن يراها من وقتٍ طويل وهاهي الآن تظهر بوضوح أمام ناظريه، حياته أصبحت وردية، لكنه أخبرها أن الزفاف سيكون بعد انتهاء الاختبارات الخاصة بها والتي من المفترض أنها ستبدأ بعد شهرٍ من الآن!.
لقد ظنت عندما أخبرها أن معاد الإختبارات تقدم أنها ستكون قريبة جداً لكن هذا مُبكر! لما أتوا الآن؟.

هم إستقروا في تجمع في القاهرة من المباني الراقية كـ الوحدات التي يعرضوا عنها في التلفاز وأشياء من هذا القبيل..

بينما في الجهة الأخرى لدى عشق الهاربة..
تقلبت في الفراش وهي تهمهم وسط نومها بنعومة.

فهي تعيش الآن بهدوء ولا يقاطعها أحداً فهي حقاً لم تتوقع أن يكون بيت قُصيّ بهذا الهدوء، ففي المقابلة الأخيرة وبعد ذهابه مباشرةً من أجل شراء المثلجات تركته وذهبت دون أن تعلم إلى أين فهي لا تملك مكاناً ولا أموالاً كافية حتى تشتري منزل لهذا خطر لها فجأة لما لاتمكث بمنزله الذي لا تعلم عنه شيءً فيبدو أنه لا يذهب إليه علي أي حال، فهو طوال الوقت معها، وتُريد أن تستكشفه أيضاً رُبما يخبئ داخله نساء..

وكان معها حق بشأن عدم ذهابه إلى هُناك، فهي عندما وصلت إلي ذلك المنزل الراقي الذي رُبما يكون بجانب منزل جاسم..

وجدت حراس المنزل يرحبون بها بحرارة وإحترام وتركوها تدلف كأنه منزلها بكل هدوء؟ هل ياتُرى جـنّـة كانت تأتي إلى هُنا؟ أم أنه من الواجب على رجالة أن يكونوا على علم و دراية بـ هيئه زوجته صحيح؟ هذا جعلها ترتاب وظنت أنه رُبما فخ من قُصي ويعلم أنها هُنا!، لايهم، هي تنتظره كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية على أتم الأستعداد لمواجهته لكنه لم يأتي وهذا أراحها وجعلها تمكث دون أرق، على الاقل هذا الأسبوع فقط، فهي حمقاء لأنه لا يأتي عندما تكون معه فقط! وهي الآن مختفية! فهذا لم يخطر على ذهنها بعد؟!.

لكن ما جعلها تشعر بالريبة تلك الإطارات المعلقة بكل مكان في المنزل تخص طفلة رضيعة صغيرة! وقُصيّ معها في كل صوره يبتسم إبتسامة دافئة سعيدة وكأنه والدها وهذا جعلها تتشوش وتتساءل هل هي ابنته؟ ابنة شقيقته؟ هل يملك أشقاء حتى؟ هل بينهم صلة قرابة؟ من هذه؟! وما جعلها تتشوش أكثر تلك الملابس النسائية التي رأتها بالخزانه! هل يجلب نساء إلي هُنا؟ هل لديه عشيقه غيرها وربما أنجبت بالخطأ واحتجزها هنا ليأخذ طفلته وقام بقتلها بعدها؟! أم إنه متزوج؟ لكن أين صور زفافه؟! هل إن أنجبت له سيبقى عليها ويتركها تظل معه طوال عمرها؟!

حمقاء، لقد اتفق معها على عدم الإنجاب وأخبرها بكل هدوء إن أصبحت حامل بالخطأ أن تذهب وتتخلص منه دون حتى أن تخبره و هذا كان شرطة عليها من البداية وشرطها هي كان عدم البحث عن هويتها وقد حافظ كُلاً منهما على وعده حتى الآن..
زفرت بضيق وألقت الوسادة التي كانت تعانقها بغضب وقفت وخرجت من الغرفه متجهه صوب الغرفه المُجاورة الى غرفتها..

ركلت الباب بعصبيه وهي تنظر إلي تلك الأقفال باقتضاب فهي مغلقة بطريقة مثيرة للريبة و تثير فضولها وغضبها في أنٍ واحد يُجب أن تفتحها وتري ما المُخبأ بداخلها يُجب أن تفعل!.
هبطت الدرج بسرعة درجتين درجتين ذاهبه صوب المطبخ كى تتناول طعام الإفطار لكنها وجدت الطعام قد نفذ فهي من بداية الاسبوع تستخدم ما يوجد في المنزل من طعام دون أن تذهب وتشتري وقد نفذ الآن..

أخذت شهيقاً طويلاً أخرجته زفيراً عنيفاً ثم فتحت أحد الضُلف المرتفعة كي تُعد قهوة وتستفيق لكنها وجدتها قد نفذت هي الأخري! ضربت الأرض بقدمها بغيظ ثم صفعت الضلفة بقوة و تركت المطبخ وعادت إلى غرفتها في الأعلى، سوف تأخذ حمام دافئ كي تصفي ذهنها وتفكر بتروي ثم تذهب تشتري طعاماً لها، اللعين لما لا يترك طعاماً كثيراً لن يفسد مثله ذلك الفاسد، مابة؟!

توقف قُصيّ السيارة أمام باب المنزل الخارجي ثم صفها بهدوء وهو يتحدث بالهاتف: طيب حاجه كمان ممكن تجبلي جدول..
رد مساعدة الخاص بتعجب: جدول إيه يا فندم؟
ردّ قُصيّ ببعض التردد ولايعلم لما: جدول إمتحانات؟!، وتزامناً مع إنهاء محادثته وجد إحدى رجاله يركض إتجاهه وتحدث من خارج النافذة وهو يبتسم: حمد الله علي السلامه يا قُصيّ باشا ايه الغيبة الطويلة دي..

إبتسم قُصيّ وتحدث بهدوء: الله يسلمك ماهي عشان الغيبة طويلة جيت إيه الأخبار..
=: كُله تمام ياباشا مفيش غير جـنّـة هانم موجودة هنا من اسبوع تقريباً..
ترجل قُصيّ من السيارة وسأله بتعجب: جـنّـة؟!
=: اه ياباشا جوا ومخرجتش تقريباً من ساعة ماجت..
أومأ قُصيّ بتعجب وأخذتهُ خطوات إلى الداخل..
دلف وهو يفكر، جـنّـة هُنا؟! هل هربت كي تأتي إلى هُنا؟ لكن يقول أسبوع! عشق هي المختفية من أسبوع وليس جـنّـة!.

بينما في الأعلى كانت تقف أمام المرأه ترتدي مئزر الإستحمام القطني وتضع يدها داخل شعرها وتتمايل على أنغام الموسيقى كما تفعل دائماً وهي تغني معها بشجن: خطوه يا صاحب الخطوة خطـ، يا بتاع النعم يا منعنع يامنعنع يامنعنع إنت يامنعنع، وظلت ترقص وتتمايل وتدور حول نفسها غافلة عن الذي يقف أمام الغرفه يراقبها بفاه فاغر سقط أرضاً بعدم تصديق لا يصدق أنها هنا! كيف علمت هذا العنوان؟ وهل هي غبية كي تهرب منه وتختبأ في منزله؟ حمقاء!

ومن حماقته هو الآخر بحث عنها في المطار رُبما تكون سافرت وعندما سأله المسئول عن إسمها حملق في وجهه بغباء وحرك أهدابه متعجباً وعاد أدراجة كـ الأحمق فكيف نسي أنه لا يعرف عنها شيء فـ عشق أسم مستعار صحيح؟
وأثناء اندماجها برقصها ودورانها حول نفسها وتحركها بسرعة تعثرت ثم صرخت بفزع وأغمضت عينها بخوف منتظرة أن تستقبلها الأرض الصلبة لكنها شعرت بيدٍ صلبه تحاوط خصرها بنعومة..

فتحت عينيها بتوجس وقلبها يخفق بقوة فتلك الرائحة الرجولية القوية تعرف صاحبها..
شهقت وشحب وجهها بخوف وهي تراه يميل عليها وكأنهم يتبادلون إحدي الرقصات الرومانسيه يبتسم بجانبيه وهو يتأملها بثقب ومكر، لقد أمسك بها دون تخطيط..
هتفت بنبرة خرجت مرتجفة: قُصيّ!
رفعها إليه أكثر وهو يُمرر يده على ظهرها بنعومة و ابتسامه ماكره لاحت على وجهه ثم هتف وهو يرفع حاجبيه: عشق!.
لدي جـنّـة..

فتح عينيه بتثاقل شاعراً بذلك الثقل علي صدره لـ تنفرج شفتيه عن أجمل إبتسامه قد ابتسمها يوماً وهو يراها تتوسد صدره بنعومة..
قبل جبهتها بحنان وهو يبتسم فهو كان يُساعدها بدروسها أمس كي تفهم أي شيء رُبما يساعدها في حل الإختبارات لأن حالتها تلك أحبطته وقد علم من خلالها أنها إن ظلت هكذا سوف ترسب بكل تأكيد..

غفيت بحضنه أمس من كثرة التعب الذهني عليها والضغط كي تستوعب كل هذا ثم أصابها صُداع مؤلم مع رؤية بعض الأشياء الخاطفة المشوشة كـ اشباح أشخاص لم تري وجوههم بوضوح، فهي لا تفقه شيء مما تدرس ولا تعلم ماذا ستفعل؟! وانتهى الأمر بها نائمة بحضنه بعد ذلك الصُداع دون التحدث..
تحدث بحنان وهو يربت علي ذراعها: صباح الخير
ردت بنعومه وتثاقل ثم تابعت نومها: صباح النور يا حبيبي..

إبتسم وداعب شعرها برقه ثم إنحني وهو يشدد قبضته حول خصرها كي يقبلها لكنه وجد باب الغرفة يفتح دون طرق و إستأذان، هي والدته، ويبدو على ملامحها الغضب والضيق والتهجم، إنتفض جاسم من على الفراش ونهض مبتعداً ووقف بجانب النافذة وهو يمرر يده داخل شعره بتوتر هارباً من نظراتها كأنه افتعل مصيبة بشعة تاركاً جـنّـة وحدها تحاول كتم ضحكاتها..

نظف حلقة ثم تحدث بتوتر: والله، والله يا ماما كنت بذاكر لها ونمت عادي بتحصل بتحصل بتحصل هاا! قوللها حاجه يا جـنّـة!
اعتدلت جـنّـة في الفراش وهي تبعد شعرها خلف أذنها بنعومة ثم تحدثت وهي تُبلل شفتيها بلسانها: أيوه يا ماما أنا السبب أنا إللي تعبته جداً والله إحنا آسفين..

عقدت يديها أمام صدرها ومازالت تنظر لهم بغضب ففتح جاسم فمه مستعداً للحديث لكنها قاطعته وقالت بحزم: أنا كُنت عارفه انكم مش هتجيبوها لِبر، صمتت قليلاً وهي تتجول بنظراتها بينهم ثم تنهدت وتابعت بابتسامة تعجبا لها الإثنين: عشان كده أنا حجزتلكم قاعه الفرح هدية مني..
خيّم صمت مُريب على الغرفة كأن أحدهم أصابه طلق ناري غير قادرين على النُطق والتفوه بحرفٍ..

فأعادت تقول بنبرة متعجبه وهي ترفع حاجبيها بعدم فهم لذلك الهدوء: ده منظر إثنين بيحبوا بعض وعايزين يفضلوا مع بعض؟!
واحد، إثنان، ثلاثة، صرخت جـنّـة بعدم تصديق وقفزت على الفراش بسعادة بينما جاسم استفاق من غفوته وركض إلى والدته وحملها بين يدية وأخذ يدور بها في الغرفة وهو يضحك بسعادة صائحاً بصوت مرتفع: بحبك بحبك بحبك بحبك يا أجمل أم في الدنيا بحببببببك..

أخذت تضحك بسعادة وهي تضرب كتفه كي يتركها وينزلها أرضاً فابتسم وأنزلها ثم عانقها بقوة وهتف بإمتنان وهو يربت علي ظهرها بحنان: ده احلى خبر ممكن أسمعوا علي الصبح كده ربنا يخليك ليا..
ركضت إليهم جـنّـة وهي تبتسم بسعادة وشاركتهم ذلك العناق العائلي بدفء فـ حاوطها جاسم وهمس بأذنها بهيام: بحبك يا عشقي..
لدي عشق..
هتفت عشق باقتضاب وغضب وهي تضم مئزرها حول جسدها بقوة: اتفضل اخرج برا..

يا إلهي يتمنى لو يستطيع أن ينفجر ضحكاً عليها الآن حمقاء لا يستطيع أن يصفها بغير هذا، لكنه غاضب الآن فليترك المُزاح قليلاً..
توقف أمامها وحاصرها بينهُ وبين الحائط عندما التصقت به وهي تعود إلى الخلف بخوف..
هتف بسخريه ممزوجه بتهكم ومقلية تتجول بين عينيها وشفتيها: أخرج برا! إنتِ عارفه إنتِ فـي بيت مين وأوضه مين كمان؟!

ازدردت ريقها وهي تنظر له بتوجس مُغلف بحب فكم اشتاقت إلى تلك العينان البُنيه، قدحيّ القهوة خاصته التي أسرتها، تلك المُقلتين الماكرتين التي لطالما أخجلتها بنظراتها اتجاهها!.

فكم تروقها تلك النظرة الجانبية التي تعتلي ثغرة عندما يكشف كذبها بسهوله مثل الآن! وتلك النظرة الماكرة التي تجعل عينيه تلمع عندما تتوتر وتخجل أمامه! وذلك الإستهزاء الذي لا يخرج منه سوي لها بسبب حماقاتها المُفرطة عندما تشرد به وتتأمله! وتلك الضحكة النقيه التي تبرز أسنانه اللؤلؤيه عندما تمزح معه! فكل شيء به تحبهُ، فكه الحاد عندما يتحدث بجدية، ونظرته المُحذرة لها عندما تخطئ، وعروق يده التي تبرز أكثر عندما يكور قبضته بغضب، وطوله الذي يجعلها ضئيله الحجم أمامه وكم هذا يروقها! فهي تحب أن تكون أمامه تلك الضعيفة التي تختبئ به، تُحب أن يكون هو ملجأها حتى وإن لم يُحبها لكنها لم تشعر معه يوماً بالغربه أو كونه لا يُحبها أو لا تنتمي إلية بالرغم أنها تعلم أنه لا يُحبها والمسألة مسألة وقت فقط..

هي تشعر معه بالأمان وكم تكره هذا! فهي تحب هذا الشعور وتكرهه بنفس الوقت فما يحدث خطأ لكنه خطأ تُحبهُ وتُحب أن تغرق به أكثر فأكثر..
استفاقت من شرودها على فرقعة أصابعه أمام وجهها وهتافه بسخرية: بتتأمليني! وحشتك مش كده؟!

ازدردت ريقها ونظرت في الاتجاه الأخر برفض وهذا لم يجعله سوي أن يقترب منها أكثر، حاوط خصرها بيدية وداعبه بنعومة وهتف بهمس: إنتِ كمان وحشتيني أنا بعاني من غيرك، وهم بتقبيلها لكنها ابتعدت ودفعتهُ من صدره بقوة وقالت باشمئزاز: أنا قولتلك مش هتقربلي تاني صح ولا لأ؟!

جذبها من خصرها بقوه جعلها تلتصق بصدره مع شهقتها الخافتة التي هربت من بين شفتيها المُغرية ثم هتف بخشونه أمام وجهها: ومن إمتي وأنا بسمع الكلام؟!، وقبل أن تتحدث إلتقط شفتيها وقبلها عنوة وهو يقيدها بقبضته غير عابئاً بمقاومتها القوية بالنسبةِ لها التي لا تذكر أمام قوته..

إبتعد لاهثاً وهو ينظر لها برغبة وعينين داكنة، صفعته بقوة وهي ترتجف بأعين دامعة على وشك أن تبكِ فأمسك يدها وقام بلويها خلف ظهرها بعنف جعلها تصرخ من الألم وهتف بحدة: إنتِ مش شايفه إنك إتخطيتي حدودك ودي ثالث مرة تضربيني انا سايبك ومدلعك أوي؟!
جذبت يدها من يده بقوة وسقطت عبراتها وهي تقول بحرقة: سيب إيدي يا همجي؟!

تهجمت ملامحه وشدد قبضته على يدها بعنف أكبر من سابقة جعلها تتألم أكثر ثم قضمت شفتيها السفلية بقوة كي لا تهرب شهقتها وتبكِ..
هتف بحدة وغضب: همجي أنا همجي؟! أنا هوريكِ الهمجيه اللي بجد..
ترك يدها ثم انحنى وحملها على كتفه وتقدم بها إلى الأمام ثم ألقاها على الفراش بعنف..

تحركت كي تركض بـ هلع وذعر وقلبها ينتفض من الخوف، لكنه سحبها من خصرها بخشونه حلّ أثرها رابطة مئزرها ثم سطحها عنوة و قيد يديها فوق رأسها على الوسادة بدأ يقبل جسدها بجوع ونهم وقوة خلافاً لتلك الرقة المعتادة..
ظلت تقاومه برفض ونفور ظهر بوضوح على جسدها وحركاتها، عندما فقدت الأمل من أن يتركها بكت بحرقة و شهقت بألم وهي تهز رأسها، ستكرهه هكذا.

إبتعد عنها عندما وصل صوت أنينها إلى مسامعه ثم أمسك فكها بقسوة وهتف بنبره لاتمت إلى الندم أو الإعتذار بصلة بل قال بغضب وتهديد وهو ينظر داخل فيروزتيها مباشرةً: متخلنيش أوريكِ أسوأ ما فِيا عشان إنتِ لسه مشوفتيش وشي والثاني ولو فضلتي كده متلوميش غير نفسك، وتركها وترك الغرفة نهائياً وذهب..

دثرت نفسها تحت الغطاء وهي تضمه على جسدها بقوة رُبما تشعر بالأمان الذي جردها منه ذلك الغبي وهي تبكِ بحرقة، تضم ركبتيها إلى صدرها بقوة بحالة مُزرية، هي تستحق هي من فعلت هذا بنفسها..

توقفت بعد بعض الوقت ثم مدت يدها إلي درج الكومود لتجد عليه قفل مغلق فظلت تضربه بهستيريا وهي تكور قبضتها و تشهق دون توقف حتي جرحت يدها لكنها لم تتوقف وظلت تضربهُ مُخلفه ضجه كأنها لا تشعر بيدها التي تنبض بالألم، هو من جعلها تقدم على فعل هذا، هو المسئول عما ستفعل لأنها اكتفت منه يكفي..

وقفت عن الفراش، إرتدت أول ما قابلها من الملابس ثم توجهت إلي الأسفل صوب المطبخ وأخذت المطرقة التي تراها كل يوم ثم عادت إلى الأعلي ركضاً وقامت بضرب القفل بقوة وغليل حتى تم كسره..

لم تجد به سوى إطار صورة تجمع قُصيّ مع إمرأة جميلة هي والطفلة، يبتسمون بسعادة، يبدو أنها زوجته حقاً هذا جيّد، تركتها وهي تبتسم بسخرية ثم نظرت إلى كل تلك الكمية من شرائط الحُبوب بمختلف أنواعها مغلق عليهم لما؟ إبتسمت بِـ نصر وهي تنظر إلى الشرائط وكأنها وجدت منقذها الآن..

لم تعرف أستخدام أياً منهم ولم تعطي نفسها فرصة كي تعلم أو تلقي نظرة عليهم عن قرب حتى، أخذت ثلاثة شرائط وأفرغتهم بيدها وهي ترتجف ثم ألقتهم بفمها وارتشفت كوب المياه الموضوع على الكومود بعدها وظلت جالسه بصمت في منتصف الفراش منتظرة الموت بهدوء..
لدي جاسم..
كان يسير بالمنزل يحدق بالدعوة التي وصلته تواً ثم هتف بإسمها: عشق، عشق..

نزلت على الدرج بسرعة عندما سمعته ثم توقفت أمامه وهتفت بلطافة وهي تحرك أهدابها بسرعة: عيوني يا عيوني..

إبتسم وقبل جفنيها بخفة ورقة، ابتسمت بخجل وتوردت وجنتيها فابتسم جاسم وهو يراقبها فهو قد إعتاد عليها خجولة وكم يُحبها هكذا وكم تمني أن لا تتذكر أبداً لكنه أيضاً ليس أناني، لقد أخبر نفسه أنها رُبما عندما تتذكر وترى الاختلاف الذي كانت عليه وكم الحب الذي أغدقها به لن تعود إلى سابق عهدها وستظل هكذا، رُبما..
هتف وهو يبتسم: دي دعوة لحفله بكره تقريباً ومش عاوز أعذار عشان هتروحي..

ابتسمت وحاوطت خصره ثم أسندت رأسها على صدره وقالت بنعومة: ومين قالك إني عندي إعتراض أنا هروح وطالما معاك لازم أروح عشان متقدرش تبص لحد غيري ولا حد يبصلك..
حاوط خصرها بنعومة ثم أسند جبينه على جبينها وسألها وهو يداعب أنفة بأنفها: ومين قالك إني هبص لغيرك بقي؟!.

هزت كتفيها بجهل فرفع يدها ووضعها على قلبه وهتف بعشق: إنتِ هنا وكل دقه بتخرج بإسمك قلبي ملكك محدش يقدر ياخد مكانك أنا بحبك، أومأت له بأعين دامعة متأثر وهي على وشك البكاء فانحنى عليها أكثر والتقط شفتيها في قبلة ناعمة يعبر بها عن حبه وشوقه ولهفته عليها، دفنت يدها داخل شعره وهي تبادله شغفة بشغف اخر تجربه معه لأول مرة، رفعها من خصرها إليه أكثر رافضاً أن يفصل القبلة أو يتركها كي لا ينتهي هذا النعيم فقط متى سيكون الزفاف لأنه تعب حقاً..

إبتعد فجأه عندما شعر بوقوف أحداً خلفه جعلها تتعجب، رفعت رأسها ونظرت له بانزعاج وشفتين متورمة فـ برر لها وهو يُمرر إبهامه على شفتيها بنعومه: افتكرت ماما واقفه ورايا اترعبت أعمل إيه؟! خايف يوم الفرح ألاقيها في الأوضه والله...
ضحكت برقه وهي تضرب صدره فـ حاوط خصرها وهتف بحنان: تيجي نخرج نجيب فستان يليق بـ عشق هانم عشان الحفله؟!، أومأت له سريعاً وصعدت كي تُبدل ملابسها..
لدي قُصيّ..

كان جالساً بالغرفه الأقرب إلى قلبة يحدق بصورها هي وهو وإبنته مليكه التي لم تتخطى سنةٍ بعد فهي جميلة ورقيقة من المؤسف أنه لن يراها مجدداً، وكم يفتقدها فحياته توقفت عندما أنتهت حياتها هي ووالدتها، لقد تركوه وحيداً وفارقوا الحياة مُبكراً، ألقي نظرة أخيرة على صورة زفافهما وهو يبتسم بحزن ثم اغلق الغرفه مجدداً بالأقفال وتوجه إلى غرفة عشق التي هي غرفته فهو يدين لها باعتذار..

دلف إلى الغرفة بهدوء، وجدها تجلس تضم جسدها المرتجف على الفراش، تقدم وجلس أمامها وأمسك يدها بين راحة يده بهدوء وكاد يتحدث لكنه تساءل بقلق وهو يمسك كفها بين يدية الإثنين بسبب برودتها: عشق! مالك إنتِ بردانه؟! حركت جفنيها بتثاقل وهي ترتجف وجحدته بنظره بارده لا حياةَ بها جعلت قلبهُ يسقط خوفاً عليها فتحسس وجنتها وهو يهتف بعصبيه وإنفعال: مالك إنتِ عملتي إيه في نفسك عملتي إيه؟!

لكنها لم ترد عليه بل ظلت تحدق به بصمت بوجهها الشاحب وشفتيها الزرقاء كالأموات فأمسك يدها ولفها حول عنقه لكنها سقطت كـ جثه هامدة، فلاحظ تلك الدماء إثر ضربها للقفل وتلك الشرائط الفارغة الملقية فصرخ بوجهها وهو يهزها بين يديه بعنف: يا غبيه إنتِ عملتي إيه عملتي إيه؟!.

حملها بين يديه وركض بها إلى الأسفل، ضعها في المقعد الخلفي للسيارة ثم استقل مقعده في المقدمة وقاد بسرعة البرق متجاهل كل شيء وفقط كل مايهمه هو إنقاذها، لأنه سوف يقتلها من جديد إن ماتت حقاً..
قاد بسرعة متجاهلاً السيارة التي هشم لها المرأة من الجانب بسبب سرعته وعدم انتباهه..
هتف جاسم بغضب وهو يحدق بالمرآه الخارجية: أما إنت حيوان بصحيح؟!

ربتت جـنّـة على صدره مهدئة إياه برفق: إهدي يا حبيبي تلاقيه مش واخد باله ولا حاجه!
تأفف جاسم وهو يحدق بالمرأة وهتف بإمتعاض: أما أنت كمبوند رخم..
ضحكت جّـنّة وهتفت باعتراض: لا بقي الجو هنا هادي وعجبني متغلطش، إبتسم لها بحنان وهز رأسه موافقاً فيكفي ابتسامتها هي تجعله يتخطى كل شيء سيء قد يحدث بيومه..
بعد بعض الوقت في المستشفى..

=تحدث الطبيب: دي محاولة انتحار بس إحنا لحقناها الحمد الله بس لازم تعرضها على طبيب نفسي عشان متتكررش وتحاول تنتحر تاني و حمد الله على سلامتها..

طرق على المكتب بأنامله وهو يبتسم، رفعت رأسها باقتضاب لـ تنفرج شفتيها عن ابتسامة رقيقة وهي تجد آدم أمامها..
إبتسم وسألها بهدوء: ممكن أقابل مصطفي بيه ولا أستني دوري في الطابور؟
ضحكت بنعومة وهي تقف ثم مدت يدها وصافحته وهي تقول بابتسامة: لأ هتتفضل دلوقتي معايا هو مستني حضرتك..

أومأ لها وهو يبتسم وتقدم من مكتبه، أدار المقبض ودلف ثم استدار كي يغلق الباب فوجد سالي تقف خلف الباب تنظر له وهي تبتسم فـ قرص وجنتها بخفة وهو يضحك بخفوت ثم أغلق الباب خلفه لـ تتهجم ملامحة مباشرةً ضاغطاً على أسنانهُ من الداخل بحركة عصبية برزت فوق فكه الحاد..

جلس على المقعد أمام مكتب مصطفى وراقبة بثقب وهو يتحدث بالهاتف بهدوء، يبدو أنها مكالمة عمل، فهو يشك أن شقيقة يستطيع أن يتقن شيء سوى العمل هو لا يفعل شيءً في حياته بتاتاً سوى العمل! ولا يعلم ماذا سوف يستفاد من هذا سوى أنه سيصاب بـ ذبحة صدرية مُفاجئة إن خسر أحد المناقصات أمام منافسيه!

أغلق الهاتف ثم رحب به بحرارة: المكتب نور يا باشا
إبتسم آدم ولوح له وقبل أن يتحدث قاطعة وضع سالي قدح قهوة أمامه تنبعث منه رائحة طيبة لكنها ليست أطيب من التي تعدها تالين بالتأكيد..
سأله آدم وهو يرتشف من قدح قهوته: هتسافر إمتي؟
إبتسم مصطفي وسأله هو: إنت هتعمل الخطوبة إمتي الأول؟

إبتسم آدم وهز كتفيه وهو يضع قدح القهوة من يده بتقزز: أنا قولت لـ ماما تجهز للخطوبة ومش عارف هي بدأت ولا لأ! ممكن تقولها إنت و تستعجلها عشان بتسمع كلامك إنت بسرعة..
أومأ له مصطفي وأشار على عينيه بالتناوب: من عنيا الاتنين يومين بالكتير هتلاقي كل حاجة جاهزة
إبتسم آدم وصمت قليلاً لـ يسأله مصطفي من جديد: إنت هتسافر إمتي؟
إبتسم آدم وسأله بمكر: أنا اللي سألتك الأول علي فكرة؟

إبتسم مصطفى ثم تحدث بهدوء: آدم إنت أخويا وعارف إني مش بحب أكون مسئول عن حد وخصوصاً في السفر بحب أكون خفيف..
إبتسم آدم وهو يعقد يديه أمام صدره ثم قال بهدوء: عارف عشان كده جتلك..
ضحك مصطفي بخفوت ثم تابع: أنا عارف إني مقصر مع تالين جامد بس غصب عني وعارف إنها زعلانة ومتضايقة بس مش عارف أعمل ايه؟ إنصحني أعمل ايه؟
ضحك آدم بخفوف ساخر ثم سأله: نصيحتي أنا عشان تصالح تالين وكده؟

أومأ له مصطفى مشدوداً منتظر حديثة ونصيحته فقال آدم بجدية: طلقها!
قطب مصطفى مابين حاجبيه وقال باستنكار: نعم!
تنهد آدم وقال له بهدوء: المفروض إنها تقدر ظروفك ده اللي انا اعرفة! هي اتجوزتك وهي عارفة إنك رجل أعمال كبير حتى في الخطوبة مكنتش معانا وكنت مسافر وده أكبر دليل متجيش دلوقتي تشتكي! لازم تبقي جانبك وتدعمك ولو معملتش كده تبقي متستاهلش تبقى مراتك ولا ايه؟

أومأ له مصطفى ثم ضحك بخفة وهو يمرر أنامله دخل شعرة قائلاً: ممكن يكون عندك حق بس مش بالطريقة دي أطلقها! لأ لأ مستحيل..
رفع آدم حاجبيه وسأله: ليه مستحيل؟ يعني اللي خلقها مخلقش غيرها؟
هز مصطفي رأسه بنفي ثم سأله متعجباً ذلك الهجوم عليها: مش غريبة إنك تهاجمها كده؟
هز آدم رأسه بلا مبالاة وقال بدون تعبير: مش بهاجمها ولا حاجة هي صحيح ليها معزة كبيرة عندي بس مش أعز من أخويا صح؟

أومأ له مصطفي وهو يبتسم بحنان ثم أمسك يده وهتف برجاء: معلش يا آدم عارف إني بتعبك معايا ممكن تجبها النهاردة وتاخدها معاك وإنت مسافر؟
قطب آدم ما بين حاجبيه وقال باعتراض: بس هي عندها امتحانات وكمان أنا بطلت اروح اجيبها من الجامعة!
فأعاد مصطفي بترجي: عشاني أنا يا آدم، حاول معاها لو موافقتش على السفر خلاص لكن حاول عشان ضميري بيأنبني!
هتف آدم متعجباً: طالما كده خدها معاك الله!

فقال له بضجر: إنت عارف إنها سفرية شغل وعارف إن الوقت بيبقي قليل أوي و مفيش أي مجال للترفيه هظلمها معايا بجد لو اخدتها! لكن عارف ومتأكد إنها بتنبسط معاك عشان انتوا تافهين زي بعض فهمت..

أبتسم آدم بعصبيه وسأله وهو يرفع حاجبه الأيسر: أنا تافه، أومأ له مصطفى بتسلية، فتابع آدم وهو يبتسم بهدوء مثير للنفس: طيب تبقي خلي بالك من التافه بقي، أنا رايح أجيب تالين سلام، وذهب وأغلق الباب خلفه وهو يبتسم بتسلية، حسناً، هو يملك شقيق لا مثيل له وكم يُحب هذا، إضافة إلى أنه يظنه أحمق وهذا أكثر من الجيّد بالنسبةِ له، هو أحمق!، هذا جيّد..

بعد بعض الوقت..
توقف بالسيارة أمام الجامعة على الطريق الآخر المقابل لها، ينظر من النافذة بتركيز باحثاً عنها وسط كل تلك الفتيات التي تتوافد عليه و قبضته تشتد حول المقود أكثر فأكثر وهو يزفر بحدة وتوتر كل بُرهة وأخرى..

خرجت من بوابة الجامعة وهي تزفر بضيق تحتضن كتبها، عابسة بحزن لا تعلم مصدرة، نظرت إلى السماء، لـ تتساءل لما كل تلك التكتلات؟ هل ستمطر؟، حسناً، هي تملك تكتلات مثلها وتتمنى أن تبكِ كـ السماء..
لفحت جسدها الرياح الباردة التي هبت فجأة أرجفتها قليلاً، تنهدت بحزن وهي تفكر بـ آدم فهي غبية لأنها أخبرته ألا يأتي ماذا ستفعل الآن؟ فهي تكره سيارات الأجرة، أطلقت تنهيدة حارة مستسلمة إلى إختيارها فهي المسئولة..

نظرت يسارها تراقب الطريق وسيارات الأجرة رُبما تجد واحدة فارغة، لكنها لم تجد والرياح إشتدت جعلت شعرها يتطاير شوش عليها الرؤية..
توقفت أمامها سيارة سوداء أمامها، ترجل منها شابين في متقبل العمر ظنت أنهم ينتظرون أحدي الفتيات..
أبعدت نظرها عنهم وظلت تبحث عن سيارة أجرة برؤية مشوشة من الهواء، شهقت بخضة عندما حاوط أحدهما خصرها وتحدث بهمس ماكر داخل أذنها: القمر مستني ايه؟ تعالي أوصلك المكان اللي تحبيه..

انتفض قلبها بخوف وهي تنظر له بذعر، حاولت الإبتعاد إلى الخلف بأعين دامعة وهي تدفعة من صدره لكنها كان يسحبها معه اتجاه السيارة عنوة وهو يضحك وصديقة الآخر استقل المقعد الامامي كي يذهبوا بها..
صرخت بخوف عندما وجدت يد أخري تحاوط خصرها بقوة، ثم لكمه أطرحت الشاب أرضاً..

نظرت بجانبها بخوف لتجد آدم هو من يقيدها بتلك القوة بملامح لا تفسر ثم ركل معدة ذلك الشاب الساقط أرضاً بقوة وهو يسبة بأبشع الألفاظ حتى بصق دماً من فمه، بينما صديقه الآخر كان يختبئ خوفاً داخل السيارة ولم يتحرك لمساعدته!.
قطع الطريق بغضب وسحبها معه وهو يحاوط خصرها بقوة دون التفوه بحرف، أشعرها بالأمان والراحة في أنٍ واحد وهو يحاوط خصرها بذلك التملك..

نزع الحقيبة من يدها بعنف والكتب من بين أحضانها وألقاهم على المقعد الخلفي للسيارة من النافذة المفتوحة ثم فتح باب السيارة لها لـ تضع قدمها بداخلها بهدوء دون أن يدفعها بغضب..
استقل مقعده أمام المقود بغضب وأدار السيارة بقوة جعل الإطارات تحتك بالأرض بعنف مصدره صوتاً حاداً ثم إنطلق بسرعة دون التحدث معها..

تنهدت وهي تبتسم عندما أوشكت على الإنتهاء..
أفرغت آخر ما بقي من المثلجات أمامها في كوب خاص وأخبرت صباح التي كانت تراقبها وهي تبتسم: شليهم في الفريزر ساعتين ثلاثه كده ميخرجوش قبل معاد الغدا تمام..
أومأت لها صباح وهي تهز راسها للجانبين بتفهم ثم حملت الصينية المليئة بالمثلجات التي صنعتها ليلى بسعادة بين يديها..

دلفت حُسنة إلى المطبخ وهي تتثاءب ثم حثتهم على الإنتهاء: لسه مخلصتوش لحد دلوك؟ بتتجلعوا ولِّيه؟
إبتسمت ليلى ودافعت عنهم بهدوء: لأ، يا أم عمّار انا شغلتهم شوية عشان كنت بعمل آيس كريم..
ابتسمت حُسنة وشكرتها: تسلم يدك يا حبيبتي، بس مش شايفِيه إن الجو مرصرِص على الجيلاتي دِيه؟
ابتسمت ليلى وهي تهز رأسها ثم تحدثت نافية: بالعكس ده احلي وقت تاكلي فيه الأيس كريم..

هزت حُسنة رأسها ثم قالت ببعض الاستياء: كيف ولدي عمّار ماهيكلش الجيلاتي دِيه غير في الرصرصة ديّ بردك..
أومأت لها وهي تبتسم وقبل أن تتحدث سمعت صوت صهيل أطرب أُذنها، فسألتها بتعجب: هو في هنا احصنه؟
أومأت حُسنة وسألتها بتعجب وهي تضع يدها أسفل ذقنها: واه، إنتِ ما تعرفيش إن في إهنِة إسطبل كومان؟

هزت ليلى رأسها نفياً وقالت بتفكير: لأ، كنت بسمع صوت بس معرفش إنه عندكم! بس الصوت بقي قريب أوي هنا؟، ثم ضمت يديها أمام صدرها و تابعت بابتسامة ناعمة: أنا بحب الخيول اوى، ابتسمت حُسنة وقالت تحثها على الخروج: باب إسطبل الإحصِنة جار باب المطبخ روحي اتفرجي عليهم..
أومأت ليلى بسعادة ثم قالت أولاً: هطلع أغير هدومي لـ هدوم مناسبة وهاجي تاني..
أومأت لها حُسنة بهدوء وجلست مع فتياتها تراقب ما يحدث بثقب..

فتحت الغرفة، أخرجت ملابسها الخاصة بركوب الخيل بحماس وهي تبتسم، فهي شاركت في أكثر من سباق سابقاً وقد فازت بالجميع، فإن امتطاء الخيول هواية من هواياتها التي لم تنقطع عنها سوى من وقتِ قريب فقط، هي تحبهم بالرغم من سقوطها وإصابتها مرة لكنها لم تتعظ وظلت تمتطيها فهي صاحبة الفضل الأول في جعل وزنها مثالي وجسدها ذات لياقة بدنية عالية..

فهي بدأت الذهاب إلى النوادي والسباقات عندما كانت في العشرين من عمرها وكانت تأخذ نادين معها وهي طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات فقط..
تنهدت وهي تنظر إلى نفسها في المرآة، فكل شيء جيّد ومثالي عدا شيئين؟ شعرها ولونه!، ألقت نظرة أخرى عليه في المرآة بعدم رضى، فقط سوف تنتظر أن تستيقظ نادين كي تُساعدها في هذا..

أخذت الخوذة السوداء وهبطت من الدرج الداخلي وهي ترتديها وحذائها الأسود الطويل الذي يصل حتى ركبتيها كان يصدر صوت طرقعة على الدرج، أخرجت القفازات السوداء من جيب سترتها الثقيلة ثم إرتدتهم وهي تبتسم ومرت من خلال المطبخ دون أن ينتبه أحداً لها، لقد كانوا منغمسين في تحضير وجباتهم اليومية من فطار وغداء وعشاء..

أخذت شهيقاً طويلاً وهي تبتسم تملأ رئتيها بهذا الهواء النقي صباحاً، فما أجمل الصباح، هي تعترف كونه أجمل شيء هُنا..
ابتسمت بحزن وهي تنظر حولها بأسى فمنذ متى والصباح لم جيّداً هُنا؟ ولا مرة؟ لطالما كان جميلاً ولطالما أحبتهُ..

تنهدت ومرت عبر ذلك الباب الحديدي الأحمر القصير لـ تلمع عسليتيها عندما رأت تلك الأحصنة المصفوفة بجانب بعضها البعض وكل واحداً منهم في حظيرته الخاصة وفقط رأسهم هي من تظهر من تلك المساحة المتروكة لهم..
تأملتهم جميعاً وهي تبتسم لـ تقع عينيها على ذلك الخيل الذهبي الذي يتوسطهم بطريقة مريبة كأن من وضعة في هذا المكان هُنا متقصداً أن يخفيه عن الانظار
تقدمت منه وهي تبتسم..

شهقت بتفاجئ وعدم تصديق وهي تضع يدها على فمها يا إلهي، إنه الحصان أخال تيكي ! كيف أتي به إلى هُنا؟ إنه فصيلة نادرة! هذا الحصان يتميز بسرعة فائقة و خطوات رشيقة، إن رأسه جميل الشكل و عينيه براقتين واسعتين فيهما تعبير يدل على الجرأة والشجاعة وفتحتين عريضتين للأنف ووجهه متسعة بين الأذنين الكبيرتين وعنق طويل رفيع يكاد أن يكون عمودياً على الجسم وسيقان متوازنة وقوية وحوافر صغيرة، لديها العديد من المسميات كـ الأحصنة الذهبية وأحصنة الجـنّـة، لكن عمّار إختار لها الأفضل بالنسبةِ له..

وقد إختار أجمل ألوانه أيضاً وهو الكستنائي الذهبي، يظن الجميع أنه شعره لامعاً ومضيئاً بسبب تناوله البروتين لكنه في الحقيقة يعكس الضوء فيلمع..
شهقت بفزع وهي تضع يدها على قلبها عندما تحدث السائس رائد الدواب ومدربها وهو يبتسم: ديّ ندى يا سِت هانم..
نظرت خلفها بخضة وسألته بتعجب وهي تلهث: ندى! ندى مين؟

إبتسم وتابع وهو يأشر على الحصان الذهبي بذلك السوط الذى يحملة بيده الذى إن رآه عمّار بين يديه سيقطعه على جسده بسبب العنف معهم فهذا ممنوع: دي ندى بتاعة سيدي عمّار يا سِت هانم؟
أومأت له وهي تخلع الخوذة لـ يتطاير شعرها بنعومة حول وجهها ثم حدقت بذلك الحصان الجميل مطولاً وسألتهُ باستفهام ولم تُحيد بنظرها عنه بعد: هي اسمها ندى؟.
هز رأسه مؤكداً وهو يبتسم ثم اقترح عليها: أخرجهالك برا يا ست هانم؟

نظرت له قليلاً بتردد وهي تحرك أهدابها بتفكير، فهو خاص بـ عمّار ولا تُريد أن تقترب إلى شيء يخصهُ أو تقترب منهُ هو نفسة بأي طريقة من الطرق..
فذلك الأسبوع الذي مرّ عليها لم تراه سوى مرة أو أثنين فقط لأنها كانت تحتجز نفسها بالغرفة بحجة ظهرها الذي يؤلمها حتى تتعافى..

عندما كان يخرج من المنزل فقط أو يختفي كما كان يختفي دائماً بشكل ملحوظ كانت تترك الغرفة وتذهب إليهم في المطبخ فهم يعيشون به حقاً طوال الوقت هُناك مشغولون في الطعام!، تعلم الآن كيف أصبح اللعين خرتيتاً..
صنعت لهم بعض الحلوى من قبل كـ تسلية مثل المثلجات التي صنعتها اليوم فقط ولا شيء آخر أما بالنسبة إلى ملابسها فهي لم تغير شيء بل مزقت تلك الملابس التي بعثها وقذفتها داخل شرفتهِ..

أما نادين فهي لا تتوقف عن التجول في المنزل وحول المنزل ولقد صادقت الجميع هُنا فكل شيء قد نال إعجابها..
هزت رأسها باقتضاب ونفي وهي تلتفت له لكنه اختفى!، إختفى مع الحصان اختفى! اللعنة لقد أخرجه..
انحنت وحملت السوط الذي تركه وركضت خلفه إلى الخارج، لوح لها من وسط الأرض الخضراء وهو يمسك بالحصان ومازال يتقدم بخطواته يأخذه في جولة قصيرة..

فتح عينيه بتثاقل، نظر حوله بأعين نصف مغلقة ثم ترك الفراش الاسود ذات الأغطية السوداء مثل قلبه وملابسه بلا مبالغة فإن الغرفة سوداء ممزوجة بالرمادي الغامق هو والأثاث حتى تلك الإطارات المُعلقة على الحائط كي تُزين الغرفة ممزوجة باللونين..
كم اراد أن يجعلها كلها سوداء لكنه امتنع عن فعل هذا أملاً أن يجد ندى يوماً وتتلون حياتة ربما كانت تجعل من تلك الغرفة وردية لكن هذا أصبح مستحيلاً الآن..

مرّ عبر الباب الزُجاجي الذي يطل على المسبح الذي جعل من المكان في الأسفل لونه أزرق من انعكاس لون المياه النقية في السقف والإضاءات الخافتة التي زادت المكان جمالاً، فما فائدة كل هذا الجمال وهو وحيداً هكذا؟
صعد الدرج الخشبي وهو يتثاءب، تأوه بألم عندما ارتطمت رأسه بالباب الخشبي دون أن ينتبه فهو لم يفتحه، مازال نائاً لم يستيقظ كُلياً بعد، فتحه بهدوء ثم صعد وأغلقه خلفه وقام بتغطيته أسفل البُساط، ثم.

تقدم بانزعاج كي يفتح الشرف لأن رائحة الغرفة مكتومة..

دلف إلى الشرفة ثم ركل الملابس الممزقة أمام قدمية اقتضاب وهو يمط ذراعيه ومازال يتثاءب بنعاس لـ يتوقف وظل فمه مفتوحاً على مصراعيه وهو يرى ليلى تقفز فوق ظهر حصانه في محاولة كي تمتطيه بينما هو لم يتوقف عن الحركة رافضاً هذا، ليلى اللعينة سوف يقتلها، و سوف يسلخ جلد ذلك اللعين الذي يقف ويبتسم معها هو الآخر وكأنه مِلكاً له، ولما تلك الملابس هل تظن نفسها داخل سباق؟ هل تحلم أن تمتطيه حتى؟

لعن الإثنين وركض إلى الأسفل لـ يصطدم بـ نادين التي كانت تسير بالرواق بنعاس أسقطها أرضاً، حانت منه إلتفاته سريعة رآها بها وتابع ركضة سريعاً وكأنه لم يفعل شيءً، فهي لن تموت أو شيء من هذا القبيل بسبب سقوطها كي يتوقف ويفحصها ويرى إن كانت بخير أم لا..

ابتسمت ليلى بسعادة وهي تلهث ثم قالت من بين أنفاسها المتلاحقة وهي تمسك شعر ندى الذهبي من الخلف: أخيراً، صهل الحصان وهو يرفع حافرية عن الأرض إلي الخلف جعلتها تتحدث برجاء وتعب: لأ، حرااام، آآآه، أسقطتها أرضاً على ظهرها جعلتها تتأوه وهي تمسك أسفل خصرها بألم وتعب، فهذه المرة الثالثة التي تسقط بها..
هتف الرجل بتحذير عندما وجدها تتحرك: خلى بالك يا سِت هانم جاريكي الأرض مسجِية ولسة خضرة..

أومأت وهي تقف لـ تصرخ بتفاجئ عندما وجدت صفعة سقطت على مؤخرة رأس الرجل مع توبيخه الحاد بصوته الخشن الناعس: مين مالك خرجها يا جالوس الطين إنتِه؟
هتف معتذراً بتلعثم: مجدرش، مجدرش أقول للسِت هانم لاه يا سيدي؟
توسعت عينيها بتفاجئ و هتفت بغضب: يا كذاب إنت أنا مردتش عليك؟ أصلاً إنت اللي خرجتها..

كاد عمّار يتحدث لكنه لمح السوط ساقط أرضاً فانحني عليه لـ يهز الرجل شفيته كـ المرآة بخوف وهو ينظر إلى ليلى فهي من أتت به وليس هو!.
ضرب عمّار الأرض به جعلهما ينتفضان وخصوصاً ليلى التي لن تنسى ما فعل بها بعد..
ضربة بالأرض مُجدداً وهو يسأله باقتضاب: عيعمل معاكم ايه دِيه؟ أنا مش جولت ممنوع؟
هتف الرجل بخوف: وحياة ندى الغاليِة يا سِيدي سِت هانم هي اللي جابته مش أني..

هتف عمّار وهي يضرب كفيه معاً: إيكش يجيها خابط عالصبح الله يخربيت النسوان واللى جابوا النسوان إجلب من جِدامي إجلب يا حزين..

أومأ له وركض مبتعداً عنه لـ يجدها لكمت ذراعة العاري بقوة ثم ركلته وهي تصرخ به بوجه محتقن من الغضب: من دي اللي يجيلها خابط يا خنزير يا عـ، وصمتت عندما أمسك ذراعها بقوة وهزها بين يديه بعنف جعلها تشعر بتحرك أعضاء جسدها الداخلية داخلها وهو يسألها بجدية دون مُزاح: مين سمحلك تيجي عند الحصان بتاعي يا حماتي؟
ازدردت ريقها وهي تنظر داخل خضراوية القاتمة بتوجس فإنه غاضب حقاً، يا إلهي..

قالت بتلعثم وهي تتهرب من نظراته: أم عمّار هي اللي قالتلي أروح الاسطبل أشوف الأحصنة، ولما روحت عجبني ده و السايس قالي إنه بتاعك وسألني يخرجه ولا لأ، مردتش عليه وفكرت شوية ولما جيت أقوله متخرجوش لقيته اختفى بـ ندى..
صرّ على أسنانه بغضب وسألها بتهكم: كمان عرفتي إسمها؟أومأت وهي تحاول الابتعاد لأن ذراعها بدأ يؤلمها، لـ يباغتها بسؤالاً آخر: والكرباج ده جبتيه ليه؟ ضريبتها بيه؟!.

هزت رأسها بنفي وقالت بنبرة مرتجفة خوفاً من ملامحه المرعبة تلك: لأ، مستحيل اعمل كده مقدرش أنا جبته بس عشان السايس كان ماسكه فى ايده، سيب ايدي بقي عشان بتوجعني!
تركها وهو يزفر بعصبية لـ تترنح إلى الخلف من دفعه لها، وقبل أن تتفوه شفتيها بحرفٍ هتف بتحذير: حماتي أنا ممكن أتجاهل أي حاجة إلا إن حد ييجى جنب الحصان بتاعي أو أي حاجة تخصني مفهوم..

أومأت بهدوء دون إضافة شيء لـ يتابع بضيق وتحذير وهو ينظر لها من أعلاها لأخمص قدميها: لبسك يا حماتي مش هكلمك فيه تاني إنتِ مش في القاهرة دلوقتى واللى إنتِ عملاه هنا ده ميصحش..

عقدت يديها أمام صدرها وهتفت بتهكم: محدش هنا متضايق من اللبس غيرك إنت يا عمّار بطل تحوير وإستهبال، عايز تتحكم في حد إتحكم في نادين بما إنها هتبقى مراتك ومش دلوقتي كمان عشان إنت ملكش عليها كلمة، فاهمني؟ وياريت تبطل تسلط وتحكم فينا إحنا مش بنشحت منك هنا؟ إحنا قعدنا اسبوع وأظن إن ده كفاية وأهلك إتعرفوا علينا وخلاص، يعني ممكن نمشي في أي وقت ومن غير ما ناخد الإذن من حضرتك كمان ماشي!، وياريت بقي ياريت يعني تلزم حدودك معايا ومتقربش مني وتخلي في مسافة وإنت بتتكلم معايا، وإيدك الطويلة دي تخليها جنبك..

إنفجر ضاحكاً بسخرية وهو ينظر لها لـ تختفي إبتسامته وحل محلها الوجوم جعلها تبتعد إلى الخلف بارتباك وهي تنظر له بتوجس داعسة على العشب الأخضر الذي يصدر صوتاً مُزعجاً هو ماكان يسمع بعد صوت أنفاسها المتلاحقة..

توقفت عندما وجدت ظهرها يلاصق الحصان فأسندت بقية جسدها عليه وهي تزدرد ريقها وانفاسها المرتجفة خرجت كـ كرة دخان متصاعدة بصعوبة بالغة أثناء خفقان قلبها بعنف وقوة مراقبة تقدمه منها حافي القدمين!، حافي القدمين هذا القذر!، توقف أمامها وحرك شفتيه ليتحدث لكن الحصان تحرك مبتعداً عنهما..
صرخت بفزع وهي تسقط أرضاً على مؤخرتها بألم دون سابق إنذار..

ضحك بتسلية وهو ينظر لها ثم قال بهدوء: خلاص مش هتكلم كفاية عليكِ كدة..
تركها وغادر صاعداً إلى الأعلى، لكنها وقفت بغضب وصاحت بصوت مرتفع: إستني عندك، تعالي ركبني الحصان ده دلوقتي أنا في مصر كنت بركب خيل مرتين في الأسبوع و عدى عليا هنا اسبوع ومركبتش حاجة ولا في أداة من أدوات الترفيه بتاعتي هنا وكده هزهق وده مش كويس عشانك يا عمّار..

توقف زافراً وهو يلعنها ثم قال بنفاذ صبر: عندك الاحصنه كتير خدي واحد و اعملي فيه اللي تعمليه..
عقدت يدها أمام صدرها وقالت بضيق: لأ، انا عايزة ندى، إبتسم بعصبيه ومسد جبهته بضيق هو يلتهم شفتيه بين أسنانه بعنف ثم قال وهو يصك أسنانه بقوة: متقوليش زفت!
قلبت عينيها وقالت بضيق: اوكية ركبني حصانك حلو كده؟

تنهد وقال بضيق: مش هتعرفي ده أنا اللى هو أنا بركبها بالعافية وبمزاجها كمان يعني طالما وقعتك كذا مرة مش هتسيبك وهتوقعك تاني!
هزت كتفيها بقلة حيلة وقالت ببرود: نجرب تاني عادي، زفر وهو يلعنها ثم عاد أدراجه أمامها من جديد لـ تهتف بحماس وصوت مرتفع هي تبتسم: ندى، تعالي يا ندى، بابا عمّار عايزك..
يا إلهي، يُريد أن يبصق في وجهها الآن، قضم شفتيه بغل ثم تركها وذهب كي يروض ندى ويعود لها من جديد..

مررت يدها حول عنقها وهي تميل برأسها تراقبه بعسليتيها الناعسة بابتسامة أثناء ترويضه لها، لما يبتسم بهذا القدر أمامها! هل يحبها إلى تلك الدرجة؟، اتسعت ابتسامتها الذاهلة ورفعت رأسها هي تجدة يُقبل وجهها الطويل وهو يبتسم! هذا اللعين لديه جوانب أخرى لم تراها بعد لكن! لما أسماها ذلك الإسم؟ هل من المعقول أن يكون هذا وشمة أيضاً وليس نادين؟!

ضيقت عينيها وهي تنظر إلى صدره وخاصتاً جهة قلبه على ذلك الوشم اللعين الذي لا يظهر منه شيء..
عاد أمامها هو وندي غير متجاهل نظرتها التي تتفحصة بثقب..
هتف بضجر وهو يعقد يديه أمام صدره: اتفضلي اطلعي، أومأت له وهي تبتسم بحماس ثم قفزت سريعاً أمامة جعلته يتعجب وسقطت بأحضانة بنفس الوقت عندما أسقطتها ندى، زفر وترك خصرها بضيق وهتف بسخط: قولت مش هتسيبك تركبي..

هز رأسها بإصرار بتلك المقلتين اللامعة التي لاحظها فهي تحبهم حقاً..
قفزت من جديد وهي تلهث، وضعت ركبتيها على ظهر ندى والأخرى انزلقت، أغمضت عينيها بإرهاق وهي على وشك ان تبكِ بسببها منتظرة أن تسقط..
زفر هو و مد يدية، رفعها من خصرها النحيل وأنزل قدمها العالقة ثم عدل طريقة جلوسها وهو يحركها من خصرها ثم إبتعد لكي تتحرك وتذهب..

صهلت ندى بانزعاج ورفعت حافرها عن الأرض وهي ترفع رأسها كي تسقط ليلى، فصرخت وأمسكت عنقها بقوة رافضة أن تتركها وهتفت برجاء: عمّار إلحقني ووقفها كفاية وقعتني كتير..
كم يشتهي أن يتركها تسقط وتتهشم عظامها كي تتوقف عن إغضابه، لكن يكفي عليها هذا كي لا تبكِ كـ الأطفال..
تقدم وحاوط خصرها ثم قال بهدوء: سيبي إيديك مش هتقعي، هز رأسها بنفي خوفاً وهي تشعر بجسدها يتراقص بسبب تحرك ندى الكثير..

زفر بنفاذ صبر وهو يشدها من خصرها بقوة فصرخت بخوف وهي تجد نفسها ترتفع عن ظهر الحصان، فأطبقت جفنيها بقوة وحاوطت عنقه وهي تكتم أنفاسها الثائرة خوفاً أن تسقط..
أنزلها أرضاً ثم أبعد يديها عنه بضيق عندما ضربت أنفاسها الدافئة عنقه وتغلغل عبقها الآخاذ رئتيه..
تحدث بصوت مرتفع حانق كي تستفيق: خلاص، خلصنا، هديتي، متقوليش حصان تاني بقي..
أمسكت يده وهتفت برجاء: ممكن تاخدني وراك؟ نفسي أركب حصان أوي والله..

رفع زاوية شفتيه بسخرية وكاد يسخر منها لكن نظراتها المترجية بحق وتلك المقلتين البراقة اللعنة عليها، جعلته يتراجع رُبما يكفر عن ذنب ما فعله معها بتلك الطريقة، أومأ بهدوء وربت علي وجهه ندى بحنان وهو يبتسم ثم قفز وأستقر على ظهرها بهدوء وأنتظرها أن تقفز خلفه لكن اللعينة الشيطانة كانت تتأمل خصلات ندى الذهبية التى تتطاير أمامها وهي تبتسم مُتناسية كل ما حولها..

شهقت بخفة عندما شعرت بقبضة الفولاذية تحوط خصرها ثم رفعها وأجلسها أمامة..
حركت أهدابها بسرعة متعجبة وهي تنظر إلى صدره الذي أمامها بسبب تلك الوضعية؟ ماهذا؟ لما تجلس هكذا؟، رفعت نظرها قليلاً كى تنظر له لـ تقابلها عروق رقبته البارزة وبشرته الخشنة وكتفية العاريين وهذا الصدر الصلب كـ إحدي الهضاب!، خفق قلبها بقوة فـ أبعدت نظرها عنه بضيق وهي تمسد قلبها ثم هتفت بحدة: إنت مقعدني هنا ليه نزلني..

زفر وهو يبعد رأسه إلى الخلف بسبب شعرها الذي يتطاير بفعل الرياح يداعب وجهه بنعومة أزعجته..
ضربت صدره وهي تلوح بقدمها في الهواء غير منتبهه على معدة الحصان التي تضربها دون أن تنتبه وهي تقول: نزلني نزلني بقولك..

صهلت ندى بقوة وألم من تلك الضربات ثم رفعت حافرها أكثر من سابقاتها، جحظت أعين ليلى وهي تشعر بهم يميلون إلى الخلف و تلتصق بجسدة أكثر فصرخت وهي تطوق رقبته بقوة، فـ حاوط خصرها بدوره وهو يحاول الوصول إلى رقبته ندى كي يوقفها لكن فات الأوان وسقط في الوحل وهي فوقة..
يقسم أنه يُريد ذبحها الآن، فليأخذها الله كي يرتاح..

رفعت رأسها عن صدره الذي يعلو ويهبط بعنف وثوران ملفت لـ تتسائل هل هذا غضب أم تفاجئ كي تتصرف..
نظرت إلى وجهه لـ تشهق بتقزز وهي تري بركة المياه والوحل من حولهما، رفعت يدها تنظر إلى القفازين المتسخين بتقزز ثم صرخت قائلة بغضب: ايه القرف ده؟

دفعها من فوقه بسخط أسقطها داخل الوحل فـ صرخت بجنون وهستيريا ثم إعتدلت جاثية على ركبتيها وهي تهز رأسها بسرعة كي تبعد شعرها إلي الخلف وجمعت الوحل بين يديها من فوق القفاز بغضب وألقته علي وجهه وهي تصرخ به: يا خنزير يا مقرف..

ثم تقدمت منه و إعتلته كأنه زوجها وظلت تجمع الوحل بين يديها بينما هو كان ينظف وجهه بضجر لـ تباغته بالوحل الذي كاد يدخل داخل فمه وهي تمسحه على وجهه كـ قناع مفيد للبشرة قائلة بتشفي: خُد يا خنزير ده مكان الخنازير بتحب تقعد في الطينة زيك بالظبط كده خُد طينة جميلة خُد..

كور قبضتيه بغضب جامع ونفاذ صبر ثم ووضعهم بجانبه، اللعينة سيقتلها، ملئهم بالوحل ثم رفعهما معاً وكوب وجهها بين يديه وقام بمسحهم بوجهها وكل ما أدركه من شعرها وهو يحرك رأسها بين يدية بقوة جعلها تصرخ بوجهه..

ألقاها أرضاً وجثى على ركبتيه وبدأ بتجميع الوحل بوجهه أسود كـ وجهها كأنه ثلج وهم أطفالاً ثم قال بتهكم وهو يقليه عليها: فاكرة نفسك في أوروبا وحياة أمك بتلعبي بالثلج، هاا، وظل يضربها دون توقف لم يترك لها فرصة كي تضربة حتى قاطعه صوت نادين العابس وهي تتقدم منهما: ايه ده؟ بتلعبوا من غيري؟

أبتسم ورفع يده وألقى عليها الوحل على طول ذراعه بِغل ارتطم بوجهها بقوة أسقطها أرضاً، فضحك وسألها وهو يتابع إغراق ليلى التي كادت تبكِ وهي تنظر إلى جسدها المتسخ: حلو اللعب هاا تعالي إلعبي..
إنفجرت نادين ضاحكة ثم جلست وبدأت تفعل مثلهم لـ تقف ليلى وألقت عليه بغضب وهي تصرخ به: بتضربها كده ليه يا خنزير الخنازير ليه؟

أبتسم بغضب لـ تظهر فقط أسنانه البيضاء اللؤلؤية جعلها تنفجر ضحكاً بتسلية وهي تأشر على وجهه فتقدم منها بغيظ وحاوط عنقها بيديه اللزجة ثم أسقطها بقدمه أرضاً وخلع القفازين عن يديها لـ تصرخ بهستيريا ويبتسم هو بانتصار وهو يضع يديها البيضاء الناعمة داخل الوحل ثم مررها على وجهها عنوة تحت مقاومتها الضعيفة هو يبتسم بسعادة ثم سألها وهو يغمزها بـ خضراوية الحمراء الملتهبة بسببها بعبث: حلو الثلج الصعيدي يا حماتي؟ ها؟

ضربت نادين ظهره وهي تضحك بسعادة وأمرته بحدة لطيفة: سيب مامي يا عمّار عيب كده؟
أبتسم وهو يراها تتقدم منه ومازالت تضربه، أمسك بكاحلها عندما إقتربت منه أسقطها أرضاً ثم قلبها ودفن وجهها نفسه في الوحل وهتف بحنق: عليكِ إنتِ وأمك..

صرخت حُسنة وهي تضرب قلبها بيديها بقوة عندما رأتهم: يا مراري إيه دِيه يا مخبول إنتِه؟ بَيِنك جنيت ولِّيه واه واه واه، عتدخل كيف دلوك بخلجتك ديّ؟ روحي يابت يا صباح خدي بيد عروسية الناجص دِيه وأنا هاخد بيد حماته، أومأت لها بطاعة ثم ركضت لها سريعاً وساعدتها..
زفر عمّار ونظر إلي ندي وهتف بضجر وهو يراها تقف وكأنها كانت تُراقبهم: أهم حاجة تكوني حضرتك ارتحتى كده؟

صهلت بصوت منخفض وهي تضرب حافرها بالأرض كأنها كانت تستمع بذلك العرض، فألقي عليها وحل هي الأخرى بغيظ فركضت وتخطته وهي تصهل وتحرك رأسها مع شعرها بمشهد خاطف للأنفاس في هذا الصباح وكأنها تستمع بهذا فابتسم وتابع اللعب معها فهو من وقتٍ طويل لم يراها أيضا..
بعد بعض الوقت..
توقفت أمام المرآة وهي ترتدي مئزر الإستحمام الأبيض القطني وهي تنعته بأبشع النعوت والدماء تغلى داخل جسدها الغضب لأنها لم تأخذ حقها منه..

ضحكت من كل قلبها وهي تهز رأسها متذكر هيئته المتسخة فهو كان سخيفاً ومضحك، يا إلهي، توقفت عن الضحك و وبخت نفسها بضيق فهو لا يستحق الضحك عندما تتذكره حتى لا يستحق!، يُجب أن تتذكر وقاحته فقط وكل شيءً سيء يتعلق به..
زفرت بعصبية ونظرت داخل شعرها عبر المرآة عندما وجدته يعود إلى لونه الطبيعي إضافة إلى تجعده من جديد، وضعت أناملها فوق خصلاتها التي عادت سوداء ثم إرتدت خُفها وأخذتها خطواتها إلى غرفة نادين..

تركت الغرفة وسارت في الرواق وهي تتأف لـ تصطدم بصدر عمّار المُتسخ فـ إرتدت إلى الخلف بتقزز ثم رفعت نظرها له بسخط لـ يقول بتسلية وهو يتفحص هيئتها بوجهه الذي نظفة: حمام الهنا يا حماتي إيه ده حاطه ايدك على شعرك ليه إبيض ولا ايه؟، وضحك بتسلية وتابع طريقه إلى غرفته دون الإلتفات لها وحتي أن يسألها لما تسير في المنزل بتلك الملابس؟، غريب!
همست بازدراء وهي تدلف إلى غرفة إبنتها: سخيف..

سألتها نادين وهي تجفف شعرها بالمنشفة ومازالت تقهقة على ماحدث في الأسفل: مين السخيف يا مامي؟
ردت بامتعاض وهي تجلس أمامها على الفراش: هيكون مين يعني غيرة؟
ابتسمت نادين وقالت بتذمر: مامي عمّار قمر والله..
هزت ليلى رأسها بعدم إهتمام ثم سألتها بحزن: مش جايبة معاكِ صبغة شعري رجع تاني..
ابتسمت نادين بسعادة ثم قالت باستنكار: أول مرة أشوف حد بيغير لون شعره وهو جميل كده ماله الأسود يعني؟

تنهدت ليلى بضيق ثم أضافت: طيب بيبي ليس أو أستشوار عشان مش بطيق شعري كده!
هزت نادين رأسها وهي تبتسم ونظرها معلق على شعر والدتها الذي بدأ يجف ويتجعد قليلاً فمن كثرة تصفيفة لا يعود مجعداً بسرعة كما في السابق..
قالت بسعادة وهي تقبل رأسها: كده أحلى كتير والله وماشي مع وشك أوي كويس إننا هنا عشان متعمليش حاجة..

زمت ليلي شفتيها بحزن لـ تهمس نادين بأذنها وهي تضع يدها حول رأسها في الهواء كـ الساحرات: أنا هحل المشكلة، اسمعي، نظفت حلقها وتابعت بتسلية وجديّة: ياوردة إلمعي، خلي القوة تبان، يرجع اللي كان، اللي ضاع زمان، ضاع من زمـ، وانفجرت ضاحكة عندما ألقت ليلى عليها الوسادة بغضب ووبختها بسخط: يا سخيفة، إنتِ سخيفة زيه بالظبط، ضحكت نادين وعانقها بقوة لـ تقول ليلى بعبوس وهي تحاوط خصرها بحنان: لما تخلصي روحى قوليله يجهز نفسه عشان ياخدنا في حته نشتري منها حاجات لينا وتكون نضيفة..

في المستشفى مساءاً..

دلف قُصيّ إلى الغرفة بهدوء، ليجدها مازالت نائمه ويبدو عليها الإرهاق، لكن هذا لم يؤثر على هيئتها الملائكية! فمن يراها مستيقظة لا يظن أنها بذلك الجمال وهي نائمه! فكم يحب تأملها عندما تكون غافية بأحضانه فهي جميله وبريئه، رغم كل هذا بريئه وتشعره دائماً أنه مسئول عنها وتجبره علي الإعتناء بها دون أن تتحدث وهو ينصاع ويهتم بها بإسم السيطرة وهي تصدق وتحزن نفسها وتظن أنه يراها رخيصه! فهي ليست رخيصة بتاتاً بالنسبةِ له ولا يفكر بها بتلك الطريقة هي فقط تستفزه وهو لا يُحب أن يجعلها تنتصر فيطّر أن يجرحها ولكنه وبأعماقه يعلم أنها هي المنتصره دائماً وليس هو..

جلس أمامها ثم إبتسم بحزن ومدّ يده وأخذ يداعب وجنتها بنعومه ثم أعادت غرتها إلى الخلف منتظر أن تستيقظ بهدوء..
مرّ بعض الوقت عليه وهو يراقبها بثقب..
حركت جفنيها المُطبقين بإرهاق، أفرجت عن فيروزتيها الآسرة بتعب، حركت رأسها على الوسادة ببطء تتأمل المكان وأول ما وقع نظرها عليه كان هو..

أبعدت وجهها إلي الجهة الأخري بوهن ثم شهقت بألم وأخذت عبراتها تتساقط بغزارة مُعبرة عن تعبها وتعب روحها وتحطيم فؤادها و اكتفائها من كل هذا..
قطب حاجبيه بحزن وجلس بجانبها على الفراش يُريد أن يتحدث أن يواسيها لكنه لا يعلم كيف؟ ماذا يفعل؟
استلقى بجانبها وعانقها من الخلف ثم أدخل يده أسفل رأسها وحاوط منكبها بحنان وألصق جسدها به وهمس داخل أذنها بأسف: أنا أسف أسف علي كل حاجه أسف..

علا صوت أنينها وحاولت إبعاده بضعف لكنه لم يبتعد بل قربها منه أكثر وبيده الأخرى حاوط خصرها وهتف كـ طفلٍ صغير: مش هسيبك هفضل معاكِ دايماً مش هسيبك غير بموتي أو بموتك إنتِ إللي تختاري براحتك بقي..
هزت رأسها بألم ثم هتفت بحرقة: إنت ليه بتعمل فيا كده حرام عليك أنا بحبك..
خيّم صمت مُريب في الغرفة عدي صوت شهقاتها ثم تحولها إلى ضحكات ساخرة على نفسها وعلى حياتها.

ارتخت قبضته قليلاً حولها فـ أبعدته نهائياً وإستقامت جالسة ثم نظرت له وهتفت بوجه باكِ مرهق: أيوا بحبك ولو مكنتش بحبك عمرك ما كنت هتبقي قريب مني بالطريقه دي ولا فاكر إني رخيصة و عادي بالنسبالي إني أعمل علاقة مع واحد؟.
ثم ضحكت بسخرية وتابعت وعنيها تتجول علي كل ما في الغرفة: حتي لو كده مش هتفرق دلوقتي عشان عندك حق بس كفايه كده سبني في حالي بقي وإنساني ممكن؟!

هز رأسه بنفي وهو يفكر بتلك الكلمات ثم هتف مستنكراً: ومين قلك إني مش بحبك؟!
هزت رأسها بتعب وأردفت بسخريه: بتحبني بس مش الحب اللي أنا عايزاه! أنا حد عابر في حياتك فتره وهعدي إنت عندك مراتك وبنتك وجـنّـة وأنا مليش دعوه بكل ده وعمرى ماهكون وسط القايمة دي!
كيف علمت عن هذا الآن؟ بالتأكيد منزلة اللعين الممتلئ بالإطارات..

هتف بانفعال وعصبية: مراتي وبنتي دول ميتين يا عشق ياريت تفهمي؟ وجـنّـة مش بحبها فاهمه ولا لأ و بطلي تعملي مقارنة بينك وبينها عشان هو ده اللي تاعبك؟!
ازدردت ريقها ثم نظرت له بعيون زائغة وسألته بتأثر: إزاي ماتوا يعني؟!
مسد جبهته بألم وهو يتذكر ذلك اليوم البائس: كُنت سايق وعملت حادثه بس إصابتهم كانت قوية محلقتش أنقذهم ولما وصلت المستشفى كانوا ميتين..

أومأت بتفهم ثم هتفت بشرود: اعتبرني مُت زيهم وسبني في حالي، ثم أمسكت يده وتحدثت برجاء وهي تبكِ من أعماقها: لو بتحبهم بجد سبني في حالي وإنساني كأنك مشفتنيش ممكن؟!
هز رأسه بنفي وهتف بِتيه وهو يضغط على يدها: بس انا بجد بحبك..

ابتسمت ووضعت يدها المضمضه علي وجنته بنعومة وهتفت بصوت مرتجف وهي تبكِ: لو بتحبني كُنت هتتجوزني أنا مش هتتجوز جـنّـة عشان شبهي! لو بتحبني كُنت سبتها لما لقيت مشاكلنا كِترت بسببها! لو كُنت بتحبني يا قُصيّ بجد مكنتش هتقولي هي دي الرخيصة لما تعمل لنفسها سعر! مكنتش هتضربني مهما عملت ومهما قولت! مكنتش هتسبنى أبعد عنك لحظة زي ما قولتلي النهاردة وكُنت هتفضل مُتمسك بيا ومش هتسمحلي أسيبك طول السنه وأجيلك في وقت معين؟! تحب أقول حاجات أكتر وأثبتلك قد إيه أنا رخيصة في نظر نفسي قبل نظرك؟!

أبعدت يديها عن وجهه وجففت عبراتها بألم وتابعت بنبرة مرهقة: علاقتنا انتهت هنا يا قُصيّ كده كده كانت هتنتهي بس تنتهي مني أحسن ما تفاجأني إنت وإنت بتخرجني من حياتك! على الأقل دلوقتي هخرج بكرامتي أحسن ما تطردني إنت وفي الوقت ده هموت نفسي بجد والله..
هز رأسه رافضاً قولها هذا ثم هتف بترجي: عشق..

سقطت عبراتها من جديد وبعدت نظرها عنهُ، تنظر بالاتجاه الأخر رافضة النظر له فهو لا يعلم كم تحب أن تسمع إسمها من بين شفتيه، بالرغم من كونه لا يعلم أنه إسمها الحقيقي لكنه انصاع لها ويُناديها به ولا أحد استطاع بمعنى لا أحد استطاع نطق أسمها كما ينطقه هو بتلك النبرة والبحة الرُجولية وكم تُحب هذا..

لقد تمنت الآن فقط لو أنها أخبرته مُبكراً بهذا الإسم لكي يطرب ويتحف أذنها بتلك النبرة كي تكتفي وتشبع من سماعها، لكن لايهم فـ ذهابها الآن أفضل من وجودها وتعلقها به أكثر من هذا، من الجيّد أنها لم تخبره مُبكراً..
محت عبراتها وهتفت بهدوء وجدية: قُصيّ لازم تسبني انا متجوزه وهربانة من اهلى.

شحب وجهه ثم تدرج بألوان قوس قزح جميعاً وهو يحملق بها بأعين جاحظة، لقد ألجمته الصدمة ولم ينبس ببنت شفة مستمراً في التحديق بها وهو يتساءل بنفسه كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟
تابعت وهي تضحك جعلته يدرك غبائه وحماقته كل تلك الفترة: إسمي عشق التهامي و متجوزه عارف مين؟!.

لم يرد عليها بل ظل يُحدق بها بدون تعبير وجمود ظهر جلياً على وجهه لم تستطيع أن تتوقع من خلاله ردة فعلة حقاً، لـ تتابع بهدوء وسخرية: جاسم العمري إللي مش بتحبه ده وكُنت بتفضل تحكيلي قد ايه انت مش بطّيقة وأنا في حضنك! أهو هو ده بقي إبن خالتي وجوزي أظن إن ده سبب كفايه يخليك تسبني وتنساني صح؟!

في الصعيد..
زفر عمّار وهو يُراقب البائع يدخل الحذاء بقدمها وهو يمسك كاحلها الناعم بين يديه، تقدم منهم وهو يبتسم بعصبية عندما وجد سيارة تتوقف أمام المتجر..
دفعة من كتفه بضيق وقال بحنق: في زباين جت روح شوفهم، أومأ الفتي الشاب وهو يبتسم ثم وقف وتركهم
إنحني عمّار وأمسك كاحلها بقسوة ثم أدخل الحذاء عنوة ألمها جعلها تشد شعرة وهي تصق أسنانها مع قولها بخفوت بجانب أذنه: رجلي يا قاسي ياللى معندكش قلب..

ضحك بسخرية وهتف بسخط وهو ينزع ذلك الحذاء الأحمر المرتفع عن قدمها بنفس القسوة: ياما نفسي أدخل كعب الجزمة ده في عينك..
اختطفته من يديه ثم وقفت أمامه وهتفت بسخط مماثل وهي ترفع الحذاء أمام وجهه مع حاجبيها بتحدي: وانا نفسي أخرملك دماغك دي بنفس الكعب ده برده..

نظر لها مطولاً بسخط وأعصاب مشدودة صانعاً تواصلاً بصرياً معها هو ينظر داخل عسليتيها بعمق، تلك العسليتين التي تطلق شراراً إتجاه خضراوية مُعلنة الحرب عليه، حرباً باردة لا يعلم إن كان سينتصر بها أم سيتسلم ويعلن هزيمته ُ بمنتصفها!
قطع ذلك الصمت وتلك الحرب قبل أن تبدأ قول الفتى الشاب وهو يبتسم بسعادة مُرحباً بها بحرارة: ندي هانم الطحاوي المحل نور إتفضلي!.
إلتفت عمّار وليلى معاً و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة