قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل العاشر

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل العاشر

بعد أن استعادت وعيها بمساعدة الطبيب تذكرت كلماته شعرت بصدمه تجتاح كيانها، نظرت له بذهول وانسابت دموعها ورددت بصوت متقطع: يعني كلامك من شويه تقصد بيه إني عمري ما هكون أم؟!
وضعت يدها على بطنها بتلقائية.

وأكملت بصوت باكي،: لأ لأ أكيد فيه غلط أكيد حضرتك شوفت تحاليل تانيه، أو على الأقل اكيد فيه حل صح أرجوك قول إن فيه علاج حتى لو بره، ثم نظرت ل حازم الذي ينظر لها ببرود وتحدثت بلهفه: قوله ياحازم إن لو فيه علاج بره هسافر واتعالج وأكون أم قوله.
لم تتلقى أي رد من حازم وسمعت صوت الطبيب بأسى على حالها: أنا أسف جدا يا مدام حسناء بس كل التحاليل بتقول إن مفيش علاج لحالتك؛ لكن لو حابه تحاولي بره مصر عادي أكيد الأمل في ربنا كبير .

وقف حازم وتحدث بجمود: متشكرين يادكتور محمد، ياله يا مدام اتفضلي معايا خلينا نمشي كفايه نواح كده
نظرت له حسناء بحزن شديد فهو لا يملك لها ذرة حب أو حتى شفقه، وقفت وسارت معه جسد بلا روح، تشعر وكأنها طير داخل قفص ومنع عنه الماء والطعام، فكيف ستعيش؟!
عندما وصلوا خارج المشفى توجهت حسناء بهدوء وضعف للسياره وما ان اقتربت منها حتى سمعت صوت حازم.

حازم باستهزاء: على فين يا هانم؟
نظرت له بعيون منتفخه، ومشبعه باللون الأحمر ثم قالت بتعجب: على فين ايه مش هنروح؟
حازم ببرود: ايوه انا هروح لكن انتي بالسلامه كده مع نفسك تروحي بيت أهلك تعرفيه ولا اوصفهولك، وورقتك هتوصلك في اقرب وقت.
ليست المرة الأولى التي يتسبب لها بالصدمه، لكن لم تتوقع تلك الكلمات في هذا التوقيت، تحدثت وهى تترنح قليلاً تشعر بدوار: انت بتقول إيه يا حازم، احنا اه مفيش بينا حب بس مش ممكن ترميني كده؛ أصبر يمكن فيه غلط في التحاليل او على الأقل يكون فيه علاج.

حازم: اصبر! وده من ايه إن شاء الله انا خدتك تحدي، وكسبت التحدي إني أقدر اشتري اللي انا عايزه بفلوسي؛ حتى لو واحده مكتوب كاتبها زيك، وقولت أمشيها رسمي علشان تخلفي وريث لعيلتنا زي ما والدي بيتمنى؛ إنما انتي طلعتي أرض بور والأراضي كتير غيرك أتعب نفسي معاكي ليه؟!

شعرت حسناء بالإهانة الشديده، كما اعتادت من كلماته، وتصرفاته حتى أنها استحقرت نفسها، لكن هى الأن تشعر أيضاً بالضعف رفعت يدها وأمسكت رأسها في محاوله التوازن ثم رفعت عيناها الدامعه من الأرض ونظرت له باستعطاف.
حسناء: طب على الأقل متسبنيش هنا لوحدي، انا تعبانه، وديني لبابا
حازم بجمود: التكسيات كتير سلام بقى اصلي مش فاضي وأه كنت هنسى، انتي طالق، طالق، طالق بالتلاته.

استقل حازم سيارته ورحل بها أمام أنظار حسناء المصدومه شعرت وكأنها مثبته في الأرض وكل شئ حولها يدور بسرعه، أغمضت عيناها التي تنهمر منها الدموع بغزارة على حالها، واستجمعت جزء ضئيل من قوتها، وخطت بضع خطوات وهى تكاد لا ترى ثم سمعت صوت توقف سيارة عاااال جدآ، صدمتها ووقعت أرضاً ولم تعد تسمع أو ترى شيئآ.

كان حامد يجلس في المنزل، ينتظر عودة علوان من الخارج، كان شارداً فيما حل به، وبزوجته، وولده، وحتى بالمسكينه ملك شعر بالدماء تغلي في عروقه، نظر حوله وحدث نفسه.

معقووول كل السنين اللي فاتت دي عايش مع أبوي الراجل اللي لابس توب الأخلاق، وهو بيتاجر في أرواح الناس؟!
إزاي معرفتش ده إزاي قسوته عليا من صغري، فلوسه اللي ملهاش حصر، والكل مصدق إنها من تجارة القماش، وقال إيه ورثه من جدي، طيب وسفره الكتير، مكتبه اللي مكتم عليه ومحدش يدخله غير بإذنه، وكمان في الأخر يهددني ويغصب عليا اتجوز اخت سالم علشانه ظابط
كل ده إزاي مفهمنيش الحقيقه، أو حتى حسسني بحاجه غلط بتحصول؟!

وقف بعصبيه وقال بغضب مكتوم: خلااااص جه وقت الوقوع ياعلوان، هاخد بتار ولدي، وحبيبتي، وتار معاملتك القاسية ليا ولأمي الله يرحمها.
سمع صوت سيارة علوان بالخارج، مسح وجهه وحاول الهدوء.
دخل علوان وعندما رأى حامد ينتظره وقف ونظر له بترقب، ليرى ردة فعله.

اقترب حامد من علوان يجاهد نفسه على كتم غضبه، لكن لم يستطع اخفاء حزنه فمن الطبيعي يحزن على ولده.
حامد بحزن: خلاص يا بوي رجالتك خلصوا على ولدي، اللي كان هيبقى حفيدك.
نظر له بقسوه ثم هتف: ومين قال إني عايز حفيد من بنت الفران ده، أنا عايز حفيد خاله يكون سالم الضابط المحترم، صاحب السلطه، وكمان المال.

جاهد أن يتحدث بهدوء عكس ما بداخله: وأني يا بوي فوقت لنفسي وعرفت إني من غيرك مسواش، وكمان وردة دي كانت نزوة إكده بس بالحلال، ولما حبلت اتكتفت مقدرتش اتخلى عن ولدي، بس خلاص ولدي وراح، وهى مرمية في المستشفى في غيبوبه، أني كنت واخدها هى وأبوها علشان أطلقها، بس رجالتك سبقوا.
ابتسم علوان بنصر وقال باستفسار: ومرتك اللي سابت البيت كيف هترجعها؟!

حامد: حوصل يا بوي روحتلها وعرفتها اللي حصل، وطلبت منيها السماح، وهى مع ضغط أخوها، وكمان أمها وافقت تعاود، خصوصي لما عرفت إني هطلق وردة بس لما تفوق من الغيبوبة.
علوان بفرحة وهو يضع يده على كتف حامد: إيوه إكده، ولدي بحق وحقيقي، أمال هى فين
معاودتش معاك ليه؟!

حامد: طلبت مني ترتاح كام يوم لانها تعبانه شويه، وكمان قالت علشان تقدر تفتح صفحة جديدة، كلام زي بتوع البندر إكده.
علوان: معلوم تتحدت زي بتوع البندر، مش بنت عمتها البت المايعه اللي اسمها عليا دي، ما علينا ماشي سبها على راحتها، ووافق على اللي هى رايداه.
حامد: حاضر يا بوي أمرك، بس عندي طلب يا بوي من بعد إذنك.
علوان: قول طلب إيه ده ؟

حامد: عايز أكبر شغلي، عايز احس اني ولدك، وظهرك، زي ما كنت بتتمنى في كل شئ، أني عارف إن لو فضلت بعيد عنيك بشغلي عمري ما هكبر ولا أكون زييك، عايز انسى كل اللي فات ده، لأنه كان تضيع لعمري، وعلشان كومان أكون زين في عيون ملك.
علوان بسعادة بالغة: صوح الحديت ده؟!
طبعا موافق ياولدي، وجذب حامد إليه وضمه، رغم أنها أول مرة يفعلها علوان، فهو لم يفعلها قط من قبل، إلا أن حامد شعر وكأن هناك أشواك تغرس في جسده بين يدي والده، لكن استسلم له حتى يطمئنه.

يجلس سالم في حديقة منزله، شارد الذهن يسترجع ما حدث بعد أن ضرب زوجته.
عند هذه النقطه شعر بالألم يعتصر قلبه؛ فهو وإن كان يعاملها بقسوة إلا أنه لم يتخيل يوماً أنه سيرفع يده عليها حتى.
وقف واتجه نحو حمام السباحه ورغم برودة الطقس، إلا أنه نزل بالماء لعلها تطفئ نيران غضبه من نفسه.
ظل يسبح وهو يتذكر كلمات بدر.

كان في صالة الألعاب الرياضيه، في وقت متأخر، دخل عليه بدر، وجده يضرب كيس رمال بقوة بيد واحده وكأنه يعاقبها

بدر: بقى سيادتك هنا، وقافل فونك، وانا اسأل في المكتب، والشركة، ورغم إني عارف انك مبتروحش القهوة بس سألت.
توقف سالم وهو يلتقط أنفاسه: كيفك يا بدر تعالى أقعد.
بدر بغيظ: يا برودك يا أخي، وبعدين انت إيه اللي بتعمله ده، حد يلعب رياضه بالطريقه دي؟!
نظرسالم أمامه ثم تحدث بهدوء: انت عرفت طريقي كيف؟

بدر: واحد في القهوة قالي إنه شافك جاي ناحية هنا.
سالم: خير بتدور عليا في حاجه؟
بدر بهدوء: وحشتني يا عم عادي يعني، بس قولي مالك فيك إيه، وإيدك اللي اتجرحت دي، ليه كده.
نظر سالم ليده وجدها بالفعل جُرحت، فنظر للجرح وقال بشرود: ده جرح بسيط، هيتعالج، بس فيه جروح صعب نداويها يا خوي، واللي تعابني إني جرحت بيدي دي روحي.

ابتسم بدر بهدوء، فقد استشعر ندم سالم وأيضاً عشقه لعبير، فاقترب منه ووضع يده على كتفه، وقال له بهدوء.
بدر: مالك يا سالم حاسس إنك مهموم، فضفض، ولا مبقتش تحب تتكلم معايا زي زمان وقت ما كنت بنزل اجازات هنا.
شعر سالم بحاجته للتحدث، فروى كل ما حدث لبدر بصوت يملأه الحزن والندم.

بدر بهدوء: طيب ليه كده القسوة دي؛ ده مش طبعك، كمان أنا متأكد انك بتحب عبير
شوفت تصرف غلط يخليك تشك فيها؟!
نظر له بغضب ثم هتف بعصبية: انت جنيت ولا إيه يا بدر، إيه الحديت الماسخ ده، لا يمكن أشك في أخلاق عبير، بس أني بغير عليها، وكومان بحافظ على برأتها لأنها حرمة، والحرمة لازمن تتشكم علشان تمشي عدل.

هز بدر رأسه بانتقاد لأفكار سالم وتحدث بهدوء محاولاً إقناعه: شوف يا سالم عايز أقولك كلمتين نصيحه من أخوك وانت حر التصرف.
الست لما بتحب بتستحمل كتير علشان حبيبها، ممكن تستحمل تصرفاته، وغلطاته، لكن صعب جداً تستحمل قسوته، القسوة بتولد البعد، والبعد بيولد الجفا، والجفا بيولد الكره.
قلب الست عموما زي الورده، لو اعتنيت بيها ورويتها حب، واهتمام هتفتح وتملى حياتك بعطرها، ولو اهملتها هتدبل وتموت حتى لو مفارقتش بيتك، بس انت هتخرج بره قلبها.

كاد سالم ان يتكلم لكن قاطعه هاتف عمله، فهو اغلق هاتفه الخاص لكن لا يستطيع إغلاق هاتف العمل.
سالم: السلام عليكم، ها يا محمد طلعت المعلومات صوح عن علوان؟
محمد: ايوه يا فندم، وكمان فيه معلومه عن ابنه اللي هو زوج اخت حضرتك.
سالم باهتمام: خير قول.

محمد: هو ملوش علاقه تماما بشغل والده، لكن للأسف اكتشفنا انه متزوج قبل زواجه من أخت حضرتك، وده شئ غريب لأن ده زواجه الأول ليه في السر؟!
سالم بعصبيه: بتقول إيه متجوز، ومين دي اللي متجوزها.
محمد: واحده بنت راجل على قد حاله بيته عنوانه*****، وحامد عندها دلوقتي، تحب يا فندم اخلي العناصر المراقبه تدخل عليهم وتجيبه لحضرتك؟
سالم بغيظ: لأ خلي العناصر تنسحب أنا رايح ليه بنفسي، أما علوان فأكيد هعرف أوقعه بأي ثمن.

أغلق الهاتف وهم بارتداء ملابسه على عجاله، واستفسر منه بدر عن سبب انزعاجه فقال له هحكيلك بعدين، فأصر بدر على الذهاب معه.

استفاق سالم من شروده، وشعر بالبرد فخرج من المياه، وهناك عيون تتابعه بقلق
أجل هى عيون العاشقه تقف في الشرفه تتابعه، ليس بيدها فها هو قلبها يخشى عليه من المرض.
دخل سالم للمنزل، وصعد لغرفته دخل ولم يجد عبير بها، طرق باب حمام الغرفه، فلم يستمع لرد ففتحه، لم يجدها أيضا فدخل يأخذ حمام دافئ، وبعد خروجه لم يجد عبير في الغرفه أيضاً فقد ظن أنها ذهبت لترى مروان وستعود.

شعر بالقلق فذهب لغرفة مروان وفتح الباب، واقترب من الفراش فوجدها مسلقيه بجوار ولدها، وتضمه لأحضانها وكأنها تستمد منه الحنان لا تعطيه له فقط، نظر لوجهها رأى أصابع يده منقوشه عليه لتكون دليل وحشيته
معها، رأى دمعه مازالت عالقه على وجنتيها فعلم أنها مستيقظه؛ لكن لا تريد التحدث معه.
اعتصر الحزن قلبه وحدث نفسه.

سالم: إيه اللي عملته ده يا سالم في حب عمرك، معقول بغبائك اللي كنت مفكر انه هيحافظ عليها تضيع منك؟!
معقول كلام بدر هو الصح ممكن تكرهيني يا عبير؟!
لأ لأ انا أموت نفسي أهون من كرهك ليا، بس دي عمرها ما نامت بعيد عني مهما عملت يعني كده وصلت للبعد.
هز رأسه بعنف وقرر أن يستغنى عن معتقداته، وأراء والدته في معاملة الحريم، قرر استعادة حبه.

جثى على الأرض بجانبها، ووضع يده عليها بخفه؛ لكن هذه اللمسه كانت كفيله أن تجعل رعشه تسري في جسد عبير، فهو مهما فعل سيظل حبيبها؛ لكن لابد من وقفه ووضع حد كي لا يتحول هذا الحب لكره، فلم تلتفت له.
سالم بصوت منخفض: عبير ممكن تكلميني علشان مروان ميصحاش، أنا عارف إنك صاحيه.

ادارت عبير وجهها له، ولم تجلس وقالت بهدوء، ونبرة لوم: تأمر بحاجه يا سي سالم، اه معلش أسفه نمت قبل ما سيدي يرجع.
تعجب سالم من حديثها وقال بهدوء: إيه الحديت الماسخ ده يا عبير سيد مين، لما كنتي بتستنيني كان ده علشان انتي مرتي مش علشان انا سي سالم ولا حاجه.
إعتدلت عبير في الفراش، وقالت بعصبيه لكن بصوت منخفض: لأ يا سي سالم مكنش علشان مرتك، ولا لأنه واجب ده كان حب
عارف يعني إيه حب يا سالم، ولا نسيته؟!

لكن للأسف حبي كنت بتقابله بإهمالك ليا، و في الأخر بتشك في أخلاقي، والتزامي قدام الناس، وتمد يدك عليا أخر حاجه كنت أتوقعها منك إنك تضروبني يا سالم.
كانت تتحدث ببكاء مزق قلب سالم، فهو إن كان قاسي ظاهرياً إلا أنه سيظل عاشق، ورغم قسوته وشدته في عمله، إلا أن قلبه لا يتحمل بكاء حبيبته.
وضع يده على وجهها فتألمت، وأبعدت وجهها فقال بهدوء: متزعليش، بس انتي نرفزتيني كومان.
نظرت له بصدمه، فالأمر يبدو معقد فهو لن يتغير بسهوله، لكنها عزمت أمرها أن تعيد حبيبها الحنون مرة أخرى.

مسحت عبير دموعها وقالت بصرامه لم يعهدها سالم عليها: خلاص أني عصبتك، حقك عليا أسفه ممكن تسبني أنام بقى؟
سالم بتعجب: تنامي فين؟! قومي على اوضتنا.
عبير بهدوء: شوف يا سالم الأوضه التانيه دي كانت اوضتي أول جوازنا، الاوضه اللي فرشتها مع سالم حبيبي، إنما دلوك هى أوضتك إنت مليش فيها مكان، وانا هعيش معاك إهنه أم لولدي، وزوجه لأي طلب تطلبه، إنما حبيبه إنسى، قلبي إنت كسرته واللي انكسر مبيتصلحش ياود عمي.

قالت كلماتها التي نزلت على قلب سالم أشد من طلقات الرصاص، واستلقت على الفراش وأدارت وجهها للإتجاه الأخر.
اما سالم فقد انعقد لسانه، عقله أوحى له أن يجبرها على النهوض، فهى زوجته وعليها الطاعه، أما قلبه فحذره من هذا التصرف كي لا يزيد الموقف سوء، فها هو كلام بدر بدأ بالظهور امام ناظريه.

نفض رأسه بقوه وهو يقف ويحدث نفسه.
سالم لنفسه: لأ مش معقول تكون دي نهاية حبك يا عبير، أنا عملت إيه معقول سلمت ودني لكلام أمي وكلام غيري، معقول أكون ضيعتك.
نفض رأسه بعنف مرة أخرى واقترب منها يريد أن يهدم جدار القسوة بينهم، لكن ما أن نطق اسمها سمع ردها
عبير: من بعد إذنك يا سالم أني تعباااانه قوي، لو لسه فيه شوية احترام لمشاعري حتى لو صغيرين هملني دلوك لحالي.

تراجع للخلف، ونظره مثبت عليها دون أن ينطق حتى خرج من الغرفه، وذهب لغرفته
قلبه يكاد يختنق من الحزن.
لم يستطع الجلوس على الفراش وهى ليست معه، جلس على الأريكة المقابله للفراش، وردد في نفسه وكأنه يرى عبير أمامه: يحرم عليا ألمس الفرشه دي من غيرك يا حب عمري، حقك عليا، هصلح كل شئ، وكومان ملك أختي غلط في حقها، لأني ظابط بس متحرتش كويس عن اللي هدخلها دارهم، اتخدعت بالمظهر، بس خلاص لازمن أصلح غلطي معاكي، ومعاها.

يجلس في ملهى ليلى، بجانبه فتاه ترتدي ملابس تكشف من جسدها أكثر ما تخفي، وبيدها تمسك كأساً به الخمر، وترفعه بدلال على فمه ليرتشف أول كأس له في هذه الليله ثم يغوص في دنياه ناسياً تعاليم الدين، والأخلاق.

أمسك هاتفه بملل فقد أنارت شاشته باسم والده للمرة الخامسه على التوالي، وقال موجهاً كلمه لعلي
حازم بضيق: هخرج أشوف بابا عايز إيه سواء هنا ولا مسافر كاتم نفسي، الليله لسه بتبتدي وده رن رن علي الفون
علي وهو يمسك بيد الفتاه يجذبها بجانبه: روح شوفه عايز ايه يمكن حاجه مهمه الليل لسه طويل.

ابتعد عن الضوضاء ثم أجاب على الاتصال السادس: ألو أيوه يابابا يا حبيبي وحشتني.
أمين بصوت غاضب لكنه ضعيف إثر اشتداد الألم عليه: وحشتك ايه بس قولي ايه اللي عملته مع مراتك ده؟
لوى حازم جانب فمه وتحدث بهدوء: لحقت نرجس تقولك اني طلقتها، بس متقلقش انا عملت كده لأنها مش هتخلف وقريب هشوف غيرها بسيطه يعني يابوب.
هز أمين رأسه بخيبة أمل في ابنه الوحيد وقال بصوت يجاهد لإخراجه: كنت نفسي اشوفك راجل بجد قبل ما أموت يا حازم، ربنا يكفيك شر نفسك يابن
أاااااه.

عقد حازم حاجبيه إثر سماع صرخة أبيه، ثم ضجه من حوله، فظل ينادي عليه يريد معرفة ماذا حدث
بعد دقائق ظل فيها على الخط لم يقطع الاتصال لا يعلم لماذا لكن شعر بالقلق على والده بالفطره
وجد شخص يرد عليه بصوت باكي

عزت: ألو ياحازم بيه حضرتك لسه على الخط؟
حازم بعصبيه: انت مين وفين أبويا، وايه الدوشه اللي حصلت دي؟
عزت بشهقه على صديقه: أنا عزت محامي والدك الله يرحمه.
حازم بصوت عالي: بتقول ايه الله يرحم مين انتوا فين؟
عزت: احنا كنا في ألمانيا والدك كان مريض، كانسر من فترة كبيرة، وأنا جيت معاه حسب رغبته علشان يتعالج، بس البقاء لله شد حيلك أنا هخلص الإجراءات واجيبه بلده بكره ان شاء الله.

شعر حازم بأن أحد قد سكب عليه ماء به ثلج، وقع هاتفه من يده، وجلس أرضاً ووضع رأسه بين كفيه مسنداً ذراعيه على قدميه، وانسابت دموع الفراق، فوالده لم يقدم له طوال حياته إلا كل حب.

يجلس شارداً في مكتبه قطع شروده دق الباب فأذن للطارق بالدخول
فإذا به عمر.
وقف بدر وأقبل عليه بابتسامة واحتضنه.
بدر: الحمد الله على سلامتك يا عمر، كل ده في القاهرة وحشتني.
عمر بضحك: إيه يا عم ده كلها ثلاث أيام، بس تصدق وحشتني فعلاً.

بدر: ها قولي بقى إيه الحاجه الضرورية اللي خلتك تسافر القاهرة ومرضتش تعرفني إلا لما ترجع.
جلس عمر وتحدث بهدوء: للأسف يا بدر المال السايب بيعلم السرقه زي ما بيقولوا، والشركة هنا سالم مكنش بيراعيها، وأنا خارج من الشركة من أربع أيام سمعت واحد بيتكلم مع مسؤل الحسابات في الشركه، وحسيت من شكله إنه بيهدده، لما دققت النظر فيه اكتشفت انه موظف في الحسابات برده، فضولي خلاني أسمعهم بدون ما يشفوني

فوزي: بقولك إيه إحنا دافنينه سوى، وانت بقى عندك في مصر بدل الشقه اتنين، وثلاثه، متفكرنيش نايم على وداني.
أكرم: اسكت الله يخرب بيتك هتفضحنا، الناس إهنه فاكرني موظف غلبان، إنت عايز إيه دلوك.
فوزي: القرشينات اللي ادتهوملي خلصوا، وعايز غيرهم وإلا عليا وعلى أعدائي، هروح ابلغ سالم بيه، أو بدر بيه وأنا مفيش عليا حاجه تثبت إني غلطت.
وضع أكرم يده على فم فوزي، وقال بصوت منخفض: قابلني بكرة في محطة القطر، وهندلى مصر ونبقى نتحدت هناك على راحتنا.
فوزي: خلاص الفجر هقبلك في محطة القطر.

عمر: بس يا سيدي سمعته بيقول هيبلغ سالم أو إنت، حسيت فيه حاجه غلط روحت وراهم مصر وراقبتهم من غير ما يحسوا، انت عارف عمري بحب شكل المفتش كرومبو ههههه ولقيت أكرم بيدي لفوزي فلوس سحبها من بنك، طلب منه يخف علشان ميرحوش في داهيه هما الاتنين، دخلت البنك، وبطريقتي قدرت اعرف إن أكرم ليه حساب كبير في البنك، وخرجت على اساس أجي ابلغك، بس من اللف وراهم، ومكنتش اكلت حاجه، وقعت من طولي، نقلوني مستشفى قريبه، قعدت فيها يومين، محاليل وكده، تلفوني للأسف لما فوقت ملقتوش، اللي نقلني الظاهر قلبني ههههه.

كان بدر يستمع لعمر باهتمام ثم بانزعاج منه فهو من وقت انفصاله عن حسناء اهمل الطعام.
بدر بانزعاج: يومين في المستشفى لوحدك، كده يا عمر.
عمر بعدم اكتراث: خلينا في المهم دلوقتي، أكرم ده موظف على قد حاله، منين الفلوس والشقق اللي بيشتريها بعيد عن العين.
بدر بجديه: إحنا لازم نتأكد اول قبل أي خطوة.
عمر: وده هيكون إزاي بقى، لازم حد ميشكش فيه، وفي نفس الوقت قريب من شغله واحنا نثق فيه.

ابتسم وقال محلوله رفع بدر سماعة الهاتف الداخليه للشركه، وطلب من السكرتيرة أن تطلب من ملك الحضور.
نظر له عمر وقال بتعجب: ملك مين؟
ابتسم بدر: ملك أخت سالم وموظفه جديده في شركتهم .
دق الباب، ودلفت ملك بكل إستحياء، ونظرها لم يرفع عن الأرض.
ملك: حضرتك طلبتني أستاذ بدر.
بدر: بلاش الرسميات دي يا ملك، دي اساسا شركتك، وإحنا إخوات.

ملك: معلش خليني على راحتي، حابه أبدأ من الصفر موظفه عاديه في الحسابات، واتمنى محدش يعرف إني اخت سالم.
نظر لها عمر بإعجاب من موقفها، وحديثها، ولاحظ بدر نظراته.
ابتسم بدر، ونظر لملك: تمام يا استاذه ملك، نمشيها رسمي حاضر
اتفضلي أقعدي، جلست ملك بهدوء، وقص عليها بدر ما علمه من عمر، فنظرت لعمر وقالت بصوت هادئ.

ملك: حضرتك متأكد من اتهامك أستاذ عمر، دي سمعة شخص .
نظرتها البريئه حازت إعجاب عمر، وصوتها الهادئ أيضاً، لا يعلم ماذا حدث له لكن هو يشعر بإعجاب تجاهها فهى أنثى بكل معاني الرقه، والهدوء، وأيضاً أسلوب حديثها رائع لكنه لم يظهر هذا الإعجاب.
عمر بهدوء: لأ انا شاكك استاذه ملك، بس حضرتك بقى اللي هتجيبي الدليل، وانا كمحامي الشركه هتصرف، وهحمي مالها لأصحابها.

ملك: تمام يا استاذ بدر سيب الموضوع عليا.
طلب بدر حضور أكرم، وقبل أن يأتي قال لملك: متأكده من ده يا ملك؟
ملك بتأكيد: ان شاء الله هقدر.

حضر أكرم، ودق الباب ودخل بعد أن اذن له بدر.
أكرم: السلام عليكم، تأمرني بحاجه يا بدر بيه؟
بدر: استاذه ملك موظفه جديده في الشركه، هتكون تحت إيد موظف كفئ زيك تعلمها الشغل .
أكرم بروتينيه: أمرك يا فندم.
لم يتعرف عليها أكرم أنها اخت سالم، حيث أنها كانت عديمة الظهور في الشركه، ونادرة الخروج في البلد.
خرج أكرم وتبعته ملك بعد أن استأذنت بالخروج.

بدر: إيييه يا عم عينك على الباب من وقت ما خرجوا.
عمر: معقول لسه فيه بنات بالأخلاق دي، والتواضع ده؟
بدر: أه فيه طبعا، عندك عليا مثلا أدب واحترم .
ابتسم عمر: أه لازم عليا تدخل في كل كلامك، هى عامله إيه بالمناسبه؟
بدر بشرود: هى كويسه بس فيه حاجه شغلاني.
عمر باهتمام: حاجة إيه خير يابني قلقتني.
بدر وهو يمسك هاتفه: هقولك بعدين بس اعرف إيه الحكايه، ممكن ميكونش مستاهلة.
وقف عمر: اوك هروح كده أشوف شوية شغل.

خرج عمر وأجرى بدر إتصالا هاتفياً.

بدر: السلام عليكم، إزيك يا عليا
عليا بابتسامه: إزيك إنت يا بدر، والله ابن حلال، كنت لسه بفكر فيك.
بدر بسعادة: فيا انا ليه يا ترى.
عليا: زهقت من المذاكرة، افتكرت شجرة التوت بتاعتنا فاكرها؟
بدر: طبعاً فاكرها إحنا زرعناها سوا وإحنا صغيرين، بمساعدة عمي الله يرحمه وعلى فكرة اول ما نزلت البلد هنا روحت عندها.

عليا بتعجب: بجد! افتكرتك نسيتها.
بدر بحب: عمري ما أنسى حاجه تخصك، وجمعتنا سوى يا عليا.
عليا بابتسامه: طيب أنا دلوقتي هجهز وهنزل أروح عندها شويه أغير مود، وبعدين أروح أطمن على عبير.
بدر: تمام هتلاقيني مستنيكي هناك، علشان محدش يضايقك.

أغلق الهاتف ووقف بسعادة، وذهب إلى شجرة أجمل الذكريات كما أطلق عليها هو.

في فيلا علوان
حامد: بعد إذنك يا بوي أني خارج شويه، محتاجيني في حاجه؟
علوان بهدوء: رايح للمخفيه.
غضب حامد لكن سيطر على نفسه: لاااا دي خلاص معدش ليها لازمه في حياتي، وبعدين ما صدقت ملك رضيت عني ومعرفتش أخوها حاجه، وإلا كان طخني عيار.
علوان بابتسامه: أيوه إكده ياولدي ربنا يبارك فيك.
حامد في نفسه: ربنا! هو اللي زيك يعرف ربنا؟
علوان: واقف ليه ياولدي؟
حامد: ها.. لا ولا حاجه، سلام عليكم.

خرج حامد أمام والده من باب المنزل، لكنه ذهب نحو باب الخدم، ودخل المطبخ، وأمر الخادم الذي تعجب من دخوله من هذا الباب لكن لم يعترض، أن يذهب لجمع بعض الزهور له من الحديقه، وعندما خرج الخادم اتجه حامد بخفه، كان يريد أن يتنصت على والده، من الممكن أن يحادث أحداً، يفيد في مهمته.
لكن ما حدث هو أنه رأى والده يتلفت حول نفسه مثل السارق الذي يخشى أن يمسكه أحد، اتجه علوان نحو مكتبه بهدوء، ودخله ثم أغلقه، وانار الإضاءة الحمراء التي تعطي إشارة الخدم بعدم دخولهم مطلقا.

اتجه حامد خلف والده حاول أن يستمع شيئآ؛ إلا أنه لم يستطع، فقرر الدخول بأي حجه طرق الباب ولم يجد ردا ففتحه قليلا لكنه تفاجأ مما رأه، ووزع نظره بصدمه في المكتب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة