قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الرابع عشر

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الرابع عشر

خيوط العنكبوت، أتربة منتشرة على قطع قماشية بيضاء تغطي الأثاث، أقفال معلقه على أبواب الغرف، حتى جميع النوافذ الموجوده بالردهه مغلقه بإحكام، كل تلك العلامات تدل على أن هذا المنزل لم يدخله أحد منذ زمن طويل، هذا ما أصاب بدر بالصدمة فكيف لكريم أن يعيش وسط كل هذا..

رجع بدر بذاكرته سريعاً عندما كان عائد من الخارج، وقبل أن يدخل البيت استمع لطفل يمسك يد والده، ويشير على شرفة عليا مما استوقف بدر كان يقول: عارف يا بوي الشقة دي بتاعت الست المجنونه اللي قولتلك عليها.
ضيق عينيه، ونظر لولده يحاول التذكر: ست مين يا ولدي.
تحدث الطفل بنبرة عالية، ومتحمسة لشئ عجيب رأه: الست اللي جيت من اسكندرية جديد، بتوقف في الشباك اللي بيطل على المنور، وتحدت نفسيها كتير، وتضحك، وتقول كلام زي بتاع الأغاني إكده، اللي بنستمع ليه في التلفزيون.

عقد حاجبيه عندما تذكر حديث ولده في الأيام: وانت سمعتها كيف يا ولدي، مش يمكن بتحدت حد وانت مسمعتش؟
الطفل: سمعتها لما كانت الكورة بتاعتنا تدخل المنور، كنت ادخل بالراحة علشان محدش يزعقلي، وكنت بسمعها، وابص لفوق ملقاش حد واقف قصدها.
الوالد: ما يمكن بتتحدت في التلفون ولا حاجه، وبعدين ملناش صالح بحد متجلبش مشاكل، جوز أختها يبقى ضابط كبير أوعى تكتر حديتك ده.

جذب الرجل ولده بسرعه تحت نظرات بدر المصدومه، قبل أن يستطيع منادتهم، فكر بدر للحظات أن يذهب خلفهم لكن تراجع فمن المؤكد أن هذا الطفل لم يستمع لصوت كريم.
استفاق بدر من شروده على صوت عمر.

عمر بتعجب: إيه اللي انت عملته ده يا بدر، ازاي تكسر باب شقة الناس كده بأي حق؟ وبعدين مالك مصدوم كده؟
تحدث بذهول وهو مازال يوزع نظراته في أرجاء الشقة: دي شقة مصطفى طب ازاي هو فين كريم ده معقول الولد كان صح معقول يا عليا خبر وفاته عمل فيكي كده معقول كل ده وانا مش حاسس بيكي، كنت متخيل إنك تخطتيه، وبدأتي... قطع كلماته بضحكة ساخرة ثم صمت.

عمر بصوت عالي: إيه يابني اللي بتقوله ده، فهمني هفضل واقف زي الأطرش في الزفة كده، طب فضفض لصاحبك.
نظر له بدر بعيون تملؤها نظرات خيبة الأمل، ولم ينطق فجذبه عمر خارج الشقة، وهبطا لأسفل مع استسلام بدر التام، ثم جلسا سوياً على أريكه، ونظر عمر له.

عمر بهدوء: ها مالك بقى مش هسيبك الا لما تفهمني.
أخذ شهيق كبير ثم حبسه قليلاً، وأخرجه ببطئ ثم تحدث بهدوء: هقولك كل حاجه لأني لو متكلمتش هتجنن، ولأني واثق إنك لا يمكن تتكلم مع أي حد في كلمه من اللي هقولها.
بعد أن قص بدر على عمر تلك الحكاية المعقدة، شعر عمر بقدر الوجع الذي يتملك قلب صديقه، والذي ظهر واضحاً في نبرة صوته.

عمر بجدية: المفروض يا بدر تواجه عليا وتعرفها إن كريم ملوش وجود، وانها بتتخيل.
بدر مسرعاً: لا مش دلوقتي هى كده بتمارس حياتها طبيعي، وبتذاكر ودي أخر سنه ليها امتحانها خلاص قرب لو واجهتها يمكن تتصدم وده يأثر على مستقبلها؛ تخلص بس وطبعاً هشوف دكتور نفسي أستشيره في حالتها دي تبقى إيه بالضبط، وإيه التصرف الصح معاها.

عمر بتعجب، وانفعال: وانت يا بدر ومشاعرك هتفضل تيجي على قلبك، ونفسك لإمتى؟
بدر بصدق وحب: طول العمر مستعد أجي على نفسي، وأدوس على قلبي وهى متتأذيش، أو مستقبلها يضره حاجه.
زفر عمر بضيق، وحاول التحدث بهدوء: طيب وناوي على إيه دلوقتي؟

أغمض عينيه للحظات ثم فتحهم، وتحدث بإصرار: ليا عندك طلب يا عمر، هتحط عليا في عينك لعند ما ارجع من اسكندرية، وكمان الشغل من الصبح مسؤليتك لأن سالم مش فاضي اليومين دول
عمر بتعجب: طبعا انا تحت امرك، بس انت هتسافر ليه دلوقتي؟!
بدر: لازم اعمل العمليه اللي كنت حكيت ليك عنها، وقبلها كمان أروح لمصطفى اتأكد من حكاية كريم دي علشان ارتاح.

عمر: مش كنت مقرر متعملش العملية دلوقتي؟
بدر بنبرة حازمة: لا معدش ينفع تأجيل كنت خايف اعملها واموت قبل ما هى تحس بقلبي، وكان نفسي تحبني زي ما أنا تحب حبي لها؛ بس خلاص كده مش هأجل؛ لأن حلمي بقى مستحيل،فمش هتفرق لو موت،أو عشت

عمر وهو يضع يده على كتف صديقه: بعد الشر عنك ياصاحبي، أنا عايزك تعملها علشانك انت وبس، وإن شاء الله هتقوم بالسلامه بس انا هكون معاك وقتها.
بدر مسرعاً: قولتلك سالم مشغول الأيام دي، وعايزك مكانا هنا تاخد بالك من عليا وعبير وحتى ملك، وكمان شغل الشركة، معلش يا عمر.
عمر باستسلام: حاضر يا بدر اللي تشوفه أهم حاجة تكون بخير.

أراحت ملك جسدها على فراشها، وكأنها تلقي عليه، وشردت فيما حدث معهم الليله، هزت رأسها تتمنى لو تلغي أي تفكير مؤلم فيها، حاولت تذكر أي شئ يسعدها فظهرت في مخيلتها صورة عمر وهو يتحدث، بوجهه البشوش تعجبت من حالها لما تتذكره الأن، ولما تتذكره من الأساس؟!

ابتسمت بتلقائية وهى شاردة وأفاقت على صوت عليا وهى تخرج من حمام الغرفه.
عليا بتعجب: إيه يابنتي الابتسامه العريضه دي؟
ملك بهدوء: معرفاش يا عليا حاجه غريبه بتحصول معاي اليومين دول؟
جلس عليا متكأه بجوارها وهتفت: أه كده عرفت صممتي ليه أبات معاكي النهارده، عايزه تفضفضي ماشي أمري لله مع إني معلش يعني مبحبش أقعد مع مامتك في مكان واحد بسبب طريقتها معاكم انتي، وعبير، بس لأجل الورد بقى، ها إيه بيحصل احكي.

تجاهلت حديث عليا عن والدتها، وتنهدت بهدوء، وابتسمت ثم قالت: فيه واحد معانا في الشركه معرفش ليه بحس إني معايزاش الوقت يمر وأنا بتكلم معاه، وبحس قلبي بيدق بسرعه وكأنه عايز اللي حواليا يسمعوا صوت دقاته، كمان لما أكون إهنه في البيت كل شويه تيجي صورته في راسي، وألاقي نفسي بتبسم، وفرحانه إكده من غير سبب، معرفاش إيه ده؟

اعتدلت، ورفعت حاجبيها بتعجب، وقالت: معرفاش؟! إنتِ اتجننتي يا ملك ده اسمه حب بكل اللغات.
اعتدلت ملك بفزع، وتوتر: بتقولي ايه! حب كيف يعني؟!
عليا بضحك: طيب مش حب خلاص اهدي، ممكن إعجاب بس طيب قوليلي هو مين أو اسمه ايه؟
ملك بصوت خافت: أستاذ عمر المحامي، صاحب بدر ولد عمك.
عند ذكر اسم بدر، كما تذكرت صديقتها حسناء أيضاً؛ تبدلت ملامح عليا من الابتسامه إلى الحزن.

نظرت ملك لملامح ها الحزينة، وتحدثت بهدوء: مالك ياخيتي حساكي مضايقه، ومش على طبيعتك من وقت ما جيتي.
عليا: أنا هحكيلك كل حاجه من الأول خالص لأني محتاجه أتكلم، بس لقيت عبير تعبانه محبتش أضايقها.
ملك بهدوء: طيب تعالي ندخل تحت البطانية زي زمان وتحكيلي، الجو برد أوي النهارده، مع اننا في أبريل
جذبت الغطاء عليها وأراحت، وأراحت رأسها على الوسادة بجانب ملك، وهتفت بحزم: بس أوعدني كلامي يكون...
قاطعتها ملك بعبوس:إنتي جنيتي إياك كيف تقولي إكده طبعاً سرك في بير وانتي خابرة إكده زين.
افتربت منها عليا وقبلتها وهتفت مبتسمة: متزعليش يالوكه بقى، أن عارفه طبعاً بس ذيادة تأكيد، أنا هقولك كل حاجه

وقفت في شرفة غرفتها تتطلع عليه يشبه الأسد الجريح، يسير ذهابا وإيابا في حديقة المنزل، شعرت بمدى حزنه فاعتصر قلبها ألما على حالته، شردت قليلا فيما حدث منذ قليل عندما قررت ترك المنزل، وجهزت حقيبتها، وخرجت من الغرفه باحثه عن ولدها لتأخذه وترحل، اقتربت من غرفة نواره فسمعت صوت سالم يتحدث بغضب مكتوم، يجاهد أن لا يخرجه أمام والدته.

سالم: ممكن أعرف ياما إيه الكلام اللي سمعتك بتقوليه لعبير ده؟!
نواره بتوتر: سمعت إيه يعني؟
سالم: سمعت كل حاجه، مينفعش إكده ياما أني أه بغير على مَرتِي بس محصلتش أشك فيها، أني قسيت عليها كتير من غير ما يحصول منها حاجه واصل، مع كده استحملتني لعند ما إيدي اترفعت عليها، عارفه يعني إيه يدي تترفع على عبير ياما؟!
يعني أني ضربت قلبي، بس ده غلطي لأني سلمت عقلي لكلامك، وخوفك الذايد.

نواره بقسوة: لااا انت إكده مش ولدي اللي بيتكلم، إكده انت عيل مايص، من اللي العشق بيعمي عيونهم.

سالم بصوت مرتفع قليلا: بكفاياك ياما أني تعبت، عبير تربية إيدينا، دي بنت عمتي ياأمي، وقسوتي، عليها كانت غلطة لعند دلوك بدفع تمنها لأنها بعدت عني، ويمكن كرهتني، وأنا لو عبير كرهتني هكره كل حاجه حتى نفسي، ولو انتي مش حابه أسيب لك البيت وأهج أبوس يدك متزعليهاش تاني، هى دلوك حبله وده فرحني مش علشان اللي بطنها بس؛ لأ ده علشان يمكن دي تكون فرصة تقربنا تاني.
أني حتى مش قادر أركز في شغلي ياما أني اللي طول عمر رؤسائي بيعتمدوا عليا في العمليات وهما واثقين اني جدير بيها، دلوك تفكيري اتشتت بين شغلي وبيتي، إكده يرضيكي يا أمي؟

ضيقت عيناها، وزمت شفتيها بغيظ ثم هتفت: بقيت أني الغلطانه دلوك يابن بطني، إكده ياسالم علشان بوعيك وعايزه مصلحتك، ياولدي الستات ملهاش أمان.
تنهد سالم بنفاذ صبر وهتف محاولاً إقناعها: الستات دول اللي انتي منهم ياما؛ وانتي أشرف ست في الكون، طب قوليلي ملك كمان بتك ليه عمرك قاسيه عليها، ليه ياما طول عمري بحس إنك زي ما تكوني بتكرهيها، هى كمان ملهاش أمان؟!

نواره بعصبيه وبدون وعي: أيوه ملهاش أمان، والعرق دساس.
نظر لها سالم بصدمة: انتي كيف طاوعك قلبك تقولي على بتك إكده، كيف أمها تقول إكده؟!
امتلأت عيونها بالدموع وتحدثت بغضب: لأني مش أمها، أني أمك وبس.

صدمه كان الصمت نتيجه لها، ونظرات التعجب المختلطه بالغضب من سالم، ونظرات الحزن والوهن من نواره التي خارت قواها وكأنها جبل ينهار في هذه اللحظه.
جثى أمامها أرضاً، وقطع الصمت بصوت مذهول: إنتِ قولتي إيه دلوك، كيف ده يعني؟
نواره ببكاء: اللي سمعته هو الحقيقة ملك مهياش بتي، هى خيتك من الأب بس، وعايز تعرف أمها مين؟
هقولك لأني تعبت من السر المكتوم وبيخنق فيا بالبطئ، أمها هى مرت خالك الساقطة، الخاينة.

اتسعت عيناه إثر صدمتة وتحدث بغضب: إيه الحديت الماسخ اللي هتقوليه ده عاد، كيف خيتي من أبوي، وامها مرت خالي؟ بتقولي إيه انتِ...
قطع كلامه عندما وصلت له الفكرة وهز رأسه برفض، يتمنى تكذيب ما فهمه فتحدث بصوت مهزوز.
سالم: تقصدي إن أبوي خانك مع مرت خالي.

هزت نوارة رأسها بتأكيد على كلام سالم وتحدثت بصوت متقطع من بين دموعها التي سمحت لها بالنزول، دموع حبيسة لسنين عديدة، أخفتها خلف قوتها الظاهرة: أيوه خانونا هما الاتنين مع بعض، أبوك عشقها من حركتها اللي زي الحيه، فضلت تتقربله، وتتمايص عليه لعند ما وقعته في شباكها كانت عايزه تحبل منه، وتخوفه انها هتتبلى عليه إنه إتهجم عليها، علشان تتطلق من خالك، ويتجوزها لأنه أغنى، ومكنتش بتخلي خالك يقربلها.
سالم بذهول: وانتِ عرفتي كيف كل ده؟

نواره: أبوك علشان يسكتها وعدها إنه يتجوزها بس بعد ما تولد، كان هيتجوزها لأنه مكنش هيرضى بته تبقى باسم حد تاني، وقتها هربت وخالك طلقها، ومعرفناش الحقيقه، ومات خالك بحزنه بعدها من قهرته، ومعايرة الناس ليه، لعند ما يوم دخل عليا أبوك بملك ملفوفه حتة لحمه حمرا، واعترفلي بالحقيقة كلتها.
فرك مقدمة رأسه محاولاً تجميع شتاته ثو هتف: يعني انتي قولتلي مرت خالي كانت هربت يعني هى عايشة دلوك، وتعرفي مكانها ولا إيه؟

رفعت يدها ومسحت دموعها لكن تلك الدموع أبت أن تنقطع وقالت بصوت يملؤه الحزن: لا أمها الخيانه ماتت وهى بتولدها، ربنا جزاها على فعلتها، معرفناش مكانها إلا لما أبوك جاب البت يومها كان أول مرة يبكي قدامي كان طول عمره جامد، بس كنت بعشقه.

يومها قال إنه عارف إن ذنبه كبير في حقي، وحق أخوي، وحق نفسه كمان لأنه عصى ربنا، واترجاني أخلي ملك بت ليا، وأسامحه، ومكشفش السر؛ بس مقدرتش أسامح عشت معاه كما الأغراب، علشانك، و وافقت يكتب البت باسمي عشان مستقبلها، لعند ما الحق خد حقه بعدها بكام سنه، وبقيت ملك يتيمة أم وأب مكرهتهاش أبداً بس كمان مقدرتش أنسى اللي حوصل.
جلس أرضاً وهتف بحزن: وهى ذنبها إيه؟ دي ضحيتهم؛ ضحية أبوي، وأمها.

هزت رأسها بتأكيد: عارفه إن ملهاش ذنب، وإنها تربيتي بس غصب عني يا ولدي.
نظر لها ودموعه متحجرة في عينيه، وهتف بهدوء: ياااااه كل ده شايلاه جواكِ كل السنين دي وحديكي ياما .
اقترب، منها أمامها وأمسك يدها، وقبلها ثم نظر لعينيها مباشرة وقال بهدوء: ملك مش لازم تعرف زي ما هى معرفتش كل السنين دي، وبترجاكِ يا أمي بلاش تاخديها هى وعبير بذنب مش ذنبهم، نفسي أرتاح ياما، ومرتي، وخيتي أنا واثق فيهم.

ضمته نواره وكأنها تستمد القوة منه وتحدثت بحب: حاضر يا ولدي أنا همي سعادتك، وخوفي عليك هو اللي بيخليني أعمل إكده، بس خلاص مدام ده هيأذيك، ويزعلك مهعملش إكده تاني إنت اللي طلعت بيه من دنيتي يا ولدي، وأبوك سامحته بعد موته علشانك إنت برده لأنه أبوك.
استمعوا لصوت يأتي من خارج الغرفه، ففزع سالم إعتقادا منه أن ملك سمعت حديثهم، فخرج مسرعا، لم يجد أحد أمام الغرفه، وسمع صوت ملك، وعليا يصعدون الدرج.

عادت عبير من شرودها على دمعه سالت على وجنتها، فهى بعد أن استمعت حديث نواره وسالم، صدمت وكادت يغشى عليها لولا استندت على الباب، وعندما سمعت سالم يقترب من فتح الباب هرولت لغرفته سريعاً فلم يراها.

سحب السماء اختفت، وحدث صوت رعد، وكأن الطبيعة تشارك سالم غضبه، وحزنه، ثم هطلت أمطار نظر للسماء وتمنى أن يستطيع المطر إخماد نار قلبه، شعر بيد حنونه اشتاق للمستها تحتضنه من الخلف؛ فالتفت لها بسرعه، فعانقته حبيبته بقوة وكأنها تريد أن تدخل لقلبه، وتزيل منه كل الحزن، ضمها هو بدوره باشتياق، وعقله يكاد لا يصدق ما تفعله هى لكن قلبه يريد التصديق فلم ينطق بكلمة واحدة خوفاً أن تكون سراب.

تحركت عبير قليلا ونظرت في عينيه، والمطر يهطل، عليهم وتحدثت بحب: المطر ده هيغسل كل أحزنا يا سالم، وهيدوب كل القسوة اللي كانت بينا، وهنبدأ حياه جديدة فيها ثقه، وحب، وبس هتبدأ معاي ياواد خالي؟
هز سالم رأسه برفض فتعجبت عبير وكادت أن تبتعد عنه، فجذبها بقوه وقال: إسمها هتبدأ معاي يا حبيبي، مش ياواد خالي، انتي سمعتي حديتي مع أمي صوح؟

هزت عبير رأسها مؤكده ثم قالت مسرعة: بس سرك في قلبي مهيطلعش لو على عمري، ملك مش هتعرف واصل.
قبلها سالم في جبينها، وحملها وقال بحب: طب ياله بينا علشان متبرديش بقى وكمان لأني مشتاااق أوي.
خجلت عبير ودفنت وجهها في صدره تلتمس الأمان، والحب فيه.

صعدا سوياً وذهبا لغرفة مروان، وجدوه في ثبات عميق، اتجه نحو غرفتهم وهو مازال يحمل عبير التي حاولت معه كثيراً بصوت خافت أن ينزلها، لكنه أبى ذلك.
دلفا غرفتهم، وأغلق الباب بقدمه، وتوجه للفراش وأراحها عليه برفق، ثم اتكأ بجوارها، وظل ينظر لها بشرود.
عبير بتعجب: شارد في إيه إكده يا سالم، وبتبصلي كتير ليه إكده؟!

اقترب منها أكثر، وقبلها، ثم احنى جذعه وقبل بطنها وهتف: شارد بحدت نفسي إزاي بغبائي كنت هضيع حب عمري،
وضع يده على بطنها، وقال: بس اللي في بطنك ده وش السعد، يوم ما عرفت بوجوده رجعنا لبعض.
توردت وجنتيها، وابتسمت ثم وضعت يدها فوق يده، وقالت: بس أني عارفه من فترة بس محبتش أقولك إلا لما ترجعلي أول، وكمان قولت للدكتورة إني تعبي من الحمل وطلبت منها متقولش بس هى مارضيتش، وقالت إنك لازمن تعرف.
نظر لعينيها بحب، ولهفه، ثم جذبها وأخفاها بين ذراعيه، وضمها بكل الحب الذي بداخله وهتف: واديني رجعتلك يا حب عمري، ورفيقة حياتي من صغري لعند مماتي.

ياله نسيبهم يسترجعوا بقى حبهم، ونشوف اللحظات الحلوه دي هتعمل كارثة إيه الحلقه الجايه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة