قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

كانت بدور تخرج من باب النادى شاردة، توجهت الى سيارتها لتقف أمامها للحظات، تنظر الى الفراغ البعيد، عقد زين حاجبيه فى قلق، وهو يراها تترك سيارتها لتتجه الى الطريق ليترك سيارته بدوره ويمشى خلفها ليراها تعبر الشارع كالمغيبة، نادى عليها بقلق، فلم تعيره أى انتباه، جرى باتجاهها وهو يدرك نيتها، حين توقفت فى منتصف الطريق، وسيارة مسرعة تتجه نحوها يطلق صاحبها زمور سيارته لتنبيهها فلن يستطيع كبح فرامل سيارته أو تفادى اصطدامها من تلك المسافة، كانت بدور تشعر بقرب نهايتها مع اقتراب تلك السيارة منها، لتغمض عينيها وتفتح ذراعيها لتستقبل الموت بصدر رحب...

تفاجأت بمن يدفعها بعيدا، لتشعر بالسقوط ولكن ليس بالألم، فهناك من جعل جسده وسادة تلفها وتسقط عليها دون ألم، لتفتح عينيها ببطئ وتطالعها عينان بلون الدخان، يبدو عليهما مشاعر الخوف، لتدرك أن منقذها هو زين، الذى قال بقلق:
انتى كويسة؟

أومأت برأسها ايجابا ليميل شعرها ويلامس وجهه ليرمش سريعا وخصلاتها تلامس عينيه، لتدرك وضعها المخجل وجسدها الذى يغطى جسده، اعتدلت وهى تجلس، ترجع خصلاتها خلف أذنها، لتتغير ملامحه الى الغضب وهو يعتدل بدوره قائلا فى حدة:
انتى اكيد اتجننتى، ازاى كنتى عايزة تعملى كدة؟

نظرت اليه بدهشة من غضبه تجاهها ليستطرد قائلا:
مخفتيش على نوران، مهمكيش ضحى، هيعملوا ايه لما تروحى من حياتهم بالطريقة دى، طب مخفتيش على أهلك لما يعرفوا انك انتحرتى وسيبتيهم؟

اغروقت عينيها بالدموع لتندفع فجأة من عينيها كالشلال وهى تقول بمرارة:
نوران عندها سليم، وضحى معاها شهاب، هيخففوا حزنهم علية لو جرالى حاجة، وأهلى بقى...
صمتت لثانية لتستطرد فى حسرة:
أنا مليش أهل يزعلوا علية، قاطعونى لما اتجوزت نزار، أنا فى الدنيا دى لوحدى يازين، لوحدى، هعيش لمين قوللى؟

ضرب صدره بيده وهو يقول باندفاع وبصوت حزين:
تعيشى عشانى يابدور، تعيشى لية أنا
نظرت اليه بصدمة ليمسك يدها بيده اليمنى قائلا:
أيوة يابدور، عشانى أنا، أنا كنت قفلت قلبى بعد علياء ما ماتت، وقلت خلاص خدت نصيبى من الدنيا، لكن من يوم ما شفتك وانتى دخلتى هنا

ليشير الى قلبه مستطردا:
بعدها عرفت انك متجوزة، وقررت أنساكى وأبعد عنك، بس القدر كان ليه رأى تانى وخلاكى دايما فى طريقى، لغاية ما استسلمت واعترفت انى بحبك، ولقيتنى براقبك غصب عنى من بعيد لبعيد، وقلت كفاية علية أشوفك وأطمن عليكى، بس احساسى النهاردة وانتى بتضيعى منى خلانى متأكد انك لازم تكونى فى حياتى، جوة قلبى وأدام عيونى، عشان أكون مرتاح ومطمن

حاولت أن تتحدث ليضع يده على فمها قائلا:
عشان خاطرى، متجاوبيش دلوقتى، ادى لنفسك فرصة تفكرى، بس افتكرى انى بحبك ونفسى أعوضك عن كل اللى شفتيه فى حياتك، وعشان خاطرى متكرريش اللى عملتيه النهاردة تانى، واعرفى ان موتك يعنى موتى، لإنى مش عايز الدنيا دى من غيرك

رفعت يده عن شفتيها قائلة فى حزن:
زين انت متعرفش حاجة، أنا، أنا ممكن مخلفش تانى
قال بابتسامة:
لأ عارف، عارف وراضى، أنا بحبك أوى يابدور، فوق ما تتخيلى

قالت فى حيرة:
بس، ...
وضع يده مجددا على شفتيها قائلا:
من غير بس، أنا عايزك انتى وبس، ومفيش حاجة بعيدة عن ربنا لو أراد يكون لينا ولاد هيكون ولو مكنش لينا ولاد فأنا راضى بقضاؤه، المهم عندى تكونى جنبى و معايا، فكرى يابدور وانا هستناكى ومش هيأس

شعرت بدقات قلبها تتزايد من نظراته العاشقة، تشعر لأول مرة فى حياتها بمعنى الحب الحقيقى، ذلك الحب الذى لا يجعلك عبدة لمحبوبك بل أميرة على عرش قلبه لتبتسم عيناها وشفتيها تحت يده ليشعر بتقافز دقات دقات قلبه من احساسه بملمس شفتيها الناعم تحت يده والذى لم يشعر به سوى الآن، ربما لتأثره بكل ما حدث، ليرفع يده بتوتر وتتسع ابتسامتها وهى تنظر الى عينيه قائلة بهمس:
على فكرة الناس كلها بتتفرج علينا

ألقى نظرة حوله ليرى بعض الناس التى توقفت لتنظر اليهما، البعض بابتسامة والبعض الآخر بفضول، لينهض وقد ازداد توتره وهو يمد يده اليها لتتمسك بها وتنهض لينظر الى عينيها قائلا بحزم:
تعالى هوصلك

ابتسمت وهى تومئ برأسها، ليبتسم وهو يمشى باتجاه سيارته تمشى هى الى جواره تشعر بدقات قلبه المتسارعة، من خلال يده التى تتمسك بيدها يرفض التخلى عنها رغم كل شئ، لتتوافق سرعة دقات قلبه مع سرعة دقات قلبها، وهى تشعر لأول مرة بالأمان متمثلا فى ذلك الرجل الذى يمسك بيدها،،،، .زين

كانت ضحى تدلف الى سيارتها لتتجه الى منزلها فقد تأخرت كثيرا على تيم وشهاب، لتتفاجأ بمن يمسكها من الخلف ويضع منديلا على أنفها يمتلئ برائحة (الروهيبنول) والذى يستخدمه الخاطفون لتخدير ضحاياهم، ودت لو تصرخ مستنجدة ولكنها لم تستطع فقد لفها السواد ليسحبها الى أعماقه، لتسقط ولكن يحول دون سقوطها ذلك الرجل الذى أسندها ناظرا حوله ليتأكد أنه لا أحد يراه، قبل أن يشير الى سيارة تنتظر بمسافة ليست ببعيدة عنه، لتقترب منه تلك السيارة فيفتح الباب الخلفى ويلقى بضحى داخلها ثم يدلف الى المقعد الأمامى بجوار السائق ليقول بأمر حازم:
اطلع بينا بسرعة

ليومئ السائق برأسه ايجابا ويمسك ذلك الرجل بهاتفه، ليتصل برقم ما، ليجيبه على الفور صوت نسائى قائلا فى لهفة:
ها، عملت ايه، طمنى؟
قال الرجل بابتسامة:
كله تمام ياهانم، الست اللى ورتينى صورتها معانا خلاص، وهناخدها على المكان اللى قلتيلنا عليه

قالت السيدة بجذل:
برافو عليك، اسبقنى وأنا جاية علطول
أغلقت تلك السيدة الهاتف وهى تنظر الى المرآة قائلة فى سعادة:
أخيرا ياأريج، أخيرا اللعب هيبقى لصالحك، والكورة فى ملعبك، وابقى ورينى ياشهاب هتعمل ايه؟

دلف سليم الى غرفته ليسمع تأوه نوران، ثم صوتها وهى تقول بغيظ:
يعنى ياست نوران، مش قادرة تمشى خطوتين من غير ماتتخبطى
عقد حاجبيه فى حيرة وتقدم باتجاه صوتها ليمسك بيدها التى كانت تمدها أمامها قائلا فى دهشة:
بتعملى ايه يانوران؟

أزالت نوران ذلك الرباط التى كانت تضعه على عينيها بسرعة لترى سليم أمامها يعقد حاجبيه بحيرة، لتقول متلعثمة، يظهر الارتباك والخجل فى صوتها:
أنا، أنا مكنتش بعمل حاجة
مد سليم يده ليمسك بيدها الأخرى ليجدها تمسك ذلك الرباط لتتسع عينيه بصدمة قائلا:
انتى كنتى لابسة رباط على عنيكى؟

أحست نوران أنها ضبطت بالجرم المشهود لتقول متلعثمة:
أنا، أصلى، يعنى،..
اقترب منها يرفع يديه يحيط بوجهها فى رقة قائلا:
أصلك ايه يانوران؟

أذابتها لمسته وحركت مشاعرها تلك الرقة فى صوته لتبتلع ريقها قائلة:
بصراحة، كنت عايزة أشوف الدنيا بعنيك زى ما بتشوفها بعينية
ابتسم بحنان ثم مال عليها هامسا:
وشفتيها؟
مطت شفتيها بطفولية محببة وهى تقول:
هو أنا لحقت أشوف حاجة، ده أنا يادوب ربط الرباط وجاية أمشى خبط فى الكرسى وصوباعى الصغير بيدعى علية عشان فرمته

أطلق سليم ضحكة عالية تأملتها نوران بدهشة واعجاب فتلك هى المرة الأولى التى تراه يضحك فيها بتلك الطريقة، لقد أنارت تلك الضحكة وجهه وجعلته أكثر وسامة وأصغر سنا، لتقول دون وعى:
انت حلو أوى ياسليم

لتظهر ملامح الدهشة على وجه سليم والصدمة على وجه نوران لتفوهها بتلك الكلمات، لتتحول ملامح سليم فى ثوانى لملامح عاشقة وهو يقترب بوجهه منها حتى لفحتها أنفاسه الساخنة على وجهها وهو يقول بهمس:
امم، حلو، حلو ازاى يعنى؟

وقعت أسيرة لهمسته لتتأمل ملامحه التى تعشقها وهى تقول شاردة فى ملامحه:
زى قطعة شيكولاتة دايبة فى البق، من حلاوتها عايزة آكلها ومن حلاوتها بردو مش عايزاها تخلص
اقترب من شفتيها لتقول نوران بهمس:
بتعمل ايه ياسليم؟
قال سليم أمام شفتيها:
هدوقك الشيكولاتة ياحبيبة سليم

ليأخذ شفتيها فى قبلة مشتاقة، قبلة انتظرتها طويلا لتبادله اياها بشوق ولهفة، ابتعد عنها فقط كى يتنفسا، وهو يضع جبهته على جبهتها، تتسارع أنفاسهما، ليعود ويقبل وجنتها بنعومة نزولا الى عنقها لتتوه فى دوامة مشاعرها، تحاول أن تظل يقظة، ولكن لا فائدة فمشاعرها تتخدر من قبلاته وجسدها يشتعل من لمساته، لتقول بصوت متهدج من المشاعر:
تعرف شفايفك ملمستش شفايفى من امتى؟

قال من بين قبلاته:
امم، من امتى؟
تأوهت عندما أحست بيده تتغلغل تحت سترتها، تلمس بشرتها العارية، تتلمس منحنياتها فى عشق، لتسمعه يكرر همسته وهو يصعد بقبلاته تجاه فمها قائلا:
من امتى يانوران؟
اجابته متلعثمة:
من، من ٦ أيام
قال هامسا أمام شفتيها تماما:
لأ، دى غلطة كبيرة أوى ولازم تتصلح حالا

ليلتقط شفتيها مقبلا اياها مرارا وتكرارا، يعوضها عن تلك الأيام التى ابتعد فيها عنها، حتى أنها شعرت فى تلك الأيام بأنه لم يعد يرغبها، ليدحض كل أوهامها وهو يثبت لها بلمساته وكلماته أنها تحتل جزء كبير من قلبه، تتمنى لو تمتلك قلبه بأكمله، ولكنها تظل أمنيات

كان شهاب يمشى بعصبية ذهابا وايابا، يحاول للمرة التى لا يدرى عددها الإتصال بضحى، ليجيبه المجيب الآلى على هاتفها ويخبره أن ذلك الهاتف ربما يكون مغلقا، لينتابه القلق على صغيرته، فليس من عادتها أن تتأخر خارج المنزل حتى ذلك الوقت، وقد أخبرته نوران أنها غادرت منزلها منذ ٥ ساعات، ليطمئنها وقد أحس بقلقها قائلا أنه نسى أنها أخبرته بأنها ستذهب الى السوق وتشترى بعض الأشياء..

فنوران تعلم أن ضحى لا تذهب الى مكان دون أن تخبره بوجهتها، هكذا اتفقا منذ اليوم الأول لعشقهما، مرت الدقائق بطيئة، يشعر أنها تذبحه كلما مرت عليه، لينظر الى ساعته ويجدها قد تخطت الثانية عشرة بقليل، فتح هاتفه بتوتر وهو يتصل برقم ما ليجيبه صوت زين الناعس يقول:
ألو

قال شهاب بتوتر:
زين، أنا آسف لو صحيتك من النوم
أفاق زين على الفور حين استمع لصوت شهاب القلق ليقول بسرعة:
ولايهمك، أنا معاك، طمنى، فيه ايه؟
قال شهاب بحزن:
ضحى يازين، مرجعتش لغاية دلوقتى وانا قلقان عليها اوى، والتأخير ده مش من عاداتها

نظر زين الى تلك الساعة بجوار سريره فى قلق ليقول بتوتر:
سألت البنات عنها؟
قال شهاب فى مرارة:
محدش يعرف عنها حاجة، آخر واحدة شافتها كانت نوران، مشت من عندها الساعة ٦، وكانت جاية على البيت

نهض زين من سريره بسرعة قائلا:
اهدى ياشهاب وأنا جايلك حالا، وبإذن الله هنلاقيها، اطمن انت بس
أحس شهاب بالدموع تخنقه وهو يقول بصوت متهدج:
يارب يازين، يارب نلاقيها

ليغلق زين الهاتف وهو يمسح وجهه بعصبية وقلق فغياب ضحى ليس له سوى معنى واحد، أنها اختطفت من أجل فدية أو ربما،،، نفض رأسه من التفكير فى تلك الاحتمالات التى قد تقتل الجميع، ليتوجه الى خزانة ملابسه، ويأخذ أول شئ وقع عليه عيناه، وهو يدعو الله أن يستطيع اعادة ضحى الى شهاب وإلا ضاع شهاب، وضاع الجميع

استيقظت ضحى تشعر بدلو ماء قد سكب عليها، لتفتح عينيها بقوة تنظر حولها بدهشة لتدرك أنها فى مكان غريب، لا يوجد به سوى ذلك الكرسى الذى تجلس عليه مقيدة إليه. يقف رجلا ذو مظهر يدل على اجرامه، يمسك دلوا فارغا وينظر الى جسدها بنظرات اصابتها بالقشعريرة، لتلاحظ ابتلال فستانها وظهور ملامح جسدها بعد أن ابتلت، لتقول بصوت حاد:
انت مين، وعايز منى ايه؟

ابتسم لتظهر أسنانه الأمامية المكسورة وهو يقول بسماجة:
أنا عواد
ليفرك ذقنه الخشنة بيده مستطردا فى رغبة ملأت عينيه:
أنا اللى جبتك هنا عشان فيه حد عايزك، ولو انك بصراحة تلزمينى

تجاهلت كلماته الأخيرة لتقول بضيق:
مين اللى عايزنى، قوللى مين اللى خلاك تخطفنى، انطق
استمعت الى صوت نسائى ساخر تقول:
أنا
التفتت ضحى بصدمة الى مصدر الصوت لتطالعها اريج ناظرة اليها فى شماتة، لتقول ضحى بدهشة:
أريج ؟ ؟ ؟

اقتربت منها أريج قائلة:
أيوة أريج، أريج اللى جوزك خانك معاها، بس مع الأسف رجع واتخلى عنى، عشان خاطرك بس تعرفى أنا هخليه يتحسر عليكى، وبعدين هيرجعلى، شهاب مش ممكن يكون لغيرى، فاهمة ولا لأ؟
أفاقت ضحى من صدمتها قائلة فى غضب:
احلمى ياأريج، شهاب هيفضل جوزى وحبيبى لآخر يوم فى عمرى

ابتسمت أريج قائلة بسخرية:
يبقى هيكون ملكى قريب، هو أنا مقلتلكيش، ما أنا خطفاكى عشان أموتك، يعنى استغفرى كدة ياحبيبتى عشان ساعات حياتك بقت معدودة

بصقت ضحى فى وجه أريج لتصفعها أريج بقوة، لينزل من شفتى ضحى خيط رفيع من الدم، التفتت أريج الى عواد قائلة فى صرامة:
خد بالك من الحيوانة دى، هروح مشوار طلعلى فجأة وهرجع أخلص عليها بإيدى، مفهوم؟

ليبتسم فى خبث قائلا:
اطمنى ياهانم، هحطها تحت عينى
غادرت أريج بخطوات غاضبة، تتبعها عينا ضحى ثم رجعت بعينيها الى ذلك الرجل الذى يرمقها بنظرات لا تريحها على الاطلاق، لتبتهل الى الله بقوة أن ينجيها مما هى فيه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة