قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية جواز اضطراري للكاتبة هدير محمود علي الفصل الأول

رواية جواز اضطراري للكاتبة هدير محمود علي كاملة

رواية جواز اضطراري للكاتبة هدير محمود علي الفصل الأول

كان قلبها يخفق بشدة.. كانت تخشى من تلك الكلمة التي سينطقها القاضي بعد قليل هل سيطلق سراحها أم ستظل تحت هذا القيد اللعين ل شهور آخرى.. عند تلك اللحظه سمعت الحاجب يقول محكمة أغمضت عيناها وكأنها ب هذا تصم أذنيها ايضا عما سينطق به القاضي بعد ثوان إنها لحظات لكنها تشعر وكأن الدهر كله مر عليها واذا بها تسمع القاضي يقول: بعد النظر إلى القضيه المرفوعه أمامنا حكمت المحكمه ب تطليق المدعيه من زوجها
عند تلك اللحظه لم تستمع مريم لأي كلمه أخرى بعد ذلك.. الآن أصبحت حرة طليقه انتهى هذا المسلسل الدرامي الحمد لله انه انتهى عند تلك النقطه..

خرجت من قاعه المحكمه مسرعه واذا به يلحقها نظر داخل عيناها نظرة أفزعتها كثيرا ثم أمسكها من معصمها بقوة قائلا:
- أوعي تفتكري انك بكده خلصتي مني يا مريم لا تبقي بتحلمي انا لا يمكن أسيبك أبدا حتى ف أحلامك هتشوفيني
- سيب أيدي أنتا عايز مني أيه أنا مش عايزة منك أي حاجه غير أنك تسيبني ف حالي مش مكفيك كل اللي عملته فيا أنتا أزاي كنت بالقذارة ديه وأنا مكنتش شايفاها..

- أنا بحبك يا مريم بحبك أوووي صدقيني أنا مقدرش أعيش من غيرك
- أنتا واحد كداب وخاين بتحبني! انتا مبتحبش غير نفسك وبس زيك زي كل الرجاله
- عشان مرة واحده بس غلطت تخسريني
- هههههه هو انتا بتكدب على نفسك ولا عليا ده اللي أنا أعرفه بس هوه اللي مرة لكن أنتا مش طبيعي يا مروان أنتا خاين انتا مش سوي اللي حصلك زمان أثر فيك أنا مش مستغربه اللي بيحصل أنا مستغربه نفسي أزاي مفكرتش قبل كده مش قولتلك هبله..

- مروان بحدة: أوعي تفتكري إني ممكن أسيبك ل راجل تاني غيري أه ممكن متبقيش ليا لكن عمري ما هسيبك لحضن راجل تاني ابدا
- ههههههه أنتا مش هتسيبني ل حضن راجل تاني وبس لا انتا هتشوفني بعينك ف حضن راجل تاني والله لأقهرك يا مروان بس المرادي هيبقا راجل مش زيك..

نطقت كلمتها الاخيره ثم جرت مسرعه قبل أن يتهور عليها ركبت سيارة من كريم كانت تنتظرها ف الخارج بينما كانت في طريقها ل بيت والدها أمالت رأسها للخلف وأغمضت عينيها كم المرارة التي تشعر بها في حلقها جعلت عيناها تدمع سقطت دمعتين عل وجنتيها وكاناتا البدايه لسيل من الدموع تتسائل هل هذا هو مروان الذي وعدها بأنه سيجعلها أسعد إمرأه جعلها الأتعس خيانته كانت الأصعب لم تتوقعها منه ألبته كانت تتوقع أي شيء إلا الخيانه يبدو أن كل الرجال بهم تلك الصفه اللعينه إنها لن تسمح لآخر أن يدخل حياتها لن تسمح لأحدهم أن يجرحها مرة آخرى بينما كانت في أفكارها سمعت الشاب الذي كان يقودها حيث شقة والدها..

- يا مدام وصلنا مش هو ده المكان
- أه هوه شكرا.

صعدت الدرج وإذا بها أمام باب الشقه ترددت كثيرا قبل الدخول فإنها أصبحت تكره هذا المكان أيضا لكن ليس لها مكان غيره ف هي قبل أن تتزوج تعيش فيه مع والديها قبل أن يتوفيا.. كانت مريم وحيدة والديها وكانوا من الصعيد وأتوا جميعا إلى القاهرة منذ ولدت كانوا يذهبوا للصعيد كل سنة تقريبا في أجازة والدها لها عم وحيد وخال وخالات لكن علاقتها وطيده اكثر بعمها أما أهل والدتها خاصة خالها تكاد تكون العلاقه منعدمه لانه كانت هناك العديد من المشاكل بين والدتها وخالها معهم لانه رفض اعطاءها ورثها من والدها بحجه أن النساء لا ترث وبعدما تزوجت من ابوها ازدادت المشكلات أكثر لذا قرر والدها أن يترك الصعيد ويأتي للقاهرة وبالفعل عاشوا هنا وكانوا لا يذهبوا هناك الا الزياره السنوية...

كان عمها عل اتصال دائم مع والدها لكن منذ عامين توفى والدها وبعدها بأقل من سنة آخرى توفيت والدتها وبقيت مريم وحيدة جاء وقتها عمها إليها وطلب منها أن تذهب لتعيش معهم في الصعيد لانها بنت ولا يصح أن تعيش بمفردها لكنها أقنعته بأنها طبيبه ولا يمكن أن تترك عملها وكانت قد تعرفت على مروان وأخبرت عمها أنه سيخطبها بعد مرور فترة الحداد كان مروان صيدلي وكان يتعامل مع المستشفي التي تعمل بها تقابلا عده مرات ودارت بينهما العديد من المحادثات كان مروان شابا وسيما لم يكن طويلا للغايه لكنه كان لا بالقصير ولا بالطويل أبيض البشرة ذو عينان عسليه كان قوامه ملائم له كان لبق الحديث معسول الكلام تذكرت مريم المرة الأولى التي رأته فيها..

- أهلا دكتورة لوسمحتي ممكن تستلمي الأدويه ديه
- فين الورق بتاعها
- هبقى أجيبه ل حضرتك بكرة
- آسفه مش هقدر أمضي بالاستلام الا لما أراجع الورق لأن ده مش مكاني أنا واقفة مؤقتا لحد ما دكتورة منى تيجي
- بهمس "أوووف هي ناقصة بنات معقدة".

نظرت إليه فأصابت عيناه كانت تنظر في أوراق أمامها ولم يكن يراها وحينما نظرت إليه شعر بأنها خطفته ربما لأنها تشبه والدته كانت مريم ذو بشرة بيضاء مشربة ببعض الحمرة الطبيعية وعينان شديدة السواد واسعه ورموش طويلة وأنف دقيق وثغر صغير وشفاه مكتنزة بعض الشيء لكنها تشبه شفاه الأطفال وكأنها كبرت ولكن شفتيها ظلت كما هي بلونها الوردي الفاتح وكانت ترتدي حجاب يظهر برائتها أكثر كانت كأميره جميله في بالطوها الابيض كانت قصيرة بعض الشيء..

- مريم بجدية: مالك يا دكتور قولت حاجه؟
- قولت هو في عيون حلوة كده
- نعم! ميصحش كده يا دكتور.. وهنا وقفت مريم
عندها ضحك مروان قائلا:
- هو في ميدالية كده..

لم تستطع مريم ان تخفي ابتسامتها التي أضاءت قلب مروان.

- عل فكرة انا مش قصيرة خالص انا طولي 158 سم
- ههههههه خالص مين قال قصيره
- وهو أنتا يعني اللي طويل
- نظر إليها ضاحكا بالنسبه للناس كلها عادي بس بالنسبالك طبعا.

نظرت لفرق الطول بينهما وقالت بثقه وعفوية شديدة:
- أنا طولي مناسب جدا وبيقولوا أن طولي ده هو الطول المثالي للست
- مروان غامزا: هو بصراحه مثالي أووي
- مريم بجدية: أحممم كنت عايز أيه يا دكتور...
- مروان.. دكتور مروان وحضرتك
- وعايز تعرف اسمي ليه؟
- عادي مش زمايل
- لا مش زمايل أنا دكتورة جراحة وحضرتك دكتور صيدلي وبعدين أتفضل بقا يا دكتور خليني أشوف شغلي وأهي دكتور منى جت تاخد مكانها بعد أذنك
- يعني بردو مش هتقوليلي اسمك
- لا
- مسيري هعرف وسهلة أوي
لم يكمل جملته وسمعت مريم في مكبر الصوت بالاستقبال يهتفون باسمها " دكتورة مريم مطلوبة ف الاستقبال "
- بعد أذنك عندي شغل
- حلو مريم على فكرة.

جرت مريم مسرعه وعل وجهها ابتسامه لا تعلم سببها قد خطفها مروان منذ اللحظة الأولى.. مرت الأيام وتقابلا فيما بعد كثيرا كان والد مريم قد توفى شعرت وقتها بأن مروان ملأ جزء من الفراغ الذي تركه والدها في قلبها حتى أتى ذلك اليوم الذي أتصلت بها والدتها وأخبرتها بأنها تشعر بتوعك شديد ذهبت وهي تسابق الريح كي تصل إليها ولكن حينما وصلت كانت أمها في الرمق الاخير لفظت أنفاسها الأخيرة بين يديها شعرت حينئذ أنها أًصبحت وحيده كانت كالغريق لم تعرف ماذا ينبغي عليها أن تفعل فاتصلت بمروان الذي جاء إليها في بضع دقائق...

كان باب الشقه مفتوح ما أن رأته حتى استسلمت ل نفسها ومشاعرها ارتمت بين أحضانه وكأنها الطفل الصغير في حضن أمه بدأت تنتحب بشدة وكان يحنو عليها كأب لحظات لا يمكن أن تنساها أبدا مرت عليها أيام صعبة كان بجوارها طيلة الوقت كان يأتي ليصلها إلى عملها ثم ينتظرها ل تنهي عملها ليعيدها إلى منزلها كان يحاول أن يقترب منها أكثر لكنها كانت تحاول وضع الكثير من المسافات لانها تخشي من اقترابه ف هي امرأه تجلس بمفردها وهي أيضا تخشى الله كانت دوما تحافظ عل أداء صلواتها وتتسم بالالتزام في علاقتها مع الجميع أما مروان ف كان يصلي لكن ليس بانتظام كان دوما يحاول ألا يتعدى تلك الحدود كان يسعى أن يريحها وفي أحدى المرات كانت تجلس معه كانت حزينة شاردة نظر إليها في ألم قائلا:

- و بعدين معاكي يا مريم هتفضلي كده لحد أمتا ماما متوفيه من شهر وأنتي زي ما أنتي حالتك من سيء لأسوأ مبتتكلميش غير قليل ودايما ساكته والدموع ف عينيكي عارف اللي أنتي حاساه ومريت بيه بس صدقيني لازم تعيشي.
- أنا تعبانه تعبانه أوي يا مروان حاسه إني بره الدنيا حاسة بغربة بوجع بخوف أمي وأبويا ف سنه واحدة مكنتش متخيلة أبدا أن ده يحصلي أنا عارفه أنه اكيد خير وأني لازم اصبر واحتسب بس الفراق واجعني أوي أنا مش قادرة ولا عارفة ولا عايزة أعيش..

- عارفة.. أنا بحسدك عل إيمانك ده ياريتني كنت زيك كانت حاجات كتير ف حياتي اتغيرت
- حاجات ايه؟
- مش مهم دلوقتي المهم أنك لازم تبقي قويه لازم تعيشي عشاني لو مش عشانك أنا مش هقدر أعيش من غيرك أنا بحبك يا مريم بحبك من أول لحظه شوفتك فيها
- مش للدرجادي يا مروان
- والله يا مريم أنتي شدتيني من أول مرة يمكن لأنك شبه أمي الله يرحمها
- هي مامتك متوفيه؟
- أه
- طب وباباك فين؟
- متوفي هوه كمان.. بعدين هحكيلك كل حاجه
عند تلك اللحظه رن هاتف مريم
- ده عمي.. أنا عارفه أنه هيلح عليا أني أروح أعيش معاه..

ألوأزيك يا عمي.. أه أنا الحمد لله كويسه وبخير.. ما أنا قولتلك يا عمي إني مقدرش أسيب شغلي وحياتي هنا.. مروان! تقابله ليه؟.. ماشي يا عمي هقوله وهبقا أكلمك تاني وأخليه يكلمك.. ماشي يا عمي حاضر مع السلامه
- مروان بتساؤل: أيه خير؟
- مفيش بيطمن عليا
- بس أنتي قولتي مروان كان عايزني في حاجة؟
- عمي عايز يقابلك ومرضيش يقولي ليه
- طيب نكلمه بكره ونحدد معاد
- ماشي يلا بينا نروح الوقت اتأخر
- الساعه 8 الوقت اتأخر!

- كفايه أصلا أني وافقت أننا نخرج متنساش أني صعيدية
- هههههه صعيديه إيه بس انتي هتستهبلي عمري ما سمعتك بتتكلمي ولا كلمة صعيدي حتى
- وه مهو لو هتكلم صعيدي مش هتفهم حاجة واصل
- هههههه وه مرة واحده و واصل! لأ كده صدقت طب يلا بينا
عاد معها لبيتها وعند باب الشقة نظرا لها بحنان قائلا:
- ممكن تيجي ف حضني يا مريم أنا عايز أشيل الحزن اللي جواكي أقسم الوجع بيني وبينك
- مريم بحزم ممزوج بغضب: مع السلامه يا مروان
- مريم.. مريم بصيلي أرجوكي أوعي تفهمي طلبي غلط والله ما قصدت حاجه غير أني أشيل عنك بس
- روح بعد أذنك يا مروان دلوقتي أحسن أنا مش عايزة أتكلم..

- معقول يا مريم تفهميني غلط كده
- أنا مش فاهمه غلط ولا صح بس مش عايزة اتكلم
- أوك هسيبك براحتك وأمشي أنا
- ماشي تصبح على خير
- وأنتي من أهله مش عايزك أهم حاجه تبقي زعلانه
- أنا كويسه
- ماشي نتكلم بكره
- بإذن الله..

انصرف من أمامها وظلت هي تفكر فيما طلبه منها هل هي مخطئة حينما اقتربت منه هكذا لكنها لم تفعل أي شيء خاطيء حتى لم يلمس يدها سوى تلك المرة الوحيده التي ألقت نفسها بين أحضانه يوم وفاة والدتها لكنها لم تقصد ذلك أبدا كانت في غير وعيها ظلت الأفكار تراودها حتى شعرت بالاختناق الشديد لم تجد ملجأ ولا سكن سوى الله فقامت وتوضأت ووقفت بين يدي الله تناجيه وتدعوه أن يغفر لها تلك الضمة التي حدثت منها دون قصد وأن يلهمها الصواب وبعد الصلاه والبكاء شعرت براحة جعلتها تنام في هدوء وفي صباح اليوم التالي قابلت مروان في العمل كانت معاملتها معه غير المعتاد كانت أكثر رسمية وشعر هو بذلك..

- زفر مروان بضيق قائلا: هتفضلي تعامليني كده لحد أمتا والله ما قصدت أي شر..
- مروان لو سمحت بلاش نتكلم ف الموضوع ده تاني
- أنتي اللي بتخليني اتكلم انتي متغيرة معايا أوي من امبارح وحتى مش عايزة تخرجي معايا
- مش هينفع نخرج تاني خلاص لما نتجوز نبقا نخرج
- شوفتي بقا انك اتغيرتي
- أنتا خلتني راجعت حساباتي واكتشفت انه مكنش ينفع نخرج مع بعض إلا لما أبقا مراتك وأنا بعمل الصح دلوقتي
- طيب هنكلم عمك امتا؟
- حالا.

اتصل مروان ب عمها وهي كانت بجواره وحددا موعد يوم الخميس القادم ليتقابلا وحينما أغلق الهاتف تسائلت مريم قائلة:
- تفتكر عمي عايزك ف ايه؟
- مش عارف بس أكيد حاجه مهمه جدا
- أكيد كلها كام يوم وهنعرف.

وجاء يوم الخميس ومريم تتعامل بحذر مع مروان وكانت تشعر براحه شديده تجاه هذا التصرف.. وصل عمها إلى منزل أبيها الساعه الرابعه عصرا وكانت مريم قد أعدت طعام الغداء ل عمها والذي اتصل ب مروان وطلب منه أن يأتي ليتناول الغداء معه وبالفعل جاء بعد مرور فترة قصيره وبعد تبادل التحيات جلس الجميع وتناولوا الغداء وجلس عم محمود ل يشرب الشاي مع مروان وطلب من ابنه أخيه أن تتركهما بمفردهما وما إن خرجت حتى تحدث عمها قائلا:
- أنا طلبت أننا نتحدت مع بعضينا جبل ما مريم تحضر حديتنا
- اتفضل يا عمي..

- بص يا ولدي مريم مش بنت خوي وبس لا ديه بتي انا مخفلتش غير رجالة ومخلفتش بنات ومريم بتي فعلا هي طيبه وجلبها ابيض وربنا عيحبها جوي
- عارف يا عم محمود والله أنا لمست ده
- بص يا ولدي اخرت الحديت أنا مش رايد إن بت اخوي تجعد لحالها رايد أطمن عليها يعني لازمن نكتب الكتاب بالكتير بعد أسبوع والدخله كمان ولا أنتا مش جاهز؟

- لا جاهز بس اعتقد أن مريم مش هتوافق يعني عشان ظروف وفاة والدتها
- وهوه أحنا عندينا البنته توافج أو متوافجش الرجاله تتفج والبنته تمشي اللي هنجوله
ثم هتف مناديا بإسمها:
- مريم مريم
- ايوه يا عمي
- كتب الكتاب والدخله بعد أسبوع يا بتي
- ايه مستحيل ازاي يا عمي ده ماما لسه متوفية من مفيش أزاي أفرح وألبس فستان فرح أزاي؟
- هوه كتب كتاب واشهار عندينا ف البلد وتدخلوا عندينا بردك وتجعدوا معانا كام يوم لحد السبوع
- يا عمي افرح أزاي بس أنتا كده بتضيع فرحتي
- يا بتي أنا بحافظ عليكي أحنا صعايدة ومنجبلش بناتنا يجعدوا وحديهم ولا يعرفوا رجالة
- يا عمي أنا عمري ما هعمل حاجه غلط..

- حاشا لله.. أنا خابرك زين يا بتي بس عوايدنا أجده يا أما تاجي تجعدي حدانا لحد السنوية بتاعت المرحومه وبعدين تتجوزي
- وشغلي وحياتي؟
- يبجا تختاري؟
- خلاص يا عمي أنا موافقه بس مروان
- مروان موافج وأهوه جاعد جدامك وسامع حديتي
- أجابه مروان بتأكيد: موافق يا عمي لو مريم موافقة..

وانتهى الامر بموافقتها رغما عنها.. تذكرت ذلك اليوم الذي كان من المقرر إقامه كتب الكتاب ائنذاك في الصعيد كان كل شيء حولها لايوحي بالفرح لانه من الاصل لم يوجد فرح احتراما لحاله الوفاة لم يوجد زغاريد لم يوجد فستان الزفاف الأبيض الذي طالما حلمت به حتى فرحتها لم تشعر بها ليس هذا فحسب بل تحولت فرحتها ل حزن ووجع شديدين لانهما كانا في انتظار وصول خالها الذي تأخر عن موعده في حين كان الجميع حاضرين إلا هو وحتى المأذون قد حضروبعد أكثر من ساعة من الانتظار الموجع جاء خالها وما هي إلا لحظات حتى انتهت الاجراءات وأصبحت مريم زوجه ل مروان، جاء خالها ليهنئها أو بالأحرى ليسمم بدنها وروحها بكلامه الذي لا يوجد به أي رحمة قال لها ساخرا:
- مبروك يا بت أختي بس مش جادره تستني ل سنوية أمك ولا متستهلش منيكي صبر..

كانت مريم في أوج غضبها وحزنها لكن احترامها منعها من سب خالها وإن كان هذا كل ما تتمناه الآن لم تستطع أن تفعل شيء سوى أن تستأذن في الانصراف ودخلت شرفه المندرة تبكي بحرقة جاء خلفها مروان وقد شعر بألمها ف ضمها لصدره بشدة وظل يربت فوق حجابها بخفة محاولا تهدئتها قائلا:
- أهدي يا مريم معلش كان لازم نتجوز عشان محدش يقدر يتكلم عليكي اوعدك إن حياتك اللي جايه هتبقى كلها فرح مش هيكون شغلي حاجه ف الدنيا غير إني بس أسعدك..

- مريم بعصبية وبكاء: هوه فاكر نفسه ايه هو لو كان بابا وماما عايشين مكناش هنسأل عنه لولا عمي محمود مكنتش عزمته أصلا جاي متأخر ساعة وكمان بيقطمني وبيجرحني بكلامه هو فاكرني فرحانة بالجواز بالشكل ده فين الفرحه اللي أي بنت بتتمناها أنا مش عارفه أحس أصلا إني عروسة أنا حاسه أني مدبوحه جرحي بينزف ومطلوب مني افرح طب أزاي؟!.. أزاي اليوم اللي بستناه طول عمري يكون بالشكل ده يكون بالوجع ده ازاي يجي يوم فرحي من غيرهم أصلا وحشوني أوي أوي يا مروان كنت بدور عليهم بعنيا ف وسط كل اللي قاعدين بس ملقتهمش لقيت ناس تانيه غيرهم أنا اتحرمت من حضنهم وفرحتهم بيا وفرحتي ف وسطهم قلبي وجعني أووي..

- هما معاكي وحواليكي والله شايفينك وحاسين بيكي أهدي عشان خاطري يا حبيبتي
- مروان عشان خاطري أنتا لو بتحبني مشيني من هنا دلوقتي عايزة أروح أرجوك
- حاضر هستأذن عمك ونروح
ذهب مروان ل عم محمود
- معلش يا عمي احنا لازم نرجع القاهرة دلوقتي
- دلجيت فين يا ولدي ميصحش أنتو تجعدوا معانا كام يوم وأحنا نشيلكم على روسنا
- مريم مش قادره تقعد هنا وخصوصا بعد الموقف بتاع خالها هي تعبانه جدا ولازم نروح
- والدخله يا ولدي؟

- يا عمي تفتكر في الظروف ديه هينفع يحصل حاجه الحاجات ديه مش بالغصب
- براحتكوا يا ولدي بس مينفعش تمشوا جبل الصبح لما الناس تاجي تبارك وبعدين اعملوا اللي انتو رايدينه عشان محدش يتكلم
- حاضر يا عمي اسمحلي أخدها الاوضه عشان ترتاح
- طبعا يا ولدي الدار داركوا
- شكرا يا عم محمود تعبناكوا معانا والله
- مجولتلك يا مروان يا ولدي مريم بتي.. بس أمانه عليك حطها ف عنيك
- ف عنيا والله.. بعد أذنك
- اتفضل يا ولدي
ذهب مروان إلى مريم التي مازلت تنتظره في الشرفة
- مريومه حبيبتي يلا بينا
- مريم بلهفة: هنروح؟

- لا يا حبيبتي مش هينفع نروح دلوقتي عشان الناس أنتي ناسيه إن النهارده دخلتنا
- مريم باندفاع: دخله أيه يا مروان أنتا شايف أنه...
- قاطعها مروان قائلا: أنا مش قصدي حاجه يا حبيبتي أنا اتفقت مع عمك أننا هنمشي الصبح بس عشان محدش يتكلم لكن صدقيني مفيش أي حاجه هتحصل غصب عنك
- شكرا طيب ممكن أطلع أنام أنا حاسة إني تعبانه أوي
- أنا فعلا طلبت من عمك أننا نطلع ننام وهو محضرلنا الأوضه بتاعتكوا..

ذهبا العروسان معا لغرفتهما التي كانت معده لاستقبالهما من قبل زوجة العم محمود الحاجة عفاف وحينما دخلت مريم الغرفة تجولت بعيناها كل أرجاء المكان كأنها تبحث عن أحد حتى جلست على السرير بخيبة أمل ودفنت وجهها بين كفيها وظلت تبكي بحرقه اقترب منها مروان وضمها بين ذراعيه نظرت إليه بصوت أنهكه البكاء.

- بردو مش هنا يا مروان كنت فاكرة إني أول ما ادخل الأوضه هلاقيهم كنت فاكره إني هلاقي حضن أمي وضحكة بابا مستنياني بس بردو ملقتش حد
- خلاص يا حبيبتي تعالي نامي ف حضني أنا هكون حضنك وسندك وأمانك هكون ليكي بابا وماما وابنك كمان.

ارتمت مريم بين أحضانه حتى استكانت وراحت في ثبات عميق وفي مساء اليوم التالي انصرف العروسان إلى شقه مروان بعد توديع عم محمود وزوجته مع وعد بزياره آخرى قريبا.. وهناك في شقه مروان ظلت مريم تحاول مداوة جروحها حتى تستطيع أن تعود لطبيعتها وساعدها زوجها عل ذلك حتى أتت الليله التي قررت أن تنهي علاقة الاخوة التي بينها وبينه ويبدو أنه ليس علاقه الاخوة فقط التي انتهت بل أنها كانت البدايه ايضا لانتهاء علاقتهما الزوجية كانت مريم تظن أن مروان سيكن معها في منتهى الرقه لكنه كان عنيفا للغايه وكأنه أراد تعذيبها هل هو سادي في عشقه إنها لم تشعر بأي شيء سوى الألم وظلت تبكي كثيرا وحاول مروان الاعتذار لكنها كانت خائفه منه بشدة وهنا بدأ هو الآخر في البكاء تعجبت مريم كثيرا ظنت في البدايه أنه يبكي من أجلها ف جلست بجواره وربتت عل كتفيه قائلة:

- أنا كويسه خلاص يا حبيبي أكيد غصب عنك أكيد مكنتش تقصد
- والله ما كان قصدي أكون كده معاكي يا مريم بس غصب عني
- أنا عارفه أنه أكيد غصب عنك
- في سر ف حياتي لازم تعرفيه أنا محتاجك أوي يا مريم محتاج تسمعيني وتحسي بيا وتشاركيني وجعي
- قول يا مروان في ايه؟أحكي أنا سمعاك
- أنا أمي عايشة وبابا هوه اللي مات بس أنا قولتلك أنها ماتت لأنها ماتت بالنسبالي ماتت بعد ما موتت مروان ماتت لما سابتني وأنا عندي عشر سنين عشان تتطلق من ابويا..

بابا كان صعب اوي كان بيضربها ويتخانق معاها كتير ولما طلبت الطلاق منه اشترط عليها تسيبني معاه عشان يلوي دراعها كان متخيل انها هترفض لكن هي خالفت توقعاته وتوقعاتي ووافقت سابتني وبابا مستناش بعدها بشهر وااحد كان متجوز واحده تانيه غير أمي وكانت فعلا خير مثال لمرات الأب والغريب أن بابا اللي كان مبهدل ماما أتحول لواحد تاني ضعيف الشخصيه قدامها وبدأ يسمع كلامها ف أي حاجه تقولهاله عني حرمتني من حاجات كتير أوي.. أنا فاكر مرة طلعت رحله هي مكنتش عايزاني اطلعها بهدلت الدنيا وكسرت البيت كله لمجرد أنها افتكرت أن أبويا كان عارف ووافق بالرغم أنها رفضت ويومها سابت البيت وراحت قعدت عند اهلها..

فضلت هناك اسبوع لحد ما أبويا راح وفضل يترجاها ترجع ورجعت فعلا ولما شافتني بابا غصبني اعتذر لها ولما اعتذرتلها ضربتني بالقلم القلم ده عمري ما نسيته أبدا هو اللي خلاني بقيت دكتور وهو اللي خلاني كرهت كل الستات واللي خلاني أقرر أنتقم منهم أكتر أمي دورت عليها كتير لما دخلت الجامعه وبابا مات قولت لازم أدور على أمي افتكرت إني أكيد وحشتها زي ما هي وحشتني بس خايفه منه وعرفت أنها أتجوزت وسافرت الكويت وخلفت كمان عارفه لما كلمتها قولتلها انا مروان قالتلي مروان مين أمي نسيتني نسيت ابنها قالتلي بالحرف الواحد أنتا بتفكرني ب أسوء أيام حياتي.. أيام نفسي انساها.. أمي بتعتبرني غلطه عايزة تنساها أمي شايفاني ذنب.. نسيتني بكل إرادتها عشت وقررت إني هوجع كل الستات واعاقبهم عشان أخلص من الوجع اللي أنا حسيته الوجع والجرح اللي عمره متقفل ابدا عرفت بنات كتير وخلتهم يحبوني ولما ده بيحصل كنت ب كسر قلبهم واسيبهم بعد ما أعذبهم لكن بردو ناري مبردتش لحد ما قابلتك حبيتك حبيتك أوي شوفت فيكي أمي اللي صورتها مفارقتنيش من آخر مرة شوفتها..

- قاطعته مريم قائله: اتجوزتني عشان تنتقم منها فيا؟
- لا والله أبدا اتجوزتك عشان صورة أمي اللي كنت بحبها ترجع تاني بس وأنا معاكي معرفتش أسامحها معرفتش يا مريم شوفت فيكي مرات ابويا وأمي وكل الستات اللي بكرههم مشوفتش مريم اللي بحبها أنا آسف سامحيني ارجوكي متسيبنيش ساعديني
عندما أنهى مروان كلماته أستقبلته مريم داخل صدرها وكأنه طفل صغير تهدهده..

ومنذ ذلك اليوم عاشت مريم معه لحظات كثيرة من الوجع والألم ليس في علاقتهما الزوجيه فحسب بل ف حياتها العاديه كان مروان شكاك.. غيور لا يثق بأحد وفي كل مرة يعتذر وتقبل هي اعتذاره ظنا منها أنه سيتغير حتما سيكتسب الثقه رويدا رويدا بدأ يتغير معها وبدأت علاقتهما الزوجيه تتحسن لم يصبح عنيفا كما كان بل اصبح اكثر رقه لم تكن مريم تعلم سبب التغييرالذي طرأ عليه السبب الذي كان بمثابه القشه التي قصمت ظهر البعير لا بل كانت الطوبه التي هدمت تلك الحياة الخاوية هدمت ذاك البيت الذي طالما حاولت مريم الحفاظ عليه سنة كاملة...

أفاقت مريم من شرودها وقد قطع سيل ذكرياتها تلك صوت رنين هاتفها المحمول وكان المتصل عمها محمود كان يطمئن عليها وعل زوجها ف هي لم تخبره بما حدث ولم تخبره بقضية خلعها منه لأنها تعلم أنه لن يسمح لها بأن تعيش بمفردها وهي لا تستطيع العيش هناك اضطرت أن تكذب عليه.. وعادت لعملها فقد كان مروان قد طلب منها أن تنقطع عن عملها ووافقت بعد العديد والعديد من المشكلات معه ولكن لم يستمر انقطاعها أكثر من ثلاث أشهر وكانت تري مروان هناك كثيرا كان طوال الوقت يطاردها حتى بعد الخلع..

كان دوما في وجهها مرة بالكلام المعسول والاعتذارات ومرة اخرى بالتوعد والتهديد كانت بداخلها ترتعد خوفا منه لكن أمامه تتظاهر بالقوة واللامبالاة لحديثه لم تكن تعلم ماذا يتوجب عليها فعله حتى تتخلص منه وبينماكانت تجلس بمفردها وحيده مع ذكرياتها سمعت جرس الباب يدق شعرت بانقباضة شديده في صدرها ف لا أحد يزورها سألت الطارق فأتاها الصوت الذي جعلها تشعر بالدهشة الممزوجة بالقلق ف لقد كان الطارق هو عمها محمود فتحت له الباب قائلة بتوتر:

-أزيك يا عمي حمدلله على السلامه
- الله يسلمك يا بت أخوي إنتي هنيه ليه مش ف دارك؟
- أصل مروان مسافر ف شغل و..
- قاطعها عمها قائلا: من متا عاد بتكدبي عليا يا بت اخوي أني خابر كل شي بس رايد أسمع منيكي يا بتي عشان اللي عرفته أكيد محوصلش
- أيه اللي عرفته يا عمي؟
- جولتلك رايد اسمع منيكي يا بتي
وجدت نفسها ترتمي بين أحضانه وكأنه والدها جلسا سويا وقصت عليه كل ما حدث من البدايه للنهاية
- ياااه يا بتي استحملتي كل ده وف الآخر كان جزائك اللي جاله عنيكي
- قاله عني!قال أيه يا عمي؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة