قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع والعشرون

في تدابير الخالق ل خلقه، زوال كرب. لا تتيقن بأن ما تمُر به أسوأ فترات حياتك فيأتيك الله بما ظننت...

انتصب آسر واقفًا ما أن مال جسد مُصطفى إلى شِقه الأيمن. أطلق قهقهة خفيفة حيث أنه يصدر سيمفونية تليق بحجم جسده وتكدس الطعام على أنفاسه وما أن إقترب منه حتى أردف بنبرة خافتة وهو يضرب خدهُ برفق:
مُصطفى يا حبيبي؟! يالا نام في الأوضة بتاعتك عندك كيلاس بُكرا؟! دا باين عليه مغيبب؟
فداء بخضة وهي تشهق عاليًا بنبرة مُشفقة: ليكون الأكل كتم على نفسه ومات؟

ضيق آسر عينيه في نفاذ صبرٍ ليردف بنبرة هادئة: وبالنسبة للشخير دا، ما لفتش إنتباهك خالص.

ومن ثم استأنف متوجهًا بحديثه إلى يامن: تعالى يا عم شيل معايا الكائن الشتوي دا!
جحظت عيناي يامن وهو يجوب ببصره بين الإثنين وبنبرة مشدوهة أردف: أشيل مين؟ ما تصلي على النبي وتغزي الشيطان كدا!
آسر بإبتسامة عريضة: إنت هتشيل رجل وإيد وانا رجل وإيد وندخله جوا. وعلشان بردو الحمولة ما تبقاش تقيله.

رمقهُ يامن بنظرة ثاقبة ومن ثم تحول ببصره إلى مُصطفى الذي غط في سُبات عميق وسقط من بينهم فجأة ودون سابق إنذار ليردف على مضض: أستر يارب. دا انا لسه ما دخلتش دُنيا.
إنصاع يامن ل رغبة آسر في حمله ليتجه بخُطوات مُذبذبة إليهما. قام برفع ذراع مُصطفى الأيمن وكذلك قدمه ليفعل آسر نفس الشيء وهنا أردف يامن وهو يهتف بنبرة مُتحشرجة بالكاد تخرج تفاصيلها من حلقه:.

أيه يا عم كُل الفخدة دي، دا ناقص له كيلو كمان ويبقى شبه التِنين المُجنح.
ضاق آسر ذرعًا في هذه اللحظة. رمقتهُ فداء بقلقٍ وفزعٍ وهي تجد لون وجهه قد استحال إلى الإحمرار القانٍ لتهتف هلعًا: آسر، إنت كويس؟
آسر وهو يردف بنبرة مكروبة: تقريبًا كدا جالي شد عضل.
وما أن أنهى جُملته حتى سمعوا صوت مُصطفى الذي فتح عينيه واسعًا وراح يقول بسعادة لا مثيل لها: حلوة جوي المُرچيحة ديه، دا الواحد فرحان ولا مرچيح المولد.

تبادل الأربعة نظرات مصدومة، لم تتحمل بيسان رؤية ملامحهم الحانقة عليه أكثر من هذا لتُطلق قهقهة عالية أُنثوية. إحتقن وجه يامن بالدماء ليتبادل هو وآسر نظرات ذات مغزى وفجأة تركوه لسيقط أرضًا مُجددًا، لم ينتبها لكفيه القابضتين على تلابيبهما ليختل توازنهما ومن ثم يسقطا إلى جواره على الفور، مُصطفى بفرحة عارمة وهو يُصفق بكفيه: إنتوا وجعتوا!، يالا أهي شدة وتزول.

إنفرطت أسارير وجه الفتيات ضحكًا، ليضع آسر كفه أسفل فقرات ظهره مُرددًا بتأوه مكتوم: الله يخربيت معرفتك يا مُصطفى، عضمي إتدشدش.
فرد يامن جسده كاملًا على الأرض ليرمي ذراعيه جانبًا وبدأ يتنفس بصعوبة قائلًا: أنا بقيت مُنتهي الصلاحية خلاص، أنا دكتور عظام وبقيت عاجز ومحتاج اللي يعالجني، باب النجار مخلع. دا مش مخلع دا مُنهااااار.

هرعت بيسان إليه وقد افتر ثغرها عن إبتسامة عريضة لتردف بنبرة هادئة: قوم حبيبي ندخل جوا.
يامن بتأوة عال: أنا قولت لابن آيوب المُخاطرة في الحاجات دي مش صحية. والتاني مُنشكح ولا كأنه عمل حاجة ابن الهبلة.

مُصطفى وقد ظهرت علامات الإمتعاض على وجهه ليردف بنبرة مُستنكرة: يعني مش هنكمل اللعبة؟
فداء وهي تتجه إلى آسر تعاونه على النهوض ليردف بنبرة حانقة: سكتي البغل دا وإلا قسمًا بالله هلعب له بالماطوه في وشه.
استند آسر على ساعد فداء ليتجهان إلى داخل القصر ويلحق بهما يامن وبيسان فيما هتف مُصطفى بنبرة حزينة: هو انا مش هتچوز بجا؟ يمكن علشان انا حلو بزيادة وحلاوتي تموع!
على الجانب الآخر ، داخل القصر.

يالا يا بنات تصبحوا على خير.
أردف يامن بتلك الكلمات وهو يتجه صوب باب غرفته القابعة بالدور الأرضي وكذلك فعل آسر فيما إلتفتت فداء إلى شقيقتها ثم رددت بهدوء: تعالي نتطمن على عنود.

داهمت الفتايات درجات السلم صُعودًا وما أن وصلن إلى أخره حتى وجدن شقيقتهن الثالثة تترجل خارج غرفتها وتسير بالممر صوب الغرفة التي يقبع بها والدهن، تبادل الإنثنتان نظرات تساؤلية ومن ثم إتجهن إليها على الأثر. طرقت عنود على باب غرفة والدها عدة طرقات خفيفة ليأتيها صوته آذنًا لها بالدخول. سارت عنود بخُطى وئيدة إلى الداخل لتجده يتكأ على وسادته يقرأ الأخبار بالجريدة. تنحنحت عنود قليلًا حتى جلست إلى طرف الفراش بينما وضع ما في يدهُ جانبًا لتقول هي بخفوت: موافقة.

على أيه؟
ألقت شقيقاتها هذه الكلمات بشكل مصدوم ما أن دلفن إلى غرفة والدهن يستتبعن خُطواتها، إلتفتت عنود ببصرها إليهن ليفتر ثغرها عن إبتسامة واهية ومن ثم عادت تنظُر إلى والدها لتردف بثبات: موافقة أتجوز قُصي.

أسرعت الفتايات بالجلوس إلى جوارهما في حالة من الترقُب مد سالم كفه ليربت على كفها في حنو بالغ مردفًا: أسمعيني يا عنود، أنا مش أب قاسي. كُل الحكاية إني عاوز أصون أمانة حبيبتي علشان لما نتقايل ما أبقاش مكسوف وهي بتسألني عنكم. بصراحة بقى عنادك وجديتك طول الوقت واخدين من شبابك كتير. أنا دايمًا أقولكم الانسان من غير طموح كأنه من غير مأوى وعُمري ما كسرت حلم حد فيكم ولا حرمتكم من حاجة بتحبوها. بس لازم على الأقل تغفروا ليّ ذلات خوفي عليكم، أستحملوا الراجل الكبير دا. اللي عايش ومكمل بفضل ربنا ثم انتم. أنا من غيركم وحيد وبيكم كأني أغنى حد في الدُنيا.

أسرعت بيسان بإلقاء نفسها بين أحضان والدها فمُنذ صغرها وهي لا تطيق الحديث عن غيابه عنهن لأنها أكثرهن تعلقًا به. قبلت كتف والدها قُبلة طويلة وراحت تردد بنبرة يغلب عليها علامات البُكاء: ربنا يحفظك لينا يا بابي.
إقتربت فداء منه أيضًا لترفع كفه إلى فمها ثم تُقبله بحنو جارف ومن ثم تُلقي برأسها على كتفه: إنت طول عُمرك ونعم السند يا سُلم، ملاك مبسوطة منك. ما تقلقش.

جال الدمعُ في عيناي عنود التي ثبتت نظرها في مُقلتيه مُباشرة وبنبرة مُتحشرجة تابعت:
كان بإيدك تيجي معايا انت يا بابا وتأجل شغلك ل فترة، وكان من الممكن إن يامن يحجز تذكرة ويسافر معايا. بابا إنت عاوزني أتجوز قُصي أصلًا. الموضوع مش موضوع سفر!

افتر ثغر سالم عن إبتسامة هادئة وهو يرمقها بنظرة دافئة بعد أن اومأ برأسه قائلًا: وماله يابنتي؟، عاوز أتطمن عليكِ وأفرح بيكِ. وإحنا هنلاقي زيّ قُصي فين!، راجل بجد وابن حلال وهيصونك. انا عاوز أكون سلمت كُل واحدة فيكم ل راجل يعوضها عن وجودي قبل ما أموت.

تحررت قطرات الدموع من عينيها فجأة وقد تخضبت وجنتيها وأنفها بحُمرة لتجهش في البُكاء بنبرة عالية وهنا أسرع سالم بجذبها من ذراعيها إليه ليحتضنها إلى صدره الأيسر حيث أن الجانب الأخر مُنشغل بضمة بيسان له وهنا أردف بنبرة حانية وهو يلثم جبينها:
حقك عليا يا ست البنات. أنا هأجل شغلي زيّ ما إنتِ عاوزة. واللي يريحك هيتعمل.

عنود بشهقة صغيرة: لا يا بابا. انا موافقة على جوازي من قُصي. بس أنا خايفة ما يكونش زيّك يا بابا. خايفة ما يكونش في حنيتك ولا يحترم طموحي أو مثلًا يوجعني في يوم وبدل ما يصلح ليّ غلطاتي، يعدها عليّا. خايفة ما يستحملش شخصيتي العصبية والعنيدة، خوفي من الجواز يتلخص في إني مالاقيش فيه سالم العامري، فاهمني يا بابا؟!

سالم وهو يمسح على خصيلاتها المموجة بحنو وراح يُردف بهدوء: وانا أخاف أسلمك لواحد هيعاملك أقل مني علشان كدا إختارت قُصي وانا عارف ومُتأكد مين قُصي؟! أطيب قلب ربنا خلقهُ هو بس عنيد زيّ معاليكِ.

فداء بنبرة مرحة: يعني هلبس أختي فستان الفرح وهشيل عيالها؟!
سالم رافعًا حاجبيه بإستفهام: ليه هو إنتِ ناوية تلبسي وتشيلي وتقعدي لنا كدا؟، دا حتى آسر ابن حلال!
كانت واضعة رأسها على كتفه. جحظت عيناها فجأة. إبتلعت ريقها بصعوبة ومن ثم رفعت رأسها وهي تنظُر له نظرة ثاقبة لتردف: آسر!
سالم بنظرة ثابتة: أيوة آسر، حبيب القلب ولا أيه يا بنت سالم؟

فداء وهي تُلقي برأسها على كتفه في توترِ ونبرة نادمة: والله العظيم كُنت هقولك يا بابا بس حصلت ظروف خلتني تراجعت، بس إنت عرفت منين؟

سالم بإبتسامة حانية: منه، جه قالي كُل حاجة وبصراحة استجدعته. أنا نظرتي في الناس ما تكذبش.
تراقص قلبها يقفز فرحًا من مكانه فقد أخذ هو هذه الخُطوة قبلها. لم تكُن تتوقع هذا ولكنه في كُل مرةٍ يثبت لها بأنه أحق أن تأتمنه على قلبها. قطع شرودها صوت سالم الذي أردف بحزم: يالا كُل واحدة فيكم على أوضتها.

فداء بقهقهة خفيفة: إنت تعرف عننا كدا؟، دا إحنا بننام في سرير واحد ولازم كُل واحدة تُحضن التانية. وعنود هانم كُل يوم تصحيني من أحلاها نومة علشان تقولي إن العروسة اللي كانت مخيطاها لها عمتو مُنى وحشاها دي كانت دايمًا بتحشرها في النُص بينا مش مُتخيل عنود استحملت تنام من غير العروسة دي إسبوعين إزاي؟

سالم بضحكة هادئة: إنتِ هتقولي ليّ عن عادات عنود...
(عاد سالم بذاكرته ل ذكريات تجمعه ب بناته وهذا الموقف بالتحديد، يا بابي. قولها تشيل عروستها دي من هنا مش عارفة أنام!
اردفت فداء بتلك الكلمات وعلامات الإمتعاض بادية على وجهها حيث تجلس عنود بينهن في الفراش وتحتضن دُميتها الكبيرة والتي تأخذ حيزًا لا بأس به فيضيق الفراش على الأُخريات وهنا أردف بيسان بنبرة هادئة للغاية:.

أنا بأنيم عروستي في سريرها علشان أخواتي بس اللي يناموا في حُضني.
جلس سالم بينهن إلى طرف الفراش ومن ثم إبتسم بخفة وراح يُردد بنبرة هادئة مُتجهًا بحديثه إلى عنود: طيب ما سريرك فاضي يا عنقودة، ليه ما تاخديش عروستك وتنامي إنتِ وهي لوحدكم
عنود وهي تمط شفتيها حُزنًا: علشان أنا بحبهم وبحب العروسة، وهي بتزعق ليّ كُل يوم يا بابي ومش بتحبني.
لأ، بحبك.

هتفت فداء بهذه الكلمة وهي تستنكر حديث شقيقتها، فيما أومأ سالم برأسه نافيًا ليربت على خصيلاتها بحُب وتوعية:
ما حدش هيحبك في الدُنيا دي أد بابي وبيسان وفداء. انتوا التلاتة مع بعض قوه زيّ قوة الخارقات بالظبط. يعني سند لبعض وهتفضلوا تحبوا بعض لأخر العُمر. ودلوقتي أختاري بين عروستك وإخواتك؟

نكست عنود ذقنها قليلًا ومن ثم رددت بنبرة ضاحكة: أخواتي أكيد.
سالم بإبتسامة عذبة: يالا أحضنوا بعض وتاني مرة مش عاوز واحدة تزعل من التانية؟

أسرعن بإحتضان بعضهن في دائرة متينة لا يوجد ثغرات في بنيانها فقد تربين على كُل ما هو غال من ركائز وعلاقة حُب صادقة تدوم...

عاد إلى وقته الحاضر وهذه اللحظة أردف بنبرة ثابتة: إستعدوا بكرا للسفر. علشان بأمر الله نعقد بالليل وتبدأي تجهزي إنتِ وقُصي شُنط السفر ل دبي.

اومأت عنود برأسها مُتفهمةً رغم ذاك الرُعب الذي دب في سائر أطرافها. ليتجهن سويًا للنوم. إستعدادًا ل معركة الغد.

في صباح اليوم التالي، ألف مبروك يا ولدي. عيشت وشوفتك عريس يا قُصي، ربنا يتممها لك على خير وأشيل عوضك.

أردفت حُسنية بتلك الكلمات وهي تربت على خده برفق فيما إلتقط كفها ليطبع عليه قُبلة حانية. فقد صرف النظر عن ربط اسمهُ بها ولكن أصدقائه قد توليا أمر إقناعه ل مُدة ساعات متواصلة إلى أن وافق على مضض ووضع شروطه بأن الزواج سيكون رسميًا بحت وليس مُجرد صفقة لصالحها، فقد أقسم على أن يجعلها تعترف له بحُبها صاغرة، قُصي بضيقِ خفيف: بردو مش عاوزة تيجي معانا وتحضري كتب الكتاب يا ماما حُسنية؟

حُسنية بنبرة حانية: أكني حَضرته يا ولدي، دعواتي دايمًا ملازماك. وإنتِ يا بنتي خلي بالك منه ووصية مني ليكِ: قُصي بيتراضا بسرعة زيّ الأطفال طول ما إنتِ بتحترميه في وقت غضبه وبلاها من العِناد!

وجهت حديثها إلى عنود التي تقف إلى جواره تُنصت إلى هذه السيدة الوقور في إهتمام وافر، فهي تألف وجهها وتفاصيله الحنونة مُنذ أن جاءت إلى قصر الدمنهوري وهنا أردف جمال بقهقهة خفيفة: أسمعي كلامها يا عنود يا بنتي، دي عندها قُصي فرخة بكِشك.
حُسنية وهي تربت على ظهره بفرحة: مش ابني اللي ربيته وسط ولادي وعيشت معاه كُل مراحل حياته لحد ما بجا زينة الشباب، مستنية على لهفة أشيل عيلك جبل ما أموت.

قُصي بحنو: ربنا يطول في عُمرك يا ست الكُل.
في تلك اللحظة أردف جمال بنبرة ثابتة: القصر أمانة يا ست حُسنية. هحضر كتب الكتاب والزفة ومن الفجرية هكون هنا.
فداء بنبرة سعيدة: وانا راجعة معاه تاني إن شاء الله.
آسر بنبرة هامسةً لها: ما قولنا مُنير يقوم بالموضوع وخلاص!
فداء بنفي قاطع: مش هينفع بجد.
سالم بحسم وهو يُخاطب الجميع: طيب نتوكل إحنا على الله.

وهنا قطع حديثه صوت مُصطفى وهو يدلف إلى بهو القصرِ وقد قطب ما بين حاجبيه تقطيبة مُريبة وبنبرة مخضوضة أردف وهو يصوب بصره إليها: ست فدااااه! إنتِ واخدة هدماتك ورايحة فين؟
فداء وهي ترمقه بنظرة هادئة وقد افتر ثغرها عن إبتسامة خفيفة: راجعه بيتي يا مُصطفى.
لاااااه. خليكِ معايا.

قال جُملته وهو يهرع إليها ومن ثم جثى على رُكبتيه وراح يلتصق بساقها يحتضنه بين ذراعيه قائلًا بنبرة ثابتة: والله ما سايبك تروحي. أنا حبيتك جوي ما تسيبينيش.
مال آسر بجذعه العُلوي قليلًا وراح يهتف بلهجة حازمة: لو مُعجب برجليها، خُدها يا درش.
مصطُفى وهو يُخاطب السيد جمال: يا با العُمدة. جولها تعيش معايا ومش هخوفها بالديك تاني.
فداء بقهقهة خفيفة: مُصطفى! قوم أقف يا بغل. أنا راجعه بعد يومين تاني ما تقلقش.

مُصطفى بوجه عابس: طالما جولتي بغل يبجا مش زعلانة، طيب خليكِ حدانا وحياة سيدك أبو أبوكِ.
فداء بترقب: أشمعنا أبو أبويا؟
ألصق وجهه من ساقها وراح يمسح أنفه في بنطالها لتهتف بنبرة غاضبة: يا مُقررررف. البنطلون فاضله سيكا ويقع وهتفضح!
مُصطفى مُجاوبًا على سؤالها: علشان چدي أبو أبويا، كان دايمًا يحبني ويديني نايب كبير جوي.
قُصي بلهجة آمره: مُصطفى أسمع الكلام إحنا متأخرين وهي بعد يومين هترجع تاني.

مُصطفى وقد نكس ذقنه يائسًا وهو يُحرر ساقها قائلًا بنبرة حزينة: طيب، إديني سسكار!
أسرع آسر بجذبها بعيدًا عنه وسط قهقهات الجميع من تلقائيته الفذّة فيما تابعت فداء بتساؤل وحيّرة: عايز سسكار؟ (تذكار)
مُصطفى وما زال جالسًا أرضًا: إيوه!

أومأت فداء برأسها في هدوء وقد افتر ثغرها عن إبتسامة عريضة. فبحجم جنانه معها إلا أنها عندما تعود إلى بيتها بشكل نهائي ستفتقده كثيرًا وقطعًا الجزء الخاص به في حياتها سيُصبح فارغًا. مدت يدها له بشيء ما وبنبرة ثابتة أردفت بعد أن أغلقت سحاب شنطة سفرها مُجددًا: أدي يا سيدي السسكار. كوفيه فلسطينية حافظ عليها بقى وبعد يومين لما أرجع عاوزة أشوفك لابسها.

أسرع مُصطفى بإلتقاط الوشاح في سعادة وإبتهاج ليومي برأسه مُتفهمًا: ماشي. هتوحشيني جوي.
آسر وهو يرمقهُ بنظرة حانقة ليردف بسخطٍ: ما تقوم تاخدها بالحُضن أحسن؟
إستند مُصطفى على ساعده وهمّ بالقيام مُردفًا: أيوة بالحجا. فكرتني. إستني أما أحضنك.
آسر بنبرة حانقة: أقعد في مكان ياض يا بغل.
في تلك اللحظة هتف سالم مردفًا بحيّرة وتساؤل: أمال فين بيسان ويامن؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة