قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش ف27 والأخير

رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش كاملة

رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع والعشرون والأخير

بعنوان ( عالم عيال )

اندفع مناع صارخا فى اتجاه البيت الكبير مناديا عفيف:- يا عفيف بيه .. يا عفيف بيه ..
خرج عفيف متعجبا يسأل:- ايه فيه يا مناع !؟.. ايه الجلبان اللي انت عاملة ع الصبح !؟..
هتف مناع ملتقطا انفاسه:- جتيل يا بيه .. جتيل ..
انتفض مناع هاتفا في صدمة:- جتيل!؟.. فين يا واد !؟..

اكد مناع:- ف الرياح الجريب .. العالم ملمومة هناك .. چتتها مرمية كن بجالها زمن وتوى البحر راميها ..
هتف عفيف:- بتجول جتتها !.. هى جتيلة ..!؟
اومأ مناع مؤكدا ليتساءل عفيف:- بلغتوا شريف بيه !؟..
اكد مناع:- ايوه يا بيه هو هناك والحكومة كلها على وصول دلوجت ..
هز عفيف رأسه هاتفا:- طب تمام .. انا هحصلهم اشوف ايه فيه !؟..

وصل عفيف لموضع الجثة المغطاة فوجد شريف وقد ألقى السلام وهتف:- المية بهدلت معالم الجثة .. محدش عارف دي جثة مين ..
تنهد عفيف:- ربنا يرحمها على اي حال ..
فجأة ظهر خفاجي مندفعا في اتجاه الجثمان ودفع عنه غطاءه وأخذ يصرخ في لوعة ..
تنبه شريف مندفعا نحوه:- ايه ده !؟.. انت تعرفها !؟.. وعرفتها ازاي من اساسه !؟..
هتف خفاجي صارخا:- دي بتي .. دي لواحظ بتي .. هى لواحظ ..

هتف شريف متسائلا من جديد وهو يعيد الغطاء على الجثة المشوهة:- عرفت ازاي انها بنتك ومعالم وشها مش واضحة !؟..
اكد خفاجي من بين دموعه المقهورة:- هى يا بيه .. لبسها ودهبها .. هى بقالها فترة غايبة ومعرفناش راحت فين .. بس دلوجت أديني عرفت ..
هتف شريف:- طب بتتهم حد !؟.. اي حد كان بينكم وبينه اي عداوة !؟..
هتف خفاجي موجوعا:- يا بيه احنا غلابة .. حلب دايرين ف الموالد .. هنعادوا مين بس !؟.. احنا ماشيين چنب الحيط ..

ربت شريف على كتفه مواسيا وهتف عفيف الذي ظل صامتا طوال فترة الاستجواب:- البقاء لله يا خفاجي .. جوم .. جوم على حيلك خليك شَديد .. ربنا يعينك ..
وربت على كتفه مواسيا وقد وصلت النيابة لموضع اجتماعهم ليتواصل التحقيق .. امام جثمانها الذي ألقاه البحر عندما اصبح غير قادرًا على الاحتفاظ بجثمان نجس بين أحشائه ..

اندفع شريف لداخل شقته متنهدا في تعب لتخرج زينب من المطبخ هاتفة في سعادة:- شريف !؟.. حمد الله بالسلامة..
هتف يتلقاها بين ذراعيه هامسا:- الله يسلمك.. انا جعاااان اكل وجعان نووووم .. بقالي كام يوم منمتش ..
اندفع لداخل غرفته يضع سترته الميري جانبا ويتمدد على الفراش هامسا:- يقطع الغازية واللي جه من تحت راسها..
انتفضت زينب متوجهة اليه تطل عليه هاتفة في حنق:- غازية مين يا شريف!؟.. انت تعرف غوازي !؟.. انطق !؟.. اعترف !؟..
انتفض هاتفا ينفي التهمة:- ماتت وعهد الله ماتت ..

هتفت متشنجة:- وانت مالك زعلان عليها كده !؟... وانا اقول بقى بيطول ف الصعيد ليه !؟..
هتف شريف يكاد يولول:- والنعمة اتقتلت ..غااارت .. دي القتيلة اللي كنت بحقق ف قضيتها عشان كده اتاخرت ف الاجازة ..
نظرت اليه في مهادنة وتساءلت:- يعني متعرفش اي غازية يا شريف !؟.
تطلع اليها في عشق هامسا:- وحياة سرينة الإسعاف اللي مبحلفش بيها باطل ابدااا.. معرفش الغازية ولا شفتها الا مقتولة .. وبعدين انتِ بتغيري عليا يا زينبو !؟..
اكدت هامسة:- ايوه بغير ..

ثم تغيرت لهجتها فجأة هاتفة بحدة:- طب خلي اي واحدة تفكر تبص لك بس وانا اخليها تندم ع اليوم اللي اتولدت فيه..
قهقه شريف يصفق بكفيه في تشجيع هاتفا:- ايوه يا زينبو .. أموت انا ف خُط الصعيد ..
قهقهت وهتفت وهى تخرج من الغرفة تتحرك في بطء ببطنها المتكور امامها في سبيلها للمطبخ:- اجيب لك حاجة تشربها على بال ما احضر الغدا!؟..

اكد وقد قرر مشاكستها مندفعا خلفها:- اه يا ريت .. هاتيلى مياه غاااااازية .. و ركزي قوووي ع الغازية دي ..
انفجر ضاحكا عندما تنبه لملامح وجهها الذي انقلب فجأة وأصبحت اشبه بريا وسكينة وخاصة وهى تحمل سكينة المطبخ .. فاندفع عائدا لداخل الغرفة مغلقا بابها وقهقهاته ترتفع من خلفه ..

تسللت من بين الخيام قبل ان يبدأ نور الصباح في الظهور بالأفق محاولة الخروج مبتعدة عن مضاربهم غير راغبة في العودة لهذه الحياة من جديد.. انتفضت فى ذعر عندما لاح لها شبحا خرج من خلف احد الأشجار هامسا:- على فين يا ورد وفيتانا !؟..
تنهدت في راحة هامسة بعتاب:- كِده يا طايع!؟.. والله كنت هروح فيها ..

همس بعشق:- بعيد الشر عنك يا ورد .. مجلتيش !؟..واخدة بعضك ورايحة على فين !؟..
اكدت بلامبالاة:- على اي مطرح .. بلاد الله لخلج الله .. خلاص معدش ليا مكان هنا يا طايع.. لا صاحب ولا جريب ..
همس يتساءل في وجل:- ولا حبيب يا ورد !؟..اني رايدك ف حلال ربنا ..
اخفضت نظراتها هامسة:- تجدر على مهري ..
اكد في لهفة:- اجدر بعون الله ولو كان ايه ..

همست:- ننزل نشتغل ف النعمانية .. انا هنزل لعفيف بيه النعماني والداكتورة واطلب شغل ف ارضهم و متوى .. وهم مش هيرفضوا وخصوصي ان شهادتي كانت السبب ف خروجه م المصيبة اللي دبسته فيها لواحظ الله يرحمها بجى..
اكد هامسا في محبة:- وانا فين ما تكوني هكون معاكِ .. اني كمان لا ليا فيها جريب ولا صاحب.. بلدي اللي فيها الحبيب .. ونكون مطرح ما تكوني يا ورد..
ابتسمت في سعادة واندفعا سويا بعيد عن مضارب الغجر مفارقين لدنيا وحياة جديدة ..

اندفع شريف حاملا إياها يهبط الدرج في عجالة ويحاول في نفس اللحظة السيطرة على أعصابه والانتباه لخطواته ..
كانت صرخاتها كافية لتعلمهن بما يجري لتندفع كلتاهما من شقتها وقد اصبحت بكامل هيئتها تندفعان خلفه تحمل امها حقيبة الصغير القادم وتلهث امه للحاق بهم حتى باب العربة..

دقائق وكانت تُدفع لغرفة العمليات.. ليتوقف هو وأمه وامها بالخارج يتضرع الجميع الي الله ان يمن عليها بالسلامة لكليهما .. زينب وجنينها ..
مر الوقت في رتابة ليهتف صارخا بعصبية شديدة:- ما حد يرد علينا يطمنا .. هو ايه اللي بيحصل !؟..
هتفت امه تهدئه رابتة على كتفه:- اهدى يا شريف .. ان شاء الله خير يا حبيبي ..

هتفت ماجدة امها رغم اضطرابها:- هي البكرية كده يا شريف .. ربنا يقومها بالسلامة ..
هتف شريف وهو يخلل أصابعه بين خصلات شعره في توتر:- يا رب ..
واستطرد في حنق:- هاين عليا ادخل اجيب الدكتور اللي جوه ده من رقبته .. ما يطلع يقولنا ان الدنيا ماشية تمام .. اي حاجة تطمنا..
انتفض من موضعه مندفعا باتجاه باب غرفة العمليات وأمه وماجدة خلفه في لهفة هاتفا في الممرضة التي خرجت لتوها:- ايه الاخبار !؟..

هزت رأسها في سعادة هاتفة:- الف مبروك .. ولد زي القمر .. يتربى ف عزكم ..
تساءل شريف في لهفة:- وهى!؟..اقصد امه ..
اكدت الممرضة:- زي الفل .. هيخرجوا لكم حالا ..
هلل شريف في فرحة واندفع يحتضنهما امه التي بكت بين ذراعيه وكذلك ماجدة امها التي ضمها مقبلا جبينها في سعادة..

واخيرا استعاد روحه المرحة هاتفا في مزاح:- بقت كل واحدة فيكم تيتة رسمي .. اسمعش واحدة منكم تقولي جوزني يا شريف ..
قهقت كلتاهما لتنتفض شريفة مندفعة خلفه ما ان وعى لسرير زينب المدولب يخرج من الغرفة وتلقفت امها الطفل بين ذراعيها تلحق بهما..
استقرت بالفراش ليجلس جوارها في انتظار إفاقتها ..
تناوبت الأمهات حمل الطفل لتفتح عيونها بعد فترة هامسة:- شريف ..

انتفض ملبيا في لهفة:- حمدالله ع السلامة يا زوزو ..
همست:- ربنا جاب ايه !؟..
اكد في فخر:- كريم شريف عبدالواحد..
دمعت عيناها فرحة وهمست:- عايزة اشوفه ..

اكد وهو ينحني مقبلا جبينها في محبة:- عنايا .. هروح احاول اسلكه من أيدين الأختين الحلوين هناء وشيرين .. زمانهم بيتخانقوا عليه مين شاله اكتر ..
اتسعت ابتسامتها في وهن وهو يندفع من الحجرة باتجاه حجرة الحضانة حيث تقف كل من امه وامها امام زجاجها تتطلعان لحفيدهما في سعادة وفخر …

هتفت به تستحثه ان يتوقف بالكارتة:- استنى يا عفيف ..
شد لجام الفرس ليتوقف هاتفا:- ايه فيه!؟..
اشارت لفتاة ما متسائلة:- مش دي نادية !؟..
اكد عفيف بشجن:- ايوه هى ..
همت بالنزول فاندفع عفيف يساعدها هاتفا في لوم:- رايحة فين بحالك ده!؟

نزلت من العربة مستندة عليه وهى تضع كفها على بطنها المتكور امامها هاتفة:- عايزة أشوفها يا عفيف .. عايزة اطمن عليها .. عشان خاطري..
تنهد بقلة حيلة وهتف ينادي نادية التي تنبهت لتندفع بذاك الطفل الذي تحمله على كتفيها ليبادرها عفيف متعجبا:- انتِ ايه اللي نزلك الارض يا نادية !؟.. اني مش جلت لامك طلباتكم عنِدي !؟

نكست نادية رأسها حياءً واخيرا همست:- معلش يا عفيف بيه .. بس اني ولدي ميكلش الا من تعبي.. والفلوس اللي كتر خيرك بتبعتها لامي اخواتي اولى بيها ..
هتفت دلال مشفقة:- بس ابنك على كتفك .. حرام عليك نفسك .. وابنك..
لم تجيب نادية بحرف ليأمرها عفيف في صرامة:- ارچعي دار ابوكِ وانا هشوف لك شغلانة ومتنزليش الارض تاني .. مفهوم !؟..
اومأت برأسها ايجابا وعدلت من حمل ولدها على كتفها ورحلت تترنح في مشيتها بحملها..

تابعتها دلال ودمعة تتأرجح بجفونها هامسة لعفيف:- هو ايه اللي حصل!؟..بتقول لها ترجع بيت ابوها ليه !؟..
همس عفيف:- طب اطلعي وانا هحكيكي كل حاچة ..
صعدت بمساعدته ليستدير صاعدا جوارها مندفعا بالعربة هاتفا:- اصلك انا مكنتش عايز اجول لك عشان متزعليش ..البت چوزها مات..
شهقت دلال في صدمة هاتفة:- ده حصل امتى!؟..

اكد عفيف:- من فترة صغيرة.. مات ف حادثة ف البلد اللي بيشتغل فيها جبل ما يعجد عليها رسمي ..
هتفت دلال موجوعة:- لا حول ولا قوة الا بالله.. وبعدين !؟..
تنهد عفيف مستكملا:- اخو الواد جال لابوها اعلى ما ف خيلكم اركبوه .. وبتك ولا ليها حاچة عندينا .. ولا ولده نعرفه .. ابوها لانه عارف انه غلبان مش هيجدر على اهل الواد لانهم واعرين من جهرته وجع من طوله راح فيها ..

شهقت دلال من جديد:- طب وبعدين!؟ حقها هيضيع كده !؟..
تنهد عفيف مؤكدا:- ما هو لو نعرف فين الكمبيالة اللي ابوها خدها على چوزها يوم ما كتبوا العجد العرفي كنت اتصرفت .. لكن مش لجيينها.. وانا بحاول اجعد مع اخو چوزها الله يرحمه واشوف اجدر اعمل ايه ..
تنهدت في وجع هاتفة:- ليه ده كله يحصل لبنت مكملتش ١٧ سنة ..اللي زيها يا دوب داخل الجامعة وبيظبط مستقبله مش شايل لقب ارملة وشايل كمان حمل طفل اولى تكون اخته مش امه .. والله ده ما يرضي ربنا !؟..

ربت على كفها هاتفا:- اهدي بس .. كلها أرزاج وكاتبها المولى .. محدش ليه ف نفسيه حاچة ..واحنا ياما جلنا ومحدش سمع ..
هتفت تؤكد:- انا هجيبها اشغلها معايا ف العيادة يا عفيف ..
هتف بدوره:- وماله .. أهي تبجى معاكِ ..
توقفت العربة امام البوابة ليساعدها
لتهبط منها ويسيرا منعا لداخل البيت الكبير ..

صعدا بعد العشاء لحجرتهما ولكن قبل ان تدخلها هتفت تستوقفه:- انا هروح اجيب رواية من المكتبة وارجع يا عفيف ..
همس:- طب ما تدخلي انتِ ارتاحي وانا اچيب لك اللي انت عوزاه ...
هزت رأسها نفيا هاتفة:- لا هختار على ذوقي وارجع بسرعة .. انا فعلا حاسة اني تعبانة ومع ذلك مش حاسة ان جايلي نوم ..

هز رأسه موافقا وسبقها لداخل الحجرة.. اتجهت هى للمكتب وقبل ان تمد كفها لرف الروايات شعرت ان شئ ما داخلي يقودها في اتجاه غرفتها القديمة التي كانت تحتلها منذ قدومها للنعمانية .. تخطت باب المكتب المفضي للمندرة وفتحت باب تلك الحجرة وتطلعت فيها بمحبة ودون وعي وجدت نفسها في اتجاه الغرفة التي حلمت فيها حلمها العجيب الليلة الاولى لها عندما قدمت للنعمانية اول مرة .. تلك الغرفة التي رحلت فيها جدة عفيف وهى تضع اخر أطفالها .. لا تعرف لما تستشعر رابط خفي بينها وبين تلك الحجرة .. كأن هناك رسالة ما تصلها عندما تطأها بقدميها .. دخلتها في اضطراب وشعور داخلي عجيب يحثها على الخروج ..

قاومت هذا الشعور ومدت كفها تفتح احد الأدراج بخزينة الملابس والتي يبدو انها لم تفتح منذ عصور ..
وجدت بعض الاوراق الصفراء القديمة المهترئة .. قلبت فيها لعلها تستطيع ان تستكشف بعض اسرار تلك المرأة التي جاءت لها في أحلامها طالبة المساعدة والعون ..
تنبهت لورقة وحيدة بين تلك الاوراق فتحتها في حذّر وقرأت جملة واحدة.. "كل شئ يؤخذ بالقوة..

الا القلوب تؤخذ باللين .. وهو كان لين ..لكن قلبي انا من تحجر" .. تنهدت وهى تقرأ تلك الجملة لانها تعكس مدى معاناتها لكنها تساءلت كيف يمكن لامرأة منذ ذاك العهد ان تكتب بتلك الفصاحة اوحتى تكتب من الاساس .. فتلك الفترة لم يكن هناك تعليم للفتيات .. وابتسمت في سخرية وهى تهمس انهم يحاولوا في نشر تعليم الفتيات حتى الان .. تركت الاوراق الصفراء وتتبعت شعورها الذي كان يلح عليها لتهم بالخروج فعلا الا ان شئ ما اشتبك بقدمها فاختل توازنها وسقطت ارضا ..

تأوهت وهى تضع كفها على بطنها وقد استشعرت بداية ألام المخاض ..
هتفت تحاول استدعاء عفيف مرارا وتكرارا لكن صوتها كان من الضعف حتى لا يصل لمسامعه بالجانب الاخر من البيت .. وربما يكون قد ذهب في نوم عميق فلا يدرك انها على هذه الحالة ..
تمدد على فراشه يحاول مغالبة النعاس حتى يطمئن انها عادت .. ففي شهرها الاخير ذاك كانت دوما ما تعاني الأرق.. وكم أيقظته باكية لعدم قدرتها على النعاس ولو لدقائق قليلة ..

استشعر انها غابت اكثر من اللازم فنهض يطمئن عليها ..
ما ان اقترب من باب مكتبه حتى سمع نداء واهن باسمه .. اندفع من المكتب في اتجاه المندرة ومنها حيث موضع الصوت وصاحبته ..

هتف في صدمة ما ان وجدها ممددة على الارض بذاك الوضع حتى هم بحملها خارج الغرفة هاتفا:- ايه اللي حصل !؟..وانتِ ايه اللي چابك الاوضة دي م الاساس !؟..
صرخت ما ان حاول حملها واشارت له بتركها موضعها ارضا هاتفة:- مش قادرة يا عفيف خلاص .. ابعت جيب الدكتورة بتاعت الوحدة وابعت لى الخالة وسيلة وناهد ..
هتف مذعورا:- انتِ هتولدي هنا !؟.. ف الأوضة دي !؟.. لاااه هنروحوا المستشفي !؟..
اكدت بوهن:- مفيش وقت يا عفيف للمستشفي .. روح نادي الدكتورة .. بسرعة يا عفيف ..

وبدأت ف التأوه من جديد ..
اندفع كالمجنون ينفذ ما طلبت لتتحامل هى على نفسها حتى وصلت الفراش بصعوبة بالغة واشتدت ألام المخاض اكثر لتصرخ في وجع وقد اندفعت ناهد والخالة وسيلة لداخل الغرفة ما ان أخبرهما عفيف ..

ليعود هو في أعقابهما ما ان امر مناع باحضار طبيبة الوحدة الصحية التي تم تعيينها خلفا للدكتور طارق .. كان يقف مضطربا كليث جريح خارج الغرفة يود لو يدخل لينقلها للمشفى او حتى لأي غرفة اخرى وليكن ما يكون.. وما ان هم بفعل ذلك حتى وصلت الطبيبة ودخلت للغرفة التي كانت تأوهات دلال تصل لخارجها تفعل به الافاعيل فتزيده قلقا على قلق ..

ظل على إيابه وذهابه حتى طل نديم الذي كان خارج النعمانية ووصل لتوه هاتفا في اضطراب:- ها ايه الاخبار!؟...
هتف عفيف مضطربا:- لسه مفيش اخبار .. اديك واعي .. الحريم كلهم چوه ..
كان نديم لا يقل عنه قلقا على اخته لكنه هتف رابتا على كتفه في محاولة لبثه الطمأنينة:- متقلقش .. هتقوم بالسلامة باذن الله ..
همس عفيف في تيه:- باذن الله ..

وكان كل ما يشغل فكره هو ذعره من تكرار ما حدث بتلك الغرفة منذ زمن بعيد .. رفع أكفه للسماء متضرعا يتمنى لها السلامة والنجاة ..
لا يعلم كم مر من الوقت الا انه اخيرا تنفس الصعداء عندما اطلقت الخالة وسيلة البشارة..
فقد ارتفع صوت زغاريدها يطاول عنان السماء وانفرج الباب عن محياها هاتفة في فرحة طاغية:- النعماني الصغير شرف يا عفيف بيه..
لم يسع عفيف الا ان يخر ساجدا شكرًا لله ونهض ليتلقفه نديم بين ذراعيه معانقا في فرحة ..

هتف عفيف بلهفة:- ودلال كويسة !؟.
اكدت ناهد وهى تندفع خارج الغرفة مباركة:- كويسة وزي الفل ..وراغب بيه زي البدر الله اكبر ..مبروك ما چالك يا عفيف ..
ابتسم عفيف رابتا على كتفها في سعادة هامسا:- عجبالك يا ناهد ..
تنهدت مؤكدة:- كله على الله ..

ما ان خرجت الطبيبة واستأذنت في الانصراف حتى اندفع عفيف للداخل في لهفة .. ألقى الجميع التحية والمباركة من جديد واكدت الخالة وسيلة على ضرورة اطعام النفساء في التو واللحظة فذهبت للتنفيد من فورها ورحل الجميع ليتركوه برفقتها..
همس متطلعا اليها:- والله حرام عليك اللي عملتيه فيا دِه .. انا عمري ما خفت كِده ..مش بس عشان انتِ بتولدي .. لاااه .. عشان بتولدي ف الاوضة دي بالذات ..
همست متطلعة اليه في وهن وابتسمت:- انا شفت جدك يا عفيف ..

انتفض مذعورا:- ايه !؟.. شفتي مين!؟..
اكدت:- شفت جدك النعماني الكبير وهو شايل راغب وبيديهولى .. وبيقولي خلي بالك عليه .. وجدتك واقفة مستنياه بعيد بصت لى وابتسمت وزي ما يكونوا اتصالحوا اخيرا لانه خد بايدها وبعدوا ..
ربت على كفها التي باحضان كفه وهمس مضطربا:- خير .. الحمد لله انك جومتي بالسلامة.. وربنا رزج براغب الصغير ..
حمله عفيف في سعادة مؤذنا في أذنه اليمني وهمس مرددا في فخر:- راغب عفيف راغب النعماني ..

اندفع عفيف من خلف مكتبه حاملا جريدة اليوم هاتفا في حماسة متوجها لدلال التي كانت تجلس على كرسيها المفضل قبالته:- بصي يا دلال ع الخبر دِه كِده ..
تطلعت للجريدة وتناولتها من يده وبدأت في القراءة وما ان انتهت حتى رفعت رأسها ودمع السعادة يترقرق بمقلتيها هاتفة:- حق براءة واللي زيها بيرجع..
اكد عفيف هازا رأسه مؤكدا:- القانون اللي بيچرم الختان من غير ضرورة طبية يأكدها داكتور متخصص لسه طالع اهاا .. اللي كنتِ بتحلمي بيه وفضلتي تحاربي عشان توصليه لستات النجع بجي حج ..

هتفت دلال في تأثر:- ولسه يا عفيف .. لما المدرسة الإعدادي والثانوي بتاعت البنات اللي بتبنيها تكمل .. معظم بنات النجع والنجوع اللي جنبنا كمان هييجوا يتعلموا وميبقاش في حجة لبعد المدرسة وخوفهم ع البنات .. والتعليم شوية بشوية هيفتح العقول ويخلي اللي كان مرفوض امبارح يبقى مقبول النهاردة ..
تطلعت اليه هاتفة:- خبر حلو قووي .. بس اللي هيفرحني بجد هو يوم ما اشوفك بتناقش الدكتوراة .. ها لسه كتير يا دكتور !؟..

ابتسم مؤكدا:- لسه كَتير جووي ..بس بصراحة انتِ مش مجصرة .. التجصير چاي مني انا ..
تطلعت اليه في عشق هامسة:- تقصير ايه بس!؟.. كتر خيرك هتلاقيها من الارض ومشاكلها ولا النعمانية وأحوالها ولا الرسالة ولا المدرسة اللي بتبنيها .. ولا دلال وعيالها .. انا بعمل ايه غير اني بساعد شوية.. ويا ريت اقدر اعمل اكتر من كده..
قهقه مؤكدا:- تجدري !؟..
هتفت بلهفة:- اقدر اعمل ايه !؟..

اكد وهو يجذبها من كرسيها المفضل داخل مكتبه والذي تحتله دوما لتقرأ بينما هو يتابع كتابة رسالته العلمية دافعا بها في رفق باتجاه الباب هاتفا:- تجدري توريني عرض كتافك.. عشان طول ما انت جصادي كِده مش هكتب حرف ف الرسالة .. هااا .. ايه جولك!؟..
اتسعت ابتسامتها هامسة:- طيب .. اروح بدل ما تعملني حجتك .. بس شد حيلك عايزة مبحث كامل م الرسالة يخلص الليلة دي ..
هتف مازحا:- أوامرك يا داكتورة ..

توجهت لحجرتها وتمددت على فراشها تحاول الخلود للنوم .. كانت تعلم انه لن يغمض لها جفنا وهو لا يجاورها .. تستأنس بأنفاسه وتخلد للنعاس وهى تستشعر عبق دفئه ..
احست بقدومه فابتسمت رغما عنها وهى تراه يندفع لداخل الحجرة ثم لداخل الفراش ..
همست معاتبة توليه ظهرها وهى تكتم ضحكاتها:- مش كنت عاملني حجتك!؟..فين المبحث يا دكتور !؟..

دنا منها مطوقا خصرها هامسا بالقرب من مسامعها:- المبحث بكرة ان شاء الله .. دلوجت فيه حاچات اهم ..
امسكت قهقهاتها هامسة بتعجب تدعي الدهشة:- حاجات اهم!؟..
وأكدت وهى تستدير لتواجهه متطلعة اليه:-عفيف .. الدكتوراة دي انت ناوي تاخدها امتى!؟.. هااا !؟..
اكد مبتسما بحرج كطفل يتهرب من اداء واجبه المدرسي رغبة في بعض العبث:- ما جلنا بكرة.. يصبح ويفتح ..

وضمها اليه هامسا مدعيا الجدية:- تعالي بس انا عايز اجولك على حاچة مهمة م الحاجات اللي جولت لك عليها..
تعالت ضحكاتها وهى توليه اهتمامها كاملا مصغية لكل حرف من كتاب العشق الذي يجيد قراءته على مسامع قلبها ولا تمله روحها ابدااا ..

وقفت تعدل من هندامه وتضبط رابطة عنقه التي لايزل يفشل في إتقان عقدتها.. مال اليها حتى تتأكد ان كل شئ على ما يرام فتذكر اول مرة تتطوع لربطها .. فهمس مشاكسا:- بلاها من خنجة !؟..
قهقهت عندما وعت عما يتحدث متذكرة بدورها هامسة:- لا متقلقش .. انا اللي بقيت الخانقة شخصيا .. وهتلاقيني متشعبطة ف رقبتك على طول ..

قهقه بدوره هامسا:- والله احلى خانجة ف الدنيا .. وبعدين هو انت متشعبطة لحالك .. انت وكوم اللحم اللي ورايا واخرهم اللي چاي ف السكة دِه ..
وربت على بطنها المكور امامها لتتعالي قهقهاتها مؤكدة:- وراك .. وراك .. انا بنفذ تعليمات خالة وسيلة .. يغلبك بالمال .. أغلبيه بالعيال ..
هتف ساخرا وهو يتوجه لطاولة الزينة يتناول من عليها ساعة يده ليضعها:-- جال داكتورة نسا جال !؟.. فين حملات تنظيم الاسرة ياچوا يشوفوا..!؟..

اقتربت منه لتقف قبالته تتطلع اليه في عشق هامسة وهى تضع كفيها المنسبطين على صدره:- انا لو اطول اجيب منك كل شهر عيل مش كل سنة بس والله هجيب ..
تنحنح يحاول اجلاء صوته تأثرا هاتفا:- بجولك ايه !؟.. انا مش حمل الكلام الواعر دِه دلوجتي .. لازم اچري اچهز أموري ..المناجشة خلاص..
همست تؤيده:- صح .. ياللاه احنا فعلا اتأخرنا..

هتف مترددا وهو يرى حالها ووضع حملها بشهرها الاخير:- انا خايف عليك .. ما ترتاحي وبلاها تيچي !؟..
شهقت معاتبة:- لا يا عفيف حرام عليك .. بقالي اكتر من خمس سنين مستنية اللحظة دي.. وبحلم يوم ما اشوفك بتناقش الرسالة واسمع لجنة المناقشة بتمنحك الدكتوراة.. وتقولي خليكي .. ده لو كان فيا ايه برضو هروح.. وبعدين ما انا كويسة الحمد لله وبعدين انت نسيت اني دكتورة نسا وبقولك بكل ثقة ان الأمن مستتب وكله تمام ..
اتسعت ابتسامته وانحنى مقبلا جبينها وضم كتفها بعرض ذراعه وخرجا سويا باتجاه الجامعة حيث تنتظر ان ترى حلمهما يتحقق ..

جلس الحضور في هدوء تام وبدأت المناقشة وكل عضو من أعضاء لجنة مناقشة رسالته يحاور عفيف والأخير يرد بكل ثقة واقتدار ..
كانت دلال تجلس بجوار ناهد ونديم اللذان جاءا خصيصا من القاهرة بعد انتقالهما اليها منذ اكثر من عامين من اجل مناقشة الرسالة بقلب وجل تتضرع الى الله ان يتوج مجهودهما السنوات الماضية ويحصل على حلمه الذي دوما ما تمناه وتناساه في غمرة الأعباء الملقاة على عاتقيه والذي اصبح حلمها بالتبعية وجاهدت لكى يصل اليه..

شعرت بانقباضات وألام حاولت ان تتجاهلها ولا تلق لها بالا وهى تركز على ما يقال ..
اخيرا قررت اللجنة المداولة واتجهت لغرفة جانبية للتشاور .. اندفع هو من خلف منصة المناقشة تجاههم هامسا يسألهم:- ايه رأيكم !؟
هتف نديم:- الله اكبر .. رسالة قيمة فعلا..
أكدت ناهد:- ايوه بچد .. ممتازة ..

اكد عفيف:- بصراحة لولا تعب دلال معايا مكنتش هخلص ولو بعد عشر سنين ..
وابتسم لها فحاولت التظاهر بان الامور كلها على ما يرام وهى تؤكد مبتسمة:- مفيش بعد كده كلام .. هتاخدها وبامتياز كمان ..
ابتسم في سعادة:- حتى ولو اجل من امتياز .. هعتبرها كِده طالما انتِ اللي عطيتيهالي ..
ابتسمت لكنه استشعر تغير ملامحها التي تعكس وجعا تحاول مداراته فهمس:- انتِ كويسة !؟..

اكدت تربت على كتفه:- اه تمام .. قوم ياللاه اللجنة رجعت أهى .. ربنا معاك..
اصطفت اللجنة وبدأت في الاشادة بالرسالة وجوانب القوة فيها واخيرا قررت منح الباحث عفيف راغب النعماني درجة الدكتوراة بامتياز ..
هلل الجمع وعلا التصفيق .. لكن لم يكن وحده الذي علا بل كذلك صوت تأوه دلال التي ما عادت قادرة على تحمل آلامها اكثر من ذلك فأعلنت عنها بصرخة دفعت عفيف ليترك كل من حوله مندفعا اليها في قلق ..

هتفت دلال معاتبة:- ليه ماشيين بسرعة كده!؟.. ما تخليكم معانا كمان يومين !؟..
هتف نديم مؤكدا:- لا يومين ايه يا دلال !.. ده انا خدت الاسبوع اللي فات ده اجازة بالخناق.. ومرضناش نمشي الا لما تشدي حيلك شوية كده و كمان عشان ناهد مكنش ينفع تاخد الطريق رايح جاي من غير ما ترتاح عشان..

نظر الى ناهد مهددا بمزاح:- اقول..!؟.. ولا تقولي انتِ !؟..
هتفت بلامبالاة:- هجول وهو عيب ولا ايه !؟..
وتطلعت لدلال هاتفة:- انا حامل ..

قهقه عفيف هاتفا:- هو انا ليه مش متفاچئ .. طب ما دِه العادي يا نديم .. دلال تولد ناهد تحمل عجبال ما ناهد تولد هتلاجي دلال حامل وراها ودوخيني يا لمونة ..
علت ضحكات نديم هازا رأسه مؤكدا:- والله صدقت .. ربنا ما اردش بالعيال الا بعد سنتين من جوازنا .. ومن ساعتها قالت خد عندك .. الظاهر الفرن لما تحمى بطلع عيشها بسرعة ..

قهقه الجميع ماعدا ناهد التي نظرت اليه شذرا تكتم غيظها ليهتف عفيف مازحا وهو يتطلع لملامح اخته:-انا بجول يا نديم ان من مصلحتك تجعد معانا .. انا خايف عليك والله ..
قهقه نديم مؤكدا:- لاااا .. هو انا ليا بركة الا ناهد وعيال ناهد ..
ابتسمت وتعدل مزاجها فورا لترتفع ضحكات كل من دلال وعفيف وخاصة ونديم يستدير هاتفا على أولاده ليجمعهم:- العصابة تجمع ..
اندفع أطفاله .. محمود ومروان قبالته ليسألهما متعجبا:- أمال فين اختكم عاليا !؟..

رفع كل منهما كتفه وخفضه دليل على جهلهما بموضع أختهما الكبرى ..
اكدت رقية ابنة عفيف ودلال والتي كانت تقارب عاليا سنا مشيرة للخارج:-راغب خدها يفرچها ع الخيل ..وهى مرضتش تلعب معايا وراحت معاه وانا مخصماها ..
اندفع نديم ومن خلفه عفيف ولحق بهما النساء في اتجاه الاسطبلات القابعة خلف البيت الكبير.. لاح لهما طيفهما ليهتف عفيف يستوقف ولده البكر الذي كان يمسك بكف ابنة خاله في تشبث مناديا اياه:- راغب .. وجف .. انت رايح على فين كِده !؟..

استدار راغب متطلعا لأبيه هاتفا في ثقة تخطت أعوام عمره السبع:- رايح افرچ عاليا ع الفرسة بتاعتي .. هى جالت لي انها عايزة تشوفها ..
تنهد نديم ما ان وصل موضعها هاتفا:- حد يعمل كده برضو !؟.. طب قولوا واحنا نجبكم.. افرض حصل لكم حاجة!؟..
اكد راغب بنبرة صارمة:- متخفيش يا خالي .. انا راچل معاها .. والغفير اهاا كمان واجف ..
قهقه نديم مؤكدا:- طبعا يا سي راغب .. راجل وسيد الرجالة كمان ..

أمسك نديم بكف ابنته وعادا لموضع العربة التي كانت جاهزة بانتظارهما بصحبة مناع للعودة للقاهرة ..
تمت التحيات والسلامات لتندفع العربة مبتعدة والأطفال يلوحون من نافذتها مهللين .. انتظر كل من عفيف ودلال اختفاء السيارة حتى عادا لداخل البيت الكبير .. الا راغب الذي عاد من جديد لفرسه متحسرا ان من تشاركه محبة الخيل قد رحلت ..

اغلق عفيف خلفه باب الغرفة بعد دخولها وهتف مازحا بعد مكالمة طويلة مع اخته وأخيها:- ناهد چننت اخوكِ ..
اكدت مدافعة عن ناهد على عكس المتوقع:- محبب على قلبه ..
واقتربت منه هامسة:- وبعدين متقلقش اخته بتاخد بتاره من اخوها ومجنناه هى كمان ..
اتسعت ابتسامة عفيف مؤكدا:- أهى ف دي عندك الف حج .. وانتوا الاتنين ان كان انت ولا هى .. ما شاء الله عليكم .. ماشيين على تعليمات الخالة وسيلة بالمظبوط ..

تطلعت اليه تهتف محتجة في دلال:- عفيف يا نعماني.. انا قلت لك لو مش عايز عيال .. خاصمني ..
همس وهو يقترب منها:- أخاصمك كيف !؟.. مجدرش .. حد يخاصم روحه ..
لانت قسمات وجهها ليستطرد:- بس مش كفاية كِده يا بت الحچ محمود ..٣ عيال ف سبع سنين چواز .. رضا ..
اعترضت هاتفة وهى تدنو منه:- مش هو ده الهدف اللي كان نفسي أحققه.. كان نفسى أعدي النص دستة يا عفيف..

قهقه غير قادر على مغالبة ضحكاته هاتفا من بينها:- دلال .. محسبتيش المرتين السجط .. كِده يبجوا خمسة .. اعتبريهم چم ..
هزت رأسها محتجة:- لااا .. دول جم أوت .. بره الحسبة يا روح دلال ..
انفجر ضاحكا حتي دمعت عيناه هاتفا:- ايوه يعني انتِ عايزة ايه دلوجت !؟
استطالت تقف على اطراف أصابعها حتى تستطيع تطويق رقبته بأحد ذراعيها ورفعت ثلاثة أصابع من كف الذراع الاخرى امام ناظريه دون ان تهمس بحرف ..

فك ذراعها من حول رقبته في هدوء وأبعدها عنه في رقة واندفع هاربا من الغرفة وهى تلحق به هاتفة:- استني بس يا عفيف .. بص بس هفهمك .. يا دكتور ..طب حد يجري من مراته كده..!؟..
عادت للغرفة ليتناهى لمسامعها صوت صغيرها البالغ من العمر قرابة الشهرين يبكي .. اندفعت لحجرته تحمله وجلست تطعمه على احد المقاعد باحد اركان الحجرة و ما ان انتهت حتى اخذت تهدهده ..

انتفضت عندما شعرت بيد تحاول حملها فيبدو انها غفت.. تنبهت بعض الشئ لتجده عفيف وقد وضع طفلهما بفراشه وها هو يحملها ليعود بهما لغرفتهما ..
همست وهى تدفن رأسها باحضانه معاتبة:- انت مش مخاصمني !؟.. مرجعني الاوضة ليه !؟.
دفع باب الغرفة بقدمه لينفرج ليدخل متجها لفراشهما يضعها عليه مقبلا عليها من عليائه هامسا في جدية:- انتِ جولتي فاضل لنا كام ع النص دستة !؟
رفعت كفا كاملة مفرودة الأصابع قبالة ناظريه ليمسك ضحكاته هامسا وهو يقترب منها:- انتِ ضلالية يا داكتورة .. وبتخميني كمان.. كانوا تلاتة ..

دنا منها لتهمس وهى تتعلق برقبته:- كل اللي يجي منك انا قبلاه ..
طوقها بذراعيه هامسا بعشق:- انتِ مودياني معاكِ على فين يا بت محمود المصري !؟..
قهقت ولم تجبه لكنه ما كان بحاجة لإجابتهاوقد كان يعلم يقينا انه عثر على فردوسه المفقود بين ذراعيها ..

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة