قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الخامس عشر

رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الخامس عشر

رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الخامس عشر

إجعلَ لِي ذِكرى جميلة لديك.
نزلت كلمات ريم على عُمر كالصاعقة، قال بنبرة مُتحشرِجة
=يعنى ايه هتتجوزي ريم انتِ فاهمة انتِ بتقولي ايه..

نظرت للاسفل وهي تتذكر كم الديون التي على زوج خالتها، وان رؤية ابنة خالتها الصغيرة كم هي سعيدة بعودتها للدراسة من خلال الاموال التي جاءت عن طريق مهرها لن تستطيع رد المهر فلقد صُرِف بالفعل، كما أنها كانت مترددة تجاه عمر، مُختلفين تجاه بعضهم البعض، فقررت قرار نهائي ان تقبل بجوازها من ادهم نفس طبقتها وحياتها، كما انهُ يعشقها وبشدة..
قالت وهي تتنهد بهدوء.

=عُمر. احنا طريقنا مُختلف اختلاف كُلى، انت مش بتحبني. انت اتعلقت بيا ف كام يوم بس، بمُجرد ما هبعد هننسي بعض تماماً ومش هيبقي فيه مشاعر اصلاً، انا اتخطبت خلاص وجوازي قرب، اتخطَّاني زى ما انا هتخطاك..
=يعني ايه الكلام دة هو اى هبل وخلاص يا ريم، اعقلي الكلام يعني ايه اتخطبتي بين ليلة والتانية وانا امبارح اصلاً لسه مكلمك وبعترفلك بحُبي..

=الجو ليل. امشي علشان تقدر تروح بدرى وما تتأخرش. كانت فُرصة سعيدة بيننا..
امسك معصمها بقوة قائلا
=تعالى هنا هو اى كلام. ما تفهميني فيه ايه يا ريم..
=يا عمر مفيش حاجة سيب ايدي علشان غلط وسط الشارع اصلاً. الفكرة كلها انك عرضت عليا حٌبك والجواز وانا رفضت وهشوف حياتى وأتجوز غيرك مش محتاجة تفسير دي..
=انا مش مصدقك بجد، انتِ فيه حاجة مخبياها عليا..

=لا يا عُمر، وإتفضل امشي بقا. انا مش عايزة ننهي العلاقة اللطيفة دي بحاجة وحشة ابداً، خلينا نكون ذكرى لطيفة عند بعض، صدقني مفيش نصيب بيننا..
نظر لها مُطولاً بأعيُن مُعاتبه وحزينة، لكنهٌ قال بتساؤل
=ده آخر كلام عندك.؟
=ايوة يا عُمر..
=ماشي يا ريم. وانا مش هقدر اجبُرك على حاجة اكثر من كدة. انا ماشي.

تركها واقفة ودلف الى السيارة ينظُر لها للمرة الأخيرة، جاء في ذهنه اخر ايام قضوها سوياً بين اول لقاء واخر لقاء ايام لطيفة، بالمعنى الاصح.
مٍش كٌل علاقة ابتدت بلطف ومحبة هتنتهي بنفس الطريقة، احياناً بتنتهي بطريق وحش مؤلم لكٌل الاطراف، ووقتها بتتفتح طرق تانية، لعلها بدايات جديدة تبقي احسن من دي..

الاصح مفيش حكاية بتستمر زي ما بدأت، عشق سبناه. ف هنقابل عشق جديد الحياة مش هتوقف على حٌب مكملش في الطريق، الكٌل هيكمل ويبدء حياة جديدة والالم وقتها هيتنسى..

ضغط على مكابح السيارة وغادر من امامها يمشي في الطريق بنفس مخنوق، فك رابطة عُنقه ونظر الى جانبه بأعيُن فارغة انهُ المكان الذي جلست فيه سابقاً، بينما جلست ريم على المقعد الموجود في الشارع وتركت عينيها تبكي، لم تعلم ما سبب اتخاذها لهذا القرار المُفاجيء وكأن قوه آلهيه اجبرتها على اتخاذه..
بإختصار كتير بنعشق ولا بنطول.

استطاع احمد بسرعة الضغط على مكابح السيارة لتتوقف مكانها بسرعة، تنفس احمد بقوة ونظر الى ورد قائلا
=انتِ كويسة؟
نظرت له برُعب قائلة
=كُنا هنعمل حادثة. يا نهااار اسووود كُنت همووت..
انفجر احمد من الضحك عليها قائلا
=اومال عامله فيها جعفر وشبح ومش بيهمك حد وانتِ بتخافي من خيالك
=مش وقت هزارك دلوقتي، ما تبص قدامك بعد كدة كُنت هتموتنا سرحان فيه ايه هااا مش هركب معاك تانى..

نظر لها بإبتسامة فكان سرحان فيها هي ولم يعلم سبب لذالك، قاد السيارة مرة أخرى قائلا
=الحمدلله ليكى عُمر ما انا قولت برضك مش معقول تموتي بالسهولة دي.
=يا ختاااي على الحسد اللى عيني عينك دة.
بدأت مُشاجرة عنيفة بينهم مرة أُخرى، لن يتوقفوا عن المُشاجرة إطلاقاً..
اخرجت فجر الهاتف الصغير الذي خبأته في دولابها وسط ملابسها، ثُم بدأت تتحدث الى عارف الذي قال لها بغضب.

=انتِ بتلعبي معايا ولا إيه يا فجر. مجيتيش ولا قولتي العنوان اللى هقابلك فيه. انا مش مطمن ليكي..
=معلش انا عندي ظروف الفترة دي، عٌقبال ما نقدر نتقابل هكلمك هنا على التليفون..
=ايه اخر الاخبار مع ليث.؟
=فيه صفقة هتتم قريب دى اخر حاجة سمعتها.
=ما انا عارف ولو الصفقة دي باظت ليث هتخسر كتير اوي، وعلشان تبوظ لازم اعرف افكارهم، متعرفيش ايه الأفكار الجديدة؟
=لا. مش بيقول حاجة قدامي.

=طبعاً لازم يبقي حريص. المهم ركزى معايا دلوقتى فيه ملف لو عرفتي تجيبيه وقتها هقدر اعرف كٌل حاجة..
=ملف ايه..
روي لها عارف حكاية الملف بالتفاصيل لتقول وهي تمط شفتيها للأمام
=خلاص ماشي هحاول أجيبهولك..
=ضروري يا فجر. واياكِ تختفي مفهوم.
=حاضر. لازم اقفل دلوقتى.

قامت بإغلاق الهاتف ووضعه في مكانه السرى، وجلست على فراشها تمسك كتاب بيديها تقرأ فيه، فتح ليث الباب فجأة بقلق خوفاً من اختفائها، لكنه رأها ف اطمئن قلبه لوجودها وعدم هروبها، للأسف عيب ليث تأثره بالكلام بسرعة وتصديقه وعدم التفكير في العواقب التي تلحق ذالك..
دلف الى المرحاض ف تركت هي الكتاب بملل قائلة
=حابسني من الصبح وكأني عبيدة عنده. وفوق دا كله مهانش عليه يسيب ليا اكل، ياربي انا هموت من الجوع..

خرج ليث مرة أخرى وهو عارى الصدر، نظرت له بخجل ثم انشغلت بقراءة الكتاب مرى اخرى، انتهي من ارتداء ملابسها وقف أمامها ينظر لها وهو يضع يديه في جيب بنطاله قال بهدوء
=بقالك نص ساعة في نفس الصفحة، مفيش داعي تمثلي انك بتقرأي..
=انا مش بمثل انا بقرأ فعلا..
=حقيقي! لدرجة انك ماسكة الكتاب غلط اصلاً، قومي يا فجر علشان ناكُل..
=مش جعانة..
=قومي ولا عايزة تشوفي الوش التاني؟

نهضت بسرعة على قدميها وسارت خلفه تنظُر له بتمعن، يرتدي بنطال وتي شيرت أسود بالإضافة إلى مظهره الجذاب، ضغطت على شفتيها قائلة في نفسها
=لا لا مش لازم انجذب ليه. هو مش حلو اوي، مش لازم ابقي مهزقة مش هنسي اللى عمله معايا. ده سوء سمعتي ومهموش حاجة اوعي يا فجر تضعفي ابوس ايدك اوعي. انا بكره ليث..
صرخت بصوت عالي قائلة
=ايوة كدا برافو عليا..
التفت لها ليث بدهشة قائلا
=انتِ اتجننتى خلاص. بتكلمي نفسك؟

=هو كمان ممنوع اكلم نفسى.!
نظر لها واستكمل مشيه ولم يُعقب، دلفا الاثنان معاً الى المطبخ وقال لها بتساؤل
=هعملك حاجة ولا نجيب اكل من برا..
قالت وهي تنظر له بطفولة قائلة
=انا عايزة اكُل رنجا..
=نعم ر ايه؟
=رنجا رنجا ايه متعرفهاش يا ليث بيه!
=اكيد عارفاها هو فيه حد ميعرفش الرنجا، بس انتِ عارفة الساعة كام 11 مُدركة انها مينفعش في الوقت دة ولا لا؟.
=ما اعرفش انا دلوقتي عايزة اكُل رنجا..

=غلط في الوقت دة. غلط! انتِ عايزة تجنينيني..؟ يستحيل اجيب حاجة زى دى في بيتي ف وقت متأخر كدة..
بعد مرور نصف ساعة
جلس ليث امام فجر التي جلست في الارضية وكانت تأكُل بشهية كبيرة جداً قال بعصبية
=براحة براحة انتِ كلتى 5 ترغافِ عيش براحة هيحصلك حاجة..
=انت كمان هتحسدنى على الاكل اللى هاكله ولا ايه، بعدين هي بطني ولا بطنك..
=احسدك ايه انا خايف عليكي الاكل دة غلط في وقت زى دة..

=فيك الخير والله انك خايف عليا الا الخوف ده معداش عليك لما رمتني زى الكلبة قدام بيت اهلي وطعنت ف شرفي ومشيت من غير ما يرجف ليك جفن..
=فجر متفتحيش في اللى فات..
=اللى فات هو اللى بيفتح نفسه. عمره ما هيتقفل. مش علشان سامعة كلامك وقاعدة باكُل يبقي سامحتك لا بالعكس انا مش هسامحك في حياتي كلها..

صمتت وهي تستكمل طعامها، بينما كتف ليث ساعديه امامه يُراقبها بهدوء، حتى شعرت هي بألم حاد في معدتها، نهضت وهي تصرخ من الالم، نهض معها ليث يساعدها قائلا
=انا قولتلك متكليش كتير. ادي بطنك وجعتك اهى مبسوطة..
=اااااه..
=حاسة ب ايه انطقي..
ابعدته بعيد عنها وركضت الى المرحاض تستفرغ بقسوة كان سيتبعها ولكن دلف الحارس الخاص به قائلا
=ليث بيه، فيه واحدة برا بتقول انها عايزة تقابل حضرتك.
=واحدة! واحدة مين.

=بتقول انى اسمها سالى..
=ايه!
=خليها تدخُل..
قالها ليث بتوتر وضيق، دلفت اليه سالي وهي تتمتع في خطوتها اقتربت من ليث بطريقة لا بأس بها، قالت وهي تبتسم إبتسامة ساحرة
=وحشتني.
نظر لها ليث بتوتر فهي الوحيدة التي تهز قصور قلبه، ولكن لا يود ان يضعف تلك المرة، ذالك التفت الى الناحية الأخرى قائلا بصرامة
=بتعملي ايه هنا يا سالى..
=ابداً وحشتني جيت اشوفك..

=انتِ كدابة انتِ مبيوحشكيش غير الفلوس كلبة فلوس بالمعنى الاصح، بعدين مش خايفة من جوزك..
=عارف ميهمنيش وفي لحظة اسيبه انت عارف..
=كلبة وبياعة..
=انا عُمرى ما بيعتك، انا عندي متطلبات كان صعب تلبيها، ف دورت على اللى هيلبيها، بس ده ميعنيش اني مش بحبك يا ليث..
=انتِ كدابة يا سالى متعرفيش حاجة عن الحب اصلاً، لاقيتي الفلوس بقت معايا كويسة ونجحت وحققت اللى جوزك نفسه مش عارف يحققه..

=انا ميهمنيش الامور دي كلها فاهمة، كُل اللى يهمني، انت دلوقتي. متنكرش انك لسه بتحبني، لسه عيونك بترجف لما بتشوفنى، لسه نظرة الشغف والشباب موجودة، لسه قلبك بيدق لما بقرب منك. لو انا كدابة قولي انى انا كدابة!
=اطلعي برا يا سالي. مش عايز اشوف وشك دة تاني.

ابتسمت وهي تقترب اكثر منهُ وتلصق شفتيها بشفتي ليث بدون مُقدِمات بعشق واغراء ؛ حاول ليث ان يبعدها لكنها كانت مُتشبثه فيه بقوة، للحظة شعر ان حُب الشباب قد عاد للتو، فبادلها هو الاخر القُبلة بقسوة وغضب ينفس عن كُره لها.
فى نفس التوقيت كانت فجر تُراقب ما يحدث في الاعلى، حتى هبطت دموعها رغماً عنها وشعرت بنغزه قوية في قلبها، ما أحبتهُ الان في احضان غيرها امام عينيها يُقبلها بمُنتهى الراحة..

شعرت حينها أن انفاسها تنقطع ثُم وقعت على الارض بدون مُقدِمات، احدثت رجه في أنحاء المنزل. فاق ليث لنفسه حينها وأبعد سالى عنه بغضب بينما قالت هي
=خير فيه حاجة عندك فوق ولا ايه، ايه الصوت دة؟
=مالكيش دعوة واطلعي برا يا سالى. واياكِ تيجي للبيت هنا تاني..
امسك معصمها واخرجها من الفيلا رغماً عنها، ثُم صعد للاعلى بخوف وقلق الى فجر التي مُلقيه على الأرضية فاقدة للوعي قال بقلق وهو يهز وجهها.

=فجر. فجر انتِ كويسة؟! فجر..
حملها على يديه بخوف وقلق ودلف الى غرفتهم في قلق شديد عليها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة