قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

جلس مروان أمام شاشة اللاب ينظر الى تسجيلات الفيديو لما حدث في الفيلا في هذا اليوم، تسللت الى فمه ابتسامة وهو يرى زينة تمزح مع صغيرها تعلو وجهها الضحكات، تذكره بتلك الفتاة التى عشقها بالماضى، لينفض أفكاره التى تؤلم قلبه وهو يدرك أنه كان مخدوعا فيها.

أفاق من أفكاره على رؤية زينة تفتح الباب لأحدهم ثم تكاد أن تغلقه ليفتح مجددا وتدلف سوزى، اعتدل مروان في جلسته وهو يعقد حاجبيه، يرى تراجع زينة الى الخلف وتقدم سوزى منها والذى يبدو على ملامحها كل إمارات الشر، يدور حديث بينهما لا يسمعه ليضرب المكتب بقبضته في حنق، لا يعرف لماذا اختفى الصوت، ولماذا الآن بالذات؟، وهو في أمس الحاج ليسمع حوارهما، لابد وأن يبعث للفني ليرى مامشكلة الصوت، اتسعت عيناه في جزع وهو يرى سوزى تثني إصبع زينة وتقوم بكسره وهي تكتم صرخات الأخيرة، يشعر بقلبه يكاد يخرج من مكانه ألما لذلك الألم الذى ظهر على وجه زينة قبل أن تتركها سوزى وترحل لتسقط زينة أرضا، فتسرع إليها دادة تحية ثم يدور بينهما حوارا، ليظهر الرعب مجددا على ملامح زينة ونفيها أمرا ما لتطرق الدادة برأسها بحزن ثم تأخذها معها.

أغلق مروان شاشة اللاب في ألم وغضب يمزقان كيانه، تظهر على عينيه نظرة تحمل كل مشاعره وهو يقول بغضب:
حسابك تقل معايا أوى ياسوزى، وقرب وقت الحساب، ورحمة أبويا ما هرحمك يابنت المنشاوى.

قال ياسين موجها حديثه إلى نبيل:
بالمناسبة يانبيل، أنا لازم أسافر لبنان عشان أتمم الديل اللى عرضته علية فتون، وأكيد هحتاجك معايا، انتوا أصحاب وليد صاحب الشركة وأكيد وجودك معايا هيقوى موقفى.
قال نبيل بابتسامة:
الحقيقة أنا معرفوش أوى، معرفتى بيه معرفة سطحية بس هو صديق شخصى لفتون وهيكون أفضل لو هي سافرت معاك.

نظرت فتون إلى نبيل ثم إلى ياسين بسرعة والذى نظر إليها بدوره يكتم غيظه لمعرفته بأن ذلك الوليد هو صديق شخصي لفتون، ويرفض في نفس الوقت ذهابها معه، لتقول العيون ما عجزت الشفاه عن التفوه به، وهو رفضهم لذلك الاقتراح لتلتقط الجدة تلك النظرة وتطرق برأسها تفكر بينما قال ياسين في جمود:
فتون، فاضية؟قصدى هتقدرى تسافرى يعنى؟
قالت فتون بارتباك:
الحقيقة أنا ورايا اليومين الجايين مواعيد مش هقدر ألغيها و...

قاطعها نبيل قائلا:
انا هحضر مكانك المواعيد دى، بس زي ما انتوا عارفين، الصفقة دى مهمة للشركة ولو خدنا توكيل حصرى لمنتجاتهم، الشركة هتبقى في مكان تانى خالص.
أومأوا برءوسهم، ليقول ياسين بهدوء:
خلاص أنا هحجز تذكرتين لطيارة بكرة، ياريت تجهزى نفسك يافتون.
قالت فتون بدهشة:
بكرة كدة علطول.
أومأ ياسين برأسه قائلا:
أيوة، ميعادنا مع الشركة بعد بكرة الصبح ولازم نرتاح شوية قبل الميتنج.
أومأت برأسها في هدوء قائلة:.

تمام.
، ثم نهضت تقول بابتسامة لم تصل لعينيها:
الحقيقة يامدام سهير أنا مش قادرة اقولك انبسط أد إيه النهاردة، بس مضطرين نمشى لأن الوقت اتأخر أوى.
نهض الجميع والجدة تقول بابتسامة لم تصل لعينيها:
احنا انبسطنا أكتر وياريت تكرروها تانى.
قال نبيل:
بإذن الله، أكيد، بعد إذنكم.

ثم مد نبيل يده إلى فتون فتمسكت بها وهما يغادران غافلين عن عيون تعلقت بأيديهم المتشابكة في غيرة أشعلت القلوب غيظا، لتسرع دارين إلى حجرتها وعلى وجهها ظهر الحنق جليا، بينما ابتعد ياسين هاربا إلى حجرة المكتب، لتنظر الجدة في إثرهم وقلبها يرتعش وجلا، تدرك أن حفيديها قد وقعا في الحب، أما هي فلا تشعر بالإرتياح لما يحدث، لا تشعر بالارتياح أبدا.

قالت فتون بعصبية:
انت ازاي تدبسنى بالشكل ده؟
حاول نبيل تخطى تلك السيارة أمامه وهو يقول بهدوء:
انتى زعلانة ليه بس؟
نظرت إليه فتون قائلة في حدة:
نبيل متجننيش، انت عارف يعنى إيه مروان يروح بيروت معايا، يعنى لازم اعزمه يبات عندى، في بيتى اللى فيه خمسين صورة لميسون، غير ان ممكن يحصل أي حاجة هناك تكشفنا وأنا مش مش هعرف أتصرف ساعتها.
مد نبيل يده يربت على يدها مهدئا وهو يقول:.

متقلقيش، لو ع الصور هخلى دادة محسنة تشيلهم كلهم قبل ما تروحوا ومش هخليها تجيب سيرة ميسون خالص، ومعتقدش يعنى انكم هتقعدوا فترة كافية عشان يحصل مشاكل، كل الموضوع هتروحوا تمضوا العقد وتيجوا، وبعدين دى فرصة ياعبيطة عشان تقربوا من بعض أكتر، وأهو انتى شايفة بعينك إن ياسين بدأ يقع في غرامك، يعنى خلاص هانت،
نزعت فتون يدها قائلة في ضيق:.

ياسلام ياأخويا، طيب والصفقة اللى شغالة عليها هنا واللى هتودى ياسين في ستين داهية.
ابتسم نبيل وهو يستدير بسيارته قائلا:
دى بقى سيبيها علية، على ما ترجعى هكون ظبط كل حاجة.
زفرت فتون بقوة قائلة:
ماشى يانبيل، ماشى، همشى وراك للآخر وأما نشوف بقى آخرتها معاك إيه؟

طرقت الجدة باب حجرة المكتب بهدوء لتستمع الى صوت ياسين يسمح لها بالدخول، دلفت إلى الداخل لترى ياسين جالسا على المقعد المقابل للمكتب ليقول ما إن رآها:
تعالى ياتيتة، أنا كنت مستنيكى من بدرى.
جلست الجدة في المقعد المواجه له قائلة:
يعنى عارف هقول إيه.
أومأ برأسه لتستطرد قائلة:
وردك إيه ياياسين؟
مال ينظر إلى عمق عينيها قائلا:
هتصدقينى لو قلتلك، مش عارف.
عقدت الجدة حاجبيها قائلة:
يعنى إيه مش عارف؟

تراجع ياسين وهو يزفر قائلا:
مش عارف ياتيتة، بسأل نفسى كتير، ياترى مشاعرى من ناحيتها لإنها بتشبه ميسون ولا لإنها هي فتون؟، بس كل اللى أعرفه إنها كل يوم بتتسلل لمشاعرى أكتر، بتمشى في دمى، أنا قاومتها كتير وقاومت مشاعرى من ناحيتها، بس غصب عنى بلاقينى بفكر فيها، بشتاق أشوفها وأسمع صوتها، وإبتسامتها، ابتسامتها مش قادر اقولك بتعمل فية إيه.
قالت الجدة في حيرة:
بس ياابنى...
قاطعها قائلا:.

عارف هتقولى إيه، إنى حبيت فيها ميسون، يمكن في الأول بس لما عرفتها لقيت فيها حاجات كتير مكنتش في ميسون، زي ثقتها الكبيرة في نفسها، عيونها الغامضين واللى تحسيهم مليانين أسرار نفسى أعرفها، سحرها اللى بتفرضه ع المكان اللى بتبقى فيه، قلبى اللى بحسه مش في مكانه أول ما بتقرب منى، الخوف والقلق اللى دايما موجودين جواها واللى بتحاول تخبيهم بس بحس بيهم، ورغبتى القوية ساعتها في إنى أضمها وأطمنها بإنى جنبها ومش هسيبها، مشاعرى من ناحيتها مبقتش سهلة ولا بسيطة، وده يمكن مخوفنى شوية.

ربتت الجدة على يده قائلة:
أنا كمان خايفة ومش مرتاحة، بس عندى ثقة كبيرة فيك، متأكدة إنك قدها وقدود ياياسين، وإنك أقوى من الأول بكتير، بس برده عايزاك تاخد بالك كويس.
ربت ياسين بيده على يدها قائلا:
اطمنى ياتيتة، اطمنى.
ابتسمت قائلة:
طول ماانت جنبنا فهكون دايما مطمنة ياحبيبى.
منحها نظرة ممتنة، لتبتسم بحنان، قبل ان تنهض مغادرة الحجرة بهدوء.

نهضت زينة من نومها تشعر بدقات قلبها المتقاذفة، تتذكر ذلك الكابوس والذى عاشت فيه أسوأ مخاوفها، لتشعر بجسدها كله ينتفض، نظرت إلى فارس النائم كالملاك بجوارها، قبلته من جبينه، حاولت أن تهدئ حالها وهي تراه أمامها سليما معافى فلم تستطع، مازال كابوسها متجسدا أمامها، تشعر بالخوف يرجف أوصالها لتنهض وتغادر الحجرة تتجه بخطواتها إلى حجرته رغما عنها، تشعر بأن راحتها تقبع في تلك الحجرة.

كان مروان يتكئ على جنبه يحاول أن ينام فلم يستطع، يشعر بالغليان مما رآه على شاشة اللاب، يحكم خطته الانتقامية ويلملم خيوطها، حتى يستطيع أن يشفى غليله، حين تناهى إلى مسامعه صوت فتح الباب، تظاهر بالنوم فأغلق عينيه بهدوء، ليسمع خطوات رقيقة تقترب من سريره، ثم توقفت تلك الخطوات، كاد أن يفتح عينيه ولكنه آثر إغماضهما ورائحتها العطرة تتسلل إليه ليدرك أنها هي، لابد وأنها تشعر بخوف شديد أو ربما رأت كابوسا لتلجأ إليه كما كانت تفعل بالماضى، أحس بها تتسلل إلى جواره وتنام بجانبه، ليقع على وجهه بعض خصلاتها الحريرية فيأخذ نفسا عميقا يحاول أن يمنع نفسه بقوة عن احتضانها ولكنه فشل فشلا ذريعا ليجد نفسه رغما عنه، يمد ذراعيه ويأخذها بين أحضانه يضمها إليه ويخفى وجهه في ثنايا عنقها، لتغمض زينة عينيها بارتياح قبل أن تستسلم للنوم، بينما استسلم مروان بدوره لسبات عميق بعد سنوات حرم فيها النوم براحة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة