قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جانا الهوى للكاتبة الشيماء محمد الفصل السابع والعشرون

رواية جانا الهوى للكاتبة الشيماء محمد الفصل السابع والعشرون

رواية جانا الهوى للكاتبة الشيماء محمد الفصل السابع والعشرون

آية قاعدة متوترة ومستنية سيف ينطق وأخيرا فك حزامه والتفت ناحيتها وايده على دريكسيون العربية بحزم: علاقتكم دي من امتى؟
بلعت ريقها بتوتر: سيف اسمعني الأول أنا كنت عايزة أقولك بس...

قاطعها وهو بيهز دماغه برفض انه يسمع أي مبررات هو مش عايزها دلوقتي فبص قدامه وكرر سؤاله بلهجة حازمة أكتر: سؤالي بيقول علاقتكم من امتى؟ فما تلفيش وتدوري وتبرري لأني حاليا مش هسمع أي مبررات منك، كان ممكن أسمع لو جيتي وحكيتيلي لكن دلوقتي خلاص، نفض ايديه بغضب: خلص وقت السمع، بح خلاص، فسيادتك جاوبيني علاقتك بيه من امتى وبدأت ازاي؟
سكتت فزعق بنفاد صبر: مش هكرر أسئلتي تاني يا آية.

انتفضت وغمضت عينيها ودموعها نزلت: من ساعة ما سافرت، اتقابلنا ومعرفش ازاي بس قربنا من بعض وحبينا بعض - بصتله بترجي يفهمها - حازم بيحبني يا سيف وأكتر حاجة كانت معذباه هو انه يخبي عليك وكان عايز يقولك.
بصلها بسخرية: وايه اللي منعه يقولي؟ يمكن كنت احترمته ساعتها.

مسحت دموعها: خفت انك ترفض فطلبت منه يستنى وخصوصا خناقاتك مع بابا المستمرة وبعدها انت سيبت البيت وماكنتش عارفة ازاي ممكن نقولك وانت في الوضع ده؟
ضيقه من نفسه زاد أكتر ؛ لأنه بالفعل أهمل كل عيلته وبيته والنتيجة كارثية بكل المقاييس.
كملت هي: كل شوية كنت بطلب منه يستنى الظروف تتحسن بس مش بتتحسن بالعكس بتسوء، علاقتك اتحسنت ببابا بس ساءت مع ماما وبرضه خناقكم مستمر وأنا مش عارفة...

قاطعها بزعيق: امتى جيتي تتكلمي معايا وما سمعتكيش؟ امتى قعدتي معايا ومشيتك من عندي؟ امتى ها؟ امتى كان الكلام معايا صعب للدرجة دي؟ علشان تيجي في أهم حاجة في حياتك وتخبيها عني الوقت ده كله؟
الصمت وبس اللي بينهم بعد سكوته،.

فجأة افتكر: يوم المطار - ضحك بتهكم- أنا لحد الآن مش مقتنع ازاي جيتوا في نفس اليوم وما اتقابلتوش؟ انتو جيتوا مع بعض وعشان كده عملتوا القصة دي - استناها ترد بس هي ساكتة فزعق - ردي؟ جيتوا مع بعض؟
هزت دماغها بتأكيد وعياطها زاد: سيف حاول تقدر...

قاطعها وهو بيخبط بايديه على الدريكسيون قدامه بذهول: أقدر ايه بالظبط؟ ها؟ أقدر انه معايا طول الوقت وماشي من ورايا مع أختي؟ أقدر اني بأتمنه يدخل بيتي وشركتي وهو بيطعني بالشكل ده؟ أقدر ان أختي اللي ثقتي فيها ماكانلهاش حدود خبت عليا وبتخدعني وبتستغفلني؟ أقدر ايه بالظبط فهميني؟ ايه اللي عايزاني أقدره علشان أقدره؟

حاولت تتكلم بخوف: قدر اننا بنحب بعض ولو خبينا فعلشان كنا مستنيين وقت مناسب نعرفك فيه مش أكتر.
ضحك بوجع: وقت مناسب؟ الوقت المناسب يا آية كان قبل ما تقوليله بحبك - كررها تاني بأسف- كان قبل ما تقولي بحبك يا آية.
ليه بيفتكر همس وبيفكر فيها دلوقتي وفي علاقته بيها وبيفكر في أخوها؟ هل ممكن في يوم نادر يقعد مع أخته ويلومها زي ما هو بيعمل دلوقتي في أخته؟

ماقدرش ينطق كلمة زيادة لما وصل لتفكيره في همس وأخوها فدور عربيته ودخل بهدوء وهي نزلت أول ما وقف تجري لأوضتها وهو فضل قاعد مكانه مش عارف هيعمل ايه أو هيتعامل ازاي الأيام الجاية؟
موبايله رن وشاف اسمها اللي قلبه بينبض أول ما بيشوفه بس للأسف ماقدرش يرد، فضل باصص للاسم لحد ما اختفى واتنهد بوجع.

ماقدرش يروح الجامعة اليوم اللي وراه بس نزل الشركة وأول ما دخل لمح حازم موجود وده جننه فاتحرك بسرعة ناحيته وقابله مروان في وشه اللي كان مستنيه يجي.
سيف بصله بغضب: ابعد عن وشي يا مروان دلوقتي.
مروان بيحذره بهدوء: انت في الشركة وأي شوشرة هتطولك انت كمان، سيف أي علاقة فيها طرفين مش طرف واحد.
سيف بصله بحدة وزقه: انت بتقول ايه؟ أنا لا يمكن أسمحله يفضل هنا في الشركة بعد اللي حصل، ابعد عن وشي.

حازم وقف و وشه كله كدمات في انتظار سيف وهجومه بس سيف وقف قدام باب مكتبه وبهدوء صارم وبلهجة لا تقبل النقاش: ماكنتش بهزر لما رفدتك امبارح، اتفضل برا الشركة وابقى عدي على الإدارة تاخد مستحقاتك - اتحرك بس رجعله تاني وكمل بتهديد - لو لقيتك لسه موجود هطلب الأمن يرميك برا فبلاش توصلها للمرحلة دي.

سابه وشاف آية واقفة على باب مكتبها واتقابلت عينيهم وهو معدي من جنبها همس بتحذير: ادخلي مكتبك بدل ما أمنعك انتي كمان تدخلي الشركة تاني.
دخلت مكتبها وهو راح لمكتبه و مروان وراه: وبعدين؟ وآخر المشاكل دي؟ ما تديهم فرصة يتكلموا.
قعد على مكتبه وبصله بجمود: شوف وراك ايه وما تقفش ترغي هنا.
مروان قعد قصاده بتصميم: سيف بلاش رد الفعل العنيف ده، هما غلطوا بس مش هنعالج الغلط بغلط تاني أكبر، انت نفسك...

قاطعه وهو بيزعق: أنا نفسي ايه ها؟ عايز تقول ايه تاني يا مروان؟ أنا ايه؟ بطل تختبر صبري لأنه لو نفد مش هيعجبك تصرفي واتفضل على مكتبك.
بص للاب قدامه فتحه ومروان اضطر يقوم يمشي وشوية ودخل عز مستغرب: ايه اللي حصل في الشركة؟ ليه طردت حازم صاحبك؟
أخد نفس طويل لأنه لسه مش مستعد يجاوب على السؤال ده، فأبوه كرر: ليه يا سيف طردته؟ عمل ايه؟

بصله وبيفكر في أي سبب يقوله: ينفع نتكلم بعدين؟ - بصله باستغراب وكمل - بعدين مين لحق يقولك؟
جاوبه ببساطة: هو نفسه قالي، كنت طالب منه شوية حاجات يعملها فجه يعتذر ولما سألته ليه قالي انه مرفود وان سيادتك اللي رفدته.

اتنرفز أكتر؛ لان حازم بيدخل أبوه في الوقت اللي هو مش عايز يدخله لانه هيثور جدا وهيكون رد فعله أغبى منه بمراحل، شتمه في سره وشتم غباءه وحاول يقول أي مبرر: قل أدبه واحنا في الرحلة وبدأ يتبجح ان مكانته أعلى مني وأهم مني هنا.

سيف عرف ازاي يلعب على الوتر الحساس لعز لأنه ما بيحبش أبدا أي حد يجي على عياله، وبالفعل عز كشر وثار: يعني ايه أهم منك ها؟ اتجنن ده ولا ايه؟ نسي نفسه؟ طيب كويس انك عرفته مكانته - سكت شوية وكمل بتعجب - بس يا سيف طول عمركم أصحاب ايه اللي وصل الموضوع بينكم يقولك كلام زي ده؟
سيف حرك راسه برفض وضيق من الكدب الكتير: مش عارف يا بابا بس نقاش حاد اتحول لخناق.

عز فجأة قرب من سيف ومسك دقنه ولف وشه ولاحظ ان فكه لونه أزرق خفيف فبص لابنه بذهول: هو الضرب اللي في وشه و وشك ده خناقكم مع بعض؟ هي وصلت للضرب بالايدين يا سيف؟
سيف وقف وبعد عن أبوه وتحقيقه: ينفع نتكلم بعدين؟ مش عايز أتكلم في الموضوع ده دلوقتي.
أبوه قفل الحوار وهو مش مقتنع نهائي بسبب الخناق.

شذى ونادر حددوا ميعاد العملية لنجوى اللي متوترة بس متفاءلة كعادتها ونادر مرعوب وشذى مطمنة، اتقابلوا قدام العمليات الاتنين ودخلوا بيعقموا ايديهم وعينيهم على نجوى اللي الممرضات بيجهزوها، شذى بصتله: اهدا مالك متوتر كده ليه؟ دي مش عملية قلب مفتوح.
ابتسم بتوتر وبصلها: أنا ما بخافش وأنا بعمل أي عملية في قلب مفتوح.
استغربت: وبتتوتر وانت بتدخل عملية ترميم وتجميل؟

بصلها بقلق: أي مضاعفات ممكن تحصل ونسبة اننا نخسرها في العملية دي كبيرة و كل ده ليه؟
اتنهدت باستسلام: علشان شيء انت مش مقتنع بيه؟ - بصتله - نادر دي مش بسمة حاول تفكر نفسك كل شوية ان دي مش بسمة وياريت كل مريض تتعلق بيه تفكر نفسك وتردد الجملة دي لحد ما تتخطاها وتتخطى خوفك المرضي على أي مريض.
بصلها بغيظ: أنا ماعنديش خوف مرضي.

بصتله بعدم تصديق وما اتكلمتش وكأنها بتكدبه فاتنرفز وكرر: أنا ماعنديش خوف مرضي، سمعتيني؟
هزت دماغها بلا مبالاة فزودت عصبيته
مسك دراعها وقفها بعنف: أنا ماعنديش خوف مرضي.

بصتله وهي رافعة ايديها علشان عقمتهم: اه سمعتك بس انت سامع نفسك؟ انت بتشتغل في الطوارئ علشان ما تقعدش مع أي مريض أكتر من ليلة، انت عامل مسافة بينك وبين كل زمايلك، انت انهرت لما مريضة دكتور محي اتوفت - لاحظت استغرابه فوضحت- أنا شبه عرفت عنك كل حاجة، فقبل ما تقولي وتحاول تقنعني اقنع نفسك الأول بده ولما تقتنع مش هضطر - بصت لايده اللي على دراعها وكملت- تمسك دراعي وتوقفني وتجبرني أقولك اني سامعاك لأني هسمعك من غير ما تتكلم ودلوقتي عقم ايديك من تاني والحقني.

سابته ودخلت وهو تابعها متغاظ منها أو يمكن متغاظ انها حللته بشكل صح تماما.

همس مع صحباتها وكل واحدة ماسكة كتابها بس كل واحدة في وادي مختلف تماما.
همس بتفكر في سيف اللي كان معاها كويس لحد ما وصلها لأوضتها وبعدها اتحول فايه اللي غيره بالشكل ده؟ ليه الصمت الغريب ده؟ ليه ما رنش عليها وبعتلها زي كل يوم الصبح على الرسايل وردة وجملته المعهودة (أحلى وردة لأجمل همس ).

خلود مراقباها وبتفكر ازاي ممكن تلفت انتباه سيف؟ ازاي تخليه يحبها أو يشوفها هي زي ما شاف همس قبلها؟ هل ممكن في يوم تكون مكانها وهي اللي في حضنه؟ هل ممكن موبايلها هي اللي يرن باسمه؟ اتنهدت لان أمنياتها كتيرة جدا ومش عارفة ازاي هتحققهم؟

هالة بتنقل نظراتها بين الاتنين ومستغربة ايه الصدع اللي حصل بينهم وليه حصل؟ ايه سببه؟ ليه خلود بقت متحفزة بالشكل ده لهمس؟ ليه حاسة وكأن في حاجة غريبة عملت شرخ بينهم وايه هي الحاجة دي؟
ما وصلتش لأي إجابة فصرفت أفكارها وبصت لكتابها تركز فيه أفضل.
همس مسكت موبايلها وأخيرا كتبت رسالة لسيف ( انت فين؟ مختفي ليه عني؟).

سيف استلم الرسالة قرأها وبعدها حط الموبايل من ايده بحزن، وشوية ومسكه تاني لان همسته طفلة وما يضمنش تفكيرها ممكن يوصلها لفين بالظبط؟
كتبلها ( موجود بس شوية مشاكل في الشغل فاعذريني معلش أول ما يكون عندي فرصة هكلمك وأفهمك )
بعت الرسالة اللي هي قرأتها بس حست بقد ايه الرسالة دي ناشفة ورسمية أوي، ومابقتش عارفة هل الرسالة كده ضايقتها أكتر ولا عدم رده خالص كان هيضايقها أكتر؟

انتبهت على نظرات خلود اللي كانت مركزة معاها أوي وسألتها بفضول لما لاحظت انها انتبهتلها: رد عليكي؟
استغربت تركيزها وعملت نفسها مش فاهمة هي تقصد مين: مين ده اللي رد عليا؟
خلود ابتسمت لأنها فاهماها كويس: اللي بعتيله الرسالة، اتخانقتوا ولا ايه؟ ولا زعلان منك؟
همس مش عارفة ليه بس حاسة ان في لمحة شماتة في كلام صاحبتها حاولت تتجاهلها: ولا اتخانقنا ولا زعلانين.

هزت دماغها وفجأة سألتها: ليه رفضتي تاخديني معاكي المستشفى؟
بصتلها بتهكم: علشان تيجي تكملي خناقك معايا وتتهميني اني ضيعتلك الرحلة كلها؟ لا يا ستي اتبسطي والعبي ومالكيش دعوة بيا وبتعبي.
هالة اتدخلت بينهم: خلاص انتوا الاتنين وقفوا الغلاسة دي، خلاص انهوا الخناق وفضوا بقى القصة دي علشان دمها تقيل بينكم.

خلود اعترضت بمكر: أنا اهو بحاول أصالحها بس هي مش مدياني فرصة وماسكة فيا! المهم خليها تنطق وتقولنا مالها وليه سرحانة كده؟
هالة قربت من همس وقعدت جنبها بهدوء: خلاص يا هموس بقى المسامح كريم، خلي قلبك أبيض.
اتصافوا ظاهريا وابتسموا لبعض بس همس من جواها إحساس مش مريحها لكن مش عارفة تحدده وخلود مصممة توصل لسيف مهما كلفها الأمر.

العملية استمرت فترة طويلة جدا وكلها كانت قلق وتوتر لان حالة نجوى كانت صعبة ومهددة كل شوية ولأول مرة شذى تتوتر في عملية بالشكل ده يمكن لان خوف نادر اتنقل ليها وبقت هي كمان خايفة على مريضتها تخسر حياتها بسببها، أخيرا خلصوا وخرجوا من العمليات ونادر ابتسم لشذى: الحمد لله انها عدت على خير.

اتفاجئ بشذى بتبصله بحدة: دي آخر مرة تدخل معايا أوضة عمليات واحدة، انت للأسف تأثيرك سيئ يا دكتور نادر، طول عمري واثقة من نفسي ومن قدراتي ودي أول مرة أتوتر وأتهز بالشكل ده؛ وده لأن انت نقلتلي خوفك وتوترك وخليتني مهزوزة بالشكل ده، والوضع ده لا يمكن أقبله أبدا.

سابته ومشيت وهي بتلعن غباءها انها فكرت ولو للحظة في حب زي نادر، هي كده مبسوطة وناجحة جدا وعمر ما عقلها خسرها أبدا لكن العواطف بتدمر صاحبها وأكبر دليل هو نادر نفسه، الاختيار بالعقل دايما يكسب حتى لو متعب بس بيكسب في الآخر.

نادر فضل متابعها شوية وهي بتبعد بس لحقها وقفها بتوضيح: الحالة كانت صعبة والعملية كانت أصعب ولو سيادتك اتوترتي فده لأنك أول مرة تهتمي بمريض بشكل إنساني، والمفروض في كل عملية تخافي على مريضك، بتتهميني ان تعلقي مرضي ليه ما يكونش انتي اللي باردة في مشاعرك ومش بتهتمي بمرضاكي بما فيه الكفاية؟

بصتله بغضب: أنا بهتم بمرضايّ بالشكل اللي يسمحلي أعالجهم وهم مالهمش عندي غير ده، ونجوى أنا كنت مهتمة بيها من قبل حتى ما تظهر انت في الصورة أصلا.
علق بغضب: بتهتمي بمظهرك وبحالة جديدة تنجحي فيها وتنشري صورها في السوشيال ميديا، قبل وبعد صح ولا أنا غلطان؟ مش ده المهم؟ صورتك قدام السوشيال؟

ضيقها وصل لأقصاه ورفعت ايدها في وشه: انت مين انت علشان تقولي أنا أهتم بايه أو ما أهتمش بايه؟ اوعى تنسى نفسك يا دكتور نادر؟ اهتمامي بالسوشيال من عدمه ده شيء لا يخصك من قريب ولا من بعيد وبعدين كل واحد يتعامل مع مرضاه بالشكل اللي يريحه، انت سطحي لدرجة مش شايف أي مجال تاني مهم غير القلب فدي مشكلتك مش مشكلتي، ومش مطلوب مني أقنعك ان مجال التجميل مهم؛ لان واحد زيك مش عايش أصلا لا يمكن يفهم قيمته، انت واحد عايش بالاسم فقط فازاي هتفهم مشاعر واحتياجات المرضى بتوعي؟ الحياة يا دكتور مش قلب بينبض وبس، الحياة لو مش هتعيشها يبقى مالوش لازمة القلب اللي بينبض، بعد إذنك.

سابته ومشيت وهو فضل مكانه بيتنفس بغضب بس هي عندها حق، الحياة مش قلب بينبض وبس ودي حياته للأسف، مجرد قلب بينبض بس بدون حياة.

بدر استمرت العلاقة بينه وبين ابنه متوترة و وصلوا لمرحلة مجرد الكلام بينهم بقى صعب جدا، هند حاولت برضه توصل لأنس بس بطل يسمعها تماما ورفض مجرد الكلام معاها.
استمر الاتنين في تجهيز كل تفاصيل بيتهم مع بعض ومش ناقصهم غير أنس فقط اللي بينغص عليهم دايما فرحتهم ومخليها ناقصة.
كانوا مع بعض بيتعشوا وهي بصتله: وأنس هيتعشى ازاي؟

رد بدون ما يبصلها: هاخدله ساندوتشين معايا وبعدين هو اللي رفض يجي يتعشى معانا مش أنا.
مدت ايدها فوق ايده فرفع عينيه ليها فنصحته بهدوء: بلاش تقسى عليه يا بدر هو محتاجك ودلوقتي أكتر من أي وقت، هو بيتخبط بلاش تتخلى عنه.

لمست الحزن في عينيه وهو بيتكلم: أنا ما بتخلاش عنه يا هند بس بنفذله طلباته وهسيبه يستوعب أخطاءه بنفسه، هو مقتنع تماما اني شرير الرواية ومهما أدافع عن نفسي إلا انه بطل يسمعني أصلا فخلاص خليه يكتشف بنفسه مين شرير روايته؟ بعدين أنا مش بقسى عليه أنا بس بطلت خوفي واهتمامي الزايد، بقيت عادي مش أكتر ولا أقل.
ضغطت على ايده: مش موجوع من العادي ده؟

رفع ايده ومسك هو ايدها وابتسم بس الحزن مسيطر على ابتسامته: كفاية عليا وجودك جنبي بيهون الدنيا وما فيها يا هند، انتي وبس ومش عايز حاجة تانية من الدنيا وبستنى اللحظة اللي تدخلي فيها بيتي زوجة تنوري حياتي وساعتها هستغنى عن الدنيا كلها بيكي، انتي أجمل عوض من ربنا.
ابتسمت بس قلبها موجوع لوجعه وانها مش قادرة تبعد الحزن عنه.

بدر وصل بيته كان ابنه بيكلم أمه وسمعه بيضحك معاها واستغرب ازاي قادرة تسيطر عليه بالشكل ده؟
قفل الباب بعنف علشان ابنه يسمع وبالفعل اتعدل وقال لأمه ان أبوه وصل وقفل معاها، بدر حط من ايده الكيس قدام ابنه: ساندوتشات لو حابب تتعشى.
سابه ودخل يغير هدومه وطلع كان أنس بياكل
قعد قصاده: ذاكرت ايه ولا فضلت الوقت كله تتكلم في الفون؟

أنس بدون ما يبصله: ذاكرت شوية الأول ولسه يادوب المكالمة ماكملتش عشر دقايق ولو حابب تتأكد ممكن تشوف مدة المكالمة
بدر اتخنق: أنا مش بكدبك علشان أشوف مدة المكالمة انت حر تكلم والدتك الوقت اللي يعجبك بس طالما مش بتيجي على مذاكرتك.
سكت وابنه سكت بيكمل أكله بصمت لحد ما خلص، قام شال البواقي ودخل أوضته وقفل على نفسه، بدر فضل مكانه بيراقب بصمت ومش عارف هيوصلوا لحد فين؟

سيف هرب من أي مواجهة مع أي حد من عيلته كلها واضطر يروح الجامعة؛ لأنه مش هيقدر يغيب أكتر من كده، عنده محاضرات ولازم يروح أو بمعنى أصح لأن همس وحشته محتاج يشوفها يطمن قلبه عليها.
همس راحت محاضرتها وبتتساءل يا ترى هيجي المحاضرة ولا هيغيب زي الأيام اللي فاتت؟

الكل في المدرج بيتكلم والصوت هدي بدخول سيف، وقف في مكانه المعتاد وعينيه دورت على همس بدون ما تاخد بالها وبعدها قلع نظارته وبصلهم مستني الكل يهدا تماما علشان يقدر يتكلم، عينيه اتقابلت مع همس ولاحظ ان نظراتها كلها عتاب وحيرة ولمحة وجع لمسها، بص للكتاب قدامه بيقلب فيه علشان يحاول يركز في اللي هيشرحه للطلبة وبدأ يتكلم ويشرح ولاحظ صمت همس التام اللي مش متعود عليه بس كمان استغرب نشاط خلود اللي شبه بتسأل كل دقيقة وفكرته بهمس في بداية تعارفه عليها.

خلصت المحاضرة وهو بيلم حاجته والطلبة حواليه كعادتهم بيسألوا وهو بيجاوب، همس قربت منه وهو مستني سؤالها بس وقفت بصمت، قربت منه لدرجة ان كتفها لمس كتفه واتقابلت عينيهم ونظراتها بتسأله ليه غايب عني كده؟
انتبه لسؤال خلود فبصلها للحظات بحيرة: انتي سألتي كتير جدا، ايه كمية الأسئلة دي كلها يا باشمهندسة؟
ابتسمت بحرج: اهو بنحاول يا دكتور.

ابتسم بتحفظ مستغرب ابتسامتها وأسئلتها في كل حاجة بتعملها ورد بعملية: لو سكتي شوية وسمعتيني أكتر هتعرفي إجابة الأسئلة دي بدون ما تحتاجي تسألي كل ده، اسمعي أكتر وركزي أكتر، أسئلتك كتيرة جدا لدرجة اوفر وده مالوش إلا معنيين، يا إما انتي سوري يعني غبية جدا للدرجة دي أو بتسألي وخلاص كلفت انتباه، فانتي مين فيهم يا خلود؟
ماعطاهاش فرصة ترد وبصلهم بإيجاز: أشوفكم المحاضرة الجاية وذاكروا علشان الميد ترم.

سابهم وطلع والمدرج فضي وخلود هتولع من ملاحظته، هي بس كانت عايزة تلفت انتباهه زي همس بس الظاهر انها زودتها أوي.
همس متضايقة وموبايلها أعلن عن وصول رسالة، بصتله بسرعة وابتسمت أول ما شافت رسالته (( تعالي المكتب))
بصت لصحباتها و وشها مبتسم: أنا طالعة لسيف.
خلود مسكت دراعها بسرعة: أطلع معاكي علشان بس محدش يتكلم عنك؟
همس استغربت مسكتها لدراعها بس ابتسمتلها بمجاملة: لا لا خليكي، باي.

سابتهم وجريت وخبطت على باب مكتبه وفتحت بابتسامة: ممكن أدخل؟
ابتسملها بحب: بجد بتسألي؟
دخلت وقفلت الباب وراها وردت بعتاب: لما تغيب كل ده يبقى لازم أسأل.
وقفت قصاد مكتبه وهو شاورلها تقعد بس هي فضلت واقفة فسألها بتعجب: مالك يا همس؟ اقعدي يا قلبي.
قربت وقعدت قصاده بلوم: بجد قلبك؟ أنا أصلا بدأت أنسى انك بتحبني يا سيف؟

بص لعينيها لفترة وهو بيجاهد علشان ما يقومش ياخدها في حضنه وماسك حرف المكتب بايديه الاتنين: علشان انشغلت يومين عنك أبقى ما بحبكيش يا همس؟ امال فين بقى ثقتك فيا وفين تحملك لظروفي؟ ماهي الحياة مش حب وبس يا همس.

بصتله ونظراتها متعلقة بعينيه: مستعدة أتحمل أي حاجة يا سيف إلا بعدك عني وإهمالك ليا بالشكل ده، انت عادي تكون مشغول وعادي تبعد وتغيب عن الجامعة بس ما تهملنيش كده، مش عارفة أفهّمك ازاي يا سيف بس ده اللي حسيته، انك مش مجرد مشغول انت بتبعد عني، مش عارفة ايه مصدر الإحساس ده؟ بس ده اللي وصلني.

أخد نفس طويل ورد بتفهم وصدق: همس قلبي كل اللي عايزك تكوني واثقة منه اني بحبك، لا مش بس بحبك أنا بعشقك، ممكن أبعد، ممكن أنشغل، ممكن أغيب، لكن حبك ده مزروع جوايا مش بيتزعزع أبدا ولا بيقل بالعكس ده بيزيد، فده موضوع منتهي أصلا مش هنتكلم فيه، مفهوم؟
حركت راسها توافقه وردت بحب: مفهوم بس ما تبعدش بالشكل ده.

ابتسملها بعشق: هحاول بس المهم طمنيني عنك وعن مذاكرتك؟ الامتحانات خلاص والميد ترم على الأبواب وأنا للأسف مشغول مش هكون متواجد كتير يا همس.
بادلته ابتسامته: ما تقلقش عليا يا حبيبي من الناحية دي، اطمن.
ماكانش عارف يقولها ايه ولازم تمشي من قدامه لان تحمله وصل لأقصاه بنظراتها دي فبص لكتبه قدامه وبصلها بهدوء مفتعل: قومي روحي لزمايلك علشان محدش يتكلم عليكي.

استغربت طلبه، دي تقريبا أول مرة يمشيها من مكتبه، بصتله بصدمة: انت فيك ايه؟
بصلها بعدم فهم: مالي بس يا همس؟ دماغي مشغولة بألف حاجة معلش، مش مركز كده.
وقفت واتضايقت أكتر منه بس هتحاول محاولة أخيرة: تيجي نتغدى مع بعض النهارده؟

كان هيوافق بس صورة آية وحازم بيبوسها قدام عينه مش عارف يمحيها فكشر غصب عنه وهي لاحظت تكشيرته دي وماعرفتش تفسرها بس رجعت خطوة لورا مش فاهمة حاجة واستنت إجابته وهو بصلها بضيق: عندي شغل للأسف يا همس وانتي لسه حالا بقولك اهتمي بامتحاناتك.
هزت دماغها بتفهم أو بعدم تفهم لأنها مش فاهمة أي حاجة بس إحساسها بيقولها في حاجة غلط وسابته وخارجة وقبل ما تفتح الباب وقفها بتذكر: همس.

بصتله بتمني انه يقول أي حاجة تطمنها: أخبار علاقتك بخلود ايه؟
استغربت سؤاله: عادية ليه؟
هز دماغه بحيرة: عادي بس استغربت أسئلتها الكثيرة أوي دي النهارده، المهم ما تشغليش بالك وانزلي شوفي وراكي ايه؟
خرجت من عنده وقفلت الباب وساندة عليه مش عارفة تفهم أو تفسر البرود اللي هي حسته منه ده معناه ايه؟ هل بينهي علاقته بيها؟ هل مشغول فعلا؟ هل خلود مثلا بدأت تشغله؟ ايه اللي غيره بالشكل ده وليه البرود ده؟

اتحركت من مكانها تنزل قابلها محمود السمري اللي سحبها من شرودها: اييييه يا بنتي انتي فين؟ بنادي عليكي من بدري اللي واخد بالك؟
ابتسمت باصطناع: محمود ازيك، انت فين؟ مختفي كل ده فين؟
هز كتافه: مش مختفي ولا حاجة بس معظم الوقت في مبنى ميكانيكا، انتي عارفة طبعا اني مش مع دكتور سيف دلوقتي ومع دكتور جودت ف...
قاطعته بذهول: مش مع سيف؟ ليه سيبته؟

استغرب سؤالها: يا بنتي ده من زمان جدا، هو اعتذر لأنه ماعندهوش وقت يشرف على الرسالة ودكتور ممدوح من ساعتها طلب من دكتور جودت يكمل معايا، انتي عارفة ان دكتور سيف عنده شركته الخاصة برا وتواجده في الكلية قليل جدا.
حركت راسها بذهول: لسه أول مرة أعرف انك مش معاه، المهم أخبارك ايه وأخبار منى ايه؟
ابتسم: كويسين، وراكي حاجة؟ ما تيجي نجيب ساندوتشات وندردش شوية واحشاني.

نزلوا مع بعض جابوا ساندوتشات وحاجة ساقعة وقعدوا مع بعض بيتكلموا ويدردشوا ويعرفوا أخبار بعض.
سيف اتخنق من القعدة في مكتبه وماقدرش يركز في أي حاجة فقام يمشي، نزل وبعد ما خرج من المبنى لفت انتباهه همس ومحمود مع بعض كانوا بيضحكوا وصوتهم نوعا ما عالي، لمح الساندوتشات والحاجة الساقعة والمنظر ضايقه، حاول يقنع نفسه انهم مجرد أصحاب أو جيران قدام بس مش متقبل قعدتها مع راجل تاني تاكل وتهزر كده.

ركب عربيته وطلع موبايله وبعتلها رسالة (( قلتلك ركزي في الامتحانات اللي سيادتك داخلة عليها مش اقعدي في الكلية كده، اتفضلي قومي هوصلك في طريقي ))
همس شافت الرسالة وضايقتها أكتر ماهي متضايقة وبعتتله بعناد (( أنا مركزة ما تقلقش واتفضل شوف وراك ايه مش عايزة أعطلك )).

سيف اتضايق أكتر وأكتر وبص ناحيتها كانت قاعدة زي ماهي، فكر ينزل يشدها وياخدها غصب بس ده هيفرج الكلية عليهم فبعتلها (( همس اتفضلي قابليني برا هوصلك ))
بعتتله (( دكتور هخلص أكلي براحتي وأقوم أروح بنفسي ))
سيف رمى الموبايل من ايده مش عارف يعمل ايه؟ وفضلت عينيه عليها
ماقدرش يتحمل أكتر من كدا من غيرته ومسك موبايله تاني (( همس قومي حالا من جنبه ومش عايز أشوفك قاعدة القعدة دي مع أي حد مهما يكون مين )).

همس بصت للرسالة كتير مش قادرة تحدد هل دي غيرة ولا تملك؟ مش عارفة تفرح ولا تزعل؟ مش عارفة تحدد أي حاجة وبتردد كتبتله (( من هنا لحد ما يكون ليك حق تتكلم وتشرط عليا أقعد مع مين وأتكلم مع مين فأنا حرة، أنا مش بعمل حاجة غلط يا دكتور ))
قرأ رسالتها واتعصب وخبط الدريكسيون بايده بغيظ وهينفجر ودور عربيته واتحرك خرج بس ركن في المكان اللي دايما بيقف فيه وهي بتركب منه واتصل بيها وبعد تردد ردت عليه بتردد: الو؟

كلمها بشبه زعيق: اتفضلي حالا قومي وتعالي برا أنا مستنيكي في المكان اللي بستناكي فيه كل مرة - حاولت تعترض بس كمل بتحذير- مستنيكي يا همس قومي.
قفل و فضل في عربيته يستناها وهي فضلت مكانها مش عارفة تعمل ايه؟
استغربت انه قفل بدون ما يديها فرصة للرد فبعتتله (( سيف أنا هروح لوحدي وحضرتك شوف وراك ايه ))
اتنرفز من إصرارها (( مستنيكي اطلعي )).

تجاهلت الرسالة و خلصت أكلها وبصت لساعتها كان فات حوالي عشر دقايق وبصت لمحمود اللي ابتسم: اتأخرتي؟ قومي روحي يا ستي وشدي حيلك في مذاكرتك عايزينك معانا في الاصطاف ده وأي حاجة تحتاجيها في أي وقت أنا موجود.
شكرته واتحركت وراحت ناحية سيف واتفاجئت انه لسه مستنيها، كان واقف ساند على عربيته ماسك موبايله في ايده وبيقلب فيه أو مستني رسالة منها.

فضلت واقفة قريبة منه بس مستخبية ورا كشك تصوير ورق وبتراقبه من بعيد وبتشوف هيستنى قد ايه؟
فات ربع ساعة كمان وهو واقف مكانه فبعتلها (( وبعدين؟ لامتى؟))
فضلت باصة للرسالة بتفكر تعمل ايه وأخيرا كتبت (( أنا ركبت تاكسي وقربت أوصل للمدينة )).

بعتتها وبصتله مستنية تشوف رد فعله بس هو بص للرسالة لفترة وبعدها ركب عربيته وانطلق بيها زي الصاروخ وخلال لحظات كان اختفى من الشارع كله، طلعت من مكانها وقعدت على الرصيف دموعها نزلت ومش عارفة هي ليه اتصرفت بالغباء ده؟
بس هو جاف معاها، محيرها، مش عارفة تفهمه ومش عارفة هو ماله، مش حابة صيغة الأمر اللي بيكلمها بيها، مش حابة بعده عنها، مش قادرة تتقبل منه أي حاجة قبل ما يفسرلها سبب بعده عنها بالشكل ده.

أخيرا روحت وهالة أول ما شافتها كلمتها بخوف: همس قلقتيني عليكي، اتأخرتي ليه كده؟ كل مرة بتكوني مع سيف بتطمنينا انك معاه.
ابتسمتلها بمجاملة: أنا ماكنتش مع سيف بس قعدت شوية مع السمري واديني جيت اهو.
خلود انتبهت وفرحت: السمري؟ مش سيف يعني؟ امال سيف فين؟
بصتلها بضيق: عنده شغل.

سيف روح بيته مهموم ومش عايز يتواجه مع أي حد فقعد في الجنينة لوحده وشوية وقاطعه عز قعد قصاده بيسأله عن شوية حاجات في الشغل لحد ما خلص والصمت سيطر عليهم بس قطعه عز بحيرة: مش هتقولي طردت صاحبك ليه؟ السبب الحقيقي يا سيف؟
سيف فضل باصص قدامه ومش عارف يقوله ايه بس قرر يقلب الدفة عليه فرقع عينيه له: مش هتقولي التسويف ده لامتى؟
بصله باستغراب: تسويف ايه؟ بتتكلم عن ايه؟

رد بثبات: بتكلم عن شذى واستمراري في خطوبتي ليها؟ لحد امتى؟
عز هرب من عينيه ومش عارف يقوله ايه؟ فسيف حرك كرسيه وقعد قصاده: تصدق اني فكرت انك بتثبتني وبس.
بصله بصدمة: بثبتك ازاي؟ تقصد ايه؟
جاوبه: أقصد تثبتني، تسكتني شوية ومرة واحدة تحطني في أمر واقع وتقولي مثلا سوري يا سيف بس الظروف و و و وأسباب كتير وفرحك اتحدد.
عز بصله بتركيز: ولو ده حصل هتعمل ايه؟ هتعمل ايه لو بثبتك لحد ما نخلص تجهيز كل حاجة لفرحكم؟

ابتسم سيف ببرود وقرب من أبوه بتحدي: هقولك سوري يا بابا وهسيبلك البلد كلها وأرجع الجامعة اللي كنت شغال فيها برا وبعد ما همس تخلص السنة اللي فاضلالها هنزل أتجوزها وآخدها وأسافر ومش هرجع مصر تاني فبلاش تحطني في وضع زي ده علشان ما نزعلش من بعض ونخسر بعض.
بصله كتير بصدمة: بجد هتعمل كده يا سيف؟ هتتخلى عن أبوك وعيلتك؟

هز دماغه برفض ووضح: مش هتخلى هتضطرني لوضع زي ده لأني مش هتجوز شذى ومش هقدر أقف في وشك هنا وأعارضك فأسلم حل ساعتها اني أبعد خالص وانت ساعتها تبقى تقول ابني واطي وسابني ومشي لان بصراحة مش هيفرق معايا حد هنا بعد كده.
ساد الصمت بينهم لحد ما عز وقف وابتسم بشحوب: شيل الأفكار دي من دماغك يا سيف، أنا مش بخطط لحاجة من وراك أنا بس بظبط أموري علشان أكون مستعد لأي رد فعل من المحلاوي ولا أكتر ولا أقل.

سيف وقف بحيرة: انت ليه محسسني انك خايف منه أوي كده؟
بصله وبعد عنه: مش حكاية خايف منه يا سيف بس ده صاحبي وموضوع زي ده هيأثر جامد ومش سهل، اصبر عليا انت مستعجل ليه كده؟
سيف رد بحدة: لأني عايز آخد خطوة مع همس مابقيتش متحمل الوضع بينا كده وكمان...
قاطعهم وصول سلوى اللي شايلة صينية القهوة حطتها قدام جوزها وبصت لابنها بحيرة: همس مين اللي عايز تاخد خطوة معاها؟

سيف بصلها بصمت وعز ابتسملها وجاوب هو عن ابنه: دي اللي قلب ابنك اختارها وبإذن الله هجمعهم مع بعض.
بصت لجوزها باستنكار وهي بتقعد جنبه: تجمعهم مع بعض؟ طيب وشذى؟
سيف اتصدم من كلام مامته واستغربها وقبل ما يعترض أبوه رد عليها: هو اختار همس مش شذى.
حاولت تعترض بس جوزها وقفها بتحذير: خلاص يا سلوى دلوقتي.

وقفت مرة واحدة بغضب وبصت لابنها اللي مستغرب تصرفاتها وبعدها عنه من ساعة ما باباه تعب وراقبها وهي بتبعد عنهم لحد ما اختفت بص لأبوه بتعجب: أنا مش قادر أفهم في ايه وماما مالها؟ بتتهمني اني السبب في تعبك وطول الوقت بتبصلي بشكل مختلف وأنا مش فاهم في ايه؟
ابتسم أبوه وطبطب على كتفه: ما تشغلش بالك بوالدتك هي بس خايفة نرجع نتخانق تاني المهم طمني على همس أخبارها ايه؟

ابتسم: كويسة بس هي متضايقة من الوضع ده وعلشان كده كنا عايزين ناخد خطوة ونروح نقابل باباها على آخر الأسبوع ده إن شاء الله ولا ايه رأيك؟
ابتسم بحزن سيف لاحظه: إن شاء الله بكرا هقابل عصام وأبلغه بفسخ الخطوبة ما تقلقش وبإذن الله على آخر الأسبوع نروح نخطب همس.
فضلوا يتكلموا كتير مع بعض وسلوى مراقباهم من شباك أوضتها واستغربت ازاي اتوافقوا مع بعض بالشكل ده بعد كل الخلافات اللي كانت بينهم؟

طلع سيف أوضته وقعد وموبايله في ايده وكل شوية يفكر يكلم همس وبعدها بيتراجع ومش عارف يعمل ايه أو يتصرف ازاي معاها؟
أخيرا وصلته رسالة منها (( هو ايه اللي حصل بينا؟ مابقيتش فاهمة أي حاجة ولا عارفة إذا كنا متخانقين ولا متصالحين؟ طيب لو متخانقين فاحنا بنتخانق ليه؟ سيف ما تسيبنيش أتخبط بالشكل ده )).

قرأ رسالتها كذا مرة وكل شوية يكتب رد ويمسحه ومش عارف يستقر على رد معين لحد ما أخيرا كتب بحزن (( رفضتي غيرتي النهارده عليكي وقلتي اني ماليش حقوق و للأسف انتي كلامك صح، فمن هنا ولحد ما يكون ليا حقوق بشكل رسمي خليني بعيد أفضل )).

قرأت رسالته بلهفة ودموعها لمعوا لان آخر شيء هي عايزاه بعده عنها، حاولت تكتب أي حاجة بس مش عارفة وهو مستنيها تبعت بس انتظاره طال، حس بيها وحاول يفكر زيها وخاف انها تفهم رسايله غلط فحب يطمنها شوية (( أنا بحبك يا همس وده المهم، اديني شوية وقت أظبط أموري وأمور شغلي وكل حاجة هتكون كويسة بإذن الله، ما تخافيش واطمني ودلوقتي هقولك تصبحي على خير وروحي ارتاحي شوية عندك بكرا يوم طويل )).

حاولت تطمن برسالته بس ماقدرتش وحست بحاجة غريبة بينهم وبفجوة في النص مش عارفة سببها؟

الصبح سيف بيجهز علشان ينزل جامعته ودخلت مامته عنده وقعدت على طرف سريره بتراقبه وهو بيجهز بصمت، استناها تتكلم بس صمتها ومراقبتها وتروه فبصلها بطرف عينيه في المرايا: لو ناوية تتخانقي فياريت بلاش أو أجليها لوقت تاني أنا ما صدقت المشاكل بيني وبين بابا انتهت فياريت ما تبدئيش انتي.

برضه فضلت ساكتة فلف وبصلها مستغرب صمتها: عايزة تقولي ايه يا أمي؟ واتغيرتي كده ليه مع انك كنتي بتحاولي تقنعي بابا اني أعمل اللي يريحني؟ في ايه اتغير؟
اتنهدت وبتردد: في كتير اتغير يا سيف
قرب منها بتعجب: اللي هو ايه بقى الكتير ده؟
وقفت وبصتله بترقب: ما سألتش نفسك ليه باباك كان رافض رفض قاطع بالشكل ده وكان بيتخانق معاك كل لحظة فليه دلوقتي وافق؟ ليه التغيير من النقيض للنقيض يا سيف؟

ده كان سؤال محيره ومالهوش إجابة بس حاول يكابر: علشان تعبه غير نظرته للأمور.
ابتسمت بوجع: انت مقتنع بالإجابة دي؟
أخد نفس طويل ورد بضيق: عايزة توصلي لايه؟ قولي على طول في ايه مخبياه أو مترددة تقوليه؟
فكرت شوية لان جوزها مش عايزها تتكلم بس ماقدامهاش أي حلول تانية فبصتله لفترة وقررت ترميله طرف الخيط: كل اللي أقدر أقولهولك يا سيف اعرف ليه باباك كان مصمم ودلوقتي غير رأيه.

جت تخرج بس مسك دراعها بغضب: انتي ما ترميش كلام وتمشي، في ايه؟ وبلاش لف ودوران لو عارفة حاجة قوليها
شدت دراعها بغيظ: اعرف بنفسك انت مش صغير - مشيت خطوة وبصتله بمغزى- كلم المحامي واعرف وضع باباك المادي ايه و وضع الشركة، أعتقد سيادتك مش أعمى ومش غبي فاعرف بنفسك.

سابته وخرجت وهو كان بيتنفس بغضب، وقف في نص الأوضة مش عارف يعمل ايه؟ وفجأة مسك موبايله واتصل بمحامي الشركة واستنى لحد ما رد: اعذرني يا أستاذ إمام اني بتصل بدري أوي كده بس عايز أعرف كل حاجة عن وضع بابا المادي و وضع الشركة.
انتظر رده وحس بتردده: أعتقد ده تتكلم فيه مع والدك يا باشمهندس
اعترض: أنا بكلمك كمدير تنفيذي في الشركة مش كابن عز الدين فياريت تجاوبني بشكل رسمي وتقدمي ملف فيه كل اللي طلبته.

اتنهد باستسلام: حاضر يا باشهمندس، أول ما البنك يفتح هروح وأجيبلك كل التفاصيل عن وضع الشركة المادي بالظبط أما وضع باباك الخاص فدي مش من حقك تعرفها ولو مصمم يبقى اتكلم مع والدك بشكل مباشر.
قفل ونزل بدون ما يتكلم مع حد وراح للشركة وبدأ يتكلم مع كل المسئولين الكبار ويعرف تفاصيل الشركة وكل ما بيعرف أكتر بيتصدم أكتر وأكتر.
اتصل بالمحامي يتأكد منه بس المحامي قاله يستنى لحد ما يخلص مشوار البنك.

نزل سيف للجامعة ودخل لمحاضرته وبيهرب من عيون همس وشكله كان متوتر وتعبان أو مرهق وعينيه على موبايله اللي مسكه واتصل بالمحامي وقاله نفس اللي قاله من شوية يستنى لحد ما يخلص.
همس مراقباه وقلقانة عليه، مسكت موبايلها وبعتتله رسالة (( في ايه مالك وليه مش طبيعي بالشكل ده؟ اوعى تكون لسه زعلان مني؟ )).

سيف بص لموبايله بسرعة بس اتنهد لما شاف انها من همس وبصلها بطرف عينيه وكتب يطمنها (( كويس ما تقلقيش، مشاكل في الشغل مش أكتر وبعدين قلتلك مش زعلان ))
كمل المحاضرة وفي آخرها موبايله رن رد بسرعة جوا المحاضرة: أيوة عملت ايه؟
المحامي رد عليه: الوضع المادي زي ما انت عرفت بنفسك وكل اللي قلتهولي مظبوط.
سيف حس ان الدنيا لفت بيه وبتردد سأله: وايه علاقة عصام المحلاوي؟ وليه ده بالذات؟

بتردد جاوبه: هو الضامن أولا وهو اللي أنقذ الوضع كله وتقريبا كل حاجة في ايده، هبعتلك نسخة من الملفات وكل التفاصيل هتكون على مكتبك أول ما توصل.

قفل وسيف فضل واقف مكانه وظهره للطلبة وكل الشهور اللي فاتت بتمر قدامه، غضب باباه، خناقاتهم، إصراره على ارتباطه بشذى، تعبه، وقوعه من طوله قدامه، رقدته فى المستشفى، خناق والدته معاه، وأخيرا ارتباطه بشذى اللي مش هيعرف يتخلص منه وفجأة بدون أي مقدمات رمى الموبايل من ايده بعنف على الحيطة كسرت الموبايل، اتنهد وبص لطلبته وراح ناحية الترابيزة سند عليها بايديه وحاول يتكلم بس عينيه اتقابلت مع همس اللي حس فجأة انها بقت حلم مستحيل لا يمكن يوصله وإحساس بالقهر ماليه والغضب والغيظ سيطروا عليه، مسك اللاب بتاعه وحدفه هو كمان على آخر دراعه.

الطلبة اندهشوا من منظره وهمس قلقها عليه زاد واتأكدت ان في مشكلة هو واقع فيها
سيف بص لطلبته بانفعال: اعذروني نكمل بعدين.
خرج من المدرج في حالة من الاستغراب والدهشة من الكل ودخل العامل المسئول عن المدرج اللي جه على صوت التكسير وبص شاف موبايل سيف واللاب شالهم وحطهم في الأدراج اللي في الترابيزة وقفل عليهم وبدأ يقفل المدرج.

همس طلعت بسرعة تلحق سيف بس لمحته خارج بسرعة الصاروخ بعربيته وطبعا لان موبايله اتكسر ماعرفتش تكلمه.
أصحابها لحقوها وخلود سألتها بفضول: هو ماله يا همس في ايه حصله؟
حركت كتافها بحيرة: معرفش، قالي بس مشاكل في الشغل لكن معرفش ماله، ربنا يسترها بقى.
سيف وصل الشركة ودخل زي المجنون والكل بيوسع من طريقه ومحدش فاهم هو ماله؟
دخل مكتب أبوه بعنف واتقابلت عينيهم في نظرة طويلة كلها غضب و وجع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة