قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

عاد كل من بدر وفرح للمنزل ودخلا جناحهما الخاص، تأمل بدر فرح ليدرك أنها ما تزال قلقة لذا ربت علي يدها بحنان قائلا:
قولتلك متقلقيش يافرح، باباكي بس عايز يطمن علينا واحنا هنطمنه مش أكتر.
نظرت الي عينيه قائلة:.

انت متعرفش بابا يابدر، بابا اكيد شاكك في حاجة، صوته قاللى كده، وهيحطنا تحت الميكروسكوب وانت شايف الوضع اللي احنا فيه، ولا اخوك ومشكلته مع أماني، وخطيبته التانية اللي هتشرف الصبح دى، الوضع غريب واكيد هيلفت انتباه بابا.
قال بدر في هدوء:
أخويا متقلقيش عليه هيعرف يظبط اموره، واحنا هنتصرف وهنبان ادام باباكي اسعد زوجين كمان.
ليربت علي يدها قائلا:
انا مش عايزك تقلقى خالص، كل شئ هيبقي تمام.

نظرت الي عمق عينيه لتشعر بالاطمئنان علي الفور، لتومئ برأسها وتظلل وجهها ابتسامة ساحرة خلبت لبه، تأمل ملامحها لثوان اربكتها لينتابها الخجل وتطرق برأسها أرضا قائلة:
تصبح علي خير.
ابتسم قائلا:
تلاقي الخير.
توجهت الي حجرتها لتتوقف إثر سماعها لصوته يناديها هامسا باسمها، التفتت تجاهه تنظر الي ملامحه المترددة في حيرة ليقول بعد لحظة:
ممكن تيجي معايا الاوضة بتاعتى؟

نظرت اليه باستنكار ليسرع قائلا وهو يرفع يديه بمرح:
لا والله، انا نيتي بريئة جدا، مش عارف ليه بتفهمينى غلط يافرح، لولا انى عارفك كويس كنت قولت ان دماغك شمال ياقلبى..
لم تدري فرح لما تغلبت سعادتها علي خجلها في تلك اللحظة، ربما لأن تلك هى المرة الأولى التي يمزح فيها بدر معها، وربما هو وصفه لها بأنها قلبه حتى وان كان يمزح، ابتسمت في خجل لتسمعه يقول بجدية وهو يمد يده اليها:.

تعالى يافرح، أنا بس عايز أعمل حاجة وحابب إنى أعملها أدامك.
نظرت الي يده الممتدة اليها في حيرة، ليتغلب قلبها علي عقلها الذي ضرب لها في تلك اللحظه كل الاشارات الحمراء انذارا، لتمد يده اليها فالتقط كفها في لهفة يضمه بين يديه في حنان ويفتح حجرته ويدخل اليها وهي بجواره، اجلسها علي الاريكة وذهب الي دولاب ملابسه وسط حيرتها فتحه ليخرج منه صورة تعرفها جيدا..

اقترب منها وهو ينظر الى عمق عينيها ليجلس قبالتها وهو ممسكا بالصورة، رفع الصورة قبالتها لتظهر غريمتها بها،
نقلت نظراتها مابين تلك السارة وبدر الذي لاحظ علي الفور غيرتها والتي بدت علي عينيها ليبتسم في نفسه فهذا بالضبط ما اراد أن يراه داخل مقلتيها، قال بهدوء:
الصورة دى كنت محتفظ بيها في دولابي عشان تفكرني ان كل الستات خاينين وميتآمنلهمش، عشان اول ماأضعف اطلعها.

وافتكر اول واخر قلم في حياتى، عشان مسمحش لقلبي يحن أو يستسلم للحب من تانى، لما اتجوزتك وحسيت اني بدأت أضعف طلعت الصورة دى عشان افكر نفسى، كنت أعمى ومشفتش الفرق الكبير اللي مابينك وبينها، ودلوقتى الصورة دي مبقاش ليها لازمة، وأدامك قررت احرقها.
قرن قوله بإشعال الصورة وتركها فى المنفضة تحترق لتشعر فرح بسعادة غامرة تدرك ان هذا هو أكبر انتصار لها على الإطلاق..

فبيده احرق صورة غريمتها وبلسانه قال اعتراف مستتر بأنه أحبها، لتنظر إلي عينيه بعينين تلتمعان بالسعادة، امسك يديها واحتضنها بيديه قائلا بهمس:
لازم تعرفي اني بحبك يافرح.

نظرت إلي عينيه لا تصدق، لقد قالها صريحة، انه يحبها، يحبها، ظل قلبها يردد تلك الكلمة بسعادة، لتفيق علي اقترابه الذي زاد حد الخطر وهو يهمس امام شفيتها مستطردا: أنا مستعد استناكى يافرح، استنى اشوف نظرة الحب اللى كنت دايما بشوفها في عنيكى.
كاد ان يقبلها وكادت أن تستسلم لتفيق في اللحظة الاخيرة من سحره وتدفعه بعيدا عنها وهي تستجمع كل ذرة ارادة لديها لتقول بإبتسامة:
يبقي هتستني كتير يابدر.

لتغمز له بشقاوة قبل أن تنهض مغادرة، تاركة اياه يغلى بنيران شوقه لها يتبعها بنظرات حانقة مالبثت أن تبدلت لابتسامة وهو يقول:
اتقلي يافرح وعذبينى، حتي شقاوتك بتخلينى أحبك اكتر، وإن كان علي انى هاستنى كتير، فانتى لسه متعرفيش بدر المنياوى، واوعدك هتعرفينى قريب، قريب اوى يافرح.

استيقظت اماني تجر قدميها جرا لتخرج من سريرها، تشعر بالثقل فى كل جسدها، وهي تعلم أن اليوم هو موعد لقائها بغريمتها، بتلك التي أخذت مكانها فى حياة بيجاد، زوجها وحبيبها.
أخذت حماما سريعا وبدلت ملابسها لتتجه إلي خارج غرفتها تنزل بهدوء درجات السلم لتتوقف فجأة وهي ترى فرح صاعدة لتتلاقى الأعين، وتلاحظ أمانى نظرة شفقة فى عيني فرح لتدرك وصول تلك الخطيبة.

ربما أرادت فرح أن تنبهها إلي وجودها قبل أن تهبط إليهم كي تتجنب مواجهتها أو تتحجج بأي حجة كي لاتقابلها، أوربما هي فقط أرادت مؤازرتها، هي حقا لا تستطيع التفكير الآن.

فكل مايدور بعقلها هو شكل غريمتها وصفاتها التى جذبت إليها قلب بيجاد، تنفست بعمق وهي تكمل هبوطها لتمسك فرح بيدها تضغط عليها دون كلام، مشيا سويا حتى مكان اجتماع العائلة، لتجد فريدة تجلس علي الأريكة و يجلس بجوارها بدر بينما يجلس علي الأريكة المقابلة، بيجاد، وتجلس بجواره فتاة جميلة تتناثر خصلات شعرها الصفراء بتموج حول وجهها، عيونها زيتونية، ترتسم على ثغرها ابتسامة سعيده وهي تشبك يدها في ذراع بيجاد، توقفت نظرات أمانى على هذا المنظر لترفع عينيها وتتواجه مع عينا بيجاد الذى أدرك وجودها فور دخولها الحجرة، كان فى عينيه نظرة غامضة وهو يتابع تعبير عينيها الذى كان فى بادئ الأمر حزينا لينقلب بعد ذلك إلى نظرة خاوية لا حياة فيها، ضغطت فرح على يد أمانى لتفيق أمانى من شرودها الحزين وهى تقترب منهم، قائلة في هدوء لا يعكس ألم قلبها المذبوح بقسوة:.

صباح الخير.
لم يجيبها سوى بدر الذى قال مرحبا:
صباح الخير ياأمانى، تعالى.

نظر بيجاد إلى بدر على الفور وهو يلاحظ فى صوته تلك النبرة المرحبة، ليرى في عينيه نظرة مؤازرة لأمانى، عقد حاجبية وهو يتساءل بصمت، ترى هل استطاعت أمانى أن تؤثر فى أخيه وتكسب تعاطفه بوجهها الملائكي والذي خدعه في اول مره رآها فيها، عاد بنظراته إليها ليلمح لمعة في عيونها فأدرك على الفور أن هذا ما أثار شفقة أخيه عليها، انها دموع التماسيح، افاق علي صوت صوفيا تقول في فضول:
من هذه الفتاة جاد، أختك؟

التفت إليها بيجاد قائلا:
تعلمين صوفيا أن لا أخوات لدي.
ابتسمت قائلة وهي تشير إلى بدر:
ولم أكن أعلم أن لك أخا وسيما أيضا وها أنا قد عرفت ذلك الآن، يبدو أنك تخفي العديد من الأسرار حبيبى.

شعرت امانى بانفطار قلبها مع نطق تلك الفتاة بلفظ التحبب لزوجها بينما استشاطت فرح غيظا من وصف صوفيا لبدر بالوسيم، ونظراتها المعجبة به، كادت أن تقذفها بكلماتها لولا ان شعرت بها امانى فضغطت على يدها تحذرها ابتسم بدر بداخله بخبث وهو يرى ما غاب عن أعين الجميع، رأى غيرة أخيه من اهتمامه بأمانى حتى وان كان اهتماما عابرا ورأى غيرة فرح من صوفيا كما تمزق قلبه وهو يشعر بألم أمانى، متسائلا فى حيرة، كيف لم يلاحظ أخاه ذلك العشق الرابض بعينيها تجاهه ليدرك أنه فعل الصواب حين حادث عمه ليحثه دون كلام مباشر على أن يتصل به ويطلب منه زيارته فى بلدتهم الجميلة، فهناك سيضطر كل زوجين للنوم معا فى حجرة واحدة وربما حينها يظهر جميع الأطراف مشاعرهم الحقيقية، نهض ليقترب من امانى ويمسك يدها فى هدوء، تتابعه الأعين ومنهم عينان تقدحان شررا غاضبا غيورا، ليتجه بها بدر الى حيث يجلس كل من بيجاد وصوفيا قائلا:.

مدام أمانى مرات جاد.
نظرت صوفيا الى بيجاد الذى كان يرمقهم ببرود يخفى نيران متأججة بداخله لتدرك صوفيا من تصلب جسد جاد وبرودة ملامحه أن تلك الأمانى مازالت تحتل قلبه لتشعر بالغيظ يفتك بها، تركت ذراعه وهى تمد لها يد باردة قائلة فى سخرية لم ترق لبدر:
وأنا صوفيا خطيبته.
مدت امانى يد مرتعشة إلى صوفيا، لتسلم الأخيرة عليها من أطراف أصابعها ثم تترك يدها علي الفور وهي تعود لتشبك يدها في ذراع بيجاد قائلة له:.

ألم تقل لي ياجاد أنك انفصلت عنها، إذا لماذا هم مستمرون فى الاطلاق عليها لقب زوجتك؟
أحس الجميع حتي فريدة بالحنق من طريقة حديث صوفيا عن أمانى وجرحها بكلماتها على هذا النحو بينما نظر بيجاد إلى عمق عينى أمانى وهو يجيب صوفيا قائلا:
هذا لأننى لم أطلقها عزيزتى، ولكن لا تقلقى قريبا وقريبا جدا سأفعل.

أحست أمانى أنها لم تعد قادرة علي الاحتمال أكثر من ذلك، تشعر بدوار خفيف، كادت أن تقع ليسرع بدر وفرح بإسنادها ويظهر القلق علي وجه فريدة وهى تقول بسرعة:
قعدوها ياولاد.

أجلسها بدر بينما احضرت لها فرح كوبا من الماء على الفور، يتابعهم بيجاد الذى قفز قلبه رعبا حين رآها تهتز وتكاد تسقط مغشيا عليها، تابعته صوفيا بحنق وهى تدرك قلقه على زوجته ومشاعره التى يخفيها والتى ظهرت في تلك اللحظة، شربت أمانى المياه لتفيق وتشعر بالتحسن على الفور لتنظر إلى الجميع بخجل قائلة:
الظاهر إنى تعبت شوية عشان منمتش كويس بالليل أنا أسفة لو أزعجتكم وبستأذن علشان أرتاح شوية.

لأول مرة تشعر بالحنان فى صوت فريدة منذ أن عرفت بأنها والدة زوجها وهى تقول لها:
آه طبعا، اطلعى ارتاحى، وخليكى معاها يافرح.
أومأت فرح برأسها وهي تمسك بيدها وتسندها لتصعد معها إلى حجرتها بينما عقد بدر حاجبيه قائلا بضيق:
انا مضطر أمشى علشان أخلص شويه شغل متأخر، إعملوا حسابكم هنسافر الصبح عند عمى، عازمنا هناك يومين، بعد اذنكم.

أومأ الجميع برؤوسهم فإتجه بدر للخارج بعد أن رمق أخيه بنظرة احتار بيجاد فى تفسيرها فهى تحمل لوما وعتابا وحزنا كتلك التى ترمقه بها دائما أمانى، وكأنها قد ألقت سحرا على الجميع بوجه ملائكى مخادع واستكانة لاتليق بها، نفض أفكاره حين سألته صوفيا قائلة:
هل في تلك البلد أماكن للسهر حبيبى؟ فأنت تعلم أننى لا أطيق الهدوء.

لم يجيبها بيجاد بل نظر إلى فريدة التى أطرقت برأسها حزنا وهى تدرك أي نوع من الفتيات اختارها ولدها، فتاة لا تصلح له بأى حال من الأحوال.

كانت أميرة تجلس مطالعة ذلك الكتاب الذى ظلت تقرأ في صفحته الأولى قرابة الساعة، لاتستطيع التركيز وهى تعلم ان ظافر يقبع علي بعد مترين بجوارها يطالع بدوره كتابه، يبدو اليوم متباعدا بشكل خطير، لم يتحدث معها أبدا سوى للضرورة ودون أن ينظر إليها وكأنه قرر أن يتجاهلها تماما، او ربما هو غاضب منها، هى حقا لا تدرى، نظرت إليه تتأمله خلسة وتتأمل تلك اللحية الخفيفة التى نمت له أثناء مرضه ولم يحلقها، بل أصبح يشذبها فقط، كم تليق به وكم يبدو جذابا بها، تتساءل لماذا كان يحلقها كل يوم وهى تبدو جميلة عليه بتلك الصورة؟، ليرفع عينيه في تلك اللحظة ويضبطها متلبسة بتأمله، أشاحت بعينيها وهى تنظر إلى كتابها، تأملها فى حيرة يتساءل أكانت صدفة أن رفع عينيه لتتلاقى بعينيها أم أنها كانت تتأمله خلسة كما يفعل هو؟، ترى أتكن بداخلها مشاعر له أم أنه يتوهم ذلك؟ليعود وينفى ذلك الاحتمال فلو كانت تكن له بعض المشاعر لوافقت على الزواج منه، ولم تكن لترفضه أبدا، أحس بغصة فى قلبه، فعندما طلب الزواج منها كان يظن أنه طلبا من باب الشفقه عليها والرغبة في مساعدتها لترفضه حينها، وفى رفضها ما جعله يدرك مشاعره تجاهها بكل وضوح، لقد شعر حينها بالالم يغزو كل كيانه، أدرك أنه يبغيها زوجة له من كل قلبه، فقد وجد فيها توأم روحه التى كانت هائمة في ظلام حالك، لتقترب هي وتقتحم ظلام روحه وتنيره بروحها الطيبة وقوتها الداخلية الصلبة والتي تحملت الكثير وأثارت اعجابه، ليدرك أيضا أنها من يتمناها زوجة تشاركه حياته القاحله الخالية من ايمانه بالعشق، فبعد ان كان عالمه ورديا رومانسيا يزين العشق جنباته ليتحول بالخيانة إلى عالم ظلام لا ضوء فيه ولا شعاع نور، لتأتى هي وتعيد اللون إلى جبناته، ثم تتركه مجددا يتخبط في عالمه المظلم ينتظر استسلامها لتنير حياته مجددا بشعاعها، افاق من افكاره على صوتها يناديه برقه خلبت لبه قائلة:.

ظافر
لعن في سره، أيجب أن يكون اسمه بذلك الجمال من بين شفتيها، نظر إليها بتساؤل دون أن ينطق لتقول مستطردة:
ممكن استعمل تليفونك؟

أومأ برأسه بهدوء لتأخد هاتفه الموضوع علي الطاولة وتضرب الأرقام لتستمع مجددا إلى تلك الرسالة التى تخبرها أن هاتف شقيقتها مغلق وأن عليها اعادة الاتصال بوقت لاحق، لتزفر في قوة وهي تعيد الهاتف إلى مكانه، ويبتسم هو في نفسه خفية يدرك أنها تحاول الاتصال بأختها ولا مجيب وهذا يعنى أنها ستقضي معه أياما اضافية، قد يستطيع خلالها أن يقنعها بالعدول عن رأيها والقبول به زوجا وقد لا يستطيع ولكنه سيحاول، سيحاول بكل مالديه من عزيمه واصرار و، حب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة