قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الرابع والعشرون

دلف بدر الى الحجرة ليجد فرح قد سبقته الى السرير، اقترب منها ليجدها تغلق عينيها بقوة، ابتسم بخبث وهو يدرك تظاهرها بالنوم، تمدد بجوارها ليقترب منها وهو يأخذها بين ذراعيه، أحس بها تتجمد تماما بين يديه بينما استمع الى دقات قلبها التى هدرت بقوة، ظلت متظاهرة بالنوم مغمضة العين بشدة تزم شفتيها، لم يستطع مقاومة مظهرها الطفولى الجميل ليقترب ببطئ من شفتيها مقبلا اياها برقة، لم تستطع فرح أن تتظاهر بالنوم أكثر من ذلك لتتسع عينيها بقوة وهى تبتعد عنه معتدلة وهى تقول بغيظ:.

على فكرة بقى انت قليل الأدب.
ابتسم قائلا:
وانتى ممثلة فاشلة.
قالت بارتباك:
أنا، أنا مكنتش بمثل.
اقترب منها ينظر الى عمق عينيها قائلا:
طب عينى فى عينك كدة.
لم تستطع فرح مواجهة عينيه فى تلك اللحظة لتطرق برأسها قائلة:
عرفت منين؟
تراجع يستند بظهره الى الوسادة، عاقدا يديه خلف رأسه، وهو يبتسم قائلا:.

بعيد عن انك كنت قافلة عنيكى اوى وان قلبك كان بيدق جامد، وده مش ممكن يكون طبيعى بالنسبة لحد نايم، ففى حاجة تانية كمان اكدت لى انك مستحيل تكونى نايمة.
رفعت اليه عينيها فى حيرة قائلة:
ايه هى؟
اتسعت ابتسامته قائلا:
الطريقة اللى كنتى نايمة بيها مش طريقة نومك ابدا.
عقدت حاجبيها قائلة:
مش فاهمة.
اعتدل قائلا فى حنان:
انتى بتنامى وايدك تحت خدك وواخدة وضع الجنين.

اتسعت عينيها فى صدمة فهى تنام بالضبط كما قال لتقول بدهشة:
وعرفت ازاى، احنا كل واحد فينا كان بينام فى أوضة لوحده ودى اول مرة ننام فى اوضة واحدة مع بعض.
أطرق برأسه فى خجل ثم رفع وجهه اليها قائلا:
فاكرة لما كنت مسافر ورجعت متأخر وصحيتى تانى يوم عرفتى انى جيت من السفر بالليل، ودى كانت اول مرة أعملها لإنى مبحبش السفر فى الضلمة.
أومأت برأسها قائلة:
آه فاكرة طبعا.
قال بارتباك:.

كنتى واحشانى، كان بقالى أسبوع بحاله مشفتكيش أول ما خلصت شغل، جيت علطول، ولإنى مكنتش قادر أستنى للصبح عشان أشوفك، دخلت اوضتك وفضلت قاعد جنبك طول الليل ومن بعد الليلة دى اتكررت زياراتى الليلية لاوضتك، كنت بحس براحة غريبة وانا قاعد أدامك أبصلك وده اللى خلانى اتأكدت انك بقيتى حاجة مهمة فى حياتى وانك بدأتى تدخلى قلبى، وده برده اللى خوفنى و خلانى مش عايزك جنبى، خفت يكون حبك نقطة ضعفى وتجرحينى زى ماغيرك جرحنى، بس الجرح المرة دى كان هيموتنى.

استمعت اليه فرح بصدمة، كان يعترف بأنه أحبها منذ زمن، ادراكها بأنه أحبها بكل عيوبها السابقة ملأ قلبها عشقا، واحساسها بأنه كان معها فى لياليها ينظر اليها ويستمتع بقربها فقط جعلها عاجزة عن وصف شعورها الآن، قالت فى لهفة:
يعنى انت كنت بتحبنى قبل ما أتغير يابدر؟
ابتسم يتأمل ملامحها الملهوفة قائلا:.

من يوم عنيكى ما جت فى عينية فى عزا جدى، وأنا عنيكى مفارقتش أحلامى، نظرتهم الخجولة البريئة، ولما قريت وصية جدى قبلت بيها وكان ممكن ارفضها وأطعن فيها بس أوهمت نفسى ان مفيش حل تانى وانى مجبور عشان ابرر رغبتى فى الارتباط بيكى، ولما اتجوزتك حاولت مستسلمش لمشاعرى من ناحيتك وبعدت عنك، طيبتك وحبك واهتمامك كانوا ظاهرين فى كل تصرفاتك، وكانوا بيجذبونى ليكى، قاومت مشاعر حسيتها بتضعفنى وبتخلينى عايز جوازنا يبقى حقيقة، حاولت أقنع نفسى انك زيك زى بنات جنسك خاينين، بس من جوايا كنت عارف انك مش كدة، لغاية ما هربتى، ساعتها وحشتينى اوى وعرفت أد ايه انتى غالية علية، كنت لغاية اللحظة دى معترفتش حتى لنفسى انى بحبك، بس احساسى انك ممكن تضيعى منى وان احساسك ممكن يكون اتغير من ناحيتى خلانى أفوق واعترف بحبى ليكى، اللى كان موقفنى أعترفلك هو خوفى من ان مشاعرك تكون اتغيرت، صحيح كانوا بيظهروا فى عنيكى بس كانوا بيختفوا من تانى، مبقتش عارف أصدق عنيكى ولا أصدق تصرفاتك اللى كلها بترفضنى.

سقطت دموع فرح رغما عنها ليمد بدر يده فى حنان يمسحهم وهو يقول:
دموعك غالية علية أوى يافرح، ياما نزلوا بسببى، كنت غبى بس خلاص قررت أنسى غبائى، أنا محتاجلك فى حياتى، محتاج حبك، حنانك، ياترى يافرح لسة بتحبينى وموافقة تكملى معايا؟
نظرت الى عينيه بعشق قائلة:
انت لسة بتسأل يابدر؟أنا عمرى ماحبك فى قلبى قل ولو شوية، انت كل أحلامى، حياتى كلها، توأم روحى يابدر.
تأمل عينيها بشوق ليقترب منها هامسا أمام شفتيها:.

وانتى توأم روحى يافرح.
ليقبلها بشوق، بعشق اجتاح كيانها لتستسلم الى قبلاته وتبادله اياها بقوة ليغرقا سويا فى بحر العشق، يتيهان بين امواجه المتلاطمة بشوق.

كان بيجاد يزرع الحجرة ذهابا وايابا تجتاحه الأفكار، لقد كاد أن يفقدها اليوم، كادت أن تضيع منه للأبد، ماذا لو لم يصل بالوقت المناسب، ماذا لو...
نفض أفكاره بقوة ليؤنب نفسه وبشدة، لماذا لا يزال يهتم بها؟لماذا تؤثر به بتلك القوة رغم كل ما فعلته به، لماذا مايزال يعشقها؟لماذ؟

تناهى الى مسامعه صوت أنين مكتوم ليعقد حاجبيه فى حيرة، وينصت بقوة ليدرك أنه صوت أنينها، نعم انها هى، أمانى، الصوت يأتيه من حجرتها التى تجاور حجرته، أسرع بالخروج من حجرته والدلوف الى حجرتها دون استئذان ليغلق خلفه الباب، وجدها تجلس على سريرها، تضم ركبتيها الى صدرها، تهتز برتابة وتصدر صوتا أشبه بالأنين، أدرك أنها تعانى آثار ما بعد الصدمة فأسرع اليها وشدها من يدها ليأخذها بين ذراعيه، تمسكت بمنامته بشدة، ليزيد من ضمه اياها، قائلا بهمس حنون:.

عيطى ياأمانى، عيطى.

وكأن كلمته تلك هى ما كانت تنتظرها لتبكى بشدة وتتساقط دموعها، ترتجف كعصفور مبتل ليربت هو على ظهرها وهو يزيد من احتضانها يود لو أدخلها داخل صدره ليحميها من أوجاعها، تشهق شهقات جعلت خافقه يإن لأجلها، لم يستطع احتمال دموعها، لا يهمه الآن ماالذى فعلته به ولا يحاول تذكره، كل ما يهمه الآن هو كيف يخفف عنها ألمها، هدأت شهقاتها وأحس بها تسترخى قليلا بين ذراعيه ليمددها على السرير ويمسك منديله يمسح به دموعها، تعلقت عينيه بعينيها التى نظرت اليه بعشق، بنظرة لطالما طاردت أحلامه، كاد أن يضعف ولكنه افاق لينهض ويلتفت مغادرا وجدها تمسك بيده بقوة، تتشبث بها، نظر الى يدها المتشبثة بيده ثم الى عينيها ونظراتها المتوسلة لتدعمهم كلمتها الهامسة الراجية وهى تقول:.

متسيبنيش.
ليعود اليها ضاربا بكل الأسباب التى تمنعه عنها عرض الحائط، ليجتاحها بقبلاته، انها قبلات عاشق ابتعد سنوات عن محبوبته ليجدها فجأة أمامه تطالبه بالاستسلام لعشقه، وقد استسلم حتى لو أصابه الندم بعد ذلك فلا يهم، ما يهمه الآن أنه هنا بين ذراعى حبيبته أمانى، وكفى.

استيقظ ظافر مبكرا فقد أراد أن يرى أميرة، كم افتقدها بالأمس، أكان لابد وأن يثير غيرتها بتلك الطريقة التى لم يجنى منها سوى عذاب قلبه لعدم رؤيتها، طرق بابها بلهفة، فلم تجيبه، طرق بقوة أكبر فلم تجيبه أيضا، فتح الباب فلم يجدها، عقد حاجبيه بحيرة يتساءل عن مكان وجودها، ربما هى فى الأسفل تعد الطعام أو ربما بالحديقة، بحث عنها فى كل مكان فلم يجدها، ترى الى أين ذهبت؟صعد مجددا الى حجرتها وقلبه يتوجس خيفة، يخشى أفكاره السوداء، والتى تخبره أنها قد رحلت، ابتعدت عن حياته، فتح الخزانة فلم يجد بها حقيبتها الصغيرة ليغمض عينيه بيأس، لقد رحلت ولكن أين يجدها؟كل ما يعرفه عنها هو اسمها ومكان عملها والذى بالتأكيد لن تذهب اليه، يبدو أنه كان مخطئا حين ظن أنها تهتم به وأن ما رآه بعينيها من حب وغيرة لم يكن سوى أوهامه، وهاهى تتركه وترحل دون حتى كلمة وداع، نهض يمرر يده فى شعره بحزن، يتساءل فى مرارة، لماذا جاءت الى مكانه الذى يبتعد فيه عن البشر؟لماذا اقتحمت حياته وعلقته بها ان كانت تنوى الرحيل، لماذا تسللت الى قلبه رغما عنه ثم جعلته يعانى عذاب فقدها؟، ضرب بقدمه هذا الكومود ليقع ارضا وتخرج محتوياته التى لم تكن سوى دفتر ورقى وقلم، انحنى ظافر وأمسكه بين يديه ليفتحه ويلاحظ خطها المنمق الجميل على الفور، كتبت فى منتصف السطر(رسالة إلى كاتبى التى وضع عليها خطا وتبدلت الى توأم روحى).

أحس بدقات قلبه تزداد قوة، ترى أتقصده بتلك الكلمات؟، جرت عيناه على سطور رسالتها بقلب ملهوف والتى تقول فيها.

《يامن أحببتك منذ أن عرفت للحب عنوان، فقد تعلمته على يديك من خلال رواياتك، جعلتنى أرى الحب مجسدا فى ابطالك، وانتقلت الي كل مشاعر حملتها كلماتك، لأعشق كاتبا أيقنت انه يحمل الحب داخل طيات قلبه، ثم رأيتك، لا أنكر انه رغم برودك وجفاءك انجذبت اليك، الى عينيك التى حملت لى لغزا حاولت سبر أغواره وبمرور الأيام وجدت فيك توأما لروحى وصديق لوجدانى، حتى اليوم الذى أخبرتك فيه بمكنون صدرى وخبايا ماضي لتعرض علي اقترانا هفا اليه قلبى ورفضه عقلى، فلم أكن أريد منك شفقة بل أردت عشقا يطفئ لهيب قلب أشعلته المشاعر، عشق يغمر جفاء لياليه حنانا، أريد اجتياح مشاعر تطمأن قلب قاس ماضيه وحاضره، ويرى فيك فقط مستقبله، يرى فيك واحة أمان لطالما انتظر أن يجدها، لم أعد أريدك مشفقا بل عاشقا مخلصا، أبغى ذاتى المتمثلة فى روحك، ياتوأم الروح.

《A.

أمسك الرسالة يعيد قرائتها مرة تلو الأخرى، لا يصدق اعترافها الذى زلزل كيانه، اذا هى تحبه كما خطت كلماتها، أحس بقلبه يطير سعادة ثم لم يلبث أن عقد حاجبيه يتساءل بحيرة اذا كانت بالفعل قد أحبته اذا لماذا رحلت دون كلمة؟، أتكون الغيرة من جعلتها ترحل؟، ليلعن غبائه الذى كاد أن يضيعها منه، ارتسم بعينيه التصميم وهو ينوى معرفة الى أين ذهبت ليلحق بها ويعيدها اليه، ولكن يبقى أن يعرف فقط الى أين تراها قد ذهبت؟

استيقظ بيجاد يشعر بالدفء يحيط به وتتسلل الى أنفه رائحة عطرة يعرفها جيدا، ليفتح عينيه مرة واحدة وينظر الى أمانى التى تنام كالملاك، يحيطها بذراعيه، أغمض عينيه مجددا يلعن استسلامه لمشاعره، استسلامه لمن خانت عهده، يلعن ضعفه تجاهها، ابتعد عنها ببطئ فهو لا يريدها ان تستيقظ الآن، لا يريد مواجهتها على الاطلاق، ارتدى ملابسه على عجل ثم اتجه لمغادرة الحجرة ليتوقف ويلتفت ملقيا عليها نظرة أخيرة قبل أن يغلق الباب بهدوء، وضع رأسه على الباب وهو يغمض عينيه بألم، يشعر بالضياع، ليزفر بقوة وهو يبتعد عن حجرتها ويدلف الى حجرته مغلقا الباب خلفه، غافلا عن عينين كادتا صاحبتهما أن تقتله بنظرتهما وهى تراه يخرج من حجرة غريمتها فى هذا الوقت المبكر لتدرك أيضا أن عليها التخلص منها بأسرع وقت وعلى مجدى التحرك سريعا.

قال عاصم لمحدثه فى الهاتف بهدوء:
عملت ايه ياربيع؟
قال ربيع:
كله تمام ياعاصم بيه، البضاعة معدتش موجودة فى المخازن.
قال عاصم:
وديتهم المخزن القديم.
قال ربيع:
أيوة ياباشا، وزودت الحراسة كمان
ابتسم عاصم قائلا:
كدة تمام اوى، مش عايزة اوصيك ياربيع، مش عايز ولا غلطة.
قال ربيع:
اطمن ياباشا، ده انا تربيتك.
قال عاصم:
وانت فين دلوقتى؟
سمع عاصم طرقات على الباب قبل ان يدلف الطارق الى المكتب وربيع يقول:.

رايح ع الفيوم عشان أجيب أميرة هان...
قاطعه عاصم قائلا:
ملوش لزوم ياربيع، لف وارجع.
قال ربيع بضيق:
ليه بس يافندم حصل حاجة؟
قال عاصم:
اميرة هانم واقفة أدامى دلوقتى ياربيع.
ليغلق عاصم الهاتف وهو ينظر الى أميرة التى وقفت أمامه بكل هدوء قائلة:
أنا تحت أمرك يابابا، لو عايز تجوزنى معتز..؟
لتصمت للحظة، تبتلع فيها ريقها قبل أن تستطرد قائلة:
أنا موافقة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة