قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

كادت فرح أن تدلف الى حجرة المكتب حيث يوجد زوجها بدر ولكن يدها توقفت قبل أن تصل الى مقبض الباب وهى تستمع الى صوت فريدة زوجة عمها المتوفى وحماتها وهى تقول بعصبية:
حرام عليك يابدر فرح ذنبها ايه بس؟
قال بدر بغضب:.

وأنا ذنبى ايه؟ها؟قوليلى ذنبى ايه؟، جدى كتب فى وصيته انى لازم أتجوز فرح بنت عمى عشان اقدر آخد ميراثى، خلانى بين نارين ياأرفض اتجوزها واتحرم من الميراث يااقبل اتجوز واحدة مشفتهاش غير مرة واحدة يوم وفاته، عشان أقدر آخد حقى، وقبلت أتجوزها، حتة فلاحة جاهلة لا منظر ولا شكل، مربعة ومتغطية من فوقها لتحتها بعباية فلاحى وطرحة، حاجة تسد النفس.
ليزفر بقوة ثم يقول:.

أعمل ايه بس؟مش طايقها ومش عايز ابص فى وشها وعشان كدة مقضى أغلب أوقاتى برة.

اغروقت عينا فرح بالدموع، أدركت الآن لماذا يعاملها بدر بتلك الطريقة الجافة، كانت تظن أنه يعاملها هكذا لأنهما مازالا متزوجين حديثا و غريبين عن بعضهما رغم صلة القرابة بينهما، فلم يكونا أبدا على اتصال، حتى توفى جدها ورأته للمرة الأولى فى العزاء، وقعت فى غرامه منذ اللحظة الأولى فقد كانت تدخل صينية القهوة الى ضيوف أبيها، أخذها منها أقربهم الى الباب، كانت مطرقة الرأس حينها ولكن ما ان استمعت لصوته الرجولى الجذاب وهو يشكرها حتى رفعت عينيها اليه فتلاقتا بعينيه لثوان سرق فيهم لبها ليكون هو اول من يشيح بنظراته بعيدا عنها آخذا معه الصينية وشيئا آخر، قلبها.

كم شعرت بالسعادة عندما علمت بعد ذلك انه ابن عمها وانه يطلبها للزواج، لقد ظنت أنه بادلها مشاعرها، لم تكن تعلم أن زواجه منها بسبب وصية لعينة، نزلت دموعها تنعى قلب تمزق الى أشلاء، فكم آلمها وصفه اياها، وكم جرحتها كلماته، أفاقت من أفكارها على صوت فريدة تقول فى حزن:.

ياابنى افهمنى حرام عليك، اللى انت ناوى تعمله فى البنت ده ميرضيش ربنا، طلاق ايه اللى بتفكر فيه، ، حاول تتفاهم معاها، البنت مش زى ما انت فاكر، هى يمكن خجولة شوية، وسمينة حبتين، ولبسها ملخبط، بس مش وحشة وطيبة اوى وييجى منها، حاول انت بس معاها وأكيد هتتغير.
قال بدر بملل:.

تتغير ايه ياماما؟، مستحيل تتغير، تعرفى انا ابتديت أحسد أخويا انه مسافر، لو كنت هناك بداله، كان هو اللى اتدبس التدبيسة الهباب دى وأنا بقى كنت هبقى عايش سلطان زمانى هناك.
قالت فريدة فى حزن:.

سيب أخوك باللى هو فيه، مش كفاية انى طول عمرى محرومة منه بسبب أهل ابوه، لأ ويوم ما يرجعلى ألاقيه متحطم بسبب التجربة اللى مر بيها ويقرر يسافر برة، ده بقى واحد تانى خالص، كل همه الشغل والفلوس أما المشاعر فبرا حساباته، وبعدين مكنش ينفع يتجوز فرح، الوصية بتقول ابن عمها اللى يتجوزها، وجاد ابنى من جوزى الأولانى، انما انت ابن عمها الوحيد وكان شرط جدك انك تتجوزها يااما الفلوس تروح للأعمال الخيرية.

أغمضت فرح عينيها بألم تستمع لحقائق تدركها لأول مرة، تساقطت دموعها على وجنتيها بغزارة، وهى تشعر بالانهيار الداخلى، تود لو جاءها الموت فى تلك اللحظة ليريحها من ذلك الألم الذى يغمر كيانها.
قال بدر فى غضب:.

لولا الوصية دى مكنتش اتحطيت فى الوضع اللى أنا فيه دلوقتى، ولولا انى كنت محتاج للفلوس عشان أكبر شركتى وأقبل العقود اللى كانت متقدمة ليها مكنتش اضطريت أتحمل البنى آدمة دى طول الفترة اللى فاتت، دى خرسا ياماما، كل اللى بتقوله حاضر ياسى بدر ومن عينية ياسى بدر، أحضرلك العشا ياسى زفت، حاجة تخنق وتفقع المرارة.

لم تستطع فرح أن تستمع أكثر الى كلمات بدر القاسية والمهينة لها، اندفعت مغادرة المنزل بسرعة، لتصطدم فى طريقها بتلك الطاولة الصغيرة وتوقع تلك المزهرية القابعة فوقها لتتحطم محدثة دويا ولكنها لم تهتم بل أكملت طريقها لتغادر ذلك المنزل ربما للأبد، فلا نية لديها للعودة إليه مجددا
، بينما خرج كل من بدر وفريدة على صوت التحطم ليرون الطاولة على الأرض وباب المنزل مفتوحا، نظرت فريدة الى بدر بقلق قائلة:.

تفتكر فرح تكون سمعتنا؟
قال بدر ببرود:
وافرضى؟
قالت فريدة فى صدمة:
تبقى هترجع لأهلها.
قال بدر فى برود:
تبقى جت منها، ترجع لأهلها وتريحنا ياماما.
نظرت اليه فريدة فى غضب قائلة:
انت جايب البرود ده منين؟انت عارف لو فرح رجعت وحكت لباباها الحاج على كل اللى سمعته هنا، هيعمل فيك إيه؟
هز بدر كتفيه قائلا بلا مبالاة:
يعمل اللى يعمله، أنا خلاص مبقتش قادر أتحملها ولا أتحمل حياتى معاها بالشكل ده، سلام ياماما.

ليمشى بدر بخطوات مسرعة ويغادر المنزل بدوره، هزت فريدة رأسها بأسى قائلة:
ياخسارة يافريدة، محدش من ولادك سعيد فى حياته، تعبانين وتاعبين قلبك معاهم، ياترى ياولادى هييجى اليوم اللى هشوفكم فيه مبسوطين ومرتاحين ولا هعيش عمرى أتحسر عليكم؟
ليجيبها الصمت المطبق وتظل أسئلتها بلا اجابة، فى الوقت الحاضر.

كانت أمانى تقود سيارتها عائدة الى منزلها بعد أن أحست بقليل من الراحة وتغلبت مجددا على أحزانها وزكرياتها المريرة، عندما رن هاتفها، ابتسمت أمانى عندما وجدت رقم هاتف أختها أميرة ينير شاشة هاتفها، عادت بعينيها الى الطريق وهى تجيب هاتفها قائلة فى مرح:
ميرا، قلبى، وحشتينى
قالت أميرة:
وحشتينى أكتر ياأمانى.
التقطت اذنا أمانى نبرة صوت أختها الحزينة على الفور لتقول بقلق:
مالك ياأميرة، فيكى ايه؟

زفرت أميرة قائلة:
أنا هربت من بابا ياأمانى.
كادت أمانى ان تصطدم بتلك السيارة أمامها وهى تسمع كلمات اختها الصادمة، لتتفادى الاصطدام بصعوبة وهى تقول فى جزع:
ايه اللى خلاكى تعملى كدة ياأميرة؟
تنهدت أميرة قائلة:.

كان لازم أعمل كدة من زمان ياأميرة، كان لازم أهرب من ساعة ماهربتى، ياريتنى هربت من ساعتها وجيت عشت معاكى، احسن من العذاب اللى شفته مع بابا طول السنين اللى فاتت دى، أنا أستحملت تحكماته، قسوته، بس توصل انه عايز يجوزنى غصب عنى يبقى لأ وألف لأ كمان، شريك حياتى أنا اللى هختاره ياأمانى، محدش هيفرضه علية.
قالت أمانى بحزم:
طب اهدى ياأميرة وقوليلى هربتى ازاى وانتى فين دلوقتى؟
قالت أميرة:.

انا لسة هربانة حالا، لبست لبس دادة اعتدال وهربت من الفيلا وقلت اكلمك أقولك قبل ماارمى الموبايل لأنه اكيد هيوصلى عن طريقه، هسافر الفيوم وهقعد فى بيتنا اللى هناك، ده المكان الوحيد اللى بابا مش هيشك انى موجودة فيه، هو عارف بكرهه أد ايه، ده غير انه فاضى ومعليهوش حراسة، أول ما هوصل هناك هجيب تليفون جديد وخط جديد وهكلمك، وأول ما هتأكد انى مش متراقبة وان مفيش حد ورايا هجيلك اسكندرية، تمام؟

قالت امانى بهدوء:
تمام يااميرة، بس خلى بالك من نفسك ومن الطريق وأول ما تجيبى الموبايل طمنينى عليكى علطول.
قالت أميرة:
ماشى ياأمانى، بس ممكن ده ياخد وقت فمتقلقيش، خدى بالك انتى كمان من نفسك، هكلمك بعدين، سلام ياحبيبتى
قالت امانى:
سلام ياميرا.

أزالت أمانى السماعة من اذنها وهى تفكر ف حال أختها الذى أعاد إليها الذكريات مجددا، تتذكر هروبها بدورها من أبيها، تتساءل لماذا يقسو عليهما أباهما بهذا الشكل؟تذكرت والدتها الآن وكم عانت مع هذا الرجل وتحملت قسوته وجبرووته حتى...

قاطع حبل أفكارها ظهور تلك الفتاة فجأة أمامها لتحاول كبح فرامل سيارتها بقوة متفادية الاصطدام بها ولكن لم تكن محاولتها بالقوة الكافية لتشعر بجسد الفتاة يصطدم بالسيارة قبل ان تتوقف نهائيا.
شعرت أمانى بالرهبة، بالخوف والجزع، كانت تخشى نزولها من السيارة ولكن لابد وأن تنزل لترى مصير تلك الفتاة، نزلت بسرعة وهى تخشى كل ما هو آت.

قال عاصم فى غضب:
يعنى ايه هربت؟وهربت ازاى؟
قال ربيع الذراع الأيمن لعاصم فى توتر:
اللى عرفته انها اتنكرت فى لبس اعتدال وخرجت على انها هى.
طرق عاصم على المكتب بقوة وهو يهدر قائلا:
والبهايم اللى برا دول ازاى يسمحولها تخرج أمال لو مكنتش قايل محدش يخرج من الفيلا غير باذنى.
قال ربيع بهدوء:.

حضرتك قلت أميرة هانم بس اللى متخرجش من غير اذنك، التعليمات كانت واضحة وصريحة يافندم، الحرس عندهم التعليمات دى وبس، وطبعا الحرس متخيلوش ان أميرة هانم هتلبس لبس الخدامين وتهرب بالشكل ده وبالسرعة دى كمان.
قال عاصم بحدة:
متخيلوش؟ربيع انت شكلك خرفت، متخلينيش أستغنى عنك وأنا مربيك على ايدى، طقم الحراسة كله يتغير وتجيبلى ناس بتفهم.
ليأخذ نفسا عميقا وهو يحاول أن يتمالك أعصابه قبل أن يستطرد قائلا:.

وانت بنفسك اللى تدورلى على أميرة وتعرفلى راحت فين؟عايز فى خلال يومين بالكتير اعرف راحت فين ومين اللى ساعدها وكان ورا هروبها وألاقيها أدامى هنا، مفهوم ياربيع؟
اومأ ربيع برأسه قائلا بحزم:
مفهوم ياعاصم بيه، بعد اذنك
أشار له عاصم بالانصراف ليغادر ربيع تتبعه عينا عاصم الذى نظر الى صورة ابنته القابعة على مكتبه وهو يقول بقسوة:.

بتتحدينى ياأميرة، بتعملى زى أختك، ماشى، مبقاش أنا عاصم السلحدار ان ماخليتك ترجعى زى الكلبة راكعة تحت رجلية وتتمنى رضايا يابنت نجاة.

ليضرب برواز الصورة بيده فى غضب ليقع وينكسر زجاجه، نظر إليه بقسوة ثم أمسك غليونه وأخذ منه نفسا عميقا لينفثه بهدوء وهو يفكر فى خطواته القادمة بحذر شديد، فعليه أن يماطل صديقه محمود حتى يعرف مكان ابنته فقد عرض صديقه عليه الشراكة بمساهمته بمبلغ كبير قد ينقذ شركته من الافلاس شريطة أن يزوج عاصم ابنته من معتز ابن محمود فمعتز يودها زوجة له بأى ثمن وعاصم مستعد للتضحية بالجميع من اجل المال والسلطة، نعم سيحاول أن يبرر تأخره بالرد عليه، ربما سيقول انها سافرت لحضور حفل زفاف صديقتها او زيارة خالتها المريضة وأنه سيعرض عليها الأمر فور عودتها، ولكن عليه أن يعيد أميرة الى المنزل ويجبرها على الزواج من معتز ليحصل على المال بأسرع وقت، سيحصل على ذلك المال مهما كان الثمن، نعم مهما كان الثمن.

قالت فريدة لمحدثها بالهاتف فى سعادة:
بجد فرحتنى ياحبيبى، خلاص هنستناك، أكيد، أول ماتحجز الطيارة اتصل بينا علطول، ماشى ياحبيبى، لا إله إلا الله
أغلقت الهاتف لتضمه الى صدرها بسعادة، انتفضت على صوت بدر وهو يقول:
أكيد اخويا حبيبى اللى كان بيكلمك ومخليكى طايرة كدة من السعادة.
التفتت اليه وهى تعقد حاجبيها قائلة:.

مش هتبطل تخضنى بالشكل ده؟أيوة ياسيدى هو، ابنى حبيبى ربنا يخليهولى فرح قلبى بخبر رجوعه، مش انت اللى تاعب قلبى، بقى مراتك يابدر تخرج من البيت فى وقت متأخر ولا يهمك، لأ وكمان تخرج تتسرمح وترجع نص الليل ومتسألش عنها، مش عارفة جايب البرود ده منين ياأخى؟
قال بدر بملل:
يووه بقى ياماما، احنا مش هنخلص من الموال ده، فرح أكيد رجعت لأهلها واكيد هتكون مرتاحة أكتر هناك.
ليستطرد بتردد قائلا:.

انتى اتصلتى بباباها واتأكدتى انها راحت مش كدة؟
قالت فريدة بنفى:
لأ طبعا، انتى عايزنى اتصل بالحاج على فى نص الليل وأسأله عنها، ده كان قلب الدنيا.
أطرق بدر برأسه للحظة ليعود البرود الى ملامحه قائلا:.

متقلقيش أكيد روحت هى مش طفلة صغيرة هتوه ومش هتعرف ترجع البلد، بصى فكك بقى من الموضوع ده، فرح ورجعت لحضن عيلتها من تانى والشركة ووقفت على رجليها، وأنا وتمام أوى كدة، خليكى انتى بقى مع ابنك التانى، حبيبك اللى مريح قلبك، وسيبك منى ياست الكل، سلام بقى أنا طالع أنام، تعبان أوى وورايا مواعيد مهمة الصبح، تصبحى على خير
لم ترد عليه فريدة بل تابعته بغيظ وهو يغادر صاعدا الى حجرته لتهز رأسها قائلة فى يأس:.

اللى ما سألنى أخوه هيرجع امتى، الواد ده جراله ايه بس؟يلا كلها شهر وأخوه يرجع ويظبطه ولغاية ما يعدى الشهر ده مش هطلب من ربنا غير حاجة واحدة بس.
لتنظر الى السماء قائلة فى رجاء: صبرنى يااارب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة