رواية تمرد عاشق الجزء الثاني للكاتبة سيلا وليد الفصل الثاني عشر
وكأن الحياة أقسمت أن تجعلنا نتألم دائماً.!
-وقف بيجاد أمامه
-عمو جواد لازم تعمل تحليل DNA البنت دي قلبي بيقولي أنها غنى
سحبه واجلسه عندما وجد ذهوله وعيناه الشاردة فأردف
-فاكر علاقتي بغنى صح، يعني مفيش تفصيلة فيها إلا حفظتها
حل الصمت كضيفا بينهما، فرفع جواد كالتائه وبلسان ثقيل
-أنا حاسس بكدا، بس ازاي وهما بيقولوا أنها بنتهم
-كدابين والله ياعموا، انت اكتر واحد تقدر تثبت دا
هز رأسه رافضا حديثه.
-الموضوع مش سهل يابني زي ماانت متخيل
ركل المقعد بقدمه وثار غاضبا
-بقولك دي غنى ياعمو، ازاي محستش بيها، حبها ليك دا حب ابوي بس هي مش فاهمة، احساسها صح بس مش عارفة تترجمه
كور قبضته عندما تذكر حديثها؛ مما أدمى قلبه، مسح وجهه وارجع خصلاته للخلف
-هشوف الموضوع دا يابيجاد
جثى أمامه واردف
-وعد ياعمو، وعد لازم تشوفه
بعد عدة أيام.
خرج من معمل التحليل، ينظر في كل الاتجاهات بلا هوادة، نظر لسيارته التي تركن جانبا. ثم تحرك بخطى بطيئة يسير بالشوارع شاردا، وطعنات تنحره بقوة من الأقارب
ظل يسير ولا يعلم لأي خُطى سيأخذه الحال. تذكر ذاك اليوم الذي رجع بهما من فرنسا
كان يقف أمامهم يمارس أقصى درجات ضبط النفس كي لا يذبحهما بما فعلوا، فهو وصل من خلال هواتفهما إنهما السبب الرئيسي بخطف ابنته.
آهة حارقة خرجت من صدره تكوي بلهيب من يصطدمها، جلس بجانب حديقة عامة ينظر لسرعة السيارات في الشوارع
اطبق جفنيه بوجع لو توزع على عالمه ليكفيه حرقة
تذكر تلك المكالمة
فلاش باك
-أيوة يامنال كله تمام البنت اخدوها بقالهم نص ساعة اتصرفي وسفريها قبل ماجواد يرجع لطبيعته، هو دلوقتي بيدور زي المجنون
علي الجانب الآخر
- تهكمت منال وضحكت ضحكات صاخبة وأردفت بسعادة.
- يستاهل ابن الألفي. كدا ناري بردت والحمد لله هو اللي بدأ والبادي أظلم، ياله عقبال ولاده الباقيين، ثم تذكرت شيئا
بقولك ياأشجان اللي يدلك عشرة مليون كمان وتخلصي من واحد من ولاده التانين كمان. ثم وقفت متحركة تنظر للخارج وأردفت بمقت
-لازم أحرق قلبه على ولاده كلهم، هخليه يتمنى انه مخلفش. تعرفي إن خطف البنت أحسن من موتها مع إن كان نفسي في الولد أهو نخلص من جاسر وذكراه
قاطعتها أشجان.
-المهم انتِ عايزة تخطفي حد في الوقت دا، هيكون صعب أوي. الدنيا ملغمة مقدرش اقرب حتى من البيت
ضيقت عيناها وأردفت بخبث
-لا مش بنتك عندها كورونا على ماأظن.
تفاجأت بها أشجان وأردفت
-أمل أيوة إيه اللي جاب بنتي في الموضوع
زيارة بسيطة لغزل هانم وحضن مع شوية قُبلات للعيال، سمعت إن بنتهم عندها مشاكل في القلب، دا اللي وصلني، وكمان كان المفروض يسافروا بيها يعملولها عملية في القلب
هزت أشجان رأسها وأردفت
-ايوة حسين قالي كدا.
ضحكت بصخب، خلاص ياشوشو اعملي اللي قولت عليه والفلوس هتكون في حسابك النهاردة، ولو حصل اللي في بالي ليكي إدهم كمان، شاووو ياشوشو.
أفاق من تلك المكالمة التي حولت حياته لجحيم تمنى لو منال التي فعلت ذلك كان ألمه سيكون أخف حدة.
صرخة بآهة عالية خرجت من جوف حسرته تنبع من أعماق قلبه...
قبض على ركبتيه بكفيه حتى ابيضت مفاصله
-اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن آمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك. عدلا فيى قضاؤك. أسألك بكل إسم لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك. أو علمته أحد من خلقك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي.
صار يكرر ذلك الدعاء حتى يذهب عنه غضبه، يارب أخرجني من حولي لحولك ومن ضعفي لقوتك
-يارب إني عبدك الضعيف فقويه بإيمانك
مسح على وجهه وحاول أن يتنفس بهدوء عندما شعر بآنفاسه الثقيلة من كثرة الهموم
ولما لا وزوجته أصبحث أثقلهم هما
استند بظهره على المقعد خلفه وتذكر ليلة أمس مع زوجته التي فاقت قدرتها على الإحتمال
بسط يديه إليها
-تعالي حبيبتي نطلع أوضتنا ونتكلم براحتنا. مش عايزين الولاد ياخدوا بالهم خصوصا رُبى.
نهضت واقفة، ضمها من أكتافها مقبّل رأسها. متجها لغرفتهما
قابلهما ياسين على درجات السُلم
-مساء الفل ياحضرة اللوا، إيه يابابا مبقتش أشوف حضرتك زي الأول، البلد دي أحسن من غيرها ياحضرة اللوا
جذبه جواد مقبلا رأسه
-بتلعب على أبوك ياحضرة الضابط، المهم رايح فين كدا
نازل النادي من زمان ملعبتش باسكت وغلبت يحيى
أومأ برأسه متحركا للأعلى وتحدث
-خلي بالك ياحبيبي من نفسك
تمام يابص، سلام وسهرة سعيدة مع غزالتك.
نظر إليه فاغرا فاهه
-نعم يااخويا بتقول إيه. بتطاول عليا ياسين
توقف ياسين عن السير: -آسف حضرتك، مكنش قصدي اتعدى حدودي مع معاليك ياباشا
هبط جواد درجتين واقفا أمامه
- متبقاش أهبل يالا، بهزر معاك ثم أشار بسبابته وتحدث: - لكن دا ميمنعش إن اللي بيني أنا وماما خاص بينا وحدنا مينفعش حد فيكم يتجاوزها تمام
قبّل كتف والده مبتسما: -تمام معاليك ياحضرة اللوا عُلم ويُنفذ.
ابتسم له بهدوء. وراحت ذاكرته لأبنته الغائبة التي وجد تربيتها الغير سوية. تخطت حدودها في المعقول
كانت تقف تراقب زوجها وتستمع لحواره مع ولدها مبتسمة بحب إليهما
- جواد، أردفت بها غزل به
رفع نظره إليها، نظرة ضالا عن طريقه ثم انتابه الضياع إلى أن وجد ضالته في تلك العيون التي تذيب لهيبه لتحوله لثلج يبرد به صدره.
تلك نظراتها التي تقاوم ضجيج قلبه وضعف عيناه بالحزن والحب في آن واحد. راقبته بعيناها المرتعشة وقلبها الذي تزيد دقاته بصخب وصدرها الذي يعلو ويهبط من شدة مشاعرها وعشقها الدفين بخبايا السنين
صعد بهدوء إلى أن وصل إليها وضمها من خصرها ثم تحرك لغرفتهما
جلس على أريكة بغرفته ضاماها لأحضانه كطفل رضيع. يريد حنان والدته
-حبيبك سامعك. اشكيله ياقلبي وهو هيسمعك بقلبه وبكل جوارحه.
رفعت رأسها ومازالت بأحضانه وتقابلت النظرات في حديث ملام طويل. ترقرقت عيناها بالدمع وأشارت على قلبه
-عايزة اشكيلك من دا، ماله؟ ليه بعيد عن حبيبه الأيام دي. بقاله فترة مش حاسس باللي حواليه
كل ماعليه إلا أن التقط ثغرها حتى باتت كل جوارحها تتمنى قربه أكثر فأكثر
فصل قُبلته عندما أحتاج لبعض الهواء.
ظل يربت على خصلاتها. فقد كان بارعا في ترطيب جفاف روحها الغائرة، مصافحا قلبها بنظراته التي تشبه زخات المطر في يوما عاصفا
لامس خديها متنهدا بحزن
- عندي شوية مشاكل جبارة في الشغل، غير بعض الشركات دخلت في قضايا ضرايب وتزوير وهم كبير، ثم رفع نظره
- وطبعا موضوع ربى ومليكة اللي حستها واخدة جنب من وقت اللي حصل
مشاكلي كتير أوي حبيبي. ومحتاجة مني طاقة وللأسف ياغزل طاقتي خلصت ومبقاش ليا قدرة على التحمل.
استدارت بجلستها فأصبحت بأحضانه كاملة. نظرت إليه بتمعن وترقب
-الكلام دا ممكن تقوله لحد من الولاد ياجواد. أو حد تاني، أي حد غير غزل.
نزل بنظره للأسفل عندما فقد قدرته على النظر بعينيها فهي تفهمه من نظراته
رفعت ذقنه ونظرت لمقلتيه
-غزل حافظة جواد أكتر من جواد نفسه فبلاش تستخف بقلبي ياحبيب قلبي
ابتلع غصة بجوفه وحاول الإبتسام عله يسيطر على نفسه أمامها. فاليوم اكتفى من الصدمات.
عقد كفيه خلف ظهرها جاذا إياها إليه حتى تقلصت المسافة بينهما وهو يحاوطها بنظراته العاشقة فلفحت أنفاسه الحارة ملامحها الجميلة
-سيبك من دا كله وقولي كل الستات اللي بتكبر بتحلو كدا ولا غزالتي بس
انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ولمعت عيناه بحزن ثم وقفت متجهة للخزانة
-هحضرلك الحمام، أدخل خُد شاور وأنا هجهزلك لبسك، شكلك تعبان وعايز ترتاح.
أطبق جفنيه محاولا أخذ أنفاسا عميقة. عندما شعر بحزنها الدامي لقلبه. كيف له أن يعود ابتسامتها في ظل مايمر به
خرج من ذكرياته مغمض عيناه بوجع لما وصلت بينهما تلك الأمور. الأمر الذي جعله أن يتخذ قرار ويقوم بتحليل DNA.
زفر بهدوء قلبه يتمنى أن تكون ابنته وعقله يتمنى الأ تكون، فهل سيغلب القلب على العقل. أم للقلب رأي آخر
قاطع ذكرياته الحزينة مع نفسه رنين هاتفه من اخيه صهيب
-فينك ياجواد. خرجت من بدري أوي
نظر لمرور السيارات من حوله وتحدث بحزن
- جاسر فين ياصهيب من أمبارح مشفتوش
- جاسر عندي، فوق مع عز متخفش معملش حاجة. ثم اخذ نفسا عميق وتحدث.
- جواد عايز اقولك وأكدلك البنت دي بنتك ياحبيبي والله بنتك كل حاجة بتعملها بتدل على إنها بنتك. متزعلش منها هي حبها فيك دا فطرة خرجت منها غصب عنها بس فسرته بمعنى تاني
ثم استطرد بهدوء والدليل على كلامي تعلقها ببيجاد أي حاجة بتحصلها بتجري عليه مع إنهم مش قريبين من بعض
زفر جواد بإختناق وعزم أمره للتحرك لسيارته ثم أكمل حديثه.
-أنا عملت التحاليل ياصهيب علشان اريح الكل. وعلى أد ماأنا خايف من اللي جاي سواء بنتي ولا لا. لكن الموضوع هيكون أصعب عليا فوق ماتتخيل
بالأسكندرية
قبل يوما
هبت واقفة وتحدثت
-الست دي لازم تخرج فورا من بيتي ياريان سمعتني
نظر إليها شزرا ثم تحدث بصوتا مكتوما من الغيظ: -من إمتى وإحنا بنتطرد ضيوفنا ياهانم
قالها متحركا ثم اتجه لغرفة مكتبه
دلف للغرفة ينظر بغموض لتلك التي وقفت تناظره بإشتياق.
-ريان، تحركت تخطو متجهة إليه، ولكنها توقفت عندما وجدت نغم تدلف خلفه وتحاوط ذراعيه
التوى ثغرها بابتسامة خبيثة
-اهلا ياجميلة الجميلات لقد اشتقت لكِ كثيرا
خطت نغم إلى أن وقفت أمامها
- نورتي مملكتي ياجاكي، بس الصراحة مش اوي نورك نص على وربع ممكن تقولي حاجة زي كدا
ضحكت بصوتا مكتوم ووقفت معاندة تنظر بدهاء: -أنا دائما انير أي مكانا أذهب إليه ياجميلة حتى زوجك يشهد بذاك
نظر ريان لنغم وتحدث.
-اعمليلي قهوة من إيدك حبيبي وهاتيها لحد مااشوف ضيفتنا عايزة ايه
خرجت نغم بهدوء وهي تبعث له ابتسامة
-تمام حبيبي
ولكنها تسمرت عندما إقتربت تلك الحية الرقطاء منه متعمدة خفض صوتها الذي أشعل الغضب ونيران قلب نغم
-فكرت جيدا ياريو فلقد اشتقت لك كثيرا
ضحكات صاخبة خرجت من فم ريان وهو ينظر إلى نغم ثم أرسل قبلته إليها: -القهوة يانغوم
خرجت نغم وهي تتأكل بخطاها الردهة
-ماشي ياريان. اصبر عليا، آه صرخت بها.
في منزل المزرعة
قبل عدة ساعات
توقف جاسر أمامها محاولا القبض على عنقها، أوقفه صهيب بعدما دفعه بقوة وصاح بغضب
-هتتمادى هزعلك، سمعتني، ياله امشي من هنا
تنهد ينظر إلى عمه بحزن ثم استدار إليها
-شكلك بنت جميلة، ليه سايبة كل الشباب ورحتي رميتي نفسك على واحد اد ابوكي
انسابت عبراتها أمامهما وللحظة شعرت بأنها تريد أن تلقي نفسها بأحضانه فتحدثت بتقطع.
-غصب عني، وحياة ربنا غصب عني. دنت منه وهي تدفع بيجاد بهدوء وتوقفت أمام جاسر
-والدك الوحيد الى حرك مشاعري، معرفش هو ذنبه ايه، أو مراته ذنبها ايه، بس انا مقدرش ابعد عنه سواء رضيت أو لا، بس مستحيل اتحرم منه
اشتعلت عيناه كجمرتين، ودنى بخطوات مهلكة لكلاهما وفجأة جذبها من خصلاتها
-يبقى ادفنك واريحك من العذاب دا. صرخ بيجاد ودفعه بقوة.
-انت مجنون، ازاي تقرب من حاجة تخصني، تحول جاسر وكأن الذي أمامه عدوا وليس أخته توأم روحه التي يبحث عنها منذ سنوات واردف بصوت كفحيح افعى وهو يخرج سلاحه ويضعه برأسها
-ودلوقتي حياة امي وسعادتها قصاد حياتك يازبالة
ارتجفت اوصال كلا من بيجاد وصهيب، عندما وجدوه يصوب السلاح إليها
دنى صهيب محاولا السيطرة على ابن أخيه.
-حبيبي اهدى، البنت دلوقتي هتبعد عننا كلنا، قالها وقلبه سيتوقف من الخوف عندما سحب السلاح وضغط على ذناده
رفعت عيناها الرمادية التي تشبه عيناه وعين والدته كثيرا وأردفت
-يبقى ريحتني زي ماقولت، يااتجوز حضرة اللوا جواد الألفي يااما تقتلني وتريحني، والقضية مش هتنازل عنها
أطبق بيجاد على جفنيه متألما وحدث حاله
-ربي ماذا يحدث، البنت تعشق والدها واخاها سيقتلها ظنا أنها عشيقة والده.
وقف جاسر مشدوها لما سمعه من تلك الرقطاء كما ذكرها، وقف ملجم اللسان والحركة ينظر بعمق لعيناها يهز رأسه رافضا كلماتها القاسية التي ستؤدي إلى قتل والدته
اسرع صهيب عندما وجد نظراته الشاردة ووقف أمامه يسحب سلاحه
-حبيبي أهدى مفيش حاجه هتحصل، ولو مش مصدقني اسأل بيجاد وراك اهو، هما متجوزين
هوت على المقعد خلفها وتحدثت
-هحبسك يابيجاد، وحياة ربنا لو مطلقتنيش لأحبسك، انا مش فاكرة اتجوزتني ازاي.
سحب صهيب جاسر وهو يشير إلى بيجاد وتحرك للخارج
-تعالى مع عمك حبيبي ووعد مني لو حصل حاجة تانية انا ال هقتلها، بلاش تتهور وتعمل حاجة تندم عليها
وصلوا بعد فترة لمنزل صهيب. قابلهما عز وهو يضمه بعدما اتصل به صهيب
-عز خد ابن عمك فوق، وخلي مامتك تعمله ليمونادا
اومأ رأسه موافقا ثم اتجه للأعلى
تسطح على الفراش واطبق على جفنيه. مسد عز على رأسه
-جاسر من امتى وانت متهور كدا، فين عقلك كنت عايز تضيع نفسك.
لم يستطع الرد على حديث عز كأن الكلمات جفت من حلقه، ولكن نظراته كانت أفصح عن حديثه. استمع لطرقات على باب الغرفة
-دلفت جنى بيديها كوب من عصير الليمون البارد. اتجهت إليه ونظرت إلى عز
-ماله ياعز، ليه عامل كدا؟!
أشار بيديه إليها بالصمت، استمع إلى صوت هاتفه، أخرجه من جيبه ونظر وجده عمه.
-انا هرد على التليفون وراجع. خرج عز ليحادث جواد الذي شعر بالقلق على ابنه. بينما تحركت جنى وجلست بجواره تنظر إليه بحزن. وضعت كوب الليمون وجذبت ذراعيه
-قوم ياابيه اشرب العصير، وان شاءالله تروق
أطبق على جنيه وقال بألما يعتصر ماتبقى من روحه المعذبة لما تشعره والدته
-انا تعبان اوي ياجنى، تعبان ومش قادر اتكلم، ولا عايز اشوف حد، ممكن تطفي النور وتسبيني عايز انام
مسدت على خصلاته بحنان وانسدلت دموعها.
-جاسر متخوفنيش عليك، عمري ماشفتك كدا، احكيلي ايه ال حصل، من امتى واحنا بنخبي على بعض
تناول كوب الليمون وارتشفه مرة واحدة، ثم تسطح على الفراش وتحدث: -اطفي النور مش عايز اتكلم، دنت منه وتحدثت بهمس بصوتها المبحوح من الحزن على حالته
-جاسر مش همشي لما اعرف مالك، انت اتخنقت مع عمو أو طنط غزل
استدار إليها فكانت قريبة منه للحد الغير مسموح، اختلج صدره احاسيس مختلطة لم يعلم ماهيتها، ولكن قلبه تألم على بكائها.
رفع أنامله وإزال عبراتها واردف بهدوء
-بطلي عياط هو انتِ بتكبري ولا بتصغري. ابتعدت عنه تبتسم
-رخم اوي على فكرة هو انا بعيط بسبب مين مش بسببك، وانا زعلانة منك عشان مش راضي تحكي
ابتلع ريقه وتحدث
-مشكلة كبيرة بيني وبين بابا، وزعلانين من بعض كدا ارتاحتي
-تؤ. قالتها وهي تهز رأسها ثم اردفت
-ايه ال حصل بينك وبين عمو ياجاسرولو مقولتش هزعل منك بجد.
دلف عز يوزع نظراته بين أخته الباكية وبين ابن عمه المتسطح بنظراته الحزينة، فأردف
-جنى أنتِ لسة هنا بتعملي ايه
صمتت للحظات ثم اردفت
-بتفق مع جسورة عشان اعرف هيقابل العروسة امتى
قطب عز مابين جبينه متسائلا
-عروسة لمينء؟!
أفلت جاسر ضحكة من بين شفتيه واعتدل جالسا
-خد اختك المجنونة من هنا مش ناقصة جنان انا فيا إلى مكفيني
-ايوة ايه هو ال فيك؟!
تسائلت بها جنى. نظر عز إليها غاضبا.
-جنى سيبي جاسر دلوقتي وبعدين اتكلموا، وتعالي عايزك، فيه موضوع مهم كنت مأجله وجه وقته
اومأت برأسها بالموافقة ثم اتجهت بنظرها إلى جاسر
-افتكر انا قولت ايه يابن عمي. قالتها وتحركت للخارج
انحنى عز إليه وتحدث بمغذى
-دا شكل العروسة حلوة هو انا اعرفها يلا
التوت زواية فمه بابتسامة باهتة واردف
-هي اختك هتجيب حاجة عدلة، تلاقيها شبهها.
دقق عز النظر بعيناه وتحدث: -هي اختي وحشة، هي ال ماسكة في بيت ابوها ومش عايزة تتجوز، وصهيب عامل كماشة عليها، مع أن دكتور الجامعة دا حلو ومن عيلة كويسة، بس عمك معرفش ايه دماغه
وضع جاسر كفيه على وجهه واجابه
-نصيب ياعز، مستعجل على اختك ليه، عمي حكيم متخافش يمكن شايف حاجات انت مش شايفها، ولو عايزني اشوف حكاية الدكتور دا ايه معنديش مشكلة بس افوق من موضوع البت دي
هز عز رأسه وتحرك دون حديث آخر
باليوم التالي.
ببيت المزرعة
جلس يرتشف قهوته ويراقب تلك التي تتحرك بين الزروع كالفراشة وتذكر الامس
فلاش باك
وصلت ماسة تنظر بغضب إليهما
-البنت دي بتعمل ايه في بيتك يابيجاد
جذب بيجاد خصر غِنى وتحدث رافعا حاجبيه
-ودا سؤال يتسأل يابنت عمتي، فيه حد يسأل واحدة بتعملي أيه في بيت جوزك
برقت غنى عيناها تنظر لبيجاد ثم أردفت بصدمة
-بيت مين يااخويا
دنى منها حتى تلاشت المسافة واختلطت الانفاس وتحدث رافعا حاجبه بشقاوة.
-بيت جوزك ياروح جوزك...
لكمته بصدره
-حبك بورص ياخويا، أنا متجوزتش حد
بينما ماسة التي وقفت وكأنها تراهم بجحيم جهنم. ظلت تهز رأسها وتردف
-مين دي اللي مراتك. لا، لا أكيد بتكذب
تحركت إلى أن توقفت بينهما
-بص في عنيا يابيجاد وقولي إنك بتغظني بس. اكيد بتغظني، قالتها غير مستوعبة مااستمعت إليه
امسكها بيجاد من مرفقيها
-صوتك ميعلاش، وتعالي قوليلي جاية هنا ليه.
عقدت غِنى ذراعيها وأردفت.
-طبطب على الجميلة يازوج الأحلام. قالتها وهي تنظر له بغضب
وصل إليها بخطوة واحدة ثم جذبها من خصرها وهمس بجانب أذنيها
-والله ابدا دا زوج واقعي فوق تخيلاتك الغبية دي زوجتي المجنونة
لكمته بجنبه
-جن لما يركبك. أوعى تفكرني علشان كنت عايشة برة معرفش حاجة عن لؤم وخبث اللي زيك. دنت وتهمست مثلما فعل
-لا ياحبيبي دا شوفت محمد رمضان وعبده موتة كمان. قالتها وهي ترفع حاجبيها بسخرية.
ضيق عيناه ولا يدرك ما رمت إليه بكلماتها
-مش فاهم يابت تقصدي أيه
دفعته بكلتا يديها وتخلت عن قبضته ولكنه جذبها مرة أخرى
-اثبتي وفهميني كلامك ياعفريت العلبة إنت
رفعت نظرها لماسة ثم اتجهت تهمس له بقوة أكبر جعلت دقات قلبه تضرب بعنف
-حبيبتك هتموت عليك من الغيرة، هبلة متعرفش إنك متلزمنيش
اتجه بنظره لماسة التي تطالعهم بغضب تود لو تستمع لحديثهما
ورجع إليها يطالعها بغموض جعلها ترتجف بين أحضانه.
-عندك حق طبعا وزي ماقولتي إنت كمان متلزمنيش ثم اكمل
- هروح أوصل ماسة وراجع تتحركي من هنا، أقترب وهمس أمام شفتيها
- هجيبك حتى لو روحتي الصين وصدقيني مش هرحمك زوجتي الحلوة
توسعت نظراتها وضربت قدميها بالأرض
-لو مشيت هترجع مش هتلاقيني، لا تعرف لماذا قالت له ذاك الحديث...
هل نيرانها التي احترقت صدرها بعدما جذب ماسة وتخطاها للذهاب. أم أوامره التي دوما يؤمرها بها، أم كلماته عن زواجه بها، هنا تحدث عقلها.
-كيف ينعتها بزوجتي، اسرعت خلفه بعدما لم يهتم بحديثها
-بيجاد صرخت بها...
استدار ينظر إليها بإستفهام
-خُدني وصلني بيت بابا أنا مستحيل أقعد هنا دقيقة واحدة، وأهو تقعد مع قريبتك براحتكم
ضيق عيناه ثم ترك ذراع ماسة واتجه إليها
تغلغلت روحها بداخلها عندما وجدته متجها إليها، ولكن اختفت ابتسامتها عندما اردف:
-ماسة روحي عند العربية هقول حاجة لغنى وراجعلك على طول
تمتمت بإستياء، من كلماته.
-الولد دا مش راحم نفسه يخربيته، ليل نهار مفيش غير البنات
تسلطت عيناه على شفتيها التي تتمتم تلك الكلمات واقترب منها
-بتقولي إيه، بيت مين اللي عايزة تروحيه
هزت ساقيها بعنف ونظرت بغضب
-تليفون واحد يابيجاد وأعمل بلاغ فيك انك خاطفني، وشوف بقى ممكن ازود في البلاغ ايه
جذب ذراعيها بقوة عاقدا خلف ظهرها وهمس بجانب اذنيها
-طيب اعمليها كدا، وشوفي هيحصل ايه.
وياريت تكتري من الحاجات التانية بتاعة الخطف دي ياروحي، علشان احقق بلاغك واخليه حقيقة. ثم دنى حتى اختلطت انفاسهما واكمل
-وحياة غنى عندي إنك مراتي دلوقتي
جحظت عيناها من حديثه
-اكيد بتهزر، لا دا إنت مجنون
ضحك بصخب ونظر إليها نظرات لأول مرة. نظرة حبيب، بل عاشقا
وحياة مراتي الجميلة مابهزر إفتكري كدا يوم الحفلة وإنت تعرفي كلامي مش هزار ابدا. رفع ذقنها عندما نظرت للأسفل مضيقة عيناها تحاول تتذكر تلك الليلة.
تلاقت نظراتهما وأردف بصوتا مبحوحا فاضت به مشاعره ولم يقو على سيطرته
-دلوقتي إنت غنى بيجاد، قولتهولك من سبعتاشر سنة مكنتش اقصد ابدا إنك هتكوني ملكي كل اللي قصدته وقتها إنك اميرتي اللي كانت كل اهتمامي...
رفع إصبعه يزيح خصلاتها من على عينيها يضعها خلف إذنيها ثم أكمل حديثه الذي جعلها لا تعي شيئا كالمعتوه
-لكن دلوقتي إنتِ ملكي ومراتي، اينعم جواز مش شرعي اوي علشان بالسر بس جواز.
نظر لمقلتيها وأكمل مسلوبا بالكامل
-يمكن دا لعبة من القدر انه يبعدنا، ونرجع نتجمع بعد السنين دي كلها بس اللي متاكد منه إنك تخصيني أنا وبس
شعرت برجفة بعمودها الفقري وكأنها لم تقو على الوقوف، فأمسكت بذراعيه عندما مس كيانها بالكامل، نظراته، همساته، ورغم ماقاله إلا إنه لم يرحم حالتها واكمل
-خلي بالك من نفسك. نص ساعة بالكتير وراجعلك. أنا خلاص مقدرش أبعد اكتر من كدا
جذب رأسها واضعا جبينه فوق جبينها.
-جبتي ابن المنشاوي على رقبته يابنت الألفي...
ظل يقاوم نيرانه الملتهبة عاجزا على ارتعاشة شفتيها من حالتها التي اوصلها إليها، لم تعي ما يقوله. توهان. تشتت من قربه وأنفاسه القريبة، أحنا كنا نعرف بعض.
تذكرت تلك الليلة التي خرجت بها من الحفل وجدته يترجل من سيارته بهيئته الخاطفة للقلب
توقف أمامها عندما وجد عبراتها تنزلق على وجنتيها
- غنى أردف بها بيجاد عندما جذبها بعيدا عن تلك السيارة
وقفت أمامه ولم تفكر إلا إنها القت بنفسها بأحضانه
حدق فيها بعينين عندما فعلت ذلك، كان عاجزا لم يعلم ماذا يفعل في تلك الاثناء
لم يبادلها حضنها ظل واقفا كالتمثال.
أخرجها من أحضانه يستند بذراعيه متكأ على سيارته ينظر إلى عيناها التي تسحره كلما رآها
-ليه الدموع دي. وبتعيطي ليه
أشارت على الحفل وبدأت تبكي كالمختل عقليا
-شوفته جوا حاضنها كدا، شافني واتلاشني كأني مش موجودة والله لاندمه
هي مش احسن مني
كانت نبضاته الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعه كأنها تعلن ثورتها ضده، من قربها وارتعاشة شفتيها
قبض على معصمها بقوة ونظر لداخل عيناها
-إنتِ قصدك مين.
دفعته بقوة بعدما أزالت عبراتها وصرخت بوجهه
-الله يلعن اليوم اللي قبلتكم فيه إنت وهو
أنا بكرهكم انتم الأتنين
هو علشان بيتلاشني كأني مش موجودة
ثم اقتربت ولكمته بصدره
وإنت علشان بتغيب عليا بالأيام. بكرهكم
استمعت لهدير سيارة بالقرب منهما
رفعت رأسها تناظر الذي يصيح بإسمها
- غنى تعالي ياله، تركت ذراع بيجاد وأسرعت إليه
- يحيى بتعمل إيه هنا
رفع حاجبه وتحدث.
-كنت بوصل ماما يابنتي الحفلة، ايه تحضري الحفل ولا نروح حفلة تانية
اتجهت بنظرها لبيجاد الذي يناظرها شرزا. ثم استدارت تفتح سيارة ابن صديق والدتها
-لا نروح حفلة تانية يايحيى. امشي من هنا بسرعة قبل سبع الليل مايجي يطربق عربيتك
ضيق عيناه وتسائل
- مين سبع الليل دا، ضحكت ضحكات صاخبة بعدما وجدت بيجاد يتجه نحوهما.
- امشي بسرعة وأنا هقولك. ثم أشارت بيديها ورغم ضحكاتها الإ أن دمعة انسدلت على وجنتيها. هي تعلم ان يحيى ليس الشخص السوي ابدا، ولكن ماذا تفعل كي تطفئ نيرانها المشتعلة التي تزيد اشتعالا كلما اقتربت من ذاك الاثنين
عودة للحاضر
وصلت غنى حيث جلوسه، جلست بجواره
-بيجاد ايه ال حصل وازاي اتجوزتني لو فعلا بتقول الحق
استدار يبتسم إليها. ارجع خصلاتها بعيدا عن وجهها بفعل الرياح
-فاكرة يوم الحفلة.
ضيقت عيناها وأردفت: -هو إيه اللي حصل. أنا خرجت اليوم دا مع ابن صاحبة ماما ودخلنا ديسكوا وسهرنا شوية. ورجعنا، فجاة توقفت وتذكرت تلك الليلة ونظرت إليه
ذهب بذكرياته وبدأ يقص لها
دلف لذاك المكان الذي يعرف بالنادي الليلي
يجمع الكثير من الشباب والشابات، ناهيك عن خروجهم عن القيم الأخلاقية ودينهم الذي لا يعلمون عنه شيئا سوى الديانة مسلم فقط.
جذبها بقوة إليه ولكم الكثير من الشباب الذين كانوا يحاوطونها في ذاك الوقت وهي لا تدري بحالها
ضمها عندما وجد قوتها على المشي متلاشية. اشتم رائحة الكحول الخارجة من فمها
دفعها بقوة لداخل السيارة
-ادخلي والله لأدبك يابنت عمو جواد
الرؤية كانت مشوشة لديها. اتجه بها بعد قيامه الإتصال بصهيب
-بنت اخوك معايا ومصايبها كترت والله لو عمو جواد شافها كدا ليدفنها بالحيا
تحرك صهيب بعيدا عن الجمع.
-بتقول إيه يالا. إنت شارب ولا إيه
ضحك بيجاد بسخرية
-لا والله مش أنا بنت اخوك اللي شاربة ومتكيفة على الأخر
توسعت عين صهيب وأردف بغضب
- دا مش جواد بس اللي هيموتها. دا لو عز عرف هيموتها هو كمان إنت فين يابني
زفر بيجاد بغضب من كلمات صهيب الذي اذهبت عقله
-نفسي الاقي حد في العيلة دي الواحد يفهم منه جملة، عيلة كلها مفوتة عقليا
صاح صهيب.
- روحت فين يابيجاد، توقف بيجاد بالسيارة جانبا عن الطريق وهو يمسح وجهه بغضب عله يستطيع السيطرة على نفسه، ناظرا لتلك التي تتحدث وكأنها بعالم آخر
- اتجهت له ثم وضعت رأسها على كتفه وتحدثت
- تعرف إنك شخص جذاب أوي. رفعت يديه على قلبها واردفت: - دا محتار بينكم. بيحبكم انتوا الاتنين. بس هو أكتر. هزت رأسها وأشارت بيديها
- لا إنت أكتر، انسدلت دموعها فجأة وأكملت.
- بحبك أوي يابيجاد وبزعل منك أوي علشان كل شوية بشوفك مع بنت. وبحبه هو كمان وبزعل منه علشان بيحبها أكتر. طيب انتوا الاتنين واجعين قلبي، كنت عايزني اروح لمين.
صعق بيجاد من حديثها، وهزة عنيفة اصابت جسده بالكامل لا يعلم أيسعد من حديثها ام يحزن، شعر بوجع قلبه عليها
إحتوى وجهها بين راحتيه وتحدث
-غنى حبيبتي طبيعي إنك تحبينا إحنا الاتنين، قاطعه صراخ صهيب الذي ركب سيارته متجها إليهما ظنا منه يتحدث على رُبى
-بقولك انتوا فين أنا في الطريق، نظر للخارج ووقع نظره على تلك اللافتة
مأذون شرعي
ابتسم بخفة ينظر لتلك التي وضعت رأسها على كتفه وهي تتمتم.
- بحبكوا انتوا الاتنين
- إحنا في شارع () عند مكتب الماذهون. تعالي علشان تشهد على عقد الجواز ياعمها
صرخ به صهيب. ولكنه اغلق الهاتف سريعا
-لما أشوف اخرك إيه ياعمو جواد. انت مش ناوي تعمل التحليل، يبقى ادخل انا بطريقة تانية وشوف مين اللي هيثبت للتاني انه صح
وصل صهيب ينظر حوله في كل الاتجاهات، وقع نظره على ذاك المكتب
اتجه سريعا يدلف المبنى.
دلف لداخل المكتب وجد بيجاد يجلس بجواره غنى، هنا فاق من صدمته وعرف قصده.
سار ببطئ حيث جلوسهما ونظر أليه
-انت اتجننت يالا جايب البت وعايز تتجوزها وهي مش دريانة بنفسها، دي جريمة
عقد ذراعيه أمامه وتحدث
-المرادي جبتها من ديسكو ياعمها، بكرة أجيبها من شقة دعارة
جذبه من ذراعيه وتحدث
-بيجاد احنا مش متاكدين إن البنت بنت جواد
اقترب بيجاد ينظر بداخل مقلتيه بقوة.
-بس أنا متأكد البنت دي بنت عمو جواد. ولو هو نفسه مش عايز يصدق يبقى براحته، على العموم أنا هكتب عليها بس علشان أعرف اتحكم فيها دي مجنونة على الأخر. ومتنساش ان بابا لو عرف هيضربني بالنار، الموضوع هيكون سري لحاجتين مهمين
انهم ميعرفوش يخرجوها بر مصر تاني والسبب التاني
-علشان محدش يكون له حكم عليها واقدر اتحكم في جنانها، دي بتقول بتحب ابوها، معرفش دماغها فيها ايه.
نظر صهيب إليها وهو مقتنع بكلامه ولكنه يخشى ثوران جواد وريان بعد ذلك، وماذا يحدث إذا لم تكن ابنته. في تلك الحالة سيكون بيجاد المبتلي بها
رفع نظره وحاول التحدث معه
-طيب استنى يومين وأنا هقنع جواد بموضوع التحليل دا
أجابه: -وايه يعني وهي مراتي مفهاش حاجة.
نظر صهيب إليه
-انت بتحبها يابيجاد
اجابه بيقين دون تفكيرا.
-أنا بحب عمو جواد ياعمو صهيب الراجل دا صعبان عليا أوي بحسه زي أبويا، هو بيحاول ميظهرش وجعه لحد. ومعرفش ليه مش عايز يقتنع إنها بنته، دا المفروض اقرب واحد ويتاكد بدون شك
قاطعهم صوت المسؤل عن المكتب
- اتفضلوا، جذبه صهيب
- انت مُصّر على الجنان دا
أجابه بيجاد بيقين
-أنا مُصّر ومقتنع أن البنت دي بنت عمو جواد، وهفضل وراه لحد مايقتنع وعلى فكرة مش محتاج تحليل
أشار صهيب بعينيه لغنى.
-ودي هتتجوزها إزاي وهي مش حاسة بحاجة
ميهمنيش إنت عمها وولي أمرهاوأحسن حاجة إنها مش حاسة
-بقولك ياغبي البطاقة فيها إسم تاني
جذبه من يديه: -تعالى بس ياعمو متقفلهاش، أنا هتصرف هو أنا هعمل حاجة حرام دا جواز
بعد قليل هبطوا للاسفل حيث وجود سيارتهما
وقف صهيب أمامه
-يارب تكون خطوة صح يابيجاد وفعلا تطلع بنت جواد، عملتك دي مش سهلة ابدا وخصوصا لو البنت انكرت، ومعرفش أبوك ممكن يعمل إيه بعد مايعرف.
جذب غنى من خصرها وتحرك لسيارته
-أنا همشي دلوقتي دي نامت زي ماحضرتك شايف وبلاش عمو جواد يعرف حاجة دلوقتي، ومتخفش من بابا وقت مايعرف كان ربنا حلها من عنده
فتح باب السيارة وأدخلها بهدوء
نظرت إليه وتبسمت
-إحنا رايحين فين، هتوديني عند حضرة اللوا
خرجت من بين شفتيه ضحكة خافتة وتحدث
-أهو حضرة اللوا دا ممكن يموتني لو عرف
كانت تناظره
-تعرف أنتوا أكتر اتنين بحبكوا أوي معرفش ليه، مع أنكم أكتر أتنين تاعبين قلبي.
قبّل خصلاتها وتحدث
-وإحنا بنحبك ياقلبي متخافيش محدش هيقدر ياخدك تاني
نهاية الفلاش
خرج من شروده وهو ينظر إليها
-دا كل ال حصل، ذكر لها بعض الاشياء مبتعدا عن حكايته مع صهيب. ثم نهض وتحدث: -متخلنيش أتجه لأساليب تانية ياغنى لو سمحتي، استمع لصرير السيارة...
أسرعت غنى خلفه وجذبته من ذراعيه، استيقظت روحها الثائرة بداخلها ماإن تركها وأسرع خلف ماسة
-تعالى هنا، رايح فين؟
رفع حاجبه ينظر إليها بسخرية.
-ماسكاني كدا ليه، انا لازم انزل الإسكندرية
رفعت عيناها لعيناه وتحدثت بغضب
-مفيش خروج لحد ماتعرفني إنت مجنون ولا بتتكلم بجد
هزت رأسها
-لا أكيد مجنون كلامك مش حقيقي
انزل يديها بهدوء وتحدث
-لازم انزل اسكندرية معرفش ماسة هتقول ايه لبابا
دفعته بقوة وتحدثت كقطة شرسة
- والله ماانت متحرك من هنا وشوف كلام مين اللي هيمشي. صرخت بصوت مرتفع
- مين دي اللي تجري وراها وتسبني هنا استنى حضرتك واشربي من البحر يابت.
اظلمت عيناه وهو يتحدث بغضب
-صوتك مترفعهوش واه هتفضلي هنا. ودلوقتي تعالي بقى علشان اخرك كدا
جذبها من مرفقيها وهي تحاول دفعه وصرخاتها تصم أذنيه، دفعها بقوة داخل المنزل
-اياكي ياغنى تعملي حاجة لحد ماأرجع
في فيلا صهيب: دفعها بقوة على الأريكة وصرخ بوجهها مما أسرعت نهى لصوت صراخه
-عز في إيه بتزعق كدا ليه
كان ينظر إليها شزرا وتحدث بغضب.
-إزاي تسمحي لنفسك تقعدي بشعرك كدا قدام جواد، ايه ياهانم فين إحترامك لدينك ولنفسك
مطت شفتيها بحزن ونظرت للأسفل حتى لا تضعف امامه وتبكي
جذبته والدته وصاحت بوجهه بعدما وجدت حالة ربى
-إيه اللي بتقوله دا اتجننت.
رفع يديه وتحدث بعيون حمراء كلهيب جهنم، يشعر بنيران تحرق دواخله كلما تذكر نظرات جواد إليها
-لو سمحتي ياماما. محدش يدّخل بينا.
اصابتها رغبة عارمة بإحتراق صدره، وقفت تنظر لعيناه التي تبعث إليها نظرات غاضبة
- الحجاب وقع غصب عني، وبعدين جواد اخويا زيك زيه عمره مايبصلي نظرة مش كويسة. اقتربت منه وأردفت ماجعلت قلبه ككتلة من النيران الملتهبة تحرق من يدنو إليها.
- آبيه عز أنا فاهمة خوفك على اختك وشعورك بالغيرة عليها، بس دا ياآبيه لو حد غريب. انتو الاتنين عندي زي بعض. وصدقني أنا سعيدة علشان يوم ماهفكر ارتبط هلاقي اخواتي كلهم حواليا بيخافوا عليا، علشان خطيبي يعملي حساب. طبعا بعد جاسر وأوس وياسين، أنت وجواد
أصلي ناوية اعيد التصنيف ياابن عمي
وقريب جدا هتسمع اخبار تفرحك
قالتها وهي تنظر بغرور انثى جُرح كبريائها.
تنهدت نهى بحزن عندما شعرت بآلام إبنها. اقتربت منهما. عندما علمت بما يفكر به
خطى إليها بخطى سُلحفية وتحدث بهدوء رغم نيرانه المحترقة بصدره
-وإيه كمان يااختي الصغيرة، عرفي أخوكي واجباته علشان يقدر يقوم بيها. وامتى عريس الغفلة هيجي
علي رغم ماوصلت إليه وسعدت بإحتراقه إلا إنها تحركت للخارج
-لما أفكر يبقى هقولك، إستدارت تنظر له
ياآبيه
هرول خلفها يجذبها بغضب حتى اصطدمت بصدره.
- إغلطي كمان صدقيني هخليكي تندمي إنك وقفت تناطحيني كدا، دنى حتى همس بجوار أذنيها
- انا دلوقتي بكلمك بصوت عز حبيبك. بلاش تخليني اكلمك بعز الألفي الغيور. تمام ياروح عز
جملة أحيت روحها مرة أخرى لترفع انظارها تتأمله بحب. لم تشعر بقرب المسافة بينهما الذي أصبح ضئيلا للغاية للحد الذي باتت أنفاسه تداعب وجنتيها
ولكن فجأة ايقظها عقلها من دوامة عشقها له، دفعته بقوة وهي تتحدث بإهتزار وشفتين مرتعشتين.
-متتخاطش حدودك معايا ياباشمهندس لو سمحت...
خرجت الكلمات من فمها غاضبة. بادلها حديثه بهدوء
-دي مش حدود بينا ياروبيا، حدودي معاكي حاجات متأجلة لكن برضو مبتخطهاش يا، صمت للحظة وناظرها
بنت عمي
كانت تقف تناظرهم من بعيد، تتمنى لو يتوج حبهم بزواجهما، ولكن كيف بعدما صار
بعد أكثر من ساعتين بالأسكندرية
كان الجميع يتناولون طعام الغداء. دلفت ماسة تصرخ أمام ريان.
-ليه يعمل فيا كدا ياخالو. حضرتك قولت اديني وقت تتكلم معاه، مش لحد مايتجوز
اتجهت سيلا اختها زوجة عمر ضمتها لحضنها. عندما وجدت انهيارها
-ماسة حبيبتي اهدي بتعيطي ليه، ومين دا اللي بتتكلمي عنه
خرجت من أحضان سيلا وتحدثت
- والله أنا بحبه ياسيلا. معرفش ليه من صغري وهو بيعاملني كدا، نظرت لريان وأردفت بصوتا باكي
- هو أنا وحشة ياخالو. طب لو وحشة ليه الكل يتمنى اتكلم معاه وأصاحبه، وقفت تناظرهم بقلبها المكسور.
- أنا عمري مااتمنيت حد غيره هو. استنيته السنين دي كلها، رفضت أصاحب حتى أي شاب علشان عارفة إنه مابيحبش البنت اللي بتصاحب الشباب، لبست الحجاب وحبيت الألوان اللي بيحبها، تمردت على شخصيتي الحقيقية علشانه ياخالو، رفعت نظرها لنغم ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها
- قوليلي ياانطي نغم، هو أنا وحشة يخليه يحب واحدة تانية ويتجوزها من وراكم. ثم دققت النظر إليهما، واتجهت لعمر الذي يتهرب من نظرات الجميع.
- كنت تعرف صح ياعمر، كنت تعرف إن بيجاد متجوز صح، اتجهت لريان، ودققت نظرها إليه
- كنت تعرف ياخالو، مخبي عليا
صرخت وصاحت بهم
-ماهو اكيد بيجاد ميعملش حاجة زي دي من غير ماحضرتك تعرف
اتجه إليها ريان ويتمنى مافهمه يكون خاطئا، يؤكد لعقله مستحيل ان بيجاد يفعل شيئا مهينا له كهذا
جذبها لأحضانه وتحدث بهدوء رغم حزنه الداخلي من ولده
-إيه اللي حصل حبيب خالو وبيجاد عمل إيه
خرجت تبكي بقهر وأردفت.
-ابنك راح اتجوز البت الحقيرة اللي، بقاله شهور بيجري وراها، ومقعدها في مزرعة القاهرة، وعامل عليها كردون امني، زي الملكة، خايف حد يقرب منها
صاعقة ضربته بقوة. مما جعله يسقط جالسا على المقعد كمن تلقى ضربة موجعة قصمت ظهره، هز رأسه رافضا حديثها
وتحدث مردفا
- مستحيل. بيجاد ميعملش حاجة زي دي بدون علمي، رفعت نظرها لعمر وتحدثت
- مايمكن الباشمهندس عمر عنده الحقيقة ياخالو
اتجه ريان بنظره لعمر وناظره بإستفهام.
-إيه الكلام اللي بسمعه دا
نزل عمره بنظره للأسفل
-الموضوع مش زي ماحضرتك فاهم يابابا
نهض يسير بخطى بطيئة كأنه يسير على جمرات
- متجوزها صحيح ولا لا، تحدث بها ريان بهدوء رغم نيرانه المستعيرة
- اسمعني يابابا مش الجواز اللي في بالك
صاح ببعض القوة
-سؤالي واضح ياباشمهندس متجوزها ولا لأ، جاوب
هز رأسه وتحدث
- متجوزها يابابا بس، صفعة قوية سقطت على وجهه.
- لحد كدا وتخرص، أنا اللي غلطان إني ادتلكم ثقة زيادة عن اللزوم، وثقت فيك ياكبير، وثقت إنك مستحيل تعمل حاجه دون علمي، وهو وثقت وادتله الحرية المطلقة
اتجهت ماسة إلى عمر وأردفت بغل: -خليته يتجوز واحدة حقيرة، واحدة كل يوم ماواحد شكل ياعمر
اخرصي ياماسة، هذا مااردف بها بيجاد عندما دلف، ثم اكمل وهو ينظر إليها بمقت وغضب.
-كنت عارف أنك مستحيل تكوني بني أدمة جيتي هنا على طول تبخي سُمك، مفكرة كدا إني ممكن افكر فيكي واتجوزك...
جذبه ريان من ثيابه ونظر إليه بغضب
- براحة علينا ياكابتن، استنى كدا وتعالى قولي إحنا بالنسبالك إيه، ياترى الأوتيل اللي بتلجأله كل فترة، ولا دا مكان لزهق
- بابا لو سمحت ممكن تسمعني
رمقه بنظرة تفحصية وتسائل
-اتجوزتها يابيجاد، روحت اتجوزت من ورا ابوك
بابا ممكن تسمعني، كان لازم.
رفع ريان يديه ونظر لنغم التي تتساقط عبراتها وحزن الدنيا سيطر عليها، لأنها تعلم زوجها لم يسامح أبنها
-شوفتي ولادنا عملوا فينا إيه، بعد ماربناهم، دا أنا كنت صاحبهم مش ابوهم
تحرك كأنه رجلا عجوزا محمولا بهموم العالم فوق اكتافه
-بابا لو سمحت لازم نتكلم
أشار بيديه وتحرك صاعدا للأعلى
-نغم هاتيلي قهوتي فوق، وانت ياكابتن بيتي معدش يسعنا إحنا الأثنين
بعد ثلاثة أيام بفيلا جواد الألفي.
استيقظ مبكرا يتجهز لذهابه لإحضار ماسيغير ويقلب حياته رأسا على عقب
استمع لرنين هاتقه
- أيوة ياريان، أيوة عملتها ورايح أجبها حالا، ضيق عيناه وتسائل
- انت في القاهرة من إمتى
خلاص استناني في مكتب الشركة
بفيلا طارق عزيز
-ماسألتش يعني ياطارق على غنى
رفع نظره من هاتفه وتحدث
- الخدامة قالتلي عند صاحبتها بقالها خمس ايام. استدار ينظر إليها.
- الحرية المتمادية مع البنت دي غلط ياتهاني، وبعدين معرفش مالك بقالك كام يوم تعبانة ودايما سرحانة، شوفي وشك بقى إزاي، ثم تذكر شيئا
- إحنا مكنش المفروض ناخد غنى ونروح للدكتور غزل الألفي ولا إيه...
قاطعته سريعا
-لا هاخدها ونروح ألمانيا. الدكاترة برة احسن
ببيت المزرعة.
دلفت إليه الغرفة التي كان يجلس بها كلما عاد من عمله دون الحديث إليه، فبعدما رجع من الاسكندريه منذ ذاك اليوم وهو بغرفته لا يخرج إلا للطعام فقط معها
-بيجاد أنا زهقت وعايزة ارجع بيتنا، متبقاش مستفز، والقضية خلاص صرفت نظر عنها
رفع نظره من جهازه وتحدث
- كان نفسي تعملي القضية علشان اخليكي طول سنينك بالسجن، ماهو انتِ هتكوني متعددة الازواج ياحبي، رفع هاتفها
- خدي تليفونك وبلاش شغل الأطفال.
اتت للتحدث قاطعهم رنين هاتفه
-بيجاد أنا جبت تحاليل DNA ورايح للمكتب
ابتسم وتحرك بعيدا عنها
-بنتك إن شاء الله، نهض سريعا يلملم اشيائه الخاصة متجها إلى جواد
بفيلا جواد الألفي
امسكت هاتفها ثم قامت بالحديث مع احدهما
-الصورة اللي بعتها دي عايزة عنوانها فين دلوقتي
لم يمر سوى عشر دقائق واعاد هاتفها بالرنين
-أيوة، تمام. فين، مزرعة ريان المنشاوي
دلف جواد إلى مكتبه كان يجلس.
صهيب وحازم الذي علم بالامر مؤخرا وجواد حازم وريان وبيجاد الذي وصل مع دلوف بيجاد
رفع نظره الى صهيب يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل خلاياه وتحدث بشفتين مرتعشتين
-جبت التحليل، لسة مفتحتوش، حقيقي خايف أول مرة احس إني ضعيف اوي كدا
جذب بيجاد الظرف من يديه وقام بفتحه ينظر للجميع
بفيلا ريان
-دلفت نغم لغرفة إبنتها جحظت عيناها مما رأت ولم تشعر بنفسها إلا وهي تصرخ بأسم ابنها عمر
بمنزل جواد الألفي.
كان تتحدث بهاتفها لأحدى صديقاتها
-تمام حبيبي بعد الجامعة، انا خارجة اهو قدامي سكشن ساعتين وهقابلك
توقفت عن السير عندما اصطدمت بحائط بشري، نفخت وجنتيها بغضب وتحدثت
وبعدين معاك، انت مكنتش مسافر
-رُبى لازم نتكلم
عقدت ذراعيها: مفيش بينا كلام، اقتربت منه ونظرت داخل مقلتيه وتحدثت بقوة
-ايوة الكلام اللي وصلك صح، فيه ناس جاين يتقدمولي النهارده
كز على أسنانه من تهورها وأردف غاضبا.
-ان شاء الله هتشوفي صورتين النهارده في الأخبار القاتل والمقتول
وصلت غزل إلى بيت المزرعة، كانت غنى تتحدث بهاتفها مع صديقتها يمنى
- دا اتجنن جايبلي حوائط بشرية وكل اللي عليه يبقى بس اعملي حاجة، يخربيته على اليوم اللي قابلته فيه، صمتت لبرهة ثم زفرت وتحدثت بحزن
- يمنى جواد وحشني أوي نفسي أشوفه والبغل دا مش مديني فرصة اخرج
بنفس المزرعة وصلت للبوابة الرئيسية وتوقفت امام الأمن.
-أنا غزل الألفي. عايزة أقابل غنى طارق. عرف الباشمهندس ريان إني موجودة علشان أقابلها
البارت 13
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
مؤلمة تلك الدمعة التي تسقط، وأنت صامت تسقط من شدة القهر، والألم، والاحتياج
دلف بساقين تكاد تحملناه، وجلس فوق الأريكة وخلاياه الداخليه تهتز بالكامل، يود أن يفتحه سريعا ليعرف مصيره...
الخوف يلتهم قلبه كما تلتهم النار سنابل القمح، بهدوء منافي للموقف الذي وضع به، جلس لم يكن نظره يتجه سوى لذاك الظرف الذي فتحه بيجاد بشق الأنفس وصهيب الذي جذب الورقة سريعا ينظر إليها بتفحص وتمعن لعدة مرات، مرة وراء مرة. كررها للمرة التي لا يحسب عددها.
هز رأسه نافيا ماقرأه وتحدث بعيون ذاهلة
-مستحيل. اللي مكتوب دا مستحيل
هنا فقط أطبق جفنيه وتزلزل جسده بالكامل وهو يضع رأسه بين يديه. وشعور بضعف الكون يتملك منه، انسدلت دموعه بغزاره على وجنتيه. لم يتحكم بضعفه أمامهم...
اليأس وماادراك ماليأس، عدو يطاردك عندما تفقد الأمل حتى لو هناك بزوغ في الأمل، ولكن كيف يواجه الأنسان وهو ضعيف كورقة خريف هاوية للتساقط.
زفرة نابعة من قلبه على حالة أخيه الذي وصل لتلك الرحلة الطويلة من الآلم والعذاب، أحقا كفى ماصار له
تحرك بخطى بطيئة ونظر إليه وتحدث معقبا على ماقرأه
-جواد أنا مش مصدق اللي قراته، دا مستحيل
صاح بيجاد ونظر إلى والده
-التحليل دا مزور، مستحيل، ثم توجه بنظره الى جواد الذي لم يشعر سوى بتيه كأنه ذهب لعالم آخر، رجعت ذكرياته المأسوية لتلك الليلة.
-عمو جواد غنى بنتك، والله بنتك، محدش يقدر يغير الحقيقة دي، والله بنتك أنا معرفش إيه اللي مكتوب في الورقة دي...
كفااااية، صرخ بها جواد كعاصفة ترتطم بصدره بقوة، صاح بصوتا متألم من جوف الحسرة...
-كفاية، أنا كل اللي وجعني وتعبني مراتي لو اتقابلوا. أنا كان عندي أمل كبير إنها بنتي، ضعُف وخارت قواها وتحدث.
-أنا مش قادر أتحمل، هي هتكون ازاي، على رغم يوم الحفلة كنت بتمنى إنها متحضرش وكنت مرعوب والحمدلله ربنا وقف معايا ومتقابلوش، مع إني كنت بمهد لحاجة زي دي...
أنا ميهمنيش غير غزل وبس حاليا وهي بتنهار قدامي وأنا عاجز، لا عارف أقولها دي بنتي اللي بدأت تشك فيّا، ولا قادر أقولها إنها مش بنتي، أنا عاجز ومحدش يقولي إن التحليل مزور
وقف بيجاد أمامه ورفع صوته.
-لا لازم تسمع وتعرف إن التحليل دا ميهمنيش وكان نفسي حضرتك اللي تقول الكلام دا، استدار ووقف أمام جواد حازم
افتكر ياجواد يوم قسم الشرطة قالت إيه
- قالت أنا معرفش عندي إحساس غريب من ناحية جاسر. فيه حاجة بتشدني اوي حاسة أعرفه من زمان. هز رأسه واكمل
-متقولش بتغظني. وقتها مكنتش بتغظني
أومأ جواد واكد حديث بيجاد
-فعلا ياخالو حتى يوميها هي اتخانقت مع بيجاد، وجاسر كان هناك وحاول يفصل بينهم.
اتجه بيجاد إليه: رفع نظره الى والده وتحدث بإفاضة: -انا مش هتكلم على الشبه، لان ياما فيه تشابه. أنا هتكلم عن حاجات تانية
خطى بساقيه التي تكاد تحركه من صدمته المفاجأة، جلس على عقبيه أمام جواد الذي جلس واضعا رأسه على ظهر المقعد ينظر لسقف الغرفة بشرود
امسك يديه وتحدث بأسى لحالته
-فاكر يوم ماكنا في المطبخ أنا وإنت وهي وبنعمل كيكة عيد الميلاد لطنط غزل، اتجه جواد بنظره ونظر إليه
هز جواد رأسه. بنعم.
ابتسم بيجاد وتحدث بيقين
-افتكر اليوم دا كويس، يوميها هي جريت عليك واصرت تساعدك وكان فيه مية سخنة فوق المطبخ وهي بتجري على الشيكولاته علشان تحطها على الكيك
اتجه مرة أخرى ونظر لمقلتيه واكمل
-افتكرت ايه اللي حصل، اغمض جواد عيناه محاولا التذكر
أكمل بيجاد المية دي وقعت على دراعها. كانت المية سخنة وحرقت جزء من إيدها من عند الكوع ياعمو...
توقف وتحرك ينظر للجميع هو الحرق مش كبير بس علم على إيدها اليوم دا.
أرجع شعره للخلف وأكمل: -ماهو محدش يقولي حتى التشابه هيكون في الحرق دا كمان، الحرق معلم لسة في دراعها
تحرك يدور حولهم وأكمل
-بلاش الحرق الأهبل. يمكن يكون تشابه، مادي حواداث بردو
تهكم ساخر وأكمل محدش يجي يكلمني على الشامة اللي في رقبتها ويقولي دي كمان تشابه
هنا رفع جواد نظره مضيقا عيناه وبزغ الأمل في صدره
هز بيجاد رأسه وأشار بيديه
-أهو دا بالضبط. شوفتوا، قولتلكم دي بنته.
ثم اكمل استرسالا: -طبعا حضرتك أكثر واحد عارف الشامة دي كنا بنقول عليها إيه، أنا مكنتش صغير ولا عبيط
مسح على وجهه
-السلسال ياعمو جواد اللي جبتها لغنى يوم عيد ميلادها اليوم اللي اتخطفت فيه كانت لابساه ودا اللي خلى اللي خطفها مسميها نفس الأسم.
اتجه حازم يجلس بجوار جواد
- جواد حد كان يعرف إنك هتعمل تحاليل، يمكن قاطعه جواد وهو ينظر له
- مقولتش لحد مكنش حد يعرف غير صهيب وبيجاد بس.
تحرك جواد حازم متحركا إيابا وذهابا في الغرفة واضعا يديه على ذقنه بتفكير
- يبقى دلوقتي بعد كلام بيجاد اللي بيأكد ان غنى بنتك. قدامنا حاجتين
- ياإما حد كان مراقب خالو بعد شكه إن عرف فكان عايز يعرف خالو هيعمل إيه
أكمل ريان
-وبعد كدا وصل لحد في المعمل وزور التحاليل
حاول جواد تهدئة نفسه ولكنه شعر وكأن احدا يضع بنزينا داخل صدره ليشتعل صدره بجبروت احدهما، نهض متخبطا متجها لمكتبه.
-أنا مش قادر أفكر، عايز اقعد مع نفسي شوية، بس فكرة تزوير التحاليل دي بعيدة
اتجه صهيب اليه وتحدث بيقين
-الدكتور طارق اللي لازم يجاوب على اسئلة بيجاد، جواد بلاش يأسك دا، ماهو عقلي مش قادر يستوعب دا كله
رفع جواد نظره لأخيه بعيونا ذابله وجسد منهك وعقلا مشتتا ناهيك عن قلبا متألما.
-حقيقي مش قادر افكر ياصهيب، حاجة واحدة اللي بتديني أمل بس، إحساسي وانا معاها، روحها الجميلة اللي شبه روح أمها. بس رغم دا مقدرش أقول بنتي حتى لو الشامة والحرق اللي اتكلم عليهم بيجاد. بس دلوقتي طارق بيكذب هو ومراته ليه. دا لو غنى زي مابتقولوا بنتي
ثم اكمل بإبانة
- أنا تعبان يعني الكل يجمع عليها وقلبك يأكدلك انها هي وكالعادة تيجي حاجة تهد اقناع قلبك دا، خلينا نمشي بالعقل.
- إيه اللي عرفهم أني هعمل تحاليل، انتوا بس الكلام اللي سمعتوه من بيجاد مشتتكم، انا عارف انه عنده حق ومعاه بس خليكم منطقيين بأي حق هروح اقف قدام طارق واقوله دي بنتي
كان يقف ينظر للخارج بجوار النافذة، ثم رفع نظره الى جواد
- طارق كان مجبور يجاوب على أسئلتك وكمان يقول كدا. إن البنت بنته يوم الحفلة. اتجه بنظره مرة أخرى للخارج
- أنا لاحظت من كلامه انه قعد فترة بعد الجواز من غير ولاد، اتجه لجواد مرة اخرى.
اللي وصله بيجاد إن كان فيه مشاكل مع والده بسبب أنه قعد فترة من غير ولاد ودا اللي خلاه يسافر تركيا يبعد عن أهله، وبعد كام سنة عرفوا أنه خلف وجاب بنت
تحرك ووصل وجلس بمقابلة جواد وأكمل: -ماهو مش معقولة أول مايسافر هيجيب عيال...
هز جواد رأسه رافضا كلام ريان
-لا مش دا اللي بفكر فيه، اللي فكر فيه لو غنى بنتي فعلا طارق وصلها ازاي وهم كانوا متفقين ياخدوها يبعوها...
ليه الاحتمال مايقولش انها بنته فعلا ودي كلها تكهنات مننا
زفر صهيب
-لازم تواجه طارق ياجواد...
هب واقفا وتحدث بغضب
-اواجه ازاي من غير دليل التحليل كان أمل
عقد ذراعه وتحدث
-بسيطة نعيد التحليل، بس مش حضرتك اللي هتعمله، إنا اللي هعمله
هكذا قالها بيجاد
ابتسم ريان بسخرية وهو يضع يديه على ذقنه
-أيوة فعلا بما إن حضرتك بقيت جوزها إحنا هنبعد و نتفرج من بعيد
نظر جواد حازم بصدمة
-اتجوزتها قبل ماتعرف هي مين.
مسح جواد على وجهه بغضب
-أنا تعبان يابيجاد ومش وقت اني احاسبك بس اللي متعرفوش أنا عرفت من ليلتها بس سايبك بمزاجي، افوقلك بس واتاكد انها بنتي
قهقه ريان بمرحه حتى يخرجهم من حالة الصدمة
-ايه ياحضرة اللوا لتكون صدقت اني هسيب ابني طعم. أنا أهدى واربط الخطوط صدقني وقتها كل واحد هياخد حقه...
ضيق بيجاد عينيه ينظر لوالده باستفهام
-هو إيه دا بقى إن شاء الله، يعني أفهم من كلامكم إنكم عاملين مسرحية.
. - اخرص يلاَ، معدش للعيال اللي نتفق معاهم، هز صهيب رأسه وهو ينظر لريان
بمعنى حزن جواد مسيطر عليه
زفر ريان من مرواغته المكشوفة، ثم اتجه لجواد
-المهم إحنا لازم منيأسش بدل فيه أمل وأنا مع اللي قاله بيجاد، ممكن فعلا حد كان مراقبك وزور التحاليل
خرج حازم من صمته
-وممكن متكنش بنته ياباشمندس
قاطعه صهيب وبيجاد
- لا بنته متأكدين، قاطعهم رنين هاتف بيجاد، تحرك بعض الخطوات وأجاب على هاتفه.
- أيوة يامحي، هنا توسعت عيناه عن محجريها
عشر دقايق وهكون عندك
قام بلملمة أشيائه وإتجه سريعا لجواد الذي يتحدث مع حازم
-طنط غزل في المزرعة، وحضرتك عارف من هنا للمزرعة اد ايه
صدمة زلزلت كيان جواد بالكامل، عندما أصابه الهلع وهو يتخيل حالتها.
هب مهرولا للخارج. لا يستمع لمناداة صهيب إليه. وبدون مقدمات تحرك ليستقل سيارته سالك طريقه للمزرعة بسرعة جنونية نحوها وحدها. يود لو يمتلك جناحين حتى يصل اليها بثواني معدودة
كان ينظر لطريقه وصورة إنهيارها أمامه. انسدلت عبراته وردد بلسان ثقيل
-مبارك يانفسي عليك وجعي، فيانفس ضُعفت وضُعفت إلى أنهكها التعب وأصبحت بلا إحساس
ظل يقود بسرعة جنونية ويقطع المسافات الى أن وصل خلال دقائق
قبل نصف ساعة.
-عايزة أقابل غنى طارق لو سمحت، او لو الباشمهدس ريان هنا قوله غزل الألفي برة
أتت بعدما بحثت وعلمت هوية من بالصورة التي شعرت منها إنها السبب بإنقلاب حالة زوجها، هي تعلم أنه لم يخونها أبداً. ولكن تريد أن تعلم ماذا صار له
بخطى متعثرة تحركت للداخل، وجدت تلك الجميلة تسير بالحديقة تتحدث بهاتفها
أشار الرجل المكلف بحماية غنى إلى العاملة
-خدي الدكتورة وصليها لمدام غنى.
جحظت عيناها وأردفت بشفين مرتعشتين عندما وخزها قلبها، أي انها زوجة من، غلبها عقلها وذهب بها لمنطق الخطر
-مستحيل تكون مرات ريان وجواد يحضنها
هزت رأسها غير مستوعبة حديث ذاك العامل، إتجهت لها العاملة وأردفت بإحترام
-اتفضلي يادكتورة انا عارفة حضرتك وحضرة اللوا أيام ماكنتم بتيجوا هنا، لم تستمع سوى كلمة حضرة اللوا، هل حقا جواد قام بصفع قلبها ونظر للأخرى
مستحيل رددها قلبها قبل لسانها.
وصل فرد الأمن للبوابة الرئيسية وبخه رئيسه
-ازاي تعمل كدا اتجننت. كان المفروض تكلم الأستاذ بيجاد
هز رأسه رافضاً
-دي الدكتورة غزل مرات حضرة اللوا، متخافش دي صاحبتهم أوي
تحركت بخطوات واهنة وجسد مرتعش إلى أن وصلت خلفها وهي تقف تتحدث بهاتفها
وقفت غزل ومازالت على صمتها لثوان تحاول تنظيم دقاتها الهادرة وانفاسها العارية أمام نفسها خوفا مما تلاقيه
اخترق سمعها صوتها وهي تتحدث لصديقتها.
- والله مجنون بس معرفش بحبه ليه، ثم صمتت هنيهة وتحدثت
- بقاله تلات أيام قافل على نفسه بعد ماقريبته جت هنا ومشي بعدها وبعد كدا رجع ومكلمنيش خالص، ضربت أقدامها في الأرض
- مامي وحشتني أوي. كانت بتكلمني بالليل وزعلت عليها أول مرة أكذب عليها. بس كله يهون علشان حضرة اللوا. عندي أمل أنه هيجي النهاردة، وحشني أوي يايُمنى.
شعرت غزل وكأن دلو من الماء البارد سقط فوق رأسها في تلك اللحظة، هنا أصابتها رغبة عارمة في أحتراق صدرها بأظافرها وتبعثر روحها وكرامتها، تحركت متجهة تقف أمامها بهدوء رغم نيران صدرها المشتعلة
استجمعت شتات نفسها وقوتها وسارت بخطى ثابتة نحوها.
ووقفت أمامها ترمقها شزرا، ولكن هنا توقفت جميع أجهزتها، وتصلب جسدها. وفقدت القدرة على الحركة وعجز اللسان عن التفوه، تقابلت النظرات، وتساقطت العبرات فجأة من مقلتيها، اهتزت شفتيها
رددت بلسان ثقيل للغاية
- غنى قالتها بفرحة بعيناها ودموع عيناها تنزلق كشلال على وجنتيها
اتجهت غنى مضيقة عيناها تنظر لتلك الشخصية التي تشبهها كثيرا ولكن صمتها بل دموعها وحالتها التي نعتتها بالجنون اشغلت قلبها قبل عقلها.
-نعم مين حضرتك؟
قالتها غنى وهي تتفحصها بنظراتها، أقتربت غزل برفع يديها المرتعشتين على وجهها تكاد تلمسها، تحركت للخلف خطوة وهي تناظرها بدقات عنيفة لا تعلم سببها
-حضرتك مين، مامت بيجاد
هزت غنى رأسها وتحدثت بس الشبه بعيد شوية. لا معرفش بس أول مرة اشوفك
كانت تنظر فقط تحاوطها بنظرات اشتياق. فجأة تعطلت جميع أجهزة جسدها وتجمد الدم بعروقها وجحظت مقلتيها عندما صاح جواد الذي أسرع إليها ووقف أمامها.
-حبيبتي إيه اللي جابك هنا
تبسمت له غنى عندما رأته امامها
رفعت نظرها وأشارت بإرتعاش جسدها
دي دي. غنى. ليه مخبيها عليا
لم تعد ساقيها تحملانها، استندت بجسدها عليه، تدفعه من أمامها
-جود حبيبي أكدلي إني مبحلمش صح. قالتها وهي تبتسم وتبكي. في آن واحد.
تحركت إليها ورفعت ذراعيها لتضمها
-تعالي حبيبتي في حضني، متخافيش أنا هعرف أزاي بابا يخبيكي الوقت دا بعيد عني.
جذبها جواد بقوة لأحضانه واضعا رأسه في عنقها فوق حجابها ودقاته تتقاذف بعنف ويهمس بأنفاس متقاطعة
-زوزو دي مش غنى بنتنا حبيبتي دي واحدة شبها
خرجت من أحضانه وهي تهذي بكلمات كالمجنون غير مستوعبة كلامه.
-ازاي جالك قلب تبعدها عني بعد مالقتها، أنا مخصماك على فكرة. لا وكمان بتيجي تقابلها وتاخدها في حضنك وحارمني منها، إبعد ياجواد إنت محروم منها شهر كامل، رفعت نظرها إلى غنى التي تقف ولا تعي شيئا ولكن هناك شعور مختلف تماما لحالة غزل. رفعت نظرها إلى جواد الذي يضم زوجته ويكاد يدخلها داخل ضلوعه
ضم جواد وجه غزل ونظر لمقلتيها.
-زوزو حبيبي بصي لحبيبك ياقلبي، دي مش بنتنا دي واحدة شبهها، دي بنت الدكتور طارق، فاكرة لما قولتلك بنته شبهك
هزت رأسها وعبراتها فوق وجنتيها، قام بإزالتها مقبلا خديها عندما شعر بذبح روحه من حالتها وأقترب يتحدث أمام شفتيها
-والله ياحبيبي دي الحقيقة لازم تستوعبيها.
هزت رأسها برفض ونزلت بساقيها عندما فقدت جسدها بالكامل وشعور بنخر قلبها بأشد وجعا
-دي بنتي، رفعت نظرها لغنى وتحدثت بصوت باكي
تعالي ياغنى لمامي، تعالي يابنتي نفسي أحس بحضنك، لا تعلم لماذا تحركت وجلست أمامها عندما شعرت بحزنها
-أنا مش فاهمة حضرتك بتتكلمي عن إيه
جذبتها غزل بقوة لأحضانها وظلت تبكي بشهقات مرتفعة وتضمها بقوة لأحضانها
-والله إنت بنتي محدش يقدر يكذب قلبي.
آآااااااه يارب، أحمدك يارب، وصل بيجاد سريعا تصنم جسده مما رأى، فيما وصل الجميع خلفه، اتجه صهيب إلى جلوس غزل وتساقطت عبراته على حالتها، جلس بجوارها يربت على ظهرها
-قومي يازوزو متعمليش كدا حبيبتي
رفعت نظرها إلى صهيب وتحدثت بصوت مكتوم
-كنت تعرف صح، هزت رأسها ورفعتها لزوجها الذي أغمض عيناه بقهر لما وصلت إليه الأمور، كان يخشى المواجهة. و هها حانت اللحظة الفارقة بينهما.
جلس جواد وحاول فكاك غزل من أحضان غنى المنكمشة التي لا تعي شيئا
-ياله حبيبي، تعالي وأحكيلك كل حاجة
دفعته غزل بقوة وتحدثت بغضب
- سألتك مليون مرة مالك وإنت بتخبي عليا بنتي ياجواد، إمشي من هنا مش عايزة اشوفك، ضمت وجه غنى وابتسمت بدموعها التي مازالت تبكي
- شوفتي باباكي بيعمل إيه معايا. لما نروح لازم نحاسبه على وجع قلبي دا، بكت غنى ولا تعلم لماذا
أزالت غزل دمعاتها.
- طيب بتعيطي ليه حبيبتي. إنتِ خايفة على بابي. أيوة ماإنتِ دايما كدا معاه. دايما تحبيه أكتر من مامي، قبّلت خديها وأردفت: - ياهبلة مقدرش أزّعله دا روحي فيه، والله مقدرش أعيش من غيره دقيقة، بس أنا زعلانة منه علشان معرّفنيش بس.
ابتسمت إليها
- تخيلي أمك المجنونة كانت جاية وعايزة تخنق الست اللي حاولت تقرب بس وتحضنه، رفعت نظرها إلى جواد.
- متخفش هسامحك علشان بناتك بس اللي من حقهم يقربوا منك. وضعت يديها في حضن جواد ونظرت لغنى
-حضنه دا مسموح لتلاتة بس غير عمتكم مليكة طبعا
نظرت لمقلتيها وأردفت
-أنا وانتِ وربى بس ياغنى. علشان كدا جيت أعرف مين اللي اقتحمت مملكتي
نهض جواد وهو ينظر لصهيب ويهز رأسه برفض
جذب غزل لأحضانه وأردف
-تعالي يازوزو لازم نتكلم حبيبي، لازم تسمعيني...
انزلت يديه وهي تهز رأسها وتحدثت.
-لا ياجود. استنى عايزة أتكلم مع غنى، ولا أقولك تعالى نروح بيتنا أخوتها هيفرحوا أوي، اتصل بأوس خليه يرجع من السفر
تنهد بوجع رفع يديه يتلمس بأنامله وجهها ويزيل دمعاتها
-حبيبتي لازم نتكلم، قومي لازم تسمعيني
نظرت إليه بتيه وتحدثت
-هو فيه أهم من رجوع بنتنا ياجواد نتكلم فيه، وسع إنت معرفش مالك حزين كدا ليه
نهض مرة أخرى ونزل بجسده يضمها حتى تقف، اتجه بنظره لبيجاد الذي فهم مايريده.
أوقف بيجاد غِنى بعيداً عن غزل وتحرك بعض الخطوات ينظر في كل الأتجاهات ثم تسائل
-هو بابا فين ماجاش ليه لحد دلوقتي
أجابه حازم وهو يتحرك اتجاه غزل
-جاله تليفون مهم ورجع إسكندرية
تحرك حازم وأمسك غزل بالاتجاه الاخر محاولا وقوفها عندما رفضت الحركة بعدما وجدت بيجاد يبعد غنى ويذهب للخارج
هزت رأسها وصرخت بقهر
- أنا مش هسمع كلامكم، جواد بيكدب عليا. معرفش ليه عايز يوصلي البنت مش بنتنا. نظرت لحازم.
- حازم إنت مصدقني صح، البنت اللي خرجت مع بيجاد دي غنى بنتي، استندت على يد جواد ووقفت وهو يحاوطها بذراعيه
- إنت ليه مش مصدق إنها بنتي، ليه شاكك ياجواد، تحركت ووقفت أمام صهيب
- عندك شك البنت اللي هناك دي بنتي، ثم توقفت فجأة
- ازاي مخلي بيجاد يحضنها كدا ياجواد، أشارت بيديها عليها
- قولها كدا حرام حتى لو مرتبطة بيه بس مينفعش. أيوة ماهي محدش عرّفها الحرام من الحلال، كلمات تهذي بها
نظرت بشرود ورددت.
- ازاي طارق بيقول البنت بنته. اتجهت ووقفت أمام زوجها
- طارق خطف البنت وسافر بيها وبعد كدا راجع يقول بنتي. طب إزاي، بدأت تتسائل وكأن عقلها لم يستوعب تلك الصدمات
جذبها جواد متحركا إتجاه البوابه
-تعالي نمشي من هنا وبعدين نتكلم ياغزل، البنت مش بنتي، افهمي بقى
لكمه صهيب ونظر شرزا له
- جواد ممكن تتحكم في أعصابك شوية إنت مش شايف حالتها
حاوطها بذراعيه متجها بها للخارج، حاولت الفكاك من بين يديه.
-إنت كداب ياجواد، البنت دي بنتي بتبعدها عني ليه
كانت بأحضان بيجاد وتبكي بشهقات على حالة غزل التي وصلت إليها
نظر جواد إليها وهو يتنهد بوجع ورغم تلك الغصة المتحكمة بقلبه إلى ماوصلت إليه غزل إلا إنه تمنى أن غنى تذهب معها.
رفعت نظرها تنظر له وعيونها تتسائل
ضم وجهها بين كفيه
-عندهم بنت إسمها غنى إتخطفت من سبعاتشر سنة، والبنت دي شبهك أوي. لا مش شبهك دول شاكين إنك هي.
رفعت نظرها سريعا الى جواد الذي يحاول يسيطر على مقاومة غزل، هنا اطبقت جفنيها بألم وجمعت ذاكراتها لقائتهما
وربطت حاله بما استمعت إليه، اشفقت عليه كثيرا وأعطته كل الحق فيما كان يشعر به فالأمر حقا صعب ومؤلم عليهما، ولكن تسائلت لماذا هي تشعر بهذا الشعور المسيطر عليها
تحرك بها بيجاد للداخل عندما شعر بحالتها
-تعالي ادخلي جوا ياغنى
هزت رأسها وتوقفت
-استنى يابيجاد لما أشوفها دي مش راضية تمشي ومُصّرة إني بنتها.
تلاشت كلماته وتحركت إليها
تسّمر جواد وصهيب وحازم بوقفتهم
وقفت أمامها تزيل دموعها وتحدثت بصوتا باكي
- أنا آسفة ياآنطي، كان نفسي تلاقي بنتك، ثم رفعت نظرها لجواد وتقابلت النظرات بأسفا
- آسفة لو سمحت سامحني
دفعت غزل يدي جواد وإتجهت إلى غنى
وضعت يديها بين راحتيها.
-انا عارفة اللي بتسمعيه دا كتير عليكي، أنا معرفش ازاي وصلتي لطارق. بس وحياة ربنا إنت بنتي حتى لو العالم كله شك فيكي أنا مستحيل أشك في بنتي، قالتها بصوتا باكي، متتأسفيش يابنتي
ضمتها غزل لأحضانها تربت على ظهرها
-والله إنتِ نور عيني يابنتي والله إنتِ بنتي
جذب جواد غزل بقوة
-كفاية ياغزل حرام عليكي، أنا عملت تحليل DNA البنت بنت طارق جحظت غنى من حديث جواد، ثم رفعت نظرها لبيجاد الذي هرب من نظراتها.
بخطى متعثرة اندفعت خارجة تركض بضع خطوات بلا هدي. كفى مااستمعت إليه اليوم، لقد انهكت روحها و جسدها بالكامل، خطّت إلى تلك السيارة. ولكن توقفت عندما شعرت بتلك الجذبة القوية التي جذبها بقوة لتصطدم بصدره محاوطها بذراعيها ينظر إليها
-كان لازم يعمل التحليل، عايز يثبت إنك بنته ولا لا
دفعته بكلتا يديها
-امشي من قدامي، طلعت كذاب وواطي يابيجاد كنت بتستغلني علشان صاحبك يعمل التحليل، بكرهك
بالأسكندرية.
دلف سريعا للمشفى يبحث عن الغرفة ويكاد قلبه يتوقف من شدة دقاته
وصل امام الغرفة التي وصل إليها من الريسبشن، وجد عمر يقف امام غرفتها
نطق بصوتا متهدج من شدة خوفه على ابنته
-اختك فين وايه اللي حصل
دنى منه بخطواته الهادئة وتحدث
-متخافش يابابا الدكاترة قالوا هبوط في الدورة الدموية دا السبب في حالة إغمائها
دلف سريعا لداخل الغرفة يبحث بقلبه قبل عينيه، رأته نغم التي اسرعت تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بكاءا مريرا.
-ريان شوفت اللي حصل لبنتنا
قبل رأسها وهو ينظر بقلبا يكاد يخرج من بين صدره خوفا عليها وتسائل بشفتين مرتعشتين
-ايه اللي وصل البنت لكدا يانغم، انا مش قولتلك عينك عليها وقربي منها
بكت نغم بأحضانه واردفت
- اوس جه إمبارح عندنا بعد سفرك بشوية. وقعد مع عمر يراجعوا على المشروع اللي طلبته من عمر. ثم رفعت نظرها وأكملت له.
- نزلت وطلبت مني يقعدوا مع بعض شوية. انا رفضت والله ياريان بس هي اصرت وقالت علشان مادلوش أمل على الفاضي ياماما
سمحتلها تقعد شوية في الجنانة وانا كنت جنبهم وبعد عشر دقايق خرج اوس من غير حتى مايسلم عليا. وهي طلعت فوق
بعدها بساعة قولت اسبها مع نفسها تعيد توازنها من مقابلته دخلت لقيتها مغمي عليها
وقف ينظر إلى ابنته بقلب مفطور، لاعنا الحظ الذي اوقع ابنته في حب كتب عليه بالإنكسار.
اتجه لفراشها يمسد على خصلاتها مقبلا جبينها
-هتكون كويسة إن شاءالله، إن شاءالله هتجتازي المحنة حبيبة بابا...
فتحت عيناها وجدت أباها امامها، انسدلت عبراتها وهي تهمس بإسمه
- بابي، رفع يديها مقبلها وتحدث بصوتا أليما لما وصلت إليه إبنته
- حبيبة بابي وروح بابي ياياسمينة قلبي
بكت بشهقات واردفت بصوت باكي
- سامحني يابابي مقدرتش. قاطعها ريان واردف: - إشش إهدي حبيبة بابي بعدين نتكلم، اتجه لنغم وتحدث.
- خليكي معاها هشوف الدكتور وراجع
تحرك سريعا للخارج وقلبه يختنق من حالة ابنته، منع دموعه وحاول التماسك.
جلست نغم تمسد على خصلاتها
-ياسو حبيبة مامي حاسة بإيه ياقلبي
حاولت ياسمينا أن تأخذ انفاسها التي تشعر بإنسحابها من جسدها وأردفت بصوتا حزينا
-قلبي بيوجعني أوي يامامي. قوليلي أزاي أوقف قلبي من الوجع يامامي. إزاي اخليه يرجع لطبيعته تاني.
رفعت نظرها لوالدتها وتساقطت عبراتها.
-هو الحب صعب اوي كدا يامامي، بيوجع اوي كدا، طب لو مااقدرتش أنساه هفضل موجوعة وتعبانة اوي كدا.
بكت نغم بشهقات على حالة إبنتها، رفعت ياسمينا يدي نغم ووضعتها على صدرها
-انا مش قادرة اتنفس يامامي
كان يقف بالخارج يستمع لحديث ابنته الذي شق قلبه لنصفين، دموعها الذي نزلت فوق صدره كقطع زجاج تنحره ببرود ليتملك منه الوجع، اطبق جفنيه وامسك هاتفه وتحدث.
-أوس فينك، تعالي المستشفى فورا دلوقتي، ثم اغلق الهاتف دون حديث آخر
بفيلا جواد الألفي
بعد خروج غزل ظهرا من الفيلا، اتجه عز سريعا الى جاسر الذي وصل للتو
-جاسر عايز منك خدمة
كان عائدا منهمكا من عمله
-فيه إيه ياعز أنا تعبان وعايز السرير بجد
دفعه عز لداخل الفيلا وتحدث
-عايز اختك المجنونة ومفيش حد غير الشغالين ومينفعش ادخلها، فهمت
ضيق جاسر عيناه وتسائل
-ليه ماما أجازة الشهر دا راحت فين.
رُبى، رُبى صاح بها عز وهو ينظر في مختلف الجهات وأجاب جاسر دون النظر إليه
- معرفش أنا كنت جي قالتلي خلي بالك من رُبى لحد ماجاسر يجي، حك رأسه وتحدث بسخرية
- معرفش ليه بتحسسوني إنها طفلة وهي عايزة قطع رقبتها، إستمع لصوت كعبها وهي تهبط الدرج بخطوات متمهلة بذاك الفستان الأبيض الذي جعلها كملكة متوجه ولما لا وهي ملكة قلبه
اتجه سريعا إليها ثم جذبها من ذراعيها بقوة
ونظر لها شزرا.
-شغل الهبل بتاع البنات دا مش عايزه. أصل ورب الكعبة أمنعك من الخروج
براحه ياحبيبي اعصابك ياحلو لتفلت منك
خطى جاسر إلى أن وصل اليهما ثم دفع عز بعيدا عن إخته
-اتجننت يلا إيه الهبل اللي بتعمله دا، بتهدد أختي وتمسك إيدها قدامي
عقد عز ذراعيه ونظر إلى المنكمشة في حضن اخيها
-طب يااخوها اللي عامل فيها حامي الحمى. قولها كانت مع مين إمبارح بعد الجامعة، ولا مين اللي طول الليل تكلمه.
استدرات تضع رأسها في حضن جاسر وهي تبتسم بخبث ثم استدارت
-حياتي مالكش دعوة بيها. وبعدين إنت مالك اصلا، عيلة تقول إيه واخواتها هما اللي ليهم الحكم عليها
وصل إليها يجذبها من حجابها من أحضان جاسر
-وحياة ربنا ماانا سايبك ياشبر ونص
أحس جاسر بإرتفاع ضغط دمه من افعالهما
ورغم ذلك وقف أمام عز
-غلط كمان مش مسموح متنساش نفسك يلاَ دي بنت جواد الألفي، بتغلط في تربيته واخد بالك
دفعه عز وصرخ بوجهه كأنه يطارد شيطانه.
لقد فلت الرمح من القوس وشعر بنيران تخرق صدرها
-بقولك إيه بلا جواد بلا صهيب البت اللي وراك دي بتكلم حد طول الليل وديني ماانا سايبك ياربى الكلب بتلعبي بقلبي تمام افتكري إن عز ممكن يسامح في أي حاجة إلا الخيانة
انسدلت دموعها ووقفت أمامه بعد مافقدت سيطرتها على نفسها.
-بلاش إنت تتكلم عن الخيانة يابن عمي لانك أكبر خاين، خونت قلبي ودوست عليه، وحياة وجع قلبي منك ياعز لأقهرك زي ماقهرتني، واوعى تفكر يوم ماعيط في حضنك هنا في الفيلا وقولتلك مسمحاك يبقى نسيت كسرتك ليا، ربى تسامح آه. لكن بمبتنساش اللي كسر كبريائها، تقول ايه بنت جواد الألفي
دنت منه واقتربت للحد الغير مسموح ونظرت داخل مقلتيه ثم
هزت رأسها وأردفت بإهانة، وقوفي جنبك دا ابويا علمهولي إمتى اقف مع الضعيف.
-عملت كدا لما حسيت أد إيه إنك ضعيف وفاقد الحياة فحبيت أخرجك من كبوتك بس ياابن عمي. ماهو انت ابن عمي برضو
بفيلا صهيب
جلست تتحدث بالهاتف إليه
-ايه ياجواد بقالي ساعتين بحاول اتصل بيك وحضرتك مش هنا
زفر جواد وحاول أن يملأ رئتيه ببعض الأكسجين بعدما شعر بالأختناق
- آسف ياجنى كنت مشغول، إيه وصلتي لحاجة، ثم نظر لخاله الذي قاد سيارته متحركا بالمكان واكمل.
- جنى هستناكي في الكافيه اللي اتقابلنا فيه المرة اللي فاتت بس عرفي مامتك تمام
هزت رأسها بالموافقة
-تمام ياجواد صوتك، ماله، إنت تعبان
أغمض عيناه وأردف: -لما تيجي هقولك على كل حاجة. ياله انزلي بسرعة ولو مامتك رفضت عرفيني
بالاسكندرية
وصل سريعا للمستشفى بعدما أتصل بعمر وعرف ماأصاب حبيبته
جف حلقه وأرتعدت مفاصله عندما وجد حالة ريان التي تدل على ماأصابها
اتجه ووقف أمام ريان وتحدث بهدوء رغم حزنه الكامن بقلبه.
-يارب تكون ارتحت كدا ياعمو ريان. يارب يكون منطقك وعقلك فهمك اللي وصلتله هو الصح، إحنا مش عرايس ماريوت تحركوها زي ماانتوا عايزين.
اختنق من طيف احلامه الذي حاول البعض سرقته ونظر لريان
-دنبي إيه، وذنبها إيه، عز كمان ذنبه إيه وربى ذنبها إيه. اللي بتحاولوا تفهمونا انكم الصح وإحنا الغلط
اقترب ريان وضم وجهه ضاغطا عليه بهدوء وتحدث.
-ذنبكوا إنكم رجالة أوي ولازم تحافظوا على معنى العيلة، العيلة دي مش مجرد كلمة وخلاص، أنا كان نفسي يبقى عندي أخوات كتيرة بس ربنا ماأردش. لكن لما قربت منكم يابني وشوفت حبكم وتماسكم محبتش حاجة تافهة زي دي تفرقكم
ابتسم اوس بسخرية
-وبناءا على كدا حضرتك فكرت وقولت لا حرام افرق شمل العيلة مش كدا يادكتور قالها أوس بقهر
تحرك ينظر إليه
- معرفش إزاي حضرتك تفكر كدا، ياريت جت من واحد جاهل. هز أوس رأسه برفض واكمل.
- مش قصدي طبعا الجاهل في التعليم. أنا أقصد هنا الجاهل بالمشاعر يادكتور، قالها ثم توجه يطرق على الباب وينظر لريان
- بعد إذن حضرتك طبعا اعتبرها صديقة وجاية اطمن عليها قالها ثم دلف للداخل بعدما سمحت نغم إليها
دلف ينظر لتلك الغافية على الفراش لا حول لها ولا قوة. خنجر بطعنة أصابت قلبه فانسكبت دمعة غائرة عل. وجنتيها
خطى بخطوات متزلزلة كحال قلبه، توقف امام فراشها ونظر لوالدتها.
-ليه سايبة شعرها كدا، فين حجابها
ابتسمت نغم له واردفت
- تنفسها ضعيف. رفع البونيه الخاص بالمشفى ووضعه على خصلاتها
- دا ممنوش حاجة ياطنط لو سمحتي، مينفعش حد غريب يشوفها
فتحت عيناها تنظر إليه بعدما انسدلت دمعاتها ورددت اسمه بشفتيه
- أوس حبس أنفاسه داخل صدره ونظر لنغم
- حمدالله على سلامتك ياياسو. ياله فوقي إيه الضعف اللي وصلك لكدا، ثم نزل لمستواها.
- إنتِ مفكرة هوافق على كلامك الأهبل دا. فوقي بس لسة حسابنا قدامنا.
بالقاهرة
بالسيارة ضمها لأحضانه محاوطها بذراع وقاد بذراعه الأخر
إيه رأيك حبيبي ننزل يومين الغردقة ولا نروح إسكندرية عند ريان
سكنت ثواني واضعة راسها بكتفها ودموعها مازالت تتساقط رغما عنها
-إزاي مش بنتي، قولي حاجة تطمن قلبي ياجواد لو سمحت.
اتجه إليها بأعين دامية وتائها، عاجزا. ضم جسدها إليه
-إنسي ياغزل، كل اللي شوفتيه انسيه كانه محصلش.
وضعت يديها على صدرها تدلكه مردفة
-وتفتكر قلب الأم ممكن ينسى ياجواد.
توقف بجانب الطريق ضامما وجهها بين راحتيه
-وحياة جواد عندك لازم تنسى، انا بموت لما بشوفك كدا يازوزو
تحرك بالسيارة بعد ماوجد سكونها
-هنروح اسكندرية
هزت رأسها بالرفض وتحدثت
-لا عايزة اروح لربى وديني عند ولادي، البنت مش عجباني الأيام دي
أومأ براسه بالموافقة وتحرك دون حديث آخر
بسيارة بيجاد، التزم صمته، فبعدما تحدث مع والده وعرف ماأصاب اخته قرر ان يأخذها لمنزل والدها.
-غنى زي مااتفقنا بلاش تحكي حاجة لمامتك وباباكي. انا يومين وهرجع
رفع نظر إليها
-انا ماكذبتش عليكي من أول ماشفتك وقولتلك كل حاجة، اينعم مش بالتفصيل لكن قولتلك، غنى ياريت تصدقي. واهم من دا كله إنك مراتي ومستحيل اتخلى عنك.
تنهد بهدوء وأردف
-المرادي هيكون رسمي ياغنى بابا هيجي معايا
التزمت الصمت فحالتها وتشوش عقلها كفي ماصار لها اليوم، جلست تتذكر لحظاتها مع جواد وجاسر ناهيك عن غزل التي ذهبت بعقلها.
نظر اليها وراق له صمتها والجلوس بقربها. والتلذذ بملامحها. نظر ليديها التي تشابكت بذراعيه. ابتسم بهدوء
بعد مرور شهرا
كانت تغفو بفراشها، استيقظت على رنين هاتفها قامت بفتح الخط واجابت بصوتا متأثر بالنوم
-حبيبي انا تحت. عشر دقايق وتكوني تحت، وياريت بشنطة هدومك
افاقت واعتدلت جالسة وتحدثت بسخرية
-ومين إن شاء الله اللي هيوافق
قهقه بمرح
-مراتي حبيبتي، عندك مانع
مطت شفتها بحزن وأردفت.
- يادي مراتك اللي كل شوية قارفني بيها
- لا والله. طيب يامراتي عدى خمس دقايق. هشوف هتنزلي إمتى
قفزت سريعا من فراشها وهي تقهقه عليه فقد وصلت لمبتاغها
فكان مايؤرق روحها اكثر إشتياقها له. فمنذ أن قام بخطبتها. بدأت تشتاقه حد الجنون. تذكرت ذاك اليوم الذي اتى ريان وجواد لخطوبتها، فكان من أسعد أيامها عندما توطدت العلاقة بينها وبين غزل وجواد
ارتدت ثيابها سريعا ثم هبطت للاسفل. قابلتها والدتها على درجات السلم.
-رايحة فين ياغنى
قبلتها وأردفت
-بيجاد تحت يامامي
هزت رأسها دون حديث وأمسكت هاتفها
-ايوة ياأحلام. ايوة الولد جه برضو وأخدها. أنا خايفة يجي ويقولي عايز اتجوز. انا لازم اعمل اي حاجة وابعدهم عن بعض
أجابتها أحلام
-متخافيش ياتهاني زي ماشوفنا صرفة للتحليل هنشوف صرفة لبيجاد دا كمان معرفش طلعلنا منين مكنتيش حوزتها ليحيى ابن سهير وخلصنا
هزت رأسها برفض
-البنت رفضت خالص والصراحة انا شايفة يحيى مينفعهاش دا شمام كمان.
زفرت احلام بغضب وفين طارق من دا كله
نظرت بشرود وتذكرت حالة جوزها في الأيام الاخيرة
-أهو طارق دا اللي بقى غريب خالص. تخيلي رافض جوازها خالص، مكنتش اعرف دا هيكون رده
بقسم الشرطة
-جلس ينظر لهاتفه وتلك الصورة التي تزينه، ابتسم عندما تذكر ضحكاتها وحديثها
فلاش باك
-شكرا ياحضرة الضابط انقذتنا
ابتسم لها ثم نظر للتي تجاوره تنفخ بغضب
- ياله يابنتي هنفضل طول الليل واقفين ثم رفعت نظرها لجاسر وتحدثت.
- عرّف أبو دم خفيف إن غنى مابتسبش حقها، وهولعله في بيته لو عمل كدا تاني قالتها ثم تحركت
بسطت يمني يديها
- شكرا لحضرتك، بادلها سلامها
- جاسر، أسمي جاسر
استقل سيارته وهو يدندن، قابلته جنى وربى على بوابة منزلهما
ضيقت جنى عيناها
-مين دا؟! اومال الحلوف اللي كان من يومين راح فين
جذبها من أكتافها وتحرك سريعا أمام ربى قائلا
-بقيت عروسة احسن من عروستك ياصغيرة
تصنمت بوقفتها تلكمه بصدره
-امشي من هنا والله لاخاصمك.
بكلية الحربية
بعد خروجه من كلية الحربية
ركب سيارته واذ فجأة ينصدم بإحداهما
نزل سريعا يعتزر
-إنتِ كويسة
أغمضت عيناها وتمنت أن تُزهق روحها، مازالت تجلس مكانها ولم تجيبه
نزل ياسين بجسده ليطمئن عليها
-ياآنسة إنتِ كويسة
نظرت بدموعها
-ياريت موتني وريحتني. تجمع بعض الناس حولهما، امسكها ياسين وأوقفها
متجها لسيارته
-تعالي نروح المستشفى لازم نطمن عليكي
هزت رأسها رافضة ونظرت حولها بهلع.
- انا كويسة، لو سمحت سبني أمشي قبل مايلحقوني
نظرت وجدت احدهما يبحث بين الموجودين عنها، أسرعت تدلف داخل سيارة ياسين وهي تشير بيديها أن يتحرك.
بفيلا المصري
تتحدث بهاتفها مع إحداهما
-عرفت هتعمل إيه...
إياك تغلط، بعد يومين بالضبط لما بيجاد يرجع هبعتلك رقم تليفون اللتنين وتعمل زي ماقولتلك بالضبط، ومتنساش حضرة اللوا بياخد باله من الصغيرة قبل الكبيرة
وصلا أمام المزرعة، ترجل من سيارته وتحدث
-عازمك النهاردة على ركوب الحصان. إيه رايك
ارجعت خصلاتها المتمردة ورفعت حاجبها بسخرية.
-لا والله. حصان اكيد بتهزر انا فكرتك جي علشان نخلص من موضوع كتب الكتاب اللي حضرتك مورطني فيه
تنفس بهدوء حتى لا يغضب عليها
-انتِ كل ماتشوفني هتقعد تقولي الكلمتين دول، على مااعتقد اننا اتفقنا صح ولا إيه
عقدت ذراعيه ونظرت إليه
-اتفاقنا انك هتتقدم وانا أوافق وبعد كدا هطلقني وزي ماقولت هنسيب بعض قدام بابا وماما
دنى ينظر إليها رافعا حاجبه بمكر ثم حاوط خصرها
- هو انا أهبل علشان أسيب الجمال دا.
ضغطت بكعبها على قدميه
-اتلم إحنا اتفقنا وخلصنا وعرفت ليه عملت كدا
بمكتب ريان دلفت جاكلين تتحرك بخيلاء
اتجهت تجلس امام مكتبه
- عامل ايه ياريو وحشتني، جذبت الكرافت الخاص به، مما شعر بأوردته كنيران. نهض واقفا ينظر إليها بغضب
- عايزة ايه ياجاكي، جاية ليه على مااظن اتفقنا على كل حاجة
مطت شفتيها ورفعت حاجبها بسخرية
-هتغير رأيك ياريو، قاطع حديثهما رنين هاتف ريان، ولكنه لم يجب عليه
أشار إليها على باب المكتب.
- عندي إجتماع معنديش وقت للتفهاتك دي. امسكت حقيبتها وابتسمت ساخرة بجانب فمها
- مترجعش تلف ورايا تاني ياريو. قاطعها رنين هاتفه مرة اخرى
نظرت للهاتف وتحدثت
-رد ما يمكن خبر مش كويس، قالتها وهي تناظره بإستهزاء
في المزرعة قبل قليل
جذبها من ذراعها عندما ثارت أمامه
-انا قولتلك رافضة العلاقة دي يابيجاد واتفقنا ليه رجعت في كلامك
وضع خصلة متشردة خلف أذنيها وأردف بهدوء ناظرا لعيناها.
-يمكن علشان بحبك ومقدرش أعيش من غيرك، كانت تنظر بالخارج. توقف نظرها على أحدهما يتجه بسلاحه إتجاه بيجاد، لم يسعها الوقت للتفكير فقد خرجت الرصاصة من ذاك السلاح لتدفعه واقفة أمامه تتلقى تلك الرصاصة الغادرة من احدهما
سقطت بين أحضانه وانسدلت دمعة بجانب عيناها وهي ترفع يديها على وجهه وتتحدث بصوتا متقطع
-الحب مواقف مش كلام، دا كلام ليا
هز رأسه وصرخ بأسمها يضمها لأحضانه.
صرخة بآهة قطعت احباله الصوتية بإسمها عندما غابت عن الوعي
خرج من سيارته يتحدث بالهاتف
-أيوة ياجاسر تمام عشر دقايق اغير هدومي ونازل. اوف خلاص فهمت
لمحها تجلس بجوار جنى وتقى ولكنه اخطاهم بعد إلقاء التحية، أسرعت خلفه وجذبته من ذراعيه
-إيه اللي سمعته دا ياعز. أكيد إنت مجنون مش كدا
أنزل يديها بهدوء من على ذراعيه ونظر داخل مقلتيها
- ألف مبروك يابنت عمي نسيت أباركلك على الخطوبة بالرفاء والبنين.
قالها عز صاعدا لغرفته كأن شيطان الجن والأنس تطارده
وقفت مزهوله تنظر بشرود لمغادرته
اتجهت جنى إليها وتحدثت
-حاولت أفهمك اللي بتعمليه دا غلط، مشيتي ورا جواد، وأهو شوفي بقى عامل إزاي
هزت رأسها رافضة حديثها، ظلت تتذكر افعاله في تلك الأيام الاخيرة ثم تحركت خلفه
-أنا مش ضعيفة علشان اسيبه يعمل الجنان دا، دلفت سريعا خلفه دون تفكير.
خرج من الحمام وهو يلف نفسه بمنشفة متجها لغرفة الملابس، اصطدمت به عندما اقتحمت الغرفة.