قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية تمرد عاشق الجزء الثالث للكاتبة سيلا وليد الفصل الخامس

رواية تمرد عاشق الجزء الثالث للكاتبة سيلا وليد الفصل الخامس

رواية تمرد عاشق الجزء الثالث للكاتبة سيلا وليد الفصل الخامس

كنت أظن أني أتمكن من العودة إلى حياتي مرة أخرى ولكني نسيت كيفية الحياة بطريقة طبيعية دون الحزن، وكنت أعتقد أنه يمكنني كتابة كلمات عن الفرح والسعادة ولكن عندما فعلتها أدرك أن شيءٍ داخل قلبي انكسر.

بعد حفل الخطوبة باسبوعين
-تجلس تضع ساقًا فوق الأخرى
-بقولك ياأمجد عندي واحدة قارفة بنتي، ومهددة حياتها، والصراحة عايزة فيروز تفضل في بيت الألفي
اعتدل يستمع إليها بإهتمام
-إنتِ قصدك فيروز متجوزة في بيت الألفي، ال هو جواد الألفي ابو جاسر الألفي
نفثت تبغها، ثم رفعت حاجبها بسخرية قائلة:
-ايه ياأمجد مالك متفاجئ كدا. دنى بجسده يستند على الطاولة
-هي ازاي فيروز اتجوزت من ابن الألفي.

ارتفعت ضحات سحر وهي تتلاعب بخصلاتها
-مش هخبي عليك كنت رافضة الجوازة دي، بس لما قعدت مع نفسي وخططت كويس انا وناجي، قلونا لازم نضرب عصفورين بحجر واحد
نفثت تبغها مرة أخرى وحاوطته بنظراتها قائلة؛
-طبعا تعبتنا جدا، لحد ما وصلت معاها لحل واحدة بنت حلال قالتلي عليه
قطب جبينه متسائلا: -مش فاهم. ابتسمت بتهكم قائلة مش ضروري تفهم. بتر حديثهم الجالس بصمت.

-أنا الظابط دا مضايق منه وعايز انتقم، وبقالي فترة بجيب قراره، كنت هخطف مراته، بس عرفت انها بنتك عشان كدا جيتلك
التفت أمجد إليه متسائلا:
-انت قصدك على جاسر هو ال عمل قضية لخطيبتك. جز على أسنانه ونيران شيطانية تخرج من مقلتيه قائلا
-لازم اضربه ضربة اخليه بعد كدا يفكر مليون مرة قبل ما يعمل حاجة يضايق اسياده
قوس أمجد فمه ناظرا بخبثت لصديقه الذي يدعى هاني المغربي
-جاتلي على طبق من دهب ياهنوش، نفكر ونخطط.

-هقولكم على يكسروا، بس انا مش عايزة دم، ابتسمت وأردفت: -بس ممكن نتمتع شوية، قالتها بغمزة لأمجد. ضرب أمجد كفيه ببعضهما
-حلوووو ياسحور، نتمتع منتمتعش ليه، بس يارب الحلوة تكون حلوة
تراجعت بجسدها توزع نظراتها بينهما ثم اردفت
-بنت عمه، اسمها جنى صهيب، البنت مهندسة في شركة يعقوب المنسي، لسة مخطوبة من أسبوعين
قطع حديثها هاني
-بتقولي مخطوبة وبنت عمه، ودي هتفيدنا بأيه، انا عايز اخته، حد يكون قريب منه.

ضحكت ضحكة رقيعة واجابه
-لا دي ال هتكسره، أخته متجوزة ياغبي، وجوزها ابن عمها، أما دي بنت فاهمني يعني توجع
حك ذقنه بتفكير، ثم تسائل
-البت حلوة. تهكمت مردفة
-هي من جهة الحلاوة فهي حلوة، وكمان البت بريئة زي مابتقولوا كدا بيضة مقشرة، دي ال توجعهم كلهم، وفيه بنت عمته، بس البنت دي لازم أبعدها عن فيروز، شوف البنت صورتها اهي، انا كنت هشوف حد يخلص الليلة، بس بدال عندكم طار مع الظابط يبقى خلوها بيتا.

مط هاني شفتيه وتحدث
-ايه رأيك ياأمجد نتسلى بالحلاوة دي. البنت صاروخ ارض جو الصراحة
رفع نظره يهز رأسه غامزا
-هو الظابط ايه حكايته معاها الاول، يعني فيه بينهم كيميا عشان نعرف نوجب صح
نفثت سيجارها وتحدثت بغل
-الحقير طلع بيحبها، بعد مااتجوز بنتي ال مكنش يطول ضفرها اصلا
-لا اهدي كدا وفهمينا الحوار كله عشان نعرف هنعمل ايه
عند جاسر وفيروز
توقفت خلفه وهو يرتدي ثيابه
-هتفضل مقموص كدا، معرفش اتغيرت ليه كدا ياجاسر.

استدار يرمقها بغضب
-أنا ال اتغيرت، أنتِ مش شايفة نفسك ياهانم بقيتي ازاي. اقترب منها وامسكها من ذراعها بقوة
-انا معرفش أنتِ مين اصلا، فين البنت البريئة ال اتجوزتها. أشار عليها باحتقار
-مين دي، روحي شوفي نفسك وتعالي اتكلمي، صمت لبرهة متذكر شيئا
-اشتريتي فستان مقرف لحفل الخطوبة وحذرتك من لبسه، وبرضو نزلتي بيه، كنت مش عارف ابص في وش اخواتي واهلي من قرفك
نظر لمقلتيها متسائلا.

-انا ليه معنتش بشوفك بتصلي، ايه عندك عذر. نظر إلى بطنها وتحدث متهكما
-ولا يمكن الحمل كاذب. انسابت دموعها على وجنتيها تهز رأسها رافضة حديثه
-انت بتهني ياجاسر. أطاح بيديه كل مايوجد أمامه وصرخ
-اهينك. انت بتهيني دينك ياهانم، ازاي تبيني جسمك قدام الكل بطريقتك القذرة دي، والله اتكسفت منك، كنت خايف يقولوا عليكي رقاصة
-انا مسمحلكش، قالتها بغضب.

كور قبضته واستدار يكمل ارتداء ثيابه محاولا السيطرة على نفسها حتى لا يصفعها. احمدي ربنا أننا عند بابا، لولا كدا صدقيني مكنتش رحمتك
قالها وتحرك للخارج. أسرعت خلفه
-جاسر أنا بكلمك ياريت توقف وترد عليا. تحرك ولم يعريها اهتمام وصل حيث الجميع.
-صباح الخير
ابتسمت غزل تربت على ظهره
-صباح النور ياحبيبي، رجعت امتى محستش بيك
جلس ونظراته على والده الذي يقرأ الجريدة ولم يرد عليه تحية الصباح، ثم رفع نظره إلى والدته.

-جيت من كام ساعة ياحبيتي، انت عاملة ايه، وفين الباقي
جلست بجواره تضع له الطعام
-أوس سافر مع مراته اسكندرية بعد خطوبة جنى بيوم، وياسين في الكلية، ومفيش غيرنا انا وبابا
ارتشف من قهوته وتسائل
-غنى وبيجاد سافروا؟
اومأت برأسها
-أيوة بيجاد قال هيجبها اخر الاسبوع عنده سفرية، وكمان. صمتت تنظر إلى جواد
-هتيجي تسلم على ربى جنى وعز قبل السفر
ضيق عيناه متسائلا:
-سفر فيه، ليه هما رايحين فين
ألقى جواد الجريدة.

-غزل فين القهوة. أشارت بعيناها عندما وجدت تعصبه من سؤال جاسر
-قدامك ياجواد وبعدين انت وابنك قهوة. من غير فطار
-ماما مقولتيش جنى مسافرة فين. اقترب جواد برأسه ينظر لمقلتيه قائلا بنبرة حادة
-امك بتقول عز وربى وجنى، ماقلتش جنى بس ياحضرة الظابط، خلي بالك من كلامك
نهض ثم ألقى محرمته وتحرك للخارج. أوقفته فيروز.

-جاسر، قولت هنمشي النهاردة، ايه ناوي تقعد هنا تاني، انا اتخنقت. استدار إليها فهو لا يتحمل الان أي ضغط
-مش ماشين وريني اخرك. صرخت بوجهه، يبقى انت مجنون
صفعة قوية على وجهها، توقف جواد يصرخ به موبخا إياه
-ولد اتجننت بتضرب مراتك قدامنا. لم ينظر لوالده وأشار بسبابته محذرا
-انا حاولت اكون عاقل معاكي، بس انتي متستهليش، هوريكي المجنون دا هيعمل فيكي ايه. استدار ليتحرك أوقفه جواد غاضبا.

-هتنقل انت ومراتك النهاردة، وإياك اسمع صوتك، وزي ماهي قالت حياتها ولازم تبنيها ومش هتكلم على تهورك تاني ياجاسر
-وأنا فين حياتي ياحضرة اللوا، انا فين من دا كله، ليه كل واحد بيشد فيا من ناحية، اموت عشان ترتاحوا
ليس على الإنسان أن يقتل عواطفه بداخله، فهناك قدرة. لكل شخص سينفجر بها إذا زادت عن حدها. اقترب من والده
لو بتحبني ادعيلي اموت عشان اريحك من ابنك المتهور
شهقت غزل تضع كفيها على فمها، واسرعت إليه.

-بعد الشر عليك ياحبيبي. دلف صهيب بجوار عز على حديث جاسر، ينظر إليه بذهول
-مالك يابني على الصبح. ارتدى نظارته ونظر لزوجته بقلة حيلة واجاب عمه
-مفيش ياعمو، بعد اذنك. تحرك للخارج، وهو لا يكاد يرى أمامه. تحرك كالمخمور، يتخبط بسيره، بخطوات مبعثرة مثل خفقاته يشعر بأنه انسلخ عن الجميع ليحيا الألم ويشق صدره حتى يصل لقلبه ويدميه دون صوت.

-صباح الخير ياجاسر، ايه معدي مش هاين عليك تصبح على عمتك. قالتها مليكة بتصنع الحزن
اتجه إليها انحنى يطبع قبلة على جبينها
-صباح الفل ياعمتو، آسف مشفتكيش. ربتت على كتفه مبتسمة
-عارفة ياحبيبي، مال الجميل ماشي في وشه مش شايف حد قدامه
رسم ابتسامة وتحدث
-لسة صاحي من النوم، وقايم معكنن والله ياعمتو، كان مالي ومال الشرطة، ضيق عيناه متسائلا:
-جواد فين مش باين. أخرجت زفرة محملة بالوجع ثم إجابته.

-سافر العريش، فرح واحد صاحبه. اومأ برأسه متفهما
-قصدك هرب من الخطوبة. ابتعدت بأنظارها بعيدا متنهدة ثم أردفت
-يمكن يابني، احنا هنسافر تركيا اخر الأسبوع لعمك، كنت مستنية تقى تخلص الجامعة
ربت على كتفها
-حبيبتي ياعمتو والله معرفش فيه ايه الكل بقى عايز يسافر، انا شايف السفر مالوش داعي، زعلت من جواد لما قدم استقالته من الشرطة، انا عارف ومتأكد أن الشرطة حياته.

ابتسمت بهدوء
-كدا أحسن ياحبيبي، وبعدين حازم الشغل كتر عليه، لازم جواد يساند باباه شوية، انت شايف سفره بين القاهرة وتركيا بقى مرهق، وخصوصا بعد عز ماشارك يعقوب خطيب جنى
سامعة حد بيجيب سيرتي. استدار لتلك الملاك المتجه إليهم
-حبيبة عمتو النشيطة، اقتربت تطبع قبلة على وجنتيها
-صباح الفل ياحبيبة قلبي، رفعت نظرها لذاك الذي يطالعها بهدوء
-صباح الخير ياحضرة الظابط
صباح النور. قالها بهدوء. ضيقت عيناها.

-لابس نضارة ليه مش عايز حد يشوف عيونك ولا ايه قالتها بإبتسامة
ضمتها مليكة وهي تشير إليه
-بقول كدا برضو ياجنجون، تلاقي فيروز محرجة عليه محدش يشوف عيونه
هزت جنى رأسها:
-لا ياعمتو، ممكن خايف يتحسد، ماهو الرمادي حلو برضو
رفع حاجبه بسخرية:
-لا والله دا ايه الاستناجات الحلوة دي. اتغر أنا بقى
استمعت الى رنين هاتفها
-خطيبي برة ياجماعة بعد اذنكم. تحركت متجهة للخارج، استئذن من عمته وتحرك خلفها.

-جنى. صاح بها، استدارت تنظر لتحركه من بعيدا بقلب مفطور، تراه اجمل من نجوم هليود، تكورت دمعة غادرة بعينيها كلما تذكرت أن هذا الشخص ماهو سوى روحها، كيف لها أن تتعامل معه وكأنه لا يوجد، كيف ستصمد أمام نزيف قلبها المجروح. اقترب منها
-مكملناش كلامنا امبارح عز جه ومكملناش
ضيقت عيناها متسائلة
-كلام ايه مش فاكرة؟
دنى منها يغرز رماديته ببنيتها.

-ليه وافقتي على يعقوب بالسرعة دي، مع أنه مش زينا، مجرد اربع شهور خلاص يتحب
ابتسمت بسخرية القدر قائلة
-جسورة هو انت متقلب ياحبيبي، انت من أسبوعين باركتلي، صمتت تضيق عيناها قائلة
-لا انت مش باركتلي صح، نسيت ياجسورة
رمقها بغيطٍ، ثم أردف
-زي ماانتِ مش باركتلي على حمل فيروز
ابتعدت بأنظارها تنظر إلى يعقوب الذي خرج مستندا على سيارته بإنتظارها
-ممكن يكون نسيت، وبعدين انا وقتها تعبت ومحستش ونسيت بعدها.

اومأ برأسه ومازالت نظراته عليها
-يارب المرة دي تكوني صادقة ياجنى، ومالقيش بعد خطوبتك حاجة تصدمني فيكي، دنى وانحنى ينظر لعيناها مباشرة
-بربط حاجات ببعضها بتوجعلي قلبي يابنت عمي. تراجعت خطوة للخلف بعدما ضربت أنفاسه وجهها، ناهيك عن رائحته التي تخدرها فتحدثت بتقطع
-جاسر معرفش بتتكلم عن ايه، المهم عايزة أقولك حاجة مهمة
اعتدل بوقوفه ينظر إلى يعقوب
-شوفي خطيبك وبعدين نتكلم، اصلي مش ضامن نفسي قدامه الصراحة.

سألته مقلبة عينيها بعدم فهم
-معرفش حصلك ايه، بقيت لغز. فتح باب سيارته وأشار عليه
-روحي ياجنى، فضلي تكة وهطلع اضربه
ضحكت بصوت ناعم، تضع كفيها على فمها
-مجنون وحياة ربنا، مقدرش يعدي يوم غير لما اسمع افشاتك دي. حرمتني منها يابن عمي. أغلق باب السيارة بقوة واتجه إليها يمسكها من ذراعها بغضب.

-بت متجننيش، شايفة دي افشات، دي غيرة ياهبلة، امشي من قدامي، مش بقولك باقيلي تكة وهنفجر. قالها وهو يرمق يعقوب الذي نظراته عليهما
-براحة ياجسورة، ممكن ضغطك يعلى حبيبي كفاية مراتك لوحدها مصيبة. انحنى بجسده حتى أصبح بمقابلة وجهها
-شامم ريحة تريقة ياجنونة، وضعت كفيها على فمها وابتسمت
-ياريت تريقة، ثم رفعت كفيها على قميصه كأنها تزيل اتربته
-مراتك الهبلة بتغير عليك مني، بتقولي ابعدي عن جوزي، ومتلفيش عليه.

رغم قالتها بإبتسامة إلا أن دموعها تكورت بعينيها، فرفعت بصرها وتقابلت بعينيه
-ياريت تفهمها أننا اخوات، وانا زي ربى وغنى، مكنتش عايزة اشكيلك، بس بعد خطوبتي وكلامها ليا امبارح بالليل ضيقني جدا، انا واحدة مخطوبة ومش عايزة كلام يسئ لسمعتي، مش كدا ولا إيه يابن عمي.

جذب رأسها وطبع قبلة على رأسها
-حقك عليا، أنا اسف، ومتضيقيش منها هي الحمل مأثر عليها شوية، حاضر هتكلم معها، ومتزعليش احنا هننقل اصلا وهنمشي
جحظت عيناها وارتجفت شفتيها متسائلة
-هتسيبوا حي الألفي. كانت نظراته عليها من تحت نظارته
-ما أنا عرفت انكم مسافرين برضو، مش هتكلم في الموضوع دا دلوقتي ياجنى، انتي قولتي سبني ادور على السعادة، فأنا هسيبك يابنت عمي. صمت للحظات ثم أكمل.

-بس يارب تلاقي السعادة ياجنى، أصل في غيرك اهبل حاول وضاع، لا لقي سعادة ولا حتى سمع عنها، كله مسكنات يابنت عمي، وأنتِ عارفة المسكن بيكون مجرد مهدئ لساعات ويرجع الألم يزيد.
ياله روحي لخطيبك شكله زهق وهيسيبك ويمشي، وانا الصراحة اتمنى. قالها وهو يغمز لها عندما فتح باب سيارته متحركا بسرعة جنونية للخارج
توقفت تنظر لأثره، بقلبًا مفطور، ثم اتجهت إلى يعقوب
-صباح الخير
ابتسم بتلقائية.

-هل يعقل إنكِ تتركي زوجك المستقبلي وتتحدثين مع ملهمك جميلتي
ابتسمت إليه وتراجعت بجسدها للمقعد
-عرفت أنه هينقل النهاردة من بابا، كان لازم اتكلم معاه، اتجهت بنظرها إليه
-جاسر كويس جدا، كان نفسي تتعرف عليه، بس معرفش كل اجتماعتنا هو مبيكنش موجود
-لانه عاشق سيدتي، والعاشق مجنون بالغيرة
ابتسمت بسخرية وأجابته
-عذرا سيدي، أنه عاشق لزوجته وليس لي، ألم أقل لك أنه سيتركنا من أجلها.

اومأ برأسه وتحرك ثم تحدث
-لكنني مازلت غير مقتنع جميلتي، فهناك شك لدي، ألم ترينه بالأمس، فهو كالطائر الذبيح
-يعقوب اصمت فالحديث الان لن يجدي. ايه سوف نذهب لتلك المشفى لتقابل تلك الجميلة
ابتسامة شقت ثغره فأومأ برأسه قائلا
-لم أصدق جنى، حتى اراها أمامي وأتاكد من وجودها
-هي يعقوب لا تقلق، فأنا متأكدة. نعم لم اراها منذ زمن ولكني على يقين من أنها هي.

اتذكر بحديث عمي عندما توفي والدها، كانت جميلة حقا، جلست معنا لبعض الوقت، ولكن القانون لن يتثنى بوجودها عندنا
اومأ متفهما، ثم استدار
-بماذا كنتم تتحدثون
ابتسمت عندما تذكرت حديثها، لمعت عيناها بالسعادة
-انه مجنون صديقي، صمتت ثم اتجهت بنظرها إليها
-انني خائفة من ردة فعل والدي، هل تظن أنه سيحزن عندما يعلم أنني فعلت ذاك حتى أظل بجواره
تنهد بحزن ونظر أمامه.

-لا أعلم كيف يفكر عمك، ولكنني على يقين أن هناك أمر عند جاسر، ولابد انكِ تعلميه.
وضعت رأسها على زجاج السيارة وذهبت بشرودها لذاك اليوم بعد عملها بشركة يعقوب لمدة ثلاث شهور، رجعت من عملها مرهقة، اتجهت إلى منزلها وانعمت بحماما دافئا، حتى تزيل ارهاق اليوم، دلفت ربى إليها
-ايه يابنتي مش هتنزلي النهاردة عيد ميلاد فيروز، ودا أول عيد ميلاد ليها هنا في البيت
جذبت الغطاء وتحدثت بإرهاق.

-مش قادرة راجعة مرهقة جدا، جذبت الغطاء
-لا لازم تقومي، دا غنى قالت لازم تحضري مخصوص، حتى جابتلك فستان إنما ايه يابت ياجنجون، رووعة رووعة ياروحي، انا وانتي وغنى هنلبس زي بعض، قومي متبقيش غلسة
مسحت على وجهها
-والله ماقادرة ياروبي، استمعت إلى صوت عز بالخارج ينادي إلى ربى.

خرجت روبي
-انا هنا ياحبيبي. وصل إليهما، دلف يوزع نظراته عليهما
-مالكم في ايه. جذبته ربى تحاوط عنقه
-قول لجنى تيجي عيد ميلاد فيروز، هتبقى وحشة لو مرحتش. صمت عز يطالع أخته بهدوء
-سبيها على راحتها ياروبي، بلاش تروح، وبعدين انت شايفة انها تعبانة
تركته متحركة إلى جنى
-والله ابدا لازم تقوم، قومي يابت يلا. صاح عز بغضب
-هو إنتِ مبتفهميش ياربى، قولتلك سببها براحتها. تصنمت ربى بوقفتها تنظر إليه بذهول.

-بتقولي أنا الكلام دا ياعز، على العموم انا آسفة، قالتها وتحركت. ولكن توقفت عندما استمعت لحديث جنى
-فين الفستان يابت، بتضحكي عليا، قالتها وهي تنظر إلى أخيها بمعاتبة. تحركت تعانق ذراع ربى
-هتلبسيني وتمكيجيني، وتوصلني هناك، عجبك ولا لا
ابتسمت ربى من بين حزنها من زوجها تضمها
-ولو عايزة أشيلك كمان ياجنجون هشيلك. قالتها وهي ترمق عز بنظرات حزينة
كور قبضته، وأنب نفسه على ماقاله، ولكن ماذا يفعل الندم.

بعد قليل دلفت بجوار ربى وهي ترفع فستانها
-دا فيروز عاملة حفلة كبيرة، أنا مفكرة على قدنا بس
ابتسمت بسخرية وأردفت
-لا ياختي عاملة حافلة كبيرة، وعازمة صحابتها، معرفش عرفتهم فين، كويس أنها مش عند بابا كان زمانه ولع في البيت
دلفوا إلى شقة جاسر، قابلتهم فيروز
-ميرسي يابنات انكم جيتوا، الكل جوا، اتفضلوا، تحركت جنى إليها ثم أخرجت هديتها
-كل سنة وانتي طيبة العمر كله يافيروز. أمسكت الهدية وقامت بفتحها.

-ميرسي ياجنى، بس عندي من الحاجات دي كتيرة، جاسر دايما يجبلي الحاجات دي
لم تعلق على حديثها، قدمت ربى هديتها
-اتفضلي يافيروزة، يارب تعجبك مش تتريقي عليها زي بتاعة جنى. وصل جاسر إليهما بابتسامته
-انا بقول المكان منور ليه، اتاري روبي وجنجون هنا
استدارت جنى
-عامل ايه يابني فينك محدش بيشوفك. سحبها من كفيها
-مشاغل والله يابنت عمي، بس ايه الحلاوة دي، دا شكل الحفلة على شرفك ثم اتجه بنظره الى ربى.

-لا قلبي كدا، قمرات الألفي، جذب أخته لأحضانه
-ايه الجمال دا ياروبي، لا عز ازاي خرجكم انتم الأتنين كدا
امسكته ربى من وجنتيه
-حبيبي ياجسورة، لا ولسة غنون جاية مع بيجاد هنشوف القمر بحق وحقيقي
حاوطها وتحرك للداخل خلف جنى التي دلفت بجوار تقى
جلس الجميع وبدأت الحفل كالمعتاد بالأغاني والمشاركات. خرجت غنى وجنى الشرفة ينظرن لجمال النيل
-المنظر هنا حلو أوي. وافقتها جنى الرأي.

تعرفي نفسي في بيت في غابة، يحاوطه أشجار وبعيد بشوية يكون فيه بحر
ضيقت غنى عيناها:
-غابة ياجنى، ايه يابت عيشة الحيوانات المفترسة دي
أطلقت ضحكة ناعمة وضعت كفيها على فمها عندما ارتفعت ضحكاتها
-ايه التشبيه دا يابنتي، طب تعرفي بجد نفسي في كدا. قاطعهم دخول فيروز
-واقفين هنا ليه، ماتدخلوا جوا
أشارت جنى للنيل وأردفت
-المنظر هنا حلو، غير الهدوء معبر جدا عن شخصيتنا
رفعت حاجبها بسخرية مردفة.

-لا والله، يعني احنا مش كويسين بنحب الدوشة، وبعدين لو تعبانة مكنتيش تيجي، قاطعهم وصول جاسر
-جنجون عصيرك ياقلبي، عارفك بتحبي الميكس، وغنونة قلبي مش ناسيكي
كانت غنى تنظر إلى فيروز بنظرات مستاءة
-ميرسي ياجاسر، انا ماشية، رفعت نظرها إلى فيروز
-كل سنة وانتي طيبة. أمسكت غنى كفيها
-استني انا كمان ماشية. ضيق جاسر عيناه:
-فيه ايه مالكم
أتت غنى للحديث، قاطعهم صوت فيروز.

-اصل جنى مش مرتاحة ياحبيبي، شايف الكل هنا ثنائي وهي لوحدها
توسعت أعين غنى تنظر إليها بذهول
-تصدقي بالله لولا زعل اخويا مكنتش دخلت بيتك، انا جيت عشانه مش عشانك، بجد انتي إنسانة مستفزة، قالتها وهي تنادي على بيجاد الذي يجلس بجوار ياسين
-في ايه ياغنى. أشارت بغضب.

-فيه أن بنت عمك اتهانت من مراتك في بيتك ياحضرة الضابط، وعلى فكرة يامدام فيروز، هي مكنتش جاية احنا لتحيلنا عليها، عشان منسبكيش لوحدك، بس طلعتي متستهليش
رفع نظره على جنى التي ابتعدت بنظرها عنه، ثم تركت كف غنى
-غنى انا ماشية بعد اذنكوا. تحركت سريعا للخارج وانسابت عبراتها على وجنتيها، وجدت المصعد مشغول اتجهت للأسفل عبر الدرج، ودموعها تفرش طريقها حتى اختفت الرؤية من أمامها.

لحظة صمت لشخص يجذبها لأحضانه
-آسف معرفش أقول ولا أعمل ايه عشان متزعليش. رجعت للخلف وهزت رأسها
-لا مفيش أسف، انا ال آسفة ممكن يكون قولت حاجة تزعلها
ازال دموعها بإبهامه
-جنى آسف، متزعليش من فيروز هرمونات الحمل، متزعليش منها حبيبتي
ابتسمت بسخرية وهزت رأسها
-مش زعلانة يابن عمي.
-أيوة عيطي يااستاذة جنى وفهميه أني وحشة، ماهو جاسر صدرك الحنين
جز على أسنانه وأشار إليها.

-امشي من قدامي بدل ماورقة طلاقك توصلك حالا
نزلت درجة تعقد ذراعها وتنظر إلى جنى
-تقدر تقولي ليه الأستاذة رفضت العريس ال كان متقدملها من كام يوم، مع أنه كويس دا حتى ابن ظابط في الجيش، ولا ايه يااستاذة جنى، ولا أنتِ بتحبي العرسان الكتير حواليكي
ضغط على ذراعها بغضب
-امشي من قدامي متخلنيش افقد اعصابي. أزالت جنى عبراتها ورسمت ابتسامة
-مش يمكن بحب واحد ومستنية يجي يخطبني يااستاذة فيروز مع أن ميخصكيش.

انحنت بجسدها تنظر لجاسر
-أيوة بقى هو مين دا ال بتحبيه، قولي للي بتقولي عليه اخوكي، ولا يمكن شيفاه حاجة تانية
صفعة قوية حتى ترنح جسدها، نظرت إليه بذهول
-بتضربني عشان كاشفة الأستاذة ال عاملة بريئة. بتر حديثهم هاتف جنى، نظرت للمتصل وكأنه طوق نجاة، ثم رفعت نظرها إلى فيروز.

-مش هرد عليكي يافيروز، كفاية ال جوزك عمله، وعشان اريحك الشخص ال بقولك عليه جاي عشان يوصلني. فيه اتهامات تانية يامدام، ثم أجابت على هاتفها
ايوة يايعقوب اتأخرت، انا تحت هستناك، قالتها وهرولت للأسفل تهرب من قلبها اللعين
بينما الاخر الذي تصنم بوقفته ينظر بذهول لتحركها وكلماتها التي أطلقتها كرمح مشتعل أصاب صدره
اتجه ينظر لزوجته وتحدث مزمجرا.

-من اللحظة دي انسي انك مراتي، كدا وصلنا لآخر حياتنا انت من طريق وأنا من طريق، أشار إلى بطنها، ودا إكراما لحملك مش أكتر، قالها وتركها متجها إلى الأعلى.

عند جنى
وصلت للأسفل وعبراتها تغرق وجنتيها
-ليه يابن عمي توجع قلبي كدا، استقلت سيارتها وهي تهز رأسها بغضب، فكلما تذكرت حديثها ينشق صدرها وتشعر بنيران تكوي قلبها، استمعت إلى رنين هاتفها
-الو. قالتها بصوت متحشرج بالبكاء
-باشمهندسة، كيف حالك. توقفت بجانب الطريق
-الحمد لله. آسفة غلطت فكرتك عز ارجوك تسامحني
-لم انزعج سيدتي، صمت ثم تحدث
-هل تبكين. أزالت عبراتها.

-ابدا، انا بسوق العربية، فيه حاجة. قالتها جنى حتى تنهي المكالمة
-كنت احتاج فايل المشروع، قاطعته سريعا
-بكرة هيكون على مكتب حضرتك، بعد اذنك انا سايقة ومش عارفة اتكلم مع حضرتك
باليوم التالي. ولجت اليه المكتب بوجه شاحب
-المشروع هنا عز راجعه وكله تمام، بس لازم حضرتك تشوفه بما انك شريك
-هل لي الحق اتسائل لماذا هذه العيون حزينة. رسمت ابتسامة
-وهل هذا من قوانين العمل سيد يعقوب!

أطلق ضحكة مرتفعة ثم نهض من مكانه وهو يتجه إليها
-ياآلهي ماهذة الطفلة الشرسة. ابتسمت له تهز رأسها فلقد رسم ضحكتها
جلس بمقابلتها
-يعقوب أيوب المنسي ابلغ من العمر سبعة وثلاثون عاما، لم يسبق لي الزواج تربيت بالولايات المتحدة، توفي والدي بعمر الشباب، امتلك امبراطوريه للمعمار في الشرق الاوسط، وحيدا منفرد وابحث عن زوجة وقورة، اريد زوجة لتربية اطفالي منهج دينهم
اغمض عين وفتح الأخرى قائلا بمزاح:.

-زوجة عينيها باللون البني الذهبي، الذي يميل للون القمح، خصلاتها لا أعلم مالونها، مستديرة الوجه، مرفوعة الانف، ثغرها كحبة كريز بلونها، ضحكتها كقطرة ندى لورقة شجر
طولها لم تكن طويلة ولم تكن قصيرة، مرحة تحب الحياة، تعشق الرسم والتصوير، صمت للحظة وأكمل ماجعلها مذهولة
تعشق أحدهما ولكنه يبدو بالغباء، ترسم احلام بسيطة على تلال من الرمال الواهية
-هل لي اكمل حديثي ام هذا يكفي
-اتتحدث عني؟

وضع ساقا فوق الاخرى، وأخرج تبغه الغالي ينفثه بهدوء:
-اعلم عنكِ كل شيئا، لم أجزم معرفتي كل شيئا، ولكن علمت ماهو اهم
-هل أخبرتك بشئ غير موجود بكِ؟
ام انكِ تهربين من الحقيقة
-سعدت بمعرفتك وعرض الزواج المغري، ولكنك أجابت على سؤالك
-انني ابني اوهاما شاطئية سيد يعقوب
-اتعشقينه كثيرا!
صمتت للحظات ثم رفعت نظرها إليه
-هل أسمح لك الخوض بحياتي الشخصية سيد يعقوب
هز رأسه رافضا وهو يدخن تبغه.

-سيدتي لقد تفهمتي الموضوع خطئا، انا أفهم بنظرة العيون جيدا، فقمت بتحليل شخصيتك الجميلة
صمت للحظات ثم تحدث بأريحية:
-احتاج ديل بيننا، انا ابحث عن شيئا فكنت احتاج مساعدتك، هذا مااقصده
ضيقت عيناها متسائلة
-لم افهم ماتعنيه.

-علمت أن لي ابنة عم بالقاهرة، ولا احد يعلم عنها شيئا، هناك من قال الشخص الذي يعلم مكانها جواد الألفي، حاولت معه كثيرا ولكن لم اخرج بمعلومة تصلني اليها، نحن مفترقان منذ عشرون عاما ولا أعلم عنها شيئا
-كيف لي مساعدتك، وكيف ستساعدني
احتاج معرفة مكانها، وجواد الألفي هو الشخص الوحيد الذي يعلم بمكانها.
هزت كتفها
-وهل ستظن أن عمي سيخبرني بمكانها.

-اعلم أنه لن يخبركِ سوى في حالة واحدة وهي أن أكون فردا من العائلة، لانه خائفا عليها، وهذا احترمته كثيرا
جلست غير مستوعبة مايقوله. برضو معرفتش انا ايه دخلني في الموضوع
-نحن نعمل مع بعضنا منذ أكثر من شهرين، واظن أن هذا وقتا كافيا لخطبتنا
هبت واقفة
-انت اكيد مجنون
ابتسم بهدوء وهو يحاوط المكان ثم اتجه اليها ونظر إليها بعينين ثاقبة.

-اظن انكِ سترتاحين من الضغط، اليوم تحدثت مع والدك وعلمت الكثير والكثير، سوف اعمل معك ديل، ادخل عائلة الألفي لأصل لأبنة عمي في مقابل اعطيكي الحرية كاملة حتى تنعمين بحبيبكِ، وقبل اي شيئا أنه يحبك وبحبك كثيرا وهذا علمته من خبرة سابقة جميلتي
تحركت بقلبا ينتفض الما
-سأفكر وارد عليك فيما بعد
خرجت من شرودها على صوت يعقوب
-لقد وصلنا جميلتي
استدارت إليه
-بلاش جميلتي دي، بتخليني اصدق انك خطيبي حق وحقيقي.

قهقه بصوته الرجولي، ثم غمز بطرف عينه
-ايغار من جميلتي!

نظرت للخارج بحزن
- معرفش ليه معلق على الموضوع انا وافقت اساعدك بس انت بتفكر حاجات مش موجودة
ترجل من السيارة متجها إليها
-هيا انزلي جنى، انا لست بهذا الغباء، أننا رجال ونعلم النظرات
توقفت أمامه
-يعقوب انا وافقت على الخطوبة في مقابل اسافر ودا الحل الوحيد ال بابا وعمو يوافقو.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة