قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

بدأت حنين تستعيد وعيها رويدًا رويدًا، حتى هاجمها الضوء المُسلط عليها فأغمضت عيناها مرة اخرى بضعف، حركت يداها وفتحت عيناها لتدرك انها في مكان اخر خارج منزلها...
وعند تلك النقطة تحديدًا هبت منتصبة تصرخ بصوت عالي:
-انا فين، انتوا مييين!؟
كادت تنهض من على الكرسي الخشبي الذي كانت تجلس عليه، ولكن فُتح الباب ليدلف شخصاً ما يخبرها بحزم هادئ:
-اهدي يا انسة
تمتمت بخوف:
-أنت مين، وعايز مني أية!؟

هز رأسه نافيًا، يرد بصوت غامض كلغز يصعب حله:
-الحقيقة مش أنا اللي عايز، الريس اما يجي هايفهمك كل حاجة
نهضت مسرعة تنوي الهرب ولكنه أشار لها بيده مرددًا بصوت أجش حرك أطراف خوفاً ملحوظاً:
-ارجوكِ اقعدي مكانك، مش عايز اضطر استخدم معاكِ العنف عشان أنا ممنوع من دا!
ازدادت ازمة الضغط على أشلاء الخوف التي تناثرت بين جوانب قلبها المرتعد..
استدار الاخر ليغادر مغلقاً الباب خلفه، فزفرت هي بقوة هامسة:.

-الله يحرقك انت والريس بتاعك!
مرت دقائق...
حتى وجدت الباي يُفتح مرة اخرى، ولكن الطارق لم يكن شخصاً عاديًا، بل كان شخصًا غير متوقع بالنسبة لها!
شخص عاكس إتجاه جميع التوقعات، وكسر جميع القواعد ماحيًا عهد يسير بمبدأ الطبيعية...
خالقاً قوانين دفاعية لا تسري إلا في العشق!
توقف إندفاعها، وتصادم بلجام الصدمة، فظل هو يتطلع لها قائلاً بهدوء تام:
-أقفلي بُقك يا حنين خلاص.

وحينها إنفجر إنفعالها لتصيح فيه بحدة عالية:
-أنت مجنون يا حمزة؟! أنت خطفتني، لا دا أنت مجنون فعلاً!
تقوس فاهه بابتسامة ساخرة تنوح عن كم التخبطات التي تتمحور داخله، ليومئ ببرود مرددًا في حدة مماثلة:
-امال عايزاني اقف واشوف حُب عمري بيضيع وأسقف، ومش هابقي مجنون ساعتها؟!
تأففت بضيق، ثم هتفت باتزان حاد:
-سبني ارجع يا حمزة
ابتسم بسخرية تخفي خلفها الاف المشاعر التي تُقيد من الظهور، ليستدير مردفًا بجدية:.

-إنسي يا حبيبتي
إتسعت حدقتاها بتوسع الصدمة امامها، لتسأله متعجبة:
-أنت خلاص لسعت ولا أية؟ ناوي تعمل أية يا حمزة!
اومأ موافقًا بسماجة يخبرها:
-اعتبريني كدة، وبطلي اسئلة هاعرفك كل حاجة بوقتها!
صرخت فيه بهيسترية وهي تركض خلفه ؛
-بطل تخلف يا حمزة وسبني، أنت بالطريقة دي بتعقد الأمور مش بتحلها..!
رفع كتفيه يغمغم بنبرة غامضة:
-عادي بقا، مرة من نفسي يا حنيني!

ثم استدار يغلق الباب خلفه قبل أن تخرج، وسمع صوت صراخها المغتاظ، ليزفر بقوة وخاصة وهو يشعر بشيئ ما وكزه بعنف فشعر بتجمهر تلك الدقات التي لم تخضع سوى لها!
وصوت بعيد يناديه بسماعها، يضاهيه صوت القلب الذي ينوح بالرفض...!

كان أسر يقف متجمدًا مكانه، وفجأة تحرك يكاد يدلف للداخل، ولكن اصطدم بالطبيب الذي خرج هو الاخر..
فنظر له اسر متساءلاً:
-في إية يا دكتور، حصل لها حاجة؟!
هز رأسه نافيًا، ثم سأله مفكرًا:
-أنت جوزها يا أسر بيه صح؟
اومأ أسر مؤكدًا، وأفكاره ترميه هنا وهناك بقلق، ليسمع الطبيب يخبره بجدية:.

-طب حضرتك لازم تسمعني، أحنا لسة ماتخلصناش من الجنين، لكن في حاجة قولت لازم اقولهالك لانك اكيد عامل بسببها مشكلة مع المدام، اكتشفت وانا بكشف على المدام
زجره أسر متوجسًا:
-ادخل في الموضوع على طول يا دوك!
تنهد الطبيب ثم بدأ شرحه بهدوء:.

-بعض البنات بيبقى الغشاء البكاري عندها مطاط، بمعنى إنه مابيتفضش بعد العلاقة الاولى للبنت ولا بينزل دم ولا الكلام دا، ولا حتى بيتفض بعد العلاقة للمرة التانية او التالتة او حتى العاشرة، الغشاء المطاطي مش هايتفض إلا لما البنت تولد او لما الدكتور يفضه بنفسه، ودا اللي بتعاني منه بنات كتير بسبب سوء الفهم اللي بيحصل في مجتمعنا كون البنت ماتبقاش طاهرة وشريفة لو مفيش دم، وزي ما حضرتك فاهم، اي زوج مش هيفكر كدة واحتمال كبير يكون مايعرفش، والبنت تتظلم وهي كمان ماتعرفش!

كان أسر يحدق به مبهوتًا، أزمة حُلت بالنسبة له واخرى تشابكت...
لو وُجد حل ابدي للمشكلات لما خُلقت المشكلات بازدياد، ولكنها كالدائرة، دائرة قد يقف محورها...
ولكنه غير قابل للأنتهاء!
إن كانت بريئة، ولكن مؤكد أن ذاك خالد فعل ما فعل..
وهو ايضاً لن يدري!
نظر للطبيب متمتمًا بشرود:
-ايوة فهمت، بس هل انا اقدر اعرف هل البنت تعرضت للأغتصاب ولا لا؟
اجابه الطبيب بصوت أجش:.

-على حسب، لو الاعتداء من قريب اكيد هيظهر تهتك واعراض من دي، لكن انا حالياً شايف المدام تمام جدا مفيش فيها اي حاجة وحتى لو كلامك صحيح أعتقد مش هيظهر لانه واضح انه عدى عليه فترة طويلة!
اومأ اسر موافقًا يهمس:
-شكرا يا دوك
كاد الطبيب يدلف مرة اخرى ولكن أسر منعه وهو يمسك بيده مرددًا:
-لأ، لأ خلاص انسى، سيب الجنين دا كان تهور مني بس!
لوى الطبيب شفتاه بضيق يقول:.

-زي ما تحب، عن اذنك، أحنا اديناها بينج، اول ما مفعوله يروح تقدر تاخدها
اومأ اسر موافقًا بشرود...

مر الوقت وكان أسر يجلس لجوار لارا في احدى الغرف منتظرًا عودتها لوعيها...!
وبالفعل بدأت تفتح عيونها ببطئ واهن، إلى أن هبت منتصبة وهي تصرخ:
-ابني!
وضعت يدها على بطنها وأنخرطت في البكاء مرة اخرى، فنهض اسر يمسك بها مرددًا بهدوء:
-هششش، اهدي يا لارا، اهدي محصلش حاجة
ولكنها نفضت يده عنها مسرعة، وحالت عيناها لشراسة قطة تُعادي نمرًا في نظرها مغتصب احلامها الهانئة ولو قليلاً!

لتقول بحدة هيسترية وهي تبتعد عنه:
-اياك تقرب مني، قسمًا بالله لو جيت جمبي لاصوت واقول مش جوزي ولا نيلة، غور اطلع بره
أشار لها بيده محاولاً تهدأتها يردد في حدة:
-لاراااا، بقولك اهدي، اللي في بطنك زي ماهو، ارسي كدة واحكيلي كنتي بتعملي اية مع الراجل ابن*
رفعت حاجبها الأيسر، ثم قالت بحدة:
-لأ، مش من حقك تعرف يا استاذ اسر
اتسعت حدقتا عيناه ليسألها مستنكرًا:
-نعممم يختي؟! اية دا اللي مش من حقي!

تنهدت بقوة ثم قالت:
-ايوة، عايزاك تطلقني!
سقطت عليه جملتها كالصاعقة التي هزت جذور اشجار مالت للسنين مثبتة..!
أليست تلك التي كانت ترجوه ألا يتركها!
الان رمت طوبته بلا عودة...!
أستحوذ ذلك الطفل عليها بتلك الطريقة وبتلك السرعة...!
فسألها فجأة:
-متأكدة يا لارا؟
صمتت برهه لتجيب بعدها بصلابة:.

-ايوة، حتى لو هتأذي لما تبعد، هيبقى افضل بالنسبة لي، أنا كنت مفكرة إنك البرئ الي ملهوش ذنب واتصدم بواحدة مش كويسة في وجهة نظره، لكن أكتشفت إنك لو صباعك وجعك هتقطعه، وأنا لو أنت ماصدقتنيش بعد كدة مش بعيد تعمل فيا اي حاجة، ومع عملتك دي المبررات الي حطتهالك اتبخرت، يبقى انسى اني افضل معاك دقيقة ولا اخضع لك تاني!
كان ينظر لها بصمت، إلى أن سألها مرة اخرى كازًا على أسنانه بغيظ:.

-بسألك تاني مين الراجل دا يا لارا؟
رفعت كتفيها تقول بلامبالاة:
-معرفش، منا رقاصه بقا اتوقع مني اي حاجة يا استاذ اسر
صرخ بحدة وهو يقترب منها:
-لارا ماتجننيش، والله هتجنن عليكِ
لوت شفتاها ببرود رغم الارتعاشة التي تكمن داخلها:
-عادي مش هتفرق، قال يعني هي اول ولا اخر مرة!
نهض ينظر لها بغضب لتشير صارخة بهيسترية:
-اضرب، اضرب مستني أية!
نظر لها بغيظ ثم تركها وغادر للخارج كالأصار الذي انهى عاصفته لتوه...!

مرت الدقائق وهو جالس امام المستشفى، يفكر ويفكر بلا توقف...
كأن الدنيا تدور به من اليمين لليسار كالدمية، دمية تتصرف حسب رغبتك انت!
حسب تقلبات الزمن، ثم يعود ليلوم نفسه على تلك التصرفات...!
نهض متجهًا للغرفة التي تقيم بها لارا، فتح الباب باحثاً عنها، ولكنها كانت قد اختفت فصرخ بأسمها بصوت هز جدران المشفى من حوله...!

جلس مُهاب لجوار سيلين التي كانت متسطحة على الفراش تنام بسلام بعد رحيل الطبيب بفترة...
وكان مهاب يضع يداه على رأسه يكاد يصرخ مصدومًا مما اخبره به الطبيب!
شعر كما لو أن صفعة قاسية تلقاها بيد السموم التي اختزنت بين كلمات ذاك الطبيب وهو يخبره في الهاتف
أنا اتأكدت يا أستاذ مهاب، المدام عندها القلب مع الأسف، لذلك مش مستحملة اي مجهود لان القلب ضعيف !

شعر وكأن كل ما مر كان اختبار لدوره في حياة تلك المسكينة الذي بات تحت الصفر...!
إنتبه لتأوه سيلين المنخفض وهي تمسك برأسها أثر اصطدامها بالأرضية، فانتفض يقترب منها هامسًا بهدوء:
-اهدي يا سيلين، ارتاحي ارتاحي ماتقوميش
هزت رأسها نافية تحاول الأبتعاد عنه، فصرخت فيه:
-ابعد ماتقربليش
ابتعد على الفور حتى لا يزداد إنفعالها، وكأن إنفعالها اصبح معتمدًا بشكل اساسي على تصرفاته...
بل كفة حياتها بأكملها!

بعد دقيقة من الصمت اقترب منها يمسك وجهها بين يديه هامسًا بصوت متألم:
-أنا اسف يا سيلين، سامحيني حقك عليا!
رفعت عيناها له مصدومة!
وكأن ذاك السواد الذي يتمحور بين مجحري عيناه كان منطفئًا، منطفئًا بخفوت غريب!
فسألته مباشرةً:
-أية اللي حصل يا مُهاب؟ في حاجة حصلت لي صح!
حسم أمره وهو يهز رأسه نفيًا:
-لا لا، محصلش يا سيلين، إنتِ كويسة جدا بس ضغطك وطي!
لوت شفتاها تقول ساخرة:.

-عايز تفهمني إن الوحي نزل عليك فجأة كدة قررت تعتذر وتقول سامحيني؟!
هز رأسه نافيًا:
-لا بس اعتبريني كدة، اعتبريني فكرت وعرف غلطي ف حقك!
تجاهلته وحاولت النهوض فأسرع هو يمسك بكتفيها قبل أن تنهض:
-ممكن تخليكِ في السرير...
وبعد برهه:
-لو سمحتي؟
تأففت وهي تسأله بضيق:
-ما انت لازم تفهمني في أية يا مُهاب!
تمدد لجوارها وهو يهمس لها:
-ممكن تنامي جمبي بس؟
نظرت له بشك وكادت تعترض ولكنه قاطعها بهمس اكثر وداعة:.

-لو سمحتي يا سيلين، مش هاعمل اي حاجة! ارجوكِ؟
تمددت بتذمر، وتركت للمسافة حرية الدخول بينهما، فاقترب هو منها حتى احتضنها وهي تحاول التملص من بين ذراعيه...
فاحتواها رغمًا عنها ليدس أنفه عند خصلاتها بشرود تام هامسًا بصوت يكاد يسمع:
-اسف، انا اسف بجد! اول مرة احس أني الظالم مش المظلوم...!

بعد مرور خمس أيام...
فتحت حنين عيناها على صوت الباب الذي كان يُفتح ببطئ، فتأففت وهي تستعد للهجوم على ذاك حمزة الذي يأسرها منذ ذاك اليوم..
يقدم لها الطعام والشراب، بل وأريكة تنام عليها، ولكن يقبض على حريتها بين قبضتيه كحُلم بعيد!
إتسعت عيناها صدمة وهي ترى شريف يدلف ببطئ مع احد الرجال...!
فهبت منتصبة تهتف بتوهان:
-شريف!
اقترب منها اكثر وهو يؤكد بصوت ساخر اخترق اذنيها كتلاعب يُعجزها:.

-ايوة شريف، شريف يا مدام حنين!
ولتاني مرة يسقط قلبها صريع الكلمات، قتيل الصدمة...
خاصة وهو يكمل...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة