قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل السادس

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد بجميع فصولها

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل السادس

مر ثلاثة أيام و الجميع في قلق مولان مختفية و لم يعثروا عليها حتي الان، ماذا حدث !
جاء منتصف ليل اليوم الرابع من اختفاء مولان، دخلت أهيلا الي جناح صقر بدون أن يشعر بها أحد و كأنها أرتدت عباءة الاختفاء، أقتربت من فراش صقر و كادت ان تضع يدها عليه و لكنه أنتفض سريعاً ممسكاً بيدها، و دفعها بقوة علي الفراش و أعتلاها و أحضر خنجره من أسفل الوسادة فوضعه علي رقبتها، تعجب من انها أهيلا و سألها:
- بتعملي أيه هنا ؟!

ردت أهيلا علي سؤاله بسؤال:
- فين مولان
سألها من جديد:
- يهمك في أيه أمرها ؟!
صححت له خطأه:
- يهمني أمرك أنت
نظر لها بسخرية و تحدث:
- أزاي بقاا !
فسرت له جملتها:
- مولان كانت الدافع اللي خلي ليث يبطل استهتار لدرجة انه قرر يفتح السودان و يضمها لمصر و حالياً هو وقف القرار ده و ده هيأثر عليك و علي مملكتك و انت مش هتقدر تكمل بداله و تفتح السودان لانه هو اللي حط الخطة و عارف هيفتحها ازاي و هو اللي درس الموضوع كله.

تحركت قليلا في محاولة للتحرر منه و لكن لمس الخنجر شفتيها و جرحها بقوة فأعادها صقر كما كانت ووضع الخنجر مرة اخري علي رقبتها قائلا:
- ولا حركة، انتي يهمك في أيه كل ده ؟!
تحدثت بغيظ:

- يهمني ان ده كان هيزود من جنود و من قوة مصر و بكده يبقي مصر هتضعف جامد و حاليا ملك فرنسا هيحاول يهجم عليها اكيد و انا هنا عايشة معاك ولو قدر يحتل مصر هياخدني جارية عنده و انا مش مستعدة اكون جارية مرة تانية عند اي مخلوق و لو بقيت جارية فده هيشكل انتصار ليامن و خصوصاً انه وقتها هيكون حليف لفرنسا مش ليك لان يامن بتاع مصلحته و بس و جيت أنبهك علشان كده.
رفع أحد حاجبيه بأستنكار:
- و جاية تنبهيني نص الليل ؟!
تحدثت بعصبية شديدة:

- و هو انت فاضي خالص ما انت علطول مشغول و كل ما اجيلك تكون مانع ان حد يدخل و بعدين احنا بينا اتفاق مش هاجي اقتلك دلوقتي يعني اكيد
أبتعد صقر عنها و وضع خنجره كما كان، ثم أقترب منها و أمسك بأطراف فستانها و قطع قطعة منها، تطاير الشر من عيني أهيلا، فحتما ستقتله الان ان كان ما تفكر به صحيح و انه سيحاول الاقتراب منها، و لكن أمسك صقر بالقطعة التي قطعها من ملابسها ووضعها علي شفتيها التي جرحت قائلا:
- عاوزة أيه يا أهيلا، بتفكري في أيه ؟!

نطقت أهيلا:
- عاوزة اخد منك أذن اني ادور علي مولان في الانفاق السرية و كمان في المملكة كلها
تحدث صقر ببساطة:
- ما ممكن مولان هربت يا أهيلا
حركت رأسها نافية و بقوة:
- مستحيل متقدرش معندهاش العقلية الا تستخدمها علشان تهرب من هنا
سألها صقر بأستغراب و كأنه قد تذكر للتو:
- انتي مهتمة بيها كده ليه مش انتي مش بتحبيها ؟!

هزت رأسها بالايجاب مفسرة:
- ايوه مش بحبها بس الامير شاكتي الله يرحمه كان بيحبها جدا و كان علطول يوصيني عليها
هز صقر رأسه بتفهم:
- خلاص سيبيني أفكر و هبلغك بقراري
تحدثت أهيلا بسرعة:
- يا ريت بس متطولش في التفكير
زفر صقر بملل و تحدث:
- روحي نامي بقاا علشان أنا جايلي ضيوف الصبح
تحدثت أهيلا بفضول شديد:
- ضيوف مين !

أستجاب لفضولها و أجابها:
- الاميرة جويانا بنت الملك مفيد و عيلتها
نظرت له بصدمة و سألته و كانت تتمني أن تكون أجابته لا:
- هتتجوزها ؟!
هز رأسه بتعجب:
- أيوه هتجوزها مالك مصدومة كده ليه !؟
صرخت به بقوة قائله:
- أياك، أياك تتجوزها !
أمسكها بقوة من كتفيها قائلا:
- انتي اتجننتي ولا اي يا اهيلا، انتي عارفة انتي بتكلمي مين ! انا الملك هنا صوتك لو علي تاني ولا اتكلمتي بالطريقة دي تاني هقطعلك لسانك، انا محدش بيديني أوامر فاهمه ؟

هزت رأسها بهدوء قائلة:
- فاهمة جلالتك، بس اتمني تفضل فاكر تحذيري ليك ده، انا بحذرك علشان الاتفاق اللي بينا و بس عن أذنك
تركته و ذهبت الي تلك الغرفة التي أصبحت ملجأها هي و شاكتي ليتقابلوا و تحدثت اليه قائله:
- هياخد وقت علشان يفكر و بعدين هيقول أذا كان موافق ندور عليها ولا لأ
أمسك شاكتي بيديها بأمل:
- متقلقيش هنلاقيها.

هزت رأسها و صمتت ثم تنهدت بقوة و تحدثت:
- فيه خبر وحش لازم أقولك عليه
هز شاكتي رأسه ليستمع اليها، فأكملت حديثها:
- صقر هيتجوز جويانا بنت مفيد

جاء صباح اليوم التالي المحمل بالكثير ...
خرج صقر من جناحه و وجد شاكتي يخرج من حجرته يحمل أهيلا بين ذراعيه، فأقترب منه بسرعة قائلا:
- مالها ! و أيه اللي جابها هنا ؟!
تنهد شاكتي و حكي ما حدث لصقر:

- كنت بتمشي انا و الاميرة رقية و بعدين قالتلي ان منظر القصر من فوق أحلي كتير فطلعنا لأعلي قمة في القصر و هناك لقينا أهيلا واقفة علي السور وتقريبا كانت هتموت نفسها و بمجرد ما رقية أتكلمت، أهيلا رجليها اتلوت ووقعت لجوه الحمد لله و الا كان زمانها ماتت و اتعورت في راسها فجبتها عندي و عالجت جرحها و مفاقتش من امبارح فقولت اوديها الحرملك.

هز صقر رأسه بتفهم و لكن بداخله كان يتعجب ما الذي حدث معها ؟! و لكنه أشار لأحد الحراس فجاء بسرعة و تحدث صقر:
- خد أهيلا من الامير شاكتي ووصلها للحرملك
أنحني الحارس:
- حاضر جلالتك
أقترب الحارس من شاكتي و حمل أهيلا منه و ذهب الي الحرملك وضعها علي فراشها و ذهب، و جميع الفتيات هناك في تعجب الان مولان مختفية و اهيلا لا يعرفون ماذا بها ؟! تري ماذا يفعل بهم صقر ؟! هل يحدث كل هذا معهم لانهم أسري حرب ! أم أن هناك سبباً أخر ؟!

في منتصف النهار فاقت أهيلا و رأسها يؤلمها بقوة وقفت و حاولت تذكر ما يحدث معها، حسنا أخر ما تأتي به ذاكرتها هو انها كانت تسير في أرجاء القصر بملل، و الان ما الذي حدث بعد ذلك ؟! من الذي جاء بها الي فراشها ؟ خرجت من الحرملك لتجد موكب يدخل من باب القصر و صقر والجميع في استقبال الاميرة جنتي و المربية جودا اللذان جاءا للتو من الحج، أقتربت جنتي من صقر و أحتضنته بقوة قائله:
- وحشتني أوي جلالتك.

ربت علي ظهرها بحب قائلا:
- و انتي كمان وحشتيني أوي يا جنتي، مبروك للحج
أبتسمت جنتي، فأقترب صقر من جودا و قبل يديها فأخذته في حضنها فتحدث:
- وحشتيني أوي يا أمي، حمدلله علي سلامتك
ربتت جودا علي ظهره بحنان:
- الله يسلمك يا صقر.

تحدثت صوفيا بسرعة و بخنقة و غضب:
- حمدلله علي السلامة، يلا أرتاحوا علشان الاميرة جويانا جاية بكره
نظر صقر الي صوفيا بتعجب:
- مش المفروض يوصلوا النهاردة !؟
هزت صوفيا رأسها بالايجاب قائله:
- ايوه بس بعتوا رسالة انهم هييجوا بكره علشان حصل مشكلة علي الطريق.

هز صقر رأسه و دخل مع جنتي و جودا الي داخل القصر اوصل جودا الي جناحه، ثم أمسك بيد جنتي التي تحاول الا تبكي و دلف بها الي جناحه ليراضيها من فعلت صوفيا التي لم تكره يوما احد كما تكره جنتي، فهي ابنة الخادمة التي تزوجها الملك محمد والد صقر و أنجبا الجميلة جنتي ..
دلفا الي جناح صقر ولكنهم تفاجئوا من وجود أهيلا تجلس علي الفراش و في يدها طبق الفواكهه تأكل من عنقود العنب، فتحدثت جنتي بتقزز:
- مين دي !

أقتربت منها أهيلا بدلع معرفة عن نفسها:
- أهيلا
تحدث صقر بنفاذ صبر:
- روحي يا اهيلا و هبقي ابعتلك بعدين
أقتربت اهيلا منه و وضعت حبة عنب في فمه و قبلة خفيفة علي خده و تركتهم وذهبت، فتحدثت جنتي بغضب:
- مين الزبالة دي ؟! و ازاي تسمح ليها تعمل كده !

تنهد صقر و مرر يده في خصلات شعره قائله بفقدان أمل من أهيلا:
- فيه حاجات كتير اوي حصلت و انتي مش موجودة هفهمك كل حاجة بس لما ترتاحي مش عاوزك بس تبقي جاية من السفر زعلانة علشان ماما، الا حصل مش بإيديها بردوا
نظرت جنتي الي الارض بزعل شديد:
- لا عادي يا صقر انا عارفة ان ليها حق في اللي بتعمله معايا بس بردوا انا مليش ذنب هييجي يوم و هي هتفهم كده ان شاء الله.

قبل صقر رأسها بحنان قائلا:
- ان شاء الله يلا روحي ارتاحي
هزت جنتي رأسها و ذهبت الي الجناح الخاص بها و نادي صقر الي الحارس الخاص به ليستدعي أهيلا التي جاءته سريعاً ترتدي قناع البراءة، فأقترب منها بغضب:
- انتي أتجننتي و لا أيه يا أهيلا ! ايه الاسلوب الرخيص اللي بتستخدميه ده.

نظرت له بدهشة مصطنعة واضحة جدا زادت من غضبه و تحدثت:
- أسلوب رخيص! انا بس بحاول اتأقلم علي وضعي هنا كجارية اما الملكة بتاعتك فهي كمان لازم تتأقلم علي كده، ما هو مش معقول الملك هيسيب كل الجواري الا عنده علشانها.

أبتسم صقر في سخرية، فتلك المختلة أهيلا تظن ان الاميرة جنتي شقيقته هي الاميرة جويانا التي سيتزوجها، ففسر لها مسرعاً:
- اولاً دي مش الاميرة جويانا يا اهيلا دي الاميرة جنتي اختي، بتغيري ولا ايه ؟
تعالت ضحكاتها فضحك هو الاخر، فتحدثت من وسط ضحكاتها و قد دمعت عيناها من كثرة الضحك:
- انا أغير عليك يا صقر ! ده انا نفسي أموتك تقولي اغير
تعالت ضحكاتها من جديد و أكملت:
- بس بصراحة كنت عاوزة أستفزك و أستفزها.

أبتسم صقر وهو يتأمل تعبيرات وجهها التي تضحك من قلبها بقوة، يعلم انها جميلة وجدا، ولكن للمرة الاولي يري حقيقة واحدة منها و ليس قناع ترتديه امامه، فأكمل حديثه هو الاخر قائلا:
- ثانيا ً بقاا يا اهيلا انا حتي الان بعاملك زي ما كنت هعاملك و انتي اميرة فبلاش أخليكي في نظري جارية علشان متزعليش و اللي حصل النهاردة ده أياك يتكرر تاني أبداً و خليكي الاميرة أهيلا أحسن.

كانت هذه كلمات صقر المختل فمنذ ثواني فقط كانا يضحكان سوياً هذا ليس وقت لأي شجار أخر، لمَ هو غبي بتلك الطريقة فليستمتع بلحظاته معها، هي كانت تضحك و أعتقد انها ستضحك مجدداً علي تهديده هذا ... ربما !
فور سماع أهيلا لتهديده هذا، تبدلت ضحكتها بنظر غاضبة من عينيها التي تحولت فوراً الي اللون الاحمر و صرخت في وجهه قائله:
- و لما انت كنت بتعاملني علي اني أميرة كنت عاوز تقتلني ليه !

تعجب صقر، من الذي حاول قتلها لم يفعل شئ بحق الجحيم يا أهيلا بماذا تخططين:
- أخلص منك أيه ؟! انتي كنتي هتموتي نفسك أمبارح و الامير شاكتي لحقك
نظرت له نظرة تعجب يتخللها بعض الشك قائله:
- اموت نفسي ! ليه هو انا أتجننت، انا كنت بتمشي في القصر و جت جارية غريبة كده أدتني حاجة أشربها، و لما شربتها محستش بنفسي و اقوم الاقي نفسي في السرير طب ازاي أكيد انت كنت عاوز تخلص مني فبعتلي الجارية دي.

زفر بضيق و نطق من غبائها:
- و المشروب ده كان ايه بقاا لو كان سم كان زمانك ميتة دلوقتي مش هتقومي تلاقي نفسك في السرير، الامير شاكتي قال انه كان مع الاميرة رقية عند قمة القصر و لاقوكي هناك واقفة علي السور و اول ما اتكلموا معاكي أغمي عليكي و الامير شاكتي لحقك و عالج الجرح اللي في راسك
نظرت له تحاول ان تشعر انه يكذب و لكنه صادق في كل حرف، فكيف حدث هذا !، تحدثت بعد لحظات صمت و تفكير:

- كده فيه مؤامرة ضدي انا و مولان فيه حد بيحاول يخلص مننا مولان مخطوفة و الله اعلم عايشة ولا ميتة و انا امبارح شربت حاجة خلتني حتي مش فاكرة انا عملت ايه امبارح و اي مصيبة لو حصلت انا متأكدة انك هتفتكر اني انا اللي عملتها
تحدث صقر بجدية:
- معاكي أذن تدوري علي مولان في القصر و في اي مكان في المملكة بس الاذن ده لمدة أسبوع بس يا أهيلا، و بكده أقدر أضمنلك ان لو فيه مؤامرة ضدكم انا معاكي مش ضدك و اللي عمل كل ده هيتعاقب أوعدك.

أبتسمت أهيلا بفرحة، كانت ابتسامة حقيقية تلك المرة، يبدو ان اليوم كله حقيقي بدون كذب هذه المرة، اول يوم بدون كذبة واحدة فقط ملئ بالحقائق ..
شكرته أهيلا بسعادة:
- شكرا يا صقر، بعد أذنك.

أشار لها بيده كأذن للرحيل، فألتفتت لتذهب و لكن سرعان ما تعثرت بسبب طول الفستان، و كانت علي وشك الوقوع و لكن أمسكها صقر بسرعة، فأصبحت بين يديه للمرة الاولي بدون تخطيط او مؤامرات او كذب، هي فقط بين يديه، و تأثر كل منهما بسحر الاخر، فهذه حقيقة لا تنكر، للعيون سحر خاص، فعين من تحب عميقة للغاية لا تنتهي، تجعله يكون امامك مثل الكتاب المفتوح بدون أن يعلم، و لكن هل تعني كلماتي أنه من الممكن أن يصبح هذان الاحمقان حبيبان، و لكن ماذا عن الانتقام، و كيف سيحب الماء النار ؟! كل هذه أسئلة لا أجابة لها في هذه الرواية العجيبة ..

أعتدلت أهيلا سريعاً و كذلك صقر فنظر لها و تحدث بتلعثم بسيط:
- أبقي خدي بالك بعد كده يا أهيلا
نظر الي فستانها و أكمل:
- و ابقي ألبسي فساتين أقصر شوية لأنك مش قادرة تتحكمي في مشيك علشان اللبس في ألمانيا مكنش فساتين
هزت رأسها بالموافقة قائله:
- حاضر بعد أذنك..

ذهبت أهيلا سريعاً الي الحرملك و بدلت ملابسها و ذهبت لتبدأ البحث عن مولان في كل الممرات و الطرق السرية الموجودة في القصر و التي تحفظها عن ظهر قلب، و الفضل يعود لأحد وزراء الملك محمد الدين الذي بعد موته ترك الوزارة في مصر و جاء الي ألمانيا، لا بد انه كان خائن لبلاده ...
أنتهي اليوم بأنتهاء بحثها عن مولان في القصر و بدون جدوي، فهي لم تجدها ! ستكمل غدا ستذهب لتبحث عنها في الاماكن المجاورة للقصر الملكي

اما شاكتي فكان يقف مع رقية و يأخذ نفساً عميقاً قبل ان يسألها:
- سمو الاميرة، النهاردة اليوم الاخير ولازم أعرف ردك، تقبلي تتجوزيني ؟
صمتت رقية كثيراً و كان قلب شاكتي ينبض بشدة، حتي تنهدت هي بقوة و تحدثت:
- لا
صدم هو من ردها فكرره:
- لا ؟!

أبتسمت رقية و فسرت:
- لا دي مش الطريقة المناسبة انك تسألني، روح لصقر و أسأله و هو لو طلب رأيي انا هبلغه
ألتقط شاكتي أنفاسه بقوة يا الله كان قلبه سيتوقف، فتحدث:
- طب ما تريحيني دلوقتي و قوليلي
هزت رأسها برفض و ذهبت من أمامه، فتنهد هو الاخر و ذهب الي صقر، و بعد الحديث في عدة أمور تحدث شاكتي أخيرا:
- جلالتك النهاردة اليوم الاخير، عاوز أعرف رأي الاميرة رقية.

أبتسم صقر فهو يعلم ان هذا هو سبب وجود شاكتي الاصلي فتحدث مع ابتسامته:
- أنا موافق و رقية كمان موافقة
أبتسم شاكتي بقوة فكاد ان يطير من شدة الفرحة و سأله:
- و كتب الكتاب هيكون أمتي ؟!

أجابه صقر بأبتسامة قوية هو الاخر فهو يعجبه شكل شاكتي كثيراً و هو يكاد يبكي من فرحته و كأنه طفل و حصل علي لعبته التي تمناها طويلاً:
- بعد يومين بالضبط و هتفضلوا فترة في القصر و بعدين الملكة رقية تقدر تروح معاك أسبانيا
شكره شاكتي، فوقف صقر و أحتضنه و بارك له

انتهي اليوم علي هذا النحو و جاء يوم جديد ليستيقظ ليث و يأخذ حماماً دافئاً و ذهب الي جلال يناقش معه خطته لفتح دولة السودان بعد قراره بأن يحاول ان ينسي مولان و يركز في سلطته في الدولة.

في منتصف اليوم حضرت الاميرة جويانا بصحبة أهلها و كان لها ترحاب كبير و استقبال أكبر، و بعد وقت ليس بقليل تم الاتفاق علي ان يتم الزواج في نفس يوم زواج رقية و شاكتي، ثم ذهب صقر مع جويانا في جولة صغيرة في القصر ليتحدثوا قليلاً، و قابلوهم رقية و جنتي و تعرفوا عليها و تحدثوا كثيراً، و لكن قاطع حديثهم رؤية صقر لأهيلا تأتي مسرعة بأتجاهه علي حصانها، هبطت من عليه عندما أقتربت منه، و سارت عدة خطوات فوصلت أمامه مباشرة ..

لم يستطع صقر تفسير ملامح أهيلا، و لكن رأي يدها تتسلل الي سيفها لتلتقطه، فأخرج هو سيفه سريعاً و أمسكها من شعرها ووضع سيفه علي رقبتها قائلا:
- فيه ايه و بهدوء عرفتي ايه عن مولان
تحدثت أهيلا و الدموع في عينها:
- لقيت حاجة
تعجب صقر و سألها:
- حاجة أيه يا اهيلا ما تنطقي
أخرجت السيف الذي معها و أعطته له:
- لقيت ده
أبتعد عنها و أمسك بالسيف قائلا:
- ده السيف اللي انتي اخدتيه يا أهيلا لقيتيه ازاي.

هزت رأسها بالنفي:
- لا انا أديت السيف اللي أخدته للحراس، السيف ده انا لقيته في شارع صغير جنب القصر كان طالع منه دخان كتير اوي و لما دخلت لقيت مولان ميته علي الارض و جسمها بيطلع منه النار و هدومها محروقة و متبقاش منها كتير، و لقيت السيف ده، شوف مكتوب عليه ايه ؟!

تعجب صقر و نظر لها بشفقة فبالتأكيد هي بحالة صدمة او حزن، فمولان أخر من تبقي لها من عائلتها، و هي وصية أخيها لها، و الان هي ماتت حرقاً امام عينيها بدون ان تتمكن من أنقاذها ..
نظر صقر الي السيف فوجد بعض الكلمات بدماء جافة " الضحية الاولي، الاميرة مولان "
نظر لها صقر و لم يستطع ان يتحدث فتحدثت هي:
- قتلتها ليه يا صقر ؟!

أقترب صقر منها بعد ان وضع سيفه بمكانه و السيف الاخر علي الارض، و امسك بكتفيها و نظر في عينيها:
- أهيلا أهدي انا مقتلتش مولان، اولاً مفيش سبب، ثانياً لو انا اللي قتلتها أكيد هقولك و مش هخاف منك، صدقيني هوصل للي عمل كده و هيموت بنفس الطريقة، اوعدك، السيف ده من جوه القصر و بكده اللي قتلها من جوه القصر، هعرف هو مين و صدقيني مش هرحمه و هجيبلك حق مولان.

كادت ان تبكي، نظرته لعينيها رأت دموع للمرة الاولي تظهر و لكنها لم تهبط من عينيها، سألته أهيلا:
- ليه مولان يحصل فيها كده، هي عمرها ما ضرت او أذت اي حد ؟! أنا عاوزة أمشي و هبقي أجيلك بالليل نتكلم
علم أنها تريد ان تذهب حتي لا تبكي أمامه فهز رأسه و ابتعد عنها قائلا:
- خلاص يا أهيلا روحي انتي ارتاحي و نتكلم بالليل.

هزت رأسها و تركتهم و ذهبت الي تلك الغرفة التي تجتمع فيها مع الامير شاكتي، و وجدته هناك ..
ركضت اليه و أحتضنته بشدة و بدأت في البكاء بدون توقف ليحاول شاكتي تهدأتها قائلا:
- أهدي يا أهيلا مالك قوليلي يلا ايه اللي حصل
قالت بصعوبة و بتلعثم و هي تحاول أخراج الكلمات:

- مولان، مولان ماتت يا شاكتي، قتلوها لما روحت أدور عليها لقيت شارع صغير جنب القصر طالع منه دخان كتير اوي و لما دخلت لقيت جثتها بتتحرق و سيف جنبها مكتوب عليه انهاالضحية الاولي، مقدرتش اعملها حاجة يا شاكتي، لازم يموتوا لازم كلهم يموتوا يا شاكتي هما اللي قتلوها، مش هرحمهم
صرخ شاكتي في وجهها:
- بطلي عياط الاول، لو لقيت دمعة تانية نازلة من عينك يا أهيلا مش هتردد في اني أموتك ابدا يا أهيلا احنا مش ضعاف احنا اقوياء و جدا احنا اقوي و اذكي منهم متعيطيش تاني ابدا فاهمه.

هزت رأسها و مسحت دموعها فأكمل هو:
- وحياتك عندي هننتقم منهم كلهم و هنقتلهم بالبطئ بس لازم خطة محكمة علشان محدش فينا يلاقي نفس مصير مولان
نظر له بشر يتطاير من عينيها قائله:
- هنمشي علي الخطة القديمة بس هنضيف عليها حاجات بسيطة
تحدث شاكتي بسرعة:
- انا مش موافق علي خطتك القديمة اصلا انا رافضها
نظرت له و تحدثت بقوة:
-هتقبلها يا شاكتي صدقني كده هنكسرهم و بعد ما نكسرهم هنموتهم، هنموتهم كلهم يا شاكتي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة