قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل الأول

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد بجميع فصولها

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل الأول

يأتي الصبح وتدخل الملكه صوفيا الي الجناح الخاص بأبنها الوحيد قائله:
- مبروك الحرب يا صقر
رد عليها صقر بابتسامه جميلة:
...- شكرا يا أمي، خلاص الانتقام انتهي ومات الملك كانتي واسرنا باقي الجيش و حريم القصر
رفعت صوفيا رأسها في فخر من ولدها قائله:
- كنت متأكدة أنك هتقدر عليه يا صقر، الملكه موناي تعبت جدا امبارح وطلبنالها الدكتور.

ظهرت عليه ملامح القلق ليسألها سريعاً:
- طب وقال ايه؟!
ابتسمت بلطف مطمئنه اياه:
- افضل انك تسمع بنفسك منها
هز رأسه بموافقه قائلا:
- حاضر يا امي عن اذنك
أذنت له صوفيا وذهب صقر الي جناح الملكه موناي وكانت نائمه علي فراشها اقترب منها وقبل راسها فتحدثت قائله بابتسامه مليئه بالحب:
- جلالة الملك صقر، مبروك.

بادلها ابتسامتها التي يعشقها قائلا:
- صباح الخير
ردت عليه في ادب و احترام و عيناها تلمع ببريق عشقه الذي يتوهج داخل قلبها:
- صباح النور
تسلل القلق اليه مره اخري عندما تذكر حديث والدته فسألها:
! - اخبارك ايه الملكه صوفيا قالتلي انك تعبتي امبارح
ردت ولم تغيب ابتسامتها عن وجهها:
- انا بخير جلالتك بس فيه خبر لازم تسمعه.

حلت ملامح الاستغراب من جديد قائلا:
- ايوه امي قالتلي ان فيه حاجه وانتي قوليهالي
- هتعرفها يا جلاله الملك بس مش دلوقتي
سألها وهو يرفع احد حاجبيه بتعجب قائلا:
- امال امتي؟!
أجابته برجاء يظهر من طريقة حديثها:
- النهاردة باليل،تقبل تطلع معايا رحله بالمركب بالليل.

صقر:هز رأسه مع أبتسامة هو متعجب من هذا الخبر الغريب الخاص بمرضها و المسعد في نفس الوقت، و لكن أيعقل أنها تحمل طفله في أحشائها، أم أن هناك شيئاً أخر، لا يعلم، و الأفضل أن لا يفكر كثيراً في الامر، ففي النهاية هو سيعلم بما يدور حوله في المساء، و هو ليس ببعيد، أجابها بالموافقة علي عرضها بالتنزه سوياً في البحيرة، لأشتعلت أبتسامتها أكثر لتشمل كل أنحاء وجهها و تظهر البسمة علي عينيها قائله:
- منتظراك يا صقر
- عن اذنك ملكه موناي.

قالها ثم أنصرف من جناحها مسرعاً، فهو لديه الكثير من الأشغال التي يجب أن يقوم بها، فهو للتو قد خرج فائزاً من معركة في غاية الأهمية، كما أن ألمانيا أصبحت تحت سيطرته فأصبح هو حاكمها الان و يجب أن يتعامل مع الأمر بذكاء و حكمة من أجل شعبها، فذهب الي مساعده الاول جلال، ليتحدث جلال بأبتسامة خالصة:
- صباح الخير جلالتك.

بادله صقر أبتسامته فهو بالنسبة إليه أقرب من مجرد مساعد، هو له والده الثاني الذي يساعده و يشجعه دائماً:
- صباح النور جلال، خلصت اللي قولتلك عليه ؟!
هز جلال رأسه بالايجاب و هو يسرد عليه ما تم:
- اكيد جلالتك تم احصاءعدد كبير جدا من الغنائم وجثمان الملك كانتي مثلنا بيه علي باب زويله زي ما جلالتك امرت علشان يكون عبره لغيره اما اخوه و ابن اخوه و ابن الملك كانتي هربوا وتم اسر عدد كبير من الجنود والملكه مريناد زوجه الملك كانتي و بناته الاميره اهيلا و الاميره مولان وبعد فتره حبسهم هيتم تعيينهم كخادمات
قاطعه صقر بحدة غاضبة و غامضة قائلا:
- لا جواري، هيكونوا جواري مش خادمات.

نظر له جلال بتعجب رافضاً ما قاله:
- جلالتك ده ضد القوانين الاسري الحريم بيكونوا خادمات
رفع صقر يده أمامه ليوقفه عن المناقشة مجدداً في هذا الأمر قائلا:
- وانا قولت جواري سمعتني و ابعت جنودنا يدوروا في كل مكان عن ابن كانتي و عمه وابن عمه
هز جلال رأسه بدون أعتراض قائلا:
- تحت امر جلالتك، بس فيه مشكلة بسيطة.

نظر له صقر بأهتمام فكانت كأشارة ليكمل جلال حديثه:
- الاميره اهيلا من امبارح بتصرخ في المعتقل و بتحلف و بتتوعد لجلالتك وبكل عيلتك بالقتل
ظهرت ملامح السخرية تتغلغل بين قسمات وجه صقر القاسية قائلا:
- وماله خليها تتوعد براحتها، عين الاميره اهيلا جاريتي الخاصه و الامير مولان جاريه للامير ليث
تحدث جلال باعتراض مرة أخري قائلا:
- الأمير ليث منع دخول الجاريات جناحه.

هز صقر رأسه بفهم، ما زال شقيقه يقف عند ما حدث له ولا يتفاداه، و لكن هو سيعلم كيف يجعله أقوي من البداية، أمر صقر جلال:
- الأميرة مولان هتكون جارية ليث الخاصة، نفذ و بس
هز جلال رأسه فقد علم أن الصقر سيحل تلك المعضلة بالتأكيد، تركه صقر و ذهب في أتجاه الجناح الخاص بشقيقه الصغير و المهمل و العابث ليث، ليجده نائم علي فراشه بعمق، أقترب منه و سكب عليه الجزء الأكبر من كأس الماء الذي كان بجواره، لينتفض ليث من نومه، ليصبح أسم علي مسمي، ليث هائج و لكن بمجرد رؤيته أن الفاعل صقر حاول أن يتمالك غضبه قائلا:
- في أيه جلالتك، دي مش طريقه أبداً.

سأله صقر بدون تردد:
- مانع الجواري ليه من الدخول لجناحك، مش من عاداتك دي، كنت كل يوم مع واحدة !
سكوت و صمت تام سيطر علي كلاهما، ليث صامت و صقر يترقبه بعينيه بدقة شديدة في محاولة لتفسير معالم وجهه التي ظهر عليها الحزن مع بعض الغضب المخلوطان بالحيرة الشديدة ليتحدث صقر:

- مش دي أبداًَ اللي تعمل فيك كده يا ليث، مش واحدة ست اللي تخليك ضعيف بالمنظر ده، لو تستاهل كنت قولتلك ماشي أنما دي لا، دي سابتك و هربت يوم الفرح، مش نسمة أبداً الشخص المناسب أنك تزعل علشان مشي، و أنت عارف أن البحث عنها لسه مستمر، و هلاقيها، و بمجرد ما ألاقيها هتتعاقب بالعقاب المناسب.

تحدث ليث في محاولة فاشلة للدفاع عن نفسه أمام اخيه الذي كشف أمره بكل سهولة:
- أنا مش ضعيف، أنا بس متغيب علشان بروح أصطاد، و الجواري زهقت منهم
تحدث صقر بغضب شديد:
- عذر أقبح من ذنب، بتصطاد ! كان فيه حرب أمبارح يا سيادة الوزير الاول و انت محضرتهاش، هو انت ناسي أنك الوزير الأول للمملكة و أنك عمود مهم جداً في صمودها، و الجواري زهقت منهم مش كده.

صمت ليث بدون حديث مرة أخري، فلا يوجد ما قد يدافع به عن نفسه، كشف أمره و أنتهي الامر، فتحدث صقر بصوت غير قابل للنقاش:
- عينتلك جارية خاصة جديدة أسمها مولان، و من بكره هتبدأ تحضر في الاجتماعات المهمة و هتزل المعارك، و لو أحتجت اني أعينك حاكم علي ألمانيا هعمل كده، و هترجع زي ما كنت يا ليث فاهم.

تركه صقر و ذهب صقر الي جلال ليعلم بكميه الغنائم والمكاسب التي تم احصائها من المعركه ثم ذهب الي جناحه وشرع في تبديل ملابسه بأخري مناسبه من اجل رحله القارب مع زوجته موناي انتهي و ذهب الي البحيره وانتظر عده دقائق حتي جاءت الملكه موناي في افضل اطلالتها امسك بيدها برفق و صعدوا الي القارب الذي بدأ في التحرك حتي وصل الي منتصف البحيرة تقريبا وسط نظرات صامتة مليئة بالحب بين صقر و زوجته موناي، ثم سألها أخيراً:
- أيه هو الخبر المميز للدرجادي اللي حبيتي تقوليه ليا وسط الماية يا موناي !

أقتربت منه بحب و شبكت أصابعها علي ذراعه ثم وضعت رأسها علي كتفه بحب قائله:
- ولي العهد هيشرف بعد 9 شهور يا صقر، أنا حامل
لف يده حولها مع أبتسامة فرحة للغاية و قلبه يتراقص علي ألحان خاصة للغاية قائلا:
- كنت حاسس، أخبارك المميزة كلها بتكون حلوه جدا، و بتكون في نفس المكان دايما يا موناي، بحبك.

علقت ذراعيها علي عنقه قائله:
- أنا كمان بحبك أوي يا صقر
أبعدها عنه و قد أحتضن وجهها الجميل بيده قائلا:
- بعد بكره هعمل حفلة خاصة لأستقبال ولي العهد، أوعدك تكون مميزة جدا زي الخبر كده بالظبط

أشرقت شمس اليوم الجديد ليجتمع صقر مع كبار رجال الدولة في قاعة الاجتماعات، ليقف جلال و يبدأ في السرد قائلا:
- جلاله الملك بعد ما اتخلصنا من ملك المانيا الملك كانتي فرنسا خافت واتراجعت عن الهجوم حاليا وتم احصاء عدد كبير جدا و مهول من الغنائم و المكاسب كانت فوق المتوقع 10 أضعاف، بس للاسف في حاله هروب الامير شاكتي ابن الملك كانتي و الملك يامن اخو الملك كانتي و ابنه الامير مراد لسه الخطر مستمر وتم ارسال رساله من الامير شاكتي بالتهديد بسبب قتل الملك كانتي واسر الملكه مريناد و الاميرات ده غير ان الاميره اهيلا مستمره في تهديدها و توعدها بالقتل للكل وبعد ما بعتناها الحرملك ( مكان وجود الجواري ) قتلت 3 جواري و تم حبسها مرة تانية.

صرخ صقر بغضب أعمي قائلا:
-هاتهالي هنا فوراً
قبل ان يتحرك أي منهم من مكانه، و قبل أن يلتقطوا أنفاسهم التالية، ركض والي أحد الاقاليم في المملكة في أتجاه الملك قائلا:
- جلالة الملك
سهم اخترق ظهر الوالي وسقط جسده بيما تصعد روحه الي خالقها وسحب الجميع سيوفهم وصوبوا نظراتهم الجهه التي ظهر منها السهم وكانت اهيلا هي الفاعله وعلي الرغم من ذلك كانت يداها و ارجلها مقيده بالحديد وتحمل قوس في يدها رافعةً رأسها بشموخ قائله:

- صقر هموتك مش هرحمك هصطاد في رجالتك وعيلتك واحد ورا التاني لحد ما هييجي دورك مش هخلي اي حد عايش و صدقني قريب اووي هكون انا قاعده مكانك و هتتمني الرحمه و مش هناولهالك ابداً هتتمني تموت من عذابي ليك
اسرع الرجال يحاوطونها بسيوفهم بينما رفع جلال سيفه واضعاً اياه علي رقبها واقترب منها صقر بهدوء مريب:
- أزاي تتجرأي و تحاولي تعتدي علي الملك صقر.

نظرت له بتحدي يشع من بريق عينيها قائله:
- وعد المرة الجاية مش هيكون مجرد أعتداء، هيكون قتل
سحب صقر سيفه فأبعد جلال سيفه عن رقبتها، فوضع صقر سيفه علي رقبتها بأبتسامة مريبة قائلا:
- مش سهلة أنتي خالص، بس أيه عرفك ان فيه مرة تانية، ممكن قتلك دلوقتي
تعالت ضحكاتها بسخرية قائله:
- مش هيحصل يا صقر.

صرخ بها ليث بغضب:
- أسمه جلالة الملك صقر
أشار صقر له بيده ليصمت قائلا:
- قولتي أيه ! مش هيحصل !
أبتسمت أهيلا بثقة من معلوماتها قائله:
- مش هيحصل لاني بفكر بنفس طريقتك بس سبقاك بخطوه علطول وهييجي يوم و هتموت انت ومراتك وابنك الا لسه مشافش النور هنتقم من كل واحد في عيلتك علشان قتل الملك كانتي الكل هيدفع الثمن.

صرخ صقر بحراسه قائلا:
- خدوها علي السجون اللي تحت الارض
هز الجميع رؤوسهم و أمسكها الكثير من الحراس فتحدثت:
- ولا حاجة هتمنعني عن قتلك يا صقر، فاهم ولا حاجة أبداً.

سارت مع الحراس الا معتقلها الجديد اما صقر فنهي الاجتماع سريعا وذهب لجناحه ليفكر بهدوء و راحه في تلك الفتاه الجريئه التي تمكنت منها روح الانتقام واخد يفكر في قوتها و جرأتها فلم تمكث في القصر اكثر من يومين و قتلت اربعه اشخاص ابعدها عن فكره وارسل المنادين ينادون في الشوارع ليبلغوا الشعب عن قرب وصول ولي العهد وبدأت التجهيزات في القصر الملكي والكل يعمل بجد من اجل الحفل وانتهي اليوم وجاء اخر لتطل الشمس علي القصر ويذهب صقر الي الملكه صوفيا في جناحها وكانت مريناد تعمل بجانبها كخادمه، فنظرت له صوفيا بتعجب من وجوده هنا، فسألته:
- صقر، بتعمل أيه هنا مش المفروض تكون مع موناي.

هز رأسه مع أبتسامة قائلا:
- أيوه يا أمي، بس أنا محتاج لخادمة تروح علشان تساعد الملكة موناي أنها تجهز علشان الأحتفال
هزت صوفيا رأسه في موافقة قائله بأبتسامة جميلة:
- هبعتلها أحسن خادمة و هروح كمان اتطمن بنفسي انها جاهزة
في لحظة عدم توقع سحبت مريناد خنجر صقر من حافظته و ذبحت نفسه وسط أنظارهم المندهشة مما حدث، فسأل صقر بغضب:
- مين دي ؟!

تحدث صوفيا بعدم أهتمام و كأن من ماتت ما هي سوي دجاجة حمقاء قد ذبحت نفسها و أجابته:
- دي مريناد مرات الملك كانتي
ثم أكملت بسخرية:
- الله يرحمه، و يرحمها.

نظر صقر الي يدها بعد أن لمح بها شئ و أنحني و ألتقطه فوجدها رسالة لأهيلا، تحتوي من كلمات الغضب و السخط لصقر ما يكفي لجعل السخرية ترتسم علي ملامحه، في حين أنها تحتوي علي كلمات تشجيع كثيرة لأهيلا لتنتقم من هذا الصقر الجارح الذي فرقهم و دمر وحدتهم و عائلتهم استأذن صقر من صوفيا وخرج وامر حراسه بأن يحملوا الجثه بعيدا عن جناح الملكه صوفيا حتي ينظر في امرها وذهب الي معتقل اهيلا التي استقبلته بابتسامه قائله:
- صقر بنفسه هنا عندي !

أبتسم بسخرية هو الأخر قائلا:
- أه تخيلي، أصلي جايبلك هدية حلوه و صغيرة كده، متأكد أنها مش هتعجبك
ألقي صقر الرسالة علي الأرض أمامها، لتنظر له بغرور و تضع قدمها فوق الرسالة قائله:
- هدية مرفوضة يا صقر و أنتظر هديتي أنا كمان النهاردة بالليل
رفع كتفيه بعدم أهتمام قائلا:
- براحتك، بس نسيت أقولك أنها هدية من الملكة ماريناد.

ثم أكمل هامساً بسخرية:
- الله يرحمها
نظرت له بتعجب ثم أنحنت سريعاً و ألتقطتها و بدأت في قراءتها ثم أنتهت و نظرت الي صقر بصمود قائله:
- يعني أيه ؟!
تعالت ضحكاته بسخرية قائلا:
- يعني ماما خلاص بخ، أدبحت
مرر يده علي رقبته بسخرية و أكمل حديثه قائلا:

- زي الفرخة بالظبط، و من غير ما أقرب منها و لا أعمل ليها أي حاجة، واضح أن الضعف في عيلتكم وراثة، كانتي سابكم و مات قدامي، و أخوكي و عمك و أبنه كمان خلعوا و سابوكي، حتي ماريناد حرام مستحملتش الذل اللي عاشته، و دبحت نفسها، عقبالك أهيلا، أوعدك اخليكي تعملي زيها بالظبط انتي و مولان
أبتسمت اهيلا هي الاخري بسخرية و عادت لتجلس في مكانها ووضعت قدماً فوق الاخري قائله:
- انتظر هديتي يا صقر واوعدك هتكون مختلفه جدا و مش ممكن تتوقعها و اوعدك كمان انك مشوفتش زيها
نظر لها بتحدي لتبادله أياه بقوة داخلية غريبة ثم تركها و ذهب من المعتقل

في الجهه الاخري يجلس ليث في غرفته يحتسي المشروب بشرود وامامه الكثير من الفتيات تتراقص تركهم عقله لينشغل بحبيته نسمه التي تخلت عنه يوم زفافهما و غادرت وقف فجأه وقام بجذب احدي الفتيات وطرد باقيه الفتيات وامر حراسه الا يدخل عليه اي شخص والا يزعجه اي مخلوق دخل اليها مره اخري ليزيل غطاء وجهها بعنف ليتجمد في مكانه انها تشبه نسمه كثيرا تبكي مثلما تبكي تماما ابتعد عنها بسرعه ومازالت الصدمه تحتل معالم وجهه لينطق اخيرا بعد صمت طال طويلاً:
- أيه الجنان ده بقاا، بتعيطي ليه، و بعدين هو أنتي صغيرة شوية ولا أنا بيتهيألي !

هزت رأسها بالايجاب قائله:
- أه
سألها بتعجب:
- و ازاي جارية و صغيرة كده !
أزالت دهشته لتحولها لصدمة و هي تقول:
- مش صغيرة أوي 19 سنة و أسمي مولان
فتح مقلتيه بقوة قائلا:
- 19 سنة ! قصيرة أنتي أوي علي 19 سنة دي، طيب قوليلي أيه حكايتك !
تحدثت وهي تنظر الي الأرض قائله:
- أنا مولان بنت الملك كانتي.

تحدث بأستغراب قائلا:
- مولان بنت الملك كانتي يعني اميرة ! أميرة و جارية ! غريبة دي، بس و ماله أقعدي نتكلم شوية
جلست علي فراشه بقلق و جلس هو بجانبها و هو ينتظر اليها و ساد الصمت حتي قطعه قائلا:
- هتفضلي ساكتة
سألته بتعجب:
- أقول أيه ؟!
رفع رأسها ليمنع عينيها من النظر الي الارض لتواجه عينيه قائلا:
- كنتي بتعيطي ليه ؟!

تحدثت بغضب بسيط:
- علشان اللي عملتوه فينا
تحدث ليث ببساطة شديدة:
- بس ده أمن دولة !
حاولت ألا يرتفع صوتها و هي تنظر له و تحدثت بعنف بسيط:
- بس أحنا كان بينا معاهدة و أنتو نقضتوها يبقي ظلم ولا لأ ؟!

نظر لها بأبتسامة و أجابها بدون تردد:
- لو بالطريقة اللي أنتي شايفاها دي يبقي ظلم طبعا، بس أسمعي بقاا أبوكي عمل أيه ! من 3 سنين ابوكي قتل الملك محمد الدين ابويا و الامير عمرو ابن عمي و زوج اختي الملكه رقيه وكمان هجم علي حدود اسكندريه وهاجم اهلها و قتل عدد كبير منهم ودس جنوده في الفسطاط وقتلوا عدد كبير و حاكم الفسطاط يبقي مين الا غلطان ؟ ابوكي لانه نقض المعاهده الا بينا.

تحدثت ببراءة مطلقة:
- أنا مكنتش اعرف كل ده.
تحدث ليث و هو علي وشك النوم من كثر الشراب الذي تناوله قائلا:
- و أديكي عرفتي، أمشي علشان أنا عاوز انام
نظرت له بأبتسامة ساحرة قائله:
- شكراً، انت احسن من صقر كتير.

ابتسم لها بود بينما القت عليه التحيه المصحوبه بالانحناء احتراماً لمقامه وعادت الي الحرملك وظلت تحاول بكل الطرق ان تصل الي اهيلا او والدتها ولكن بلا جدوي وحل اخر النهار وقت مغيب الشمس ليذهب صقر لجناح اخيه المهمل ليث ويضع يده علي كتفه يهزه برفق مع نداء بسيط بأسمه ليستيقظ ليث بخمول ليتحدث صقر بسخرية:
- هو الشرب و الجواري مواعيدهم بقت الصبح ولا أيه ؟! هو أنت ليه لازم لما تنفذ حاجة أقولهالك بتنفذها بطريقة تعصبني ! كل حاجة و ليها معادها.

جلس ليث علي الفراش و هو يفرك وجهه بيده قائلا:
- يعني هو لازم كل شويه تزعقلي نفذت الا انت عاوزه وبردوا مستهتر مش هعجبك خالص
تحدث صقر بحدة:
- لو بطلت أستهتار هتعجبني،يلا قوم علشان الأحتفال
هز ليث رأسه و كان صقر علي وشك الذهاب و لكن أوقف سؤال ليث:
- انت ليه لما أسرت الأميرات خلتهم جواري ؟!

ألتفت له صقر قائلا:
- أعتقد ده أفضل من أني أموتهم
تحدث ليث بمشاكسة قائلا:
- و هو أنت تقدر تموتهم أصلا !
عبث صقر بأنامله في خصلات ليث قائلا:
- لا مقدرش لأني مش بحب أخلف بوعودي
سأله ليث مجدداً:
- طب ليه بردوا خلتهم جواري، علطول أي أسيرة بتكون خادمة و خصوصاً لو أميرة !

تحدث صقر بغضب مكبوت قائلا:
-لازم انتقم منهم واحد واحد دول قتلوا ابويا الملك محمد الدين
أكمل حديثه بخبث و غموض شديدين:
- ولازم عقابهم يكون مميز أوي، وبعدين انت بتتناقش في ايه اتناقش في حاجه مهمه مش جواري يلا قوم

بعيداً عن مصر كان يجلس كلا من الأمير شاكتي أبن الملك كانتي و الأمير يامن شقيق الملك كانتي و طفله الوحيد الامير مراد فتحدث شاكتي بغضب قائلا:
-مستحيل اسيب امي واخواتي في ايد حقير زي ده
تحدث يامن بهدوء:
-لازم تهدي ونفكر بالعقل لان اي خطوه غلط ممكن تقضي علي الحريم وعلينا
تحدث مراد بأقتراح:
- لازم نلاقي خطة ندخل بيها وسطهم.

تحدث يامن بتحذير او ربما تهديد:
- انت اسكت فاهم، أنت لسه صغير و مش فاهم حاجة و طالما الكبار بيتكلموا يبقي أنت تسكت
صمت مراد في أنتظار من شاكتي ليدافع عنه، الذي بالفعل تحدث:
-عمي قولتلك اكتر من مره مراد مش صغير ده 19 سنة، وانا الا مربيه انا و اهيلا وانا الا عارف هو الا صغير ولا كبير مش انت،ده تربيتي انا في الوقت الا كنت فيه مع زوجتك لما تعبت بعد الولاده فاذا سمحت متقولش عليه صغير تاني.

تحدث يامن بغضب:
- سيبنا الموضوع المهم و بنتكلم عن مراد
تحدث شاكتي بتفكير:
- مراد معاه حق، لازم ندخل وسطهم، أنا لازم أدخل القصر
سأله مراد بتعجب:
- بس هنعمل كده أزاي يا بابا، كده هيكون خطر كبير عليك
ربت شاكتي علي كتفه قائلا:
-محدش يعرفني ولا شافني قبل كده لاني كنت علطول في فرنسا ولو حد شافني و شك فيا كمان مستحيل يصدق اني رايح هناك برجلي.

تحدث يامن بعدم فهم قائلا:
- مش فاهم أيه الخطة بردوا !
فسر له شاكتي قائلا:
-انا و اهيلا هندمر القصر من جوه و هننشر الفرقه،وانت ومراد لازم تساعدونا و تخلوا الشعب يكره صقر و اليوم الا اتولد فيه ويثوروا عليه
تحدث يامن بسخرية قائلا:
- بالسهولة دي !
تحدث شاكتي بثقة:
- الموضوع هياخد وقت و انا عارف بس هننجح.

سأله مراد من جديد قائلا:
- بردوا يا بابا مقولتش هتدخل ازاي بينهم
تحدث شاكتي رافعاً رأسه بثقة و شموخ:
-الامير شاكتي امير هضبه المزيتا الا في اسبانيا طالب الجواز من الاميره رقيه اخت الملك صقر
صرخ به يامن قائلا:
- مستحيل، كانتي قتل جوزها و لو شكوا فيك هتموت !

تحدث شاكتي في محاولة لطمئنته قائلا:
-متقلقش يا عمي انا مش غبي وعارف هعمل ايه
سأله يامن:
- طب و الشبه الكبير اللي بينك و بين اهيلا هتعمل فيه أيه ! انت و أهيلا تؤام هتتقفشوا !
أبتسم شاكتي بخبث قائلا:
- ده حله عندي، و انت اللي هتساعدني في كده، و ده هيكون أهم جزء

في قاعه الحفل الملكي يجلس كل من الملك صقر وزوجته الملكه موناي علي كراسي خاصه لهم بينما يجلس باقي الامراء والوزراء ورجال الدوله في الجانبين و النساء يجلسن خلف كراسي صقر و موناي وبينهم حائل شفاف باللود الذهبي وامامهم فرقه راقصه واخري عازفه والخادمات في كل مكان يوزعن الشراب والطعام ويرتدون غطاء الوجه اقتربت الملكه صوفيا مع احدي الخادمات من صقر و موناي و قدمت اليهم مشروبان قائله:
- ده مشروب ليك احتفالا بالطفل الجديد يا صقر اما ده فهو تقليد الام لازم تشربه علشان صحه الجنين يا ملكه موناي.

ألتقطت موناي كأسها بأبتسامة شاكرة قائله:
-شكرا ملكة صوفيا
ألتقط صقر شرابه هو الاخر وابتلعوا محتواهم واكملوا مشاهده الفرقه الراقصه و الاستماع الي الموسيقي الرائعه وبعد قليل من الوقت استأذن ليث من صقر و ذهب ليتأكد من التأمينات و الحراسات الموجوده في القصر و ليؤكد علي الطعام و الشراب و ما ان انتهي حتي ذهب الي جناحه ومعه احد حراسه ).

اشار ليث لطبق من الذهب به شئ مغطي بقطعه من الحرير الذهبي قائلا:
-بلغ جلاله الملك صقر ان كل التأمينات مستقره وان الامير ليث راح يرتاح في جناحه و اديله الهديه دي
هز الحارس رأسه و ألتقط الهدية قائلا:
- أمر سموك.

ذهب الحارس منفذاً لاوامر ليث بينما ذهب ليث الي الحرملك اشتاق لرؤيه نسمه مره اخري في وجه مولان اقتربت منه الفتيات بينما اقتربت احداهن بكأس التقطه ليث و ابتلع محتواه وذهب الي تلك الاميره الشارده وامسك بيدها ليأخدها الي جناحه، و بمجرد وصولهما نظرت له برعب قائله:
- فيه حاجة ؟!

أقترب منها بأبتسامة مشاكسة و جميلة طمئنتها نوعاً ما:
- سمعت أنهم عينوكي جاريتي الخاصة
نظرت له بذعر فتحدث مسرعاً:
- أهدي خايفة ليه، تعالي أقعدي.

جلسا سوياً علي الفراش، و نزع عنها غطاء رأسها ووجهها لينسدل شعرها القصير علي كتفيها، فسألها:
- كنتي سرحانة في أيه ؟!
أجابته بسرعة في محاولة لكسب تعاونه:
-اهيلا وماما مش عارفه اوصلهم والحراس مانعني اخرج
أجابها ببساطة ولم يكن يعلم ما هي نتيجة تلك الاجابة:
- لازم يمنعوكي اختك قتلت والي الشام و 3 جواري، أما ماريناد فهي أنتحرت و ماتت.

نظرت له بصدمة و استقبل صدمته بفقدانها لوعيها واسندها علي ذراعه محاولاً افاقتها بيده بلا جدوي التقط كأس من الماء و اسقط بعض القطرات علي وجهها و مسح علي وجهها برفق لترمش عده مرات بسبب الضوء بينما يراقب هو حركه عيناها تجعلها بريئه للغايه ابتسم لها بينما امتلأت عيناها بالدموع ولكن منعها من البكاء وسحبها معه الي عالم جديد عليها وللمره الاولي تدخله عالم مختلف كثيرا عالم شعرت فيه ان من حق قلبها ان يدق حتي لو دق لشخص يراه لأول مره حتي ولو كان هذا الشخص هو من قتل عائلتها ولكن فقط احبته واعلنت حبه بداخلها ليصبح عبء في سبيل الانتقام.

أما في الحفل أمسكت موناي بيد صقر بشدة قائله:
- صقر بطني وجعاني أوي مش قادرة
نظر لها بقلق و لهفة لتكمل سريعاً:
- خدني من هنا بسرعة قبل ما حد يحس بحاجة.

أمسك صقر بيدها و توجه بها الي جناحهما الخاص وسقطت بجسدها علي الفراش وسمحت لنفسها بالبكاء و العويل لشده وجعها فأمر صقر صوفيا بأحضار الطبيبة في الحال، فامسك صقر بيد زوجته برفق وادخلها الي احضانه ليهدأها فتحدث ببكاء قوي:
- موجوعة أوي يا صقر، خايفة،حاسه بالموت بيقرب مني واحده واحده.

تحدث و هو يربت علي ظهرها قائلا:
- بعد الشر عنك يا موناي هتكوني بخير ممكن انتي تعبانه بس من البيبي و انتي مكبره الموضوع
تحدث سريعاً و هي تمسك بيديه:
-انا بموت يا صقر بجد بموت من لما شربت المشروب الا الملكه صوفيا قدمته وانا تعبانه
تحدث بقلق و حيرة:
- قصدك المشروب فيه حاجة ! هزت رأسها بالايجاب و كانت علي وشك التحدث من جديد فقاطعها قائلا:
-بس متتكلميش علشان متتعبيش اكتر والطبيبه زمانها.

نظرت له بحب و حزن ووجع لا ينتهي و نطقت بعبارات ألمت قلبه بقوة:
- مش هتساعدني، أنا عارفة أنا بقولك أيه ! أنا هموت يا صقر
أزداد بكائها بقوة وهي تقول:
- كان نفسي نفضل سوا علطول زي ما خططنا من زمان يا صقر، كان نفسي أبننا يتربي في وسطنا، كان نفسي أجيب ليك طفل يا صقر و يشيل أسمك، و يكون مننا، بحبك أوي يا صقر و محبتش في حياتي حد قد ما عشقتك.

مرر يده علي خصلاتها الناعمة بحب:
- و انا و الله بحبك أوي، بس أنتي أهدي لحد ما الطبيبة تيجي، هتكوني كويسة صدقيني، فكري في حاجة حلوه أيه رأيك ! فاكرة أول مرة روحنا فيها البحيرة سوا لما ركبنا مركب لوحدنا وكنا بنلعب، فاكرة قولتلك أيه و قولتيلي أيه !
هزت رأسها مع أبتسامة و ألم معدتها يزداد بقوة مع سرعة دقات قلبها التي أصبح يسمعها أثناء صمتهما:
- فاكرة، كان عندنا 20 سنة لسه و قولتلك أني عاوزة نركب مركب في البحيرة لوحدنا، وقتها روحنا من ورا الكل و قضينا اليوم كله هنا.

وضعت يدها علي خده قائله:
- قولتلك أني بحبك أوي، و اني نفسي الملك محمد يفاتحك في موضوع الجواز علشان تقوله أنك عاوز تتجوزني، فاكرة كمان لما أنت حضنتني و قولتلي أنك مش قادر علي بعدي أبداً، و أنك بتحبني أوي أكتر من أي حاجة في حياتك، و انك هتكلم الملك و مش هتستني أكتر، و بوستني وقتها و كانت أول مرة.

ظهرت ضحكتها مع بعض الوجع و دموعها ما زالت تتساقط قائله:
- وقتها وقعنا في الماية و حضنتني جامد و أنا مسكت فيك علشان مش بعرف أعوم و رجعنا في أخر اليوم، و الملك محمد عاقبنا علي أننا روحنا من وراه بأنه يجوزنا، كان أحلي عقاب في حياتي كلها.

أبتسم صقر و دموعه تتساقط هو الاخر فقبل رأسها و ضمها بقوة الي صدره، وصوفيا تراقبهما بصمت شديد، وصلت الطبيبة فترك صقر موناي و لكنها أمسكت بيده، و بدأت الطبيبة في فحصها، ثم نظرت موناي الي صقر و عيناها تغلقان بخفوت:
- بحبك يا صقر
و أغلقت عيناها، ربما الي الأبد.

خرج خط أبيض من بين شفتيها فوضعت الطبيبة يدها علي رقبتها لتقيس نبضها ثم نظرت الي صقر قائله بأسف:
- الملكة موناي ماتت جلالتك، ماتت مسمومة !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة