رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الخامس والثلاثون
أجفلتُ ليد دانيال التي جذبته نحوه يمسك بياقته بعصبية يحدق إليه بأعصاب تالفة!
وربما ما زاد من حدة أعصابه هو ابتسامته التي اعتلت ثغره وهو يقول ببرود: لماذا كل هذا الغضب؟
هل هذا ضمن خطة انتقامك؟
تساءل دانيال بغضب وأعقب بحزم: قم بتصفية حسابك معي ولكن لا تقحم أبي في شؤوننا الخاصة! إيّاك أن تسلك هذا الطريق الملتوي كيد!
تدخل جيمس بحزم ليبعد دانيال وهو ينهره: قلت للتو أنك لن تقترف أي حماقة ولكنني أرى عكس ذلك! عد أدراجك وإلا ألقيت بك في السجن!
ضاقت عينا دانيال وهمس يبعد يد جيمس عنه: كيدمان. إن كان ما حدث خطأي أنا فأرجوك أن تترك عائلتي خارج الموضوع.
لانت ملامح كيدمان وقد تلاشت ابتسامته تدريجياً ليتمتم: ولكن أفراد عائلتي لم يكونوا خارج شؤون أخيك دان.
جمدت ملامح دانيال وقد تبادلا النظرات مطولاً فوجدت نفسي أتنحنح وقلت مهدئة بجدية: دانيال أنت تلفت الإنتباه لنتوقف عند هذا الحد! وأنتْ سأتحدث إلى أبي حول موضوعك أرى أنك تماديت في.
قاطعني بقوله مبتسماً بسخرية: تتحدثين إليه؟ ستشكين هذا الوضع لوالدكِ؟ حتى لو كان من سهّل لي اجراءات افتتاح هذا المحل؟
م. ماذا؟
عقدت حاجباي بعدم تصديق وقد نظر إلى دانيال بحدة فقلت فوراً أنفي برأسي: لا أدري ما الذي. يحدث!
أضفت أوجه حديثي إلى كيدمان بغيظ: كيف أقنعته بهذا؟
رفع كتفيه بإستفزاز وقد دفع دانيال بعيداً عنه ليقول بضجر: أطمح إلى أن يكتسب المحل سمعة طيبة لذا عد من حيث أتيت ولا تعكر صفو المزاج هنا.
أردف بإنزعاج وضيق مختلق: يا حضرة الشرطي، أرجو أن تسيطر على الوضع هنا.
زفر جيمس بفتور ونظر إلى دانيال بترقب، في حين عقدت حاجباي وقد انتبهت لتهامس بعض الناس من حولنا يحدقون إلينا بفضول!
ولا سيما وأن الأعين كانت موجه نحو. دانيال! التقطت أذني صوت أحد المارة الفتية وهو يعلق بصوت خافت: هاذان الإثنان، أعتقد أنهما الثنائي في بث الممثل كُوبر!
أجفلت لقوله وقد التفت انظر إليه بتلقائية، كان شاب برفقة زملائه وقد كانو يحدقون إلينا بفضول، تلفت من حولي لأرى بعض الفتيات كذلك يحدقن إلى دانيال وقد كُنّ يتهامسن بخفوت.!
هذا سيء.
رأيت دانيال يحدق إلى كيدمان وقد كان من الواضح أنه يشتعل غيظاً! اقتربت منه على عجالة وأمسكت بيده فنظر إلى بترقب وإنزعاج شديد.
حينها همست له بهدوء: لا تتهور والزم هدوءك، المارّة يحدقون إلينا.!
ارتفع طرف شفته بقهر وهو ينظر من حوله حتى تفاجأت به يقول بعصبية ووعيد: ما الذي تنظرون إليه؟
هذا الأحمق!
شهقت مجفلة لقوله وقد نهرته بغيظ: دانيال بحق الإله ما الذي تفعله!
أضفت بغضب أحاول سحب يده بصعوبة: تحرك معي فوراً.!
اعترض يحاول ابعادي عنه: ابتعدي لم أنتهي من الحديث معه بعد، هذا الغبي يخلط الأمور ببعضها البعض ويحتاج إلى أن أعيد عقله إلى رأسه!
علق كيدمان بإستفزاز: أين تعتقد عقلي يا ترى؟
أجابه بما جعلني أغمض عيناي بنفاذ صبر: من الواضح أنه محصور في بنطالك أيها الوغد!
أكمل بحنق وقد نجح في ابعاد يدي عنه لينظر إلى كيدمان بحدة: لماذا قمت باختيار هذا المكان من بين كافة الأماكن الأخرى؟ هل ستشعر بالرضى عندما يعلن أبي افلاسه حقاً؟ هل هو المُلام على ما حدث؟ فلتبقه بعيداً عن الأمر وواجهني وحسب فالأمر برمته قد حدث بسببي أنا ودامين! الم يكن هذا ما قلته بنفسك؟
زفر كيدمان ونظر إلى الشرطي ليقول بملل: يا حضرة الشرطي! لا يُعقل أن أتعرض لكل هذا في أول يوم لافتتاح محلي!
تدخل جيمس يحدق إلى دانيال بجمود وأشار إليه بقهوته يأمره بوعيد: امنحني الرحمة وتوقف عن إثارة المتاعب! كلمة أخرى وستكون موقوفاً في مركز الشرطة لذا غادر.
تدخلت أبتسم بهدوء: سنعود حالاً لا داعي لكل هذا! أعتذر بالنيابة عنه.
أعقب أجز على أسناني هامسة بغيظ بينما أقترب من دانيال: قلتُ لك كفى!
هذه المرة احتضنت ذراعه بقوة بكلتا يداي أرغمه على السير معي، بالكاد كان يتحرك وهو يهدد كيدمان بكلتا عينيه ويلتفت نحوه في كل حين.
عندما وصلنا حيث محل السيد هاريسون دفعته بكل قوتي ليدخل وأغلقت الباب أسند ظهري عليه لاهثة.
تكتف بملامح جافة ووقف أمامي مباشرة بينما عيناه تحدق إلى الخارج حيث محل كيدمان!
همس يحدث نفسه بغيظ: يحق له الانتقام. ولكنه يقحم الأخرين في المسألة. تباً!
بقيت أسند ظهري على الباب حتى أخذت نفساً عميقاً، إلا أن صدري سرعان ما كبح نفسه وتوقف عن التنفس بعمق عندما دنى نحوي قليلاً وقال بحزم: اتصلي بوالدكِ، الآن.
طرفت بعيناي أحدق إلى الأعين الزمردية المترقبة بوعيد!
بالكاد كان يطرف وهو يترقب أن أتصل بأبي!، عقدت حاجباي وقلت بإستنكار: تنوي الجدال معه؟
أتى جوابه فوراً: سأعلم فور سماع صوته، اتصلي به.
ما رأيك بأن تتعقل قليلاً؟ من الواضح ان ذلك الكيدمان ينوي استفزازك لا تشبع رغباته بسهولة!
اتصلي به!
ردد ذلك بجفاء وتذمر بنفاذ صبر: سأخرج لشراء هاتف حالا.
استوقفته بجدية: كان من المفترض ان يصل هاتفك الجديد مبكرا، انها مسؤوليتي لقد فقدته على اليخت لذا اهدأ سيصلك هاتف اخر خلال اليوم كحدٍ أقصى.
قلّب عينيه بإنزعاج شديد ووضع يمناه على خصره فتنهدت بلا حيلة واخرجت هاتفي من جيبي متمتمة: سأتصل به، ولكن اياك وان تزيد الوضع سوءا.
اشاح بوجهه بعدائية فقلت باصرار وجدية: دانيال، ثق بأبي. اعلم انه من الصعب لك الوثوق بشخص لا تملك أدنى سبب يدفعك للشعور بالثقة والإطمئنان تجاهه ولا تعرف عنه شيئا وربما تحمل نحوه بعض الضغينة ولكنني أؤكد لك انه لن يسمح لكيدمان باتخاذ خطوة مماثلة من فراغ.
اكملت انظر اليه بثبات: لن يفلس محل والدك، أعدك.
سلكت تقطيبة صغيرة طريقها بين حاجبيه وقد رمقني بانزعاج قبل ان تلين ملامحه تدريجياً.
زفر بهدوء وقد انتابني السرور وغمرني الاطمئنان حين اومأ برأسه ايجابا قبل ان يتمتم على مضض: إن كان هذا ما تقولينه.
ان كان هذا ما اقوله.
أ. أياً يكن ما يشير اليه بكلماته، لقد هدأ الوضع قليلا وعلى التحدث الى أبي حالا.
كنت قد جلست على احد الكراسي للحلاقة بجانبه وهو يستقر على الكرسي المجاور يثني قدمه اليمنى ويرخى عليها مرفقه يحدق إلى الفراغ بترقب وفتور، وكذلك بقيت انتظر و صوت رنين الانتظار يتهاوى على مسامع كِلانا.
ثواني معدودة وقد سمعت صوت أبي ذو النبرة الهادئة: مرحباً كات.
تنحنحتُ والقيت نظرة سريعة على دانيال الذي رفع عينيه نحوي وقلتُ بهدوء: أهلاً أبي.
أخذت نفساً قبل أن أردف: هل أنتَ مشغول الآن؟
سمعتُ بعض الأصوات من حوله وقد قال لي بنبرته العميقة الجادة: لا بأس تحدثي، سأستأنف الإجتماع بعد الحديث معك، هل كل شيء على ما يرام؟
غمرني الدفء للإهتمام الذي غلف كلماته وقد وجدت نفسي أجيبه فوراً: أنا بخير، كل شيء على ما يرام.
عاودت القي نظرة على دانيال الذي بدى ينتظر بصبر فقلت أحافظ على نبرتي الهادئة أعيد خصلات شعري خلف أذني: ولكن أبي. فسّر من فضلك ما يحدث! ما الذي يفعله ذلك الكيدمان تحديداً؟
سمعتُ زفرة متهكمة من أبي وقد الحقها بقوله متمتماً: هل هذا ما اتصلتِ لأجله؟
قال بأنك ساعدته في افتتاح المحل! ل. لماذا؟
إنها رغبته.
قالها ببرود وإيجاز فعقدت حاجباي بإستنكار أنظر إلى دانيال بتشتت، لانت ملامحه بوضوح حتى رفع رأسه يرخيها للوراء وتمتم: أبي إذاً.
هاه؟
نفيت برأسي بعدم فهم: ما شأن والدك؟
رمقني بطرف عينه قبل أن يعيد ناظره إلى السقف وقد تعمد ان يرفع من نبرته قليلاً ليسمعه أبي: لم يطلب منك المساعدة بشأن موضوع دامين فقط، كما لما تُبقي ابنتك هنا بين يديه مقابل أن تدرس حالتي ولكنك أيضاً سمحت لكيدمان بإسترداد حقه في النيّل منا بعد موافقة أبي. هل أنا مخطئ آرثر؟
غير معقول!
ساد صمت مُثقل وقد ارتفع حاجباي بعدم استيعاب، تعلقت عيناي عليه للحظات قبل أن يزفر بفتور: هذا بديهي، حصلت على المعلومات الكافية من كيدمان، لن يتعاون معكَ بلا مقابل. اليس كذلك؟
وقف مبتعداً عن الكرسي وقد اتجه نحوي لينتزع الهاتف وقال يحدثه بينما تعلقت عيناه على بجمود: إلى أي مدى يشعر أبي بالذنب؟
أتى صوت أبي بارداً متزناً: إلى درجة السماح لصديقك بمنافسته بافتتاح محله الخاص.
حتى لو كان ذلك يعني افلاسه؟
فقد كيدمان شقيقته، يرى والدك أن لا شيء سيعوضه عن ذلك، كما لن يرفض رغبة كيدمان في التنفيس عن حقده.
لماذا تقدم هذا الكم الهائل من المساعدة لكلاهما في الوقت آنه؟
طرح سؤاله بجمود وقد أبعد عيناه عني يتمتم: أنت تساعدهما على إيذاء بعضهما البعض دون تردد.
أرى أن تتفاهم مع والدك ولا تقحمني في الأمر أكثر.
ولكنك اقحمت نفسك بالفعل، ما الذي تخفيه؟
لا تحشر أنفك، كتاليا يمكنكِ سماعي؟
فتحت فمي لأجيبه لولا أن قال دانيال ببرود: لماذا عاد أبي إلى كلوفيلي؟ لا يمكن أنكَ لا تعلم بالسبب أنت الرجل الكريم الذي لا يتردد في تقديم المساعدة له.!
سمعت أبي يتنهد بنفاذ صبر وقد استغرق ثواني معدودة حتى قال بجفاء وحزم: قلت لك تفاهم معه بعيداً عني، كتاليا هل تسمعينني؟
لويت شفتي بلا حيلة وقد اقتربت منه لأخذ الهاتف، لم يعترض أو يعلق وإنما ناولني إياه وبدى مستغرقاً في أفكاره في حين وضعت الهاتف على اذني لأقول: أسمعك أبي.
تذمر بإنزعاج شديد: لا تتصلي بي لاحقاً لأسمع صوت هذا الشيء المزعج! وأيضاً. سيصله الهاتف الجديد اليوم وسيكون رقمي هو أول رقم مسجل عليه، أنت أيها الجانح إياك وان تتجاهل أي اتصال او رسالة مني هل تفهم؟ وابقى بعيداً عن ابنتي ولا تستغل أي فرصة أنا أراقبك جيداً.
رفع دانيال حاجبه الأيسر بسخرية ورمقني بتهكم قبل أن يَصعد الدرج بينما قلت أغمض عيناي بإنهاك: لقد سمعك أبي، على كل حال نحن في انتظار الهاتف، وأيضاً. إن كنت تعلم أي شيء عن السيد هاريسون أرجوك أبي لا تتردد في قول أي شيء من شأنه تهدئة الوضع قليلاً، الجميع قلق بشأنه حقاً.
كما لو تغيرت نبرته قليلاً وهو يقول بإيجاز: لستُ متحدث رسمي بالنيابة عن أي شخص، سأغلق الآن، كوني حذرة.
أنهيت المكالمة أدس هاتفي في جيبي وقد نظرت عبر الباب الزجاجي إلى الخارج، تحديداً نحو محل كيدمان الذي كان الإقبال عليه كبيراً.
ما أفهمه من كلمات دانيال أن أبي قد ساعد كيدمان على استرداد حقه من السيد هاريسون الذي. رحب في هذا ببساطة؟
لماذا يقدم أبي المساعدة للسيد هاريسون منذ البداية أصلاً؟ لماذا!؟
لمحت دانيال الذي نزل الدرج مجدداً وقد شعرت برغبته في الخروج من المنزل فسألته فوراً: ستخرج؟
أجاب على مضض: أخبرني كارل قبل أن ينام بالأمس أنه نسي شراء بعض الحاجيات الضرورية للمنزل، سأذهب لشراءها.
ماذا عن المحل؟
أشار من حوله بإنزعاج: مكتظ جداً هاه؟
قلّبت عيناي بملل: كفاك سخفاً، أقصد لا يجب أن تتركه وترحل ماذا لو أتى أحد الزبائن؟
أشار بذقنه للخارج بعدائية: سيتكفل والدكِ بتقديم أفضل الخدمات لهم في محل ذلك الوغد كيد.
كان سيخرج على عجالة لولا أن استدار نحوي ينظر إلى بشك للحظات قبل ان يسألني بهدوء: أنتِ حقاً لا تملكين أي فكرة عن أسباب والدك؟
تكتفتُ أبادله النظرات بهدوء: ماذا عنك؟ هل حقاً لا تعلم لماذا قد يُقدم والدك على طلب ذلك من أبي؟ ألم تشك في هذا ولو للحظة؟
أخفض ناظره قليلاً ثم همس: أن يقدم والدك مساعدة كهذه. لمجرد أن أبي يبقيك هنا، مجرد حجة ضعيفة لن تنطلي علي!
أومأت مؤيدة: ليس بعذر كافِ، لا أعلم ما الذي يحدث لذا لا تعتقد بأنني أعرف الكثير.
أشرتُ بإبهامي للوراء: سأصعد لأنهي بعض الأمور على حاسوبي، عدني ألا تفتعل أي مشكلة وعُد بسلام!
لوى شفته ممتعضاً بشدة فقلت بجفاء: الرغبة في افتعال الكوارث واضحة في كلتا عينيك فكيف عساني أ.
توقت لساني عن الحديث ما ان لمحتُ ظلاً خلف دانيال أمام الباب في الخارج.
لحظات قليلة حتى استوعبت هوية الكيان الواقف هناك وقد قلت له بصوت خافت بتدارك أسيطر على تعجبي: روز خلفك! ستدخل الآن تصرف بأريحية!
ارتفع حاجبيه بإدراك وقد مرر يده خلف عنقه، تظاهرت بالإنتباه للباب وقد ابتسمت أشير لها بأن تدخل.
لماذا روز هنا الآن! يفترض أنها في العمل؟
دفعت الباب بيدها ودخلت تمسك بحبل حقيبتها التي تتدلى على كتفها الأيمن، حدقت إلى للحظات قبل أن تزم شفتيها وقالت على مضض: انتما الإثنان.
سألتها بإستغراب: لماذا أنتِ هنا في مثل هذا الوقت؟
رفعت عينيها البنية نحو دانيال ترمقه بتفحص قبل أن تشير إليه بسبابتها لتقول دون مقدمات: كيف حدث هذا في الحفل فجأة بربكما منذ متى تتواعدان؟
القيت نظرة سريعة نحو دانيال لأراه ينظر إليها بلا اكتراث! بل واتجه نحو احد الأدراج يبحث فيها عن شيء ما لأقول مبتسمة بهدوء: أعلم أن كل شيء حدث فجأة، ولكن كما ترين.
أضفت بإستنكار: لم تخبريني بعد، لماذا لستِ في العمل؟
أحكمت قبضتها على حبل حقيبتها تلفها حول أناملها: لم أشعر بأنني في مزاج جيد لذا غادرت مبكرة. كتاليا أنتِ.
بدت مترددة وهي تخفض عينيها كما لو تبحث عن الكلمات الأنسب لتقولها.
لا بد وأنها متضايقة! ربما لأن ما حدث كان بالفعل مفاجئاً بالنسبة لها، وربما تشعر بأنني أخفي الكثير عنها وأبني حواجزاً متينة بيننا!
أنا مضطرة. لاستكمال هذه الكذبة!
انتابني الضيق وقد حاولت كبحه بصعوبة بينما أتساءل لأغير الموضوع: حصل دانيال على عرض ليلعب دور تسويقي في أحدى الالعاب الرياضية، قرأت ال.
لا يتوقف موظفي المجلة عن ذكر أمركما في كل حين.
قاطعتني بتلك الكلمات وهي تقف تطرق برأسها، ثم رفعت رأسها تنظر إلى بترقب وعقدت حاجبيها بعدم فهم: كنتما تتجادلان كثيراً وتختلفان دائماً، قلتِ بأنه يكره التعامل مع النساء وليس بالأمر الهيّن عليه، بأنه مجرد عارض بديل لفترة مؤقتة!
أعقبت بكلمات سريعة تحت وقع أنفاسي البطيئة الثقيلة: قلتِ بأنكِ ستعيشين هنا مؤقتاً إلى أن يتحسن مجرى الأمور فكيف انتهى الأمر كما رأينا جميعنا؟
إنها.
غاضبة!
نظرت إليها بصمت في حين اعادت خصلات شعرها الأشقر القصير خلف اذنها وهمست تشيح بناظرها: لم يتوقف الجميع عن الهجوم على بأسئلتهم! لم يتوقفوا عن محاولة سحب الأخبار مني وقد ظنوا أنني أعرف كل شيء!
منزعجة لأنكِ لا تعلمين بالأمر أم لأجلهم؟
تمتم دانيال بذلك السؤال حتى رأيته يخرج علكة من الدرج وقد بدأ يمضغها بفتور وقال بضجر: والآن يعلم الجميع أننا نتواعد، أين تكمن المشكلة؟
حذرته بكلتا عيناي فتجاهلني وقال بتهكم: أتيتِ للعتاب؟
ضاقت عينا روز وقالت له بحدة: العارض دانيال، ما هدفك تحديداً من مواعدة كتاليا فجأة؟
اعترضت بإنزعاج: مهلا روز لا تتحدثي كما لو كان قراره وحده ولا يد لي في الموضوع!
جادلتني بعدم فهم: ولكنك.! كتاليا لا يمكنك أن تكوني جادة! أنتِ حتى لم تتدرجي في كل هذا فكيف لي أن أصدق ما يحدث؟ اخترته ليكون عارض مؤقت في المجلة ثم انتقلتِ للعيش هنا للهرب من ذلك الوغد والآن تعلنان أنكما تتواع.
توقفي!
صرخت بكلماتي بعصبية رغماً عني فور ذكرها لأمر باتريك!
ل.
لم يكن عليها قول ذلك ببساطة!
حتى لو كان دانيال الآن صديق أو شخص أتشارك معه ظروف محتمة ولكن. موضوع باتريك لا يجب أن.
عضضت على شفتاي أحاول تمالك نفسي وقد أحكمت قبضتي بقوة.
لم يكن عليها التفوه بأمره دون تحفظ!
ولكنني.
رأيت الإنزعاج والضيق على ملامحها بينما تسألني: كتاليا ما الذي. تخفينه؟
ما الذي قد يزعجك في موضوع مواعدتنا!
تساءل دانيال يمضغ علكته وقد دس كلتا يديه في جيبه، نظرت روز إليه وقالت بعدم اقتناع: لا شيء منطقي! من حقي الشعور بالقلق تجاه صديقتي وقد ظهرت أنتَ فجأة لتقبلها أمام الجميع في بث مباشر يتحدث كل من حولي عنه! ما الذي تريده منها؟
اعترضتُ بحزم ونهرتها فوراً: روز! لدي ما يربطني به ولا شيء من كل هذا قد حدث فجأة كما لست طفلة صغيرة لأوقع نفسي في مشكلة كالتي تفكرين بشأنها! ربما سيضايقك غموض تصرفاتي ولكن لا يجب أن تقفزي باستنتاجاتك!
نفيت برأسها تعقد حاجبيها وقد شدت على حقيبتها أكثر: كات. قلتِ بأنه مجرد عارض بالنسبة لكِ! بأنه وسيلة لتحقيق غاياتك!
ما الذي.
ل. لماذا كل هذا؟
حدقت إليها بتشتت في حين زفر دانيال بضجر ونفاذ صبر وسحب أحد الكراسي الخفيفة ليجلس عليها بصورة عكسية، اراح مرفقيه على ظهر الكرسي وتمتم: سأكرر هذا مجدداً، ما الذي قد يزعجك في موضوع مواعدتنا؟
أبقى ذقنه على مرفقيه يحدق إليها وقد استنكرت تلك الملامح المتململة على وجهه! بل وهمس بترقب: لماذا قد تشعرين بالقلق؟
جزت روز على أسنانها تنظر إليه بحدة قبل أن تسأله بحزم: ليس قبل أن تجيبني أنت! ما الذي تريده منها؟
لِماذا قد أواعدها برأيك؟
غير منطقي!
ولكنه واقع.
أنت حتى لم تبدو طبيعياً في الحفل ولم تتصرف على سجيتك! بحق الإله هل شاهدت تعبير وجهك أثناء البث؟ هل رأيت كيف كنت تبدو حتى؟ هل كان ذلك وجه رجل يدعي أنه يعاني من صعوبة في التعامل مع النساء؟
سألها بحيرة: كيف كنت أبدو؟ لديك نسخة من البث؟
طغى الغضب عليها وهي تجيبه: بحق الإله لا تحاول استفزازي!
عقدت حاجباي بإستنكار: روز ما الذي. يحدث معك!
تحركت نحوها بهدوء وقلت مطمئنة: دانيال ليس رجل سي.
أجفلت لقولها بحدة: هل تحبينه؟
تسمرت في مكاني وقد تعلقت عيناي عليها أحدق إلى غضبها تجاهي! أنا حقاً. لا أفهم ما خطبها! لماذا قد. يزعجها الأمر إلى هذا الحد!؟
لأنني أخفيت الأمر عنها؟ لأنني وفي نظرها كنت.
كنت ماذا؟ أنا لم أتدخل عندما أعلنت هي وديفيد أنهما يتواعدان فجأة!
لم أعترض! ولم. أعامل ديفيد بطريقة مماثلة!
بل أنني شجعتهما كثيراً! وقد كنتُ أنهر ديفيد في كل مُرة يحاول فيها الشجار معها.
أردت أن أقنع روز أنني سأكون لها الصديقة التي.
أ. أقنع؟
ارتخى كِلا كتفاي أنظر إلى روز وكما لو شعرت بالضباب يكسو كلتا عيناي وتلك الكلمة التي تزن أطناناً تتجول في ذهني.
أقنع؟ من!؟
صداقتي بروز وجانيت. لم يسبقها أي صداقة قبل ذلك! أخذت عهداً بأن أكوّن علاقات بعيدة كل البُعد عن كل الأساليب الملتوية التي كنت ألجأ إليها! أن أبتعد عن استغلال اسم أبي أو مالي أو حتى مكانتي. أن أبني علاقات ناجحة جديدة وأطوي تلك الصفحات الملوثة!
هل كنتُ طوال هذا الوقت أقنع روز وجانيت. أم نفسي؟
هل كل ما كنت أفعله معهما كان بدافع اقناع نفسي أنني. قادرة على التغير في حين أنني لم أتغير بعد؟
لماذا أفكر بعدم اتزان الآن! ولماذا أقول هذا كله لنفسي الآن!؟ لا أفهم!
ما الذي. أخشاه إلى هذه الدرجة؟ لماذا كلمات روز ونبرتها. أصابتني بالقشعريرة!
هل لأنني أبدو بالفعل مجرد. كاذبة ومخادعة؟
مجدداً؟ لازلت أمارس الخداع والكذب؟
ولكنني أسير وفقاً لخطط أبي ولا يمكنني ال.
كما لو شعرت بالإنهاك من أفكاري ومن التشتت الذي يعتريني وقد تحرك لساني من تلقاء نفسه لأقول بينما أنظر إليها بهدوء: اخترته وسأواعده، لا يوجد ما يستدعي القلق.
تهدج صوتها وهي تعترض بنبرة خافتة: كتاليا هل تدركين حقاً. ما تقومين به؟ هل ستواعدينه بقناعة تامة؟ هل حقاً لا تنوين توريط نفسك في أي شيء؟ ألا تحركك أفكارك المجنونة أو.
أعرف جيداً ما أقوم به و.
القيتُ نظرة نحو دانيال الذي تعلقت عيناه على بفتور حتى توقف عن مضغ العِلكة فور قولي بهدوء: و. نعم أحبه.
كاذبة و ومخادعة.
مجرد مدعية.
أنا حتى لا أدري كيف من المفترض أن ابرر كل هذا لاحقاً!
كل ما أريد التركيز عليه هو أن أكون أكثر اقناعاً.
دانيال يعلم مسبقاً أننا نخوض هذه المسرحية المؤقتة، ويفترض أنه يعلم جيداً. ما سيؤول إليه هذا الطريق!
بقيت عيناه الزمردية تحدق إلى للحظات مُطوّلة.
ملامحه المتهكمة قد ارتخت.
ولكن نظراته وبطريقة ما قد مالت إلى.
الفتور!
مضت هذه اللحظات ثقيلة وقد أخفيت استنكاري جاهدة وأشحت ناظري على إثرها لأقول بنبرة بالكاد حافظت فيها على اتزاني أحدث روز بترقب: هل انتهت فقرة العتاب والقلق؟
زمت شفتيها بقوة وطرفت بعينيها بحركة سريعة، بقيت واقفة في مكانها حتى أخذت نفساً عميقاً وزفرته هامسة: نعم.
ابتلعت شعوراً غريباً بينما أرسم ابتسامة على ثغري تلاها سؤالي بنبرة ساخرة: وأخيراً! طالما أنتِ هُنا لنتمشى في الأرجاء قليلاً، كان دانيال سيخرج على أي حال ولا يوجد ما أقوم به.
ولكنها أسرعت تنفي برأسها لتقول على مضض: سيتناول ديفيد الغداء معي لذا على العودة إلى شقتي وطهو الطعام.
همهمت بفهم في حين القت هي نظرة على دانيال قبل أن تلوي شفتها بعدم رضى وهمست تتذمر بصوت خافت: كيف من المفترض أن أثق برجل بهذا المظهر الجانح بحق الإله.
علّق على قولها بينما يتثاءب بملل: ثقتكِ لن تترك أثراً على الموضوع برمته.
تنهدتُ بلا حيلة وتكتفتُ بترقب بينما اشارت له روز بحدة: أصمت وإياك وإيذاء كتاليا بأي شكل من الأشكال، على كل حال سأغادر الآن.
أشار لها بذقنه بلا اكتراث فمررت يدها في شعرها ونظرت إلى تخفض عينيها قليلاً قبل أن تقول مستديرة على عقبيها: لم أقصد الصراخ والجدال، أسفة. أردتُ فقط. الإطمئنان!
أومأتُ لها بفهم وقلت على عجالة: أسرعي أيتها المغفلة وأعدي الغداء لذلك المسكين الذي سيتضور جوعاً بعد انقضاء ساعات عمله.
ابتسمتْ لي ملوحة وتحركت لتخرج دون أن تستدير، تابعتها بكلتا عيناي والشعور بالغرابة لا يزال يسيطر علي.
لماذا أشعر كما لو كنت.
أتعامل مع شخص غريب لا أدري كيف من المفترض أن أتصرف معه حتى؟
ما الذي يحدث بحق الإله؟ منذ متى كنت أبحث عن الطريقة المُثلى للتعامل مع. صديقتي!
لحظة التشتت التي أصابتني. لم تنقضي بَعد!
وجهت عيناي إلى دانيال فوجدته يحدق حيث الباب وبدى وكأنه استشعر نظراته نحوي إذ قال بجدية: ذلك الرجل في الخارج.
نظرت حيث يقول ولم ألمح ما يثير انتباهي في حين أكمل: الذي يقرأ الجريدة أمام الباب.
رأيت الرجل الذي يقصده وقد وجدته يغادر بينما يطوي الجريدة ويسير بخطى هادئة فتساءلت بحيرة: ما خطبه؟
ابتسم بسخرية وهو يقف يعيد الكرسي إلى مكانه: وقف أمام الباب مباشرة فور دخول صديقتك إلى هنا، لمحته يحدق إلى الداخل عدة مرات وها قد غادر فور ذهابها، صدفة؟
ارتفع حاجباي بإستيعاب وسألته بعدم تصديق: أحد رجال أبي؟ سيكونون في الأرجاء دائماً؟
رفع كتفيه: ألم يكن هذا ما قاله بنفسه؟
نعم، آه يا الهي. لم ألاحظ هذا!
أضفت بإرتياب: أردت قول هذا مسبقاً ولكنني لم أجد فرصة مناسبة! أنا لا أتخيل أنت. جيد في ربط الأمور وملاحظة التفاصيل الصغيرة!
انفرجت زاوية فمه بتهكم ولم يعلق وإنما غير مجرى الحديث ليقول: هل كان ذلك الوضع قبل قليل. طبيعياً؟
ادركت إشارته لأمر روز فقلت ببرود: لا شأن لك.
هل ستتصرف هكذا بدافع القلق حقاً؟
تلى قوله صوت نباح بينديكت الذي نزل الدرج، ولأن قوله قد ازعجني فلم أستطع كبح ذلك بينما أجثو لأنتظر وصول بينديكت إلي: لما لا؟ هناك أسباب تدعوها للشعور بذلك.
آه نعم كان من الواضح أنها تقارنني بذلك الرجل. يبدو أنكِ.
قطع كلماته عندما وجدني أقول لبينديكت بحماس: هيا رافقني للخروج قليلاً بينديكت، لم أخرج معكَ منذ مدة طويلة! لنتنزه.
رأيت دانيال ينظر إلى بترقب حتى قال بضجر: طالما لا يوجد ما تقومين به، رافقيني. سأشتري بعض الحاجيات الضرورية للمنزل.
قلت على مضض: لا أريد، سأتنزه مع بينديكت.
حتى لو كان رجال والدكِ في الأرجاء ولكن. تجنبي الخروج وحدك!
منذ اللحظة التي أدرك فيها أنه لا يتصرف على سجيته منذ طفولته. وهو يبدو لي مجموعة من الأشخاص في الوقت آنه!، أحياناً يتصرف بهدوء وأحيانا أخرى يكون سريع الإشتعال! تارة يكون مستفز وساخر وتارة أخرى يجيد التصرف برزانة وجدية.
ومع أنه يتحدث بأريحية بالغة، ولم أعد أشعر بوجود أي حواجز إلا أنني. لستُ معتادة على وجود شيء يشبه الغلاف الضبابي حوله!
أعلم أن هذا سيستغرقه وقتاً ولكنه في الوقت آنه يشتتي رغماً عني.!
نفضت أفكاري وقلت أنفي برأسي سلباً: لا بأس طالما يعلم رجاله ما ينبغي لهم فعله فستكون الأمور على ما يرام.
ولكنه أصر بإنزعاج: رافقيني إلى المتجر!
كنت أحمل كيس واحد من المشتريات بينما يحمل أربعة منهم، اثنان في كل يد، سار بينديكت أمامي بينما أمسك بحبل طوقه وقد قلتُ بسخرية: علاقتك بالخصومات أقوى بكثير من أي علاقة شهدتها كلتا عيناي!
قال بفخر ينظر إلى الأكياس بين يديه: لا أدري كيف حصل كارل على كل تلك القسائم! على كل حال كافحي لتحصلي على مبتغاكِ في المتاجر.
لا أطمح لكفاح مماثل.
أعقبت أعاتب بينديكت: مهلاً بينديكت فلتبقى أمامي لا تزعج المارّة!
علق دانيال ممتعضاً: هذا الجرو مزعج جداً، لم يتوقف عن محاولة سحب بنطالي في المتجر!
ابتسمت بإستفزاز: بالطبع سيفعل عندما تحاول إثارة أعصابه وأنت تغيظه بصغر حجمه مقابل ذلك الكَلب السمين!
عقد حاجبيه بتهكم: حتى ذلك الكلب السمين كان يشعر بمدى ضآلة حجمه ولم يتوقف عن دفعه بذيله.
وقفنا في إشارة المُشاة وقد كنت حريصة على أن أبقي بينديكت على مقربة مني، لم يتوقف عن هز ذيله بحماس وهو يبنبح بسرور كلما داعبه أحد الأشخاص من حوله.
عبرنا الطريق وقد كنت أستكمل حديثي معه حول المعلومات التي تلقيتها موضحة: ليست لعبة رياضية قديمة وإنما حديثة، سيكون دورك لاعب كرة السلة في الفريق المنافس لفريق البطل، كما أنك حصلت على دور اللاعب السيء لذا لن أقلق عليك في أن تبدي أفضل ما لديك في أن تكون الأسوأ.
ضاقت عينيه بتفكير: هل تقومين بالإطراء على أم. العكس!
أعقبت بحماس اتجاهل تعليقه: بالمناسبة الشخصية التي ستلعب دورها لا تقل شهرة عن البطل الثانوي، صحيح أنهما لا يضاهيان شهرة البطل الرئيسي ولكن لا بأس أنا واثقة بأنك ستلفت الأنظار.
نظرت إليه بمكر: سيميزك العادة التي اشتهرت بها هذه الشخصية!
سألني بنفاذ صبر: قبل كل شيء كيف تم بناء قصة اللعبة أصلا ولماذا تتحدثين كما لو كان يوجد الكثير من الأحداث لمجرد لعبة لوحية!
اعترضت بإنزعاج: ألم تسمع ما قلته لك في الأمس! لماذا لا تنصت إلي! وضحت لك أنها ليست مجرد لعبة لوحية أيها الذكي وإنما لُعبة ذكية على الأجهزة الحديثة، ستكون صوركم مُجرد دعاية ملفتة وحسب لا أحد منكم سيؤدي أي دور، آه تباً أنت لا تنصت إلى أي شيء أقوله! حسناً فليكن.
ما الذي يميزه؟
أجبته فوراً: غشاش!
عقد حاجبيه: هاه؟
ابتسمت بحماس ثم نظرت إلى بينديكت: لاعب موهوب ولكنه يعتمد على الغش! إنها عادته المزعجة المثيرة للمشاكل، لا يلعب لعباً نظيفاً ولا يستوعب مبادئ الروح الرياضية.
توقف عن المشي بإمتعاض: لن أمنح حتى عدوي دور مماثل!
غمزت له مطمئة: سيصدمك هذا بلا شك ولكن جمهور هذه الشخصية كبير جداً.
نفي برأسه بعدم اقتناع وعاد ليمشي إلى جانبي حتى وصلنا إلى الشارع المؤدي إلى التقاطع، كُنا نمشي بجانب المتاجر عندما ابطأنا من خطواتنا قليلاً جراء تجمع بعض الفتية والفتيات.
اضطررت للتقدم أمامه لأفسح المجال لكلينا في اللحظة التي تهاوى على مسامعي صوت بعيد عالي مترع بالإرتياب: آنسة كتاليا!
عقدت حاجباي بإستغراب ونظرت حيث مَصدر الصوت.
استنكرت رؤية ذلك الرجل الذي لمحناه أمام محل السيد هاريسون بينما يقرأ الجريدة!
بدى مضطرباً بوضوح وكما لو يحاول لفت انتباهي! أصابني الإرتياب وقد نظرت إلى دانيال الذي انتبه له وهمس بحذر: ما الذي يحاول قوله!
نفيت برأسي بعدم فهم في حين كان الرجل عاجز عن التقدم أكثر بسبب إشارة المُشاة التي تشير إلى اللون الأحمر!
اتسعت عيناي حين رأيته يقطع الشارع وسط أصوات وشتائم سائقي السيارات اللذين كاد أغلبهم يصطدمون بِه وقد حرصوا على تجنبه بصعوبة! ه. هذا المجنون هل ينوي الانتحار؟
صرخ بصوت عالي بينما يحاول تجاوز السيارات: ابتعدي من هناك! ابتعدي آنستي. حالاً!
أجفلت ليد دانيال التي أمسكت بيدي بقوة وقد رأيت في وجهه الحزم والحذر وهو ينظر من حوله حتى صرخ الرجل لنا: فوقكما!
لم أكد أرفع رأسي لأرى ما يشير إليه حتى تفاجأت بجسدي الذي سُحب بقوة إثر يد دانيال وقد أبعدني عن المكان الذي كنا نقف فيه للتو فقط!
اهتزت أوصالي وانتفضت برعب فاغرة فمي بذهول وقد صرخت رغماً عني بذعر ما ان دوى صوت عالي أثار خوف كل من حولنا وقد أرغم صدري على الانقباض عاجزاً عن التقاط الهواء!
لم تكن سوى ثواني لا أدري كيف وجدت نفسي فيها بين ذراعي دانيال وأسفل قدمينا رِمال من الزجاج المُهشم قد كسى المكان بنطاق واسع جداً!
تسارعت أنفاسي وارتفعت يدي فوراً أتمسك بقميص دانيال! جف حلقي وقد بقيت أحدق إلى اللاشيء بعدم استيعاب.!
كلتا يديه تحيط برأسي وظهري! نباح بينديكت العالي جعلني أتمسك بقوة أكبر بقميص دانيال وقد خرج صوتي متقطعاً بصعوبة: ما. ما الذي.!
بقيت يديه على رأسي وهو يبعدني عنه حتى اتسعت عيناي أنظر إلى قطعة الزجاج الصغيرة التي لمحتها عالقة في عنقه وقد نزف على إثرها! ب. بحق الإله ما الذي حدث للتو؟
ابعد يديه عني وعقد حاجبيه منزعجاً بينما ينتزع تلك القطعة عن عنقه وتساءل بعصبية: أنتِ بخير؟
أومأتُ بإرتياب وصمت!
وصل ذلك الرجل وقد وقف أمامي مباشرة كما لو يتفحصني و. يطمئن!
حتى قال على عجالة: أنا مضطر للبحث في الأرجاء، فضلاً منك اعتن بالآنسة!
قال ذلك لدانيال وأسرع في خطواته في حين قلتُ بقلب مقبوض أنظر للمكان الذي كنا نقف فيه: وقع لوح زجاجي كبير من الأعلى!؟
رفعت رأسي وكذلك دانيال الذي نظر إلى العِمارة التي تعلو المتاجر وهمس بينما يضغط بيده على عنقه منزعجاً من الدماء: وصادف ان هذا الرجل قد لاحظ الأمر، يوجد من كان ينوي إيذاء أحدنا أو حتى كلانا!
المكان فوضوي جداً!
الزجاج مهشم والناس قد أصابهم الرعب.
هناك من يلتقط صوراً للمكان وهناك من يبدو منهك الأعصاب.
وعندما لمحتُ إحدى النساء التي تتألم من قطعة زجاج متوسطة الحجم قد جرحت ساقها جثوت كما لو خارت قواي!