رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الأربعون
كارل:
ترجلتُ من على دراجة دانيال عندما أوقفها أمام المنزل، لِينزل هو أيضاً ويحكم بقبضته على المفتاح قبل أن يقول بجدية: واثق أنكَ على ما يرام؟ لو كنتُ مكانك لطالبتُ بتعويض من تلك الصبيانية الهمجية أو ذلك السافل فكلاهما يستحقان ان يتم ايساعهما ضَرباً!
نظرتُ إلى يدي التي تم العِناية بها في المشفى وقد تم تضميدها جيداً قبل أن أقول بِهدوء: يُفاجئني أنّك مِن الجميع قد وصفتها بالهمجية، كما أعلم أنك لن تفعل إن كنت مكاني. على كل حال أنا بخير.
بقي في مكانهِ ينظُر إلى للحظات قبل أن يزفر الهواء بإنزعاج ويتذمر: لا أصدِق أنه قد انتهى الأمر بنا في مركز الشرطة بسببها! من الجيد أنني لم أرى جيمس هناك.
آسف لإقحامك في الأمر.
كفاكَ سخفاً!
أعقب كما لو يُحدث نفسه وهو يكمل تذمره بصوت خافت: حتى لو تم القاء القبض عليه، ولكنني لا أشعر بالإطمئنان لعملك معها في مكان واحد.
ابتسمت بلا حيلة على قوله ولم أعلق.
ولكن ابتسامتي قد تلاشت تماماً إثر كلماته الجادة وهو يسير معي إلى متجر الحلاقة: قدّم استقالتك من عملك وسأدّبر لك وظيفة أخرى! سأطلب من كتاليا أن تضمك إلى المجلة أنا واثق انك تحظى بالكثير من المعايير التي.
ما هذا الهراء فجأة! لا تنفعل إلى درجة ابتكار حلول غريبة أنا لن أستقيل من عملي لأكون نموذجاً يصور الإعلانات هناك وهناك.
أصمت كارل واترك الأمر لي، ابن عمها يعمل في وكالة فنية، انتَ مؤهل بالفعل لذا يمكنه أن.
عذراً منذ متى تقوم باستغلال العلاقات والمعرفة لمثل هذه الأمور؟
ضاقت عينيه بجدية وهو يفتح الباب ليدخل: منذ اليوم، الم تسمع ما قالته تلك الفتاة عندما تجادلتْ مع الشرطي؟ قالت بوضوح أنه قد خرج من السجن قبل فترة وقد خرج مسبقاً أيضاً.
أضاف يحدثني بحزم: هذا لن يحدث سوى في حالة واحدة فقط.
عقدت حاجباي باستنكار: ماذا؟
رفع كتفيه ونفي برأسه: لست واثقاً ولكن ربما. حسناً كيف أصيغها! قد يكون متورطاً في أمر ما أو شيء يقف في صفه ليمنحه امكانية الخروج من السجن قبل ان انتهاء مدة الحكم المفترض ان يقضيها كاملة! لذا لا استبعد ان يخرج قريباً ويحاول اعادة الكرة والآن مرحباً بكَ في شؤون تلك الفتاة، فلقد كان من الواضح كم يكن لك الحقد لتدخلك في الأمر.
ترك مفتاح دراجته على إحدى طاولات الحلاقة وتنفس الصعداء وهو يقول منهكاً: الكثير من الحوادث منذ الصباح الباكر انا بالفعل مُنهَك! بالمناسبة هل أتخيل أم ان رائحة المنظفات قوية جداً في المنزل؟
أيدته بهدوء: معكَ حق.
عقد حاجبيه باستغراب وأكمل طريقه ليصعد الدرج، قبل ان يقول: يفترض أن أبي وكتاليا يقومان بإعداد العشاء، اعتقدت أنني سأشم رائحة الطعام لا المنظفات!
ابتسمت بهدوء وعلقت بينما أتبعه لأصعد الدرج: ما هذا فجأة! منذ متى تبادر الانسة كتاليا بإعداد الطعام! هل هي تحتَ التهديد؟
آه أنت لا تعلم بعد، سوف تُغادر.
ارتفع حاجباي باستغراب شديد وبعدم فهم، توقفت انظر إليه بترقب ليفسر ما قاله ولكنه اكمل طريقه بصمت.
هل قال. ستغادر؟ الانسة كتاليا؟
لماذا.!
تبعته بخطوات بطيئة ولكنني احترت لوقوفه أمام غرفة المعيشة دون حركة.
تقدّمتُ فوراً وأسرعت لتنتابني الدهشة والفزع لما رأيته في الداخل وقد وضعت يدي على كتفه بتلقائية.
تسمرّ كلانا نحدق إلى منظر غير متوقع في الداخل!
إذ كانت كتاليا التي تجلس على الأريكة بوجهٍ شاحب بشدة، أنفها متورد ووعينيها متورمة وباهتة كما لو كانت. تبكي مسبقاً!
قميصها مُمزق ويُظهر جزءاً من جسدها والأهم. مُلطخ ببقع من الدماء التي بدت جافة!
ب. بحق الاله ما الذي حدث هنا!
ولماذا يبدو جزء كبير من شعرها كما لو كان قد. تمّ قصه؟
الجرو لم يتوقف عن الدوران حول قدميها وقد بدى في حالة واضحة من التوتر!
وقبل كل شيء.
كيدمان!
انه بالفعل كيدمان!
م. منذ متى وهو هنا ولماذا! بقيت عاجز عن الاستيعاب ولكن دهشتي قد تعطلت تماما جراء مظهرها وبقائها ساكنة تحدق الى الفراغ.!
اجفلت بعدم استيعاب لتحرك دانيال فجأة ليدخل و ينقض على كيدمان الذي كان يقف أمامها، ليمسك بياقته بعنف ويتساءل غاضباً ومتوعداً: ما الذي حدث لها.؟ هل أنت السبب كيدمان.!
ولكنه بادله النظرات بفتور شديد وهو يعلق باستفزاز: هل كنت سأنتظر عودتكم إن كنتُ السبب في رأيك؟ مُغفل!
بدى دانيال مشتتاً بشدة وهو يترك قميصه بقوة، قبل أن ينظر من حوله بإضراب واضح ويأخذ مفرش الأريكة الجانبي ويقترب منها ليقول بعصبية وكلمات سريعة: أنتِ بخير؟ ضعيه على جسدك، اخبريني بحق الاله ماذا حدث؟ مَن تعرّض لكِ؟
كان قد وضع المفرش على كتفيها يسحبه للجهةِ الأمامية مُحاولاً تغطية جسدها جيداً، وقد جَثى على الأرض يجلس أمامها و يحدق اليها مُترقباً في حين بقيت ساكِنة على الأريكة تنظر الى اللاشيء.!
أنا حقاً.
لا أدري ما الذي حدث لها تحديداً ولكنها لا تبدو بخير!
ثم أين أبي أصلاً؟
هذا ما كنت أفكر فيه عندما تهاوى على مسامعي صوت في المطبخ قد علا عندما لمحت أبي الذي خرج أخيراً يمسك بالهاتف ويتحدث بجدية: اهدأ ارثر! كما اخبرتك، لم يكن من السهل فهم ما حدث ولكن كيدمان قد وصل قبل قليل، اه نعم طلبتُ مساعدته. صحيح لقد رأى تصوير كاميرا المتجر الخاص بهِ، نعم.
كان منشغلا بالهاتف ولكنه يحدق إليها بتركيز وهو يمسك بكوب من شراب عشبي ساخن، وقد استنشقت من مكاني اوراق البابونج الطازجة الممزوجة بالنعناع! نظر إلى دانيال ثم نحوي قبل ان يقول وهو يضع الكوب أمام كتاليا على الطاولة: لا تقلق هي بالفعل بخير، ولكن بناء على قول كيدمان لا أظن ذلك الرجل على ما يرام. بالإضافة إلى أنني اضطررت لمسح دماءه ولا أرى أنها كِمية بسيطة. آرثر. اعتقد ان المدعو باتريك قد استغل خلو المنزل وتركيزك التام على ما كان وشيكا للحدوث مسبقا.
ماذا؟
من الذي يتحدث عنه تحديداً.!
بدى دانيال متفاجئ من قول أبي!، أعاد ناظره الى كتاليا ليسألها فوراً وقد تصلب فكه و تورد وجهه بشدة: ذلك الوغد. كان هُنا!؟
وأخيراً حرّكت مقلتيها تنظر الى دانيال بشرود تام، قبل أن ترفع يديها ببطء لتشد على المفرش الذي يغطي جسدها وتنكمش على نفسها!
ارتجفت شفتيه وبدى مليئاً بالغيظ والحنق وهو يحكم كلتا قبضتيه!
أخذ أبي شهيقاً عميقا قبل ان يزفره و يضع يده على خصره مُنهكاً بوضوح: انا في انتظارك، لا بأس. سأخبرها الآن بأنك ستأتي لاصطحابها.
قال كلماته الأخيرة وهو ينظر إليها، ثم انهى المكالمة ووضع هاتفه في جيبه وهو يشير الى كيدمان بهدوء: لم أرغب في ازعاجك كيدمان، شكراَ لك يمكنك الرحيل طالما كارل ودانيال هنا، وأيضاً. سيأتي والدها ليأخذها الى شقتها بنفسه وطلب ان ترسل له تسجيل الكاميرا على رقمه فوراً.
تفاجأت برد كيدمان الخالي من اللباقة: لقد تمّ ازعاجي بالفعل، أما عن تسجيل الكاميرا. فأنا أعلم ما عليّ فعله مسبقاً.
ثم أعقب بما تعجبت له وقد أزعج أبي وجعل دانيال ينظر إليه وعينيه تنذر بالوعيد: كنتِ تهزئين بذوقي آنسة كتاليا، في حين أنكِ قد خرجت من علاقة مع شاب أشقر! إنه لؤم منكِ.
تفاجأت بدانيال الذي نهض يتجه إليه بأعصاب تالفة فأسرعت أنا وأبي لنحيل بينه وبين كيدمان الذي ابتسم بملل وهو يحدق إليه بتمعن.
لا يمكنه أن يكون جاداً!
ثم لماذا أنا الوحيد المتفاجئ هنا؟ منذ متى وكيدمان هنا تحديداً!
زمجر دانيال بعصبية وهو يحاول ابعاد كلينا: أنتَ لا تجيد اطباق فمك بالفعل!
ابتسم له يُميل برأسه باستفزاز: هل تضايقتَ بطريقة ما؟
تدخل أبي بغضب: هذا يكفي كلاكما!
جزّ دانيال على أسنانه قبل أن يتراجع للوراء ويبعدنا عنه يتمالك نفسه، في حين زفر كيدمان وقلّب عينيه بخيبة أمل كما لو كان يرجو ان يزداد الوضع سوءاً بالفعل!
بالتفكير بالأمر.
كيدمان قد فقد شقيقته ولا يمكنه تخطي الأمر بعدم لوم دانيال، هو مؤمن بكون دامين السبب في الحريق الذي تسبب بتلك المضاعفات لكلوي! ومؤمن تماماً أن هذا ما كان ليحدث لولا أن كان لدانيال يد في تفاقم حالة دامين.
أعلم أن الجميع كان يؤمن بهذا بمن فيهم أنا.
ولكن. بعض الأمور تحتاج إلى اعادة الحسابات منذ البداية وكيدمان عليه أن يستوعب هذا أيضاً.
لن يكون سهلاً بالطبع فلقد خسر شقيقته الوحيدة، ولكن يبدو أنه على المحاولة معه في الوقت المناسب ليمنحنا فرصة البحث في الأمر لنثبت ما ان كان دامين المتسبب أو لا.
انتبه لتحديقي اليه وقد كنت شارد الذهن بشكل كامل، أردتُ تحيته بشدة ولكنني استشعرت نفوره من الجميع وتصرفاته الفاترة وهو يتحرك ليغادر دون كلمة!
بمجرد رحيله تحدثتْ كتاليا لتقول تحدق إلى الكوب أمامها بصوت مبحوح خافت بالكاد يعبر عن شيء واضح: لا داعي لمراجعة التصوير، لقد كان يَعلم بكل شيء ولكنه لم يكلف نفسه عناء اخباري، فما الجديد بالنسبة له.
اضافت تخفض ناظرها وتهمس بصوت قد تهدج بوضوح: سأذهبْ إلى شقتي بنفسي، لا أريد رؤيتهِ الآن.
عقدت حاجباي باستنكار في حين قال أبي مُحذراً: كتاليا هذا يكفي! والدكِ قلق وفي طريقه الى هنا ليوصلكِ بنفسه لذا لا داعي ل.
هل كان من الصعب ان يتفوه بالحقيقة؟ والادهى انه لا زال يخفي المزيد! هل سوء تصرفاتي عذر كاف ليعاملني كالحمقاء المغفلة؟
أعقبت وشحوب وجهها يتصاعد أكثر: من فضلك لا أريد الشجار مع أبي أو القاء أي كلمة قد تؤذيه بطريقة او أخرى لذا. أخبره بأنني لا أقوى على رؤيته اليوم، لقد نلتُ كفايتي.
تدّخل دانيال بهدوء بحزم: هو لن يطاوعك ويقول هذا بالطبع، ولكنني سأفعل! ولكن قبل كل شيء أخبريني حالاً. هل تعرّض ذلك اللعين لكِ؟ هل حاول. فعل أي شيء! آذيتهِ دفاعاً عن نفسك؟
بدى وكأنه ينوي قول المزيد لولا ان قالتْ تتجنب النظر إلينا: لدي طلب واحد.
نظر اليها بترقب، في حين وقفتْ ببطء تمسك بالمفرش جيداً لتغطي جسدها، ثم رفعت مقلتيها الشاحبة نحو دانيال وقالت تحرر يمناها لتمسك بشعرها وتجمعه على الجانب الأيمن: تخلص مِنه.
دانيال:
سوف. أجن!
دمائي لا زالت تغلي في عروقي! فكرة تجرؤه لتتخطى قدمية عتبة المنزل بكل سهولة وتواجده هنا أمر. يثير جنوني وأكاد افقد أعصابي!
رجفة بسيطة تسيطر على فكي رغماً عني، فأنا أحاول جاهداً تمالك نفسي!
إن صادف ولمحتهُ فقد أتصرف بطريقة جنونية! أنا لن أتركه. كيف لهذا الوغد أن يتجرأ على التواجد هنا! ما الذي فعله تحديداً؟ لماذا كان قميصها ممزق وما الذي دفعها لإيذائه تحديداً؟
نظرتُ الى انعكاسها في المرآة وهي تجلس على كُرسي الحِلاقة تُحدق بشرود الى بينديكت الذي يستلقي أسفل قدميها على الأرض بينما ترتدي قميص داكن قد استبدلته بالسابق.
أطالت النظر إلى نفسها وطال وقوفي دون حَركة حتى صادف ان رفعت عينيها نحو انعكاسي لِتقول بهدوء وهي تخفض عينيها نحو وجهها مُجدداً: لن تبدأ؟
ابتلعت ريقي كما لو ابتلع الكثير من الكلام محاولا ألا ابدي غضبي، وقلت بينما اخفض نبرتي أحاورها بهدوء: تعرّض لكِ مسبقاً، هذا الوغد سبق وان قام بالاعتداء عليكِ فلماذا الان تتصرفين وكأن ما يزعجك. أمر آخر! لم يعتلي هذا الشحوب وجهك عندما تظاهرت بحدوث خلل في فرن شقتك!
طرفت بعينيها ببطء دون أن تعلق.
لماذا كان قميصها ممزق بحق الإله! مجرد تخيّل الأمر.
أوقعتُ الأدواتُ من يَدي وانحنيتُ لالتقاطها ولكنها استمرت في الوقوع كلما التقطتُها لأزفر واستقيم بانزعاج شديد أمرر يدي في شعري لاعترض بغيظ شديد: لا أستطيع! يمكنكِ الانتظار الى حين نمو هذه الخصل وحسب! انتِ لستِ مضطرة لقص شعركِ بأكمله لمجرد.
ولكنني توقفت عن الحديث انظر الى انعكاسها في المرآة امامي وهي تجلس على الكرسي تحدق إلى بوجهها الشاحب وقد بدت مُنهكة بالفعل قبل ان تهمس: لننهي الأمر، من فضلك دانيال.
ان اقوم بقص شعرها.
بسببه هو!
لا يمكنني تقبل الفكرة مهما حاولت.
أعلم أنها لن تتحدث، على الأقل لن تفعل الآن ولكنني.
تركت المقص على طاولة العِدة وتحركتُ سامحاً لشيء مجهول الهوية بتحريكي لأقف أمام كرسيها.
بقيت أحدق إليها ولو كان من الممكن الشعور بمدى غليان دمائي لكانت قد تعرضت إلى لسعة مؤلمة حتماً! لم يشفي أي شيء غليلي أو شكوكي لذا انحنيتُ لأسند كلتا يداي على مسند الكرسي الذي تجلس عليه، حتى قلتُ بجدية أحدق إليها بحزم: سأفعل ما شئتِ، أعدك ولكن. قميصك. هل نال منكِ؟ لا أريد سوى جواباً.
بقيت عينيها تتحرك دون وجهة محددة على وجهي فقلت محاولاً دفعها للحديث: كتاليا. من فضلك.
بقيت تتحاشى النظر للحظات قبل أن ترتخي ملامحها لِتهمس: ليس هذا ما يريده باتريك.
هذا.
ليس ما يريده!
كانت كلمات مختصرة كفيلة بأن تثلج صدري لسبب ما وقد كنت أختنق!
بل انني اخيرا قد ازدردت ريقي وقد كان حلقي قد جف تماما، رطبت شفتاي بلساني وأومأت فوراً برضى، انا حتى لم أشعر بنفسي وقد زفرت الهواء من صدري قبل ان أسألها بجدية: قمتِ بإصابته بقوة، هل كان يُحاول ايذائك بطريقة ما؟
زمت شفتيها وأشاحت بوجهها بعيداً للحظات مطولة حتى تمتمت دون ان تعيد ناظرها للأمام: متى لم يحاول، هل ستقص شعري أم أذهب إلى متجر كيدمان؟
كان يخرج من محفظته الأوراق المالية فنزعت احدى السماعتين وقلت بملل: ان كان لديك الوقت الكافي للعناية بشعرك فاذهب إلى أقرب عيادة طبية وعالج هذا الجرح المزعج أعلى جبينك. سيترك أثراً في جميع الأحوال لا تجأش.
أومأ بتفهم: سأفعل.
نظر من حوله حتى تعلقت عيناه الخضراء على الدرج المؤدي إلى الأعلى لثواني ثم أخذ نفساً وعاد ليبتسم بهدوء: قد أعود قريباً.
طالما نجني ربحاً من مجيئك.
كان يعلم جيداً أنه سيكون قادراً على الدخول إلى هنا والحصول على فرصة مناسبة بالفعل.
السافل.
لن ينجو بفعلته حتماً.!
اطبقت شفتاي بقوة اتمالك نفسي لئلا أجادلها أكثر فهي لا تبدو بالفعل بخير، سأجد طريقة ما لفهم ما حدث.
نظرت إلى قدمي التي يتشبث الجرو بها ممازحاً غاضباً أو أياً يكن، حركت قدمي بخفة لأبعده فاستسلم وعاد لستلقي على ظهره يتلوى كما لو يبحث عن المزيد من الاهتمام. ربما!
ابتعدتُ عن الكرسي لأستقيم واتجه حيث كنت أقف مسبقاً خلفها وامسكت بالمقص متمتماً بهدوء لأعلق علو قولها: كيدمان لم يمسك بالمقص يوماً، على الأغلب قام بتوظيف حِفنة من الحمقى هناك.
أعقبت أنظر إلى شعرها وشيء يشبه الحسرة ينتابني: إيّاك ولومي لاحقاً.
لم تعترض او تغير رأيها حتى اللحظة الأخيرة!
كنت آمل أن أماطلها أكثر لعلها تتراجع ولكنها لازالت مُصرة، نظرتُ إلى المقص بين أناملي قبل ان أمسك بعبوة الماء لأبدأ بالرّش على شعرها لترطيبه.
بقدر شعوري بالغضب والانزعاج الشديد. إلّا ان خصلات شعرها التي لامست يدي كانت كفيلة بتهدئتي بطريقة ما!
وبينما كنت أقوم بالرّش على شعرها وتسريحه تبادر إلى ذهني سؤال لأقول بجدية: دخلتُ إلى الغرفة بنفسي، ولكنني لم أرى كمية كبيرة من شعرك الذي تم قصه وانما مجرد خُصل، أين هو!
كانت قد تنهدت إثر قولي وهي تقول وذهنها شارد بوضوح: دسّه في جيبه ببساطة.
عقدت حاجباي باستنكار أستكمل ما أقوم به دون توقف!
هي تجيب باختصار عندما يتعلق الأمر به وهذا يشعرني وبشدة أن ما يزعجها أمر آخر تماماً.
علي كل حال لماذا كان المقص بحوزته منذ البداية؟ ما الذي كان ينوي فعله أو. ما الذي سيفعله بعد قص شعرها؟ هل كانت الطريقة الوحيدة لإخافتها او ايذائها في رأيه أم أن هذا الوغد ينوي بالفعل على أمر ما؟
الكثير من التساؤلات كانت تدور في رأسي وتزاحمها الكثير من الشكوك في المقابل، وقد كنت متخبط بين الغيظ وشعور غريب مجهول الهوية كان كفيل بجعلي التزم الصمت حتى وجدت نفسي أقول وأنا أغلق جهاز التصفيف مجففاً شعرها: انتهيت.
رفعت عيناي أنظر إلى انعكاس وجهها في المرآة وقد بقيتُ واقفاً في مكاني أمسك بالجهاز بيدي التي أخفضتها إلى جانبي.
هذه الفتاة.
يبدو أن لا شيء لا يليق بها!
أخفضت عيناي أنظر إلى شعرها المتناثر على الأرض قبل أن أعيد ناظري إليها، الأمر ليس بأنه يناسبها فقط ولكن.
وكأنها.
وكأنها قد خُلقت ليتحرر عنقها كما هو الآن!
ازدردت ريقي بصعوبة واحكمت قبضتي على الجهاز في حين قالت تمرر يمناها في شعرها القصير بوجه فاتر جداً: على الأقل يمكنني فهم سبب عودة الزبائن إلى المتجر رغم سوء المعاملة.
يبدو أن هذا الإطراء قد أحاطني بشيء من السرور بالفعل فلقد وجدت نفسي أحرك قدمي بإضطراب اتجاوز النظر إليها.
أعجبك؟
اعتقد أنني أبحث عن. المزيد من الإطراء؟
اومأت وهي تنظر إلى وجهها وتستمر في تمرير يدها في شعرها قبل أن تقول بهدوء: سأكتفي بالاعتراف بأنك موهوب.
نبح بينديكت بضع مرات فقلتُ بسخرية: ربما يحاول الاطراء بطريقته!
انحنت لتأخذه بين يديها تربت على رأسه بصمت، بينما قمتُ بازاحة الطاولة واتجهت نحو الزاوية لألتقط المكنسة لأقوم بتنظيف الأرضية، قبل ان التفتُ لباب المتجر الذي فُتح ليدخل منه كيفين، نظرتُ الى الساعة حول معصمي ثم إليه.
تأخر في العودة إلى المنزل كثيراً!
دخل بوجه بارد ونظر إلى بفتور قبل ان يلقي عليها نظرة خاطفة، بدى مستنكراً لمظهرها ولكنه لم يبدي اي ردة فعل وهو يكمل طريقه ليصعد فوقفتُ أحدق إليه بصمت.
ما خطبه!
قابله كارل الذي نزل الدرج، نظر إليه بحيرة قبل ان يقول له بهدوء: تأخرت كيفين على غير عادتك!، عموما انتهى ابي من اعداد العشاء وسنتناوله بعد قليل.
أعقب يبتسم له بطريقته الحانية المعتادة: ستغادر الآنسة كتاليا الليلة، لا تتخلف عن العشاء.
وقف كيفين وبدى محتار لكلمات كارل قليلاً وهو يرمقنا بنظرة سريعة قبل ان يقول ببرود: سيتسع المنزل لنا مجدداً.
قلّبت عيناي في حين نهره كارل معاتباً: هل كان عليك قول هذا؟ لماذا لا تراعي الآخرين كيفين!
ليرد عليه وهو يستكمل صعوده: أياً يكن.
ولكنه توقف وقد نظرنا جميعنا نحو الباب الذي فُتح مجدداً ليدخل لاري إلى الداخل مفعماً بالحماس يمسك بيديه أكياس مشتريات ورقية متوسطة الحجم وبدت مليئة ربما ب. الدمى او الألعاب؟
عقدت حاجباي بإستنكار بينما ابتسم لاري بحماس وهو يقترب ليقول: انظرو إلى المجسمات التي حصلت عليها!
انحنى يضع الاكياس على الأرض ليقوم بإخراج مجسمات لحيوانات وحشرات بأحجام متفاوتة!
رفعت رأسي وقد انتبهت لمن كانت تقف عند الباب تنظر إليه تبتسم بهدوء ولطف، فقلتُ اشير بيدي: يمكنك الدخول.
ايدني كارل ينزل الدرج حتى وصل حيث أقف: تفضلي سيدة مارثا، شاركينا العشاء!
ولكنها نفيت برأسها فوراً وقالت تحرك يديها على عجالة: آه لا بأس، أمضيت وقت مسلي مع لاري بالفعل واعتقد أنه.
صمتت قليلاً تنظر إلى كيفين الذي يرمقها بإشمئزاز واضح لتكمل بينما تقطع تواصلها البصري معه: أعتقد أنني سأغادر، قد اتواجد هنا غداً مجدداً لأتنزه مع لاري.
تحرك كيفين بخطوات عدائية ليصعد وقد اختفى عن أنظارنا، لتتنهد هي بدورها بلا حيلة وتنظر إلينا تبتسم بعبوس للحظات قبل ان تنتبه لمن تقف خلفي وتقول باستغراب وتعجب: كتاليا! يا له من مظهر جديد رائع!
يبدو أن كارل كذلك قد التفت باستغراب حتى اتسعت عينيه باستيعاب وبقي هادئاً دون أن يعلق وهو يحدق إلى الأرضية وتحديداً إلى شعرها الذي تم قصه.
لتردف مارثا وهي تثني عليها: إنه يليق بكِ بلا شك ولكن. لماذا!
لتنظر اليها بوجه لم يعكس سوى تعبير هادئ وهي تقول بينما تنحني لتمسك بينديكت بين يديها: لا بأس بالتغيير بين الحين والآخر.
لتؤيدها مارثا تبتسم بتعجب: ولكن. ياله من تغيير رائع!
تدخل لاري يشير الى كتاليا بإنزعاج: اشتريت لبينديكت طعام للجراء، أريد اطعامه بنفسي.
ارتفع حاجبيها قليلا قبل ان تتنهد وقد تفاجأ بها لاري تقول بهدوء وهي تضع بينديكت ارضاً: أعتقد انني سأتركك تفعل ما تشاء اليوم.
طرف لاري بعينيه باستغراب وقد انقشع التعبير العدائي عن وجهه في حين تحركت كتاليا لتقول بضمور لمارثا: أرجو المعذرة.
ثم صعدت بصمت الى الاعلى بخطوات ثقيلة وبدت تجر قدميها بصعوبة بالغة، نظر كارل اليّ بلا حيلة فبادلته النظرات بعجز حاولت تغليفه بالمزاح بينما اشير الى لاري: قم بإطعامه كما تشاء، اراهن على انك ستذرف الدموع اليوم دون توقف وتزعج الحي بأكمله.
تساءلت مارثا بصوت منخفض باستغراب: لماذا؟
رمقتها وشيء من الانزعاج ينتابني وقد وجدت نفسي استكمل تنظيف الارضية بصمت، فأجابها كارل فوراً: ستتناول العشاء معنا قبل ان تغادر.
لتردد بدورها بحيرة: تغادر؟
كانت بحاجة الى المكوث هنا مؤقتاً على كل حال.
آه! فهمت.
أضافت تنظر إلى بتفكير: لا بأس دانيال، رحيلها عن محيطك لا يعني ان تفقد فرصتك على الاطلاق.
هاه!
نظرت اليها ببلاهة بينما ابتسم كارل ليعلق وهو يحمل في طياته سخرية من كذبتنا التي لم تنطلي عليه اطلاقاً: بالطبع سيدة مارثا، فهما يتواعدان على أي حال ومحل اقامتها لن يشكل فارقاً، اليس كذلك دان؟
اسندت مرفقي على المكنسة وقلت بجفاء: هل أستشعر رغبتك في استفزازي بطريقة ما؟
رفع كتفيه دون ان يعلق فقالت مارثا تنسحب على عجالة: حسنا لن اطيل البقاء على الرحيل، يمكنكم تناول العشاء من فضلكم، ولكن قبل رحيلي.
عادت ادراجها تتقدم نحو لاري الذي كان مشغولا باطعام لاري قبل ان يتفاجأ بعناقها القوي له وهي تحتويه بين ذراعيها وتربت على رأسه برفق.
ارتخى كلا كتفاي احدق اليهما في حين ابتسم كارل بهدوء ورضى.
لم يبدو لاري غير معتاد وحسب ولكن وجهه قد تورد بوضوح وهو يحاول التملص منها فابتعدت عنه ببطء تحدق اليه بينما تمسك بوجنتيه قبل ان تقبل جبينه وتهمس: أراك غداً بُني.
زم شفتيه ينظر اليها للحظة قبل ان يتحاشاها قليلا وهو يبتعد بتوتر يسمح جبينه بسرعة.
لتستقيم وتقول بينما تستعد للرحيل: الى اللقاء، كانت فرصة سعيدة للتعرف على كتاليا، ابلغها سلامي من فضلك.
هذا.
لسبب ما يزعجبني!
زفرت الهواء بحركة سريعة قبل ان اميء لها ايجاباً فابتسمت لنا واستدارت لتغادر.
وما ان اغلقت الباب خلفها حتى قال لاري بصوت عالي وهو يستكمل مسح جبينه: لا! لا يجب ان يتم استغلال جسدي.!
عقدت حاجباي باستغراب في حين ضحك كارل لينفي برأسه: بحق الاله لاري!
.
.
انتهيتُ من وضع الأطباق مقابل الجميع، عدتُ الى الكرسي لأجلس بجوار كتاليا التي تريح كلتا يديها على حجرها وتخفض رأسها تنظر إلى الطاولة بشرود.
بينما أستكمل أبي كلماته الحازمة الميئة بالغيظ والغيظ تجاه كارل: لازلتُ أرى انك مجرد احمق متهور، هل كان عليك التدخل وحشر انفك؟ لماذا إذاً وُجدت الشرطة في العالم بحق الاله!
أغمض كارل عينيه بلا حيلة وتنهد: أبي! انا حقاً بخير سأعود الى المشفى بعد اسبوع لتعقيم الجرح ومراجعة الطبيب.
أضاف يشير الى الاطباق: لنستمتع بالعشاء ونتوقف عن الجدال مؤقتا لا يجب أن نعكر مزاج الانسة كتاليا أكثر.
ابتسم لاري بسعادة بالغة وهو يتذوق الطعام قبل ان يتفوه فمه بما فشِلَ في كبحه: واخيرا ستعود الحياة الى طبيعتها ويلتم شمل عائلتنا!
رمقته بانزعاج في حين تنحنح أبي بحِدة ليعاتبه بنبرة حازمة: كلمة أخرى لاري و ستنام دون عشاء.
اجفل لاري لعلو صوته ومط شفتيه بغيظ وهو يتمتم بكلمات ممتعضة خافتة.
لمحت كيفين يبتسم بسخرية وقد بدى بطريقة ما يوافق قول لاري ولكنه التزم الصمت يتناول الطعام!
هاذان اللئيمان.
تنهدت بلا حيلة قبل ان انظر الى كتاليا التي تحدق إلى طبقها بصمت، لم يكن الأمر يقتصر على شحوب وجهها وحسب. ولكنها لم تكن تتصرف على سجيتها على الإطلاق وهذا أمر. يدعو إلى التوتر! فأنا لم أتوقف عن هز قدمي بخفة وبحركة سريعة كلما رأيتُها شاردة الذهن أو حتى كلما عكست مقلتيها تعبير منكسر بوضوح!
يبدو أنني أطلت النظر إليها إذ انتبهت لي فطرفت بعيني بإدراك ونظرتُ إلى طبقي.
حتى علّقت أخيراً لتقول وهو تمسك بالملعقة بأنامل مرتخية: سأشتاق إلى الوجبات اللذيذة التي تعدونها.
علق لاري بانزعاج: بالطبع! فالجميع هنا موهوبين في الطهي ويعدون الذ الاكلات، لا أحد هنا فاشل في.
ولكنه توقف عن الكلام تدريجيا فور ان رمقه أبي بتهديد.
ابتلع ريقه وعاد ليتناول طعامه وقد دمعت عينيه بقهر وضيق.
لا فائدة حقاً!
لا فائدة؟
بالتفكير بالأمر.
لم أكن اتهاون او اتوقف عن ازعاجها كلما سنحت لي الفرصة مسبقاً!
منذ تواجدها لليوم الأول كنت احاول جاهداً دفعها للرحيل. والآن يتصاعد في جوفي الانزعاج جراء كلمات لاري التي يحاول فيها استفزازها!
هل الأمر فقط بأنني لا ارغب في زيادة مزاجها سوءاً أو انني.
لا أريد رؤيتها منزعجة؟
أبي.! دانيال يحدق اليها كالمسحور الذي وقع تحت تأثير اللعنة!
عقدت حاجباي لصراخ لاري بغضب لاستوعب انه. يقصدني انا يشير إلى بحنق قبل ان يقول بامتعاض: لهذا اخبركم ان حياتنا ستعود الى طبيعتها برحيلها!
نهرته بانزعاج: كم انت ثرثار لاري! لا يمكنك تناول طعامك بهدوء وسلام؟ أنصتْ. كلمةٌ اخرى وسأطعمك من طعام الجرو الذي احضرته بنفسك!
اعقبت بحزم اضرب على الطاولة لمرة: انه اخر تحذير لك!
اتسعت عينيه لوهلة قبل ان يعترض ويضرب كفيه على الطاولة وهو يبتعد متذمراً يذرف الدموع باكياً: أنتَ مسحور! أنت الوحيد الذي تغير منذ ان وطأت قدمها الى هنا.
غادر المطبخ ولحظات قليلة حتى سمعنا صوت غرفة الباب الذي صفقه ويبدو انه انهار باكياً هناك!
لقد اصبح لاري حساس جداً او ربما. شديد الغيرة بالفعل!
اتساءل ان كان كيفين يشعر بالمثل؟
هل تغيرتُ عليهم حقاً ام انني فقط.
ربما.
أبدي اهتماماً تجاهها وقد يكون ملحوظاً ومزعجاً بالنسبة لهما؟
هل انا مزعج على أي حال في نظرها؟
تنهدتُ أمرر يدي في شعري بتشتت وقد نويت الوقوف للتحدث الى لاري ولكن ابي قد سبقني ليقول بهدوء: اجلس، هذا الفتى عليه ان يشعر بالجوع ليستوعب فداحة ما يرتكبه، لن يُقضى عليه لتفويت وجبة واحدة.
ضاقت عينا كيفين ولم يبدو راضياً عن قول أبي وقد بدأ يهز ملعقته و قدميه باضطراب واضح وهو يلتزم الصمت.
قد يكون أبي محقاً. اليس كذلك؟
هي ستغادر على كل حال ولا ادري ان كانت ستعود لتتناول الطعام على مائدة واحدة معنا برضاها او ستسمح الظروف بذلك.
تعالى رنين هاتفها فأبدت انزعاجها الشديد وقد خمنتُ انه والدها مجدداً.
هذا الآرثر.
زفرت وقد وقفتُ لأقول بجدية: اخبرتك انني سأتحدث اليه، وانت أبي لا تُقدم لنا اي محاضرة الآن! هي لا ترغب في رؤيته اليوم حتى لا تتجادل معه، الامر بسيط!
بدى كارل محتار جداً لما يحدث، ولكنه التزم الصمت في حين اعتلى الرفض وجه أبي وبدى سيعترض فقلت بسرعة وانا اخذ منها الهاتف الذي ناولتني اياه بنفسها: لا تقلق، سأعامله بلطف وتهذيب، ثِق بي.
.
.
لقد كتبتْ لك ابنتك رسالة واضحة حول مغادرتها برفقتي، فلماذا تواصل الاتصال؟
تساءلت بانزعاج اتمشى امام باب المتجر في الخارج احدق الى السيارات والمُشاة لأسمع رده منزعجاً: أنا اعلم انها متضايقة لما حدث ولكن عليها سماع ما سأقوله لذا لا تتدخل واعطها الهاتف حالاً!
جادلته بجفاء اركل بقدمي حجارة صغيرة نحو الرصيف: وما الذي ستقوله سوى تحذيرات لا توضح أي شيء لها وتغرقها في بحر الغموض أكثر! هي لا ترغب في التفوه بأي كلمة قد تجرحك لذا امهلها فرصتها في التفكير قليلاً!
انت ايها الوقح! هل تعلم حتى ما حدث لها ام انك تتظاهر بالفهم وحسب!
انا لا اعلم حتى الان ما يزعجها فعلاً، لا اعلم سوى تواجد ذلك اللعين في منزلي وتقصيرك في مراقبة كل مكان قد يتواجد فيه!
اضفت بحدة: اخبرني آرثر، ان كانت ابنتك في خطر لسبب ما فما الذي يمنعك من الاستعانة بعناصر الشرطة؟ إيّاك واقناعي أن الشرطة على علم بما يحدث لها! ما الذي يمنعك تحديداً؟
ساد الصمت بيننا مطولاً فأكملت بصوت ساخر أشدد على كل كلمة: عدى أمر تخشى أنت شخصياً ان تعرفه الشرطة. يا تُرى؟
استشعرت مدى غضبه وقد بدى يجز على اسنانه وهو يقول: اخرس!
تجاهلته ابتسم لاقول باستفزاز اتظاهر بالأسى بينما اسند ظهري على الحائط: أمر تخشى ان تعرفه هي قبل الشرطة ربما؟ والا لما كلفت نفسك عناء المراقبة، الحماية، التنفيذ، والتتبع الذي ينتهي كل مرة بالفشل؟
دانيال فريدريك، انصحك بالتزام حدودك والا.
انا لا اخشى التهديد، على كل حال ما تفعله امر غير منطقي! هل كنت تحاول ارغامها على مواعدة لارز حقاً قبل ان يورطك تدخلي في الأمر؟ وهل كنت تنوي معالجة المشاكل التي تلاحقها في الخفاء وانت تتفوه بكلمات تحثها على الصبر فقط؟ وهل كان الوغد باتريك هو من تخشى ظهوره في محيطها أم أنّك. تعلم أنك مضطر لتركه يتجول في الارجاء لسبب ما؟ فبرأيي قد فشلت في كل مرة في منعه من التعرض لها.
اعقبت بهدوء: انصت. انا لا اتهمك بشيء ولكنني اعلم انك تخفي أمر ما يدفعك للفشل! لا يعقل انها تتأذى في كل مرة ببساطة!
انت. لا تفهم شيئاً!
صرخ بغضب وبدى كما لو فقد اعصابه بالفعل!
ليردف بغيظ وقد فقد اتزانه في كلماته بوضوح: من يتظاهر بالاهتمام بابنتي! أحمق مُضطرب؟
هذا ال.
تمالكت نفسي بصعوبة أغمض عيناي بصبر، ولكنني ابتسمت دون شعور استشعر غضبه فهمست لأحرق اعصابه: الاحمق المضطرب يظهر للعامة أنه يواعد ابنتك آرثر. بدلا من ابن اخيك المُتبنى الذي تُبدي نحوه الفخر والثقة. هل تعتقد انني سأُظهر نفسي كمثير للشفقة لا يجيد دوره أمامهم؟
انت. ما الذي تحاول قوله!
كتاليا لا تنوي سماع صوتك حتى! ان كانت قد لجأتْ اليّ لاتحدث اليك. الا ترى كم يرضيني هذا ويشبع بداخلي شيء يرغمني على تنفيذ ما تطلبه. دون تردد!
ماذا؟
تبدو في حالة ضعف وعلى وشك الانهيار، يفترض ان اؤدي دوري جيداً الا تتفق؟ الستُ الرجل الذي يواعدها ومن واجبه التخفيف عنها؟
صمت دون ان يعلق وقد ادركت انني تمكنت منه.
لمحتُ كيدمان الذي بدأ يغلق متجره وقد انتبه لي يرمقني بنظرة فاترة سريعة قبل ان يستكمل ما يقوم به.
بقيت استند على الحائط خلفي حتى سمعته يتنهد بعمق كما لو يستعيد هدوءه بصعوبه.
حتى قال بجمود: لا تتجاوز حدودك او تعبث بها بأي شكل من الأشكال! سأتنازل اليوم حتى تستعيد هدوءها فقط.
صمت قليلا حتى تفاجأتُ بنبرته التي انخفضت وبدى مغتاظاً وهو يضطر للتنازل ويهمس: أوصلها الى شقتها بأمان. من فضلك.
سأفعل. بَعد ان تشاركني المقطع الذي ارسله اليك كيدمان.
ما غرضك تحديداً هل تستكمل حشر انفك ام.
تعرضتْ لشيء ما في منزلي، وأتحمل مسؤولية ما واجهته.
هوس المسؤولية. مجدداً!
من يعلم.
.
.
لم يفاجئني ما حدث.
فلطالما شعرت بوجود أمر ما خاطئ حول صديقتها.
ولكنه اشعل بي انزعاجا وحنقاً شديداً!
احكمت قبضتي بقوة على هاتفي قبل ان اعيده الى جيبي.
بينما أبقيت هاتفها في يدي ووجدت نفسي أجلس على الرصيف احرك قدمي بحركة سريعة.
لم استبعد تورط صديقتها الشقراء منذ البداية!
المدعوة روز. على علاقة ما بذلك السافل!
ولكن كيف بدأ الامر بينهما ولماذا!
رؤيتها تسنده بينما بالكاد يخطو جراء اصابته. كان كفيل بفوران دمائي فكيف بمن كانت تثق بها وتستبعدها دائما دون تردد من دائرة الشكوك!
عندما تورطت بدخول كتاليا الى المشفى واخذني رجال الشرطة الى هناك.
استنكرت وجود روز دون مقدمات!
من أين علمت بالامر آنذاك؟
ان لم يكن ارثر وحده من يراقب ابنته، فالطرف الآخر الذي يراقبها على علاقة بروز؟ ولا اظنه المدعو باتريك.
فآرثر لم يبدو قلقاً منه بقدر قلقه من شخص آخر!
هل هذا الشخص لا زال ضمن دائرة اصدقائها؟
او انه طرف لم يظهر نفسه لها بعد؟
ثم هناك أمر ما يثير حيرتي. هل كانت السيارة التي أخذت كليهما من أمام المنزل متواجدة منذ البداية؟ هل أتت روز بنفسها ثم استعانت بشخص ما لسماعدتهما؟ إن كان الأمر كذلك بالفعل.
فلِمن هذه السيارة السوداء الفارهة؟ تضليل النوافذ كان قوياً إلى حد كبير ويصعب رؤية السائق.
إن كان آرثر سيسعى إلى تتبع لوحة السيارة. فهل هذه إضافة جديدة ذات فائدة بالنسبة له؟ أم أنه يعلم مُسبقاً بهوية السائق؟
الا تعتقد ان المكالمة قد اخذت وقت اكثر من المتوقع؟
نادى صوت عالي من الاعلى فرفعت رأسي التفت نحو النافذة حيث كان أبي الذي ينظر إلى بترقب فقلتُ اقف مدركا كم تأخرت بالعودة: قادِم. لا تقلق كنتُ لطيفاً معه كما أخبرتك.
.
.
لستُ معتاد على هذا القدر من الهدوء منها.!
هي حتى لم تبدو قادرة على تزييف ابتسامة سريعة وهي تضع حقيبتها بجانبها، اذ قامت بتقسيم حاجياتها واخذت الاساسيات في حقيبة ظهر صغيرة لتتمكن من أخذها، وتركت باقي الحاجيات للغد.
استقامت تنظر الينا حيث اقف انا وكارل اسفل الدرج في المتجر بينما يقف ابي امامنا مواجهاً لها وهو يربت على كتفها: كان وجودك في منزلي غير آمن بما يكفي، انا اعتذر لكِ عما حدث وعن اضطراري لطلب انتقالك الى مكان آخر، اردت ضمان حمايتك بشكل أفضل.
نفيت برأسها ورفعت يدها تربت بها على يده التي تموضعت على كتفها قبل أن تقول: شكراً جزيلا لك سيد هاريسون على استضافتي هنا رغم عدم توفر امكانيات كافية، لأصدقك القول لم أتوقع يوماً الشعور بالاستياء. للرحيل من هنا.
نمى شيء مُفاجئ في داخلي أرغمني على التسمر في مكاني بإستنكار وأنا أرى يديها التي أحاطت بِظهر أبي لتعانقه وتدفن رأسها في صدره!
بل أنني التفتُ نحو كارل بتلقائية اتجنب النظر إليها فوجدته قد نظر إليّ بتمعن قبل أن يهمس متكتفاً: عناق أبوي، لماذا تبدو مغتاظاً؟
عقدت حاجباي بإنزعاج لأجيبه بحزم: من قال بأنني كذلك!
الستَ تواعدها؟ من الطبيعي أن تعانق والد صديقها، على ما أظن.
كارل. توقف!
ابتسم بلا حيلة بينما رمقته بحدة وأعدت ناظري إليهما، لأجدها قد أبعدت رأسها قليلاً تستمر في عناقه وهي تقول بهدوء: ورطتكم في أموري الخاصة، لم أقصد التسبب بالأذى لأيِ منكم، أنا بالفعل ممتنة لك سيد هاريسون.
رفع يديه ليعانقها ويربت على رأسها، وضعت يمناي على خصري أحدق إلى الجرو الذي يتجول في المكان.
وعندما اقترب من محيطي انحنيت لألتقطه وقد أخذته بهدوء لأتحرك إليهما وأناولها الجرو بشكل مفاجئ فابتعدت عن أبي وقد بدت تستنكر ما حدث لتسأل بعدم فهم: ما الأمر!
رفعت كتفاي ولم أعلق.!
ما هذه.
الحماقة؟
هذا ما كنتُ أفكر فيه بينما نفي أبي برأسه بجفاء بلا حيلة وهو ينظر إلي، تنحنتُ واشحت بوجهي بينما قالت تنظر الى كارل: ممتنة للطفك وحسن معاملتك، كان المثل يُضرب بأخي ريتشارد وبصراحة لم أشعر بوجود أي فارق بينكما.! شكراً جزيلاً كارل واعتذر على المشاكل التي تسببت بها.
ازدرد كارل ريقه بتوتر وهو يرفع يده يمررها في شعره قبل ان يبتسم بهدوء يتجنب النظر اليها قليلاً: لم يمضي عليك يوماً دون التعرض لمقالب ومشاكل لاري لذا اعتذر على تقصيرنا.
اردف يشير للمكان من حوله: يمكنكِ زيارتنا في أي وقت كما تعلمين، لتناول العشاء او حتى احتساء كوب شراب ساخن في أي وقت.
ثم أضاف بكلمات ينغزني بها بوضوح: فأنتِ صديقة أخي ومن الضروري تواجدك بلا شك.
اعتقد انه لا مهرب من الاعتراف له حقاً.
كل شيء واضح بالنسبه له!
كما اعلم جيداً أنه لن يتركني حتى يفهم ما حدث اليوم فهو لن يتجاوز سماع اصابة شخص ما هنا أو تعرضها للأذى بسببه، لن يتجاوز سماع ما يخص نزيفه واضطرار أبي لتنظيف دمائه.
الفضول واضح على وجهه ولكنه يحترم تواجدها لآخر لحظة!
بالكاد ابتسمتْ بضمور وأومأت له مؤيدة: بالطبع! على كل حال احرص على العناية بجرح يدك فمن الواضح انك عاجز عن تحريكها بأريحية.
اضافت وقد ارتخى وجهها بهدوء: أيا تكن الفتاة التي دافعتَ عنها، انها محظوظة بلا شك!
اعتلى وجهه تورد طفيف لإطرائها بينما احتدت عينا ابي يحدق اليه بشك وتمعن، فقال كارل يعقد حاجبيه: انها مجرد زميلة. في العمل لا اكثر! اخبرتك بالفعل بما حدث!
في حين قلتُ اشير الى الساعة حول معصمي: حسناً، والان هل نرحل؟
أومأتْ بإدراك وقبل ان تعلق أتى صوتٌ مليء بالدهشة: بينديكت. سيبقى هنا اليس كذلك؟
كان لاري الذي لا ادري متى خرج من غرفته او لماذا لم ينام حتى الآن! اشرت اليه بذقني بنفاد صبر: لا تبدأ لاري الجميع في مزاج سيء وقد تتعرض لاساءة جماعية أنا جاد!
ولكنه نفي برأسه بقوة واعترض ينزل الدرج على عجالة نحو بينديكت الذي كانت قد أنزَلتَهُ ليقف الى جانب حقيبتها مترقبا، تدخل كارل وامسك بيده يشير لنا: غادرا بسرعة والا اختطف الجرو المسكين.
أومأت مؤيداً وقد اخذت حقيبتها لاقول: هيا.
اسرعت تتبعني وهي تلوح للاري بتردد قبل ان تأخذ الجرو بين يديها عندما انفجر باكيا يحاول التملص من يد كارل وقد ساعده أبي ليمسك به محاولًا السيطرة عليه وما ان فتحتُ باب المتجر حتى صرخ ليهز ارجاء المكان: لآآ! بينديكت.!
نبح الجرو عدة مرات يهز ذيله ولكنها هدأتهُ تربت على رأسه وهي تتنهد بلا حيلة: اهدأ بينديكت سأجلبك في كل مرة ازور فيها المنزل!
نفيت برأسي بعدم تصديق: متى كوّنا هذه الصداقة! الامر لا يقتصر على الحشرات فقط!
كان وجهها لا يزال شاحباً وباهتاً ولكنها نظرت إلى بإدراك وهي تهمس متجاوبة: بينديكت يعشق جذب الأنظار!
يعشق جذب الأنظار؟
ضاقت عيناي بتفكير للحظة قبل ان اعلق لعل مزاجها يتحسن: لحسن الحظ لم يعرف والدك بالأمر بعد، والا قام بتشخيصه هو أيضا بالاضطراب الهستيري او ايا كان اسمه!
اتسعت عينيها قليلا ثم سرعان ما أشاحت بوجهها وقد رسمت ابتسامة مُضمرة على ثغرها!
واخيرا!
وان كانت الكئابة لا تزال تسيطر عليها ولكنها تحاول على ما يبدو السماح لمزاجها بالتحسن قليلا، بقيت اقف احدق اليها وشيء ثقيل كان قد انزاح عن صدري!
اعادت خصلات شعرها القصير خلف اذنها وقالت بفتور تضع بينديكت على الأرض: لا اصدق انك تقسو على نفسك لتستعرض حسك الفكاهي، على كل حال اردت ان اقول هذا مسبقاً.
صمت قليلا ثم اضافت تحدق الى المتجر: كارل يعلم جيداً ان ما يحدث مجرد تزييف ولا شيء حقيقي، لذا من المضحك الاستمرار في الكذب عليه.
أومأتُ بهدوء: كنت للتو فقط افكر في مصارحته، فالكذب عليه يوميا سيستهلك الكثير من طاقتي.
ساد الصمت وقد رفعت رأسها تنظر الى ارجاء المنزل ثم تخفض عينيها الى المتجر بشرود قبل ان تزفر الهواء ببطء وتبادر بالاتجاه نحو دراجتي: هيّا.
كتاليا:
مَضى وقت طويل جداً.
علي ان انتابني غصة قوية كالتي تنتابني الآن!
التراكمات التي تُثقل عاتقي لا تتهاون في غرس انيابها على كلا كتفاي فقط ولكنها كالسُم البطيء الذي لا يكون مميتاً ولكن المه يدفع المرء لتمني الموت وحسب.
الأمر بأنني.
عالقة ولا أتقدم!
لا يهم كم من المرات أحاول فيها اقتلاع قدمي من وَحل الماضي! فالماضي لا يتردد في سحبي للأسفل وارغامي على النظر للوراء!
كان من السهل توقع أي شيء! كما كان من السهل رسم أحداث متوقعة لتحذيرات أبي، ولكن أن يكون المَعني بكل هذا هو. روز!
والأدهى.
روز ليست امرأة عابرة في حياتي وإنما.
إحدى ضحايا غبائي ودلالي المفرط!
مهما حاولت تذكّر تفاصيل الأمر لا وجود لها في ذاكرتي!
يمكنني تذكر الكلمات القاسية التي ذكَرَتها ولكن يصعب تذكر روز نفسها.
لا أحد سيستوعب ما أشعر به.
أنا غارقة في الاشمئزاز الشديد من نفسي!
لا يهم كم من المرات سأحاول التكفير عن أخطائي، فهي تلاحقني أينما ذهبت.
ولكن.
لماذا روز من بين الجميع؟
الصداقة الحقيقية الوحيدة التي بنيتُها طيلة حياتي.
وجدتُ نفسي أشد دون إدراك على قميص دانيال اتمسك بهِ بيمناي بينما يقود دراجته، وعندما التفت نحوي بحركة خاطفة خففتُ من إحكام قبضتي على قميصه وقلت: الموقع يبعد عشرون دقيقة تقريباً، يوجد الكثير من الطرق المؤدية إلى هناك لذا لا بأس بأن تأخذ الأقصر، ثم لماذا تقود ببطء؟ ولماذا أمسكُ بخوذتك!
علّق بنبرة واثقة: قبل الذهاب إلى شقتك، لننزل هنا قليلا.
أوقف الدراجة على جانب الرصيف بجانب محطة توقف وانتظار الحافلة، أبقيت الخوذة وبينديكت بين ذراعي وقلتُ باستغراب: إلى أين؟
نظرت من حولي بينما اسأله فقال يشير بذقنه نحو متجر مقابل: هناك.
متجر لبيع قطع ومستلزمات الدراجات النارية؟
انتابني الاستغراب ولكنني خمنت رغبته في شراء شيء ضروري فاقترحت بينما لازلت أجلس على الدراجة انتزع الكلمات من جوفي إذ بدأت أشعر بالارهاق والرغبة العارمة في الانعزال: سأكون في انتظارك ريثما تعود إذاً.
أشار بإبهامه نحو المتجر: رافقيني.
لماذا!
رافقيني وحسب.
تقدمني فتنهدت بتثاقل شديد وبلا حيلة، تبعته لأبقي الخوذة وأخذت بينديكت معي، سبقني بالدخول إلى المتجر وقد خرج بعض الفتية بمحاذاته فدخلت فور مغادرتهم وجاورته بينما يبحث بعينيه عن شيء ما حتى قال: هناك.
اتجه نحو قسم الخُوذ فتركت بينديكت على الأرض ليتبعني، وقفتُ بجانبه بترقب فقال بتفكير: ما رأيك؟
نظرت حيث يشير إلى خوذة بيضاء فقلتُ بإستنكار: لديك خوذة بالفعل! هل تقصد أنها. لي أنا؟
ابتسم بشيء من السخرية وهو يمسك بالخوذة ينظر إليها بتفحص: ومن سيرتديها برأيك! هل يبدو حجم رأسي صغيراً إلى هذا القدر؟
ارتفع حاجباي مجفلة فور ان وضع الخوذة على رأسي يحاول تثبيتها بإحكام فقلت استوقفه: مهلاً أنا لستُ بحاجة إلى.
ولكنه قاطعني وقد ابتسم برضى: لم نستغرق وقتاً طويلاً للعثور على خوذة مناسبة، على كل حال إنها مقابل التي اشتريتها لي.
إنها. ثقيلة! ثم لدي سيارتي بالفعل أنا لن أكون مضطرة للركوب على دراجتك بعد اليوم!
قلّب عينيه بملل يتجاهلني تماماً ونظر من حوله حتى لمح الموظف ليشير له: سأشتريها.
اقترب الموظف الذي كان رجلاً ضخم البنية يرتدي قميص أبيض يُظهر وشوم جسده التي تغطي معظم ذراعيه وصدره، نظر إلى الخوذة التي استوعبت للتو انني لازلت أرتديها فنزعتها أحرك رأسي بخفة ليتحرر شعري قليلاً قبل ان أناول دانيال الخوذة فأخذها وقال للرجل بهدوء: أريد ضماناً عليها.
أنا لا أعلم حقاً لماذا قد الزم نفسه بشراء خوذة لي!
أنا في اقصى مراحل نفاد الصبر. أي معاملة لطيفة لي بطريقة مباشرة او غير مباشرة قد تدفعني للانهيار!
قد أصبح أفضل حالا بتورطي في شجار او اي كارثة. الامر فقط أنني.
لا اريد ان أُعامَل بلطف فهذا يزيد اشمئزازي من نفسي وحسب!
قام بدفع المبلغ وغادرنا بعد ان تم إرسال الضمان الإلكتروني على هاتفه! دفع الخوذة نحوي فأخذتها وقلت بهدوء وقد بدى لساني ثقيل الى حد غير معقول: لم يكن عليك شراؤها دانيال. أياً يكن. شكراً!
ابتسم يتقدمني بخطوات واسعة وقال بثقة: بل ستشكرينني الآن على تجربة قفزة خيالية لا تتقيد بعوامل الجاذبية.
قفزة. ماذا؟
عاد ليقود دراجته وقد ارتدى خوذته هذه المرة في حين ارتديت الخوذة، أبقيت بينديكت في حضني ولكنَه نبهني ليقول بشيء من الحماس: طالما ترتدين قميص فضفاض، أنصحك بوضع الجرو بداخله مؤقتاً.
دانيال هل تنوي تغيير مزاجي بجولة ما؟ أنت تعلم أنك لست مضطر لهذا.
سألته بصوت عالي إذ كان قد أسرع أكثر فأجابني فوراً: لن تكون مجرد جولة. هل الجرو سيكون بخير؟
رأسه هو الجزء الوحيد الظاهر من قميصي.
لا فكرة لديه كم انا منزعجة ويائسة، وما يؤدي الى تفاقم هذا الاحساس هو رؤيته مفعماً بالحماس راغبا في تغيير مزاجي بينما انا مضطرة للمسايرة!
.
.
تفاجأتُ به يَنحني بالدراجة وهو يأخذ المنعطف الأيمن فتمسكتُ بقميصه بقوة واتسعت عيناي لرؤية ازدحام مروري قد بدأ يتخطاه من بينهم بسلاسة فقلتُ بتحذير: مهلاً أعتقد انك ستتعرض لغرامات مالية و.
أجفلت بدهشة لصوت محرك الدراجة وقد زاد أضعاف سرعته فصرخت رغماً عني أضرب بخفة على كتفه منبهة: أمامك حافلة! انتبه هناك دراجة هوائية تنوي العبور، تباً دانيال هل جننت!
ولكنه تجاهلني في حين نبح بينديكت مرارا وتكرارا بحماس أو اضطراب لا أدري!
ولكن شعره قد تطاير بعنف جرا ء الهواء وبرزت انيابه لدخول الهواء إلى فمه وتطايرت أجفان عينيه للأعلى فاندس في قميصي مختبئاً.
حدقت الى بينديكت قبل أن أعيد ناظري إلى الشارع، إذ تخطى الازدحام المروري وقد سلك طريق الشارع العام السريع ليقود في مكان أقل ازدحاماً.
يصعب انكار هذا ولكنني.
لازلت أرى أن الدراجة أكثر متعة وتفاعلاً مع المحيط الخارجي بالفعل!
ومع أنني أشعر بالكثير من القيود التي تخنقني الآن ولكنني وجدت نفسي قادرة على تنفس الهواء بشيء من الأريحية أو ربما. كانت هُدنة بالفعل وجدت نفسي على إثرها ارخى من كلتا قبضتاي على قميصه وانزلت يدي قليلاً نحو خصره لأضمن توازني.
ولاسيما بمرورنا الآن بالجسر الذي يربط بين المدينة والجهة المعاكسة فوق البحيرة!
هذا الرجل.
ربما يُجيد تغيير مزاجي بالفعل!
كالمرة السابقة تماماً! شعور السيطرة على الهواء وكل ذرة من حولي ينتابني، أن أكون الأسرع هنا بين الجميع والأكثر خفة. أن أكون غير مقيدة بالكثير من القوانين أو المسارات!
الشعور. بالتمرد وتحدي أي عائق!
الشعور بالتحرر وحسب.
الشعور بضرورة تخطي اي احساس سلبي ولو مؤقتاً.
وكأن عقلي يرفض فجأة التفكير بأي ذكرى او حدث من شأنه إزعاجي، كما لو كان الآن مُقيد بالتركيز على جمال هذه اللحظة وعلى الاستمتاع بكل ثانية!
تمسّكي جيداً
قالها نبرة قد أرغمتني على الشعور بالخوف الذي غلفه ما يشبه الحماس وأنا أتساءل: لحظة ما الذي تنوي ف.
انعقد لساني وأحكمت قبضة يدي بتلقائية على قميصه بل وقد تمسكتُ به أقلص المسافة بيني وبينه أكثر، شهقت بذهول وتفاجؤ أستشعر خفة جسدي الذي ارتفع عن الدراجة كما لو تحرر قلبي من بين أضلع صدري جراء ذلك!
توقف الزمن للحظة استشعر تواجدي في القِمة أحدق بذهول إلى أضواء الشارع وانعكاسها على البحيرة على كلا جانبي الأيمن والأيسر!
الزمن لم يتوقف فقط ولكنه.
يجاري كل ثانية تحتاج إلى ان أشعر بكل تفاصيلها!
فغرت فمي بعدم تصديق وقد تحركت يدي بجرأة لأترك قميصه وأرفعها إلى جانبي ابتسم كطفلة سعيدة تجرب القفز للمرة الاولى في حياتها!
هذا.
غير معقول!
هل كنتُ بهذه الخِفة الجنونية يوماً؟
وما ان ارتد جسدي بالعودة إلى الدراجة فور ملامستها للشارع حتى أمسكت بقميصه مجدداً بينما أشده وقد تلعثم لساني جراء شعور غريب قد سيطر على اطرافي: ك. كان هذا. إنه. لا يوصف!
أعقبت اضع يمناي على كتفه برجاء قد أخذ زمام الأمور: لمرة واحدة فقط؟
لستُ مضطر هاه؟
قالها بسخرية يذكرني بكلماتي قبل لحظات ثم تساءل: كيف كانت تجربتك؟
كان هذا. خيالياً إلى حد كبير.
لماذا.
قد غمرت الدموع عيناي دون مقدمات؟
ما الذي يحدث لي؟ الكئبة مجددا؟ ولكنني. لا انكر استمتاعي بهذه اللحظات!
قلّصتُ المسافة بيننا اكثر وقد اسندت رأسي على ظهره لأقول محاولة التخلص من تلك الدموع الدخيلة: قد أتخذ قرار الحصول على رخصة دراجة قريباً.
ابطأ من سرعته قليلاً ليكون صوته أوضح بينما يقول ما جعلني أبعد رأسي لأنظر إليه بصمت مطبق: مغفلة! سينتابك هذا الشعور بالمشاركة وحسب.
ثم التفت قليلاً للوراء يرمقني بنظرة سريعة قبل ان يقول متلعثما بهدوء: أ. أنا هنا، متواجد في أي وقت ترغبين فيه في التحرر أو إعادة الكرة.
طرفت بعيناي أحدق إليه وقد عاد الثقل إلى لساني ألتزم الصمت جراء قوله.
كلمات لطيفة من شخص قد اعتدت على لسانه السليط وأسلوبه الجانح. كانت كفيلة بجعلي أزم شفتاي بقوة وقد ارتجفت قبضتي رغماً عني.
تنتابني غصة.!
ولكن هذه المرة لم تكن مزعجة بطريقة سيئة كما ينبغي!
هل كان ما يقوله الآن مواساة أو شفقة، أم أنه يُبدي رغبته الحقيقية في التواجد حولي عندما. أكون بحاجة إليه؟
بصفته من؟
هل بات دانيال ينظر إلى كصديقة كما أنظر إليه أخيراً؟ هل أخذت الأمور منحنى تنعطف فيه من علاقة عمل ومصلحة مشتركة إلى صداقة نقية؟
صداقة؟
ه.
هل بات هذا الشيء ممكناً حتى؟
سينتهي الأمر به مكسوراً او مجروحاً بطريقة ما تماما كما حدث مع روز!
هل هذا الشيء في قاموس حياتي في المقام الأول؟
نظرتُ للوراء عندما انتبهت لصوت ملفت وكذلك نظر إلى المرآة الجانبية قبل أن يُعلق: إنه الوقت المثالي للجميع على ما يبدو.
يوجد مجموعة لسائقي الدراجات خلفنا ويبدو ان أصحابها يقضون وقتاً ممتعاً بالسباق مع بعضهم البعض متجاوزين السيارات بخفة!
هل أرغب في البكاء والتمسك بسوداوية أفكاري؟ هل أمضي هذه اللحظات بالتعاسة فقط أم أتنازل لأطلب منه منحي المزيد من الوقت وحسب؟
المزيد من الحرية.
المزيد من المشاركة!
قلت بينما أعيد ناظري للأمام مقترحة: لا أعلم أي سباق يخوضون ولكن. هل نسبقهم؟
إن كان هذا ما تريدينه.
كان هذا جوابه المختصر وهو يزيد من سرعته وقد بقينا في المقدمة أمامهم لفترة! لم يكن من السهل السيطرة على الرغبة التي انتابتني لتمني استمرار هذه اللحظات كلما تجاوزنا سيارة أو انعطفنا بطريقة مفاجأة!
انا حتى لا أدري متى بدأت ابتسم بسعادة مجدداً!
إلا أن هذه اللحظات لم تدم طويلاً عندما ظهرت سيارة شرطة من العدم لتلاحق السائقين دون استثناء فلجأ دانيال إلى الانعطاف إلى اليسار مختبئاً بين بعض السيارات التي تقود ببطء.
كان هذا وشيكاً! لم يكن علينا الانضمام إليهم
قلتها بلا حيلة فعلّق يراقب الطريق بحذر وتركيز: لقد غادروا.
أضاف ساخراً: كُنا على وشك اللقاء بجيمس في مركز الشرطة.
الشرطي المُوكل رسمياً في البلاد بأي أمرٍ متعلق بك.
قلتها احاول جاهدة ممازحته فابتسم مؤيداً بهدوء على قولي وقد استنكرت في نفسي شعور السكينة لِمجرد. تبسُمِه بأريحية!
.
.
من الغريب ان ينتابني الإحباط للوصول إلى وجهتي!
أوقف دراجته وقد بقينا نجلس عليها نحدق إلى المبنى الشاهق بصمت.
لم يكن من الصعب استيعاب الرحيل عن منزل السيد هاريسون، ولكن يبدو من الصعب الآن إدراك عودتي إلى ما كان عليه الوضع مسبقاً!
لا أدري إن كنتُ أتمسك بتواجدي في كنف منزل يعج بالأصوات والحياة أو أنني أصبحت بطريقة ما.
أرغب في تجنب البقاء وحدي؟
نزّع الخوذة من رأسه ومرر يده في شعره يتنهد بعمق قبل أن ينظر إلى بصمت وهو يثبت الدراجة ويترجل منها فتبعته بنزع الخوذة والنزول من الدراجة.
لا أدري ما سر تحرك كلانا بصمت مطبق دون التفوه بحرف واحد، ولكن هذا ما يحدث.
إذ رافقني إلى المَدخل يمسك بحقيبتي وقد بقيت ممسكة بخوذتي بينما يتبعني بينديكت، أعرف هذا المبنى السكني جيداً!
يضم أغلى الشقق الفندقية وعادة لا يقطنه سوى كبار الشخصيات أو المشاهير والزوار.
حدقتُ إلى الردهة حيث لمحتُ انعكاسنا على السقف فوقنا وإلى الأرضية الرخامية اللامعة والعاكسة أسفل قدمينا، ثم نظرت من حولي إلى الأرائك العصرية الأنيقة الموضوعة بعناية في الركن بجانب التصميم الجذاب للنافورة التي كان خرير مائها كفيلاً لأي زائر باستعادة هدوءه وقيادته للشعور بالاسترخاء.
وكما هو متوقع استوقفنا الحراس وقد كانت القوانين صارمة وواضحة إذ يُمنع عليه المرور طالما ليس أحد القاطنين هنا.
يفترض أن أمر من خلال البوابة الإلكترونية المزودة بأجهزة المسح الضوئي للتفتيش وهذا ما حدث إذ ناولتهم حقيبتي وأنا أنظر إلى دانيال الذي يقيم المكان بكلتا عينيه قبل أن يعلق برضى: أعتقد أن المكان سيكون آمناً. كاميرات المراقبة في كل مكان والحراس قد يتم خصم مرتبهم لتبسهم في وجوه الناس.
قال كلماته الأخيرة بسخرية وهو ينظر إلى الحارس الذي وضع حقيبتي في المسح الضوئي وقد كان وجهه متجهماً بشدة.
بل أنه قد طلب مني بطاقة هويتي فناولته إياها حتى أومأ بفهم وتحدث مع زميله الذي أتى ليسلمه بطاقة قد ناولني إياها ليقول برسمية: مرحباً آنسة كتاليا، تحدث والدك إلينا قبل وصولك إلى هنا، تفضلي بطاقتك.
نظرت إلى البطاقة التي لم تكن سوى مفتاح الشقة فقال دانيال يسأله بهدوء: لا مداخل أخرى للمبنى؟
ليجيبه الحارس برسميته بهدوء: المدخل الآخر الوحيد هو مواقف السيارات السفلية، ولكن المصعد لا يُفتح سوى بمسح ضوئي للبطاقة، لذا من فضلك يا آنسة احرصي على الاحتفاظ ببطاقتك وعدم مشاركتها مع أي شخص.
أومأت له بفهم فتراجع للوراء ليعود من حيث أتى، نظرتُ إلى دانيال الذي كان غارقاً في أفكاره للحظة قبل ينتبه لي فقلتُ بهدوء: أرى أن مستوى الأمن هنا عالٍ بالفعل، يوجد الكثير من المشاهير في هذا المبنى. إنه الخيار الأنسب.
ضيّق عينيه للحظة ثم تنهد وأومأ برأسه إيجاباً قبل ان يشير لي بذقنه بحزم: هل حان الوقت للتوقف عن السذاجة؟
هل. علِم بما حدث؟
لا أدري. ولكن لا طاقة لي في مجادلته في هذا الأمر! فربما ما يشغل بالي هو أمر آخر بالفعل.
سوف.
يغادر!
بللت شفتاي بلساني اتمالك نفسي إذ سيطر التوتر والاضطراب على تحركاتي وأفكاري لأقول اتحاشى النظر إليه: تلك القفزة. شكراً جزيلاً دانيال.
صمت ولم يعلق على الأمر إلا أنه نظر للمكان من حولي وهو يضع يديه في جيبه قبل ان يتنهد بعمق ويعيد ناظره إلي.
رمقته بنظرة سريعة واشرت بابهامي للخلف: علي. الذهاب.
نعم.
ومع أنني قلت هذا بالفعل إلا أنني لا أزال واقفة!
ما الذي أنتظره تحديداً؟
احكمت قبضتي بقوة وقد انحنيت دون سبب محدد لألتقط بينديكت بين ذراعي وقلت مجدداً: إ. إذاً سأدخل.
همهم إيجاباً دون ان يتحرك، بل نظر إلى بهدوء للحظات قبل أن يقول يضع يمناه خلف رأسه يمررها في شعره: لا تتهوري، كوني حذرة، لا تثقي بأي شخص، لا تفتحي الباب لأي غريب حتى لو كان مستوى الأمن عالي، أنبئي والدك أو. أو حتى أنا. إن كنتِ بحاجة إلى شيئ ما.!
أعقب بكلمات سريعة: أجيببي على الهاتف عندما اتصل، قومي بزيارتنا كلما سمحت لكِ الفرصة وأيضاً. متى سيحين موعدنا الأول؟
لم يكن سؤاله الأخير متوقعاً على الإطلاق!
وقفت بعدم استيعاب أحدق إليه أطرف بعيناي بحيرة بينما ومضت عينيه الزمردية ببريق هادئ وهو يردف بنبرة خافتة: لم نتواعد بعد. كتاليا.
م. ما هذا فجأة!
أجفلت لقوله وقد رفعت بينديكت أكثر نحو صدري لأضمه إلي، تلعثمت جراء ثقل لساني لأقول: من أنت بحق الإله!
تفاجأت به يبتسم بلا حيلة إثر قولي وقد اخرج يده الأخرى من جيبه قبل ان يقول: حقاً لا أدري. ربما. يمكنكِ الدخول، توجهي إلى شقتك واحصلي على قسط كافٍ من الراحة.
من هذا!
ما هذا الكم الهائل من اللطافة بحق الإله؟
ابتلعت ريقي بصعوبة قبل ان تخرج الكلمات من فمي بعدم استيعاب: ج. جينات كارل؟
طرف بعينيه ببطء قبل ان ينظر إلى باستيعاب، حتى تجهم وجهه ولوى شفته بحدة ليشيح بناظره وهو يميء برأسه إيجاباً: ياللوقاحة.
أضاف بإنزعاج يحدث الحارس: قم بتفتيش أخلاقها في طريقها إلى الداخل، أياً يكن سأرحل.
تفاجأتُ به يستدير ليغادر فنظرت إليه أقف في مكاني.
أبقيت بينديكت في حضني أحدق إلى ظهره وهو يرحل، ولا أدري كم من الوقت قد أمضيت في النظر إليه حتى اختفى عن ناظري.
لم نتواعد بعد؟
كان عليه سماع تعليق قاسٍ ليستوعب ما يلقيه على مسامعي.
دانيال.
من الضروري أن يدرك وجود حدود لا حق لكلينا في تجاوزها.
تلك النظرات التي كان يرمقني بها قبل قليل.
لم تبدو طبيعية على الإطلاق! لم تكن سوى نظرات لرجل يحدق إلى امرأة بشكل غزيري يغلفه شيء يشبه الاعجاب وهذا أمر. لن أسمح فيه أبداً.
حتى لو عنى ذلك القاء كلمات قاسية في مرحلة ما.
أنا شيء مزيف. فارغ و مُستنزف، و رجل مثل دانيال لا يستحق التورط معي.