قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل الثالث

رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان كاملة

رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل الثالث

إضطرت مريم الى تبديل ملابسها، لإخفاء العلامات على ذراعها الى فستان يصل الى الركبة،بذراعين من اللون الازرق، به فتحة صدر واسعة الى حد ما وحملت حقيبتها متوجهة الى الخارج.
قبل ان تفتح مريم باب الشقة منعتها والدتها قائلة بترجی:
-بلاش تنزلى يا مريم،أبوكى مش هيسكت، وكمان قالك غيري لبسك إنتى ليه عنيدة كدة؟ هتضيعى نفسك بسبب عندك مع أبوكى!

ظلت مريم تنظر لأمها وهى تتأفف؛ فقد تأخرت على أصدقائها،يكفى ما قاله والدها وحسن أيضاً .أتاتى والداتها لتعطلها هى الأخرى! لا لن تسمح بذلك.
فتحت مريم الباب وخرجت بدون أن ترد على نداء والدتها المتكرر بعدم الذهاب والبقاء فى المنزل.
وضعت مديحة يدها على وجهها قائلة:
-أستر يا رب فوزى لو عرف مش هيعديها، أنا هتصل على حمزة هو اللى هيجيبها، بلاش أقول لحسن لانه عصبى اوى وهيا هتعند معاه.

بالفعل إلتقطت مديحة هاتفها، وإتصلت على حمزة وأخبرته ما حدث،وطلبت منه الذهاب وراءها والعودة بها الى المنزل قبل ان يعرف والدها بخروجها.
فى منزل ألاء الصاوى
إستيقظت ألاء من النوم، وإغتسلت وأدت فرض ربها،وارتدت ثيابها، ومشطت شعرها الاسود ذو الخصلات القصيرة التى تكاد تصل الى بداية كتفيها، أخذت حقيبتها وأعدت نفسها جيداً للذهاب الى حمزة؛ لأخذ الفيلم منه وتسليمه لرئيس تحرير الجريدة التى تعمل بها.

خرجت ألاء من غرفتها وجدت سلمى قد تجهزت ايضاً واعدت طعام الإفطار.
رأتها سلمى وهى قادمة نحوها فإبتسمت لها إبتسامة واسعة أظهرت نواجزها قائلة لها:
-صباح الخير يا لولو.
جلست ألاء على الطاولة الخاصة بالافطار، وامسكت العيش وبدأت تقطيعه، قائلة:
-صباح النور اقعدى افطرى علشان نلحق نمشي.
جلست سلمى بجانبها قائلة:
-ماشي يا ألاء بس إحنا مينفعش نروح الجريدة من غير الفيلم بتاع صور القضية، رئيس التحرير هيرفدنا!

شرعت ألاء فى تناول طعامها بلامبالاه لحديث سلمى.
تملك سلمى الغيظ من الباردة التى بجوارها، تأكل فى صمت ولا ترد عليها،فلكزتها بحدة فى ذراعها قائلة:
-كلمينى زى ما بكلمك هو أنا بكلم نفسي؟
نظرت ألاء لها ببرود، ورفعت حاجب واحد لها قائلة:
-انتى اد الحركة اللى عملتيها دى يا بنت الأسيوطى.
ابتسمت سلمى لها ابتسامة واسعة وقالت:
بلاش دور الباردة ده لإنى مبحبهوش وجاوبينى.
نظرت ألاء لها بسخرية قائلة بهدوء:
-هو مش الظابط إمبارح قال نعدى عليه النهاردة وهيدينا الفيلم يا أذكى إخواتك،هناخده بقى ونطلع على الجريدة نسلمه.

فى مديرية الامن
كان حمزة يحقق مع المتهمين الذين أحضرهم بالأمس فى قضية الإتجار بالفتيات، ورن هاتفه وكانت زوجة عمه تخبره بضرورة الذهاب للنادى واصطحاب مريم، وأخبرته بما حدث بين مريم ووالدها،وقلقها الشديد ان يعلم والد مريم انها خرجت بعد أن منعها مِن ذلك.

أنهى الإتصال مع زوجة عمه واخذ يفكر ماذا يفعل؟ لا يمكنه ترك التحقيق والذهاب، ووجد أنَّ الحل الإتصال بحسن فهو من سيذهب الى النادى ويحضرها.
إتصل به حمزة، وعندما أخبره بحديث زوجة عمه غلى الدم فى عروقه، خرجت مع أن والدها منعها من ذلك، فأخبر أخيه أنه سيذهب لإحضارها.
أنهى الإتصال مع أخيه وتعلل لجده وعمه بأنَّ لديه عملٌ هام خارج المعرض،واستقل سيارته للذهاب اليها.

فى النادى
كانت مريم تجلس مع صديقاتها الذين يرتدون ملابس تشبه ملابسها وصوت ضحكاتها يجعل المارون ينظرون اليها،منهم من تعجبه ضحكتها ويقف ليراقبها، ومنهم من يستحقرها على صوت ضحكها العالى.
كانت تمر من جانبهم صديقة قديمة لمريم فتاة متدينة تدعى سهام، ترتدى الملابس الواسعة عكس مريم، دائماً تنصحها وتحاول أنَّ تجعلها تترك أصدقاء السوء ولكن مريم لا تستمع لها وأصبحت ايضاً لا تتحدث معها.
وقفت سهام أمام مريم وصديقاتها بإشمئزاز واضح على قسمات وجهها لما يرتدونه،ووجهت حديثها لمريم قائلة:
-عايزة أتكلم معاكى يا مريم.

نظرت لها مريم بضيق ظهر عليها وقالت:
-أنا مش فاضية يا سهام، وقت تانى نبقى نتكلم.
حزنت سهام على معاملة مريم لها بذلك الضيق ولكنها لن تستسلم، يجب أنْ تُصلح من حال صديقتها، لم تكن مريم فى السابق هكذا ولكن منذ ان تعرفت على ملك وصديقاتها الأخريات جرفها التيار واصبحت نسخة عنهن.
تنهدت سهام قائلة مرة اخرى:
-عايزة أتكلم معاكى يا مريم، مش هعطلك خمس دقايق بس.
تأففت ملك صديقة مريم قائلة:
-يووووه جرى ايه يا شيخة سهام مقالتلك مش فاضية يالا امشي من هنا ولا إنتى ناويو تتهزقى!

غادرت سهام بعد سماعها إهانتها بأذنيها، ودعت الله أنْ يصلح حال مريم، ويرزقها الزوج الصالح الذى يأخذ بيدها للطريق المستقيم.
تأففت مريم بضيق واضح علی قسماتها قائلة:
-مكنش ينفع اللى قلتيه لسهام ده يا ملك هيا كانت عايزة تتكلم معايا مش اكتر!
نظرت لها ملك بضيق يبدو جلياً على قسمات وجهها وقالت:
-أكيد الشيخة سهام كانت عايزة تكلمك على لبسك وتخليكى تلبسي هدوم واسعة وشكلها وحش زيها، وانا مش عايزاكى تلبسي بالطريقة اللوكال دى، ولو سمعتى كلامها يا مريم تبقى كده خرجتى من الشلة وتبقى عدوتنا!

صمتت مريم ولم ترد على حديث ملك، لا يمكنها ارتداء الثياب التى تشبه ثياب سهام،لا يمكنها ذلك!
مر وقت يتحدون فيه ويضحكون حتى جاء شاب اليها، ووقف امامها يتاملها بخبث واضح قائلاً بابتسامه سمجة:
-عايزك دقيقتين نتكلم فيهم لوحدنا يا مريم لو سمحتى!
نظرت له مريم بضجر وقالت:
-احنا مفيش بينا كلام يا عمرو!
لكزتها ملك بخفة،وهى تنظر لعمرو بخبث قائلة بدلع:
-عيب كده يا مريم،قومى شوفيه عايز ايه،عمرو برده مش قليل، ده جنتل مان اوى ومحترم جداً، وصديق ليا، وانا كده هزعل منك.

تاأففت مريم ونهضت مع عمرو الذى أخذها الى إحدى الأماكن المنزوية، خلف احدى الاشجار، قائلاً بابتسامة صفراء:
-ليه بتهربى منى يا مريم ؟وانتى عارفة انى بحبك ليه المعامله الميري دى؟
نظرت مريم له بحدة حتى تُنهى موضوعه للابد، ملت من كثرة كلامه انه يحبها،ولكن كفى هى لا تحبه! وانما تحب حمزة ابن عمها،ولا ترى امامها غيره،
كان قريب منها فدفعته بيدها فى صدره،فرجع الى الوراء قليلاً فقالت له:
-بص يا عمرو أنا مبحبكش، ولا عمرى حبيتك أصلا، وقلتلك الكلام ده اكتر من مرة، أحسنلك تبعد عنى، كفاية كده بقى!

جاءت مريم لترحل إلا أن ذراع عمرو منعتها، وقربها إليه بشدة فى محاولة منه لتقبيلها عنوة بدون رضاها!
حاولت مريم الإبتعاد عنه قدر الإمكان ؛حتى لا يقبلها.
كان حسن قد وصل ورأها عندما كانت تقف تتحدث مع عمرو،فغلى الدم فى عروقه،واسرع فى خطواته ليصل اليها، وعندما راى أنه يريد تقبيلها عنوة ركض اليها.
كانت مريم تصارع عمرو بشدة وهو لا يمل ولا يريد تركها، ولكن حسن قد وصل ودفعه بشدة ليقع على الأرض، وجثا فوقه وأصبح يكيل له اللكمات حتى كسر أنفه، ونزف وجهه بشدة.
جاء أشخاص من النادى، وحاولوا تخليص عمرو من براثن حسن، ونجحوا فی ذلك بعد صعوبة.

نهض حسن ووقف بغضب ونيران حارقة ظاهرة فى عيناه،أمام مريم التى كانت تبكى وتقف بجانب صديقاتها.
كانت مريم تشهق من الخوف والغضب، الظاهر على وجه حسن الذى أمسك يدها بشدة،وأخذها وخرج من النادى، وسط نظرات الجميع منهم الحاقدة، ومنهم الشامتة، ومنهم المشفقة.
دفعها حسن بعنف واضح داخل السيارة، وأغلق الباب وذهب الى الجانب الأخر، وركب بجانبها وهو يحاول التنفس بشدة.
التفتت له وهى معترضة على طريقة خروجها من النادى، فقالت بحدة:
-انت ازاى تسمح لنفسك تتصرف كده،وتسحبنى زى الجاموسة قدام الناس!

كان رده عليها صفعة نزلت على وجنتها قائلاً بغضب:
-فرحانة بجسمك ونظرات الإعجاب فى عيون اللى حواليكى، قلتلك كتير غيري لبسك؛ بس إنتى مكبرة دماغك، صحيح الشاب هو اللى كان عايز يبوسك بالعافية، لكن إنتى اللى ادتيه فرصة لكده بكلامك وهزارك معاهم؛ طمعتيهم فيكى،وجرأتيهم عليكى، إنتى غلطتى ولازم تتادبى يا بنت عمى.

إنطلق حسن بها الى المنزل وسط دموعها الحارقة على وجنتيها، وبشرتها الشاحبة،وجسدها الذى ينتفض بشدة،هل سيخبر أبيها وجدها؟ إن سامحها جدها لن يسامحها أبيها، وتذكرت حوار امها أنَّ أبيها مرت سنوات تزيد عن العشرين ولم يسامحها يوما، ترى هل سيضربها أمْ لا؟
قطع شرودها وصلولهم الى المنزل، وترجل حسن من السيارة وذهب إليها، وأخرجها بعنف من السيارة فاصطدمت به.

نظرت إليه بعيونها الباكية المتوسلة وقالت:
-الله يخليك يا حسن بلاش بابا يعرف،أرجوك يا حسن بابا مش هيسامحنى، بابا عصبي اوى، أرجوك بلاش يعرف يا حسن!
أغلق حسن عينيه بضعف أمام توسلاتها الباكية، معها حق أباها لن يرحمها، لا يسامح المخطأ، يعلم قصة عمه فاروق وزوجته امينة مع زوجة عمه مديحة، بالرغم من بكائها وتوسلاتها لم يسامحها الى الآن.
عندما طال صمته همست مريم بضعف قائلة:
-حسن قلت ايه؟

فتح عينيه بحدة قائلاً:
-هسكت المرة دى يا مريم، لكن المرة الجاية محدش هيمنعنى، وأنا اللی هعاقبك على أخطائك دى، يالا إطلعى على فوق!
مع حديث حسن الذى طمأنها نوعاً ما،إلَّا أنَّها مازالت خائفة أن لا يَصدُق فى حديثه.

"أمام مديرية الامن"
ترجلت سلمى من سيارتها بصحبة ألاء، ودلفوا الى داخل المديرية، ووقفوا أمام أحد الضباط، فقالت ألاء بجدية:
-لو سمحت يا حضرة الضابط، ممكن أشوف الضابط حمزة نصار؟
كان مصطفى قريب منهم نسبياً، ورأى سلمى التى تقف صامتة، بينما ألاء تتحدث بطلاقة وثقة لا يهمها شيء، فذهب إليهم مبتسماً لرؤيته لسلمى لا يعرف لماذا إبتسم عندما راها ؟ولكن الأهم أنَّه يبتسم!

وصل اليهم ونظر فى عينى سلمى قائلاً:
-أنا عارف مكانه، اتفضلوا معايا!
نظرت ألاء له بضيق فهو يبتسم كالأبله لسلمى، التى أخفضت نظراتها خجلاً من نظراته، فقالت ألاء بحدة:
-يالا بينا يا حضرة الضابط
ذهبوا معه الى مكتب حمزة، ودق مصطفى على الباب حتى أذن لهم حمزة بالدخول قائلاً
أُدخل!

دخل مصطفى ومعه ألاء بنظراتها القوية النافذة، وسلمى بنظراتها الخجولة.
وقف حمزة وحياهم، وعندما جلسوا أمر لهم حمزة بشئ بارد ليشربونه،فقالت ألاء ببرود:
-إحنا مش جايين نشرب يا حضرة الضابط، إحنا عايزين الفيلم بتاع الصور!
إبتسم لها حمزة قائلاً:
-الفيلم موجود،بس ممكن اعرف ليه بتعرضى حياتك للخطر كده؟

ابتسمت له ألاء ببرود وقالت:
ده شغلى زى ما سيادتك بتعرض نفسك للخطر علشان شغلك!
زفر حمزة قائلاً بضيق:
-يا أنسه إحنا رجالة، إنما إنتوا بنات، إنتى مشفتيش صاحبتك كانت بترتعش إمبارح إزاى، دى كانت ميتة من الخوف!
نظرت ألاء لسلمى وقالت بقوة:
لإنها مكنتش عايزة تيجى ؛وجت بس علشان مبقاش لوحدى.

زفر مصطفى بغيظ قائلاً:
طيب مفيش غير قسم الحوادث اللى إنتوا شغالين فيه؟ فين الطبخ والفن اللى فى الجريدة عندكم؟
إغتاظت سلمى من كلام مصطفى،فتحدثت قائلة:
ليه يعنى مفيش فرق بين الست والراجل، أنا صحيح كنت خايفة لإن المكان كان خطر،وطبيعى يبقى جوايا شعور الخوف إن لو اتمسكنا هيحصل فينا زى البنات التانية!
نهضت ألاء من مكانها بنفاذ صبر قائلة:
أظن الكلام خلص، ممكن حضرتك تدينى الفيلم؛ لإنه إتأخرنا على الجريدة.

زفر حمزة بضيق من تلك الواقفة أمامه ببرود. لا يعرف لما تولد شعور لديه أنها تخصه ويجب أن يحميها؟ وشعور اخر بدأ ينمو بداخله لا يعرف له تفسير.
أخرج من درج مكتبه الفيلم الخاص بالصور،وأعطاه لها قائلاً بحنان لا يعرف من أين أتاه:
-بالتوفيق فى شغلك يا أنسه ألاء،وخدى بالك من نفسك.
نبرته التى تحولت فجأة الى الحنان لا تعرف لماذا أثرت فيها الى هذا الحد؟ لماذا شعرت بالانتماء إليه وأنها تخصه؟ مشاعر كثيرة متداخلة لم تلقى لها بالاً، وخرجت هى وصديقتها من مكتبه متجهة الى مقر الجريدة.

فى مكان أخر
هى فيلا مراد الأسيوطى والد سلمى.
مراد الأسيوطى ...رجل فى العقد الخامس من عمره، أحب امرأة واحدة وهى أم سلمى، توفيت وسلمى فى الرابعة من عمرها، اعتكف على تربية ابنته ولم يتزوج، يحب سلمى ويخاف عليها بشدة،يثق فى علاقتها بالأء؛ فوالد ألاء كان صديقه،عرض على ألاء السكن معه هو وسلمى ولكنها رفضت.
ترجل مراد من سيارته بعد أن عاد من سفره الذى دام أسبوعاً كاملاً، لم يخبر سلمى بموعد عودته ليفاجئها.

تحدثت معه الخادمة قائلة:
-حمد الله على سلامتك يامراد بيه!
أوما مراد برأسه وهو يصعد الی غرفته قائلا:
-الله يسلمك يا هند.
تحدثت الخادمة مرة أخرى قائلة:
-تحب أتصل بالأنسة سلمى أقولها إن حضرتك وصلت؟
التفت لها قائلاً بنفى:
-لا يا هند، أنا هغير هدومى وأروح لها الجريدة، عايز أعمل ليها مفاجاة.

صعد مراد الى غرفته ليأخذ حماماً يزيل به عناء السفر، وأبدل ملابسه ونزل مرة أخرى،مستقلاً سيارته متجهاً الى الجريدة التى تعمل بها ابنته هى وألاء.
كانت ألاء وسلمى مازالا فى الطريق متجهتين الى مقر الجريدة.
نظرت سلمى الى ألاء الجالسة بجوارها فى صمت مخيف وقالت:
مالك يا ألاء؟ من ساعة كلام اللى اسمه حمزة وانتى قاعدة ساكتة!

نظرت ألاء لها بشرود قائلة:
مش عارفة يا سلمى،حسيت إحساس غريب اوى ناحيته!
غمزت سلمى لها قائلة بابتسامه خبيثة:
هى السنارة شكلها غمزت ولا ايه

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة