قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

قالت تمارا والخجل يغمرها:
خلاص ياريان أنا كويسة وملوش لازمة تتعب نفسك وتشيلنى كدة كل شوية.
رمقها ليجد وجنتيها كجمرتين مشتعلتين.. ليقول بإبتسامة:
ياستى مش تعبان.. أنا مبسوط كدة.

نظرت إليه فى حيرة يمتزج بها بعض الأمل ليدرك أنه تسرع فى الكلام ليقول بارتباك:
قصدى يعنى.. إنى ببقى مبسوط لما احس إنى برد جزء من جمايلك علية.. كفاية انك آخدة بالك من بنتى ومخلياها تعيش أسعد أيام حياتها.
أحست بالإحباط ولكنها لم تظهر إحساسها على ملامحها.. بل حاولت تغيير الموضوع قائلة:
مقلتليش.. عملت إيه مع جلال؟

وضعها على كرسي ممدد فى الحديقة برفق وهو يقول:
قلتله انك نمتى ومش هتقدرى تشوفيه النهاردة.
نظرت إلى ملامحه الوسيمة والتى بدت الآن متوترة خاصة وهو قريب منها هكذا ينظر إليها.. لتبتلع ريقها بصعوبة وقد انتقل ارتباكه إليها وهي تقول:
وهو؟هو قالك إيه؟
هز كتفيه وهو يبتعد عنها ليجلس بجوارها قائلا:
المتوقع طبعا.. قاللى انه هيجيب والده ووالدته وييجوا يزوروكى بكرة عشان يطمنوا عليكى..

ليستطرد قائلا بسخرية:
أصلك وحشتيهم أوى.
نظرت إليه فى توجس قائلة:
ريان.. انا قلقانة وخايفة أغلط وكل اللى انت عملته يتهد فى ثوانى.
ربت على يدها وهو ينظر لها بحنان قائلا:
قلتلك قبل كدة انا جنبك وفى ضهرك ومع بعض هنقدر نكمل اللى بدأناه وهنحافظ عليه كمان.

غرقت تمارا فى نظراته الحانية ولمسة يده التى أشعلت كيانها.. ليظلا هكذا ينظران إلى بعضهما البعض.. كل منهما يغرق فى ملامح الآخر حتى استقرت نظرات ريان على شفتيها ليجد نفسه رغما عنه يقترب منهما ووجدت نفسها رغما عنها تستسلم.. حتى لامست شفتيه شفتيها برقة.. لينتفضا سويا على صوت رجولي مفزوع وهو يقول:
مش معقول.. أنا فى حلم ولا فى علم.. شبحها ده ولا حقيقة؟

التفتا سويا لتجد تمارا رجلا فى مثل عمر ريان تقريبا او أكبر بسنوات قليلة.. ينقل نظره بين ريان وتمارا بفزع لتستمع إلى صوت ريان قائلا:
حرام عليك ياأخى فزعتنا.. حمد الله على السلامة ياعامر.
قال عامر ومازال صوته يرتجف مشيرا إلى تمارا:
أنا برده اللى فزعتكوا.. ريان؟دى غزل.. والله غزل.. احنا مش دفناها فى باريس.. قول بسرعة قلبى هيقف.
نهض ريان قائلا:
أقولك إيه؟ما انا قايلك فى التليفون.. إنت نسيت ولا جالك زهايمر.. دى ياسيدى تبقى تمارا.. البنت اللى انت جبتهالى فى الحادثة.

اقترب عامر منهما وهو يشير لتمارا بيده قائلا لريان بدهشة:
دى تمارا بتاعة الحادثة؟
أومأ ريان برأسه فى هدوء.. فنظر إليها عامر ليجدها عاقدة حاجبيها فى حيرة ليعود بنظراته إلى ريان قائلا:
بس ياريان انتى قلتلى انك مكنتش تعرف ملامحها وغيرتها.. مقلتليش إنك غيرتها لغزل.. إنت عارف إنت كدة عملت إيه فى نفسك؟

زفر ريان قائلا:
اهدى بس.. تعالى نروح المكتب وأنا هشرحلك.
قال عامر:
تعالى يااخويا أما نشوف فيه إيه.. الواحد قرب يتجنن.
قال ريان:
طيب اسبقنى على المكتب وأنا هحصلك.
أومأ عامر برأسه ثم نظر نظرة أخيرة إلى تمارا قبل أن يهز كتفيه مغادرا بينما إلتفت ريان إلى تمارا التى قالت على الفور:
مين ده ياريان؟

نظر ريان إلى شفتيها.. ليتذكر انه كاد أن يقبلها منذ لحظات.. شعر بأنه كان على وشك أن يخطئ معها وبشدة.. يدمر كل عهود الأمان التى منحها إياها.. يستسلم فى لحظة ضعف لمشاعر تغزو كيانه بسرعة تجاه تلك المرأة وهو مازال مرتبكا لايدرى هل تلك المشاعر تخص تمارا وحدها أم بها طيف من مشاعره لغزل؟.. طالت نظراته لتشعر تمارا بالخجل وهي تراها موجهة إلى شفتيها تتذكر تلك اللحظة التى كادت أن تودى بحياتها الجديدة مع ريان وابنته.. والتى أصبحت تحبها للغاية.. لتتنحنح قائلة فى خجل:
إحمم.. ريان.. مين الراجل ده؟

افاق من شروده ليمرر يده فى شعره بتوتر قائلا:
ده عامر ابن عمى و صاحبى و اللى رميتى نفسك أدام عربيته وهو اللى جابك لعندى فى المستشفى.
أومأت برأسها متفهمة ثم قالت هامسة:
أنا لازم أشكره.
نظر إليها فى حيرة قائلا:
تشكريه؟

هل كان صوتها مسموعا.. تكاد تقسم أنها تحدثت دون صوت فقط حركت شفاهها.. هل يقرأ ريان حركة الشفاه ؟ تبا.. لترتبك قائلة:
عشان يعنى جابنى عندك ومتخلاش عنى وسابنى مرمية على الطريق زي ما غيره ممكن يعمل.
أومأ ريان برأسه متفهما بهدوء.. ولكنه كان محبطا فللحظة تصور أنها تود شكر عامر لجلبه إياها إلى حياة ريان كما يود هو فى كل يوم أن يشكره على ذلك.. قال بهدوء يخالف مشاعره المحبطة:
طيب عايزة حاجة قبل ما أمشى؟أصحى إيلين عشان تقعد معاكى؟

قالت بابتسامة:
لأ خليها.. أنا كدة كويسة.. ربنا يخليك ياريان ويريح قلبك.
مد يده يربت على يدها بحنان وهو ينظر إليها يود لو يقول راحة قلبى معكى أنتى.. وبالفعل فتح فمه ليقول شيئا ما.. ليقاطعه صوت أنثوي يقول بمرح:
لو بقاطع مشهد رومانسى يبقى ألف وأرجع علطول.

إلتفتا سويا إلى مصدر الصوت ليجدا ميار التى كانت تبتسم ابتسامة عذبة.. ليبتسم كل من تمارا وريان بدورهما وهما ينظران لبعضهما بانتصار قبل أن يقول ريان:
كويس انك جيتى يامدام ميار عشان تقعدى مع غزل شوية لإنى مع الأسف مشغول.. صاحبى جوة وكنت قلقان عشان هسيبها لوحدها.
اقتربت ميار من تمارا قائلة:
لأ متقلقش خالص وخد راحتك.. انا ممكن أقعد معاها للصبح.

ابتسموا جميعا ليقول ريان:
البيت بيتك أكيد.. عن إذنكم.
غادر ريان تتبعه عينا تمارا وقد ظهرت مشاعرها على ملامحها ليلتفت وينظر لها نظرة أخيرة يمنحها فيها ابتسامة عذبة.. قبل ان يختفى داخل المنزل.. لتجلس ميار بجوارها قائلة:
كل ما أشوف حبكم لبعض بطمن وبقول ان الحب لسة موجود فى زمانا ده.

نظرت إليها تمارا تتأمل ملامحها الجميلة لتقول بهدوء:
الحب أحلى حاجة فى الدنيا.. ربنا خلقنا وخلق لكل واحد فينا نصه التانى اللى بيكمله ومش معنى ان الواحدة مقدرتش تتعرف على نصها التانى وارتبطت بحد مش مناسب ليها انها تستسلم.. لأ.. لازم تبعد عن الانسان ده و تدور على نصها التانى ومتيأسش أبدا.
قالت ميار بحزن:
إزاي بس.. ده كل حاجة قسمة ونصيب.

قالت تمارا:
قسمتنا ونصيبنا بإيدينا ولو استسلمنا وقلنا أهي عيشة والسلام.. بتتهان فيها كرامتنا.. وبيتكسر فيها قلوبنا وبنتعامل زي العبيد.. يبقى كدة احنا بنموت...وبالبطئ كمان.. ومينفعش نلوم غير نفسنا لو ده حصل.
نظرت إليها ميار بحيرة قائلة:
قصدك إيه ياغزل؟من واحنا فى المستشفى وأنا لاحظت إن جواكى حاجات كتير نفسك تقوليهالى بس فيه حاجة مانعاكى تتكلمى ويمكن عشان كدة أنا جاية النهاردة أسألك وعندى استعداد أسمعك.

نظرت تمارا إلى عمق عيني ميار قائلة:
مش مهم تسمعينى.. المهم تصدقينى.
عقدت ميار حاجبيها قائلة:
مش فاهمة حاجة.
أومأت تمارا برأسها قائلة:
عارفة.. بس جه الوقت اللى لازم تفهمى فيه كل حاجة ياميار.. أنا هحكيلك وانتى فى الآخر هتحكمى وياتنصفى المظلوم ياتقفى مع الظالم.. القرار فى الآخر فى إيدك انتى.
نظرت إليها ميار للحظات فى حيرة ثم قالت فى ثبات:
احكى ياغزل.. أنا سامعاكى.

كانت علياء تلقى نظرة أخيرة على صينية قرع العسل فى الفرن لتجد انها نضجت تماما.. لتغلق الغاز وهي تبتسم.. تتخيل وجه زوجها وحبيبها حين يراها قد أعدتها له خصيصا.. فهي تعلم انه يحبها وأنها منذ زمن لم تقم بإعدادها من أجله.. فجأة إنطفئ النور وعم الظلام لتدرك أنها تلك اللمبة مجددا.. تحسست طريقها إلى هاتفها وأشعلت نور الكشاف به ثم أحضرت السلم الخشبي.. ووضعته تحت اللمبة تماما.. صعدت على درجات السلم بحذر حتى وصلت إليها لتقوم بهزها قليلا حتى عادت لتنير من جديد.. زفرت بارتياح ثم عادت لتهبط الدرجات ليتعلق كم عبائتها فى ذلك المسمار الجانبي ويختل توازنها لتصرخ وهي تقع أرضا ليرتطم جسدها بالأرض بقوة.. ويلفها الظلام.

قالت تمارا وهي تركز على ملامح ميار:
أنا عارفة ان وليد هو السبب فى إنك تفقدى الجنين.. مش بعيد يكون ضربك أو زقك.
نظرت إليها ميار فى حيرة لتستطرد قائلة:
يوم ما شفتكم فى الحفلة كان باين أوى ان العلاقة متوترة ما بينكم.. والمرارة كانت فى كل ملامحك.

أطرقت ميار برأسها قائلة فى ألم:
طول عمر وليد بتاع بنات.. بس قلت بعد الجواز أكيد هيستقر ويعقل.. بس مع الأسف محصلش.. كان دايما محسسنى إنه إتجوزنى غصب.. الطفل ده كان الحاجة الوحيدة اللى ربطتنى بيه.. كنت خلاص قررت أسيبه بس عملت الاختبار ولقيتنى حامل.. قلت جايز يتغير بعد ما يعرف انى حامل.. بس مع الأسف برده متغيرش.. وانتى شفتى بعنيكى كان هيموت عليكى إزاي فى الحفلة وكأنه مش متجوز وكأن جوزك مش جنبك.. لأ وجاي بعدها يحاسبنى على كلمتين قلتهم.. بجاحة فى حياتى مشفتهاش.. ولما اعترضت على كلامه لية.. ضربنى بالقلم وساعتها وقعت وفقدت الجنين.

قالت تمارا:
وناوية تعملى إيه؟
رفعت ميار إليها عيون حائرة وهي تقول:
لسة مش عارفة.. أكيد مش ناوية أكمل معاه.. وفى نفس الوقت مش قادرة أسيبه ياغزل.. أنا بجد مش عارفة أعمل إيه؟
ترددت تمارا للحظة ولكنها مالبثت أن حسمت رأيها وهي تقول:
بعد اللى هتسمعيه منى معتقدش إنك هتكونى مترددة فى قرارك.. أنا واثقة إنك ساعتها هتاخدى القرار الصح.
نظرت إليها ميار بحيرة لتبدأ تمارا فى سرد قصتها وعيون ميار تتسع فى صدمة.

دلف كمال إلى المنزل فلم يجد علياء فى إستقباله كعادتها.. عقد حاجبيه وهو ينادى عليها فلم تجيبه.. إتجه إلى حجرتهما فربما نامت قليلا.. ليدلف إلى الحجرة ويزداد انعقاد حاجبيه عندما لم يجدها.. خرج من الحجرة متجها إلى المطبخ لتتسع عينيه بصدمة وهو يراها واقعة على الأرض والجزء السفلي من عبائتها غارقا بالدماء.. أسرع إليها فى جزع يرفع جزئها العلوى وهو يربت على وجنتها بقلب واجف قائلا:
علياء.. ردى علية يا علياء.

لم تفتح عينيها ولم تجيبه ليصرخ قائلا:
علياااء.
دلفت نجوى فى تلك اللحظة من الخارج لتسمع صرخة أخيها.. أسرعت إلى مصدر الصوت لترى ذلك المشهد.. انتفض قلبها رعبا وهي تقول:
علياء مالها ياكمال؟
نظر إليها كمال بنظرات زائغة وهو يقول:
مش عارف يانجوى.. أنا دخلت لقيتها بالمنظر ده.
اندفعت إليه قائلة:
ورينى كدة.

لمست ذلك العرق النابض فى رقبتها ليظهر على وجهها الخوف وهي تقول بنبرات مرتعشة:
النبض ضعيف أوى.. اتصل بالاسعاف بسرعة.
نظر إليها بتيه.. لتصرخ به قائلة:
كمال مش وقت صدمة.. اتصل بالاسعاف بسرعة.
أفاق كمال وهو يخرج هاتفه يتصل بالإسعاف وعيونه على محبوبته المغمضة العينين وقلبه يرتجف...خوفا.

قال عامر بأسى:
كدة انت حطيت نفسك جوة دوامة ياريان.. ومش هتخرج منها سليم.. لازم هتخسر.. وغالبا هتخسر كتير.
زفر ريان قائلا:
من اول لحظة شفتها وانت جايبها المستشفى بعد الحادثة وأنا اتولد جوايا إحساس إن مصيرنا بقى واحد.. أنا اول ما شفتها شفت فيها غزل.. وبعد ما عرفت حكايتها حسيتها قريبة اوى منها.. حتى روحها الطيبة موجودة..

بس بعد ما عشت معاها الفترة اللى فاتت بدأت أخرج من إحساسى بإنها نسخة من حبيبتى.. هي دلوقتى بالنسبة لى تمارا مش غزل.. الاتنين شخصيتين مختلفتين بشكل كبير.. غزل كانت إنسانة بتحب الحياة وفى نفس الوقت مرهفة الحس وأي حاجة بتأثر فيها.. كان جواها إحساس كبير بالخوف والقلق من بكرة بس فى نفس الوقت بتعيشه بكل حلاوته ومرارته.. تمارا بقى شخصية هادية وخجولة فعلا..

بس جواها قوة كبيرة خليتها تقدر تستحمل كل اللى مرت بيه.. لأ وتقوم على رجليها من جديد.. وتقرر انها تواجه كل اللى ظلموها وتنتقم منهم كمان.. هي مش طالبة أكتر من ان حقها يرجعلها ويترد اعتبارها وشايفة ان ده أبسط حقوقها وأنا معاها لغاية ما نحقق ده.. حتى لو خسرت كتير.. أدام اللى بتديهولى تمارا.. أنا مستعد أخسر ياعامر.

قال عامر متأملا ملامحه:
حتى لو كان اللى هتخسره ده قلبك؟
نظر ريان إلى عامر قائلا بثبات:
حتى لو كان قلبى.
تنهد عامر قائلا:
اللى يريحك ياصاحبى وعموما أنا معاك ولو احتجتنى فى أي حاجة قول علطول ومتترددش.
ربت ريان على كتف صديقه وابن عمه قائلا:
عارف ياعامر.. ربنا يديم الحب والمودة بينا.
ابتسم عامر قائلا:
طيب.. أنا قايم أمشى عشان ورايا مشوار مهم.. أشوفك بعدين.
قال ريان:
مش هتتغدى معانا.
قال عامر:
مرة تانية بقى.. سلام
قال ريان:
سلام ياصاحبى.

نهضت ميار قائلة بعصبية:
صاحبتك دى أكيد كدابة.. وليد مستحيل يعمل كدة.
نظرت تمارا إليها بهدوء وهي تقول:
وليه مستحيل؟.. شخصية زي وليد مستبعدش إنها تعمل أكتر من كدة كمان.. وعموما هي قالتلى على حاجة ممكن تكون دليل على كلامها.
عقدت ميار حاجبيها قائلة:
وإيه هي الحاجة دى؟

قالت تمارا بهدوء:
فى الليلة دى وهو بيغتصبها ولإنه كان أول واحد فهي قاومته بكل قوتها وجرحته فى كتفه.. ساعتها من ألمه ضربها جامد وهي أغمى عليها بعدها.. أكيد انتى عارفة إذا كان جوزك إتجرح فى كتفه فى الليلة دى أو لأ.. وعارفة برده ان حاجة زي دى مش هيعرفها غير البنت دى وانتى.. صح؟

شحب وجه ميار على الفور وهي تتذكر تلك الليلة جيدا وتتذكر وليد وجرح كتفه الذى قال أنه نتج عن حادث.. لتجلس مجددا فما عادت قادرة على الوقوف وتدرك تمارا أن ميار الآن تصدقها.. لتقول ميار بضعف:
إزاي قدر يعمل حاجة زي دى.. إزاااي؟
ربتت تمارا على يدها قائلة:
هدى نفسك ياميار.. اللى زي وليد كتير.. بيبقى معندهمش أخلاق ولا ضمير يمنعهم عن الغلط.. المهم دلوقتى.. انتى ناوية على إيه بعد ما عرفتى؟

نظرت إليها ميار لثوانى فى ضياع.. قبل أن تقسو عينيها وهي تقول:
مش هفضل عل ذمته ثانية واحدة طبعا.. هطلب الطلاق وفورا.
قالت تمارا بهدوء:
وتفتكرى كدة هترتاحى؟
نظرت إليها ميار قائلة بإستنكار:
أوعى تكونى هتنصحينى أفضل معاه بعد اللى عرفته؟

هزت تمارا رأسها نفيا وهي تقول:
ﻷ طبعا.. بس وليد لازم يدفع التمن يا ميار.. تمن اللى عمله مع تمارا وتمن اللى عمله معاكى ومع غيرك.. ده غير صفقاته المشبوهة.
عقدت ميار حاجبيها بشدة قائلة:
صفقات مشبوهة؟
اومأت تمارا برأسها قائلة:
ريان أجر تحرى خاص.. وعرفنا كتير عن حياة وليد.. زي البنات اللى استغل برائتهم وبعدين رماهم فى الشارع زي الكلاب وآخرهم واحدة اسمها روان.. كانت شغالة سكرتيرة عنده.

ظهرت المرارة جلية على وجه ميار لتدرك تمارا أنها تعرف بقصتها.. لتستطرد قائلة:
ده غير إنه بيمشى شغله بالرشاوى وصفقته الأخيرة كانت متهربة ياميار والورق اللى فى خزنته دليل كافى على كلامى.
اتسعت عينا ميار بصدمة.. وهي تقول:
أنا بابا داخل معاه فى صفقة جديدة.. مصيبة لا تكون متهربة هي كمان.. وبابا يروح فيها.. دى ماما تموت لو حصل كدة.
قالت تمارا:
متقلقيش هنلحقه قبل ما يتورط.. المهم تجيبيلنا الورق اللى موجود فى الخزنة واحنا هنتصرف.

نظرت إليها ميار قائلة فى جزع:
لأ طبعا مقدرش.. هيتعرف إنى أنا اللى عملتها وساعتها مش هيرحمونى.
قالت تمارا:
متخافيش ياميار.. هاتى الورق وتعالى واحنا هنحميكى.

نظرت إليها بتردد للحظات ثم لم تلبث أن نهضت قائلة وعيونها تترقرق بالدموع:
أنا آسف ياغزل.. مش هقدر أعمل كدة.. أنا عارفة إنى كدة أبقى جبانة وواقفة فى صف الظالم بس المخاطرة كبيرة أوى وأنا مش أدها.. كل اللى هقدر أعمله إنى أطلق وأبعد عنه وبس.. وأسيب عقابه لربنا.. سامحينى ياغزل.. سامحينى.

وأسرعت بالمغادرة وعيون تمارا تتابعها قائلة بهمس:
حاسة بيكى ياميار.. أنا كمان كنت زيك ضعيفة وخايفة لغاية مالقيت إيد اتسندت عليها وقوتنى.. وانتى كمان يوم ما هتحسى ان فى ضهرك حد يطمنك.. هتبقى قوية وتقدرى تتحدى الظلم وتغيرى مصيرك.. كل اللى فى إيدى ليكى دلوقتى دعوة هدعيهالك من قلبى.. ربنا يريح قلبك وينصرك على اللى ظلموكى ياحبيبتى.

كانت ميار تسرع بخطواتها وعيناها تغشاها الدموع فلم ترى أمامها لترتطم بعامر الذى كان يغادر البوابة بدوره فيختل توازنهما سويا ويسقط عامر وفوقه ميار التى أغمضت عينيها بقوة للحظات ليتأمل عامر ملامحها الرقيقة والتى خلبت لبه خاصة وهو يرى وجهها الغارق بالدموع يتساءل عن سر حزن تلك الجميلة.. ليجد نفسه رغما عنه يمد يده ليمسح تلك الدموع ولكن ما إن لامست يده وجنتها حتى فتحت عيناها بقوة تنظر إليه لتتجمد يده مكانها بل يتجمد هو تماما وهو يقع أسير عينيها بينما انتفضت بقوة واتسعت عيناها بصدمة وهي تراه و ترى ذلك الوضع الذى وجدت نفسها به.. لتنهض بارتباك وخجل..

ثم تسرع باتجاه سيارتها بينما ظل هو فى مكانه يتابعها لتلتفت تلقى عليه نظرة أخيرة لتجده مازال ينظر إليها لتزداد خجلا وارتباكا وهي تسرع بالدلوف إلى سيارتها لتقودها مبتعدة عنه.. ليتنهد بقوة وهو يتساءل عن تلك الفتاة التى ذهبت آخذة معها نبضات خافقه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة