قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون والأخير

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون والأخير

إقترب كمال من نجوى الجالسة بجوار علاء فى ثوب أبيض بسيط بعد أن تم عقد قرانها عليه.. ورغم ان اليوم هو يوم فرحها إلا أن ملامح السعادة اختفت تماما من ملامحها.. لتنهض على الفور لدى رؤيته يقترب منها.. قبلها على جبينها قائلا بحنان:
مبروك يانجوى.
أطرقت برأسها فى خزي قائلة:
بتباركلى على إيه بس ياكمال؟ما انت عارف اللى فيها.

رفع وجهها بيديه لتتقابل أعينهما قائلا:
اللى فات مات.. وانتوا ولاد النهاردة.. انتى خلاص بقيتى مراته.. يعنى واجب عليكى تبقى سند ليه وتطيعيه إلا فى الحاجات اللى تغضب ربنا وبس.. اصبرى عليه يانجوى واحتويه.. وخلى بالك منه.. وفوتيله لو اتعصب.. الدنيا مبتخلاش ياحبيبتى.. خليكى زي علياء الله يرحمها.
قالت فى حزن:
الله يرحمها.

مد يده فى جيبه وأخرج ورقة.. منحها إياها قائلا:
ده عقد الشقة بتاعتنا.. كتبتهالك النهاردة بإسمك.. دى هدية جوازك ياحبيبتى.
نظرت إليه نجوى بدهشة قائلة:
ليه ياأخويا؟وانت هتروح فين؟

قال بحزن:
هروح مكان بعيد.. هعيد فيه حساباتى.. متقلقيش أكيد هتعرفى أنا هروح فين.. بس دلوقتى.. خليكى فى فرحتك.. افرحى يانجوى.. الفرح فى زمانا ده بقى قليل.. وخلى بالك من حماتك وحطيها فى عنيكى.. دى ست أصيلة.. بتفكرنى بأمك الله يرحمها.
اغروقت عيناها بالدموع قائلة:
الله يرحمها.. هتوحشنى ياكمال.

رفع يده يمسح تلك الدموع المتساقطة على وجنتيها قائلا:
وانتى هتوحشينى ياقلب كمال.. أشوف وشك بخير.
ثم غادر تتابعه عيناها بحزن...

وقف كمال أمام قسم البوليس.. ليأخذ نفسا عميقا ثم دلف إلى القسم ليقول للضابط المسئول هناك:
عايز أبلغ عن قضية اغتصاب قام بيها ٣ رجالة من فترة.
قال الضابط فى ملل:
إسم الضحية؟
قال كمال:
معرفوش.. بس أعرف إسم الجناة وأول إسم فيهم هو إسمى أنا.. كمال عبد العزيز.
لينظر إليه الضابط...فى صدمة.

دلف ريان إلى الحجرة بسرعة ليجد أمامه تمارا تقف أمام المرآة تتأمل نفسها فى فستان دون أكتاف عرفه على الفور لتلتفت إليه فور دخوله وتتجمد مكانها.. اقترب منها.. فحبست تمارا أنفاسها وهو يقف قبالتها تماما صامتا يتأمل جمالها الذى أظهره تصميم الفستان.. غامت عيونه بنظرة جعلتها تبتلع ريقها بصعوبة وهي تقول:
أنا آسفة.. لبست فستانها بس...
وضع إصبعه على شفتيها يمنعها عن الكلام وهو يقول بهمس:
تجننى.

كلمة واحدة قالها.. كلمة واحدة جعلتها تغرق فى بحر من المشاعر.. ليطرق قلبها بقوة.. حتى أنها أحست به يكاد يخرج من بين أضلعها.. لتعود إليها هواجسها من جديد.. تتساءل برهبة.. ترى أيقصدها هي تمارا.. أم يقصد حبيبته غزل؟أفاقت من أفكارها على إصبعه الذى هبط من على شفتيها ليمرره ريان على عنقها ببطئ.. نزولا إلى كتفيها لتدعو ربها أن يكف عما يفعله بها.. تدرك الآن أنها ستلقى بنفسها بين يديه تحتضنه بكل قوتها ان لم يتوقف على الفور عما يحدثه بكيانها.

وبالفعل استجابت دعوتها عندما أنزل ريان يده بجواره يضم قبضته بقوة وكأنه يقاوم شعورا جامحا يجبره على لمسها والاقتراب منها ليحطم كل الحواجز والسدود...
تراجع خطوة إلى الوراء وقد استطاع ان يتمالك نفسه يتأمل ملامحها المتخضبة بحمرة الخجل ليقول بإرتباك:
أنا.. كنت جاي.. عشان أقولك على حاجات مهمة حصلت بخصوص.. احمم.. يعنى...

نظرت تمارا إلى إرتباكه بحيرة قائلة:
اتكلم ياريان.. فيه إيه؟
قال ريان وهو ينظر إليها قائلا:
أنا قلتلك إن وليد مات مقتول جوة السجن صح؟
اومأت برأسها قائلة:
أيوة..
نظر إلى عينيها مباشرة قائلا:
وعزت كمان مات.
اتسعت عينيها فى دهشة قائلة:
مات؟

أومأ برأسه قائلا:
حاول يهرب من عربية البوليس فنط منها وسرق عربية.. طارده زود السرعة.. العربية اتقلبت وفى ثوانى انفجرت وهو فيها.
أومأت برأسها متفهمة وهي تقول:
خد جزاؤه.. ربنا يرحم الجميع ويغفر لهم.
نظر إليها ريان قائلا فى حيرة:
بتدعيلهم بالرحمة ياتمارا بعد كل اللى عملوه فيكى.
قالت تمارا بهدوء:
الميت ما تجوزش عليه غير الرحمة ياريان.

نظر إليها نظرة طويلة حملت إليها مشاعر لم تستطع تفسيرها.. طال الصمت بينهما لتقول بارتباك:
أنا.. هروح أغير الفستان ده.. عن إذنك.
أوقفها صوته وهو يقول:
فيه لسة حاجة كمان؟
نظرت إليه قائلة فى دهشة:
لسة فيه حاجة مقلتهاش؟
اومأ برأسه لتنظر إليه فى تساؤل فاستطرد قائلا:
عرفنا شريكهم التالت.. إسمه كمال.. كمال عبد العزيز.

كان عامر يجلس فى ذلك الكافيه أمام النيل شاردا فى تلك الجنية التى ظهرت أمامه من العدم لتقلب كيانه وتجعله أسيرا لها.. تلك التى منذ ان رآها أيقن أنه لن يعود أبدا كما كان بالسابق.. والتى لم تغب عنه سوى يومان فقط ولكنه يشعر بهما كسنوات عجاف مروا به.. افتقدها بشدة.. افتقد رقتها وطيبتها.. كم هي رائعة.. فاتنة.. يعشقها ويعشق حروف إسمها... ميار.

رن هاتفه لينظر إليه للحظة فوجده رقما غريبا.. أجاب محدثه فى ضيق لقطعه أفكاره التى تدور حولها قائلا:
ألوو.
استمع إلى نبرات صوتها الباكية والتى قالت بضعف:
محتاجالك ياعامر.. تعالى بسرعة.
لم يحتاج فقط سوى لتلك الكلمات كي ينهض على الفور ويأخذ مفاتيح سيارته من على الطاولة قائلا فى حزم:
مسافة السكة.
لينطلق إلى محبوبته يعلم أنه سيكون بجوارها دائما عندما تحتاجه.. منذ إلتقاها وحتى آخر لحظة فى حياته.

قال ريان يقطع ذلك الصمت الذى ساد المكان بعد ان حكي لها عن اعترافات كمال والتى أخبره بها صديقه سامى:
هتعملى إيه ياتمارا؟
لترفع رأسها تنظر إلى عينيه قائلة:
مش هعمل حاجة.
عقد حاجبيه قائلا فى حيرة:
إزاي.. وحقك؟
قالت تمارا:
مش شايف ان ربنا بيجيبهولى ومن غير ما أتدخل.
نظر إليها قائلا:
يعنى إيه يا تمارا؟.. مش هتروحى وتقوليلهم انك تمارا وانه هو والاتنين التانيين دمروا حياتك وبعدوا عنك الإنسان اللى بتحبيه.

ابتسمت بمرارة قائلة:
لأ مش هروح.. وليد وعزت ماتوا.. وكمال زي ما قلتلى قال فى اعترافه ان مراته وابنه ماتوا وان ده عقاب من ربنا على عملته.. مش كفاية كدة عليه؟.. اعترافه لوحده خلانى اعرف أد إيه ربنا بيحبنى وأخدلى حقى من اللى ظلمونى.. اتصل بصاحبك وخليه يخلوا سبيله.. قوله إن حقى ربنا جابهولى ياريان.. أما بقى ماجد فبعده عنى كان رحمة من ربنا لية.. لإنى شفته على حقيقته.. ومكنتش هقدر أكمل مع واحد بالشكل ده.. حقيقى مكنتش هقدر.

نظر إليها فى حيرة قائلا:
يعنى انتى بطلتى تحبيه؟
نظرت إلى ملامحه الوسيمة والتى تعشقها.. كادت أن تقول.. أنا لا أحب سواك أيها الرجل فى عالم قل به الرجال.. وإذا قارنت مشاعرى تجاهك بمشاعرى تجاه ماجد.. سأكتشف على الفور أننى لم أحبه يوما.. ولكنها حبست كلماتها داخل صدرها قائلة:
من اليوم اللى اتخلى فيه عنى واكتشفت بعدها خيانته لية وهو انتهى بالنسبة لى للأبد.

دق قلبه بقوة يعلن سعادته بتلك الحقيقة.. قلبها خال من حب ذلك الماجد.. ربما الآن لديه فرصة فى أن يكون له مكانا بقلبها.. ربما آن الأوان ليعترف بعشقه لها.. كاد أن يعترف لها بمكنون قلبه عندما وجدها تقول بكل حزم:
أنا عايزة أروح بيت ماما ياريان.. دلوقتى.. حالا.
ليسقط قلبه بين أضلعه... رعبا من فقدانها.

نزلت تمارا من السيارة تتأمل ذلك الشارع الذى تركته ضائعة تائهة.. مكسورة الخاطر ضعيفة لتعود إليه وهي قوية.. تختلف عن تلك الفتاة التى كانتها اختلافا كبيرا.. لتجد يد تمسك يدها فنظرت إلى صاحبها بإمتنان والذى لم يكن سوى ريان يخبرها بتلك الحركة البسيطة أنه بجانبها ولن يتركها أبدا.. لتبتسم وهي تمشى إلى جواره بخطوات واثقة.. لتدلف إلى منزلها.. تصعد السلالم حتى وصلت إلى شقة والدتها لتدق جرس الباب.. فلم يجيبها أحد.. دقته مجددا فلم يجيبها أحد.. لتعقد حاجبيها وهي تنظر إلى ريان الذى قال:
جايز مش فى البيت أو خارجين.. تعالى نسأل عليهم أي حد.

اومأت برأسها وهبطت معه إلى الأسفل لتخرج من المنزل وتتجه معه إلى عم محروس.. البقال المجاور للمنزل قائلة:
عم...
كادت ان تنطق بإسمه ولكنها تراجعت على الفور وهو ينظر إليها قائلا وقد ظن انها تسأل عن اسمه:
محروس يابنتى.. عم محروس.
ابتسمت بارتباك قائلة:
من فضلك ياعم محروس.. أنا كنت بسأل على أهل بيت الأستاذ إسماعيل.. أنا خبطت على الباب وملقيتهمش.. متعرفش هم راحوا فين؟

ظهر الحزن على ملامح عم محروس لتشعر بالتوجس وجدت ريان يربت على يدها.. لتدرك أنها كانت تضغط على يده دون وعي منها وأنه أحس بقلقها.. نظرت إليه تطمئنه بعينيها.. ثم عادت بعينيها إلى محروس.. وهو يقول:
انتى مين يابنتى؟
قالت بهدوء:
أنا.. أنا صاحبة تمارا وكنت مسافرة ولسة راجعة النهاردة.. فكنت حابة أطمن عليهم.

نظر إليها عم محروس قائلا:
تمارا.. الله يرحمها بقى.. من يوم ماراحت وعيلتها مشفتش طيب أبدا.. ماجد خطيبها خطب أختها ويوم فرحهم كانت المأساة.. أمها ماتت من حزنها.. ولما دفناها ورجعنا لقينا حادثة بشعة.. ماجد الله يرحمه بقى قتل ريم لما لاقاها.. أستغفر الله العظيم.. احنا عندنا ولايا.. المهم وفاء بنت خالتهم قتلته شكله كان معشمها بالجواز وخلي بيها.. والمسكينة اتجننت بعد ما قتلته.. عم إسماعيل كان هيتجنن هو كمان..

الفضيحة وموت بنته قضوا عليه.. ورغم كدة مرضاش يسيب قبر بنته أبدا ولما جبناه غصب عنه من المدافن.. لقيناه تانى يوم جوة شقته ميت.. مقدرش يستحمل موت مراته وبنته.. انتحر.. الله يرحمه بقى...بسم الله الرحمن الرحيم.. مالك يابنتى؟

كانت تمارا تستمع إليه فى صدمة حتى انهار جسدها فأسرع ريان بإسنادها وقد أصابه الرعب لشحوب وجهها.. أسرع عم محروس يناوله زجاجة مياه قائلا:
خليها تشرب شوية مية ياابنى.
أمسك ريان زجاجة المياه ليضعها برفق على شفتيها يمنحها بعضا منه.. لتشرب رشفة واحدة ثم تبعد الزجاجة بيدها وهي تقول بضعف:
أنا كويسة..

ثم نظرت إلى محروس قائلة:
ألاقى قبرهم ده فين ياعم محروس؟
قال عم محروس:
هاجى معاكى يابنتى اوريهولك وأرجع.. المكان قريب من هنا.. مش بعيد.

قال ريان بقلق موجها حديثه إلى تمارا:
خليها يوم تانى ياتم...ياغزل.. انتى تعبانة.. مش هتقدرى تتحملى.
نظرت إليه قائلة فى رجاء:
عشان خاطرى ياريان ودينى.. مش هقدر أستنى لبكرة الصبح.
نبرة الرجاء فى صوتها ونظرتها المتوسلة إليه لم يدعا له خيارا.. ليومئ برأسه فى هدوء قائلا:
اهدى بس واللى انتى عايزاه هيكون ياحبيبتى.

لمست تمارا قبر والدتها وقد ترقرقت دموعها داخل مقلتيها تقول بصوت حزين:
ربنا يرحمك ياماما.. استحملتى كتير.. وقاسيتى كتير فى دنيتك.. بس خلاص إرتحتى من الدنيا الوحشة دى.. ارتحتى من غدر الناس وظلمهم.. كان نفسى بس أشوفك مرة واحدة وأقولك ان ربنا خدلى حقى من كل اللى ظلمونى.. كان نفسى أطمنك علية وأقولك متقلقيش.. بنتك عدت محنتها وبقت أقوى من الأول.. كان نفسى أقولك إنى مسامحاكى وان مكنش ذنبك انك اتجوزتى واحد زي عم إسماعيل.. كان نفسى اقولك كلام كتير ملحقتش أقوله.. بس أنا عايزاكى تعرفى حاجة واحدة.. انى بحبك.. بحبك أوى ياماما.. وعمرى ماهنساكى.

كان ريان يستمع إلى كلماتها بقلب يتمزق ألما.. يدرك ان قلبها يتمزق بدوره وجعا.. حتى صمتت وتعالى نحيبها ليقترب منها بسرعة ويضمها بين ذراعيه يحتوى ألمها بين ضلوعه.. أغمض عينيه على دمعة سقطت منه.. وهو يشعر بوجعها داخل قلبه..
ترك ريان تمارا تفرغ دموعها داخل صدره.. حتى تحول نحيبها إلى شهقات صغيرة.. لتخرج من محيط ذراعيه.. تمسح دموعها بيديها ليقول ريان بهدوء يخالف مشاعره المبعثرة ألما:
يلا بينا ياتمارا.
اومأت برأسها ليمسك يدها ويتجه بها إلى سيارته.. ليأخذها بعيدا جدا عن هذا المكان .

...بعد مرور بعض الأيام
طرق ريان الباب بتردد لتجيب عليه تمارا قائلة برقة:
إدخل ياريان.
أطل برأسه ليراها جالسة فى سريرها تنظر إليه بإبتسامتها الفاتنة قائلة:
واقف كدة ليه ؟ما تدخل.
إبتسم وهو يدلف إلى الحجرة ويغلق الباب خلفه قائﻻ:
عرفتينى إزاي؟

اتسعت إبتسامتها قائلة:
بعيد عن إنى حافظة طريقة خبطك على الباب من أيام المستشفى.. فمين هنا بيدخل الأوضة دى غيرك وغير إيلين؟.. وبما إن إيلين نايمة دلوقتى ولسة أدامها كتير على ما تصحى يبقى مفيش غيرك انت.. مش محتاجة ذكاء يعنى.
إبتسم قائلا:
ماشى يانابغة عصرك وأوانك.
إبتسمت قائلة:
أخبار العملية إيه؟

إبتسم وهو يرفع يده بعلامة النصر قائلا:
تم تصغير أنف الفنانة نوال سالم بنجاح.
ثم ظهر على ملامحه الاشمئزاز وهو يقول مستطردا:
ربنا يستر ومتجيش تقولى كبرهالى تانى.. الست دى مش هترتاح غير لما تبقى شبه الموميا.

ضحكت تمارا ليتوه ريان فى ملامحها الضاحكة.. إقترب منها ليجلس بجوارها على السرير.. ينظر إلى وجهها الذى عادت إليه دمويته ليشعر انها بالفعل أصبحت افضل كثيرا مما كانت عليه الفترة الماضية وأنه حان الوقت ليحدثها فى ذلك الأمر الذى أجله كثيرا.. لذا قال بتردد:
تمارا.. مش آن الأوان أرجعلك ملامحك من تانى.

غامت ملامحها وظهر الحزن عليهم لتنظر إليه نظرة طويلة حيرته.. ثم أطرقت برأسها قائلة:
لو ملامحى دى هتبعدك عنى ومش هتخليك تحبنى زيها يبقى مش عايزاها.. أنا راضية أفضل طول عمرى بملامحها.
أحس ريان بالصدمة.. حاول أن يهدئ ضربات قلبه المتسارعة وان لا يتعجل فى إستنتاجه والذى استنبطه من كلماتها.. ليمد يده يرفع ذقنها لتواجهه عيناها الدامعتان.. ليقول بلهفة:
تمارا إنتى...

قاطعته قائلة:
بحبك.. بحبك ياريان ولو معندكش مانع.. تخلينى هنا جنبكم.. أنا مش طالبة إنك تبادلنى مشاعرى.. أنا بس...
قاطعها وهو يأخذ شفتيها بين شفتيه فى قبلة طويلة خطفت أنفاسهم قبل أن يتركها وهو يضع جبهته على جبهتها يغمض عينيه وهو يقول:
أنا كمان بحبك.. بحبك ياتمارا.
ابتعدت بوجهها تنظر إلى ملامحه العاشقة وهي تقول بدهشة:
ريان انت قلت إنك بتحبنى صح.. بتحبنى أنا.. تمارا.. مش غزل.

إبتسم وهو يمد يده يقرص أنفها بخفة قائلا:
أيوة قلت ياتمارا.. أنا فعلا بحبك انتى.
ليمرر يده على وجهها قائلا فى عشق:
فى البداية حبيت فيكى ملامح غزل وروحها.. بس مع الوقت لقيت نفسى بحبك انتى.. بفرق بينك وبينها.. بس بحبك اد ما حبيتها بالظبط.. بحب قوتك وضعفك.. خجلك ومرحك.. بحب صورة رسمتهالك فى خيالى.. عرفت انى حبيتك لما بقيت أبصلك مشفش غير الصورة دى.. أنا بحبك انتى ياتمارا...بحبك.

اندفعت إلى حضنه ليضمها على الفور يستمع إلى صوتها الذى تملؤه السعادة وهي تقول:
أنا اسعد واحدة فى الدنيا النهاردة.
أخرجها من حضنه يضم وجهها بين يديه قائلا:
بجد ياتمارا.. بجد مبسوطة؟
اومأت برأسها وهي تمد يدها تضعها على وجنته قائلة بحنان:
بجد ياقلب تمارا.. انت أمنية اتمنيتها من ربنا وطلبتها من كل قلبى.. والحمد لله اتحققت.

غامت عيناه من المشاعر ليقترب من شفتيها مجددا يقبلها ويقبلها.. يغمرها بعشقه الذى رحبت به بكل سعادة.. ليمددها ويعتليها ينثر مشاعره على وجهها ورقبتها لتغرق بدورها فى دوامة من المشاعر.. أفاق من تلك الدوامة يدرك أنه ربما يخيفها مجددا ان ترك العنان لمشاعره ليبتعد عنها ولكنه وجدها توقفه بيديها التى لفتها حول رقبته.. نظر إلى عينيها بحيرة لتقول بنظرة عاشقة:
متبعدش عنى.. أنا محتاجالك.. محتاجة لحبك يمحى كل الذكريات.. أنا مريضة ياريان.. ودوايا بس فى إيديك.
لم يحتاج سوى تلك الكلمات كي يعود إليها يغرقها بقبلاته ومشاعره الجياشة.. وياله من غرق لذيذ.

بعد مرور عدة أشهر
ابتسمت ميار وهى ترى نفسها فى ذلك الفستان الأبيض الرقيق والذى أعدته لها تلك السيدة الرائعة التى تعرفت عليها مؤخرا من خلال إحدى صديقاتها لتقول برقة:
يجنن يامدام روان.. بسيط وفى نفس الوقت يجنن.. أنا مش عارفة إزاي بس أشكرك.. خلصتهولى فى وقت قصير وطلعتهولى زي ماأنا عايزاه بالظبط..
لتدور بسعادة قائلة:
مخلينى حلوة أوى.

إبتسمت روان قائلة:
ميرسيه يامدام ميار.. ده من ذوقك وعلى فكرة انتى اللى حليتى الفستان مش العكس.
ابتسمت ميار وكادت ان تقول شيئا ولكن دلوف طفل فى حوالى الثالثة من عمره إلى المكان قاطعها وهو يندفع إلى روان ويحتضنها لتضمه إليها بحنان.. نظرت ميار إلى ذلك الطفل الجميل والذى يشبه أمه كثيرا قائلة:
ابنك ده يامدام روان؟صح؟

ابتسمت روان وهي تعبث بشعر الصغير قائلة:
ابنى وحياتى وعمرى كله.. وإسمه وليد.
ثم رفعت عينيها إلى ميار مباشرة وهي تقول:
وليد السيوفى.
اتسعت عينا ميار فى صدمة لتربط الاحداث بسرعة.. انها هي روان.. وهذا ابن وليد وقد أسمته على إسمه.. تصارعت الأفكار فى رأسها.. هل مازالت تحبه؟هل تعرف بخبر موته؟كيف كانت حياتها دونه؟

أفاقت من أفكارها على دلوف فتاة شابة إلى المكان.. لتأخذ الطفل من يد روان بينما تقول روان له:
روح مع طنط سميرة ياوليد.. وإسمع كلامها وأنا شوية وجايالك.
اومأ الطفل برأسه بابتسامة ثم ذهب مع تلك الفتاة تتبعهم عيون روان وميار التى تواجهتا بعد ذهابهما لتقول ميار بتقرير:
كنتى عارفانى صح؟
أومأت روان برأسها قائلة بهدوء:
مش معنى إنى بعدت عنه يبقى مش هعرف اخباره.. وليد كان شخصية عامة وليه دايما فى الجرايد خبر.

كان.. إذا هي تعرف بخبر موته لتجيبها روان قائلا:
أيوة عارفة.
نظرت إليها ميار بدهشة لتقول روان بابتسامة:
متستغربيش ملامحك شفافة أوى.
ثم تنهدت مستطردة:
الله يرحمه بقى.. اختار طريقه ودفع تمن غلطاته.. ربنا يسامحه .
نظرت إليها ميار قائلة فى تردد:
لسة بتحبيه؟

نظرت إليها روان قائلة:
محبتش قبله وللأسف مش قادرة أحب بعده.. غلط فى حقى كتير بس انا سامحته.. عقابه كان كبير اوى من ربنا.. وكان لازم أسامحه.
أطرقت ميار براسها فى حزن قائلة:
معاكى حق.
ثم عادت لترفع رأسها قائلة:
لازم أقولك ان هو كمان.. عمره ماحب غيرك انتى.. أنا سمعته بودانى بيقول الكلام ده لمامته وقالها كمان انه دور عليكى كتير وملقاكيش.. مش قادرة افكر غير انك لو كنتى موجودة فى حياته كانت حاجات كتير اتغيرت.

اغروقت عينا روان بالدموع وهي تقول:
مبقاش يفيد التفكير بالشكل ده ياميار.. وليد راح للى خلقه.. وكل اللى فى ايدى أعمله دلوقتى انى أربى ابنى كويس عشان يكون له ابن صالح يدعيله لما يكبر..
تأملتها ميار بإعجاب قائلة:
انتى عظيمة أوى ياروان وأنا فرحانة انى عرفتك.
ابتسمت روان بحزن قائلة:
انا كمان فرحانة انى عرفتك.. رغم انى مكنتش بطيقك أيام ما عرفت انه اتجوزك.. بس لما عرفتك من قريب عرفت أد إيه انتى طيوبة وإنك فعلا تستاهلى تتحبى.. حتى من وليد.

قالت ميار:
قلتلك ياروان إنه محبنيش.. هو محبش غيرك انتى.. انا كنت بالنسبة له مش اكتر من صفقة فاشلة بس الفشل الحقيقى كان إنه عايش وانتى وابنك اللى كان بيتمناه من الدنيا بعاد عنه.. يلا.. زي ما قلتى.. هو مات.. ومايجوزش عليه غير السماح و الرحمة.. ربنا يرحمه.
أومأت روان برأسها قائلة:
ياااارب.

انطلق ذلك الصبي الصغير يطرق باب تلك الحجرة الأرضية فى ذلك المنزل الصغير والذى يجاور مسجد أحباب الحبيب فى ذلك الحي الهادئ.. ليجيب ساكن الحجرة ذلك الطارق.. ابتسم الصبي قائلا فى سعادة:
الست نجوى ولدت.. الست نجوى ولدت.
إبتسم كمال وهو يخرج من جيبه ورقة مالية يمنحها للصبي قائلا:
تسلم على البشارة يافتحى.. إجرى إنت على هناك.. قولهم إنى هصلى العصر فى الجامع وأنضفه وهاجى وراك علطول.
قال فتحى وعيونه تلتمع من السعادة:
حاضر ياشيخنا.

ثم ابتعد مسرعا ليتابعه كمال بعينيه قائلا بإبتسامة:
شيخ إيه بس يا إبنى.. إحنا على باب الله.
ثم أخرج من جيبه صورة لزوجته علياء ومرر يده على وجهها قائلا بحنان:
نجوى خلفت ياعلياء.. جابت ولد.. هقولهم يسموه محمود زي ما كنتى عايزة تسمى إبننا.. كان نفسى تبقى معايا فى يوم زي ده.. وحشتينى أوى ياحبيبتى.. ربنا يرحمك ويجمعنى معاكى فى أقرب وقت.
ليرفع رأسه إلى السماء قائلا:
ياااارب.

إستيقظت ميار تشعر بأنها مراقبة لتفتح عينيها وتجد أمامها عامر يتكئ بجانبه واضعا يده أسفل وجنته يستند عليها وهو ينظر إليها بعشق.. ما إن رأي إنفلاجة عيونها حتى إبتسم قائلا:
أحلى منظر ممكن الواحد يشوفه هو منظر مراته وهي بتصحى من نومها.
إبتسمت فى خجل قائلة:
صباح الخير.
إتسعت إبتسامته قائلا:
صباح إيه ياقمر إحنا بقينا العصر.
إعتدلت بسرعة قائلة:
إيه ده.. أنا نمت ده كله؟

إعتدل بدوره قائلا بخبث:
حقك ياقلبى.. إحنا نايمين الصبح.
أطرقت برأسها فى خجل قائلة:
بس بقى ياعامر.. بلاش تكسفنى.
تأمل عامر ملامحها الجميلة والتى زادها الخجل جمالا.. تلك البريئة ذات المشاعر العذرية والتى من يراها الآن يدرك ان زواجها الأول كان باردا كلوح من الثلج.. وأن مشاعرها الغضة لم تتفتح سوى على يديه.. هو فقط.. لاغير..

قال لها بصوت تهدج من مشاعره:
أدامك ثوانى وتقومى من السرير عشان ننزل نقعد مع ريان ومراته على البحر.. لو مقمتيش يبقى انتى اللى جبتيه لنفسك ياميار.
نظرت إليه بعيونها الواسعة الجميلة وهي تقول بحيرة:
قصدك إيه ياعامر؟

اقترب عامر من وجهها يلمسه بيده فى عشق قائلا:
لأ.. بالنظرة البريئة دى.. يبقى لازم أوريلك قصدى إيه عملى ياقلب عامر.
ليقبلها بنعومة.. يريها بطريقة عملية أن الحقيقة تكون أفضل بكثير من الأحلام.. الأحلام.. نعم.. ربما يوما ما تخبره عنها.. ربما.

جلست تمارا على شاطئ البحر.. تنظر إلى أمواجه المتلاطمة تماما كحياتها قبل ان يدخل ريان إلى حياتها لتستقر مشاعرها.. ويدخل بضياءه يمحى ظلمات أعماقها.. كم تعشقه هذا الوسيم الذى أثبت لها أن فى هذا العالم المقيت.. مازال هناك رجالا يحيون بين جنباته.. وهو سيد هؤلاء الرجال.
أفاقت على يد توضع على عينيها تحجب عنها الرؤية.. لتبتسم وهي تدرك يد من تلك؟لتسمع صوته العميق يقول بإبتسامة ظهرت فى تلك النبرة الرجولية الجذابة:
أنا مين؟

إبتسمت قائلة:
إنت سندى.. وحبيبى.. وكل ما لية.
ترك يديه تبتعد عن عينيها ولكنها إمتدت تلمس ذراعها العارية تثير فيها المشاعر وهو يلتفت ليجلس بجوارها محيطا يديها بين يديه قائلا بعشق:
هفضل دايما عاجز عن الرد أدام أرق كلام بسمعه من بين شفايفك إنتى.

تأملت ملامحه التى تعشقها قائلة:
وهفضل دايما عاجزة عن ان أوصفلك مشاعر جوايا ليك.. مهما قلت عنها مش هقدر أوصفها... آاااه.
قال ريان فى قلق:
مالك ياتمارا.. فيكى إيه؟
إبتسمت قائلة:
متقلقش ياحبيبى.. ده إبنك بس.. شكله غيران وبيخبطنى.
زفر ريان بإرتياح وهو يمد يده يربت على بطنها المنتفخة قائلا:
ربنا يخليكوا لية.

وضعت يدها على يده قائلة بحنان:
ويخليك لينا ياحبيبى.. ويخليلنا إيللى.. بالمناسبة.. هي فين مش كانت معاك؟
إبتسم قائلا:
إستأذنت تقعد مع تيمور اللى اتصاحبت عليه النهاردة الصبح.. الجيل ده صعب.. مبيضيعش وقت..
إبتسمت تمارا قائلة:
حبيبى شكله بيغير.
نظر إليها قائلا:
أوى ياتمارا.. انا محبتش فى حياتى أدك انتى وأد غزل وإيلين.. انتوا قلبى من جوة.. روحى اللى عايش بيها.. بس المسألة هنا مش مسألة غيرة بس.. الجيل زي ما قلتلك صعب ولازم الواحد تبقى عينه فى وسط راسه عشان يقدر يحمى ولاده.

ربتت على يده قائلة:
إنت أدها ياعمر تمارا.
إبتسم لتبادله إبتسامته ثم مالبثت أن قالت بتردد:
ريان.. ممكن أسألك سؤال؟
أومأ برأسه قائلا:
طبعا ياحبيبتى اتفضلى.
قالت بحيرة:
انت عملت إيه مع أهل غزل.. من يوم الليلة إياها وانا مسمعتش عنهم حاجة.. لغاية النهاردة.

قال بإبتسامة:
لما خرجوا اهل غزل من البيت.. شفت فى عيون جلال نظرة الغدر.. فروحت لواحد وخليته حطلى كاميرات فى البيت كله.. واللى انتى كنت فاكراه بيظبط سلك التليفون.. وفضلت مستنيه يغلط.. وفعلا هو ما إتأخرش.. ولما قبضت عليه.. خليت سامى صاحبى يجيبهم عنده فى المكتب.. ويوريهم الفيديو ويهددهم لو شافهم بيقربوا لحد فينا هيوديهم فى ستين داهية.. طبعا هم ما يعرفوش انى مكنتش هقدم الدليل ده للنيابة عشان مكشفش موضوع موت غزل.. المهم إنهم بعدها خافوا وسافروا برة وخطرهم بعد عننا خالص.

قالت تمارا:
الحمد لله..
ثم نظرت إليه رافعة إحدى حاجبيها وهي تقول:
مطلعتش سهل ابدا ياريان.
اكتفى ريان بإبتسامة هادئة.. وهو يتأمل ملامحها الجميلة ثم لم يلبث أن تمدد بجوارها قائلا:
تمارا.. ممكن أنا كمان أسألك سؤال؟

أومأت برأسها ليقول بحيرة:
انتى ليه أصريتى تفضلى بملامح غزل مع انى عرضت عليكى أرجعلك ملامحك وإتأكدتى بنفسك إنى بحبك إنتى مش بحب ملامح غزل فيكى.
نظرت إلى عينيه وهي تقول:
تمارا القديمة ماتت يا ريان واتولدت واحدة جديدة على إيديك.. ملامحها بس هتفكرنى بكل حاجة نفسى أنساها.. ده غير إيلين.. مفكرتش فيها لو رجعتلى ملامحى هتعمل إيه؟ هتفقد مامتها من تانى.. وبعدين ياسيدى أنا بحبك انت وعارفة انك بتحبنى أنا.. تمارا اللى جوايا.. هعوز إيه فى الدنيا اكتر من كدة؟

إبتسم وهو يحيطها بذراعه يضمها إلى صدره يقبل يدها بعشق ثم يقول:
وأنا مش بس بحبك.. أنا بعشقك ياتمارا.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة