قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

أزال ريان يده من على كتف تمارا فور ابتعاده قليلا عن السيدة منيرة وولدها.. وهو يقول بندم:
أنا آسف لو حطيتك أدام أمر واقع وضميتك لية أدامهم بس كان لازم أعمل كدة.. سامحينى ياتمارا.

نظرت إلى عينيه تشعر بأنها تستمد قوتها منهما لترفع يدها وتمسك يده وهي تبتسم قائلة:
مش كل شوية هتعتذرلى ياريان.. أنا عارفة انك كنت مضطر تعمل كدة عشان تحمينى من لمسته.. انت متعرفش أنا ساعتها حسيت بإيه.. أنا هفضل طول عمرى مديونالك لحاجات كتير بتديهالى سواء بتبقى قاصد أو لأ.. وأولهم الامان اللى انا حاسة بيه دلوقتى وأنا هنا مع واحد من اللى دبحونى وفى وسط بيته .. ده غير القوة اللى هتخلينى آخد بتارى منه.. عشان كل ده..  ياريت مسمعش منك تانى كلمة آسف.. مفهوم؟

ابتسم وهو يومئ برأسه موافقا لتقترب منه هامسة فى أذنه:
وخد بالك وليد بيراقبنا.
أغمض عينيه يستمتع بقربها وأنفاسها التى تلفح وجهه.. وشعورا هائلا من السعادة لاقترابها منه هكذا دون خوف .. دون حتى أن يرتعش صوتها.. ليفتح عينيه وقد غامتا بالمشاعر وهو يبادلها همسها قائلا:
عارف.

أدركت بدورها للتو أنها إقتربت منه كثيرا دون وعي عندما لفحتها أنفاسه الحارة.. لتتراجع وهو تطرق بخجل تسترق النظر إليه.. ليبتسم وهو ينظر إليها بإعجاب..
...إزدادت نظرة الغيرة فى عيون وليد والذى يتابعهما بشدة.. لا يدرى لماذا هي من دون كل النساء اللاتى عرفهن.. جذبته بتلك الصورة إليها.. ربما لجمالها الهادئ.. أو تلك الهالة من البراءة والتى تحيط بها.. أو ربما لأنها تذكره كثيرا بحبيبته روان.. المهم هو أنه يشعر برغبة قوية الآن فى امتلاكها.. لا يدرى كيف سيحدث ذلك وهو يرى كل ذلك الحب الذى يظهر فى عيون هذين العاشقين ولكنه سيفكر بأمر ما.. لابد وأن يحصل عليها مهما كلفه ذلك ... لابد.

... تابعت ميار نظرات زوجها إلى زوجة الطبيب ريان بألم.. لم ينظر لها قط بتلك الصورة.. تدرك انه يرغب تلك المرأة وبشدة.. يغار عليها من زوجها.. وهو الذى لم يغار عليها قط من أي مخلوق... هي... زوجته.
.. أغمضت عينيها تخفى مرارة مزقت قلبها لتعود وتفتحهما من جديد لتلقى نظرة مليئة بخيبة الأمل على زوجها .. قبل أن تتقدم بإتجاه هذين الزوجين بخطوات حاسمة.

قال كمال فى حدة:
أنا عايز اعرف إنتى جرالك إيه يانجوى؟.. أنا مش قادر أصدق إن دى نجوى أختى اللى أعرفها.. يعنى مش كفاية إنك زعقتى فى علياء هناك.. وأنا سكت ومرضيتش أحرجك.. لأ كمان بتكلميها بأسلوب وحش هنا..  وأدامى .. ولا كأنى موجود أو عاملالى حساب.
اقتربت منه علياء بسرعة وهي تربت على كتفه قائلة:
هدي أعصابك ياأخويا مش كدة عشان صحتك.. أنا والله مش زعلانة منها.. نجوى دى أختى.

نظرت لها نجوى قائلة:
أيوة ياستى مثلى أدامه دور الملاك.
هدر كمال بغضب قائلا:
إخرسى.

اتسعت عينا نجوى فى صدمة ليستطرد كمال قائلا بغضب:
الظاهر إنى دلعتك أوى .. لدرجة مبقتيش عارفة إيه اللى يصح وإيه اللى مايصحش.. وأنا قادر أرجع عقلك لراسك من تانى.. بصي يابنت الناس .. عشان امتحاناتك مش همنعك تروحى الكلية، بس بعد الامتحانات.. مش هتشوفى الشارع ده تانى.. وان فضلتى على عنادك وصوتك العالى وتقليلك لإحترامى واحترام علياء.. فهتشوفى منى وش عمرك ماشفتيه يابنت أمى وأبويا.. مفهوم؟ويلا روحى على أوضتك مش طايق أشوف وشك دلوقتى.

نظرت إليه نجوى وقد اغروقت عيناها بالدموع ليصرخ فيها قائلا:
قلتلك إمشى من وشى.
نظرت نجوى إلى علياء بغضب قبل أن تسرع إلى حجرتها تدلف إليها وتغلق الباب خلفها بقوة.
لتقول علياء بحزن:
مكنش ينفع تزعقلها بالشكل ده يا كمال..  وخصوصا أدامى.

أغمض كمال عينيه فى ألم ليفتحهما مجددا وهو يتنهد قائلا:
غصب عنى ياعلياء.. انا حاسس ان نجوى بتتغير ولو ملحقتهاش هتضيع منى.
اومأت علياء برأسها وهي تقول بحنان:
طب اقعد ارتاحلك حبة على ما اعملك كوباية لمون تهدى بيها أعصابك.

أومأ برأسه لتتجه علياء إلى المطبخ يتابعها بعينيه وهو يقول فى نفسه:
مش قادر أقولك ياعلياء إنى خايف من عقاب ربنا ييجى في أختى .. وإنى بقيت بخاف كل ما تخرج من البيت.. ومرتحش غير لما ألاقيها بتدخل من باب الشقة.. ربنا يغفرلى وميجعلش عقابى فيها...
ليرفع رأسه إلى السماء قائلا:
يااارب.

كان ريان ينظر إلى تمارا التى تمرر عيونها بين الحضور فى قلق وكأنها تبحث بعينيها عن باقى أعدائها ولكنها تنهدت فأدرك انها لم تتعرف على أحدهم فى الحضور.. لينتبها سويا إلى صوت نسائي رقيق يقول من خلفهما:
نورتنا يادكتور ريان.

إلتفتا سويا ليريا فتاة جميلة رقيقة تنظر إليهما بابتسامة.. لتشعر تمارا بالفضول تجاهها .. وببعض من شعور غامض بالضيق.. تتساءل من أين تعرف تلك الفتاة زوجها.. لا.. هل صدقت نفسها.. انه ليس بزوجها الحقيقي.. إنه فقط ريان.. رجلا طيبا أشفق عليها ويساعدها فى محنتها .. هذا ما يجب أن تذكر به نفسها دائما..
أفاقت على صوت ريان يقول بابتسامة:
ازيك يامدام ميار.. أخبارك إيه؟

ظل ذلك الإسم يتردد فى عقل تمارا.. ميار .. ميار .. ميار.. من هي تلك الميار.. لتجيب ميار بنفسها على تساؤل تمارا وهي تمد يدها تصافح تمارا قائلة:
انا ميار مرات وليد .. وانتى أكيد مدام غزل مرات دكتور ريان.
مدت تمارا يدها تسلم على ميار وقد ظهرت القسوة فى عينيها لثانية قبل أن تختفى حتى أن ميار ظنت أنها تخيلت ذلك وتمارا تقول بابتسامة باردة:
تشرفنا يامدام ميار.

ابتسمت ميار قائلة لها:
الشرف لية أنا..
ثم إستطردت قائلة بمزاح:
تعرفى إنى الوحيدة فى ستات العيلة اللى متشرفتش بإنى أكون من مرضى دكتور ريان .
قال ريان بإبتسامة هادئة:
لإنك مش محتاجة يامدام ميار.. انتى كدة برفكت.

شعرت تمارا بشعور حارق فى صدرها وهي ترى ريان يصف ميار بالكمال.. لتعقد حاجبيها وهي تتعجب من ذلك الشعور.. بينما قالت ميار بابتسامة هادئة:
ده من ذوقك يادكتور.
اقترب وليد من ميار واضعا يده حول خصرها وهو يقول موجها حديثه لريان:
انت بتعاكس مراتى يادكتور.
ابتسم ريان ابتسامة لم تصل لعينيه وهو يقول:
أنا بقول رأيى المهنى .. مدام ميار مش محتاجة لأي دكتور تجميل..

ابتسمت ميار ولكن تمارا لاحظت أن ابتسامتها ينقصها شيئا ما.. أحست تمارا بالحزن يشوب ابتسامتها بل ويمتد ليستقر داخل عيونها وهي تقول:
ميرسيه يادكتور.
.. أفاقت تمارا من أفكارها على صوت وليد يسأل ريان بفضول وعيونه تتأملها:
ومدام غزل.. جمالها طبيعى ولا لإيديك فضل فى الوجه الملائكى ده؟

حانت من تمارا نظرة سريعة إلى ميار لتلاحظ جمود ملامحها لتشعر بوجود خطأ ما.. خاصة مع ملاحظتها شئ من المرارة استقر بداخل عيني ميار.. بينما أجاب ريان بابتسامة باردة:
لأ.. جمال غزل من عند ربنا.. جمالها كان اول حاجة شدتنى ليها.
ليمد يده يمسك يدها يرفعها لشفتيه .. لترفع وجهها إليه وتتلاقى عيناها مع عيناه وهو يقبل يدها بنعومة.. ثم يستطرد قائلا:
مش جمال الشكل وبس.. لأ .. جمال الروح من جوة كمان.. نعمة وربنا إداهالى وهفضل أحمده عليها عمرى كله.

غرقت تمارا فى نظرات عينيه الحانية وكلماته التى مست وجدانها ولمسة شفتيه ليدها برقة لتفيق من شعورها بالغرق.. على صوت ميار وهي تقول:
بجد فرحانة أوى وأنا شايفة حبكم لبعض واللى باين فى عيونكم..
ليشوب صوتها بعض المرارة وهي تقول لتمارا:
نادر أوى لما تلاقى راجل فى زمانا ده بيحب مراته زي ما دكتور ريان بيحبك يامدام غزل.

ابتسمت غزل ابتسامة لم تصل لعينيها وهي تلاحظ ازدياد ضغط قبضة وليد على خصر ميار وظهور الألم على وجه الأخيرة لتواريه بسرعة ووليد يقول:
طيب بعد إذنكم هنروح لماما عشان بتندهلنا.. البيت بيتكم طبعا.
ابتسم ريان وهو يقول:
أكيد طبعا .. اتفضلوا.
لتتابعهما تمارا بعينيها وهما يغادران.. لتبتسم فى انتصار وقد قست عيناها.. تدرك أنها وجدت أخيرا نقطة ضعف تستطيع من خلالها تدمير وليد...تماما.

كانت نجوى تدور فى حجرتها ذهابا وإيابا يتملكها الغيظ بشدة ويغمر قلبها غضبا بلا حدود.. إنهم ينوون حقا مغادرة القاهرة والإقامة فى الفيوم.. وهذا يعنى ابتعادها عن علاء.. مستحيل.. لن تقبل بذلك أبدا ولن تعيش فى هذا البيت بعد الآن.. خاصة بعد تحول أخاها ومعاملته السيئة لها وكلماته الجارحة.. طبعا فزوجته هي الأهم بالنسبة إليه.. ومصلحته بالطبع.. لا.. ستسعى للخلاص من كل ذلك بزواجها من علاء.. نعم.. ستفعل.

.. لتبحث بعينيها عن حقيبتها التى ألقتها على الأرض من غيظها.. لتلمحها وتتجه إليها تأخذها بلهفة وتفتحها تبحث عن هاتفها حتى وجدته.. لتفتحه وتتصل برقم علاء بسرعة .. تنتظره رده بفروغ الصبر ليجيئها صوته فتسرع بالقول فى حزم:
علاء.. أنا رجعت .. حدد ميعاد مع مامتك.. بسرعة.

دلفت ميار إلى الغرفة وخلفها وليد الذى قال بغضب:
انتى ليكى عين تزعلى كمان.
نظرت إليه ميار بغضب دون أن تنطق بكلمة .. ليقول مقلدا صوتها:
نادر اوى لما تلاقى راجل فى زمانا بيحب مراته زي مادكتور ريان بيحبك يامدام غزل.
لتعود نبراته الغاضبة إلى صوته مجددا وهو يقول:
ناقص تقوليلها انا بحسدك عليه يامدام غزل.
قالت ميار صارخة بمرارة:
ومين قالك إنى مبحسدهاش عليه...

قاطعها بصفعة قوية انطلقت من يد وليد واستقرت على وجهها لتندفع بجسدها جانبا فترتطم بحافة السرير بقوة ثم ترتد مجددا لتسقط على الأرض مغشيا عليها وقد سالت الدماء من رأسها.. لتتسع عينا وليد بصدمة ويصرخ بإسمها فى فزع.

حاولت تمارا النوم ولكنها لم تستطع ظلت تتقلب فى سريرها حتى تجمدت تماما وهو تستمع إلى صوته ذو النبرة الهادئة وهو يقول:
مش عارفة تنامى برده.. مش كدة؟
اعتدلت فى السرير تنظر إليه قائلة:
لأ مش عارفة.. بفكر فى اللى حصل النهاردة.
اعتدل بدوره وهو يجلس على الأريكة قائلا:
ووصلتى لإيه؟
نظرت تمارا إلى عينيه مباشرة وهي تقول:
ميار.

أومأ ريان برأسه موافقا وهو يقول:
خدتى بالك .. صح؟
أومأت برأسها قائلة:
الحلقة بينهم ضعيفة ومعاملته ليها مش تمام.. ممكن نقدر من خلالها نوقعه.
قال ريان وهو يشير إليها بإصبعه محذرا وهو يقول:
خدى بالك .. ميار غيرهم.. دى إنسانة محترمة ومعتقدش ممكن تخونه.

قالت تمارا موافقة:
عارفة.. لاحظت كدة فعلا.. وأنا مش هطلب منها تخونه ...أنا هخليها تعرف حقيقته مش أكتر.. ومعتقدش واحدة زيها لو عرفت حقيقة اللى عمله تقف فى صفه.. بالعكس أكيد هتبقى فى صف الحق..  وهتسلمه من نفسها.
أومأ ريان برأسه موافقا وهو يقول:
طيب وهتعرفيها إزاي؟
ابتسمت قائلة:
لأ .. دى سهلة.. سيبها علية.

عقد ريان حاجبيه قائلا فى قلق:
تمارا.. متعمليش أي حاجة قبل ما تقوليلى عليها.. مفهوم؟
شعرت بالقلق فى صوته لتتسارع دقات قلبها وهي تجيبه قائلة:
مفهوم.. تصبح على خير.
نظر إليها قائلا بحنان:
تلاقى الخير.

تمددت تمارا على السرير وهى تسحب الغطاء عليها وتضطجع على جنبها الأيمن لتنام على الفور.. بينما تأملها ريان للحظات حائرا فى ذلك الشعور بالسعادة والذى يغمره فقط لمجرد الكلام معها.. إلى جانب شعوره بالراحة لمجرد وجودها بجواره.. ليعقد حاجبيه وهو يشعر بالقلق من تلك المشاعر وهو يعلم أن وجودها فى حياته شئ مؤقت وأنه يوما ما سترحل من حياته ...ربما للأبد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة