قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية المحترم البربري للكاتبة منال سالم الفصل الخامس

رواية المحترم البربري للكاتبة منال سالم الفصل الخامس

رواية المحترم البربري للكاتبة منال سالم الفصل الخامس

الفصل الخامس: إن كانت واحدة غيرها موجودة في مثل ذلك الموقف المهلك للجأت للصراخ والاستغاثة بمن ينجدها من براثن الموت، لكن على عكس الطبيعي والمتوقع لم تقاومه على الإطلاق، ظلت آسيا ترمقه بنظراتها النارية التي تحمل كرهًا يوشك أن يحرق الأرض ومن عليها، ورغم شعور الاختناق الذي بدأ يستحوذ عليها إلا أنها رفضت التراجع، تقطعت أنفاسها وبدأت تدرك حاجتها للتنفس، لكن عنادها كاد يودي بحياتها، فهي لن تستسلم أبدًا حتى لو كانت على شفا خطوة من الموت، لن تريه أو تري غيره لحظة ضعفها، على الجانب الأخر، بادلها معتصم نظرات حقودة كارهة لما تبثه بداخله من مشاعر حنق وغل، لما توجده فيه من تصرفات بربرية لا يحبذها مطلقًا، تجمدت نظراته على حدقتيها الفيروزيتين، كانتا طبيعيتان، وتكرر في ذهنه سؤالاً ملحًا، لماذا ترتدي العدسات اللاصقة إن كانت تمتلك أعين ساحرة بحق، انتبه لتلك الزرقة التي تتسرب إلى بشرتها، شعر بالخوف لإقدامه على شيء أحمق وما ضاعف من تأنيب ضميره هو عدم مقاومتها له، أبعد أصابعه الغليظة عن عنقها متراجعًا بهلع للخلف وهو يجاهد لتمالك أعصابه التي انفلتت منه في لحظة طيش هوجاء، نظر لها مصدومًا وهو يستوعب ما أوشك على ارتكابه، شهقت آسيا بقوة لتستعيد أنفاسها من جديد، وضعت يدها على عنقها تتحسسه، ظلت تسعل لعدة مرات حتى عادت إلى طبيعتها، ومع ذلك لم ينتقص بغضها له ذرة واحدة، رمقته قائلة بتعالٍ رغم حشرجة صوتها:.

-مكملتش ليه؟ خوفت؟
حاول أن يضبط انفعالاته الثائرة بداخله ليحدثها بجمود انعكس على تعبيراته: -اللي زيك ماتستهلش إني أضيع نفسي علشانها، إنتي واحدة رخيصة!
كركرت ضاحكة رغم الوهن الذي تسلل إلى خلايا جسدها مزدرية إهاناته، استخفت بتهوره قائلة ببرود واثق:
-واللي زيي دي ه..
بترت عبارتها عمدًا لتثير فضوله قبل أن تتابع بغرور وهي تستند بيدها على حافة الأريكة:
-هاتخليك تركع عند رجلها تطلب العفو والسماح.

استشاط من نجاحها الدائم في استفزازه، في إيصاله لقمة الانفعال حتى لو كان متسلحًا بأقوى دفاعاته، وقف قبالتها يشير لها بسبابته محذرًا:
-أحسنلك ماتلعبيش بالنار، لأنك مش هاتستحملي حاجة واحدة من اللي هاعملها فيكي، وفي الأخر هتتحرقي لوحدك
صفقت بيديها قائلة بتحدٍ: -وماله، أنا جاهزة!

لم تصغِ آسيا لباقي ثرثرته المتعصبة بسبب ذلك الصداع الهائل الذي عصف برأسها في لحظة، تبعه دوارًا مصاحبًا له، هي تعرف ذلك الإحساس جيدًا، إنه إشارة إنذار لانخفاض مستويات السكر بالدم نتيجة عدم تناولها للطعام لفترة طويلة واستنزاف طاقتها دون وجود ما يعوض ما فقدته، كانت تصيبها تلك الحالة من آن لأخر حينما تعكف على اتباع حمية غذائية قاسية لتفقد الوزن، لم ترغب على الإطلاق في إظهار ضعفها أو تأثرها بشيء، بذلت مجهودًا هائلاً لتحافظ على ثباتها أمامه، كي لا تشعره بأنها ليست على ما يرام، نظر لها باشمئزاز متأفف، ثم أولاها ظهره قائلاً بقسوة وهو ينظر له بنفورٍ من طرف عينه:.

-هرجعك من مطرح ما جيتي، بس بعد ما أندمك!

لم يكن بها من الطاقة ما يجعلها ترد عليه، تمنت فقط أن يرحل قبل أن تتهاوى قدميها، تحاملت على نفسها لتبدو بكل ذلك الثبات، انتبهت من وسط ضلالاتها التي بدأت تغلف عقلها لقرع الجرس وقبل أن تركز حواسها على خطوتها التالية كان معتصم قد سبقها في ردة فعله، حيث اقترب من الباب ليفتحه، اعتقدت لوهلة أن عامل توصيل الطلبات للمنزل قد أحضر ما طلبته، فاتجهت بخطوات متهادية مقاومة لإحساسها بالدوار نحو الداخل متناسية أنها أحضرت مسبقًا المال من حقيبتها، وما إن اقتربت من عتبة غرفتها حتى فقدت قدرتها على المواصلة، مدت يدها لتستند على حافة الباب، لكن خارت قواها كليًا، غلف الظلام خلايا عقلها، فغابت عن الوعي ليسقط جسدها بقوة على الأرضية مسببًا ارتطامًا عنيفًا لرأسها.

طالع معتصم بأعينه المشتعلة غضبًا الثلاثة رجال المرابطين أمامه، جاب بنظرات متفحصة هيئتهم المريبة، شعر بعدم الارتياح نحوهم، فهو يعرف مثل تلك النوعية من الأشقياء والمشاغبين، سألهم بحدية وهو يسد بجسده الباب:
-إنتو مين؟
أجابه ذلك الذي يقف في المنتصف: -مش ده بيت جماعة شرف الدين؟

كان مدركًا بحدسه الذكوري أن رؤيتهم ل آسيا بملابسها تلك ستثير فيهم شيئًا ما، لذا كان عليه التصرف بحنكة دون أن يلفت أنظارها إليهم، استدار معتصم برأسه نصف استدارة ليجدها ابتعدت عن الصالة رغم استغرابه من تصرفها، تنفس الصعداء، ثم ضيق نظراته متابعًا تساؤلاته وهو يتحرك بحذر نحو الخارج مجبرًا إياهم على التراجع أيضًا:
-عاوزين إيه؟

أجابه أحدهم بامتعاض وهو يعبث بتلك المدية الصغيرة المتدلية من إصبعه: -لينا فلوس وجايين ناخدها منه
ركز معتصم أنظاره عليها متوهمًا في عقله لو أن ذلك الفظ وقعت أنظاره الشهوانية عليها لربما عبث شيطان رأسه به ودفعه لفعل ما لا يُحمد عقباه معها، شعر أنه مكلف بحمايتها وإن كانت غريمته، ارتدى قناع القسوة متسائلاً بغلظة:
-كام يعني؟
رد الواقف في المنتصف بوقاحة مستهزئًا به: -ليه؟ هاتدفعهم إنت؟

سلط أنظاره الحانقة عليه وهو يرد بقوةٍ: -آه، عندك مانع
رفع الرجل يده في الهواء قائلاً بابتسامة متسعة: -طالما هناخد الأوبيج يبقى مالناش فيه
أضاف الواقف على يساره قائلاً وهو يغمز له: -الباشا عليه 150 ألف لحلوح، ها يا بيه هتدفع ولا..
فغر معتصم فاهه مصدومًا من كبر الدين وهو يقول: -نعم، 150 ألف جنية؟!
أومأ الرجل برأسه مؤكدًا: -أيوه، هتدفع ولا نخش نكلم الجماعة جوا وهما يتصرفوا.

كانت كلماته الأخيرة كوقود النيران بالنسبة له، لا يعرف ما الذي حثه ليتدخل في شئونها، ربما لأن طيف وجه نادية الباكي تجسد في عقله فألزمه بصورة أو بأخرى بأن يفعل الصواب، لذا قرر في لحظة – اعتبرها غباء منه - أن يسدد الدين، فهو حتمًا لن يمنحه الفرصة لرؤيتها، نظر له معتصم شزرًا وهو يرد بخشونة:
-هادفع!

ثم دس يده في جيب سترته ليخرج منها دفترًا للشيكات، حرر ورقة بالمبلغ المطلوب دفعه قبل أن يناولها للسمج الذي يبتسم بسخافة، ضاقت نظراته على الأخير وهو يحذره بنبرة آمرة:
-وإياك حد فيكو يقرب من هنا!
فرك الرجل كفي يده معًا قائلاً بانتشاء بعد أن زاغت أبصاره وهو يرى المبلغ النقدي يدون به:
-دايمًا الجيب عمران يا باشا.

ثم اختطفه من بين أصابعه ليتأكد مما قرأته أعينه، وأضاف بابتسامة صفراء: -كده حقنا وصل، سلام يا باشا
رمقهم معتصم بنظرات دونية مستنكرًا تورطها بطريقة ما مع تلك الأشكال الضالة، تابعهم بأعينهم حتى انصرفوا، وقبل أن يستدير عائدًا إليها ليوبخها استوقفه أحد الأشخاص متسائلاً:
-ده منزل مدام آسيا.

استفزه ذلك اللقب الذي منحه هذا الغريب لشخصها، فالكل على ما يبدو يعرفونها إلا هو، التفت معتصم بجسده نحوه ليطالعه بنظرات حادة، اختفت الدهشة الغاضبة من تعابيره المشدودة حينما تأمل ثيابه والتي أشارت إلى كونه عاملاً لتوصيل الأطعمة، ردد العامل سؤاله من جديد وهو يتأمل الورق التي بحوزته والمدون بها العنوان المذكور:
-البواب قالي إن المدام ساكنة هنا و..
قاطعه معتصم متسائلاً بعصبية ملحوظة: -حساب الأكل كام؟

-مكتوب في الإيصال يا فندم
قالها العامل وهو يناوله الطعام بالإضافة إلى قيمة الفاتورة الخاصة به، أخرج معتصم من جيبه بعض النقود ثم أعطاها له، شكره العامل على البقشيش الزائد الذي منحه له ثم استدار عائدًا من حيث أتى، تمتم معتصم مع نفسه بضجرٍ:
-ناقص مين تاني مش عارفك يا آسيا هانم؟!

دفع باب منزلها بيده وهو يلج للداخل، انتابه إحساسًا مقلقًا ملأ صدره بالريبة لسكون المكان، فشخصيتها الهجومية لن تتقبل تدخله في شئونها، لكنها لم تظهر على الساحة في الدقائق الماضية، نفض تلك الفكرة عن عقله، فلن يشغل باله بأمرها لأنها حتمًا ستوصله للجنون، اقترب من المطبخ الحديث المفتوح على صالة المنزل ليضع الطعام على الطاولة الرخامية الواصلة بينهما، حثه فضوله من جديد على البحث عنها، وقبل أن يتحرك خطوة تراجع عن ذلك معنفًا نفسه:.

-إنت مالك بيها؟
تحرك بصره عفويًا نحو الجانب ليلمح ساقيها ممددتين على الأرضية، قفز قلبه في قدميه بهلع، وبدون تفكير اندفع نحوها ليجدها تفترشها بجسدها وفي حالة إعياء شديد، انحنى عليها جاثيًا على ركبته أمامها مناديًا لها:
- آسيا!
هزها بقوة علها تستجيب له، اعتقد في البداية أنها حيلة منها لإجباره على الركوع أمامها كما أخبرته قبل قليل، هب واقفًا ليصيح فيها بشراسة وقد احتقنت أعينه بشرر مستطر:.

-إنتي فعلاً مجنونة!

ألقى عليها وابلاً من الكلمات اللاذعة مهينًا إياها ومتوقعًا أن تنهض بين لحظة وأخرى لترد عليه بعدائية بعد أن انطلت عليه خدعتها، ولكن بدا وكأنه يُحدث نفسه، لم يجد منها استجابة حيوية، تجمد في مكانه ليتأكد أنها لا تمزح معه، ضاعف سكون جسدها ذلك الخوف بداخله، جثا مجددًا على ركبتيه، وتلك المرة حركها برفق، أزاح خصلات شعرها الأسود ليظهر له جانب وجهها المختبئ خلفه، استشعر تلك البرودة الكاسحة على بشرتها، ارتجف قلبه رعبًا، لقد اختبر ذلك الموقف من قبل حينما توفيت والدته نصب عينيه وهو طفل صغير فلم يستطع أن يفعل شيئًا لإنقاذها، كانت ممددة على مثلها على بطنها فوق الأرضية لا تصدر عنها أي حركة، فقد سكون مخيف يلبد الأبدان وبرودة قارصة تختطف الأنفاس جعلته آنذاك عاجزًا حتى عن الصراخ لطلب المساعدة ليكتشف بعدها أنها توفيت جراء غيبوبة سكر انخرطت فيها لتسحبها نحو شفير الموت، عرف لاحقًا أنه كان من الممكن إسعافها لو لم يكن صغيرًا وقتها ليدرك حاجتها لما قد يمنحها الأمل الأخير في النجاة، أفاق من صدمته المرتعدة محاولاً لملمة شتات نفسه للتعامل مع أزمتها المخيفة، فهو الآن أكثر نضجًا، أكبر سنًا، والأقدر على التصرف حيال أمرها، مرر ذراعيه أسفل جسدها ليحملها، اعتدل في وقفته لينظر إلى ذلك الجرح النازف في جانب رأسها، اعتراه التوتر القلق، تساءل مصدومًا:.

-حصلك إيه؟
ولج لها إلى داخل غرفة نومها، ثم أسندها برفق على الفراش واضعًا الغطاء على جسدها، أسرع عائدًا إلى المطبخ يعد لها كوبًا من الماء ممزوجًا به قطع السكر، حطم الكثير وهو يبحث عن غايته، عاد إلى غرفتها جالسًا على طرف الفراش، مرر يده خلف ظهرها ليرفعها إليه، أسند رأسها على صدره وبدأ بإجبارها على ارتشاف القليل منه وهو يقول:
- آسيا، اشربي ده! سمعاني!

لم تعطه مؤشرًا على تجاوبها معه، أسند الكوب على الكومود ثم مددها على الفراش، اعتدل في وقفته وهو يدس يده في جيبه ليخرج هاتفه المحمول منه، عبث بأزراره حتى وصل للرقم المنشود، ضغط عليه مترقبًا رد الطرف الأخر بتلهفٍ قبل أن يقول بجدية انعكست حتى على تعبيراته القلقة:
-دكتور مصطفى، عاوزك تيجي حالاً
صمت للحظات قبل أن يتابع: -لأ مش في البيت، في مكان تاني هابعتلك عنوانه، بس أرجوك متتأخرش، الحالة مستعجلة!

أنهى معه المكالمة ليعاود التحديق في آسيا ذات الطبائع القاسية، حتى في سكونها هي تقسو عليه وتعذبه بلا رحمة، جلس على طرف الفراش إلى جوارها متأملاً إياها، كتم الدماء النازفة منها مستخدمًا المنشفة القطنية، نظر لها مطولاً ومتسائلاً بخفوت بنبرة تحمل اللوم:
-بتعملي فينا كده ليه؟

أراد ألا يشحن تفكيره ضدها حاليًا، ابتعد عنها محاولاً إلهاء عقله مؤقتًا عن عدائيتها، لكنه لم يستطع، جلس من جديد إلى جوارها، أحنى رأسه على فمها مستشعرًا أنفاسها، وضع إصبعيه على جانب عنقها يتفقد نبضها، تنفس الصعداء لكونها مازالت على قيد الحياة، انتظر قرابة النصف ساعة بغرفتها يجوبها جيئة وذهابًا على أعصاب احترقت عشرات المرات حتى أتى رفيقه الطبيب ليفحصها، تركه معتصم بصحبتها وجلس بالخارج ينتظر ما سيخبره به متمنيًا أن يكون قد فعل الصواب، خرج إليه مصطفى يأمره بعد دقائقٍ:.

-محتاجة محاليل تتعلق لها ضروري، لازم ننقلها المستشفى
صمت معتصم لثوانٍ يفكر مليًا فيما سيفعله، ربما يريد مساعدتها لكنه لا يدرك ردة فعلها إن اصطدم كلاهما في العلن خاصة بعد أن تستعيد وعيها، ستحدث فضيحة لا محالة، توترت تعبيراته وهو يرد متسائلاً:
-هي حالتها خطيرة؟
-لأ بس..
قاطعه بلا تفكير: -شوف إنت هتحتاج إيه وأنا هاجيبه، بس بلاش مستشفى.

نظر له مصطفى بغرابة متعجبًا من قراره المريب قبل أن يرد بحذرٍ: -ماشي، أنا هاتصرف!

مضى الوقت ببطء والاثنان يراقبان تسرب المحلول الطبي إلى جسدها عبر الأنبوب الموصول بجلدها، أشار مصطفى بيده ل معتصم كي يتبعه إلى خارج الغرفة، لحق به الأخير دون تعليق، كان يفكر في ردود منطقية مقنعة ليجيب بها على صديقه المقرب إن سأله مستفسرًا عن طبيعة العلاقة بينهما، لم يكن الكذب من الخيارات المتاحة لديه، نظر مصطفى له مطولاً قبل أن يقطع حاجز الصمت متسائلاً:
-ممكن أعرف مين دي؟

تجمدت تعابير وجهه عليه، بدا شاردًا في نظراته وهو يرد بحرجٍ: -أنا بصراحة مش عارف أقولك إيه، بس الموضوع أكبر مني وليه علاقة ب..
قاطعه رافعًا يده أمام وجهه: -مش لازم تحكي لو مش حابب ده، هاكون متفهم، بس أنا عاوز أطمن عليك، خايف تكون واقع في مشكلة ولا حاجة
تنهد الأخير قائلاً بحيرة بائنة في نبرته: -لحد دلوقتي لسه، بس الله أعلم بعدين إيه اللي ممكن يحصل.

ربت مصطفى على كتفه قائلاً بهدوءٍ: -عمومًا هي البنت شوية وهتفوق، هو واضح إنها مكالتش بقالها فترة وده أثر على نشاط جسمها، يعني زي ما بنقول كده حصلها هبوط، يا ريت تهتم بصحتها شوية
ابتسم معتصم قائلاً بسخرية: -هابقى أقولها الكلمتين دول لما تفوق
ثم حدث نفسه متابعًا بتهكم: -علشان تعرف تعافر معايا كويس!
سأله مصطفى باهتمام: -وأخبار طنط نادية إيه وعمو وحيد؟
رد باقتضابٍ: -تمام الحمدلله.

كان يود سؤاله عن ابنة عمه أية لكنه تحرج منه، فربما سيبدو ذلك أمامه باهتمام زائدٍ منه نحو شخصها تحديدًا، وحينها لن يستطيع إنكار أنه بالفعل يشعر نحوها بمشاعر عميقة يكتمها بداخله منذ زمن بعيد، أثر السلامة – مؤقتًا – حتى يحين الوقت الملائم للإقدام على تلك الخطوة الحساسة، لذا تساءل بنفس الابتسامة التي يجيد رسمها على شفتيه:
-وباقي العيلة كويسين؟
-كلهم بخير.

أضاف بتنهيدة أظهرت إحباطه من رده العام: -تمام، خليني أسمع عنكم كل خير، وسلملي عليهم كلهم، هستأذنك ألحق شغلي في العيادة لأني اتأخرت و.
قاطعه معتصم متفهمًا: -ربنا معاك، ومعلش يا درش تعبتك معايا
ابتسم مصطفى قائلاً: -ولا يهمك، احنا أصحاب
رد عليه بودٍ وهو يربت على كتفه: -طبعًا.

اصطحبه إلى الخارج وهو يمدحه بكلمات ممتنة، فرغم اختلاف تخصصيهما إلا أنهما بقيا أوفياء لعهد صداقة الطفولة، زفر معتصم بعمق لعدة مرات وهو يستدير عائدًا إلى غرفة نوم آسيا، كان عليه الاستعداد والتحفز لصدام أخر وشيك سينشب بينهما لتفسير ما حدث لها..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة