قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية المتمردة والقاسي للكاتبة إنجي عبدالرحمن الفصل العشرون والأخير

رواية المتمردة والقاسي للكاتبة إنجي عبدالرحمن الفصل العشرون والأخير

رواية المتمردة والقاسي للكاتبة إنجي عبدالرحمن الفصل العشرون والأخير

تانى يوم في الصباح
كاظم و هو يهم بالوقوف و يضع المسدس في بنطاله من الخلف، كلها ساعات و اقبض على روحك يابن القناوى و ارتاح و اريح ابوى في تربته و ابرد نار جلبك يا جدى.

يجلس سليم و من امامه على في احد الكافيهات المطله على البحر مباشره بعد يوم طويل من العمل
على: انت انسان ظالم، مارحمتش الانسانه الوحيده اللى حبتك...
سليم: صدقنى مهما اوصفلك انا مش هقدر اقولك ملك بالنسبالى ايه، حب عمرى
على: علشان كده فرطت فيها زى ما تكون بتطوح عقب سيجاره، انت عارف انت طلقت ملك بعد اد ايه، ما عداش شهر على فرحكم.

سليم: انا عارف انتى قاسٍ و ظالم و ان ملك هي الوحيده ضحيتى، بس كان لازم ابعد و انا حاسس ان الخطر بيسكن جوه بيتنا
على: انت هٍنت اختى، عملتها بأسوء المعاملات، انت لو اجوزت عاهره، ولا فتاه ليل، يمكن كنت عاملتها احسن من كده، و زعلان اوى انها سابتلك البيت و مشت.

سليم: ما ينفعش ان ملك تفضل تشوفنى الزوج الوفى لاخر لحظه اللى كان بيموت في حبها، ساعتها لما يحصلى حاجه مش هتعرف تعيش حياتها من بعدى، ملك لازم تكرهنى علشان يوم ما اموت حياتها تستمر.

على و بدء يحتد في الكلام: و ده يديك الحق حتى انك ما تخدش رأيها، ده يديك الحق انك تعدم من غير ما تسأل اللى بتعدمه ايه اخر طلب ليك، ملك خساره في واحد زيك يا سليم، و انا غلطان انى فكرت اتكلم معاك و احاول اصلح بينكم، و اوعدك انا يوم ما اشوف ملك بتفكر فيك هكسر نفوخها بأيدى علشان انت ماتستهلش وحده زيها، القى النقود على الطاوله و هم بالرحيل و من خلفه سليم.

تجلس بسياره على لا تعرف ما يحدث بالداخل لكن الوجوه غير مبشره بالخير، نزلت من السياره و تقدمت في خطوات يشوبها الخوف...
كانت اعين تراقب سليم من بدايه اليوم و الان فقط استطاع ان يصوب فوهه مسدسه لتخرج الطلقه بسرعه جنونيه و تخترق منتصف ظهر ملك الشمال.

لترتد خطوه للامام على سليم اللى فنجلت اعينه من هول الصدمه و يصرخ ب ملك، ينظر لدمائها و هي تتناثر على قميصه الابيض الذي تلطخ بها و عيناها الفيروزيتين تفتح حتى اصبحت مستديره و ملامحها يكسوها الالم، و تبدء تسقط بين ذراعيه
التم الماره و من اولهم على الذي اقترب منها و هو يصرخ بأسمها و بكلمه اسعاف...
جثى على ركبتيه و دموعه تنهمر و هي بين يديه تفارق الحياه..

سليم بألم: ملك ارجوكى ما تسبنيش، و الله انا بحبك و عايزك، ملك انتى كل حياتى. بدء يصرخ، انت هتعيشى مستحيل تموتى، انتى مش هتموتى
-وضعت اصبعها الملطخ بدمائها على شفتيه و اسكتته بمحاوله وهنه ضعيفه، انا كان نفسى اكون مراتك زى اى اتنين مجوزين، صدقنى انا عمرى ما حبيت غيرك ولا خدعتك، و زى ما قلتلك قبل كده انا فداك، و هفديك بحياتى، بس ما تنسانيش.

تعالت اصوات الماره و كل من يمر يقف ينظر على تلك الجثه الهامده بين يديه
سليم: هتعيشى، و الله هتعيشى، انتى مش هتموتى، انتى تموتى ليه، حبيبتى ردى عليا
لفظت اخر انفاسها و هي تنظر بعيناه و تقول مبسوطه انى بموت على ايديك، بس مش جاهزه اقابله، ثم رفعت سبابتها ببطئ و تمتمت ب، ( اشهد ان لا اله الا الله و اشهد محمد رسول الله ) ثم سال لعاب من جانب شفتيها و اغلقت عيناها ببطئ و صعدت روحها الى خالقها...

وسط صراخ و بكاء من سليم و على عليها امام جميع الماره...

رأى ان نشانه فيه خلل و ان الرصاصه اخترقت ضلوع شابه جميله، فر هاربا...
امسك بهاتفه بيد مرتعشه..
- الحقنى يا عاصم انا قتلت واحده كانت واقفه مع سليم مش هو
- الله يخربيتك اكتر ما هو مخروب، ما حاولتش تتأطس و تعرف مين دى
- صوته يرتعد رعباً صرخ و قال ملك.

-الاهى لا تكسب دنيا ولا اخره دى بت عمك يا حيوان يا غبى دى مرات سليم، انت عارف جدك لو عرف اللى حصل هيعمل فيك ايه، هيقبض روحك بأيده و مش هيتردد ثانيه واحده
-انا خايف دلنى اعمل ايه
- ولا اعرف مالكش دعوى بيا لان انا هبقى المتهم الاول، انا على اول طياره و مسافر و البس انت بقا يا دكر توابع عملتك.

يشيع الجثمان الى مثواه الاخير كان يحمله كل من على و سليم و امجد...
بكائهم حجب رؤيتهم، يودعونها بدموع قلوبهم، ينزفون مراره فراقها.

على بعد ان رأى التراب يردم فوقها جثى على ركبتيه و هو يصرخ و يتضرع من الله ان يلهمه الصبر و السلوان على قضائه فقد شقيقه و اخته بالرضاعه في اقل من شهر، لا ينسى تشيع جثمان اخيه لتلحقه حبيبته و اخته الصغيره، يصرخ من قلبه عليها انساب بكائه و مخاط انفه و هو يرثيها، فقد ماتت من كانت له بمثابه كل شئ جميل، تركته و رحلت لعالم الاموات الى العالم الذي لا يسكنه سوى الهدوء.

اقترب امجد من على، حاول ان يساعده على الوقوف و سحبه خارج المقبره، كانت ارجل على و كأنها تسمرت في الارض لا تتحرك...
- مش قادر اسيبها و امشى، مش عارف ايه اللى هيحصل لها، يارب كنت خدنى انا و سيبها ليه يارب اشوف فيها يوم زى ده، يارب دى كانت بنتى انا، دى كانت حته منى، ماحبتش حد زيها يااااااارب.

اقتربت عهد من ذلك الشاب الذي كان نحيبه اسوء من نحيب السيدات في قرون الوسطى عندما كانوا يعجنون الطين بالماء و يضعوه على رؤوسهم حزناً على فقيدهم
- تعالى معايا في العربيه ارتاح، امجد هات سليم و تعالى انت ورانا، شد حيلك دى اراده ربنا هي في مكان احسن من هنا هي في دار الحق و احنا في دار الباطل.

-ملك مش بتحب تعيش لوحدها، سبينى انا عايز اروحلها مش هقدر اسيبها هنا من غير حد معها هتخاف، طول عمرها بتكره الوحده، وعدتها انى مش هسيبها
-اهدى لا اله الا الله، حرام عليك انت بتكفر بربنا كده، قول ورايا ان لله و ان اليه راجعون، حرام عليك ما تعذبهاش في نومتها، هي عايزه اللى يدعيلها بالرحمه و يقرالها قران، حرام اهدى...

كانت ساره تنظر للمنظر و هي في حاله من الرعب لاول مره ترى مثل هذا الموقف امام عيناها، الحزن يخيم على الجميع، ملك ماتت، كانت تحاول ان تفهم معنى الكلمه، دى لسه صغيره، تموت علشان تفدى سليم، حرام ليه تموت مقتوله ليه يشرحوا جثتها، ليه هي عملت ايه علشان يحصلها كل ده
ظل سليم جالس امام مقبرتها و هو ينظر الى اللوح الذي كتب عليه
آل عمران185بسم الله الرحمن الرحيم.

صدق الله العظيم {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }.

لا يصدق ان ما يربطه بها الان هو تلك المقبره التي ينظر لها و تنهال دموعه و هو يتأمل اسمها و تاريخ الميلاد و تاريخ الوفاه...

-سامحينى ماكنتش الزوج اللى تمنتيه، عارف انك حبتينى اكتر من نفسك، انتٍ اصدق منى انتٍ احسن منى و من رجاله كتير موتى علشان انا اعيش، بس انا من بعدك مش عايز الحياه دى، ياريت كنت غيرت فكرتك عنى، انتٍ احسن حاجه حصلتلى في حياتى، انت الحلم اللى بقا حقيقه و في لحظه اصبح سراب، انا هعمل اى حاجه علشان ترتاحى في نومتك دمك مش هيضيع هدر و لو اخر يوم في عمرى هجيب حقك، حتى و لو هقتل عيلتك كلها علشان ترتاحى...

ربت امجد على كتف صديقه الذي يبدو السكون على مظهره الخارجى يجلس يتأمل المقبره و تنهمر الدموع، و كل ما قاله يجول بخاطره، لم يسمعه احد...
- يالا يا سليم علشان نمشى البنات اعصابها تعبت من الموقف، و كمان ما صدقنا ان على هدى شويه قبل ما يثور تانى، يالا قوم معايا...
قام و هو متكأ على يد صديقه و عيناه لم تفارق قبرها...

يجلس فوق كرسيه المتحرك يقرأ كتاب الله، و يهديه الى روح ابنه عمر و ابنه اخيه ملك...
ليدخل على في حالته الرثه، فلحيته اصبحت كثيفه و هيئته اصبحت مزريه...
جلس على الارض امام قدم والده جلسه قرفصاء ووضع رأسه على قدم والده و بدء يقرأ عليه القران كى يهدأ من كثره كوابيسه التي لم تفارقه، مشهد مقتلها امام عيناه و دمائها تتناثرفى الهواء.

الاب: على احنا لازم نسافر الصعيد لجدك، لازم يعرف بكل حاجه هو اللى هيعرفنا مين الى قتل ملك الله يرحمها، و كمان لازم يعرف ان عنده بنت ابن، مش كفايه اتحرم منها طول عمره
على: حاضر يا بابا..
-لازم سليم يجى معانا ما تنساش انه كان هو المقصود و كمان كان جوزها
على: انا مش طايق البنى ادم ده عمرى ما هنسى انه السبب في موتها
الاب: اسمع الكلام يا على، و من غير نقاش.

انصاع لطلب ابيه، و بالفعل ابلغ سليم بموعد السفر و رحب بشده
عهد: امجد انا عايزه اخرج شويه ممكن
امجد بنظره شك: هتروحى تقابلى على
عهد: انت عارف انى مش بحب اخبى عليك حاجه، و فعلا انا هروح ازوره و اطمن عليه، و بعد اذنك ما ترفضش
امجد: ماشى بس خلى بالك من نفسك، على انسان محترم و انا متأكدمن كده، بس انتى عندى اهم من اى حد انتى اختى
ذهبت الى منزل على، دقت الجرس دون سابق موعد
فتحت الخادمه العجوز: ايوه يا بنتى.

عهد: ممكن اقابل على لو سمحتى
العجوز: اتفضلى يا بنتى، ثوانى، هندهلك على على
تقدم على من الصالون بملابسه المنزليه و حالته المزريه: اهلا يا عهد اتفضلى
عهد: ازيك يا على ايه اخبارك، كلمتك كتير مش بترد على تليفوناتى
على: اعذرينى مش قادر احتك بحد والله
عهد: على الحياه عمرها ما بتقف على ميت، الحى ابقى من الميت، و انا معاك و هفضل ايدى في ايدك لحد ما تقف على رجلك و تعدى من المحنه دى.

نظر لعيناها الجميلتان و الحزن يخيم عليه: انتى بتعملى معايا كده ليه
عهد و هي تنظر الى الارض بأحراج: علشان مش بحب اشوف حد بحبه زعلان
ابتسم بجانب شفاتيه لها: بتحبينى يعنى
رفعت عيناها و نظرت له بجرأه: بصراحه اكتر انا جايه اطلب ايدك تتجوزنى
نظر لها بأبتسامه اوسع: لا ده انا كده ممكن اتغر
عهد: يا سيدى هصبر عليك لحد ما تفوق من الحاله دى بس مش هستنى عليك كتير.

على بأمتنان: بجد انتى شخص جميل يا عهد و انا سعيد انى اتعرفت عليكى، ياريت كانت الظروف احسن من كده.

في المطار استعد الجميع للذهاب الى الصعيد، كان الحج متولى لا يصدق انه سيرى ابنه بعد كل هذه الغيبه التي طالت
لا يعلم اى شئ كان المنزل يجهز على قدم و ساق
سقطت دموعه و هو على كرسيه المتحرك عندما رأى ابنه يدخل عليه مقعداً مثله، كان يراه الطفل الذي يلعب و يلهو في هذا المكان، و الان يراه و هو حبيس كرسى بعجل
الجد: تعالى يا والدى في حضن جدك.

كان لا يعرف من هذا الشاب يتوقع انه ابن ابنه لكن كلماته كانت موجهه الى سليم
العم: خوش يا ولدى سلم على جد مرتك الله يرحمها، و انت يا على بوس يد جدك
الجد: نورتوا الدار يا ولاد، اطلعوا ارتاحو
الابن: بص يا ولدى، انا لازم افهمك كل حاجه قبل اى حاجه
الاب: جول يا ولدى، اصطبر، كاظم تعالى سلم على عمك و ولديه.

تقدم كاظم وهو يجلس بجانب جده، و هو يربط على اكتافه: ده بطل عيله التهامى، ده الوحيد اللى طاوعنى علشان يجيب تار ابوه الله يرحمه
على بتساؤل: ليه عمل ايه
الجد: ده اللى سافر علشان يجيب روح ابن الجناوى لكن هرب منه ابن الفرطوس، بسبع ارواح زى الجطط، لم يشعر كل من سليم و على الا و هما يهجمان على كاظم يكيلان له الضربات المتتاليه، ولا احد يستطيع ان يخرجه من بين ايديهم...
صوت طلقه ناريه اسكت الجميع...

على و هو يلهث انت مش عارف الحيوان ده عمل ايه ده قتل ملك
الجد بعصبيه يشوبها تعجب: مين ملك دى
الاب محمد: هفهمك يا بوى، سليم ده ولد عيله الجناوى، جاى و جايب كفنه معاه علشان تاخد بتارك منيه، بس قبل اجديه لازمن تعرف، ان سليم كان جوز ملك بنت محسن اخوى الله يرحمه
الجد: محسن ولدى مات، و مسعد ولدى مات، سيبتونى يا ولادى...
على التقط اطراف الحديث من والده: جدى، انت عرفت ان الحيوان ده هو اللى قتل ملك بنت عمى.

نظر لكاظم بشرر يتطاير من عينه: كيف يا ولدى فهمنى..
بدء سليم يقص كل شئ عليهم، من هروب والده لتركه هو و شقيقته، و حتى زواجه من ملك دون ان يتعرف انها ابنه عائله التهامى، و حتى خطاب عاصم، و لم يستطيع ان يقص مشهد مقتلها كان قد انهار بكائاً، اكمل على الحديث و هو الاخر تسقط دموعه، حتى خيم الحزن على جميع الجاليسن...
بثق العجوز على وجه كاظم و قام بسب اخيه الاخر عاصم..

الجد: منكم لله زى ما اتحرمت من ابوها اتحرمت من خلفته و ما شفتهاش بعينى...
قام سليم وقدم كفنه امام الجد، فتح الكبير ذراعيه، و احتضن سليم، تعالى يا بنى ده انت من ريحه الغوالى، خدنا ايه من التار الا الدم و فراق الاحباب، من اليوم انت زى على ولد ولدى...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة