قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الماضي المجهول للكاتبة شاهندة الفصل الرابع عشر

رواية الماضي المجهول للكاتبة شاهندة الفصل الرابع عشر

رواية الماضي المجهول للكاتبة شاهندة الفصل الرابع عشر

كانت سلمى تقف في شرفة حجرتها تفكر في حياتها، مضى أسبوع على زواجها من آدم، وآدم يتجنبها كما لو كانت مصابة بمرض معدى، يصحو باكرا ليذهب الى عمله ويعود بعد نومها، تأكد احساسها بأن آدم تزوجها من اجل ابنتهما نورسين، نعم، ابنتهما، فهى تعد نورسين ابنة لها، انفطر قلبها حزنا، فلقد عاشت عمرها كله تتجنب الحب، تخشى عذابه، فقد رأت حولها العديد من قصص الحب التى فشلت وذاق اصحابها عذاب الفراق ومرار الاشتياق، فأقسمت أن لا تحب، وأن لا تسلم قلبها أبدا، ولكنها أحبت وسلمت قلبها دون وعى منها، نست قسمها مع نسيانها لماضيها، احبته وآن الأوان ان تذوق هى الأخرى لوعة الحب وعذاب الاشتياق وقريبا مرارة الفراق، وضعت يدها على قلبها المتألم من أنين الاشتياق. فهى تشتاق اليه حد الجنون، تشتاق لهمساته، للمساته، للنوم في احضانه، لقد حرمها حتى لذة النظر الى وجهه، أيكرهها الى هذا الحد، ألتلك الدرجة يعشق أختها سارة رغم كل مافعلته به؟

لأول مرة تحسد اختها المتوفاة على شئ، ولأول مرة تتمنى لو أنها هى التى ماتت في تلك الحادثة، فالموت أهون مما تعانيه، أفاقت من أفكارها على صوت ضحكات، نظرت الى الحديقة فرأت كريمة وآنس يتراشقان بالمياة وتعلوا اصوات ضحكاتهم في سعادة، ابتسمت وهى تفكر كم يليقان ببعضهما، لقد كانت تظن ان كريمة تحب زوجها آدم ولذلك تخصها بتلك المعاملة السيئة ولكنها اكتشفت ان تلك المعاملة كانت لسارة، فما ان علمت كريمة انها سلمى حتى تبدلت مشاعرها تماما من الكره الى الحب، حتى انهم اصبحوا اصدقاء مقربين من بعضهما لا يتفرقان سوى عند حضور آنس، في حين ظلت السيدة عايدة على برودها مع سلمى، انتفضت سلمى على صوت آدم وهو يقول:.

حلوين اوى، صح؟
التفتت سلمى اليه لتراه خلفها تماما فقالت في ارتباك:
آه، أكيد.

نظر اليها نظرة طويلة ليتوه في جمال عينيها الذى حرم منهم طوال الاسبوع الماضى، زاد ارتباكها من نظراته التى تأملت وجهها، تكاد تقسم ان بعينيه شوقا يماثل شوقها اليه، ولكنها أكدت لنفسها انها خيالاتها، التى تصور لها ماتتمناه فقط، التفتت لتنظر الى الحديقة مرة اخرى حيث كريمة وآنس يجلسان على الكراسى يتحدثان في حب وهما ممسكان بأيدى بعضهما البعض، اقترب آدم من سور الشرفة ليقف بجانبها ينظر اليهم بدوره، سمعها تهمس قائلة:.

خايفة عليهم اوى
عقد حاجبيه قائلا وهو ينظر اليها:
من إيه؟
التفتت اليه قائلة:
الحب فرح واشتياق وآخره عذاب وفراق
نظر الى عينيها قائلا في قلق:
وانتى جربتى عذابه ياسلمى؟
ابتعدت بعينيها عنه في ارتباك مما جعل قلبه ينقبض وهو يتساءل، هل كانت سلمى تحب احدا قبل الحادث، هل تزوجته من اجل نورسين فقط؟

تلك الأسئلة أرقته وجعلته يبتعد عنها طوال الاسبوع الماضى، لقد خشى ان يكون أجبرها على الزواج منه مستغلا تعلقها بنورسين، كان يذهب الى عمله باكرا ويعود بعد ان تنام، يتأملها في منامها بعشق قلب كيانه، يتمنى فقط لو يعلم دواخل قلبها، كرر سؤاله بإلحاح وقلبه يهفو للاطمئنان قائلا:
جربتى عذاب الحب ياسلمى؟
رفعت سلمى عينيها اليه قائلة في مرارة:
مين فينا محبش وداق عذاب الحب ياآدم؟

شعر آدم بقبضة باردة تعتصر قلبه ولكنه تمالك نفسه قائلا:
يبقى مين؟
اخفضت نظراتها قائلة:
هو أول حب في حياتى، وآخر حب، هو اللى دقت على ايديه حلاوة الحب ومرار الاشتياق
انتفضت على صوته الغاضب وهو يقول:
كفاية!
رفعت اليه عينيها في صدمة لترى مشاعر هائجة في عينيه أطاحت بعقلها فقالت في دهشة:
مالك ياآدم؟
سحبها من زراعها بعنف ليدخلها الى حجرتهم قائلا في غضب:.

بتسألى مالى؟انتى مش شايفة نفسك واقفة تتكلمى ازاى عن واحد تانى قصادى ولا همك، انا جوزك ياهانم، فاهمة يعنى ايه جوزك؟
أحست سلمى بالألم ليس في زراعها فحسب بل في قلبها فقالت في غضب مرير يوازى غضبه:
وانت لسة فاكر انى مراتك دلوقتى؟كنت فين من يوم مااتجوزنا، بعدت عنى ليه؟قوللى ليه؟
نظر آدم الى ثورتها في حيرة وتسائل في صمت هل تعذبت في بعده مثلما تعذب هو؟افاق على صوتها الغاضب يقول:.

ماترد علية يا، ياجوزى، ليه حسستنى انك متجوزنى شفقة، ليه حسستنى انى ولا حاجة في حياتك وانك مش طايق تبص في وشى؟ليه ياآدم سبتنى أتعذب وأنا حاسة انك مش ممكن في يوم تحبنى زى ما بحب...
شهقت وهى تضع يدها على شفتيها في صدمة فقد كادث في ثورتها ان تفصح عن مكنون قلبها، ولكن آدم أدرك ما كادت تقوله فاقترب منها اكثر ورفع كفه ليضعه على خدها في حنان وباليد الأخرى أزال يدها من على شفتيها قائلا:.

بالله عليكى كملى، ريحى قلبى، زى ايه ياسلمى؟زى مابتحبينى صح؟
ترقرقت الدموع في عينيها وهى تقول في مرارة:
أيوة، بحبك ياآدم، انت اول وآخر حب في حياتى
لم يستطع آدم تمالك نفسه فأخفض رأسه ليضع شفتيه على شفتيها مقبلا اياها قبلة أودع فيها كل اشتياقه وعذابه طيلة ذلك الأسبوع، وبادلته اياها سلمى في شوق مماثل ولم يترك شفتيها سوى ليتنفسا ووضع جبهته على جبهتها وهو يغمض عينيه قائلا في همس:.

وانا كمان بحبك، بحبك قوى ياسلمى
فتحت عينيها المغلقتين وابتعدت عنه تنظر اليه في دهشة ففتح هو عينيه ليظهر فيهما العشق خالصا وهو يستطرد قائلا:.

انا عمرى ماحسيت بالحب الحقيقى غير لما شفتك ياسلمى، شفت قدامى واحدة ملكت قلبى برقتها وحنيتها وشخصيتها وجمالها، حسيت معاكى بمشاعر عمرى ما حسيتها، لما اكتشفت انك سلمى حبى ليكى زاد اكتر، كان كل همى انك متبعديش عنى، فاضطريت اضغط عليكى عشان تتجوزينى، ولما اتجوزنا خفت اكون ظلمتك بحرمانك من حد بتحبيه قبل ما تعرفينى، وبغبائى بعدت عنك، عذبت نفسى وعذبتك، لكن دلوقتى خلاص، لازم ننسى كل اللى فات ونعيش حلاوة الحب وننسى عذابه.

رفعت سلمى يدها ووضعتها على خده في جرأة لم تعهدها في نفسها من قبل ولكنها عاشقة حتى النخاع وهى تقول في حنان:
بحبك قوى، قوى ياآدم
مال بشفتيه ليقبل يدها المستكينة على خده قائلا في حب:
وانا بموت فيكى ياروح آدم
تبادلا نظرات العشق لثوان ثم مالبث ان فاجئها آدم بحملها فقالت في دهشة:
بتعمل ايه ياآدم؟
غمز لها قائلا:.

يعنى هكون بعمل ايه يا سمسمة؟مراتى ووحشانى بقالها أسبوع وعايز اتكلم معاها شوية، ده انا هتكلم كلام، انما ايييه
ضحكت سلمى فقال آدم:
ده احنا ليلتنا فل ان شاء الله
ووضعها في السرير برفق ليغرقا سويا في نهر الشوق ويرتشفا منه حلاوة العشق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة