قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والخمسون والأخير

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والخمسون والأخير

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والخمسون والأخير

في فيلا الصياد
أمسكت فريدة بهاتفها المحمول، وضغطت في عصبية مفرطة على رقم جمعة، ثم اتصلت بها هاتفيا...
وخلال تلك المكالمة، اتفقت فريدة مع جمعة على أن يتخلص من يارا ويحرق مركزها الرياضي وهي بداخله الليلة، في حين زايد جمعة في المبلغ الذي أراده من أجل أن ينفذ لها مطلبها، وافقت فريدة على مضض، فهي ليس أمامها أي خيار أخر سوى الانصياع رغما عنها لطلباته..

كما طلب جمعة منها أن ترسل له نصف المبلغ الذي تم الاتفاق عليه قبل أن ينفذ العملية، و اتفق كلاهما على الالتقاء بعد نصف ساعة في الكافيه المعتاد من أجل اعطائه النقود...

دلفت فريدة خارج الغرفة بعد أن أخذت حقيبتها، ووضعت بها مبلغا ضخما من المال، ورغم أنها كانت تبغض مقابلة هذا المجرم مرة أخرى في العلن إلا أنه ليس أمامها بديل أخر...

لمحت فريدة صفاء وهي تقف بمقعدها المدولب بالقرب من الدرج، فدار ببالها فكرة شيطانية، حيث قررت أن تدفعها من على الدرج لتسقط عليه وتتحطم عظامها، وربما ينكسر عنقها، وتخلص منها نهائيا، ولن يتمكن وقتها أحد من إلقاء اللوم عليها لأنها لن تكون بالفيلا، بالإضافة إلى أن صفاء قعيدة وسيظن الناس أنها سقطت رغما عنها، ولم تستطع التحكم في حركة مقعدها المدولب..

لمعت عيني فريدة بتلك الفكرة، وسارت بخطوات واثقة نحوها، وكانت بالفعل على وشك دفعها على الدرج، ولكنها لم تكمل مهمتها بسبب صوت كنزي العالي حيث دلفت فجأة من الرواق و...
-كنزي بنبرة عالية: مامي أنا لاقيت الشاحن خلاص.

رأت كنزي فريدة تقف خلف والدتها، فرمقتها بنظرات مميتة و...
-كنزي بصوت متجهم: انتي بتعملي ايه ورا مامي؟

انتبهت صفاء لفريدة التي كانت واقفة خلفها، وابتعدت بمقعدها قليلا للخلف، فأفسحت المجال لفريدة، في حين سارت كنزي بخطوات سريعة نحو والدتها و...
-صفاء بنظرات حائرة: فريدة هانم! انتي كنتي عاوزة حاجة؟

اضطربت فريدة أمام كلا من صفاء وكنزي، وحاولت أن تبدو طبيعية أمامهما، ولكن حاصرتها كنزي بأسئلتها و...
-كنزي بنبرة غاضبة: انتي عاوزة ايه من مامي؟ اوعي تكوني ناوية تموتيها
-فريدة بحدة: اخررررسي، هو انتي مفكراني مجرمة
-كنزي بنظرات غاضبة، ونبرة حادة: ده انتي الإجرام نفسه
-صفاء بنظرات معاتبة: بس يا كنزي، عيب كده
-كنزي بنبرة ممتعضة: لأ مش عيب يا مامي، انتي متعرفيش البني آدمة دي ممكن تعمل ايه!

-فريدة بصوت هادر: اخرسوا انتو الاتنين، انتو هنا في بيتي، وقريب أوي هطردكم برا خالص...!

انفعلت فريدة كثيرا، ونزلت على الدرج بخطوات عصبية، ثم سارت في اتجاه باب الفيلا وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة...

أمسكت فريدة بمقبض الباب وأدارته، ثم فتحت الباب لتتفاجيء بجاسر واقفا أمامها وعلى وجهه علامات العبوس الممزوجة بالغضب الجم
-فريدة بنظرات مصدومة: جاسر
-جاسر بنبرة غاضبة: ايوه أنا يا، يا خالتي، على فين العزم كده ان شاء الله
-فريدة بنظرات متعجبة: في ايه يا جاسر، انت عاوز ايه مني انت كمان.

-جاسر بنظرات قاتلة وهو يجز على أسنانه في غضب صريح: عاوز أعرف ضحكتي على أمي ليه؟ ليه خليتها تتعرف على زيدان؟ ليه ضيعتي شاهي أختي ورميتيها مع قريب عدلي رغم انك كنتي عارفة حقيقته.

-فريدة بنظرات قاتمة، وبنبرة ميتة: عشان أنتقم منها، ومن اللي عملته فيا، عشان اعرفها يعني ايه ازاي قلبها يتحرق على حاجة غالية عندها، هي مفكرة انها كانت هتاخد كل حاجة من غير ما تتحاسب على حاجة واحدة من اللي عملتها، لأ، أنا مكونتش هاسيبها تتهنى لحظة واحدة بعد ما عرفت وساختها
-جاسر بنظرات ساخطة: ايييييه، دي اختك، يعني من لحمك ودمك، مخوفتيش عليها، قلبك مرقش للحظة.

-فريدة بنظرات قاتلة: لأ، ده أنا كنت كل ما أشوفها بتتذل قدامي بحس بالفرحة، وأتمنى تدوق اكتر واكتر من العذاب.

في نفس التوقيت كان خالد هو الأخر قد وصل بسيارته إلى الفيلا، ومعه كارما، سار الاثنين سويا ناحية مدخل الفيلا، وتفاجيء كلاهما بصوت الصراخ الحاد الصادر من الداخل، فأسرعا في خطواتهما نحو مدخل الفيلا..

استمع خالد إلى شجار جاسر الحاد مع والدته، وعرف بمدى السواد الموجود بداخل قلبها، فأشار لكارما لكي تدلف إلى الداخل، في حين تدخل هو الأخر في الحوار، وحاصرها بأسئلته عن...
-خالد بنبرة ضائقة: طب ذنب يارا ايه انك تحاولي تجهضيها؟

صدم جاسر حينما سمع بأذنيه عن محاولة فريدة لإجهاض شقيقته يارا، في حين صمتت فريدة ونظرت إلى جاسر بنظرات مشدوهة، ولم تقب، فأكمل خالد ب..
-خالد متابعا بنبرة قاسية: وملف صفقة توريدس اللي روحتي ادتيه لزيدان، وآآآ...
-فريدة بصراخ حاد: بسسس، كفاية، انتو ايه مش بتتعبوا، اوووف، أنا اتخنقت منكم، أوعى خليني أبعد شوية عن خلقتكم دي...!

دفعت فريدة كلا من جاسر وخالد بيديها بقوة من كتفيهما، وسارت مبتعدة عن كلاهما، واتجهت إلى بوابة الفيلا وعلى وجهها علامات الغضب الشديدة.

نظر خالد إلى جاسر في غير تصديق لكل تلك الحقائق التي إنهالت على رأسهما كدلو ماء مثلج...

أشار خالد لجاسر بيده لكي يدلفا إلى داخل الفيلا، ثم اصطحبه وسار به نحو غرفة الصالون...

جلس جاسر على الأريكة وهو يزفر في غضب شديد بسبب جرائر خالته وقسوتها، وعدم شعورها بالندم رغم ما فعلت في حق اختها..

تردد خالد في إبلاغ جاسر بشأن حمل شاهي، ولكن لا يمكن أن يخفي مثل هذا الأمر الهام عنه
-خالد بنبرة مرتبكة: جاسر، أنا، آآ، انا كنت عاوز أقولك حاجة
-جاسر بوجه عابس: خير يا خالد، في ايه تاني
-خالد وهو يتنحنح بتوتر: آآآ، شاهي اختك حامل..!

فغر جاسر فمه في صدمة، ونظر إلى خالد بعدم تصديق و...
-جاسر بنبرة مصدومة: انت بتقول ايه؟

أخبر خالد جاسر بإيجاز عن لقائه بزيدان في أحد المؤتمرات، وأنه أبلغه بنفسه عن حمل شاهي..
وضع جاسر يده على رأسه، وظل يفرك فيها بعصبية مفرطة غير مصدقا لهذا..

نهض خالد من مكانه، واتجه نحو جاسر، ثم جلس إلى جواره، وربت على فخذه و...
-خالد بنبرة ممتعضة: انا عارف انك مكونتش عاوز شاهي تكون حامل من زيدان ده، بس آآ، دي ارادة ربنا
-جاسر بحنق: طب أنا هخلصها منه الوقتي ازاي
-خالد بنبرة جادة: واضح كده انك مش هاتقدر تبعدها عنه لأنه مش ناوي يسيبها، لأنه مصمم انها بنت عمه.

هنا تنبه جاسر لما قاله خالد، ونظر إليه بجدية، ولم يرمش بعينيه، فعاود خالد تكرار ما قال ولكن بجدية اكثر ب...
-خالد بنظرات صارمة: يقصد ايه يا جاسر بإن شاهي بنت عمه، دي مش أول مرة يقولها، أنا فاكر كويس انها قالها قبل كده، وفي كل مرة بيتك على الكلمة دي.

أخذ جاسر نفسا مطولا، وزفره في تمهل شديد، ثم نظر إلى خالد بنظرات مترقبة، فهو يعلم أنه لا مفر الآن من إخبار خالد بحقيقة نسب شاهي التي أخفاها عن الجميع..

سرد جاسر بالتفصيل كل ما يخص شاهي ونسبها الحقيقي إلى والدها عدلي، وكيف أن والدته ناهد قد أخفت تلك المسألة عن عمد عن الجميع..
صدم خالد في خالته الراحلة ناهد كثيرا، ولم يتخيل أنها يمكن أن تفعل مثل هذا الأمر.

وصل رأفت هو الأخر إلى الفيلا، وعلم بكل ما صار أثناء غيابه، فألقى باللوم على فريدة في تصرفاتها، ووعد الجميع بمحاسبتها عما اقترفت من جرائم فور عودتها للفيلا، ثم صعد رأفت معزوجته صفاء إلى غرفتهما، وأبلغها بمكالمة الطبيب وحيد الهاتفية، وما تضمنتها من أخبار جيدة حول إمكانية سيرها من جديد
لم تصدق صفاء أذنيها حينما سمعت هذا، ورفعت بصرها للسماء، وشكرت الله كثيرا على نعمته وعطائه الوفير...

في فيلا زيدان
عاد زيدان من الخارج بسيارته الفارهة، ثم صفها السائق أمام مدخل الفيلا، فترجل زيدان منها، ودلف إلى الداخل.

جاب بزيدان ببصره الفيلا، فلم يجد أي أثر لزوجته في الأسفل، فرفع بصره عاليا، ثم اتجه نحو الدرج، وأمسك بالدرابزون وصعد عليه..
وصل زيدان إلى الرواق فسمع صوت شاهي يأتي من الغرفة المجاورة لغرفة نومهما، فتوجه نحوها...
وقف زيدان أمام باب الغرفة غير مصدقا ما تراه عيناه، حيث تفاجيء زيدان بغرفة الأطفال التي تفننت شاهي في إعدادها مع رحاب زوجة عمه من أجل المولود القادم...

ركضت شاهي حينما رأت زيدان واقفا على باب الغرفة ناحيته، ثم أمسكت به من كف يده، وجذبته إلى داخل الغرفة، وظلت تحكي لها بنبرة حماسية شديدة عن لهفتها في شراء كل ما يخص الطفل..
ابتسم زيدان في سعادة بالغة لأنه وجد زوجته فرحة، راضية ومتحمسة لكل شيء..
كما أشار زيدان بعينيه لزوجة عمه، ونظر إليها بإمتنان شديد، فابتسمت هي لها ابتسامة رضا، ودلفت إلى خارج الغرفة...

أمسك زيدان بيد زوجته، وأجلسها على طرف فراش الأطفال إلى جواره وطلب منها أن تتحدث مع أخيها جاسر.

استغربت شاهي من طلب زيدان، ونظرت إليه في توجس
وضع زيدان كف يده على يدها، ثم خلل أصابعه في أصابعها و..
-زيدان بنبرة جادة: أنا عارف انه طلب غريب، بس ده عشان مصلحة يارا
-شاهي بنظرات مصدومة: ايه؟ يارا!
-زيدان وهو يوميء برأسه: أيوه..
-شاهي بنبرة متوجسة: ليه؟ في ايه يا زيدان؟

أبلغ زيدان شاهي بما تنتوي فريدة فعله مع يارا، فانتفضت شاهي فزعا من على الفراش، ووضعت يدها على فمها في خوف شديد، فحاول زيدان طمأنتها..

أخرج زيدان هاتفه المحمول من جيب سترته، واتصل زيدان برقم جاسر، ثم أعطى الهاتف إلى زوجته لكي تجيب هي عليه..

في فيلا رأفت الصياد
رن هاتف جاسر لأكثر من مرة بذلك الرقم الخاص، كان جاسر يتعمد تجاهله في البداية، ولكن طلب خالد منه أن...
-خالد بنبرة جادة: طب ما ترد عليه، يمكن تكون حاجة مهمة
-جاسر بضيق: ما أنا مش عارف ده مين أصلا، كل ما أبص في الرقم ملاقيش غير Private Number
-خالد وهو يشير بيده: خلاص رد عليه
-جاسر على مضض: طيب..

تلك المرة أجاب جاسر على ذلك الاتصال، و..
-شاهي هاتفيا بنبرة حماسية: ألووو، جاسر
-جاسر هاتفيا بعدم تصديق: شاهي..!

نهض جاسر عن الآريكة، ووضع يده مجددا على رأسه في عدم تصديق و..
-جاسر بلهفة: انتي، انتي كويسة؟
-شاهي بنبرة فرحة: أنا الحمدلله كويسة، وبخير، بس أنا عاوزاك تيجيلي فيلا زيدان ضروري
-جاسر بنظرات متوجسة: ليه؟ في حاجة حصلتلك؟ الجبان ده عملك حاجة
-شاهي بنبرة هادئة: لأ اطمن، هو كويس اوي معايا، بس الموضوع ده يخص يارا!
-جاسر بنظرات مترقبة: ايه؟ يارا!

في الكافيه
تقابلت فريدة مع جمعة في الكافيه، حيث كان ينتظرها على أحد الطاولات البعيدة..
نهض جمعة من مقعدها حينما رأى فريدة تقترب منه، ومد يده لكي يصافحها، ولكنها لم تفعل، فشعر هو بالحرج و...
-جمعة نبرة متهكمة: وماله يا مدام، ده حتى وضوئي يتنقض..!

جلست فريدة على الطاولة، ثم أمسكت بحقيبتها، وأخرجت منها حقيبة صغيرة تحتوي على الأموال المطلوبة...
مدت فريدة يدها في اتجاه جمعة الذي أخذ حقيبة النقود الصغيرة ثم فتحها، وظل ينظر إلى ما بداخلها بنظرات شرهة..
-جمعة بنبرة مخيفة: من يد ما نعدمها يا مدام..
-فريدة بنبرة ممتعضة وهي ترفع أحد حاجبيها: المهم عاوزاك تخلص الموضوع ده الليلة
-جمعة على مضض: طب وباقي المصلحة هاخده امتى.

-فريدة بضيق: اما تخلص هاديك اللي انت عاوزه
-جمعة وهو يتحسس صدره: وماله، طالما هتكيش بالمعلوم!

في نفس الوقت كان شاهين يراقب فريدة عن كثب دون أن تعلم هي أو جمعة بوجوده، وسجل بهاتفه المحمول تسجيلا مرئيا للقائهما...

في فيلا زيدان
اتصل شاهين هاتفيا بزيدان، وأبلغه بمقابلة فريدة مع ذلك المجرم المدعو جمعة في الكافيه من جديد، وأرسل له عبر الهاتف ذلك التسجيل المرئي الذي تضمن اتفاقها معه على التخلص من يارا واحراقها حية في مركزها الرياضي...

تملك الغضب الجم من زيدان، وكور قبضتيه في انزعاج واضح، فقد شعر أن خطر فريدة قد استفحل بدرجة كبيرة، ولم يعد بإمكانه أن يسكت أكثر من هذا على جرائمها في حق الغير..

في نفس التوقيت وصل جاسر إلى الفيلا، وسمحت حراسة زيدان الخاصة له بالدخول...
دلف جاسر إلى داخل الفيلا، وجاب ببصره المكان بحثا عن شقيقته شاهي نزلت شاهي على الدرج بخطوات سريعة حينما رأت شقيقها متواجدا في الأسفل، ثم ارتمت بجسدها في أحضانه، فأحاطها هو بذراعيه، وظل ممسكا بها لفترة..
ذرفت شاهي دموع الفرحة لأنها قد التقت أخيرا بشقيقها بعد غياب طويل، واعتذرت له عن سوء الظن به، وتأسف هو لها عن تخليه عنها.

ترك زيدان جاسر قليلا مع شقيقته، ولم يرد التدخل بينهما حتى يحظيا ببعض الخصوصية سويا..

بعد قليل انضم زيدان إليهما، ثم مد يده ليصافح جاسر الذي رمقه بنظرات ممتعضة...

لم يعبىء زيدان بتجاهل جاسر المتعمد له، بل على العكس تماما ابتسم له ابتسامة هادئة، ورحب به في فيلته، ثم دعاه للجلوس في غرفة الصالون..

ظل جاسر يرمق زيدان بنظرات غاضبة، في حين بادله زيدان بنظرات ثابتة و..
-زيدان بنبرة جادة: أنا عارف ان ده مش وقت عتاب ولا فتح كلام في اللي فات، لأن مافيش وقت لده كله، في حياة انسنة مهددة بالخطر..!
-جاسر بنظرات مترقبة، ونبرة حادة: تقصد يارا أختي
-زيدان بنفس الثبات الانفعالي: أيوه، هي..!

أمسك زيدان بهاتفه المحمول، ثم فتح له ذلك التسجيل المرئي الذي يتضمن اتفاق فريدة مع أحد الأشخاص على التخلص من يارا، وأراه له...

انتفض جاسر فزعا من على الآريكة، ونظر إلى زيدان وشاهي بنظرات خائفة ومرتعدة، في حين سرد له زيدان بهدوء تام كل ما عرفه عن فريدة الرفاعي، وما توصل إليه من حقائق تخصها، بالإضافة إلى شكوكه حول تورطها في مقتل أختها ناهد الرفاعي..

صدم جاسر مجددا، ولم تقل حالة شاهي عنه، فلم يتوقع كلاهما أن تكون فريدة بكل تلك القسوة والشر...

أمسك جاسر بهاتفه المحمول، وحاول الاتصال بيارا هاتفيا لكي يحذرها مما تنتوي فريدة فعله معها، ولكنها للأسف لم تجب على اتصالاته المتكررة...
في المركز الرياضي
كانت يارا متواجدة في مكتبها، ومعها المحاسبة التي تتولى الشئون المالية الخاصة بالمركز الرياضي..
لم تستمع يارا إلى صوت رنين هاتفها لأنها كانت تضعه على الوضع الصامت على سطح مكتبها..

في حين كانت هي جالسة على الآريكة الجلدية العريضة المتواجدة في مكتبها، وإلى جوارها جلست المحاسبة حتى تنتهي كلتاهما في أقرب وقت من إعداد كل القوائم...

في نفس التوقيت بالأسفل اقتحم جمعة ومعه بدوي المركز الرياضي ومعهما عددا من الملثمين، ثم بدأوا في تحطيم كل شيء بعد أن اعتدوا بالضرب على الحرس المتواجد أمام بوابة المركز...

انتفضت يارا فزعا على إثر ذلك الصوت الرهيب، ونظرت إلى المحاسبة بنظرات خائفة و...
-يارا بنبرة مرتعدة: ايه الصوت ده
-المحاسبة بقلق شديد: آآآ، مش عارفة
-يارا بنظرات متوجسة: طب تعالي نشوف في ايه.

سارت كلا من يارا والمحاسبة إلى خارج غرفة المكتب على أطراف أصابعهما، وبتوجس شديد، وبالفعل لمحت كلتاهما بعض المخربين يدمرون المعدات الموضوعة في الصالة السفلية، فأشارت يارا بيدها للمحاسبة لكي يختبئا قبل أن يلمحهم أي أحد..

بالفعل اختبأت يارا والمحاسبة في صالة الأطفال، وتوارت كلتاهما عن الأنظار..
فكرت يارا في حل سريع من أجل الهروب من المركز قبل أن يصل إليهما أي من هؤلاء المجرمين...
أخبرت المحاسبة يارا عن وجود مخرج للطواريء بجوار المرحاض الموجود في الطابق الأخير، لذا طلبت يارا من المحاسبة أن تتجه معها بخطوات حذرة نحو الدرج، كما طلبت منها أن تخلع حذائها كي لا يصدر صوتا وهما تتحركان.

دلفت الاثنتين خارج صالة الأطفال، وسارتا بخطوات مترقبة نحو الدرج، ثم نجحت كلتاهما في الصعود إلى الطابق الأخير، وركضتا بخطوات سريعة نحو مخرج الطواريء...

في فيلا رأفت الصياد
اتصل جاسر هاتفيا بخالد وأبلغه بضرورة الاتصال بأدهم والسؤال عن يارا، وجعلها تتوخي الحذر فورا لأن حياتها مهددة في خطر..
-خالد هاتفيا بنبرة قلقة: طيب طيب، أنا هاتصرف وأحاول أوصلهم هما الاتنين..

لمح خالد أدهم وهو يدلف بسيارته إلى داخل الفيلا، و..
-خالد بلهفة: استنى، ده أدهم باينه جه، أنا طالعله.

دلف أدهم إلى داخل الفيلا، فتفاجيء بوجود خالد يركض ناحيته، وعلى وجهه علامات الخوف الشديد و..
-خالد بنبرة مرتعدة: فين يارا؟
-أدهم بعدم فهم: بتسأل ليه؟
-خالد بحدة: يارا في خطر يا أدهم، في حد عاوز يموتها.

خفق قلب أدهم فزعا على زوجته، وانتفضت كل ذرة في جسده خوفا عليه و...
-ادهم بتوتر شديد: انت بتقول ايه؟

حاول خالد على عجالة أن يوضح لأدهم طبيعة الخطر المحدق بزوجته، فركض ادهم بخطوات سريعة للخارج وهو يحاول الاتصال بزوجته...

عادت فريدة من الخارج واصطدمت بأدهم في طريقها، كادت فريدة أن تسقط على وجهها، ولكن مد أدهم يده، وأمسك بوالدته من ذراعها، فنظرت إليه بنظرات ضيقة و...
-فريدة بنظرات متفحصة، ونبرة متسائلة: في ايه يا أدهم؟
-أدهم بنبرة منزعجة، وأعين مضطربة: رايح ألحق يارا، حاسبي يا ماما.

وما إن سمعت فريدة بإسم يارا حتى جن جنونها، وانفعلت في وجه أدهم و...
-فريدة بنبرة غاضبة: استنى يا أدهم، ماتمشيش
-أدهم بحدة: لأ.

أمسكت فريدة بأدهم من ذراعيه، وقبضت عليهما بأظافرها و...
-فريدة بنبرة هادرة: أدهم، اوعى تروحلها
-أدهم وهو يحاول إزاحة يديها بنبرة منزعجة: حاسبي يا أمي
-فريدة بنظرات شرسة، ونبرة قوية: لأ مش هاسيبك تروح تتحرق معاها.

ركض عمر ومعه كنزي وكارما خارج الفيلا على إثر الصوت العالي، ثم لحق بهم خالد، ومن بعده حضر رأفت الذي كان يدفع زوجته صفاء من مقعدها المدولب...

دفع أدهم والدته عن طريقه، ثم ركض في اتجاه الجراج واستقل سيارته، في حين ركضت فريدة خلفه، ووقفت أمام سيارته ووضعت كلتا يدها على مقدمة السيارة وصرخت فيه بألا يتركها ويرحل، ولكنه تراجع بالسيارة للخلف، ولم يعبئ بصراخ والدته المخيف، وانطلق بسيارته إلى خارج الفيلا...

تسمر الجميع في أماكنهم حينما سمعوا اعتراف فريدة الصريح بمحاولة قتل يارا، وقفت فريدة كالمجنونة تصرخ في ادهم أن يعود، في حين أشار رأفت لكارما وكنزي بأن يمسكا فريدة و..
-رأفت بنبرة آمرة: امسكوها يا بنات.

ركضت كارما وكنزي في اتجاه فريدة، وأمسكت كلتاهما بها من ذراعيها، في حين انطلق رأفت مع ابنيه خالد وعمر ناحية الجراج لكي يستقلا سيارة خالد ويحاول ثلاثتهم اللحاق بأدهم...

اقتربت صفاء بمقعدها المدولب من فريدة، ورمقتها بنظرات احتقار، مما جعل فريدة تغتاظ اكثر، وتثور ثائرتها..
دفعت فريدة كنزي بحدة فسقطت على والدتها التي مالت بمقعدها للخلف، فسقطت كلتاهما فوق بعضهما البعض، في حين ظلت كارما ممسكة بها، ولكن ظلت فريدة تقاومها، وقامت بغرس أظافرها بحدة في وجنتها وخربشتها بشدة، فتأوهت كارما من الآلم، وأرخت ذراعيها عنها، ففرت فريدة هاربة من ثلاثتهم...

بجوار المركز الرياضي
نجحت يارا في الخروج من المركز الرياضي من الباب الجانبي المخصص للطواريء ومعها المحاسبة دون أن يتمكن هؤلاء المجرمين من الإمساك بهما أو معرفة طريقهما.

ثم ركضت يارا وهي تضع يدها على قلبها مبتعدة عن المركز، وأشارت للمحاسبة لكي تنجو هي الأخرى ببدنها..
وصل أدهم بسيارته إلى المركز الرياضي، ولحق به جاسر الذي عرف من أدهم أين توجد زوجته حاليا...

ظل أدهم طوال الطريق يدعو الله أن ينجي زوجته، وفجأة التفت برأسه ناحية يسار الطريق، فلمح زوجته وهي تركض في الاتجاه العكسي، فأدار مقود السيارة بحدة لتلتف السيارة، ثم قادها في اتجاه زوجته، فقطع عليها الطريق بسيارته، في حين توقفت يارا عن الركض، وانحنت بجسدها قليلا للأسفل، وظلت تلهث بصعوبة.

ترجل أدهم من السيارة، وركض ناحية زوجته، ثم مد كلا ذراعيه نحوها، واحتضنها بشدة، وضمها إلى صدره...

وقف جاسر بسيارته أمام المركز الرياضي، وحاول أن يساعد الحرس الملقى على الأرض بابعادهم عن المدخل..
اتصل رأفت وهو في سيارة خالد بالشرطة، وابلغهم عن محاولة اقتحام وحرق المركز الرياضي الخاص بعائلة الصياد، واعطاهم العنوان..

وبالفعل أتت الشرطة – والتي كانت قريبة من موقع المركز – بعد لحظات قليلة، وبدأوا في محاصرة المكان، وتطويقه لمنع هروب المجرمين، ومحاصرتهم بداخله...
طلب أحد الضباط من جاسر التراجع للخلف، وبالفعل تمكنوا من إبعاد الحرس المصاب..

لم يتمكن جمعة من حرق المركز حيث سمع دوي صوت سيارات الشرطة، فطلب من رجاله الانصراف بسرعة من المكان...
ركض جمعة وبدوي نحو مدخل الطواريء الملحق بالمركز، ولكن للأسف لم يتمكن هو من الهروب، حيث ألقى عدد من رجال الشرطة القبض عليه، وأصابه أحدهما بطلقة نارية في ساقه، في حين تمكن بدوي من الفرار من قبضة الشرطة..

وصلت فريدة هي الأخرى إلى المركز الرياضي، ولمحت أدهم وهو يحتضن زوجته يارا، فاشتعلت غيظا، وكادت أن تفتكها بنظراتها المميتة و...
-فريدة بنبرة حانقة، ونظرات قاتلة: انتي لسه عايشة يا بنت ال...!

سارت فريدة بخطوات راكضة في اتجاههما، ولكن أوقفها بدوي حيث جذبها بشدة من ذراعه، نظر إليها بنظرات شيطانية و...
-بدوي بنبرة قاتمة: بتغدري بينا يا بنت الأبلسة.

تملك الرعب من قلب فريدة حينما وجدت نفسها في يد ذلك المجرم و...
-فريدة بخوف شديد: أنا، أنا معملتش حاجة
-بدوي بنبرة مميتة: بتضيعي الريس جمعة، والله لأضيع عمرك.

أخرج بدوي زجاجة من جيبه تحتوي على ( ماء نار ) ثم فتح غطائها بفمه، وألقى محتواها في وجهها، فصرخت فريدة صرخات مخيفة من الآلم الرهيب والشنيع على إثر احتراق وجهها...

وما إن تأكد بدوي من سقوط فريدة على الأرض، حتى ركض سريعا ليبتعد عنها، في حين تجمهر بعض الأشخاص حول فريدة التي انهارت على الأرض وظلت تصرخ بطريقة هيسترية...
-أدهم بتوجس: ايه الصوت ده
-يارا بخوف: مش عارفة
-ادهم بقلق بالغ: تعالي نشوف.

ركض أدهم في اتجاه الصوت هو الأخر ومن خلفه يارا، وكذلك لحق بهما جاسر...
وجد أدهم أن المصابة التي كانت تصرخ بطريقة هيسترية هي والدته..
تملك الخوف الشديد منه، وحدق في هيئتها بنظرات مرتعدة للغاية، ثم
جثى ادهم على ركبتيه، ومد ذراعيه، وأمسك بجسد والدته، وحاول رفعها عن الأرض، واسنادها على ركبته المثنية...

ظلت فريدة تصرخ من الآلم الشديد، في حين نظرت يارا إلى فريدة بنظرات مذهولة، ووضعت يدها على فمها في صدمة محاولة كتم شهقتها...
تأمل جاسر هو الأخر هيئة فريدة التي تشوهت، وصاح بكل حدة وهو يشير بيديه في الناس لكي يبتعدوا عنها..

بعد لحظات وصل خالد بسيارته إلى المكان ومعه أبيه وعمر...
صف خالد السيارة على مقربة من المركز، ثم ترجل منها وركض مسرعا في اتجاهه، ولكنه لم يجد سوى رجال الشرطة، التفت خالد برأسه وجاب ببصره المكان بحثا عن أدهم أو جاسر، وبالفعل لمحهما ومعهما يارا على بعد، فركض في اتجاه ثلاثتهم..

لحق رأفت بابنه الأكبر خالد، وكذلك فعل عمر...

وقف خالد متسمرا في مكانه حينما وجد والدته ممددة على الطريق، وادهم ممسكا بها، ووجهها يعاني من حروق رهيبة..
صدم الجميع مما أصاب فريدة، وتعالت شهقات عمر حينما رأى والدته على تلك الحالة، وجثى على ركبتيه إلى جوارها...
اتصل جاسر سريعا برجال الاسعاف الذين حضروا بعد لحظات بسيارة الاسعاف إلى المركز...

تم نقل فريدة إلى المشفى، وكان وجهها قد تشوه كثيرا بالفعل، وصارت بشعة الهيئة، دميمة الوجه...

اعترف جمعة لوكيل النيابة الذي كان يحقق معه بأنه قام بالتخطيط مع فريدة الرفاعي على التخلص من يارا الصياد...
في المشفى
حضر وكيل النيابة ومعه بعض رجال الشرطة إلى المشفى من أجل التحقيق مع فريدة، وتم وضع حراسة من الشرطة أمام باب غرفتها..

أنكرت فريدة كل ما قاله المجرم جمعة، وإدعت بالباطل أنها لا تعرفه، وأنها مجرد افتراءات وأكاذيب، وأن هناك من يحاول التخلص منها، وأنها لم ترتكب أي شيء..

ظلت فريدة باقية في المشفى لعدة أيام، والتحقيقات مازالت مستمرة معها، ورغم هذا لم تغير فريدة كلامها..
تم منع الزيارة عن فريدة، وتكثيف الحراسة على غرفتها، وجلس امام باب غرفتها رجلين من الشرطة، في حين تم تكبيل يدها في الفراش كي لا تهرب...

كانت فريدة جالسة على فراشها بالمشفى وهي تسب وتلعن في يارا، ثم لمحت أحد ما يدير مقبض الغرفة من الخارج لكي يدلف إليها، فظنت أنها الممرضة أو الطبيب، ولكنها تفاجئت بزيدان بأمامها...
تملك الرعب قلب فريدة، ورمقته بنظرات خائفة، وحاولت أن تستجمع رباطة جأشها أمامه..
-فريدة بنبرة مرتعدة: انت، آآآ، دخلت هنا ازاي؟ ده، ده الزيارة ممنوعة
-زيدان بنبرة باردة: ما أنا مش أي حد يا، يا هانم.

-فريدة بنظرات متربصة: انت جاي ليه؟ عاوز تشمت فيا؟
-زيدان بتهكم وهو يلوي فمه: مش طبعي كده
-فريدة بنبرة غاضبة: اطلع برا
-زيدان بنبرة قاسية: مش هاطلع قبل ما أوريكي حاجة كده تذكار يمكن تفتكري كويس انتي كنتي بتلعبي مع مين.

مد زيدان يده بهاتفه المحمول، ثم ألقاه على فراش فريدة و...
-فريدة بعدم فهم: ايه ده؟
-زيدان بنبرة باردة: افتحي الفيديو، وانتي تعرفي!

أمسكت فريدة بالهاتف بيد مرتعشة، وقامت بفتح التسجيل المرئي الموجود به، وتفاجئت بحوارها مع جمعة واتفاقها معه على التخلص من يارا وحرق مركزها الرياضي...

اضطربت فريدة على الفور، وعلى صدرها وهبط من الخوف الشديد، وابتلعت ريقها في توتر شديد، ونظرت إلى زيدان بنظرات متوجسة..
رمقها زيدان بنظرات قاسية ومميتة، ثم...
-زيدان بنبرة صلبة ونظرات احتقار: الفيديو ده أنا هابعته هدية للبوليس عشان يشوفوا شغلهم معاكي، وانا بنفسي هاجي أتفرج عليكي وانتي بتتسلخي على ايديهم.

انتاب فريدة نوبة من الصراخ الحاد، وهددته ب...
-فريدة بنبرة عالية، ونظرات قاتمة: أنا مش هاسيبك تضيعني، أنا هاخلص عليك
-زيدان ببرود تام: مش هاتقدري، انتي نهايتك على ايدي، ولا تكوني مفكراني زي ناهد، هتقتليني وتفلتي بعملتك.

-فريدة بصراخ حاد يحمل التهديد: هاقتل يا زيدان، هاقتلك زيها، ايوه أنا حدفتها من البلكونة، وشوفتها وهي بتموت، وهاعمل كده معاك، هاقتلك وأفرح في موتك، ايوه هاعمل كده، ومحدش هيقدر يمسني.

اعترفت فريدة دون وعي منها بجريمتها مع أختها الراحلة، وهنا اعتلى وجه زيدان ابتسامة عريضة، ورمقها بنظرات استهجان، ثم تراجع بجسده للخلف، وأمسك بمقبض الباب بيده، ثم فتح الباب وسمح لبعض رجال الشرطة بالدخول، ومعهم وكيل النيابة...
نظرت فريدة إلى زيدان، وإلى هؤلاء الرجال بنظرات زائغة، وظلت ترتعش في مكانها و...
-فريدة بعدم فهم: د، دول مين.

ابتسم زيدان ابتسامة شيطانية بثت الرعب في نفس فريدة و...
-زيدان بنبرة هادئة ومخيفة: عاوز أعرفك بالبيه وكيل النيابة ومعاه رجالة البوليس
-فريدة وهي فاغرة شفتيها: هاه
-زيدان ببرود مخيف: ودلوقتي أقدر أبشرك إنك هتتعلقي قريب على حبل المشنقة، تشاو يا، يا هانم.

كان زيدان قد اتفق مسبقا مع وكيل النيابة، ورجال الشرطة على أن يجعل فريدة تعترف اعترافا كاملا بجريمتها الخاصة بقتل أختها ناهد حتى يظهر براءة الخادمة صباح، وبالفعل نجح في هذا، وتم تسجيل اعترافها أمام الجميع...

بعد مرور عدة أشهر
تم الافراج عن الخادمة صباح بعد اعتراف فريدة بارتكاب جريمتها، في حين تم حبس فريدة، وإيداعها في السجن ريثما يتم إصدار الحكم نهائيا في القضايا المرفوعة ضدها...
داوم كلا من خالد ورأفت على زيارة فريدة في محبسها، في حين رفض أدهم أن يزورها بسبب صدمته الكبيرة فيها، فهو لم يتخيل أن تكون والدته بمثل هذا السوء، فقد كانت تحمل في قلبها بذورا للشر...

كما عادت العلاقات الودية والأسرية بين الجميع، وزادت أواصل الصلة والتقارب بين عائلة زيدان وعائلة الصياد..
واتفق الجميع فيما بينهم على الالتقاء اسبوعيا إما في فيلا أحدهما، أو في النادي..
بدأت صفاء في التماثل للشفاء بعد أخذها لجرعات العلاج بانتظام، وسارت على ساقيها بمساعدة العكاز، ولكن بخطوات محسوبة..

تزوج خالد من كارما التي اعترفت لخالد بحبها له في ليلة عرسهما أمام مرأى ومسمع الجميع، فاحتضنها خالد بين ذراعيه، ووعدها أن يظل إلى جوارها طوال العمر، وألا يتخلى عنها أبدا، وبعد حفل الزفاف انتقل كلاهما للعيش سويا في بيت مستقل بهما، وتذوقا سويا طعم السعادة والعشق...

توجه جاسر إلى نهى في شرم الشيخ، وتصالح معها بعد أن اعتذر لها عن سوء تصرفه معها، وتقبلت هي بصدر رحب اعتذاره، فقد كانت على يقين أنه سيعود إليها، وأن الظروف القاسية التي مر بها هي التي أجبرته على تركها رغما عنها، وبالفعل تم عقد قرانهما، واتفقا على الزفاف بعد عدة أشهر...
أنجبت يارا ولدا جميلا يشبه في ملامحه أبيه أدهم، وقام أدهم بإطلاق اسم يزيد عليه..

كان يزيد هو أول حفيد لعائلة الصياد، وحظى بحب الجميع، وتعلق به رأفت كثيرا وكان يصطحبه معه في كل مكان، كما اعتبرته صفاء هي الأخرى حفيدها الغالي...
في حين أنجبت شاهي فتاة جميلة تشبهها كثيرا، وقام زيدان بتسميها بإسم تيا...
أمسك زيدان بابنته الرضيعة بين يديه، وظل يقبلها بشغف، ثم مد يديه التي تحملها بها، وأعطاها إلى زوجة عمه التي اعتبرتها حفيدتها الأولى، وأحبتها كثيرا، وتعلق قلبها جدا بها..

في يوم سبوع المولودة تيا
تم إقامة حفل سبوع المولودة تيا في فيلا زيدان، وتم تزيين المكان بديكورات الأطفال الجميلة والمبهجة..
كان الحفل راقيا وجميلا بحق، استمع الجميع فيه بالموسيقى الخاصة بأغاني الأطفال، وتبادل الجميع فيه التهنئات والهدايا..

اقترب عمر من شاهي التي كانت تجلس على أحد المقاعد الجلدية وهي ممسكة برضيعتها تيا و...
-عمر وهو يلوي فمه بتهكم: في حد يسمي بنته تيا!

رمقت شاهي عمر بنظرات جادة وهي تضيق عينيها، و...
-شاهي بنبرة صارمة: اه زيدان، هو عاوز كده
-عمر بنبرة مازحة: وده اسم شاي بقى ولا ايه؟
-شاهي بنبرة صلبة ومحذرة: احترم نفسك بدل ما أبوها يربيك
-عمر بنبرة ساخرة: عم مازنجر أيوه انا عارفه، مش بيتفاهم، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه، ده أقوى من أبو الغضب نفسه...!

في نفس الوقت، اقتربت كنزي هي الأخرى من شاهي، ثم أسندت إلى جوارها علبة هدايا مغلفة، وانحنت برأسها ناحية شاهي لتقبلها من وجنتها، ومن ثم قبلت الرضيعة تيا..
-كنزي بنبرة فرحة: الف مبروك يا شاهي، عقبال يا رب ما تفرحوا بيها
-شاهي بنبرة سعيدة: ميرسي يا كنزي على ذوقك
-عمر مازحا وبنظرات مشرقة: ايوه كده اديها هدية عشان تكسري بيها عينها..!

لوت كنزي فمها، والتفتت إلى عمر برأسها، ثم رمقته بنظرات حانقة و...
-كنزي بنظرات ضيقة، ونبرة شبه حادة: اتلم يا عمر.

أمال عمر بجسده قليلا على كنزي، ثم...
-عمر غامزا: واحنا مش ناويين أنا وانتي نخش دنيا؟
-كنزي بنبرة جادة: مش أما تخلص كليتك الأول وتتخرج، وبعد كده تخش جيش وتقضي خدمتك، وبعدها تشتغل وتكون نفسك، وتبقى راجل ملو هدومك زي اخواتك، وقادر تفتح بيت وتصرف عليه، ساعتها بقى نخش دنيا
-عمر بنبرة متهكمة: يا دين النبي، ده أنا على كده هاخش على الاخرة طوالي، مش تقوليلي دنيا...!

-كنزي بنبرة صارمة وهي تعقد ساعديها أمام صدرها: هو ده اللي عندي، ها عاجبك ولا لأ؟

نظر عمر أمامه بعد أن رمق كنزي بنظرات مغتاظة، ثم...
-عمر وهو يلوي فمه على مضض: عاجبني، وهو أنا أقدر أعترض، ماهو المثل بيقول خد من عبدالله، واتكل على الله...!

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة