قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والعشرون

فريسة غلبت الصياد
الحلقة الرابعة والعشرون
في ألمانيا
في المشفى
صدم أدهم حينما علم أن زوجته يارا في دباية حملها، ولم يكن حال خالد يختلف كثيرا عنه، بينما أكمل مستر شرودر لهما ما أوضحه له الطبيب و...
-شرودر مبتسما: بلى، أشار تحليل الدم الأولي الذي أجراه لها المتخصصون بالمشفى إلى أنها في الأسبوع الأول من الحمل
-أدهم فاغرا شفتيه: هااااه، ي، يارا حامل!

-شرودر: هي ستمكث بالمشفى لعدة أيام كي تتلقى الرعاية اللازمة لأنها تعاني أيضا من ال Flu
-خالد متسائلا: طب هو عادي انهم يعرفوا انها حامل كده على طول؟
-شرودر وهو يوميء برأسه: بالطبع مستر خالد، لقد تقدم العلم كثيرا، وهنا في ألمانيا يتم الكشف عن الحمل بالتقنيات الحديثة منذ أول يوم له
-خالد مبديا اعجابه: ماشاء الله.

-شرودر مكملا: نرجو أن تمر الأيام القادمة على الليدي يارا بخير، فحالتها الجسمانية ضعيفة، والطبيب يخشى أن..
-خالد بتوجس: قلقان من ايه؟
-شرودر مكملا بنبرة خافتة: يخشى أن تفقد الأم جنينها
-أدهم بنظرات مصدومة: اييييه؟
-خالد بنبرة منزعجة: ايه الكلام ده؟ معناه ايه؟
-شرودر بنبرة جادة: يقول الطبيب أنها تعاني من حالة نفسية سيئة، مع الضعف العام لها ربما، ربما لن تتمكن من الاحتفاظ به..

-خالد مسرعا: بعد الشر، ان شاء الله هاتبقى كويسة.

سار أدهم مبتعدا عنهما، ووقف على مقربة من الحائط الزجاجي، ثم أسند كلتا يديه على الزجاج، وظل يتفحص يارا عبره بأعين نادمة وباكية..
لقد شعر ادهم أنه كان قاب قوسين أو أدنى من أن يخسر حبيبته ومعشوقته نتيجة اندفاعه وتهوره، والأخطر من هذا أن حياة المولود القادم مهددة بالخطر نتيجة ما فعله بها..

ربما كانت يارا قد أخطأت في حقه، وجعلت الشكوك والظنون تدور في رأسه، ولكنها حاولت أن تبرر له خطئها، وهو رفض أن يستمع إليها أو حتى يعطيها الفرصة لكي تدافع عن نفسها..

بكى أدهم بأعين نادمة، بكى بحرقة حتى تعالت شهقاته رغم محاولاته المضنية أن يخفيها، لاحظ خالد أن أدهم قد انزوى على نفسه بعيدا عنهما، فاستأذن مستر شرودر لكي يعرف ما به..

وقف خالد إلى جوار أدهم، ثم وضع يده على كتفه و..
-خالد مبتسما: ايه يا عم أدهم، انت هتقلبها نكد ولا ايه، ده يارا حامل، يعني المفروض تفرح وآآ...

نظر ادهم إلى أخيه خالد، ثم ارتمى في حضنه باكيا، اضطرب خالد لرؤية ادهم بتلك الحالة و...
-خالد بتوجس: في ايه يا ادهم؟ مالك؟ يارا ان شاء الله هتبقى كويسة وآآ..
-أدهم مقاطعا بصوت باكي: أنا، أنا كنت قاسي أوي عليها
-خالد بعدم فهم: تقصد ايه؟
-أدهم وهو يجفف دموعه: أنا، أنا هاقولك اللي حصل.

في منزل كارما هاشم
بدأ المأذون في ترتيب الإجراءات المتعلقة بمراسم عقد قران المهندس رأفت الصياد على السيدة صفاء..
جلست السيدة صفاء على مقعدها المدولب في مواجهة المهندس رأفت، ووقفت خلفها ابنتها الكبرى كارما، بينما توسط المأذون الأريكة ليكن في المنتصف بين الزوجين المرتقبين..

كان المهندس رأفت يشعر بالسعادة البالغة لأنه سوف يظفر بالمرأة التي أحبها حقا منذ أن وقعت عيناه عليها، ظل يرمقها بنظرات حانية، بينما أطرقت هي رأسها للأسفل...
تابع عمر ما يدور بصمت تام، ولم يعقب، فوالده هو سيد القرار في ذلك الأمر...

وماهي إلا لحظات قصيرة حتى تم عقد القران بينهما، و...
-المأذون بنبرة جادة: زواج مبارك ان شاء الله
-رأفت مبتسما وهو ينظر لصفاء: إن شاء الله يا رب
-المأذون: الأوراق كلها جاهزة، مش ناقص غير بس توقيع حضراتكم
-رأفت: تمام
-المأذون وهو يشير بيده: وقع هنا يا بشمهندس
-رأفت: حاضر..

أمسك رأفت بالقلم الجاف بيده، ثم وقع أسفل وثيقة الزواج وعلى وجهه علامات السعادة والسرور.

ثم أمسك المأذون بدفتره مجددا، وأداره في اتجاه السيدة صفاء و...
-المأذون وهو يشير بيده: وقعي هنا يا هانم
-صفاء بنبرة خافتة: حاضر.

وبالفعل وقع كلاهما على وثيقة الزواج، كما قام الشاهدين بالتوقيع أيضا على العقد، و...
-عمر بتهكم وبصوت خافت: واضح ان أنا جاي هنا عشان أزغرطلهم.

سمع عمر صوت رنين هاتفه المحمول في جيبه بنغمة ( يا كنزي )، فأخرجه عمر على الفور، وبالطبع انتبه الجميع لصوت نغمة الرنين التي كانت مميزة للغاية..

نظرت صفاء إلى عمر وهي عاقدة حاجبيها في دهشة، بينما حدقت كارما به وارتسمت على وجهها علامات الاستغراب...
تنحنح عمر، ونهض عن الأريكة و..
-عمر وهو يتنحنح: آآآ، احم سوري معلش.

-رأفت ضاحكا: هههههههه، هو عمر ابني كده، دايما يحب يحط التاتش بتاعته
-عمر مازحا: أصل أنا أراجوز البيت، بلياتشو العيلة..
-رأفت وهو يتنحنح: احم، بلاش استظراف يا خفيف
-عمر على مضض: حاضر يا بابا.

نظر عمر إلى شاشة هاتفه ليعرف اسم المتصل، فشهق على الفور حينما قرأه و..
-عمر بفزع: هه، د، دي آآ، دي
-رأفت متسائلا: مين يا عمر؟
-عمر بنظرات مرتعدة: دي، دي فريدة هانم
-رأفت بنظرات مشدوهة: هاه، مين؟
-عمر: أنا، انا هاطلع اكلمها برا
-صفاء متسائلة: في حاجة؟

نظر عمر إلى والده بنظرات قلقة، وتردد فيما يقول، ولكن طرأ بباله أن...
-عمر بتردد: آآ، أصل، الشبكة، اه، مافيش شبكة، وأنا، انا هاطلع اتكلم برا
-رأفت وهو يوميء برأسه: أها
-صفاء وهي تشير بيدها: اتفضل يا بني
-عمر: عن اذنكم.

سار عمر مسرعا خارج غرفة الصالون، وظل يجوب ببصره باقي أرجاء المنزل
يعلم عمر تماما أنه إذا لم يعاود الاتصال بوالدته فسوف يتعرض لوابل حاد من التوبيخ والسباب اللاذع المصحوب بالتعريف بأصول الطبقية و الارستقراطية..
ولكن كيف يجيب عليها وهو مع والده في منزل زوجته الثانية و...
-عمر بصوت خافت: طب أكلمها وأقولها ايه لو سألتني انا فين؟

وضع عمر يده على رأسه، وعبث بخصلات شعره بضيق و..
-عمر مكملا لنفسه: يعني مش معقول هاقولها أيوه يا ماما أصل أنا في مشوار مع بابا، عقبال عندك ده هو بيتجوز وأخدي معاه عشان أباركله الجوازة...
أنزل عمر يده عن رأسه، ودلف بعيدا عن غرفة الصالون دون أن يشعر...
-عمر بنبرة قلقة: دي يمكن تروح فيها، وأهوو يبقى الراجل ارتاح من زنها للأبد..

لمح عمر أحد الغرف الموصدة، فقرر أن يدلف إلى داخلها حتى يتمكن من الحديث مع والدته بعيدا عن الضوضاء الموجودة بالخارج و...
-عمر وهو يمط شفتيه في ضيق: أنا مالي بالنصايب دي كلها، ولا هو أنا اتكتب عليا أشيل هم العيلة دي وبس!

أمسك عمر بمقبض الباب، ثم أداره ببطء حتى تمكن من فتح الباب ليدلف هو إلى داخل الغرفة، ولكن جحظت عيناه ريثما وطيء بقدمه داخلها و...

في ألمانيا
في المشفى
سرد أدهم لأخيه الأكبر خالد ما دار بينه وبين يارا من شجار حاد وما ترتب عليه من عقده العزم على الانفصال عنها..
عاتب خالد أخيه أدهم وبحده، ووبخه كثيرا على ما فعل بها و...
-خالد بحدة: انت مجنون؟ في حد يعمل كده في مراته.

ظل أدهم صامتا ولم يعقب، بينما أكمل خالد كلامه بكل قسوة معه، و..
-خالد بنبرة جادة: يعني عاوز تقنعني ان مراتك هاتروح ترمي نفسها في حضن واحد تاني وهي عارفة ومتأكدة انك انت أصلا بتحبها بجنون...

وضع أدهم رأسه بين راحتي يده لكي يدفنها فيهما و...
-أدهم بصوت خافت: مش عارف.

-خالد مكملا: وبعدين تعالى قولي ازاي أصلا هي هتعمل كده وانت موجود معاها، ماحستش ان الموضوع في حاجة غريبة؟

رفع أدهم رأسه قليلا، ونظر إلى خالد من زاوية عينه و...
-ادهم وقد نظر إليه من زاوية عينه: هاه
-خالد مكملا بجدية: يعني أنا شايف ان الموضوع ده حد مدبره عشان يوقع بينكم انتو الاتنين، حد كان حاطط عينه عليك يا عليها..
-أدهم: وهو كان في حد أصلا يعرفنا هناك؟
-خالد: مش شرط يعرفكم، بس اتكلم مع واحد فيكو، وخد الموضوع جد، حاول انت بس تفتكر كويس مين اللي اتعرفتوا عليه هناك.

-ادهم: مش فاكر، أنا أصلا متكلمتش مع حد وآآآ...

توقف أدهم عن الحديث حيث بدأ يعود إلى ذاكرته لقائه مع الفتاة – ذات الجمال الصارخ - والتي التقى بها بجوار المسبح، وتذكر كيف كانت تتعامل معه باسلوب مبالغ فيه، وبتحرر كامل..
-ادهم وهو يشير بإصبعه: أنا، أنا افتكرت حاجة
-خالد متسائلا: ايه هي؟

سرد أدهم مجددا بالتفصيل لقائه بحلا وما كان يحدث منها من تجاوزات مبالغ بها و...
-خالد وهو يربت على فخذ أخيه: بس، هي دي يا معلم! الولية دي هي اللي وقعت بينكم ومش بعيد تكون هي اللي مدبرة للموضوع ده كله
-ادهم وهو ينظر له بتمعن: تفتكر ممكن تعمل كده
-خالد بنبرة واثقة: وليه لأ؟ وخصوصا أنه واضح من كلامك أوي عنها انها كانت محدوفة أوي عليك
-ادهم بضيق: الله يحرقها!

-خالد: يا أدهم قبل ما تتسرع وتحكم على مراتك لازم تسمعلها، خراب البيوت مش بالساهل، لازم تبقى عارف ده كويس.

مال أدهم بجسده على أخيه خالد، ثم مد ذراعيه، وحضنه بقوة و...
-أدهم بنبرة حزينة: ربنا يخليك ليا يا خالد، انا مش عارف أقولك ايه
-خالد: ياض ده أنا أخوك، يعني المفروض سرك يبقى معايا
-أدهم مبتسما: لأ، سري مع مراتي وبس
-خالد مازحا: أنا ياخي معنتش بتفائل بالبلد دي الصراحة، ده كل ما حد من عيلتنا يجي هنا تحصله كارثة
-ادهم وقد ابتسم: عندك حق، واضح ان في بومة هنا.

في منزل كارما هاشم
أمسك عمر بمقبض الباب، ثم أداره ببطء حتى تمكن من فتح الباب ليدلف هو إلى داخل الغرفة، ولكن جحظت عيناه ريثما وطيء بقدمه داخلها، وفغر شفتيه بعدم تصديق، حتى أنه أسقط هاتفه المحمول للمرة الثانية من يده و...
-عمر بأعين مصدومة: مش معقول، انتي؟

صعقت كنزي حينما رأت أمامها وفي غرفتها ذاك الشاب المسمى بعمر، فنظرت إليه بأعينها المنتفخة من كثرة البكاء و...
-كنزي بنظرات صادمة: آآ، انت!

أدرك عمر للتو أنه في منزل الفتاة التي ظل يحلم بها لعدة أيام، وتعب كثيرا من أجل أن يعرف اسمها..
نظر لها عمر بأعين براقة و لامعة، ارتسمت على شفتيه ابتسامة بلهاء، و...
-عمر مبتسما: شوفتي الصدف، مافيش أجمل من كده.

انزعجت كنزي كثيرا من وجوده في غرفتها، فنهضت عن الفراش ووقفت أمامه توبخه بحدة و...
-كنزي بحدة: انت، انت بتعمل ايه هنا في أوضتي؟
-عمر وهو يتأمل الغرفة: هي دي أوضتك.

عقدت كنزي ساعديها أمام صدرها، و...
-كنزي وهي تمط شفتيها في ضيق: أه، هي
-عمر بنظرات مبهورة: شوف ازاي، بجد سبحان الله فعلا، ربك لما يريد بيدي العبيط..!
-كنزي على مضض: هو انت العبيط
-عمر مازحا: لأ، أنا الأهبل
-كنزي وهي تشير بإصبعها: اتفضل برا
-عمر: برا ايه بس، ده احنا بقينا نسايب دلوقتي
-كنزي بعدم فهم: قصدك ايه؟
-عمر مبتسما: أصل آيا الحاج هو اللي بيتجوز برا
-كنزي بصدمة: اييييييه؟ ابوك هو اللي بيجوز مامي.

-عمر وهو يشير برأسه: أينعم، الراجل الكوبارة اللي أعدة برا ده.

وضعت كنزي كلتا يديها في شعرها غير مصدقة لما سمعته توا و...
-كنزي: مش ممكن
-عمر مكملا بسعادة: سبحان الله، مصر كلها بقيت أد كده، بس الصراحة ده أنا هاطلع أبوس الحاج لأنه اختار صح..!
-كنزي بضيق: انت جاي تهزر
-عمر: لأ طبعا، أنا أصلا مش فاكر انا كنت جاي ليه، بصراحة انتي بتخلي الواحد ينسى نفسه.

ارتبكت كنزي من مغازلة عمر الصريحة لها، و..
-كنزي بنبرة مضطربة: آآآ، لو سمحت، أنا، أنا مش بحب كده، قبليز Stop
-عمر مبتسما: طلباتك أوامر يا كنزي
-كنزي وهي تشير بيدها: وممكن تطلع من أوضتي
-عمر: حاضر..

سار عمر بخطوات بطيئة نحو الباب، ثم التفت برأسه ناحية كنزي التي كانت تتابعه ببصرها و...
-عمر بنبرة واثقة: المرادي أنا هاطلع، بس بعد كده هارشق هنا عندكم في البيت
-كنزي وهي تلوي شفتيها بتهكم: هه، ابقى قابلني
-عمر مبتسما: أه طبعا لازم هاقابلك، أومال ابويا اتجوز ليه، مش عشان أنا أتظبط معاه، سلام يا قمر.

ثم نفخ عمر بيده قبلة في الهواء وأرسلها إلى كنزي التي نظرت له شزرا..
فتح عمر الباب، وقبل أن يدلف تماما للخارج، أطل برأسه مجددا داخل الغرفة و...
-عمر ببلاهة: آآآآآآآخ، وربنا ما في أحلى من كده أبدااااااااااااا، ابعت يا اللي بتبعت...!

أمسكت كنزي بوسادتها الصغيرة، ثم ألقتها بقوة في اتجاه عمر، فارتطمت برأسه و...
-عمر متآلما: آآآآآآآآه
-كنزي بحدة: احسسسن
-عمر وهو يحك رأسه: الحمد لله أنها مخدة، بدل ما نافوخي كان اتفتح
-كنزي وهي تجز على أسنانها: امشي بقى
-عمر وهو يشير بيده: طيب، في فازة وراكي شكلها مش حلو، لو حابة تحدفيها أنا جاهز.

التفتت كنزي خلفها، لترى تلك المزهرية التي أشار إليها عمر، ولكنها لم تجد شيئا، فنظرت له بنظرات حانقة و...
-عمر مبتسما ابتسامة عريضة: ضحكت عليكي، يبقى عليكي واحد..!
-كنزي بصوت عالي: براااااااا.

أغلق عمر باب الغرفة وهو يبتسم في سعادة لأنه قد التقى مجددا بكنزي، ولن يمنعه أي شيء من الالتقاء بها مرات ومرات و، مرات...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة