قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والعشرون

في منزل كارما هاشم
توجست صفاء خيفة مما يريد رأفت طلبه، فهي تظن أنه يضمر في نفسه شيئا ما تجاه ابنتها، اضطرب قلبها، وبدأت علامات القلق في الظهور جليا على ملامحها..
عقدت صفاء حاجبيها في دهشة، ثم نظرت إلى رأفت في توجس و..
-رأفت بنبرة واثقة: أنا عاوز أتجوز السيدة الفاضلة صفاء هانم، والدتكم...!
-كارما وكنزي بأعين مشدوهة: ميييين؟
-رأفت مكملا بثقة: صفاء هانم..

-صفاء فاغرة شفتيها: هاه، حضرتك واعي للي انت بتقوله!
-رأفت: ايوه، واعي جدا
-كارما بعدم تصديق: مش ممكن
-كنزي: ده، ده مستحيل يحصل.

اعترضت الفتاتين بشدة على طلب رأفت للزواج من والدتهما، ولكنه حاول باللين إقناعهما وتوضيح أسباب طلبه هذا...
-رأفت بنبرةهادئة: أنا عارف ان طلبي ده غريب ومفاجيء ليكم، بس أنا فعلا حبيت صفاء هانم من قلبي، ولأول مرة احس بالمشاعر دي
-كارما بنظرات مصدومة: طب ازاي.

نظرت كنزي إلى والدتها، ورمقتها بنظرات حادة وكأنها تعاتبها على تساهلها في الرد على المهندس رأفت، ولكن كانت المفاجأة أقوى من صفاء و...
-صفاء بتردد: يا رأفت بيه انت، انت آآآ.

-رأفت مقاطعا وهو يشير بيده: أنا حاسس بجو الأسرة معاكو، حاسس انكم مسؤلين مني، أنا طبعا استحالة أخد مكان المرحوم هاشم الله يرحمه، لكن مش هاقدر تحت أي حال أسيبكم لوحدكم، حتى لو رفضتي يا صفاء هانم عرضي للزواج، فانتم برضوه ملزمين مني
-كنزي بحدة: احنا نقدر نعتمد على نفسنا، مش منتظرين مساعدة ولا شفقة من حد.

-رأفت: يا بنتي أنا مقصدش كده، أنا مش عاوز حد يسيء ليكم ولو بالكلمة حتى، أنا طلبي للجواز من مامتك حماية ليكم قبل ما يكون مساعدة زي ما انتي مفكرة، انتو بنتين لوحدكم ووالدتكم ربنا يديها الصحة محتاجة اهتمام زي ما انتو الاتنين محتاجين ده، وبدون راجل معاكو فأنتم آآآ...
-كنزي مقاطعة بنبرة غاضبة: احنا مش محتاجين راجل، احنا نقدر نحمي نفسنا كويس
-كارما وهي تهز رأسها باضطراب: أنا مش عارفة أقول ايه.

صمتت صفاء قليلا لكي تفكر فيما قاله رأفت، فإن كان عرضة للزواج غير ملائم بالنسبة لها، ولكنه في نفس الوقت وسيلة لضمان رعايته للفتاتين، هي تخشى عليهما أن يصيبها مكروه وتتركهما دون حماية أو من تعتمدان عليه..

ساد صمت مشحون في المكان للحظات، قطعته صفاء ب...
-صفاء بصوت خافت: رأفت بيه
انتبه رأفت لصوت صفاء وكذلك فعلت كلا من كنزي وكارما
-رأفت: أيوه..
-صفاء بنبرة خافتة: حضرتك سيبني يومين أفكر وأرد عليك
-كنزي معترضة بحدة: مامي ايه الكلام ده؟
-رأفت مبتسما: اوكي يا صفاء هانم، خدي الوقت اللي يعجبك في التفكير..

تنحنح بعدها رأفت، ثم استأذن في الانصراف، رافقته كارما إلى باب المنزل، بينما ظلت كنزي في الغرفة مع والدتها تعاتبها على ما قالت للتو و...
-كنزي بنظرات غاضبة: مامي، ازاي تقوليله كده؟
-صفاء وهي تشيح ببصرها لزاوية ما بالغرفة: سيبيني لوحدي يا كنزي
-كنزي بنظرات أكثر حدة: مامي
-صفاء بلهجة آمرة نسبيا: كنزي، من فضلك، أنا حابة اقعد مع نفسي.

زفرت كنزي في ضيق، ثم نهضت عن الفراش تاركة والدتها بمفردها في غرفتها، ووقفت في غرفة الاستقبال تتحدث مع أختها و..
-كنزي بصوت خافت مليء بالغضب: عاجبك اللي مامي بتعمله ده
-كارما: أنا مش عارفة أصلا هو ازاي فكر في العرض ده
-كنزي: انتي لازم تسيبي الشغل فورا، مش هاينفع تكوني معاه
-كارما على مضض: للأسف مش هاينفع أسيبه قبل ما ألاقي بديل
-كنزي وهي تزفر في ضيق: اوووف، يعني احنا هنفضل في الغلب ده.

-كارما وهي تضع كلتا يديها فوق رأسها: مش عارفة والله، أنا مش عارفة...!

توجه رأفت الصياد إلى سيارته المصفوفة أسفل بناية كارما، ثم فتح الباب الأمامي وركب بجوار السائق، تعجب السائق مما فعله المهندس رأفت، ولكنه لم يعقب، فهو رب عمله، ومن حقه أن يجلس في أي مكان يريد بالسيارة...
تنهد رأفت بارتياح، وأشار للسائق بيده لكي يتحرك، وبالفعل ضغط السائق على دواسة البنزين بروية، ثم انطلق بالسيارة نحو الفيلا...

حقا إنها أول مرة يشعر فيها رأفت الصياد في حياته أنه قد تعلق بشخص ما غير أبنائه، وخاصة إن كان حقا يحبها، لقد خفق قلبه لأول مرة للسيدة صفاء، وارتسمت السعادة على ملامحه...
لاحظ السائق أن حالة المهندس رأفت تغيت كثيرا خاصة حينما نزل من أسفل منزل الموظفة الجديدة، فشك أن هناك أمر ما، ولكنه لم ينطق بكلمة..
في فيلا ناهد الرفاعي.

عادت شاهي إلى الفيلا وعلى وجهها علامات الانزعاج والضيق بعد أن صدمت من المفاجأة التي رتبت لها والدتها مع زيدان وعاونتهما بالطبع خالتها فريدة في ذلك..

تشاجرت شاهي مع والدتها بحدة و...
-شاهي بنبرة غاضبة: ازاي يا مامي تعملي كده؟ ازاي؟ أنا مرضتش أتكلم معاكي هناك عشان الفضايح، لكن تضحكي عليا وترتبي للموضوع ده كله، ومن غير علمي
-ناهد بنبرة هادئة: يا حبيبتي أنا عاوزة مصلحتك
-شاهي بضيق: مصلحة ايه اللي مع واحد أنا معرفش عنه أي حاجة؟
-ناهد: بكرة تعرفيه كويس، وبعدين هو عارف عنك كل حاجة
-شاهي: وهو عشان عارف عني كل حاجة، يبقى خلاص يتجوزني كده على طول.

-ناهد وهي تزفر في ضيق: اوووف، أنا تعبت معاكي، بجد مش عارفة أتصرف ازاي
-شاهي: سيبني أخد القرار اللي أنا عاوزاه، أنا عاوزة واحد يحبني لنفسي مش يتجوزني على طول
-ناهد بإنزعاج: قوليلي خدتي ايه من الحب؟ ها ما تردي عليا؟ أدهم اللي كان حلم حياتك ليل نهار سابك وراح اتجوز يارا، ولولا إنها طلعت آآآ..
لم تكمل ناهد باقي عبارتها حتى لا يزل لسانها وتنطق بشيء تندم عليه لاحقا، فغيرت مجرى الحوار و..

-ناهد مكملة: احم، آآ، يعني المهم بعده طلعلنا اسلام وأظن انتي عارفة النهاية كانت ازاي.

أطرقت شاهي رأسها في حزن حينما تذكرت ما مرت به من مشاعر مذبذبة مع إسلام ومن قبله أدهم وكيف أن الظروف دائما ما تقف حائلا أمام من أحبت..

لاحظت ناهد انشغال ابنتها شاهي بالتفكير فيما قالته، لذا وقفت إلى جوارها، ووضعت كلتا يديها على ذراعيها وانحنت عليها برأسها و...
-ناهد بصوت خافت: يا بنتي أنا عاوزة مصلحتك، محدش بيحبك أدي، وأنا عاوزاكي تسمعي كلامي، خدي اللي بيحبك وهايموت عليكي ومستعد يعمل أي حاجة عشانك، وبعدين زيدان ده هايعيشك ملكة زمانك، هاتشوفي معاه الحياة اللي بجد..

ظلت ناهد تبث في آذان ابنتها الكثير والكثير عن زيدان حتى امتلأت رأسها بذاك اللهو الفارغ عنه...
-شاهي بضيق: خلاص يا مامي، كفاية
-ناهد: يا شوشو آآ..
-شاهي وهي تنظر إلى والدتها: أنا مش هاعمل حاجة غير لما أسأل جاسر الأول
-ناهد بنظرات مصدومة: ايييه؟ جاسر! برضوه، يعني انتي عاوزاه يقولك لأ عشان ترتاحي وتعيشي طول عمرك في عذاب وذكريات توجعك
-شاهي وهي تزفير في ضيق: اوووف.

توجهت شاهي ناحية الدرج، ثم أمسكت بالدرابزون بيدها، وبدأت في الصعود، فنظرت إليها ناهد بنظرات مغتاظة، ثم صاحت بها ب...
-ناهد بصوت عالي: اخوكي عمره ما هيحبك زيي، وهيدور على مصلحته، حطي ده في اعتبارك!

اغتاظت ناهد كثيرا من عناد ابنها، وخشيت أن يفسد جاسر ما تخطط له، لذا قررت أن تبادر هي بالاتصال به وتبلغه بأمر الزيجة المرتقبة لشاهي..

في فيلا عدلي
اعتلى وجه زيدان ابتسامة شيطانية شرسة، فكل شيء يسير على ما يرام، فبفضل فريدة وناهد استطاع بكل سهولة أن يصل إلى غرضه، وما هي إلا مسألة أيام حتى يستطيع الانفراد بشاهي وإذاقتها أسوأ ألوان العذاب.

عادت رحاب من الخارج بعد أن اطمأنت على حالة عدلي الصحية، والتي لم يحدث بها أي تغيير يذكر، وجلست إلى جوار زيدان و...
-رحاب بنبرة حزينة: زي ماهو، مافيش جديد.

أمسك زيدان بكف يد رحاب ثم رفعه بهدوء إلى فمه، وقبله، ثم أنزله مرة أخرة ونظر إليها بأعين واثقة و...
-زيدان وهو يقبل كف يدها: ان شاء الله هايتحسن، ولما هايفوق هيلاقيهم كوم تراب، وأنا هاعرف ازاي اخليه يطلع من كل البلاوي دي زي الشعرة من العجينة...!

في فيلا ناهد الرفاعي
اتصلت ناهد بجاسر الذي أجاب على اتصالها بعد مرتين من تكراره و..
-جاسر هاتفيا على مضض: أيووه، خير
-ناهد هاتفيا بنبرة باردة: اختك هتتجوز أخر الاسبوع وهي موافقة وأنا بعرفك بده، فاحتمال تتصل بيك تبلغك برأيها
-جاسر مندهشا: نعم؟ اييييه؟ طب ازاي
-ناهد بنبرة هادئة: عادي زي أي حاجة ما بتحصل، واحد اتقدملها وهو ممتاز وابن أصول وغني وشاريها، فوافقت على طول.

-جاسر بإنزعاج: كده، من فير ما تاخدوا رأيي، اومال أنا بعمل ايه؟
-ناهد ببرود أكثر: أهوو ده اللي حصل، هي بس بتعرفك عشان متزعلش ومايبقاش عداها العيب
-جاسر بتهكم: لا والله، عداها العيب فعلا، يعني زيي زي الغريب أحضر وخلاص
-ناهد بنبرة قاسية: دي حياتها وهي حرة فيها، فنصيحة مني بلاش تعترض وتخسرها للأبد، كفاية اوي اللي انت عامله فينا!
-جاسر بصدمة: اييه؟ أنا ولا ان، آآآ.

-ناهد مقاطعة: أنا بدور على مصلحة بنتي وسعادتها، مش خراب البيوت والفضايح اللي انت عاوز تعملها
-جاسر متهكما: فضايح!
-ناهد بنبرة جافة: أنا مش هاعطلك عن اللي وراك، يالا، استنى منها مكالمة، باي.

أنهت ناهد المكالمة على عجالة كي لا ينكشف أمرها، هي تسعى لأن تحوذ ابنتها على ما حرمت هي منه، حتى لو كلفها الأمر أن يغضب منها ابنها..
أفنعت ناهد نفسها أن ما تفعله هو الصواب، وأنها لاحقا ستحاول الاصلاح بينها وبين ابنها، لكن الأهم الآن هي تلك الزيجة...

في حين انزعج جاسر كثيرا عقب ما قالته والدته، لقد شعر للتو أن وجوده لا يشكل فارقا في حياة شقيقته أو حتى والدته، وأنه لا فائدة منه، هو مجرد أخ على الورق فقط...

لقد شعر أن هناك غصة ما تقف في حلقة، فهو من أراد أن ينتقي لها الزوج الأفضل الذي يضمن أن يصونها وتكن هي قرة عينه، ولكن هي بكل برود تعتبره كالغريب الذي لا يهمه أمرها..

-جاسر بضيق واضح: طالما أنا ماليش لازمة، يبقى بتاخد رأيي ليه؟ ليييه؟

احتقن وجه جاسر بالدماء، وانتفخ صدره بالغضب، ظل يفرك يديه في عصبية و...
-جاسر بضيق: ربنا يسامحك يا ناهد هانم، انتي اللي عملتي فينا كده! حتى أختي مابقتش تحت طوعي ولا بتاخد بمشورتي وعملتني زي الغريب...!

في ألمانيا
في غرفة خالد
أرسل خالد بريدا إلكترونيا لأحد موظفيه يطالبه فيه بضرورة إرسال المعلومات التي تخص الموظفة كارما في أقرب وقت، فالشك يقتله، وسفره في ذلك التوقيت يزعجه كثيرا، هو يخشى أن يؤثر غيابه على مجريات الأمور في القاهرة.

كما اتفق خالد مع مستر شرودر على أن يساعده في انهاء الإجراءات الخاصة بتسليم ميراث يارا في أقرب وقت، حتى يتمكن من العودة للقاهرة..
في فيلا ناهد الرفاعي
في غرفة شاهي
دلفت شاهي إلى داخل غرفتها، وصفعت الباب خلفها بقوة وهي تزفر في ضيق، هي في حيرة من أمرها، لا تعرف ماذا تفعل، هل توافق على تلك الزيجة المفاجأة أم ترفض وتنتظر الحب المنشود؟

قررت شاهي أن تتصل هاتفيا بأخيها لعله يساعدها فيما تحديد ما تريد، وبالفعل طلبته وانتظرت أن يجيب على اتصالها، ولكن للأسف كان لا يجيب على الهاتف..

كررت شاهي المحاولة مجددا، وكانت أيضا بلا جدوى..
ألقت شاهي هاتفها على الفراش وهي حانقة، ثم قررت أن تدلف للمرحاض وتغتسل كمحاولة منها لكي تزيح عن رأسها تلك الضغوط.

في ألمانيا
في غرفة أدهم ويارا
ظلت المعاملة الباردة والجافة بين ادهم ويارا هي السائدة في الأجواء..
رفض أدهم أن ينام على الفراش بجوارها، وفضل أن يتمدد على الأريكة، ورغم إصرار يارا على أن ينام إلى جوارها، إلا أنه رفض ان يستمع إليها..
أرادت يارا أن تتحدث معه مجددا حول ما دار كي توضح له الصورة وتبرر موقفها، لعله يغفر لها و...
-أدهم بضيق: يوووه، حلي عن نافوخي
-يارا وهي تشير بيدها: يا ادهم أنا آآآ..

-ادهم مقاطعا: حركاتك دي بتضايقني، وأنا مش عاوز أتكلم معاكي، كفاية أوي اللي حصل
-يارا: ماهو انت حتى مش عاوز تسمعني، وانا عاوزة أفهمك اللي حصل
-أدهم: ايوه، اقعدي ألفي في قصص وروايا وحوري عليا، لكن أنا مش هاكدب عيني
-يارا: قسما بالله ما بكدب، أنا كنت أعدة فعلا على الكنبة وآآآ..
-ادهم وهو يمط شفتيه في غضب: اوووف.

-يارا مكملة بخوف: وبعد كده جه الجرسون ومعاه كاس عصير وقالي انه منك وأنا، آآ، أخدته وشربته وبعد كده آآ، مش فاكرة غير..
-أدهم: لا والله، الجرسون سقاكي حاجة صفرا وانتي دوختي وفجأة لاقيتي نفسك أعدة في حضن واحد تاني
-يارا بنظرات خائفة: آآ، انا فكرته انه انت
-أدهم بحدة: اخررررسي! انتي عاوزة تعصبيني.

ارتعدت يارا من هيئة أدهم الغاضبة وحاولت أن تمتص غضبه، ولكنه كان كالبركان الثائر و...
-أدهم وهو يشيح بيده بغضب: ده أنا كل ما أفتكر شكلك ببقى عاوز أولع فيكي، لكن اللي حايشني عنك اني لسه آآآآآ...

كاد أدهم على وشك التعبير عن حبه الشديد لها، ولكنه منع نفسه من الكلام، وأجبر لسانه على الصمت، فقط ظل ينظر إليها باعين محتقنة بالدماء، ثم ضرب بقبضة يده الحائط بحدة مجددا، فانتفضت يارا رعبا، وقرر أن يبتعد عن يارا، فاتجه ناحية الشرفة، وفتح بابها الزجاجي، ودلف للخارج...
جلست يارا على طرف الفراش وهي تبكي مجددا، فكيف ستبريء نفسها من شيء لم ترتكبه...

-يارا بصوت باكي: أعمل ايه بس يا ربي عشان اثبتله إني بريئة، لا حول ولا قوة إلا بالله...!

في غرفة خالد
فتح خالد بريده الالكتروني واطلع على الرسائل الموجودة به، وكانت المفاجأة حقا حينما وجد الرسالة التي ينتظرها وتحتوي عن معلومات عن الموظفة الجديدة..

فتح خالد الرسالة وقرأ الملف المرفق بداخله، تغاضى عن كل المعلومات الغير هامة عنها، إلى أن تسمرت عيناه على جزئية محددة، والتي كانت الصدمة بالنسبة له...
أعاد خالد قراءة الملف مرارا وتكرارا، وكانت الصدمة له هي أنها من أقارب زوجة عدلي الأولى، وكانت تعمل بشركته لفترة من الزمن حتى انتقلت للعمل بشركته...
-خالد بنظرات مصدومة: يادي المصيبة، عدلي!

ظل خالد يطلق السباب واللعنات اللاذعة وهو يجوب الغرفة ذهابا وإيابا و...
-خالد بنبرة غاضبة: دي أكيد بنت ستين ****...! ده أنا هاطلع عينها! بنت ال**** عمالة ترسم على أبويا وهي متسلطة عليه من الزفت عدلي وقرايبه، إن ما وريتها!

لم يتمالك خالد نفسه من الغضب، فقد كانت المفاجأة كبيرة عليه، فكل الدلائل تشير إلى أنها فتاة لعوب تجيد اصطياد الرجال، وها قد جاء ما أكد شكوكه وأثبت أنها مسلطة من عدوهم القديم للانتقام من عائلة الصياد..
-خالد بتوعد: اصبري عليا أرجع بس القاهرة، اصبري...!

في غرفة ادهم ويارا
دخل أدهم إلى الغرفة مجددا، فتأمل حالة يارا وهي تبكي بحرقة، هو يريد أن يربت على كتفها، أن يضمها إلى أحضانه، ولكن عقله يمنعه من فعل هذا، فهو يظن أنه إن رأف بحالها ستعاود تكرار هذا مجددا، ولن يقبل أن تهز رجولته أي امرأة مهما كان يعشقها لدرجة الجنون...

فكرت يارا في أن تستعين بخالد، وتطلب مشورته، فهو الأعقل في التفكير وربما سيساعدها فيما تمر به ويحل تلك المعضلة بينها وبين أدهم، فهو لن يقبل أن تسوء العلاقة بينهما وخاصة أنها في أول حياتهما...
-يارا في نفسها: هو خالد، مافيش غيره هيقدر يساعدني، بس إزاي أنا هفاتحه؟!

مر يومان والأوضاع لازالت غير مستقرة عند الجميع...

فرأفت الصياد يترقب الرد النهائي من السيدة صفاء على عرض زواجه، حتى أنه طلب من كارما أن تمكث بجوار والدتها لعدة أيام حتى تستقر حالتها تماما، وكي لا تشعر بالضغط في حالة رفض والدتها لطلبه...

كما اتصل رأفت بمستر شرودر وعرف منه تفاصيل ميراث يارا وما يخصه من مشاكل، وشكره على مساعدته لها ولابنيه، ووعده مستر شرودر ألا يتركهم إلا بعد أن يطمئن على انهاء كل شيء.

حمدت كارما الله كثيرا أنها أخذت تلك الأجازة حتى تتمكن من ترتيب أوضاعها، واعادة التفكير في كل شيء يخص ماهو قادم، هي تخشى من ردة فعل المهندس رأفت في حال رفض والدتها لعرض زواجه، وهي قد توقعت أن تفعل هذا، لذا عليها أن تبحث عن البديل، فلم تترك أي موقع الكتروني أو جريدة إلا وبحثت بها عن وظيفة تلائم قدراتها ومؤهلها، ولكن للأسف لا توجد أي وظائف خالية حاليا..

اعترضت كنزي وبشدة على أمر تلك الزيجة، وأبدت أسباب اعتراضها في أنها تخشى ان يحتل شخص غريب مكانة والدها الغالية، وأن يتناسى وجوده في حياتهن بوجود ذاك الشخص الغريب معهن.

ظلت السيدة صفاء صامتة لا تتحدث عما يدور بخلدها عن ردها على عرض الزواج المقدم من المهندس رأفت لها، فهي تريد أن تعطي ردا نهائيا عن اقتناع تام، وسوف تضع في اعتبارها مصلحة ابنتيها قبل أي شيء...

تبادلت ناهد وفريدة الأدوار في الضغط على شاهي من أجل الموافقة على اتمام تلك الزيجة، وتعمدت كلتاهما ألا تخبرا أي شخص إلى أن يتأكدا تماما من موافقة شاهي...

ظلت شاهي تحاول الاتصال بأخيها مرارا، ولكن لم يجب هو على اتصالاتها المتكررة لأن والدته قد سبقتها في الاتصال به...
تعجبت شاهي من تجاهل جاسر لاتصالاتها، فهو دائما كان يخشى عليها، ولا يجعلها تغيب عن ناظريه، واليوم هو لا يعيرها أدنى انتباه..

في النهاية قررت شاهي أن توافق على إتمام تلك الزيجة، فلا مفر من الرفض، فالالحاح على زيدان كان متواصلا، وهو الأخر لم يكف عن إرسال الهدايا الباهظة لها، فتارة يرسل لها عقدا من الألماس الحر، وتارة أخرى ثيابا من الماركات العالمية...
كما تعمد زيدان أن يغدق ناهد هي الأخرى بالهدايا التي جعلت أعينها تزوغ وتصر إصرارا شديدا عليه وألا ترى غيره زوجا مثاليا لابنتها...

موافقة شاهي على تلك الزيجة جعلت فريدة تشعر بالنشوة العارمة من انتقامها الذي اقترب تحقيقه...

ولم يغفل زيدان أيضا على أن يقدم العطايا لفريدة نظير مساعدتها له، فشعرت هي بالسعادة الزائدة وأنها فعلت ما جعلها تنتقم من أختها التي طعنتها من قبل في ظهرها بزواجها من حب حياتها الأول رفعت..

أبلغت فريدة رأفت وعمر بمسألة زواج شاهي، ورغم أن رأفت كان معترضا على السرعة التي ستتم بها تلك الزيجة إلا انه لم يكن ليتدخل لأن ناهد كانت هي المسئولة عن شاهي، كما علم من فريدة بموافقة جاسر لذا لم يكن بمقدوره أن يفعل أي شيء..

أما عن أحوال أدهم ويارا فلم يكن بها أي جديد، ظل أدهم جافا وباردا في تعامله مع يارا التي حاولت أن تذيب الثلج بينهما ولكنها فشلت...

في حين كان خالد كالجالس على جمرة من نار، يحاول بكل جهده أن ينتهي من تلك الاجراءات الطويلة والمملة الخاصة بالميراث حتى يعود إلى القاهرة، واستطاع إلى حد كبير أن يجهز معظم الأوراق بمساعدة شرودر، ولم يتبقى إلا القليل فقط.

كما علم ثلاثتهم بأمر زواج شاهي المرتقب، وتمنوا أن ينتهوا من كل شيء لكي يتمكنوا من حضور حفل الزفاف
في أحد المستشفيات
وقف زيدان أمام النافذة الزجاجية يرمق عمه بنظرات جادة، وضع كلتا يديه في جيبه، وظل محدقا لفترة طويلة عبر النافذة الزجاجية و...
-زيدان بصوت خشن هاديء: هانت يا عمي، كلها بس يومين، وأنا هاجيبلك حقك، وهبدأ بأولهم، شاهي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة