قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الطاووس الأبيض ملحق إضافي للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

رواية الطاووس الأبيض ملحق إضافي للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

رواية الطاووس الأبيض ملحق إضافي للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

الهروب من المأزق الذي وضع نفسه فيه كان مستحيلًا مع الحشد الغفير الذي تجمهر كسرعة البرق، فأصبحت الاختيارات المتاحة أمامه محدودة للغاية، لم يكن لديه أي مهرب، لهذا احتمى ذلك الخارج عن القانون بالمحل، وحاصر الأم وطفلتها بتهديده لكلتيهما بمديته.
-لو حد قرب هجيب أجلها!

بكت الطفلة خوفًا، وزادت فيروزة من ضمها لها لتأنى بها عن بطش ذلك الأهوج المتهور، أولته ظهرها، وحاولت قدر استطاعتها تهدئته؛ لكنه كان فاقدًا لذرات العقل، اتجهت أنظارها تلقائيًا نحو الباب عندما سمعت الصوت المألوف يهدد بقوة جعلت شعورًا مريحًا بالأمان يتخلل إليها:
-ما يخدش الروح غير اللي خالقها!
عفويًا نطق لسانها باسمه في صوتٍ هامس:
- تميم!

صاح المجرم يهدده بعدم الاقتراب، وذراعه الممسك بالمدية موجهًا صوب زوجته وطفلته:
-أحسنلك ماتخشش هنا بدل ما أسيح دمهم!
بصوت يضاهيه في التهديد واصل تميم الاقتراب منه هادرًا:
-قبل ما تفكر تعملها هتكون متكوم على الأرض.

لم يمهله الفرصة للرد، حيث اندفع تجاهه، وانقض عليه كالثور الهائج، مُلقيًا بثقل جسده عليه، مما جعله يفقد اتزانه من هول المفاجأة، تمكن تميم من إيقاعه أرضًا، وأطبق عليه بكله ليشل حركته. لم يكد يفيق المجرم من صدمة سقوطه، حتى وجده يعتليه، ويثبته بثقل جسده، ليكيل له عددًا لا بأس به من اللكمات القاسية، فملأت وجهه بالتورمات والانتفاخات، ومع ذلك حاول دفعه عنه، وإيذائه بمديته؛ فصرخت فيروزة في هلعٍ محذرة زوجها:.

-حاسب يا تميم!
استطاع تفادي الضربة المباغتة منه في مهارة، واختطف المدية من يده، ليقذفها بعيدًا، ثم توعده بلا رحمة:
-قسمًا برب العزة لهخليك عبرة للكل.

وكأن أتونًا من الجحيم قد فُتح لتوه، لم يترك تميم موضعًا في جسده إلا وأبرحه ضربًا، لينهض بعدئذ عنه، ليركله بقدمه في عنفٍ جاعلًا إياه يصرخ من الألم المبرح. لم يحاول أي فرد التدخل، اكتفوا برؤيته يفرغ فيه جم غضبه، لكونه يستحق ذلك العقاب، خاصة مع تكرار حوادث السرقات بالإكراه في المنطقة، وكذلك الأماكن المجاورة.
لحظاتٍ، وجاء الحاج بدير إلى المحل، ليجد ابنه على وشك إزهاق روح ذلك المجرم، فأقبل عليه يرجوه:.

-ماتضيعش نفسك عشان واحد زيه.
لم يصغِ إليه، وراح يجرجره أرضًا تارة، ويركله تارة أخرى، إلى أن توسلته فيروزة هي الأخرى بصوتٍ شبه باكٍ:
-عشان خاطر بنتنا يا تميم.
رد عليها والده مؤيدًا ما تقول:
-اسمع الكلام يا ابني.
اضطر على مضضٍ الاستجابة لهما، واستفاق من نوبة الغضب الهوجاء التي سيطرت عليه، ليأمر بعض رجاله ممن لحقوا به في صوت لاهج:
-كتفوه وهاتوه على التلاجة، ورقوا عليه لحد ما البوليس يجي!

انصاع له رجاله، وقاموا بسحب ذلك المجرم بعد تقييد يديه، وجره إلى الخارج، وسط تصفيق وتهليل الحاضرين، ليقوم بعدها الحاج بدير بالربت على كتف ابنه قليلًا، كنوعٍ من التقدير المعنوي له، بينما وجه تميم حديثه إلى زوجته يسألها بصدرٍ ما زال يتحرك علوًا وهبوطًا جراء انفعاله:
-إنتي كويسة؟
أجابته وهي ما تزال تحتضن ابنتها:
-أيوه.
امتدت ذراعه لتطوقها من كتفيها مخاطبًا إياها:
-تعالي معايا.

زوت ما بين حاجبيها متسائلة في شيءٍ من التحير:
-والمحل؟
هتف بزفيرٍ حانق:
-يندقع دلوقتي.
كانت متفهمة لضيقه، ومع ذلك أصرت على البقاء قائلة:
-ده في شغلي وحاجات ناس وآ...
قاطعها قبل أن تستكمل جملتها للنهاية، موجهًا حديثه هذه المرة لواحدٍ من العمال:
-إنت يا ابني تقف هنا ناضورجي لحد ما الداخلية تشرف.
رد عليه بلا جدالٍ:
-أوامرك يا معلم.

ابتسمت فيروزة في امتنانٍ شاكر لاهتمامه بذلك، وسارت معه نحو الخارج وهي متنعمة بإحساس الأمان الذي يغمرها دومًا بغزارةٍ في قربه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة