قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الطاووس الأبيض الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

رواية الطاووس الأبيض للكاتبة منال سالم الجزء الأول

رواية الطاووس الأبيض الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

سكون مريب وحائر محمل بعشرات الأسئلة ساد في المكان للحظاتٍ معدودة حتى يستوعب الجميع حجم المفاجأة التي حلت على رؤوسهم حين أعلنت موافقتها على الزواج من ذلك العريس المجهول الذي لم تلتقيه بعد، تطلعت "آمنة" إلى ابنتها مذهولة بعينين متحسرتين وكأنها تلومها على قبولها بعرض الزواج، تحاشت "همسة" النظر إليها حتى لا ترى نظراتها المعاتبة، ونكست رأسها، في حين احتقن وجه "فيروزة" على الأخير، وبدت كبركانٍ ثائر ينذر بانفجاره الوشيك.

شعرت بدقات قلبها تتسابق لتزيد من حالتها الهائجة، بدا صوت أنفاسها المتهدجة مسموعًا، اقتربت من أختها وأمسكت بها من ذراعها لتجبرها على النظر إليها، ظلت جامدة كالصنم وكأن جسدها تخلى عن روحه .. بالطبع كان "خليل" هو الوحيد الفائز في تلك الجولة المحسومة منذ البداية، وإن جاء انتصاره بمحض الصدفة ودون عناء، هلل بسعادة غامرة وقد انفرجت أساريره:
-على بركة الله، هاكلم الجماعة وأظبط معاهم كل حاجة وأعرفكم...

ثم ألقى نظرة سريعة على ثلاثتهن تعكس لمعان حدقتيه قبل أن يتابع:
-وإنتو جهزوا نفسكم، خلينا نفرح بقى.
لم يضف المزيد، وانصرف من المكان صافقًا الباب خلفه، حينها هتفت "آمنة" وهي تلطم على خديها:
-عملتي كده ليه يا "همسة"؟ ردي عليا
أخفضت رأسها ولم تجرؤ على النظر نحوها، في حين تابعت ندبها المصدوم:
-هو أنا قصرت معاكي في حاجة؟ بترمي نفسك في النار ليه يا ضنايا؟ حد طلب منك توافقي؟ ليه توقعينا من خالك، وهو مابيرحمش!

غطت "همسة" أذنيها بكفيها حتى لا تسمع المزيد من عباراتها اللائمة، وأطبقت على شفتيها بقوة وهي تجاهد ألا تنظر ناحيتها، نعم اتخذت قرارها في لحظة متهورة ولا تريد من أحد أن يلومها، شعرت بالألم يجتاحها، بصدرها يختنق، بالعبرات تتجمع في مقلتيها، شهقة خافتة انفلتت منها حينما قبضت "فيروزة" على رسغها وجذبتها عنوة لتسير خلفها، أدخلتها إلى غرفتهما، وأوصدت الباب خلفها، ثم هتفت تسألها بكل ما يعتريها من غضب، وحنق:
-إنتي اتجننتي يا "همسة"؟

نظرت لها في حزنٍ، وحافظت على صمتها الاضطراري حتى لا تفصح عن أسبابها، لم تقبل "فيروزة" بسكوتها، فهزتها بعنف وهي تواصل صراخها بها:
-إزاي توفقي على العريس ده؟ هو إنتي تعرفيه أصلاً؟ اتكلمي يا "همسة"، فهميني!
نفضت قبضتيها عنها، وردت بحدةٍ وهي توليها ظهرها لتتجنب نظراتها المحتدة:
-أهوو اللي حصل.
دارت حولها لتغدو في مواجهتها، وقالت بتهكمٍ:
-أكيد مخك جراله حاجة، ما هو دي مش تصرفات ناس عاقلين.

سحبت "همسة" شهيقًا عميقًا تخفف به الغصة التي تعصف بحلقها، وردت في مرارةٍ:
-ده أحسن حل يريح الكل.
نهرتها بقسوة:
-محدش طلب منك تعملي كده، مش أي حاجة خالك يقولها نوافق عليها، ده مستقبلك يا "همسة"!

نظرة حذرة رمقتها بها قبل أن تجلس على طرف الفراش، تحركت "فيروزة" لتقف من جديد أمامها، واستأنفت هجومها الشرس عليها علها تفيق من أوهامها:
-إني بترمي نفسك في النار مع ناس مابيرحموش، إنتي شوفتي بنفسك عملوا فيا إيه، وأنا مش هاستناكي تضيعي، مش هاسمح بده لو فيها موتي..

غامت عينا "همسة" وهي تحدق بها، اقتحم مخيلتها المشاهد العنيفة والمؤلمة التي تعرضت كلتاهما لها، لن تسمح بتكرار ذلك الأذى الدامي مهما كلفها الأمر، نفضت ذكراهم عن عقلها وحاولت جمع سعادة غير موجودة لتقول بابتسامة باهتة:
-يا ستي أنا مبسوطة، خالك قال إنه عريس كويس، وأهله معروفين في المنطقة، يعني فرصة حلوة ماتترفضش
رفت على شفتيها ابتسامة ساخطة مستهزأة قبل أن تتلاشى لتعاود تعنيفها:
-إنتي مستوعبة اللي بتقوليه؟ عاوزة تقنعيني بحاجة إنتي أصلاً مش مصدقاها!

وفجأة هتف بنبرة عازمة وقد قست تعابيرها:
-أنا هاطلع أقول لخالك إني رفضتي.
هبت واقفة لتمسك بها من ذراعها، وتوسلتها:
-لأ يا "فيروزة"، ده قراري ومش هارجع فيه.
هتفت بها بنبرة أقرب للصراخ:
-ليه؟ فهميني؟
قالت بألمٍ وقد ارتخت قبضتها عنها:
-أهوو كده وخلاص.

أمسكت بها "فيروزة" من كتفها، وتطلعت إليها في قوةٍ قائلة لها:
-والله؟ من غير أي سبب، يبقى إنتي مش في وعيك وأنا هاتصرف!
همت بالتحرك لكن اعترضت "همسة" طريقها ورجتها من جديد:
-استني يا "فيروزة"!
قالت معاندة طلبها:
-لأ، مش هاستنى، ولو إنتي مش صعبان عليكي نفسك فأنا مش هاسيبك تضحي بنفسك حتى لو عشانا
هتفت بإصرارٍ:
-ماتضغطيش عليا يا "فيروزة"، أنا مش هارجع في كلامي مهما حصل.

ردت عليها في عندٍ أشد منها:
-إنتي مش واعية للي بتعمليه، محتاجة حد يفوقك و...
لم تكن "همسة" مثلها قوية الشكيمة، بل أضعف ما يكون لتتحمل مثل تلك الضغوطات المعاتبة، لذا انفجرت تبكي في صراخ لتبوح بما يجيش في صدرها:
-وأنا مش هاستحمل أشوف خالك بيمد إيده تاني عليكي أو عليا، وأمك واقفة بينا مش عارفة تعمل إيه، أيوه أنا وافقت أتجوز عشان ألاقي سند لينا، احنا طول عمرنا لوحدنا، خالك عمره ما هيكون الحماية ولا الأمان، ومع أول مشكلة هيدوس علينا زي الغرب.

تفاجأت بانهيارها، وضمتها إليها بقوةٍ لتحتويها حتى تهدأ، ثم مسحت على ظهرها بلطفٍ وقالت:
-واحنا مش محتاجين حد، احنا جمب بعض وسند لبعض!
ردت عليها بصوتٍ مهتز وهي تحاول السيطرة على نوبة بكائها:
-أنا عارفة.. وبعدين خلينا نفرح، أنا عاوزة أتجوز، ودي فرصة كويسة، وبعدين كلها كام شهر وربنا يكرمني بعيال تبقي إنتي خالتهم.
بدت "فيروزة" غير مقتنعة بالمبررات الواهية التي تملأ بها مسامعها، كانت متأكدة أنها تختلق تلك الأعذار لتخفي معاناتها حتى وإن عاشت حبيسة تعاستها الأبدية.

طرق بخفةٍ على باب غرفته قبل أن يفتحه ويطل برأسه عليه ليتأكد من استيقاظه، ابتسم قليلاً حينما وجد "تميم" جده جالسًا على مقعده الوثير بجوار النافذة، والمصحف الشريف بين يديه يقرأ فيه بصوته الخفيض، دخل بهدوءٍ وأغلق الباب من ورائه، ثم تحرك صوبه وجلس عند قدميه ليستمع إلى ترتيله العذب، شعر بالسكينة تتغلل جوارحه، لحظات من الاطمئنان والدفء غمرت كامل جسده وأوقفت تدفق الأفكار المزعجة في رأسه، بدا في حالة استرخاء وراحة تمنى أن تطول فلا يعود للواقع القاسي. دقائق أخرى قضاها في حالة خشوعٍ وإنصات حتى أنهى "سلطان" القراءة وأغلق المصحف ليقبله ويتمسح بجبينه عليه قبل أن يضعه على الطاولة، أخفض نظراته إلى حفيده، وسأله بصوته الهادئ:
-إنت كويس يا "تميم"؟

أجابه بعد تنهيدة مطولة مهمومة:
-لأ يا جدي.
سأله بتأنٍ:
-مالك؟
أجابه ببساطةٍ وكأنه بذلك يفرج عن مكنونات صدره:
-مخنوق.
دقق النظر فيه، وقال مباشرة:
-مراتك مزعلاك؟
أجابه نافيًا وقد بادر بالثناء عليها:
-لأ بالعكس، دي قايدة صوابعها العشرة ليا، بتعمل كل حاجة وأي حاجة عشان ترضيني.
رد عليه يدعو لها:
-ربنا يباركلك فيها، أومال في إيه؟

جاوبه باختناقٍ ووجهه يعكس حزنًا غريبًا:
-حاسس إني متكتف، مش عارف أتصرف.
تركزت عيناه معه، وسأله مستوضحًا:
-وده من إيه؟ أبوك كان قالي إنك حليتم المشاكل إياها، في حاجة جدت تاني؟
رد بالنفي:
-لأ.
-طب في إيه؟
أجاب بعد زفيرٍ طويل وبطيء:
-"هيثم" ابن خالتي هيتجوز.

وكأنه شعر بصعوبة الكلمات واختناقها وهي تخرج من جوفه، فسأله بتريثٍ عله يفهم ما يدور في رأسه:
-وده يزعلك يا "تميم"؟
لاذ الأخير بالصمت، فتطلع إليه جده بتفرسٍ، رأى أمارات الانزعاج متجسدة على ملامحه، هز رأسه في خفة، ثم استطرد يقول دون مراوغة:
-شكله مضايقك فعلاً.
تشجع "تميم" ليقول رغم اهتزاز نبرته:
-أصل .. الجوازة دي بالذات.. ليها علاقة بالحرمة اللي رفعت إيدها عليا
رد ساخرًا:
-ناوي يتجوزها عشان يربيها ولا إيه؟
شعر بتقلص يضرب معدته وكأن مصارحته قد ضغطت على جرحه الذي لم يندمل بعد، حملق فيه مدهوشًا قبل أن يرد مؤيدًا جملته وكل ما يظهر في عينيه قلق وتقرب:
-مش بعيد يا جدي!

علق "سلطان" في كلمات ساخرة:
-لأ و"هيثم" مش هيتوصى، جايز يدبحها ويرمي جتتها للكلاب.
جزع قلبه وأحس بالدماء تهرب من عروقه خوفًا عليها بمجرد اجتياح مشاهد خيالية تجسد ذلك لعقله المشحون، تفحص "سلطان" ملامح حفيده المبهوتة متسائلاً:
-إنت خايف عليها منه؟
ابتلع ريقه وضغط على شفتيه محاولاً تجاوز سؤاله الصريح، بينما تابع جده بلهجة مغايرة لتلك المازحة:
-شكلك بيقول كده حتى لو معترفتش بده.
قال متهربًا:
-أنا مابحبش الظلم ولا الافترا يا جدي، دي كل الحكاية.

لاحت بسمة صغيرة على جانب شفتيه وهو يرى حالة التخبط الواضحة عليه، الأمر أعمق من مجرد ما يبوح به، حتمًا هناك شيء خفي يخفيه عنه، وهو لا يريد الاعتراف به، ومع ذلك لم يضغط عليه، سيتركه على راحته إلى أن يفصح له عن أسراره .. فكر "سلطان" قليلاً، ثم رفع يده ووضعها على كتف حفيده ليربت عليه، واستطرد يقول له بصوتٍ رخيم ليحفزه:
-إنت موجود عشان تمنع ده، خليك مع الضعيف قصاد القوى في الحق، سامعني اقف مع الحق مهما كان مين الظالم!

تطلع إليه بعينين تتوهجان بشكلٍ غامض، لكن منحته تلك التوصيات شعورًا مريحًا أسكن مؤقتًا ما يعتريه من هواجس وتوتر .. عندما قام "تميم" منصرفًا شد "سلطان" على يده ليعيد على مسامعه:
-إياك تظلم الغلبان حتى لو جنى عليك في يوم! ماشي يا ابني؟
ابتسم يقول له وكأنه يعده وهو ينحني ليقبل كفه:
-حاضر يا جدي.

بعد مُضي أسبوع من إعلان موافقة العروس على الارتباط، كان الجميع مشغولاً بالترتيب لزيارة عائلية لإتمام الخطبة رسميًا .. وقفت "خلود" خلف أخيها في غرفة نومه تتأمل انعكاس هيئته المهندمة بمرآة التسريحة التي تحتل الحائط الأيمن بعد أن ارتدى السترة الرمادية الجديدة، كان مظهره مغايرًا لذاك السوقي الفظ، بدا راقيًا، ومقبول الملامح. ضبط "هيثم" رابطة عنقه، ومشط شعره ليثبت المتناثر منه، ظهر وميض الإعجاب جليًا في عيني أخته، ابتسمت الأخيرة في سعادةٍ وجابت بحدقتيها على كامل شكله المرتب، ثم رددت بتهليلٍ كبير مادحة إياه:
-الصلاة على النبي، الصلاة على النبي، قمر ياخواتي.

التفتت "بثينة" نحوها ترمقها بنظرة باردة قبل أن تنطق:
-ربنا يحميه من العين.
اعترضت عليها دون أن تخبو ابتسامتها المتحمسة:
-هو أنا هاحسد أخويا؟ ده الغالي عليا..
ثم ربتت على كتفه في رفقٍ وهي تدعو له:
-ربنا يتمملك على خير يا "هيثم"
رد مجاملاً:
-متشكر يا "خلود".

تابعت مضيفة وهي تخرج علبة حمراء مصنوعة من القطيفة من حقيبة يدها الجلدية اللامعة:
-شوفت جبتلك إيه على ذوقي، حاجة تحطها في الصينية تملى بيها عين عروستك.
أمسكت والدتها بالعلبة وفتحتها لتلقي نظرة متأنية على الخاتم العريض المليء بالفصوص البراقة، بدا الانبهار واضحًا على ملامحها، أدارته بين أصابعها وقالت في ثناء:
-ذوقك تحفة يا بت.
علقت في زهوٍ:
-من بعض ما عندكم يامه.

أعادت "بثينة" العلبة إلى ابنتها والتي دستها في الحقيبة لتتساءل بعدها باهتمامٍ حتى تشبع فضولها:
-أومال إنتي تعرفي العروسة؟ شوفتيها قبل كده؟ بيقولوا اسمها "همسة".
أجابتها بوجهٍ خالٍ من التعبيرات وهي تدير رأسها لتتجه نحو الفراش حتى تجلس على طرفه:
-مش فكراها أوي بصراحة، بس أعرف أمها، أصلها كانت جارة خالتك زمان قبل ما تعزل وتنقل على بيت "سلطان" الجديد.
هتف "هيثم" باستهجان، وتلك النظرة الناقمة تعلو تعبيراته:
-لعلمك أختها كانت عاملة مشاكل مع جوزك وجابتله البوليس.

ارتفع حاجبا "خلود" للأعلى، وحركت عينيها لتنظر في اتجاه والدتها التي استطردت محتجة:
-وإيه اللي يشبكنا معاهم؟
أوجز بغموضٍ دون أن تتغير قسماته المنزعجة:
-تحكمات بقى!
نظرات حائرة تبادلتها "خلود" مع والدتها لاحظت فيها تذمرها، توجست خيفة من إفساد الأمر، فهتفت بحذرٍ كمحاولة جادة منها لوأد أي خلاف قبل نشوبه:
-خلاص يامه الموضوع اتفض والكل اتصالح، وطلع "تميم" مالوش دعوة، ده سوء تفاهم وراح لحاله.

ردت عليها بنظراتٍ متنمرة:
-أنا قلبي مقبوض، بناقص منها الشبكة السودة دي.
اقتربت منها، وقالت مدافعة عن عائلة العروس:
-حرام، ده حمايا بيشكر فيهم.
نفخ "هيثم" بصوتٍ مسموعٍ ليضيف بعدها في سأمٍ:
-بأقولكم إيه أنا دماغي مصدعة، هاطلع أشرب سيجارة في البلكونة تكونوا خلصتوا لبس.
ردت عليه والدته وهي تومئ برأسها:
-ماشي يا ضنايا.

تابعته "خلود" بنظراتها إلى أن اختفى بالشرفة، فأدارت رأسها في اتجاه والدتها وسألتها:
-هو ماله يامه؟ هو مش مبسوط ولا إيه؟
جاوبتها بقليل من الضيق:
-والله ما عارفة، هو على دا الحال أديله كام يوم.
سألتها مستوضحة:
-مش الجوازة دي برضاه بردك؟
ردت دون تفكير:
-أيوه، هو حد يقدر يجبره على حاجة مش عايزاها، بس إنتي عارفة دماغ أخوكي، محدش بيفهمه.
اتسعت ابتسامتها العابثة، وقالت بوجهٍ شبه متورد:
-بكرة عروسته تدلعه ويشوف الهنا على إيديها.

تنهدت تقول لها في توجسٍ:
-يا ريت، ولو إني مش مرتاحة.
سرت عدوى القلق إليها، وتساءلت بتعابيرٍ تحولت للوجوم:
-ليه بس يامه؟
أجابتها بامتعاضٍ:
-جوز خالتك مابيجيش من وراه الخير
دافعت عنه "خلود"، فقالت:
-هو في زي عمي "بدير"، والله إنتو ظالمينه
نظرت لها بحدةٍ قبل أن توبخها:
-أيوه ياختي دافعي عن حماكي، ماهو أبو النبي حارسه وصاينه المعدول جوزك!
استاءت من هجوم والدتها غير المبرر على كليهما، فجلست إلى جوارها، وحاوطتها من كتفيها لتنصحها بأسلوبها السلس:
-بلاش يامه ندور على العكننة بإيدينا، خلينا نفرح ونتبسط، أخويا يستاهل كل خير، وأنا مستبشرة خير بالجوازة دي.

رمقتها بنظرة مستهزأة قبل أن تسألها في مكرٍ:
-أومال مافيش حاجة كده ولا كده؟
نظرت لها في عدم فهمٍ، انزوى ما بين حاجبيها متسائلة:
-حاجة إيه دي يامه؟
منحتها إجابة مباشرة:
-أمارة يا بت إن باطنك شايلة!
تضرج وجهها بحمرة قليلة، ونكست رأسها في حرجٍ قبل أن ترد على استحياءٍ:
-يادي الكسوف .. إيه الكلام ده بس، هو احنا لحقنا؟

ربتت على فخذها مشددة عليها بلهجة تعبر عن جديتها:
-لأ شيدي حيلك مع جوزك شوية، عاوزين نسمع البشارة قريب، دي الفرحة اللي بجد!
زفيرٌ بطيء أخرجته من بين شفتيها لتعقب بعدها بنبرة جمعت بين قليل من الرجاء والأمل:
-ربنا يسهل، دي حاجة في علم الغيب، ووقت ما ربنا يأذن هنفرح كلنا.
استندت "بثينة" بيديها على الفراش لتجبر جسدها على النهوض، ثم هتفت بزفيرٍ مرهق:
-ماشي يا فالحة، خليني أكمل لبس عشان منتأخرش، الحكاية مش ناقصة!
تحركت عيناها معها، ورددت بمرحٍ لطيف وهي تمد يدها إلى داخل حقيبتها لتخرج هاتفها المحمول منها:
-طيب يامه، وأنا هاكلم "تميم" أشوفه عمل إيه.

وضعت تاجًا رقيقًا أعلى رأسها بعد أن صففته وعقصته كعكة كبيرة فيما عدا بضعة خصلات متناثرة على وجنتيها، مسحة ناعمة من مساحيق التجميل اتخذت مكانها ببشرتها لتزيدها تألقًا وجمالاً، تأملت "همسة" ثوبها الذهبي الذي اختارته لتلك المناسبة بنظراتٍ مبهورة، كان متماشيًا مع تفاصيل جسدها الممشوق، زحزحت بيدها أطرافه الطويلة للجانب حتى لا تتعثر فيها حين تقوم من جلستها.

انخفضت نظراتها لتجول على عنقها وعظمتي الترقوة اللاتين اختبأتا خلف شالٍ رقيق شفاف يحمل نفس اللون اللامع، أحست بصدرها يعلو ويهبط في توترٍ، لكن تلك اللمسة المطمئنة من أختها على كتفها وهي تنحني عليها هدأتها قليلاً، أمعنت النظر في ثوب توأمتها الزيتي المتلألئ، كان يليق بها، ويغطي كامل جسدها فيما عدا مرفقيها، وعلى عكسها تركت "فيروزة" شعرها ينسدل على ظهرها ووضعت مشبكًا رقيقًا يمسك ببعض خصلاته عند الفارق الذي أحدثته فيه، اقتربت " منها وداعبتها بإعجابٍ:
-زي القمر يا "هموس"، ماشاءالله عليكي.

نظرت إليها من خلال المرآة، وقالت بنبرة مرتبكة:
-قلبي بيدق جامد يا "فيرو".
ابتسمت وهي ترد عليها ساخرة:
-طبيعي، ما دي أول مرة هنشوف فيها ننوس عين أمه.
اكتسبت ملامح "همسة" تعابير مزعوجة، وردت تلومها وقد استدارت ناحيتها:
-إنتي بتتريقي؟
حاولت ضبط ضحكتها التي تسعى للانفلات من بين شفتيها، وهتفت متصنعة الجدية:
-أكيد، عريس مجهول الهوية، لا شوفناه ولا عرفناه، وجاية إنتي تتخطبي ليه، لازم أستغل الموقف.

نهضت من على الكرسي الصغير -منزوع الظهر- المستقر أمام المرآة، وقفت قبالتها لترد معاتبة إياها في خوفٍ محسوس:
-بلاش بالله عليكي توتريني بزيادة، أنا ماسكة أعصابي بالعافية.
علقت عليها أختها بجدية واضحة:
-عشانك مش مقتنعة باللي عملتيه.
تحركت الأولى من أمام المرآة لتوليها ظهرها، وردت في عصبيةٍ:
-هنرجع تاني للموضوع ده؟ مش قفلنا كلام فيه خلاص..

تطلعت إليها "فيروزة" في اهتمامٍ مراقبة ردات فعلها المتباينة والتي توحي بتخبطها وحيرتها، بينما تابعت "همسة" كلامها قائلة:
-وبعدين شوفتي خالك من ساعة ما وافقت على العريس وهو معاملته اتغيرت معانا 180 درجة، ده ناقص يشيلنا من على الأرض شيل
علقت عليها باستنكارٍ:
-ماهو مش ببلاش كل ده، ده أكيد طالع بمصلحة، خالك مابيعملش حاجة لوجه الله أبدًا!
وافقتها الرأي وإن لم تفصح عن ذلك علنًا.. استدارت الاثنتان معًا نحو باب الغرفة المفتوح ووالدتها تسألهما من الخارج:
-ها يا بنات، جهزتوا؟

لم تبادر إحداهما بالبرد، فقد وقفت "آمنة" عند أعتاب الغرفة تقول بصوتٍ منبهر وقد انفرد ذراعاها في الهواء:
-ماشاءالله ولا قوة إلا بالله، زي القمر يا حبيبتي
أسرعت "همسة" في خطواتها لترتمي في أحضان والدتها، أغمضت عينيها مستشعرة الدفء المنبعث من جسدها العطوف، وردت في امتنانٍ شاكر:
-ربنا يخليكي ياماما
أبعدتها عنها لتحتضن وجه ابنتها البشوش بكفيها، تأملت تفاصيلها الجذابة بعينين تلمعان بعبراتٍ فرحة وهي تغمغم بصوتها المنفعل فرحًا:
-ماشاءالله يا بنتي، ربنا يحميكي من العين.

رفرفت "همسة" برموشها في خجلٍ، في حين تابعت أمها تقول وهي تسحب شهيقًا طويلاً لتكبح به عبراتها:
-الجماعة جوم برا، أنا قولت أستعجلكم.
تساءلت "همسة" في اهتمامٍ:
-ومين قاعد معاهم؟
لاحت على شفتي "فيروزة" ابتسامة متهكمة، كانت تعلم الإجابة دون الحاجة لتخمينها، وبكل بساطة ردت على أختها تجيبها وقد كتفت ساعداها أمام صدرها:
-تفتكري هايكون مين غير مرات خالك "حمدية"؟!

في بقعة شبه معزولة عن أعين الآخرين تمتاز بخفوت الإضاءة، وقفت كلتاهما تختبئان خلف الستارة المنسدلة كمحاولة جادة منهما لاختلاس النظرات نحو العريس الغامض دون أن يمسك بهما أحد الضيوف، سعت الاثنتان للبحث عنه وسط الأجساد المتزاحمة والتي حجبت الرؤية بوضوح، امتلأت الغرفة بالحضور، أشخاص يصحبن زوجاتهن، وتبدو أعمارهم متفاوتة، ولكنهم يتشاركون في الضحكات المجلجلة .. وما إن ظهر وجه "هيثم" والإشارة بالترحيب له لكونه الخطيب المقصود حتى شهقت "فيروزة" مصدومة، لطمت برفقٍ على خدها هامسة في جزعٍ:
-يا نهار إسود، متقوليش إن هو ده العريس!

تجمدت "همسة" في مكانها، شعرت بقشعريرة تسري في جسدها بمجرد أن أبصرته، ورددت هي الأخرى في ذهول لا يقل في صدمته عن توأمتها:
-"فيروزة"، أنا اتوترت بجد، مش معقول يكون نصيبي مع ده.
تطلعت إليها بفمٍ مفتوح، ثم ازدردت ريقها لتكمل حديثها بأنفاسٍ مضطربة:
-شكله هو..

تخشب جسد "همسة" وأمسكت بيد أختها، وكأنها تتشبث بها، التصقت قدماها في الأرضية لتعجز عن التقدم، حاولت جاهدة استيعاب الصدمة والتعامل معها، لكن تشوش ذهنها وارتبكت أكثر، وزاد توترها؟ خفقة قوية ضربت بصدرها حين سمعت "حمدية" تناديها:
-تعالي يا عروسة، واقفة بعيد ليه كده؟ تعالي سلمي على الضيوف
تعلقت بذراع "فيروزة" وهمست لها ترجوها:
-ماتسبنيش
هزت رأسها في تفهمٍ، وردت عليها:
-متقلقيش أنا جمبك..

تحركت الاثنتان سويًا في اتجاه غرفة الصالون التي امتلأت بالضيوف، ولكن وحده فقط من ارتكزت عيناه على عدوته القديمة، نسيبته الجديدة؛ فيروزة! تطلع إليها "تميم" في اهتمامٍ استغربه وقد بهتت أنفاسه، كانت فاتنة للغاية، خلابة تسلب العقول، ساحرة تخطف القلوب، حمد الله في نفسه أنها ليست العروس المنشودة، وإلا لا يعلم ما الذي كان أصابه حينئذ، تتبعها طوال سيرها المتهادي وهو يشعر بتلك الأحاسيس غير المفهومة تقتحم كيانه لتضاعف من تلبكه، وتهلك أعصابه .. أجبر حدقتيه على عدم النظر نحوها، لكن أبت حواسه الانصياع، بدا مأخوذًا بطلتها البهية، تدارك نفسه وأخفض نظراته ليشتت تفكيره عنها، التفت برأسه نحو زوجته الملتصقة به فوجدها محدقة بالعروس، تنفس الصعداء لكونها لم تنتبه إليه، مال نحوها ليهمس لها مدعيًا بالكذب:
-هاقوم أعمل تليفون وراجع.

نظرت له في اندهاشٍ مستنكر، وردت عليه بصوتٍ خفيض:
-وده وقته يا "تميم"؟ الكلام هيبدأ ولازم تبقى موجود
خشي من انفضاح أمر ارتباكه، فقال متحججًا:
-معلش يا "خلود" شغل ومش هاينفع يتأجل، هارجع كمان شوية.
كان جل ما يبحث عنه حاليًا هو الفرار ولو مؤقتًا من تلك الأجواء التي توتره بشكلٍ غير مسبوق، انسحب في هدوء من الصالون ليتجه إلى خارج المنزل حتى يستنشق بعض الهواء عله بذلك يستعيد هدوئه المفقود.

لفت أنظارها وهو يسير مبتعدًا باحثًا عن المخرج، نظرت له "فيروزة" من طرف عينها متعجبة من ذهابه، لم تدع الأمر يحيرها، تجاهلته وكأنه نكرة لتركز كامل انتباهها مع خالها الذي بادر معرفًا وهو يحاوط توأمتها من خصرها ليقدمها للضيوف:
-دي بقى عروستنا الجميلة "همسة"، متكسفيش يا بنتي، سلمي على عمك الحاج "سلطان" الأول، كبيرنا وبركتنا.
مدت "همسة" يدها المرتعشة إلى الكهل الوقور الجالس على الأريكة المنفردة، رحبت به مرددة بصوتٍ شبه متذبذب:
-مساء الخير.

ربت على يدها وهو يرد:
-مساء النور يا بنتي، تبارك الله..
التفتت كالملسوعة إلى جانبها حين جذبتها تلك الأصابع الناعمة من ذراعها لتسحبها نحوها، حملقت في قلقٍ لوجه المرأة المبتهج وهي تقول:
-تعالي في حضني يا عروسة ابني.
لم تقاوم شدها القاسي، واستسلمت لحضنها الإجباري، لكن ما لبث أن اِربد بوجهها بعلامات الضيق حين شعرت بها تتلمسها بطريقة متجاوزة، وكأنها تتأكد من بروز مفاتنها وصلاحيتها، تراجعت للخلف رامقة إياها بنظرة حادة متأففة، وردت بوجهٍ مقلوب:
-إزي حضرتك يا طنط؟

زمت "بثينة" شفتيها لتسخر بعدها منها:
-طنط.. أنا أبقى خالتك "بثينة" يا روحي...
رمشت بعينيها في انزعاجٍ دون أن تنطق حتى لا تشحن الأجواء من لا شيء، ولكن أضافت "بثينة" كما لو كانت تملي عليها شروطها صراحةً:
-ولما تجوزي ابني هتناديني يا ماما!
ردت ببسمة متكلفة كنوعٍ من الترضية لها:
-أها.. إن شاءالله.

إشارة واضحة من عيني خالها جعلتها تعود إلى مكانها لتجلس في المنتصف ملتصقة بوالدتها وأختها، نحنحة خشنة صدرت من "بدير" قبل أن يقول مستأذنًا بكل تهذيب:
-بعد إذنك يابا هاتكلم أنا .
أدار "سلطان" رأسه في اتجاه ابنه، وهتف مبتسمًا وغير ممانع:
-اتفضل يا "بدير".
ربتة رقيقة ممتنة حانت منه على كتف والده وهو يرد:
-شكرًا يا حاج..

جاب "بدير" بنظراته على الأوجه المنتبهة له، تنحنح من جديد ليزيح تلك الخشونة العالقة بأوتاره، واستطرد موضحًا:
-احم .. احنا مش محتاجين نتكلم في التفاصيل، الأمور واضحة، طلبات العروسة كلها مجابة، وماتشلش هم حاجة، و...
قاطعته "بثينة" قائلة بلهجة جادة وكامل عيناها مسلطة على وجه "همسة"
-اعذرني على مقاطعة كلامك يا حاج "بدير"، بس عشان نبقى على نور من أولها، أنا ابني هايعيش معايا.
هنا ردت عليها "فيروزة" من تلقاء نفسها بذهولٍ والرفض ظاهر على خلجاتها:
-أفندم.. تعيش معاكي؟

تحركت "بثينة" بعينيها نحوها لتقول وهي تجلس بخيلاءٍ في مقعدها:
-أه، مستغربة ليه؟ أنا أعدة لوحدي في بيت طويل عريض يرمح فيه الخيل، عاوزاه يتملى بأحفاد ولادي، وأنا معنديش إلا "هيثم"، ومش عايزاه يبعد عني، وهو الوحيد اللي بيشوف طلباتي، وبصراحة كده مقدرش أستغنى عنه!

استشعرت "فيروزة" من أسلوب حديثها لمحات من العدوانية المستترة، وربما طباع حادة غير مقبولة، لم تكن لتدع أختها تعاني، ستقف لمن يؤذيها بالمرصاد، لذا انتصبت في جلستها، وردت بنبرة مترفعة مليئة بالتحدي:
-حقك.. بس هنسأل العروسة الأول وناخد رأيها، ولو الكلام مش عاجبها يبقى آ...

نظرة قلقٍ تشكلت في عيني "خليل" وقد شاركت ابنة أخته المتهورة في الحوار، حتمًا ستوصل الأمور لطريق مسدود لتفسد الخطبة، وهو لن يسمح لها بذلك، ادعى الضحك ليجبرها على بتر باقي جملتها، وقال مرحبًا بحماس زائد:
-ده حماتها ست كُمل ومشهود بيها في كل الحتة، احنا عروستنا موافقة على طلبتها و...
اغتاظت "فيروزة" من فرض رأيه بطريقة سافرة، فقاطعته عن عمدٍ وقد ظهر التشنج عليها:
-يا خالي إديها فرصة تتكلم وتقول رأيها.

زجرتها "حمدية" بوجهٍ مكفهر قاصدة إحراجها أمام الضيوف:
-عيب يا "فيروزة"، خالك مش مالي عينك ولا إيه؟ ما تقوليلها يا "آمنة"! خليه يقول كلمتين على بعض.
لم تأبه لتسلطها الواضح، وقالت معاندة بإصرارٍ:
-لأ معلش، أنا مابقولش حاجة غلط، ده جواز، مش مصلحة.
رد عليها "بدير" ليمسك بزمام الحوار من جديد:
-واحنا مش هانضرها يا بنتي، كل حاجة هتتعمل وأحسن كمان، ولو هي هتعيش مع الحاجة "أم هيثم" البيت هيتفرش بأحلى عفش.

هلل "خليل" مبتهجًا:
-أهوو، الحاج جاب من الآخر، يعني كله جديد في جديد!
بدت "فيروزة" متحفزة ومستعدة للمضي قدمًا في ذلك النقاش حتى نهايته، لن تتراخى فيما يخص شأن أختها، وإن جعلها ذلك مكروهة من الآخرين .. مصمصت "بثينة" شفتيها لتقول بتبرمٍ:
-المفروض دي اتفاقات رجالة، مش عارفة الحريم بيتحشروا ليه؟

استشاطت نظرات "فيروزة" وكادت ترد عليها بغلظةٍ لولا أن نهضت "حمدية" من مكانها لتلكزها في جانب ذراعها قبل فوات الآوان، ثم سددت لها نظرة قاسية وهي تأمرها بصوتها الخفيض:
-قومي هاتي الشربات للضيوف، يالا.. عيب نسيبهم كده، هايكلوا وشنا، مظبوط يا "آمنة"؟
شعرت "آمنة" بتوتر الأجواء واحتقانها فجذبت ابنتها من ذراعها وهي ترجوها:
-تعالي معايا يا بنتي.
ردت "فيروزة" على مضضٍ:
-ماشي.

أذعنت مضطرة لأمرها المستفز فقط حتى تنفرد بوالدتها، تركتها تتحرك أولاً ثم تبعتها في هدوء، لكن نظراتها المحمومة عادت لتلتقط صاحب الوجه الصارم الذي أقبل عليها وقد بدا هو الآخر متفاجئًا لرؤيتها تخرج إليه وهو يتلمس طريق العودة، توقف "تميم" في مكانه مقاومًا حالة التخبط التي تشوش على تفكيره بشأنها، ابتسامة مستخفة صدرت من "فيروزة" قبل أن تهمس له وحنقها نحوه قد تجدد:
-خشلهم، أصلها كانت نقصاك إنت كمان!

أوقظت بنبرتها الخافتة مشاعره الغاضبة ناحيتها، تذكر إهانتها .. صفعتها .. تطاولها اللفظي .. إساءتها غير المقبولة .. وكل ما يوقد تلك النيران الحانقة فيه ويولّد فيه كراهية لا حدود لها لشخصها المزعج، كظم غضبه، وتنفس بعمقٍ ليحجم من انفعالاته قبل أن تخرج عن طور سكونها. عاود "تميم" أدراجه ليلحق بها، وقبل أن تطأ المطبخ أمسك بها من رسغها ليستوقفها، استدارت "فيروزة" نحو ذاك الذي أمسك بها دون استئذان، تفاجأت به قريبًا منها بمسافة خطيرة.

كان جريئًا للحد الذي جعل تفكيرها يُشل لحظيًا، حدجته بنظرة نارية وهي تكز على أسنانها محاولة التملص منه وتحرير يدها، لكنه قابلها بنظرة مميتة خالية من الحياة، شدد من قبضته على جلدها الناعم وقد أخفض صوته للدرجة التي تصل إلى مسامعها ليقول لها عن عمدٍ حتى يستفز أعصابها:
-احمدي ربنا إنك مش مراتي، لأني ... مكونتش هارحمك...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة