قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الرابع

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الرابع

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الرابع

في صباح اليوم التالي...
استيقظت لمار من نومها على صوت زقزقة العصافير...

فتحت عينيها الخضراوتين وابتسامة شقية تعلو ثغرها، رفعت جسدها قليلا تتأمل الغرفة الفارغة لتقطب جبينها بحيرة، زفرت انفاسها وهي تنهض من مكانها وتلتقط ثوبها لترتديه بسرعة، ثم سارت على اطراف اصابعها متجهة نحو الحمام الملحق بالغرفة، طرقت على باب الحمام بخفة فلم يأتها الرد، فتحت باب الحمام واخذت تتفحص داخله بإحباط، ثم ما لبثت ان خرجت من الحمام متجهة الى باب الغرفة، فتحت باب الغرفة وخرجت الى الخارج واخذت تسير داخل الممر الطويل بلا وجهة محددة، كل ما فكرت فيه انها تريد فارس الان وحالا، شعرت لمار بالضيق الشديد وهي تتفحص الاماكن من حولها، كان هناك العديد من الغرف المغلقة المحيطة بها، قررت ان تهبط الى الطابق السفلي وترى فارس علها تجده هناك، وبالفعل هبطت الى هناك وسارت باتجاه احدى الغرف حينما لمحت الخادمة تسير باتجاه تلك الغرفة، اتبعت لمار الخادمة ودلفت الى داخل الغرفة لتنصدم بزوج من العيون اللاتي تنظران اليه بصدمة شديدة...

تأملت صفية كنتها بملامح مذهولة سرعان ما تحولت الى اخرى غاضبة، كانت لمار تقف امامها وهي ترتدي فستانها القصير، شعرها الطويل ينساب على ظهرها من الخلف، حافية القدمين، نهضت صفية من مكانها مستندة على عكازتها واتجهت نحوها لتتبعها رؤية بسرعة وتسندها بينما تشعر بالأسف لتلك المسكينة التي ارتكبت اثما كبيرا دون ان تنتبه، رفعت صفية عكازتها في وجه لمار وهي تقول بصوت مليء بالغضب:.

انتِ، ماذا تفعلين هنا وانت بهذا الشكل المخزي؟!
ابتلعت لمار ريقها ثم قالت بتوتر واضح وملامح مرتعبة:
انا، كنت ابحث عن فارس...
ضربت صفية الارض بعكازها مما جعل جسد لمار يرتجف بسرعة:
كيف تنزلين الى هنا بهذا الشكل؟! ماذا سيقول عنك الخدم الان؟!
انا اسفة...
قالتها لمار وهي تكاد تبكي من شدة الاحراج والاهانة بينما اخذت صفية تهمهم:
يا الهي، الصبر، ماذا سأفعل الان؟! هذه عروس هذه، انها مصيبة وحلت علينا...

اخفضت لمار وجهها ارضا بينما حاولت رؤية تهدئة والدتها حينما دلف فارس اخيرا الى غرفة الطعام...
اتسعت عينا فارس مما يراه امامه بينما تقدمت صفية منه وهي تهتف:
تعال يا فارس، تعال وانظر الى هذه المصيبة التي حلت علينا...
ما هذا الذي ترتدينه بحق الله؟!
قالها فارس بصوت يملؤه الغضب لتعض لمار على شفتها السفلى بقوة بينما تجيب بنبرة متلكأة:
انا، انا لم اقصد، انا اسفة...

ثم هطلت الدموع من عينيها بغزارة ليتجاهل فارس والدته ويتقدم من لمار قابضا على ذراعها جارا اياها خلفه نحو غرفته...
كان يسير نحو غرفته وهو لا يرى امامه من شدة الغضب، يده تقبض على ذراع لمار باقصى قوتها، بينما يجرها وراءه كخروف يقاد الى المذبح...
ادخلها الى الغرفة واغلق الباب خلفه، عقد ذراعيه امام صدره وقال بنبرة هادئة تناقض الثورة المعتملة بداخله:
هل لك ان تفسري لي ما يحدث هنا؟!

وقفت لمار امامه كتلميذ مُسِك بالجرم المشهود، ابتلعت ريقه وهي تقول باعتذار:
انا اسفة فارس، لقد نزلت الى الاسفل بحثا عنك، لم اقصد ان اتسبب بفوضى كهذه في المكان...
انت لم تفهمِ بعد اين تكمن المشكلة، أليس كذلك؟!
اومأت لمار برأسها ليتنهد فارس بقوة قبل ان يقبل عليها ويقف امامها قائلا:
هل توجد فتاة عاقلة تخرج خارج غرفتها وهي ترتدي ملابس كهذه؟!
رفعت لمار بصرها نحوه ثم تأملته بحيرة قبل ان تهتف:.

انا لا افهم، ما بها ملابسي؟!
زفر فارس انفاسه بتعب ثم قال بجدية:
لا يجوز، لا يجوز ان تخرجي خارج غرفتنا بملابس كهذه...
ردت لمار ببلاهة غير مستوعبة لما يقوله:
انا كنت اخرج من المنزل دوما بملابس كهذه...
فارس وهو يكاد يطلم على رأسه:
يا فرحتي بك...
ثم اردف وهو يقبض على ذراعها:
اسمعيني يا هذه، اريدك ان تنسي كل ما كنت تفعلينه هناك، وما كنت ترتدينه ايضا...
كيف يعني؟!
سألته لمار بصوت مرتجف ليهتف فارس بها بنبرة قوية:.

يعني انت الان هنا في قريتي، كما انكِ زوجة شيخ القرية، لا يجوز ان تخرجي من غرفتك بملابس كهذه، هذه الملابس ترتدينها فقط لي، اما حينما تخرجين من هنا فانك ترتدين ملابس طويلة وفوقها حجاب طويل...
ولكنني غير محجبة...
كنتِ، كنت غير محجبة...
قالها فارس مصححا قبل ان يهتف بتحذير:
ولكن بما أنك تزوجتني فلقد اصبحت امرأة محجبة، هل فهمت؟!

وقبل ان تجيب لمار عليه كان صوت الخادمة قد جاء يخبره من خلف الباب بأن عائلة لمار قد جاءت لرؤيتها...

كادت لمار ان تركض خارج الغرفة لرؤية عائلتها لولا ان فارس اوقفها بإشارة من يده ثم اخبر الخادمة بأنهم قادمون في الحال...
اقترب فارس من لمار وقال بلهجة امرة:
ارتدي عبائتك وحجابك التي ارسلتهم اليك البارحة حتى نشتري لك ملابس جديدة مناسبة للخروج...
اومأت لمار برأسها وهي تجاهد لاخفاء دموع عينيها ثم ارتدت العباءة وفوقها الحجاب ليمد فارس لها كف يده فتمسكها بتردد وتهبط معه نحو الطابق السفلي...

ما ان رأت لمار والدتها حتى ركضت نحوها وعانقتها بقوة، احتضنتها والدتها بينما اخذت لمار تبكي داخل احضان والدتها تحت انظار صفية المستنكرة وعادل القلقة وفارس الباردة...
جلس الجميع في صالة الجلوس ولمار ما زالت تبكي داخل احضان والدتها بينما تحاول والدتها ايقافها عن البكاء وهي تشعر بالحرج من جميع من حولها...
حسنا يا ابنتي، توقفي، انا هنا...

كانت هذه كلمات والدتها التي تحاول تهدئتها بينما تحدثت رجاء التي جاءت معهم وقالت:
أين حفيدي؟! اريد ان اراه...
اشارت صفية الى رؤية لتجلب لها الصغيرة فنهضت رؤية من مكانها وفعلت ما امرت به والدتها متجهة الى غرفة الصغير، اما لمار فقد توقفت عن البكاء اخيرا لكنها ما زالت تحتضن والدتها بقوة...

جاءت رؤية بعد لحظات وهي تحمل الصغير داخل أحضانها، اخذته رجاء منها بلهفة واحتضنته بشوق وبدأت في تقبيله، اخذ الطفل يبكي فجأة داخل احضانها لتنهض رؤية من مكانه تنوي اخذه الا انها توقفت في مكانها بإشارة من والدتها التي قالت بنبرة قوية:
والدته تأخذه...
تطلع الجميع الى لمار التي لم تفهم لماذا ينظر الجميع اليها حتى لكزتها امها وهمست لها:
تقصدك انت...
ردت لمار وهي تشير الى نفسها ببلاهة:
انا والدته...

قالت صفية ساخرة منها:
وهل توجد غيرك؟!
نهضت لمار من مكانها واتجهت نحو رجاء التي اعطتها الطفل على مضغ، بالكاد استطاعت لمار ان تحمل الطفل بالشكل الصحيح ولا توقعه، بينما نهض عادل من مكانه وقال:
نحن يجب ان نذهب الان، لقد تأخرنا...
اتسعت عينا لمار بعدم تصديق بينما نهضت والدتها واقتربت منها قائلة:
حبيبتي، لقد جلبت لك الفطور الذي تحبينه، تناوليه كله...

لكن لمار كان لها رأي اخر حيث قالت بنبرة اقرب للبكاء امام انظار الجميع:
لا تذهبي ماما، خذيني معك...
لمار...
صاح بها فارس بقوة لكنها لم تبال وهي تقول بتوسل ورجاء:
ارجوك ماما، خذيني معك، اتوسل اليك...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة