قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

بعد مرور عدة ايام...
استيقظت لمار من نومها على صوت صراخ يملأ ارجاء المنزل...
قفزت بسرعة من سريرها وخرجت من غرفتها متجهة الى صالة الجلوس لتجد والديها يتعاركان سويا...
كانت هذه المرة الاولى التي ترى بها والديها بوضع كهذا فهي منذ ان وعت على هذه الدنيا ووالديها متطلقان...
ولم تأت لها الفرصة أن ترى والديها يعيشان حياة زوجية طبيعية فيتشاجران سويا مثلا كأي زوجين طبيعيين...

تقدمت نحويهما مسرعة وهي تتسائل بخوف:
ماما، بابا، ماذا يحدث هنا؟!
الا ان والدتها قالت بحزم:
ادخلي الى غرفتك لمار ولا تخرجي منها حتى اسمح لك...
لكن والدها كان له رأي اخر:
دعي لمار تسمع ما اريد قوله...
قالت الام بعصبية:
ماذا تريدها ان تسمع بالضبط؟! ما تفوهت به من جنون قبل قليل...
رد الاب بعصبية مماثلة:
لا تثيري اعصابي يا امراة، ما اريده سيحدث، شئت ام ابيت، وانت عليك ان تفهمي هذا جيدا، هل فهمت؟!
الام بتحد:.

هذه ابنتي، وانا لن اسمح لك ان تفعل بها شيئا كهذا...
اخذت لمار تنقل بصرها بين الاثنين بحيرة شديدة وقلق اشد حتى صرخت فجأة بهما:
يكفي توقفا...
ثم التفتت نحو الاب وسألته:
اشرح لي من فضلك ما يحدث هنا...
اخذ الاب نفسا عميقا قبل ان يجيبها بجدية:
انت ستتزوجين يا لمار...
ماذا؟!
هتفت بها لمار بعدم تصديق بينما اكمل والدها حديثه الصادم:
لا يوجد حل اخر امامي، يجب ان تتزوجي زوج اختك نشوى، هو تقدم لخطبتك وانا وافقت...

ماذا تقول يا ابي؟! انت بالتأكيد تمزح...
هز الاب رأسه نفيا وقال:
انا لا امزح، هذا ما حدث، اسمعيني جيدا...
الا ان الام قاطعته بغضب ونفاذ صبر:
ماذا تريدها ان تسمع؟! هل جننت، كيف تطلب منها شيئا كهذا؟!
سالت دموع لمار التي قالت بسرعة:
انا غير موافقة بابا، من المستحيل ان اوافق علي شيء كهذا...
اقترب عادل منها واحاط وجنتيها بيده وقال بوداعة مفتعلة:
ارجوكِ يا ابنتي، اسمعيني اولا واصدري حكمك بعدها...

اشاحت لمار بوجهها بضيق بينما استرسل الاب في حديثه:
يا ابنتي اذا لم تتزوجِ من فارس سوف اخسر جميع املاكي، افهميني ارجوكِ...
اتسعت عينا لمار بصدمة قبل ان تقول بدهشة:
كيف يعني ستخسر جميع املاكك؟!
اجابها الاب بإختصار:
عائلة صفوان يملكون علينا ديون كثيرة، وهم يريدون ديونهم، ونحن لا نمتلك رصيد كاف لتسديد ديوننا، لهذا فأننا سنضطر لان نعطيهم املاكنا مقابل الدنيا، الشركة والقصر...

انت تبيع ابنتك من اجل الاموال...
قالتها الام بدهشة قبل ان تردف بسخرية:
على العموم هذا ليس بجديد عليك، طوال عمرك واهم شيء لديك المال، تبيعنا جميعا وتبيع نفسك لأجله..
ولماذا يريد السيد فارس الزواج بي مقابل الاموال؟! هل انا مهمة وثمينة لهذه الدرجة حتى يتنازل عن ديونه لأجل الزواج بي؟!
قالتها لمار بمرارة لتصرخ الام بها:
لمار هذا الموضوع منتهي، لا تشغلي نفسك وتفكري به من الاساس...

لكن الاب لم يهتم بما قالته بل وضح لها السبب:
فارس يريد ام لابنه، ومن عاداتهم هناك في القرية حينما تموت الزوجة يتزوج زوجها باختها فهي تكون اكثر واحدة مناسبة له وخصوصا اذا كان لديه اولاد منها...
انا غير موافقة بابا...
قالتها لمار ليصرخ الاب بها:
ماذا يعني غير موافقة؟! اقول لك بأنني سأخسر جميع املاكي وانتِ ترفضين...
ابنتي لن تتزوج بهذا الرجل، وانت اخرج من بيتي...
التفت عادل نحوها وقال بتهديد صريح:.

لا تعاندي كثيرا يا ايمان، فأنا قادر على فعل الكثير، وانت تعلمين هذا جيدا...
تهددني يا عادل، هل وصل بك الجبروت الى هذه الدرجة؟!
رد عادل بحسم:
اسمعاني انتما الاثنان جيدا، لمار ستتزوج من فارس، انا والدها وولي امرها، غير هذا انت تعرفين نفوذي جيدا وماذا بإمكاني ان افعل من خلاله بك وبإبنتك، وافقي على الزواج افضل لك من اثارة المشاكل...
ثم خرج تاركا لمار تبكي في احضان والدتها...


اغلق فارس الهاتف واتجه نحو والدته التي تسائلت بلهفة:
ماذا كان يريد منك عادل؟!
جلس فارس بجانب امه واجابها بجدية:
يخبرني بأنه موافق على طلب خطبتي لإبنته...
زغردت الام بسعادة بينما اشاح فارس وجهه بضيق لتتوقف الام عن زغاريدها وقالت لابنها:
ما بك يا بني؟! تبدو منزعجا...
فارس بضيق واضح:
لم يكن وقتها يا امي، لم يكن وقتها ابدا...
صفية بتساؤل واستغراب:
متى وقتها اذا؟!
اجابها فارس بنبرة جادة:.

كان علينا انتظار فترة من الزمن، كما ان الفتاة تبدو غير مناسبة لي...
ومن قال هذا؟! الفتاة بالتأكيد مناسبة لك، يكفي انها اخت زوجتك الراحلة...
نهض فارس من مكانه واتجه نحو النافذة وقال بشرود وهو يتطلع من خلال النافذة نحو الاراضي الخارجية المحيطة بقصرهم:
ولكننا لا نعرف عنها اي شيء...
نهضت الام من مكانها مستندة على عكازها وتقدمت نحوه، ربتت على كتفه قائلة:.

ستتعرف عليها قريبا، وانا متاكدة من كونها انسب واحدة لك، وسترى هذا بنفسك...
أتمنى هذا، اتمنى هذا من كل قلبي...
قالها فارس برجاء حقيقي ثم تحرك خارج المكان لتتقدم بعد لحظات شابة صغيرة وتقترب من صفية متسائلة:
امي ماذا يحدث هنا؟! لماذا اخي فارس يبدو منزعجا؟!
اجابتها صفيةة:
فارس سيتزوج يا نورا، لا تنسي ان تباركي له...
نورا بعدم تصديق:
سيتزوج في هذا الوقت، لم يمر على وفاة زوجته الكثير...

صرخت بها صفية مؤنبة اياها:
وماذا يعني هذا؟! هل تريدنه ان يبقى عازبا لوقت طويل؟! ثانيا ما علاقتك انت بهذه الامور؟! انتبهي على اشياء اخرى اهم من امور الكبار وأحاديثهم...
حسنا حسنا، لا داعي لكل هذه العصبية، الخطأ مني لاني سألت...

قالتها نورا وهي تزم شفتيها بضيق قبل ان تتحرك خارجة من المكان لتبقى صفية لوحدها فتجلس على كرسيها مرة اخرى وهي تدعو في داخلها ان يهدي الله فارس ويقدم له الخير في كل خطوة يخطوها...

وماذا ان رفضت؟!
قالتها رجاء وهي ترتشف رشفة صغيرة من فنجان قهوتها ليضع عادل فنجان قهوته على الطاولة الموضوعة امامه ويقول بجدية:
لا يمكن ان ترفض، لقد هددتها بشكل علني، هما لا يستطيعان الوقوف بوجهي، كما لا تنسي بأني اصرف عليهما وحتى المنزل الذي يمكثا به بإسمي...
ليتني امتلك ثقتك هذه، ولكن ما كان عليك ان تخبر فارس بموافقتك قبل ان تضمن موافقة ابنتك...
عادل بثقة شديدة:.

لمار ستوافق، انا واثق ومتأكد من هذا، لا تقلقي بشأن هذا الموضوع...
تنهدت رجاء بقلة حيلة قبل ان تقول بألم:
وحتى لو وافقت، ماذا سأستفيد انا؟! حفيدي سيبقى بعيد عني عيني...
اقترب عادل منها وقال:
سنراه متى ما نشاء، كما ان لمار طيبة وستعتني به جيدا...
هل تمزح يا عادل، لمار ما زالت طفلة، كيف بإمكانها الاعتناء بطفل صغير ورعايته؟!
زفر عادل انفاسه وقال بضجر:.

هناك العديد من الخادمات، سوف يقمن بالعناية والاهتمام به بكل تأكيد..
ألا يهمك حفيدك ولو قليلا حتى؟!
سألته رجاء بألم واضح ليجيب عادل كاذبا:
بالطبع يهمني، وإلا ما كنت سأزوج فارس ابنتي حتى تعتني به وتراعيه...
رجاء بمقت:
كذبك هذا ينطلي على عائلة صفوان وليس علي، كلانا يعرف انك ستزوج لمار لفارس حتى تضمن دعم عائلة صفوان الدائم لك...
يكفي يا رجاء، لقد مللت منك ومن كلامك...

قالها عادل بنفاذ صبر لتنهض رجاء من مكانها وتقول وهي تتجه خارج صالة الجلوس:
بل انا من مللت من كل هذا، مللت حقا،!

مرت ايام اخرى...
كل ما حدث بها ان لمار وافقت على الزواج بعدما حاول عادل بكل الطرق اقناعها مستخدما مختلف اساليبه فلم يكن امام لمار سوى القبول...
اتفق فارس مع عادل ان يتم عقد القران بعد اسبوع على ان يأتي فارس مع عمه الكبير الى المدينة ليتم عقد القران بهدوء ثم يأخذ زوجته معه ويعود الى القرية...
جاء يوم عقد القران اخيرا...

كانت لمار جالسة على سرير واسع في غرفة واسعة تقع ضمن العديد من غرف قصر والدها تنتظر انتهاء عقد القران فقد جاء القاضي الى المنزل منذ قليل وسبقه العريس وعائلته...
انتهى عقد القران فوجدت والدتها تقترب منها وهي تقول بنبرتها الحزينة المتحسرة:
انهضي يا لمار، والدك يريدك ان تنزلي انت واغراضك، فعريسك مستعجل على الذهاب...

نهضت لمار من مكانها واخذت تكفكف دموعها بينما فوجئت باحدى الخادمات تقترب منها وهي تحمل كيس به ملابس سوداء...
سألت ايمان باستغراب:
ما هذه الملابس؟!
اجابت الخادمة موضحة:
انها عباءة طويلة و معها حجاب، ارسلها السيد فارس طالبا من العروس ان ترتديها...
ماما انا لن ارتدي هذه الاشياء...
قالتها لمار بعصبية شديدة لتقترب والدتها منها وتحتضن وجهها بين كفي يدها وتقول برجاء بالغ:.

لمار حبيبتي، لا تفتعلي المشاكل ارجوك، نفذي كلامه فهناك في القرية لن يقبلوا بأن ترتدي ملابس كهذه...
اشاحت لمار وجهها بضيق وهي تفكر في تلك الورطة التي تورطت بها بينما اخرجت والدتها العباءة من الكيس والبستها اياها ثم لفت الغطاء الاسود على رأيها مغطية شعرها بالكامل...
خرجت لمار منكسة الرأس تتبعها والدتها...
اتجهت نحو صالة الجلوس حيث يجلس الجميع هناك في انتظارها...
نهض الجميع ما ان وجدوها تقبل عليهم...

اقترب الاب منها وطبع قبلة على رأسه قبل ان يهمس لها:
مبارك لك حبيبتي...
اتجه فارس نحوها ووقف بجانبها ثم اشار لعمه قائلا:
هيا يا عمي، يجب ان نذهب...
ثم قال موجها حديثه لعادل:
عن اذنك عادل بك، سأاخذ زوجتي وارحل..
لن اوصيك عليها يا فارس، انتبه عليها جيدا..
اومأ فارس برأسه دون ان يرد بينما اقتربت لمار من والدتها ورمت بنفسها بين احضانها لتربت والدتها على ظهرها والدموع تنساب من عينيها...

تحركت بعدها لمار مع فارس ليتجه بها نحو سيارته...
ركبت لمار في الكرسي الخلفي بينما ركب فارس وعمه في الكرسيين الاماميين لينطلق فارس في سيارته متجها الى القرية حيث ستبدأ لمار هناك حياتها الجديدة معه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة