قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

تعالت تلك الصرخات داخل فيلا السعيد مما اثار تحفظه لهذا الصخب الغير مبرر..
حاول النهوض من على فراشه وحيدا لكنه لم يستطع فأخذ ينادي على احد الخدم اونهى لتأتي لمساعدته في الجلوس على الكرسي المدولب الذي امره الطبيب باستخدامه بشكل دائم حتى لا يجهد قلبه بالسير على قدميه..

اخذ في النداء من جديد الا ان تلك الصيحات كانت عالية كفاية لتصم الاذان عن سماع نداءاته، تنهد في قلة حيلة منتظرا ان يأتيه احدهم ليخبره بما يحدث..
هتفت نهى من بين أسنانها محاولة السيطرة على غضبها في وجه ذاك الحقير شهاب وهو يصرخ بهذا الشكل المثير للحنق: - قلت لك أخفض صوتك وانا على استعداد للتفاوض معك فيما تريد..

تنبه شهاب في فرحة لما تعرض وهتف في تخابث: - تتفاوضين في شأن ارثي من ابنة خالك أليس هذا ما تعنين!؟.
حاولت نهى السيطرة على الموقف قدر استطاعتها حتى لا يصل صوته الجهوري الى جدها فهتفت تهادنه: - تعال الي مكتبي وصدقني لن نختلف، لكن عليك الرحيل الان، ارجوك..
نظر شهاب اليها في ريبة وأخيرا هتف في سماجة: - حسنا، سأت لمكتبك ونتشاور واعلمي اني لن أتنازل عن حقي ابدااا..

كانت نهى تعلم ان لا حق له من الأساس في أي ارث لكن ما كان بيدها حيلة الا الإزعان لتهديداته المبطنة وخاصة ان جدها مستيقظا بالداخل ولا تريده ان يقابل ذاك الحقير ويعلمه بأمر حياة لذا هزت رأسها في استسلام مؤكدة: - صدقني ساعطيك كل ما تطلب، لكن ارحل الان..

اومأ شهاب برأسه موافقا وخرج من باب الفيلا لتزفر نهى في راحة مندفعة لتستطلع اخبار جدها، فتحت باب حجرته في هدوء متطلعة لموضعه على الفراش ليتنبه هو لوجودها هاتفا: - ما هذا الصخب الدائر بالخارج!؟.؟
ابتسمت نهى مؤكدة: - لا شيء ذو أهمية يا جدي، مشكلة مع بعض الخدم وانتهت على خير، لا تشغل بالك الا بصحتك أيها السعيد..
قهقه جدها في مودة هاتفا: - اما كفاكِ تدليلا لجدك العجوز!؟.

هتفت نهى في مرح: - ابدااا، سأظل ادللك ما حييت، فانت أروع جد..
ومالت تطبع قبلة حانية على جبينه ليبتسم هو في محبة خالصة لحفيدته الشقية، وتمنى داخله عودة حفيدته الاثيرة حتى يهنأ بقربهما سويا..

خرجت من كوخها عندما بدأ الليل يرخي سدوله لتجده ممددا امام كوخه ناظره شاخصا للسماء، جلست في هدوء دون ان تنبس بحرف، ادار وجهه اليها لتستقر نظراته عليها للحظة ثم اعاد وجهته للسماء من جديد هامسا في قلق: - الهدوء الليلة قاتل، هدوء مثير للريبة..
أكدت وهى تتطلع حولها في اضطراب: - صدقت، ذاك الهدوء الحذر يقلقني..

اكد دون ان يستدير لها: - نعم، أرجو ان لا يكون ذاك الهدوء الذي يسبق العاصفة، اومأت برأسها ايجابا ليستدير باتجاهها ليراها تولي وجهها للبحر الذي يبدو هادئا بشكل مريب..
همس مطمئنا: - كل شيء سيكون على ما يرام..
همست: -اتعشم ذلك..

نهض من موضعه في اتجاه كوخه هاتفا: - تصبحين على خير، الجلوس هنا لا فائدة منه، النوم خير وسيلة للهروب من القلق، هتفت في اضطراب: - هل ستنام حقا!؟، الا يمكنك ان تبقى قليلا!؟، انا اشعر برهبة شديدة من جراء ذاك الصمت المطبق، ابتسم مؤكدا: - لا تخافي، الامور ستسير بشكل جيد، انه مجرد هاجس لا اكثر، اذهبي للنوم بالمثل..
اكدت في صوت متحشرج: - لن أستطيع النوم والقلق يتأكلني، لن يغمض لي جفن دون شعوري بالامان..

هتف مشاكسا: - الامان بقربي، فانا بائع الامان الوحيد هنا، فهل من مشتٍر!؟، نظرت اليه شذرا هاتفة في غيظ: - الا تمل ابدا!؟، اتمنى ان تبور بضاعتك..
قهقه مؤكدا في ثقة: - ابدااا، الامان بضاعة لا تبور مع التقادم، وستدركين ذلك يوما ما..
نهضت متجهة لكوخها وقبل ان تدخل وتغلق بابه خلفها هتفت في ثقة: - قد يحدث ذلك، اتعلم متى!؟، حين تطير الافيال..

قهقه ولم يعقب على كلماتها وهى تحتمي داخل كوخها ليحذو حذوها ويدخل كوخه بدوره مستعدا لنوم مبكر، ابكر من المعتاد..

دخل شهاب على اخته التي انتفضت في لهفة هاتفة في تعجل: - هااا، ماذا فعلت!؟.
اكد شهاب: - لم أقابله، لكن حفيدته الأخرى وعدتني بإعطائي كل ما ارغب..
صرخت شادية في غضب: - لماذا لم تقابله..!؟، الم يكن هذا ما اتفقنا عليه!؟.
هتف شهاب في سخط مشيحا بيده: - هذا ما حدث، لقد صرخت وكان صوتي يوقظ الموتي لكنه لم يظهر وكانت هي تقف بالمرصاد فقلت يكفيني العرض الذي قدمته لي..

تنهدت شادية في نفاذ صبر هاتفة: - حسنا..
ساد الصمت للحظة لتقطعها هي في صوت كفحيح افعي وهى تربت على خدها بسبابتها
في تفكير عميق: - فليكن، ولنضرب عصفورين بحجر واحد..
هتف شهاب متسائلا: - كيف ذلك!؟.
تنهدت من جديد في خيبة هاتفة: - سأخبرك يا اخرة صبري..

ونظرت اليه ممتعضة هاتفة في استهزاء: - لا اعرف لما أراد ابوك انجاب ذكر يحمل اسمه ليبتلينا الله بك لتكون عالة علىّ غير قادر حتى على القيام بما يقوم به الرجال أيها الغضنفر، لا اعرف ما الذي يجعلني اتحملك وانت مجرد مصدر للمشكلات ولا قدرة لديك على حلها الا بمشورتي وتوجيهاتي، اما من منفعة تذكر يمكن ان تأتي من رفقتك!؟.

هتف شهاب في برود فقد استمع الي تلك المسبة المطولة مرارا وتكرارا حتى اعتادها وأصبحت من الطقوس التي تتبعها اخته ولم يعد يعبء بها: - وأي منفعة تنتظرين اكثر من مال حفيدة السعيد الغالية!؟.
هتفت وهى تمط شفتيها في سخرية: - لنرى هل ستستطيع تنفيذ ما اتفقنا عليه، ام انك ستخيب املي كما تفعل دوما!؟.
اكد شهاب في ثقة: - بل سأفعل، فذاك المال هو الأمل الذي أعيش عليه منذ علمت بوفاة حياة، ولن يكون لغيري..

هتفت شادية في استهانة وهى تتجه الى المطبخ: - افلح ان صدق..
وأطلقت ضحكة مجلجلة تسخر منه كما هي عادتها..

انتفض داخل كوخه عندما شعر ببرودة الماء تصل لجلده في نفس اللحظة التي تناهى له صرخاتها ليدرك ما ان نهض من موضعه ان مياه البحر أصبحت بالفعل داخل كوخه، فمد البحر هذه الليلة قد وصل ذروته وبدأت الريح بالفعل في الزمجرة بالخارج، دفع بابه ليجدها قد اندفعت من بابها بدورها، كانت الريح تعلن عن غضبتها وبدأت في دفع الاشياء كلها في طريقها..

هتف ادم في توتر: - كنت اعلم ان الامر لن يمر على خير، ها هي الطبيعة تكشرعن انيابها..
صرخت في اضطراب وهى تمسك بغطاء رأسها تحاول احكام سيطرتها عليه مع عدم قدرتها على السير في ردائها الطويل الذي بدأت مياه المد تقذف بأمواجها عليه فبللته كليا وجعلته ثقلا يعجزها عن الحركة بخفة في ظل ذاك الجو الثائر: - ماذا علينا ان نفعل!؟.

ما ان هم بالاجابة حتى دفعت موجة قوية من الريح بسقف كوخيهما ليطير في الهواء كانما هو ريشة لا ثقل لها..
جذب نفسه بالكاد حتى وصل لموضعها القريب يحاول ان يكون حائط صد لها في مواجهة تلك العاصفة القوية التي تشتد لحظة بعد اخرى وكذا المد الذي بدأ يزمجر قازفا بأمواجه ليغرقهما كليا ضاربا بظهره في قوة اشبه بحد السيف وهو يقف كصخرة يتناوله عنها في صلابة..

مد كفه ممسكا بكفها جاذبا إياها جذبا في اتجاه كوخها ليمسك بحقيبة الملابس التي لحسن الحظ وجدها مغلقة واتجه الي ذاك التل الذي دوما ما تختلي فيه بنفسها وحيدة على قمته..

جاهدا حتى وصلا لسفحه وبدأ هو في التسلق من الجانب المعاكس لاتجاه الريح جاذبا حياة خلفه بكف والحقيبة بكف اخر حتى وصلا لداخل كهف في باطن التل كان قد استكشفه منذ وطئت أقدامه الجزيرة وبعد ان كان قد اقام كوخه بالفعل، كان قد قرر الانتقال اليه لكن وجده رطبا وخانق بعض الشئ وبه بعض الحشرات التي قد تكون مؤذية فعدل عن الفكرة..

الان اصبح الموضع الوحيد المتاح لهما بعيدا عن الدغل الذي يمكن ان يكون اخطر مكان لبقائهما في وقت العاصفة نظرا لاحتمالية سقوط الاشجار، وكذا الابتعاد عن الشاطئ لعلو المد بهذه الطريقة الغير معتادة..

توقفت على مدخل الكهف لاتجرؤ على الدخول لتلك العتمة التي تعم باطنه ليدخل ادم في حذر ممسكا كفها مشجعا حتى تتبعه، همست في صوت باكِ: - هل سنمكث هنا!؟، همس مؤكدا: - وهل هناك خيار اخر!؟، الوضع بالخارج مرعب وربما يزداد سوءا، الحمد لله اني كنت على علم بموضع ذاك الكهف والا ما وجدنا مكانا يأوينا في مثل ذاك الظرف القاهر، تعالي..
ترك كفها وانحنى ممسدا بكفه بكل حرص على ارض الكهف الصخرية يمهدها لاجلها..

همست متعجبة: - ماذا تفعل!؟.
اكد في نبرة عادية: - أمهد لك الأرض لأتأكد انها خالية من الحشرات التي قد تؤذيكِ..
واستطرد عندما لم تعقب صامتة في صدمة لفعلته: - يمكنك الجلوس الان، هيا، جلست حيث ربت على وجه الارض في ثقة وأسندت ظهرها على جدار الكهف في حذّر ليجلس جوارها متنهدا هامسا وهو يربت على كفها: - اطمئني، سينتهي الامر على خير، انها عاصفة وبعض المد، من حق الطبيعة ان تغضب قليلا..

اومأت برأسها في هدوء هامسة: -لا يهم ما يمكن ان يكون بالخارج، نحن هنا في امان، أليس كذلك!؟.
اومأ براسه مؤكدا: - نعم نحن بأمان، واستطرد مازحا: - هل ادركتي الان ان الامان سلعة لا تبور ابدااا!؟.
وهتف ساخرا في مزاح يحاول إخراجها من حالة الذعرالتي تتلبسها: - بالمناسبة، هل طارت الافيال!؟
اتسعت ابتسامتها مؤكدة: -لا، بل طارت الأكواخ ونحن هنا عالقون بلا حول ولا قوة..

قهقه لمزاحها الغير معتاد لتتوقف ضحكاته مع صرختها عندما زمجر الرعد بالخارج وبدات السماء تبرق ويهطل المطر الغزير..
ألتصقت به في ذعر حقيقي فهو يعلم انها تخشى صوت الرعد بشدة، همس بالقرب من مسامعها التي تخفيها خلف ذراعيها محيطة بهما رأسها: - اطمئني، لن يصيبك مكروه وانا بجانبك..
همست في اضطراب وبصوت متحشرج وهى ترتجف: - اشعر ببرد غريب ينخر عظامي، هل هو الموت!؟.

ابتسم مشفقا: - لا، بل ثيابك المبتلة هى سبب ارتجافك، علينا ان نشعل بعض النيران للتدفئة، وعليك تبديلها باخري جافة واشار للحقيبة التي رأت اين وضعها باحد اركان الكهف حيث هتف امرا: - لقد هداني الله لإحضارها في اخر لحظة، اخرجي لك ما يمكن ان ترتديه ودعيني احاول إضرام النيران في الاعواد الجافة هنا..
هتفت وقد بدأت في الارتجاف بشدة وهى تتحرك نحو موضع الحقيبة: - وماذا عنك!؟

هتف ساخرا وهو يجمع الاعواد الجافة من هنا وهناك والتي تظهر له على مدخل الكهف عندما تضئ السماء للحظات بفعل البرق: - ماذا عني!؟، الحقيبة ليس بها الا ملابس نسائية على ما أتذكر..

وضع الأعواد في كومة بمنتصف الكهف لتهتف وهى تفتح الحقيبة تتناول منها ما يمكنها ارتدائه: - هنا مئزر قد يكون صالحا لأجلك، اعتقد انه قد يفي بالغرض، أخرجته بصعوبة بعد ان فتشت عليه كثيرا نظرا لانتشار العتمة داخل الكهف لكن اخيرا طالته يدها عند اول بصيص للنور سطع متزامنا مع صيحة انتصاره منتشيا لنجاحه في إشعال النيران..

ناولته المئزر واضطربت تتطلع حولها ليدرك هو سبب اضطرابها مشيرا لجانب الكهف المنعزل قليلا هاتفا: - يمكنك تبديل ملابسك في ذاك الركن المنعزل، وانا سابدلها هنا وكل منا يولي ظهره لصاحبه، هل يرضيك هذا!؟.

اومأت برأسها واتجهت الى حيث اشار وشرعت في تبديل ملابسها وحذا حذوها جلست بعد ان انتهت ولم تنظر اليه معتقدة انه لم ينته لكنه هتف بصوت ساخر: - الم تنته بعد، فانا اقف موليا ظهري كالتلميذ المعاقب باخر الصف..
هتفت مؤكدة ولم ترفع نظراتها اليه بعد وهى تعدل هندامها: - بلا انتهيت، يمكنك الاستدارة..

وقع ناظريها عليه في تلك اللحظة لتنفجر ضاحكة على مظهره ذاك بهذا المئزر المزركش والذي بالكاد يصل لما دون ركبتيه، زمجر زاما ما بين حاجبيه: - امنعي الضحك والا..
هتفت تغيظه: - والا ماذا!؟، هل ستتقمص دور صاحبة المئزر!؟.
هتف في مجون: - بل سأخلع المئزر وستندمين..
هتفت في تردد: - لا، انك لن تفعل..

قاطعها في نبرة عابثة وهو يضع كفيه على حزام المئزر المشدود على خاصرته مهددا: -لا تختبري صبري، فانا في الاساس ابحث عن حجج لأخلق جو من الإثارة هاهنا..
لم ترد بحرف واحد فعلم انه كسب المعركة فجلس في محاولة لضم طرفي المئزر ليبدو بمظهر المحتشم ولو قليلا مما اثار نوبة من الضحك حاولت هى كتمانها قدر استطاعتها..

ليهتف هو في محاولة لكسر تأثير ذاك الجو الساحر داخل الكهف: - هل أقص عليك احدى اساطيري قتلا للوقت..
هتفت في حماس: - فكرة جيدة، كلي اذان مصغية..
هتف في صوت رخيم: - سأقص عليك حكاية يراها البعض حقيقة والبعض الاخر محض خيال، هى قصة من حكايات الف ليلة وليلة..
هتفت في سعادة: - رااائع، اعشق تلك الحكايات..
واستطردت تشاكسه: - وانت ستكون رائع في دور شهرزاد خاصة بهذا المئزر المزركش..

قهقهت ليهتف هو ساخرا: - بل سأكون اروع في دور مسرور السياف لانهض اللحظة مخلصا عنقك من ثقل رأسك الجميل..
تجاهلت غيظه وسألت في براءة والابتسامة لاتزل تكلل محياها: - لم تقل عن اي شيء تحكي أسطورتك!؟
استطرد هو في سعادة طفولية وقد قرر تجاهل سخريتها بدوره: -غيرت رأيي، سأقص عليكِ أسطورة اخرى من الادب الاغريقي مناسبة تماما لتلك الأجواء التي نعيشها اللحظة..
هتفت في جزل: - حسنا لا بأس، ما اسمها..!؟.

هتف بدوره وبلهجة محملة بالحماس: - السكايكلبس بوليفيموس..
هتفت تستحثه على البدء: - مدهش، تبدو مشوقة..
اكد في خبث مبتسما: - نعم مشوقة جدااا فهى تحكى عن احد العمالقة ذوي العين الواحدة..
شهقت معترضة: - لا، ليس الان وفى هذا الجو المشحون بالرهبة
هتف في إصرار طفولي: - لن احكي غيرها..
همست في خنوع: - انت تعاقبني لسخريتي منك ونعتك بشهرزاد، حسنا، احكها لعلها لا تثيرالرعب..

تنحنح هو وبدأ يقص حكايته هامسا بذاك الصوت الاسر الذي يجذبها جذبا لمداره
لتسبح في فلكه وتصبح تحت تاثير سحره الخاص ما ان يبدأ في سرد اساطيره التي تخلب لبها: - كان العملاق بوليفيموس احد
أفراد قبيلة العمالقة ذوي العين الواحدة او السيكلوبس وكانوا يعيشون على جزيرة يقتاتون على لحوم الاغنام والماشية
وأحيانا لحوم البشرالذين كان حظهم العسر يدفعهم للنزول على تلك الجزيرة ليكونوا طعاما لعمالقتها..

همست في توتر: - آكلي لحوم بشر في اجواء كهذه!؟، سامحك الله..
قهقه مستطردا: - كان بورسيوس في رحلة هو ورفاقه الاثنى عشربسفينته في مهمة ما، لكن..
قاطعته مستفسرة: - أليس بورسيوس هذا هو منقذ الاميرة المسلسلة، أندروميدا!؟.

نظر اليها وعلى وجهه ابتسامة رائعة كللت محياه وظهرت بشكل خلاب على تفاصيل وجهه الذي كانت ألسنة النيران تتراقص عليه لتضفي عليه سحرا من نوع اخر وهمس في سعادة: - نعم انه هو بالفعل، كانت هذه واحدة من المغامرات التي خاضها عندما كان في رحلته لجلب رأس الجرجون او ميدوزا كما قصصت لك حكايتها..
واستطرد متفاخرا: - يبدو انك تستمتعين حقا بتلك الاساطير!؟

ابتسمت في خجل هامسة: - نعم للحق استمتع كثيرا، ماذا حدث في تلك المغامرة!؟
استأنف حكايته وتلك الابتسامة مرسومة على محياه هامسا: - للحظ العسر هاج البحر ودفع بسفينة بورسيوس ورفاقه لجزيرة العمالقة ذوي العين الواحدة، فألتقطهم بوليفيموس في سعادة فما اروع لحم البشر كهدية تأتيه من غير ميعاد..

ارتفعت قهقهاته عندما لاح الاشمئزازعلى محياها واكمل هاتفا: - سجن العملاق بورسيوس واصحابه داخل احد الكهوف برفقة ماشيته، وكان كل يوم يتناول على إفطاره اثنين من الرجال..
هتفت في صدمة: - هل أكلهم حقا!؟، ضحك مؤكدا: - وهل سيمزح العملاق في امر كهذا!؟
تساءلت في اضطراب: - وماذا حدث بعدها..!؟، بالتأكيد نجا بورسيوس والا كيف أمكنه إنقاذ الاميرة، لكن كيف نجا!؟.

هتف مبتسما: - انتِ ذكية، وكيف، اتركيني أقص لك الحكاية دون مقاطعتي وستعرفين..
هتفت ممتعضة: - حسنا، اكمل..
هتف ادم مستطردا: - قرر بورسيوس واصحابه التخلص من العملاق وعندما فتح العملاق الكهف ليتناول وجبته الصباحية منهم ناداه بورسيوس..
هتفت مصدومة: - نادى العملاق!؟.

علت ضحكاته ولم يلمها هذه المرة فلقد اعترف ان مقاطعتها لسرده وظهور تلك التعبيرات الطفولية الرائعة على محياها لهو اكثر متعة من الحكاية نفسها واكمل هازا راْسه مؤكدا: - نعم ناداه ليعطيه هدية، برميل ضخم من الخمر المعتق كان قد حمله رجاله معهم عند نزولهم من السفينة، تناول العملاق برميل الخمورفي سعادة وما ان تذوقها حتى راقت له فتجرعها كلها حتى ثمل وبدأ يشعر بالنعاس، لكن قبل ان تثقل أجفانه سأل اوديسيوس عن اسمه حتى يعطيه جائزة وهى تركه دون أكله، فأجابه اوديسيوس ان اسمه لا احد، راح العملاق في سبات عميق بفعل الخمر واستغل اوديسيوس واصحابه تلك الفترة في صنع عصا مدببة الرأس وما ان استيقظ العملاق وفتح باب الكهف ناظرا بعينه الوحيدة ليتناول وجبته من الرجال حتى غرسها اوديسيوس بعينه مصيبا اياه بالعمى ليصرخ العملاق مناديا أهله مستنجدا هاتفا بصوت جهوري: - لا احد اصاب عيني بالعمى، لا احد اصاب عينى بالعمى..

قهقهت وهى تراه يقلد العملاق مضخما صوته بهذا الشكل الدرامي متقمصا دوره ليقهقه ادم بدوره مستطردا في مرح: - لقد ضحك أهل العملاق عليه مثلما تضحكين الان واعتقدوا انه قد أصابه الجنون، لذا قرر العملاق الانتقام من اوديسيوس ورجاله بأكلهم جميعا دفعة واحدة ففتح باب الكهف باحثا عنهم بكف يده بعد فقده عينه وهو يخرج ماشيته حتى يسهل عليه ألتقاطهم من داخل الكهف لكن اوديسيوس واصحابه استطاعوا التعلق ببطون الماشية الضخمة والخروج من الكهف ومنه حتى سفينهم هربا من جزيرة العمالقة لاستكمال رحلتهم..

تنهدت في سعادة: - حسنا، قصة رائعة، لقد انتهى الامر على خير..
لكنها قررت مشاكسته مستطردة: - وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح..
هتف في غيظ: - اوتعلمين!؟، لدي ميل قوي للخروج في مثل هذا الطقس تاركا اياكِ وحيدة مع حشرات الكهف وزواحفه..
هتفت تزيد من وتيرة سخريتها: - او ربما احد العملاقة يجدني طعاما سائغا فيلتهمني حية، سيكون ذلك من دواعي بهجتك، أليس كذلك!؟.

هتف مؤكدا: - بلاهو كذلك، وسأقيم الافراح لسبع ليال بالطبول الافريقية لعودتي وحيدا وسعيدا من جديد..
همست في هدوء: - تصبح على خير..
ساد الصمت للحظات وهى تتمدد على ارض الكهف توليه ظهرها ليتمدد هو بدوره على الجانب الاخر وقد شعر انه أحزنها مما اثار بداخله شعور عجيب بالضيق، ألقى نظرة اخيرة تجاهها وأخيرا تنهد موليا لها ظهره محاولا الولوج لدنيا الحلم دونها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة