قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام للكاتبة نهال مصطفى الفصل الحادي عشر

رواية الحرب لأجلك سلام للكاتبة نهال مصطفى 2020

رواية الحرب لأجلك سلام للكاتبة نهال مصطفى الفصل الحادي عشر

أشد أنواع الابتلاءات ان تُصاب بشخصٍ لا يراك ، فتندفع إليه بكل ما اوتيت من ضعفٍ كمن رمى شباكه بالبحر ولا يهتم بجمعها .. يجعلك تُصاب بلعنة الاسئله الخالية من أى إجابات حتى لا تستطيع أن تنجو من نفسك ولا من افكارك المعلقة بذيول الاحلام التى رُسمت معه ، يجعلك تضور ألما ، أتشكوه أم تشكو إليه !! فمنه الداء واليه الدواء ..
تظل تجوب بمركبتك حوله كطفل عابث يجهل طريق الشاطئ حتى ولو ستهلك وأنت تحاول الوصول إليه مؤمنًا بأن " أى نجاة بدونه هلاك ..

- بسمه .. أنا طلعت عيل ومش أد الاتفاق وكده كتير ، أحنا لازم نشوف حل .
اخر عباره اردفها زياد قبل ما تنهض بسمة من فراشها كالملدوغه وتلقي بكل ما بيدها من كراسه الرسم والالوان بعشوائيه .. قائله بعتب ممزوج بنبره غصب
- انت ازاى تستجرى وتيجى هنا ، أنت مش هتبطل الهمجيه دى !!

تقدم خطوة للداخل قائلا بتوسل : بسمة عشان خاطرى نتكلم .. أنا اكتشفت إنى فعلا مكنتش استاهلك من البدايه .
حكت رقبتها بظفرها برفق متأففه وبنبرة صارمة
- اطلع بره يا زياد .. او روح شوف جاى من اى خرابة وارجعلها .

ترك ما بيده من هاتفه ومفاتيحه فوق الكومود الخاص بها قائلا بهدوء
- بسمه .. مين فينا وصلنا للمرحله دى ، لمرحلة إننا بقينا مش طايقين نبص فى وش بعض !!
هتفت بنبره ساخره اقرب من الهذيان وهى تجوب غرفتها بخطاوى عشوائيه
- اااه .. وانت ايه اللى فكرك بالموضوع ده !! جاي تاخد بالك منه بعد ٤ سنين !! يا دكتور جاي على نفسك ليه ، ما لسه بدرى !!

- لا مش بدرى يابسمه ، ولسه الوقت مفاتش ..
بللت شفتيها الاتى جفت إثر انطلاق انفاسها الحاره المتتاليه متذكرة عجاف أيامها .
- طيب .. شكلك حابب ترجع للدفاتر القديمة عشان نفتحها ..
هتف معارضا وهو يحاول أن يقترب منه شيئا فشيئا
- بسمة .. انسي ، القديم ده فات وانتهى وعرفنى غلطى معاك ، وانى غبى عشان سبتك ..

انفجرت بوجهه كالبركان الثائر .. صارخه مترنحة
- انسي !!! انسي انى قتلت ابنى بسبب انك مش أد المسئولية ياحرام !! انسي انى كنت هروح فيها بسببك والبيت كله مقتنع انها عمليه زايده !! انسي انى كنت اجيلك زى الحراميه كل ليله وقلبى هيتخلع من الخوف أحسن حد يشوفنا !! انسي صورك اللى كل يوم تتبعتلى من بنت غير التانيه !! انسي انك استغليت ضعفى وحبى ووفاة ابويا وامى عشان تتسلى !! انسي قهرة قلبى وانت ولا على بالك وكل ليله اصحى بصرخ من الكوابيس اللى بشوفها وصوت ابنى اللى قتلته مش مفارقنى ومش بلاقي ايدك تطبطب عليا حتى !!!

تفاقمت الاحزان والليالى المؤلمه فوق قلبها، وهى تعانى كى لا تكون وجبة دسمة لشراسة الليل فأشد مراحل التعب تركه.. صمتت للحظه ثم اردفت بصوتٍ هادر بث الرعب بجوفه
- عمرك ما فكرت تشاركنى وجعى .. كنت تيجى فى اللى على مزاجك وبس ..

ارتعش كل إنش بجسدها حتى كوب الماء الذي اقتربت منه وشرعت بارتشافه اوشك على السقوط من شدة انتفاضة يدها وقلبها التى بات كطير ذبيح .. قائله وهى تلهث
- سكتت صح !! معندكش كلام تقوله طبعا !

اقترب منها بندم بدا على ملامحه مرتبا على كتفها ليحد من ثورانها المكبوت .. وسرعان ما دفعته بعيدا عنها
- اطلع بره ياابن خالتى ، طريقنا بقي مقفول ..
بهدوء اجابها : مفيش حاجه اتقفلت طالما الحب جوانا لسه موجود..
- عارف يا زياد ، الحب الحاجه الوحيده اللى عمرها ما كانت بينا برغم كل اللى حصل ..

ظل يرمقها طويلا وظلت تتحاشي انظاره وهى تلملم اشيائها المبعثره فأشد انواع الابتلاءات أن تبتلى بحبيب هَكِم .. فالحب من طرف واحد كالرعد لا ماء به ولا يأتى بعشبٍ ..

يأس زياد من إرضائها ، فخيبت آماله تلك المره .. باتت محاولة إرضائها امر صعب الوصول اليه ، جر ذيول أخطائه مغادرا بصمت تحت انظارها التى تاكله شوقًا وشوكًا ..مُلقيه بكل ما لملمته ارضا مرة آخرى .. منكمشه حول نفسها منفجره فى بحور بكائها الراكده ..

- " مثلك لا يُترك ابدًا "
نزهر بعباره ونموت بخطوات الرحيل ..
كانت البدايه كشمس اذار وكانت النهايه لا شيء فاللاشيء يُذكر ..
لدى مقالا اجابة عن" كيف ابتدت حكايتكما " أما عن " *انتهائها!!* "
فكان كالبرق اشتعل وسرعان ما ذاب فى حضن السماء كأن لم يكن بدون أى سبب يُذكر ... لو كنت اعلم خاتمتنا ما كُنت بدأت حكايتى معك .

مر ما يقرب من نصف ساعه فكان هشام يصف سيارته تحت شقتهم التى لازالت رهف تنظره من نافذه غرفتها حتى هدأت تماما بمجرد ما رأته يدلف سالما من سيارته .. فواحده مثلها تخشي الفقد وتخشي مرارته .. سبق وتجرعته من قبل عند وفاة والدها ثم خالتها فى عامٍ واحد ركضت مسرعه نحو الباب لتستقبل اخيها بلهفة أم .. بمجرد ما انفتح باب المصعد امامها .. القت بنفسها بين ذراعيه لتردف بنبره مختنقه
- كنت هموت من الخوف عليك .. تانى مرة لما تروح مهمات ماتقوليش ..

ربت هشام على ظهرها بحنو ليطمئنها .. مردفا بمزاح : يابت مش هتقلى قلبك !! سبق وقولتلك احنا رجاله نفوت فى الحديد !! وبعدين انا قولت رايح شغل مش مهمه !!
ابتعدت عنه اخيرا لتردف بحب : وسيد الرجاله كلهم ياهشام .. انت هتسرح بيا ياسيادة الرائد ما بعد ١٢ معروفه انها مهمه مفيش شغل بالليل كده ..

ضربها برفق على رأسها : لا مصحصحه معايا ..
- عيب عليك .. وبعدين هدومك كلها مبلوله تعالى تعالى غير بسرعه احسن ياخدك برد ..

سحبته خلفها كأم تسحب صغيرها حتى لمست اقدامهم اعتاب شقتهم ذات الطراز الحديث .. اسرعت الخطى لتحضر له ملابسه فى الوقت الذي تأهب لخلع حذائه وملابسه المبلله .. فهتفت قائله وهى تحمل على ساعدها زيه
- ياهشام حرام عليكم بهدلتكم دى .. يعني عاجبك كل مرة ترجع كده هدومك مطينه والجو تلج خلاص ياخى سبووه لربنا ..

تناول ملابسه من يدها وشرع فى ارتدائها ليردف بمراره
- والام المسكينه دى مش نبرد نارها ونجيبلها حق ابنها اللى ادبح !! وبعدين لو السفاح ده فضل حر كده هيحرق قلوب امهات كتير !! انت لسه صغير بكرة تفهمى ان مرمطتنا دى ولا حاجه ..
- يعنى هتفضلوا كده لحد امتى بس !

عقد مابين حاجبيه : لحد ما نرجع حق كل طفل خطفه الحيوان ده ودبح وحرق قلب امه عليه .. علينا التأقلم مع كل ريح عشان نوصل للهدف ياهانم .

لم يفشل فى مره ان يطمئن قلبى فى عز نيرانه .. شغفه وحبه لشغله كان اكبر من اي خوف يملأنى كان يوصلى بصيغه غير مباشره " مثله لا يخشي الموت الذي يعتبر له مكافأته المنتظره .. فالموت عنده كالميلاد كلاهما يأتيان بشخص يفتخر به كثيرا "
اتكئ على اقرب مقعد متنهدا حتى ثارت جيوش غضب اخته قائله
- ابيه .. انت كلمت مياده !!
اتسعت ابتسامته لانه يعلم مجرى الحديث الذي حفظه قائلا : رهف .. واقع من الجوع !

جلست بجواره متوسله : والله طيبة وبتحبك ..
- رهف !!
- مافيش رهف .. عارف ياهشام انت جواك حنية الدنيا كلها ويمكن محدش يعرف الموضوع ده غيري حتى ماما دايما بتعاملها وحش .. عاوزه اشوفك مبسوط زى ما بتفرحنى دايما..

لم يبد اى اهميه لحديث اخته المدجج بالحب فتأهب قائما : شكلك معندكيش اكل هروح انام ..

تجاهل ثرثرة اخته التى لم يفتح لها مجالا لتعكر جوفه اكثر متجها نحو غرفته حاملا بقلبه سر لا يعلمه غيره .. فرجل مثله اعتاد ان يصمت اكثر ما يتحدث يحتفظ بآلامه لنفسه وافراحه الشحيحه لا تعد حدثا مهمًا كى يتحدث عنه .. شخص مات التاريخ بعينه فلازال يحمل الموت على كفه .

كانت فجر تتواري خلف الحائط تنصت لحديثهم بفضول القى بقلبها فى حقل صبار متذكرة سواد ايامها .. وما فقدته .. رأت تعامله مع أخته بدفء افتقدته منذ اعوام .. من رحيل أم ثم أخ ثم اب اوشك على ان يسطر التاريخ نهايته .. حديث فتح بابا جديدا للغوص فى اعماق ذكرياتها مع اخيها يوسف .

#فلاش باك
- مخلوقات رقيقه مثلكن خُلقت كسكر بهن يحلو مذاق الحياه !لماذا يحزنن ؟!
لتقفل خزانتها الهالكه وتستدير نحوه قائله : ومخلوقات مثلكم خُلقوا ليقضون على سكرها !
استند بظهره على الخزانه ليقول : لست ذنبنا اطلاقا ان اخترتن من يُذيبك ولست من يذوب فيك حبا !

تطلعت لطبقات غزله الذي لم يكف عنه قائله : يبدو انك جائعا كعادتك تغلف طلبك بحديثٍ معسول ؟!
- ألا يأتى بنتيجه ؟!

- بلى .. يأتى بشعور اخر وهو جوع يتأكل احشائى لهفة لاضمك .
- اذا حديثى اتى بحب من نوع خاص اقصده دومًا ..

تنهدت من سكر ذكرياتيها مع يوسف على مُر الواقع الذى يخلو منه .. دوما ما تمنيت ان تكبرنى بخمسة اعوام ولست العكس ولكن اتى بي التمنى للحظة التى اتمناك ان تبقي هنا على اى حال .. فاقت على نداء رهف

- فجررررر !!!!!! انت نمتى وانت واقفه !!
- هااا .. لا ابدا .. بس استغربت اول مرة اشوف اخوكى بيتكلم بهدوء كده ..

اطلقت رهف ضحكه خفيفه
- والله اتش ده سكر .. هو بس اللى مصمم يبوظ سُمعته .

رمقتها فجر بعدم تصديق
- ده سكر !! اومال السم الهارى طعمه اى !! يلا مين يشهد للعريس ..
قهقهت رهف بصوت عال وهى تضرب كف على الاخر
- اختتتته
ثم اتاها زمجرة صوت هشام من غرفته اسكتتها قائلا بتهديد
- اتخمدى يارهف وبطلى مسخرة ..
رمقتها فجر بشماته قائله بصوت خفيض : اتش ده سكر !!!!! اتفضلى .. دانا من ساعة ما جيت هنا وهو بيشخط وبينطر !!

-بس سووكيوت والله .. اشششش تعالى نخش جوه أحسن يقوم يفجرنا .

( صباحا )
نهض هشام على صوت رنين هاتفه المزعج التى لا تحمل رسائله الا مصائب .. تناول هاتفه من فوق الطاولة وهو يرد بصوت مفعم بالنوم
- ايووه ... مين ..

- هشام بيه !
اعتدل هشام فى جلسته : مين بيتكلم ..
واصل المتحدث كلامه الخافت
- احنا الاتنين مصلحتنا واحده .. كنت عاوز اشوف حضرتك ..
- بخصوص!!
بنبره خافته اكمل خالد قائلا
- زيدان نصير !!
ابتسم هشام ساخرا : ااه وده ملعوبه الجديد !!
- هشام بيه .. انا خالد ابن اخوه ، والوحيد اللى هيقدر يساعدك توصله لحبل المشنقه ..

لازالت نبرة صوت هشام مغلفه بالسخريه
- اثبت !!
- الليله فى شحنة عربيات نقل خشب هتطلع من هنا وتوصل لسينا ...
اشعل هشام سيجارته مردفا وهى بين ثغره قائلا
- قضيتى مش الخشب ..
- قضيتك اللى جوه الخشب ، زيدان مفرغ الخشب ومصدر اقوى انواع الاسلحة والمتفجرات جواه ..
- ولو كلامك ده مطلعش صح !!
- متثقش فيا تانى .. زى ماقولت لجنابك مصلحتنا واحده ..

انهى خالد المكالمه سريعا إثر نداء احد الخفر عليه .. نهض هشام على الفور واضعا سماعة ( البلوتوث ) ليهاتف مجدى وخرج للمطبخ ليعد مشروبا دافئا كعادته ..
- مجدى وصلت ولا لسه !!
ارتدى مجدى قناع شخصيته الجديده
- مجدى مين يا استاذ .. معاك النقيب آدم فياض !!

ابتسم هشام قليلا وهو يحضر الكوب من الرف العلويه
- تبقي وصلت ... طيب فتحلى وادنك ياسيادة النقيب !!
- قلبى كله معاك يا سيوفى ... الا بالحق هو عامل ايه عندك !!
بنبرة تهديديه : اتلم وركز معايا والا ....

- ايه يااتش ما تبقاش قماص ياجدع .. بلطف الجو بس ..
- لا ياخويا هو متكهرب لوحده .. سيبه فى حاله ... المهم ..

كانت تقضي ليلتها متقلبه على جمرات الحزن وتنهض صباحا كأميرات ديزنى ملامحها المتغيره دوما لا تشير الى عمر محدد تارة تبدو كطفله لم تتجاوز العشر اعوام .. وتارة اخرى يخيم عليها تجاعيد الحزن فتبدو ككاهل سرقته سكينة الايام .. اعتادت ان لحزنها قديسيه لا يحق لمخلوق أن يتطلع إليه .. داخل كل إنسان مننا وطن خاص ينتمى إليه ..

وضعت بسمه اخر لمسات مستحضرات التجميل التى تخفى هالات لياليها البائسه وألقت نظرة تفصيليه على ملابسها قبل أن تغادر غرفتها ..

وقفت للحظه على درجه السلم ملقية نظرة طويل على باب غرفته المفتوح .. فبرغم من كل آلامها التى اُنجبت بسبب رجل الا أن وجوده يمنحنها شلالا من الامان للحد الذي يجعلها تظن بانها غزيت مدينه باكملها وباتت خاضعه لها .

فى حين ما كانت تتفقد باب غرفته اتاها صوته المفعم بالدفء بالنسبة لقلبها قائلا بمزاح
- فى تأخير عن معادك 7 دقايق يادكتوره!!

انعقدت ملامح وجهها متجاهله حديثه وشرعت فى هبوط السلم بشموخ وعودا منتصبا كأنه لم يمر عليه ثقل الايام مرتديه نظارتها الشمسيه .. اقترب منها زياد حتى عاق اخر خطوة من السلم قائلا

- صباح الفل على القمر اللى هرب من فلكه واتربع فى قلبى..

عيناه وحديثه تجعلها تتجرد من كل مشاعر الحب التى اخفيتها عنه وتعمد قلبها تجاهلها للحد الذي تري فيه اتساع العالم بين يديه .. زفرت باختناق
- زياد عاوز منى ايه ..

مسك كفها برفق بعد ما قبل اناملها قائلا
- تتكرمى وتتفضلى تفطرى معايا فطورى المتواضع ..
سحبت كفها سريعا وبدا عليها الارتباك
- متأخره يازياد .. وسع كده لو سمحت ..

- والفطار اللى حضرته بنفسي!!
نفذ صبرها فزفرت باختناق بتعارض مع دواخلها
- زيااااااد !!
- والله هقعد ساكت ومش هضايقك .. قولتى ايه !

أطالت النظر فى عيونه فرأت نظرة افتقدتها منذ اعوام ، لهفة الحب والحنان .. لهفه البقاء واختلاس الفرص لتقبل اهدابه ملامحها .. كانت تتعمد بإغلاق عيناها التى تحمل تعويذه بقبول اي شيء يتغلف برائحته ..ولكنها انهزمت امامه كعادتها فأومات ايجابا وهى تسير امامه مجبره وسرعان مااعتلى وجهه ابتسامة انتصار قائد فى معركه سلاحها الاعظم هو اللين ..

انتهى هشام من اجراء مكالمته السريه مع مجدى واستدار بظهره بغتةً فوجدها تقترب من عتبة المطبخ متجاهلة تواجده بالداخل .. ارتطمت انظارها بعيونه الصقريه وصدره العاري وعضلاته المتناسقه فيظن من يراها أنها نُحتت على يد فنان عالمى عادت متقهقره للخلف قائله باستيحاء

- اسفه مكنتش اعرف أن حضرتك هنا !!
تناول هشام كوبه الساخن وتقدم نحوها بخطواته الثابته .. لاعننًا عشوائيه الصدف التى تحدث ربكة مجهولة بين ثنايا صدره قائلا بتعالى
- شاطرة .. صاحيه بدرى تشوفى شغلك ، بحترم الناس دى جدا ..

كانت تتحاشي الحديث معه قائله بإيجاز
- تمام ..
اصابته رغبه عارمه فى ان يطيل حديثه معاها قائلا
- هو ايه اللى تمام !!

- هروح اشوف شغلى ..
ارتشف رشفه خفيفه من مشروبه متعمدا إثارة غضبها
- ااه وبعد ما تخلصي تبعتى رهف تاخد هدومى عشان تكويهم ... مش معقوله تكون عندنا شغاله بالشطارة دى واودى الهدوم لمكوجى ..

صنع ببروده من اعصابها حبالا يتسلق عليها ليصل الى جزء خاص بها يربكها كثير .. ولكنها تجاهلت كل هذا بعناد انثى
- انا شغاله فى البيت مش الشغاله الخاصه لحضرتك !!

رفع حاجبه مستنكرا : منا اللى هقبضك ..
- ومين قالك انى هقبض منك !!
لم تعطيه فرصه يجيبها .. اتخدت عدة انفاس متتاليه وهى تحاول تمالك اعصابها قائله بهدوء يتوارى خلفه بركان غضبها
- ينفع اقول حاجه ..

- فى السريع ياريت .. عشان خدتى اكتر من وقتك معايا ..
- اووووف ، زى ما حضرتك قررت انى اقعد هنا لسبب ما انت بس اللى شايفه ، يبقي حافظ على ذرة الاحترام ما بينا .. مش كل ما تشوفنى تعاملنى كده !!

ثم زاحت دموعها بطرف كمها بعشوائيه وهى تلهث وجعا
- انا ما سبتش ذل البلد عشان حضرتك تعيشنى فيه .. ولو على وجودى فأنا ممكن اعفيك منه .. رصيف الشارع ارحم كلامك ده !

لاول مرة تلين قلبه دموع امراة للحد الذي شعر بأنه فقد صوته المهين الذي كان سببا فى فتح جروحها .. ظل يرمقها طويلا حتى حالت نظرته من القسوة للندم .. ولكنها تعلم انه يحرق كلمات الاعتذار والترجى الفائضه على شفتيه .. رجل فى مكانته لايعترف بخطأه كي يعتذر عنه .. هذا الوضع لم يستمر طويلا.. لحظات وعاد الى حالته المروعه .. مردفا بصوت هدر
- ممكن تترحمى من كل ده فى حالة أنك تتجنبى اى مكان ممكن يجمعنا سوا .. خليكى ذكيه وحافظى على خطواتك فى وجودى..

جزت على اسنانها بغيظ يود ان يلتهمه .. تعمدت اخفاء انظارها عنه حتى لا يصاب القلب بجلطه عاطفيه إثر وجوده الاستثنائى الغير مفهوم .. فعزمت على الانسحاب من امام جبل الجليد الذي القى بها الريح بين يديه ..

- اكلى عجبك !!
لازال يتفحصها زياد بنظراته الثاقبة ولازالت تقتله بتجاهلها .. اردف جملته الاخيره كى يكسر حاجز الصمت بينهم .. تركت ما بيدها قائله
- ممكن اعرف اى سبب الحنيه المفاجاه دى !!

بدون استئذان تطاولت يده على نظارتها الشمسيه التى تأكل نصف وجهها ليفسح المجال لانظاره تتنقل فوق ملامحها بحريه قائلا
- طول عمرى حنين يابسبوسه .. عيونك وحشونى .
رسمت ابتسامه تحدى : انسي يا زياد ..
انعقد ما بين حاجبيه : منا نسيت !!

- برافو عليك ..
واصل قائلا : نسيت اتفاقنا .. بسمة انا مش هطلق ..
لم يهمها قراره المفاجاة ولكنها تلقته بابتسامه ساخره
- عادى ... هخلعك ..

بغتة قبضة يده على كرسها الخشبي وسحبه بصورة مفاجأه تحرشت بجدار قلبها وعقلها إثر افعاله الغير متوقعه حتى وجدت نفسها بجواره وهو يهمس فى اذنها قائلا
- دانا اللى ممكن اخلعك من على وش الدنيا لو فكرتى تعمليها .
- مش بسمة رشدى هى اللى يهيزها كلامك ..

اردفت جملتها وهى تهم بالذهاب لتهرب من حصار انفاسه التى تفاقم الذكريات فوق قلبها ولكنه تسبث بساعدها ليعوق رحيلها قائلا
- بسمة رشدى الوحيدة اللى وقعت زياد السيوفى ..
اتسعت ابتسامتها بمكر : انت واقع من غير اي مجهود يادكتور اى نظرة بتجيبك وتوديك .. وبصراحه مش دى مواصفات الرجل اللى ممكن اكمل معاه حياتى .

تدللت انامله على خصيلات شعرها الفوضويه وهو يقول بصوت ناعم
- انتِ ما بتكدبيش .. بس كله كوم ونظرة بنت عمو رشدى .. دى جابتنى على جدور رقبتى من غير رجوع ..

اصيبت بنوبه ضعف اقر لمساته الخفيفه .. انفاس التى تعمد تصويبها على ملامحها .. كلماته التى تزرع بقلبها ورد يفوح عطره فينسيها عفن ما خيم على ماضيها .. ولكنها قررت الصمود هاربه
- خلينا صحاب واخوات احسن يا زياد.. اكراما لخالتك الله يرحمها ..

القت جملتها سريعا وفرت من لهيب حبه الذي اشتعل بجوفها .. اما عنه زفر مختنقا وهو يتسائل : كيف يقدر الرجل على مصادقة امرآه اشتهاها يوما !!
لم يستمر التساؤل طويلا بل قطع حباله اتصال نور .. فرد قائلا
- ياحسن حظى انى افطر على صوتك القمر ..

- يابنى انت مش هتبطل معاكسه !! انا ممكن اشتكيك لمعالى المستشار وهو هيتصرف معاك بقي .
- ياستى منا معذور بردو .. بنته اللى حلاوتها مش طبيعيه ..
احمرت وجنتها بحمرة الخجل وهى تدير مقود سيارته مغيره مجرى الحديث
- حبيت افكرك بمعادنا ..
- ودى حاجه تننسي .. دانا كنت هكلمك عشان نقدم المعاد شويه .. اقولك على سر اصلك وحشتينى اوى ..

- احمم .. الساعه ٧ يادكتور .. باى باى .
انهت المكالمه سريعا لتفر من سطو اعذوبة كلماته.. وغزو الف سؤال خلايا رأسها عن اقتحامه المفاجىء لعالمها ولكنها سرعان ما نفضت غبار الاسئله مردده علينا ان نرتضي بمصادفات القدر .. ان نعشق بعضنا بدون هلك فى البحث عن الاسماء والعناوين وذيول الماضي الطابعه فى ذكرياتنا كوشم لعين يأبى المحو .. ارى فيك من الحياه التى تمنيت أن انتمى لها كل شيء ولكنى لا اعرف عن هذه الحياه شيئا ...

دكتوره نهى : كده تمام يادكتور .. ولا من شاف ولا درى ..
تفقد العينة التى بيده باعجاب وهو يقول
- نهى .. احنا فالسليم ؟!
اتكات على طرف المكتبه مردفه بثقه
- طبعا يا دكتور علوى .. المسؤول عن معمل الاجنه والحقن المهجرى دكتور زياد .. ودكتور زياد مش فاضيلنا والساحه واسعه قدامنا نلعب براحتنا ..

اقترب منه بخبث يتناثر من شظايا اعينه
- حرص ولا تخون يا دكتوره .. اللى بنعمله مش سهل .. دا اختلاط انساب وفيها حبل مشنقه ..
- دكتور علوى .. انت معاك دكتورة نهى يعنى المفروض تحط فى بطنك بطيخه صيفى ..

قبل كفة يدها بنظرات دنيئه
- كل يوم بتأكد انى اخترت الشخص الصح..
تدللت امامه بخبث انثوى متجاوزه حاجز المسافات لتعانقه
- اوعدك.. طول ماانت معايا هناكل الشهد ..

بنبرة اكثر تدنى وهو يصوب انظاره على مثلها العلوى من هرمه المبتدا بشفتيها لقاعدته قائلا
- حلاوتكككككككك

( ظهرا )
وصل زياد الى شغله للمشفى الخاصه لدى عائلتهم والتى تتدرب بها بسمه قاصدا غرفتها و علقم مذاق التمرد انثى رفضته ف وقت فقدانه حاسه التذوق ينخر فى حلقه .. دخل مكتبها ولكنه لم يجدها بداخله .. فعزم امره على ان ينتظر مجيئها ...

لم يكبح ان ينهى مكالمته الغراميه الا ان اتت بسمه التى شهقت عندما راته .. فاخر شيء تتوقعه هو اقتحامه غرفة عملها .. قفلت الباب خلفها وهى ترمى أوراقها على الطاولة وتترقب جلسته المفعمه بالشموخ والثقه .. قائله بنفاذ صبر

- يابنى أنت ما بتزهقش ..
انزل ساقه من فوق الاخرى ووقف بهيئته التى تذيب قلب اى امراة قائلا
- وهو فى حد يزهق من طعم العسل بالشكولاته ..
- اوووف وبعدين فيك يا زياد ..
- وبعدين فيك انت .. !

- قولت لا ..
اقترب منها خطوة : مش زياد السيوفى اللى يتقاله لا ..
- ما كفاياك غرور بقي وتخلى رجليك تلمس الارض شويه ..
دنى منها اكثر وهو يداعب بظهر انامله وجنتها برفق
- ومين قالك دا غرور !! دى ثقه فى حبك بس ..
رجل سيكوباتى مثله يهوى السيطره ... عندما تأباه انثى يصبح تنين مجنح لارضائه وارضاء غروره اولا .. زفرت باختناق
- جيت هنا ليه ..

تناول كفها ووضعه فوق قلبه قائلا
- عشان اسمعك عامله فى قلبى ايه !!
احببنك بطريقه كنت اترجى فيها القدر انه يجمعنى بك كى اوهبها لك .. لكنى لا اعلم ما حدث أكان حسن حظى ولا من سوء حظك .. رجل اعتاد ان يفقد كل ما يمهد له سبل السعاده ..

فعله لمس نقطة ضعفها ورج كل مشاعرها التى تعمدت ان تخفيها عنه .. هربت دمعه من طرف عينيها
- زياد .. سيب جروحنا لاايام يااما تداويها .. يا تموتها ..
- مش هكرر غلطى واسيبك مرتين .. الايام دى بتبعدنى عنك اكتر ..

- ولو قولتلك مش عاوزاك ..
- كدابه .. عينيكى قايلين كل حاجه ..
خفضت انظارها لاسفل وسحبت كفها المرتعش لتهرب من اتهامه الصريح الذي اصابها فى منتصف صدرها .. ولكنه تلك المره أبى رحيلها وقربها منه بغتة وهو يحتوى خصرها كطوق من الورد انعقد حول بساتينه هامسا
- اوعدك اخلص الماستر وهنعلن جوازنا للدنيا كلها .. بسمه انا فضلت اتجاهل معاملتك لحد ما فاض بيا ..

انثى اضعف من ان تقاوم رجل لم تعشق سواه .. اعتراها ضعف الحب حتى هُزمت وهى تقول
- تماما على بال ما ده يحصل احنا زى مااحنا ..

زهرت ملاامحه بابتسامه لا يعرف مغزاها أ هل هى ابتسامة حب ام انتصار فى المعركه ؟! تجاهل ثوران سؤاله واشعله بقُبلة مفعمه بنبض الحياه بمثابة اعتذار رسمى عن كل ما صدر منه من جفا الايام .. لم تكبح ان تقاوم قربه او مشاعرها فالحب ليس مجالا للمساومه ولا المقاومه .. ان عزمت على النزول فى ساحته ستلحق بك لعنة الاستسلام التى عزت كيان بسمه ..

قطع خلوتهم دخول نهى المفاجئ التى ثارت بنيران الانتقام عندما تاكدت ظنونها من ثمة علاقه سريه بينهم .. ابتعدت بسمه عنه كالملدوغه بمجرد سماعها صوت نهى مناديه عليها بانظار تحرق زياد قائله
- دكتوره بسمة .. دكتور علوى بيسأل عليك ..

تعمد زياد ان يزيد من لهب نهى الذي راه يتدفق من كل انش بجسدها فدنى من بسمة واضعا قبل خفيفه على جبهتها وبنبره مليئه بالحنان الذي يكمن خلف مكره الرجولى
- متروحيش لوحدك استنينى ....

" لم يتبق على نقطة النهايه الا خططوة واحده"
هذا ما انتوته لهما نهى سريا وهى تحترق بنيران كافيه ان تفجر بركان خامد ....

انتهى النهار بدون حدوث اى مواقف مُلفتة تذكر .. الى أن يجوب هشام غرفته يعد عدته متأهبا لمهمته التى اقسم على نحر رقبتها .. لم يقطع انشغاله صوت طرق الباب ودخول رهف حامله ملابسه المكويه ..
- احطهم فين يا ابيه !!

انتهى من ربط حزام ساقه ووضع السلاح الابيض بداخله قائلا
- عندك يارهف ..
وضعتهم فى صمتٍ وشرعت بالمغادره ولكن اوقفها سؤاله الغير لائق بوضعه الحالى قائلا
- رهف .. هو مين اللى كواهم ..

- فجر ...
التوى ثغره باسما وهو يتذكر جملته التى اعلنتها بنبرة صارمه
- "على جثتى .. لو كويتهم اتاكد انى هحرقهملك "
لاحظت رهف شرود اخيها قائله
- انت سرحت فى ايه ياهشام ..
تناول قميصه الاسود ليرتديه قائلا
- رهف .. انتوا كبنات قرارتكم مهزأه ليه !!

ردت بتلقائيه : احنا كبنات اصلا مهزأين .. فده العادى
- طيب امشي يا لمضه و 5 دقايق كده وناديلى البت اللى جوه ..
- اقولك على سر ...

انتهى من ربط ازرار قميصه رافعا حاجبه منتظرا سرها التى لا تستطيع ان تحتفظ به اكثر من ٣ دقائق .. قائله
- هى فجر رمتهم فالارض وقالت مش هتكويهم .. فأنا عشان متحصلش مشكله وكده قولت اعملهم انا .. بس للاسف كانوا هيتحرقوا منى ومكنتش عارفه اكويهم اصلا .. فهى قامت مغلوبه على أمرها وعملهم حلو اوى حتى شوف كده فى المرايه ..

عض على شفته متوعدا : بت ال **** .... رمت هدومى انا فى الارض ..
- اتش انت عارف انا قولتلك عشان مش بعرف اخبى عليك حاجه .. فبليززز يعنى متعملش مشكله ..
- دانا هعمل منها شاورما .. روحى ناديها بس ..

وصل زياد فى تمام الساعه السابعه لشقه والد نور .. التى فتحت له الباب فاستقبلتها انظاره بصفير قوى وهو يفحص فستانها القصير الذي يزيدها جمالا قائلا
- انا مغلطش فى الشقه صح ..

ضحكت بدلال اثار صخبا بداخله
- اتفضل يادكتور .. بابا فى انتظارك ..
تقدم خطوه ليردف : وانت ...
اطرقت بخجل : مالى؟!
- مش فى انتظارى بردو ؟!
ارتفع نداء والدها الذي كان كلها كطوق نجاه قائلا : مين يانور ..

ابتعدت عن زياد سريعا : ده دكتور زياد يابابا ...
- خليه يتفضل يا نور ..
وجهت كلامها لزياد بمزاح : يلا بقي اتلقى المحاكمه العسكريه بتاعت معالى المستشار وانا هكون جهزت الاكل ..
بدى القلق عليه : ربنا يستر ....

وصل زياد الى ما اشارت له نور وهو يهلل مفرحا ويصافحه
- سعت المستشار .. حمد لله على سلامه معاليك ..
- الله يسلمك يا دكتور .. نورتنا والله .. اتفضل اتفضل ..

شرعوا بالتحدث عن افراد العائله وتبادل الاسئله ومعرفة تفاصيل العائله التى تفنن معالى المستشار فى معرفتها بطرقه الخاصه ، حتى شعر زباد بالاختناق من كثرة ما بات مفضوحا امامه فلا مجال للتلاعب .. ولكنه اصيب بصاعق اخر إثر سؤاله الغير متوقع ..

- وبسمه بنت رشدى بيه ... كنت اسمع عماد بيه انكم ناويين ترتبطوا رسمى ..
انقذته نور من كرباج السؤال التى نخر حواف راسه قائله
- العشا جاهز يابابا ...
نهض قدرى على الفور متناسيا سؤاله : يلا يادكتور قبل الاكل ما يبرد ..

رفضت فجر بكل اساليب الاقتناع التى استخدمتها معها رهف ان تذهب لترى ما الذي يريده منها .. هاتفه بحزم
- قولت لا يارهف .. اخوكى ده هرتكب فيه جنايه لو شوفته تانى ..

تحمحم من خلف باب غرفتها المفتوح .. فارتعدت إثر اقتحامه المفاجىء .. فهتفت رهف بسذاجه
- اتفضل يا ابيه .. دى دى حتى فجر لسه كانت جيالك حالا ..

بادرت معارضه : لا مكنتش هاجى اصلا ..
لكزتها رهف بنبره مرتعشه : ما تتلمى انت كمان ...
يرتدى ثوبه الاسود الذي لا يليق الا به ويسير بطرقات تعكس صوت قلبها قائلا
- دماغك دى لو ما اتعدلتش معايا هكسرها ..

- بحاول انفذ كلام معاليك...
- اللى هو ؟!
- تحاشي ممر القِطاع ..
همست رهف بعدم فهم : اى القطاع ده ؟!!!!!
بات وجهه متقد بالنار إثر مغزى جملتها .. فنهر اخته قائلا
- اطلعى بره ..

- ليه ؟!
بنبرة اخترقت الجدران : رهففففف .
- فجر انت. شتمتى يعنى ؟؟؟!
نظرة واحده من مقلتيه القت بها خارج الغرفة راكضه .. ركل هشام الباب بقدمه قائلا
- الود ودى اطير دماغك دى دلوقت.. بس مش انت اللى تستاهل اودى حياتى فى داهيه بسببها ..

عقدت ساعديها امام صدرها متحديه ثوران قلبها
- فكرك هخاف يعنى .. !!
- لما تقفى قدام هشام السيوفى لازم تخافى ..
- الحاجه الوحيده اللى مش عارفه احسها .. انى اخاف منك ..

باحت بشعورها ولكن خانها التعبير فرجلا يخشاه الخوف فكيف يتجرأ ويقترب من انثي تحرشت بقلبه وكونت مستعمره فى خلايا مخه .. رجلا كالبحر يمتلك هدوءه وصخبه فى آن واحد .. اتسعت ابتسامته قائلا
- مستغربك !!
- طلبت تشوفنى عشان تقول لى مستغربك !!

لعبت على اوتار كبريائه حتى امتعض من داخله عن الشيء الذي يحركه كالطفل الساذج الذي لا يدرك عاقبة امره قائلا
- مش فاضي ارد على تفاهاتك وكمان ليك عليا جميله انك عرفتيتى مقر مخازن زيدان ...وكمان عندى مهمه وبعدها طالع يومين العريش .. ويوم السبت هاخدك ونروح نزور ابوكى وكمان فى مشوار تانى هتعرفيه فى وقته ..

اقترب منها بهدوء ممسكا بذقنها ليطيل النظر بعيون بثت بجوفه شعور لم يزوره من قبل .. ولكن كان التجاهل سيد الموقف وفر قلبهم من ساحة التقلب لحافة التعقل ليسود العقل الموقف
-مش عاوز الشارع يشوف ضلك .. تمام يا قطه !!
بال نظرته المرتجفه بابتسامه ساخره قبل ان يغادر ويمسك بحقيبته الجلديه .. فاوقفه نداء رهف وهى تركض نحوه وتحضنه بحب
- خلى بالك على نفسك ياهشام عشانى والنبى ..

قبل رأس اخته بحنان جرى مجرى الدم داخل جسد فجر التى تترقبهم من بعيد.. فاردفت رهف معاتبه
- هشام فين الواقع بتاعك !!
- والسلاح فى ايدى بيعمل ايه عشان البس واقى !!
- بتخاطر ياهشام ..للدرجه دى بايع حياتك!!! البسه والنبى عشان خاطرى ..
- بيخلى حركتى تقيله يارهف .. ويلا وسعى كفاياكى رغي .. هروح أطير رقبة المهمه دى واطمنك ..
- لا اله الا الله ..

داعب وجنتها بحنو : سيدنا محمد رسول الله..
شعرت فجر بندم رهيب ياكل حواف قلبها .. اتت عايده من شغلها فعاقت سير هشام قائله
- انت رايح فين ..
- عندى مهمه .. وبعدين مسافر العريش يومين وراجع ! اى اوامر تانيه ؟!
احتضنته عايده ولكنها احست ببرود حضنه فوقف ثابتا دون اى رد فعل فلم تطيل مدته اكثر
- ربنا يقويك يا حبيبي ..

تناول حقيبته وغادر على الفور مجريا مهاتفه تليفونيه
( اشرف انا قربت اوصل .. مش عاوز طاقم من الرجاله يشم خبر .. جهزهم بس وانا جاى حالا والخطه هنعرفها هناك )
******** احداث الواقعه الحقيقيه فى اسيوط ( القويصيه ) فبراير 2019 *******

تحرك زيدان تجاه انوار سيارات الشرطه التى صفت امام مخازنه اثناء تعبئة سيارات النقل قائلا بقلقٍ
- خير يا بيه !!
قدم النقيب آدم فياض( مجدى ) إذن النيابه قائلا
- عندنا امر بالتفتيش هنا ... ممكن!
تلعبكت الكلمات فى فم زيدان واحتل القلق كيانه قائلا
- ليه يافندم احنا شغلنا فالسليم طول عمرنا ..
- إجراءات أمنية مش اكتر جنابك .. يلا يا رجاله شوفوا شغلكم ..

انتشروا رجال الشرطه فى جميع ارجاء المخازن بسرعه كخلايا النحل ، اما عن مجدى فتمهل في سيره حتى وقعت عينه على جذع الخشب .. اخرج هاتفه وانار كشافه ليفحصه بعنايه بثت الرعب بقلب زيدان اكثر .. رفع الخفير فوهة بندقيته من الخلف نحو مجدى ليغدر به ولكن سرعان ما اوقف زيدان بيده فعله ..

لاحظ مجدى الفصل بين الخشب والجزء المُلصق به فهتف مناديا على رجاله
- خلاص اجمع هنا ....
جمعوا العساكر اثر نداءه فهتف بنبرة آمره : كلكم على العربيات .. استنونى ..

تابع العساكر اوامر فهدا قلب زيدان قليلا فواصل مجدى فعله وتناول الفاس وبكل ما اوتى من قوة ضرب فوق فاقسم الجذع لنصفين وتناثرت الاسلحه ارضا .. فرفع انظاره نحو زيدان قائلا
- فرش اسنان وقصفات دى ياعمده !!

- بقولك اتصرف با جرجس .. مفيش قدامنا وقت ..
هتفت عايده بنفاذ صبر وهى تاكل خطاوى الارض ذهابا وايابا .. ثم زفرت باختناق
- بكرة تكون لقيت الحل يلا ...

القت هاتفها على الاريكه متأففه : ياربي اى العقد دى بس ..

كانت فجر قد بدلت ملابسها لتبدو اكثر راحه من ما كانت ترتديه الاول .. فبرز جمال جسدها الممشوق فى ملابس رهف الضيقه لانها اكثر سمنه عنها مقارنته بنحافتها .. فكانت تلملم اجزاء كوب الزجاج الذي وقع منها تحت انظار عايده التى اكلتها بنظاراتها ... ثم نادت عليها قائله
- خدى هنا ..
جلست عايده وهى تضع ساق فوق الاخرى
- هعرض عليك عرض ..
رمقتها رهف باستغراب .. ثم رد فجر قائله
- افندم ؟! مش فاهمه ..

تغيرت نبرة صوت عايده من الصخب للين
- هشغلك عندى فالشركه .. وهديكى مرتب عمرك ما حلمتى بيه ..
- اشتغل !! .. هشتغل ايه ..
وقفت عايده لتدور حولها نصف دائره وهى تفحصها بانظارها الحاده
- موديل ..

انفجرت رهف ضاحكه وهى تضرب كف على الاخر وترفع ساقها من فوق الارض
- ده كان هشام يفجرنا
رمقت فجر رهف بتساؤل
- ليه يعنى ... ؟!
- مش لسه قايلالى بنفسك انه نبه عليك ظلك مايشوفش الشارع !

تدخلت عايده : سيبك منه .. خليك معايا انا .
دارت نحو رهف قائله : يعنى الحوار ده هيعصب اخوكى؟!
- بقولك هيفجرنا..
ثم وجهت حديثها لعايده قائله بتحدٍ
- أنا موافقه ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة